المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة الكبرى



معين الكلدي
21-03-2015, 09:47 AM
الثَورةُ الكُبرى


ساهِماً يَحفرُ بِعَينيهِ مِنضَدتهُ الخاويةَ مِنْ أيّ شيءٍ إلا قَلقهُ . " لا شيء ! " خَرَجتْ مُتَدحرِجَةً مِنْ قاَعِ حاجِبهِ الحاجِزِ لِتَستَقرَ على شَفَتيهِ المُرتَبكتين . ذلك الموظَفُ في مَكتبِ بَراءةِ الإختراعِ السويسري بالكادِ يَسدُ رَمقَ طِفليهِ ويُسكتُ زَمجرةَ ( ميلفا ) زَوجتهِ , لقد صَدَّقت وعودَهُ المُتواترة بعدَ هزائمهِ الوظيفيةِ بأنّ الحالَ سَيتغيرُ وَبأنَّهُ سَينَتصرُ على أولئكَ الأغبياءِ إذْ أنَّ العالمَ سَيَفي لهُ بِدَينهِ أضعافاً مُضاعَفةً . حَدَّثَ نَفسهُ بِغُصةٍ شَنَقت حِبالهُ الصَوتية وهوَ يَنظرُ إلى سَاعةِ الحائطِ المَصلوبةِ أمامهُ : أيعقلُ هذا ! أبَعدَ أنَ حَرَّرتُ العقلَ البَشريَ مِنْ عُبوديةِ التَبعيةِ العِلميةِ العَمياءِ أَصبرُ ما عَددهُ في حِسابِ الوَقتِ أربع سَنواتٍ عِجافٍ ، أهيَ مَحاكِمُ التفتيشِ الزَمنيةِ بَعدَ جُحودي لِمُطلَقها وأنَّها تَتَداخلُ والمكانُ بِشكلٍ ينَقُضُ الهَرطقاتِ النيوتنيةِ السابقة أمْ أنّ عقاربها أزمَعَت أنَ تَغرِزَ إبرَها بِقلبي لِتُسمِم َعَقلي بِسمِّ الإنتظارِ القاتلِ أم كانَ التباطؤ الزَمني والذي بَعثتُ فكرَتَهُ يَسحَقُني بعِجلاتِهِ المُدببةِ بالساعاتِ والدقائقِ ، ثُمَّ أردَفَ قائلاً : لا .. بَل أنَتِ أيتها السَاعةُ الحَبيبةُ بِرَغمِ قَسوتكِ على حَبيبكِ مَنْ انتشلَ بَقايا عَقلي وَمِزَقَ أُحجيتي لِتَصنعي عُنفوانُ مَجدي الخالدِ.
.
إلتَفتَ نَحو الجَهِةِ المُقابِلةِ وَقدَ حَشَرَت النافذةُ إِطارَها في كُوَّةٍ بِالجِدارِ ليَرى اقتحامَ الضَوء أرجاءَ مَكتبهِ غَيرَ عابءٍ بِسماكةِ الزُّجاجِ كَهالةٍ قُدسيةِ نَشرت البَهجة َعلى هذا الحَيّزِ مِن الآلاتِ المُكتضةِ أسفلهَ ثُم تَنهدَ قائلاً : أنتَ أيُّها الثابتُ مَتى أنالُ ما أثبتهُ بِكَ ؟ فلقد بَذلتُ نِصفَ عُمري في فَهمِكَ وأَضعتُ نِصفه ُالآخرُ بالإستِحمام ِ تَحت َأمواجك الكهرومغناطيسية ، لقد صادقتُ لأجلكَ ماكسويل و جَهدتُ بِسبب غُموضكَ في إنعاشِ مَا أقلقَ بِهِ العَجوزُ غاليليو مَنْ جاءَ بَعدهُ ، أفلا أنرتَ لي دَربَ القِمّةِ وَبددتَ عَتمةَ الجهلي مِنْ حولي ، أهيَ لَعنةُ مُريدي نُيوتن وأنا مِن مُريديهِ حينما نَفضتُ الغُبارَ عَن ثَغرَتهِ وأَعدتُ تَشكيلَ حَقيقتهِ !


قَلّبَ أحد أوراق مُخترِعٍ بائسٍ ظَنّ أنَّ خُردتهُ سَتقلِبُ الكونَ على عَقبيهِ وَفجأةً جَاءَهُ صَوتً مُباغِتٌ لِيهتِكَ أستارَ صَمتهِ : هناكَ شخصٌ يُريدُ أنْ يُقابلك .
قالها غَيرَ مُكترِثٍ بِنبرتِهِ المَعجونَةِ بإحباطِهِ : سَأذهبُ إليهِ حالاً .
قالَ الرجلُ لهُ : أأنتَ ألبرت يا سيدي الفاضل.
قالَ ألبرت : نَعم .
نَطقَ الرَجلُ مُسابقاً كَلَماتِهِ بِنظرَته ِ المسرورةِ بهِ : إنَّ " ماكس بلانك " يَودُ أن يُقابلكَ بَعدَ أنْ قَرأ لكَ ما نَشرتَهُ فهل سَتأتي مَعيَ الآن.
ألبرت غَيرَ مُصدِّقٍ وهوَ مَشدوهٌ بِما سَمِعَهُ للتو : ماكس بلانك بنِفسِهِ ،، نَعم ،، فَلنذهب الآن .
ذَهبَ ليأخذَ مِعطَفهُ وَقبعتهُ ثمَّ نَظرَ إلى الساعَةِ مُمتناً وقد اعتَلتْ ابتسامةُ المُنتَصرِ أَساريرَ وَجه ِ وقالَ لها بِصوتٍ يَسمعُهُ مَن كانَ حَاضراً : لقد دَقّت ساعَتيَ الآن فَشُكراً لكِ .



معين الكلدي
21 \ 3 \ 2015

معين الكلدي
21-03-2015, 09:57 AM
بمناسبة مرور 110 سنةٍ على نشر ألبرت آينشتاين للنظرية النسبية الخاصة والتي نشرها في عام 1905

عبد السلام دغمش
21-03-2015, 07:51 PM
نص متميز بصياغته اللغوية وتسجيله للمشهد باحترافية .
الكاتب انتقل من مشهد الى سرد لأطراف القصة جعلت القارئ يكتشف الشخوص شيئا فشيئا .
البرت أينشتاين كانت بدايته في العمل كموظف بسيط في دائرة براءات الاختراع .. ثم تغلب بجهده و ذكائه حتى وصل الى هذه المرتبة .
أشير شاعرنا الكبير الى هفوة "كيبوردية ": المكتظة .
تحيتي .

معين الكلدي
21-03-2015, 08:13 PM
أشكرك شاعرنا ومشرفنا الجميل أخي عبدالسلام

بثلاث صفحاتٍ فقط دوخ آينشتاين العالم بنسبيته وهو بعمر 25 سنة

وليتك تسعفني بإصلاح ما أشرت إليه لأن فترة إصلاح الأخطاء وتعديل المشاركات قد انتهى كما يبدو


خالص الود

خلود محمد جمعة
22-03-2015, 10:29 AM
طرح لفكرة عميقة بقصة من أرض الواقع صاغها شاعرنا الكبير بحرفية وجمال في الاسلوب والعرض
لغة بليغة وسلسة مع سرد أمسك بنا حتى النهاية الني رسمتها بجمال التعبير مع معرفتنا لها
رسالة أدبية راقية وتحفيزية ايجابية الى كل من لم يبدأ ومن يواجهه صعوبات في طريقه
اسجل اعجابي
بوركت وكل التقدير

ربيحة الرفاعي
06-05-2015, 04:54 PM
سرد شائق بلغة مترفة وأداء متقن
وصور أدبية لافتة ببراعة رسمها وتوظيف المفردة في خدمتها

تسربت للنص بعض عثرة إملائية وأخرى في تشكيل الكلمة أثق أن الاستعجال كان وراءها من مثل:
عابءٍ = عابئ
المُكتضةِ =المكتظّة
الجهلي = الجهل

دمت بروعتك أديبنا
تحاياي

كاملة بدارنه
14-05-2015, 08:17 PM
قصّة هادفة تجسّد النّجاح والتّميّز عن طريق عالِم غيّر الحياة، وأضفى الكثير عليها بعد رحلة من المعاناة
سرد بأسلوب جميل يبثّ الأمل ويزرع الثّقة والطّموح في النّفوس
بوركت
تقديري وتحيّتي

د.حسين جاسم
17-07-2015, 04:19 PM
لغة جميلة وسرد مشوق لقصة هادفة
أعجبني أسلوبها
لك شكري

معين الكلدي
16-10-2015, 03:09 PM
طرح لفكرة عميقة بقصة من أرض الواقع صاغها شاعرنا الكبير بحرفية وجمال في الاسلوب والعرض
لغة بليغة وسلسة مع سرد أمسك بنا حتى النهاية الني رسمتها بجمال التعبير مع معرفتنا لها
رسالة أدبية راقية وتحفيزية ايجابية الى كل من لم يبدأ ومن يواجهه صعوبات في طريقه
اسجل اعجابي
بوركت وكل التقدير


أشكرك أديبتنا والقاصة خلود على هذه الوقفة التحليلية الثاقبة والتي لخصت النص بقراءة واعية وبإلمامٍ تامٍ بفكرة الموضوع وحيثياته

مزهوٌ بمرورك المزهر سيدتي الفاضلة

ومسرورٌ بهذا الاستحسان والإعجاب من قاصة تجيد سبر أغوار الحرف

حييتِ أبدا

ناديه محمد الجابي
16-10-2015, 07:45 PM
إن النجاح لا يأتي وليد صدفة إنما هو ثمرة جهد وكفاح طويل
هناك أشخاص استطاعوا تغيير العالم من حولنا من خلال أفكار
لمعت في أذهانهم ، وبعد مسيرة كفاح غني بالتجارب استطاعوا
أن ينجحوا ويجعلوا أسمائهم مخلدة في التاريخ.
نص رائع شكلا ومضمونا ورقي أسلوب وألق في الطرح.
دمت ألقا ـ ولك تحياتي وتقديري. :001: