مشاهدة النسخة كاملة : الدائرة المغلقة
سعاد محمود الامين
28-03-2015, 08:18 AM
لم يحمل الليل إلى محمد حامد الرواسي..فرحا ! بل إن النوم هرب مبتعدا، لايغمض عينيه! بسبب الكوابيس المزعجة التي باتت تنتابه.. كلما تذكر التقاعد الوشيك ينقبض قلبه فى ذعر، ماعاد الزمن الذى يعبره بسرعة البرق، ويقطع فى جسده بنصله الحاد فتتداعى أعضاؤه الواحد تلو الآخر المعدة بقرحها، البنكرياس بفشله والقلب الذى شاخ وتتساقط أوراق العمر البخيلة يوما بعد يوم، يبشره بالخير، واقعه ينذره بحياة بغيضة تنتظره بين جدران هذا المنزل العتيق..تقلبت بجوارة ببطء، وتدردق اللحم المترهل يتبع بعضه، نظر إليها بمنظاره الأسود وتمتم:
ــ من هذه المرأة العجوز البدينة التي ترقد فى جواري؟
لأول مرة يتصفح عمرها، ويتمعن فى ملامح وجهها المتقضن، فيري تفاصيل حياته، لقد ملأت عليه سكرتيرة مكتبه فجوة فى جوف قلبه حجبت عنه رؤية زوجته وهي تشيخ، كان معها ولايراها، ولكنه الآن بصره حديد، صار يحصي لها انفاسها، كره كل ماتقوم به، رفض طعامها منذ أن استشعر الفراغ الذى سيعيشه، وهى مازالت تقوم بأعمالها المنزلية على أكمل وجه، كره صوتها صار يضع سماعات فوق أذنيه حتى لايتبادل معها الحديث، رفض جلوسها معه فى غرفة التلفزيون كره ضحكتها المرحة، كره رائحة جسدها المكدس المترهل،كره حركتها السلحفائية فى انحاء البيت، صعود السلم وهبوطه وأنفاسها المتلاحقة.يستدعي طيف الحبيبة فيتلاشي من ذاكرته، ويقفز أمامه طيف زوجته، فيمتم غاضبا:
ــ يا إلهي بت أكرهها لماذ لا أتقاعد عن الحياة الزوجية أيضا؟
نهض مسرعا من على سرير الزوجية الذى تآكل وانكمش، عندما تمددت الأجساد الهرمة، هاربا من أفكاره، فتعثر بسرواله وسقط أرضا، محدثا دويا عاليا.
فى المشفى أفاق من غيبوبته على يد حانية تمسح على جبينه..همست له بحنو بالغ:
ـ أرجوك لاترحل وتتركني وحيدة.. أحتاجك
رفع أجافنه المثقلة، وتعثر فى المشي!
توكأ عليها مستندا، وحمل أدويته وغادر المشفى إلى بيته العتيق طائعا مختارا..
قبل يدها ممتنا ورفع بصره ! هامسا:
ــ يجب الحفاظ على مانملك مادمنا نملكه...
كاملة بدارنه
28-03-2015, 04:38 PM
يجب الحفاظ على مانملك مادمنا نملكه...
والغريب أنّ كثيرين عيونهم على ما يملك غيرهم!
سرد رائع وتتبّع لشخص البطل ونفسيّته التي عاشت الوهم بعيدا عن الواقع القريب خاصّته، ولمّا عاد إليه ذهل ورفضه، ولكنّ ضعفه أجبره على قبوله
ترى لمَ يكون البديل للواقع المرفوض بسلوك غير سويّ؟! " لقد ملأت عليه سكرتيرة مكتبه فجوة فى جوف قلبه حجبت عنه رؤية زوجته وهي تشيخ"
رائع ما تكتبين أخت سعاد
بوركت
تقديري وتحيّتي
(نرغب مشاركة أدبائنا بمداخلاتك فلا تبخلي عليهم !)
سعاد محمود الامين
29-03-2015, 05:02 AM
الأستاذة كاملة
تحية وود
شكرا على مرورك وماتفضلت به من كريم حرفك
أنرت ..سأشارك متى ماسمح الوقت الذى اصبح يهرب من بين يدي
أقرأ مايكتب ..
دمت بخير
خلود محمد جمعة
30-03-2015, 07:43 AM
نحكم أغلاق دوائر الأخر وتضيقها حد الاختناق ونسعى لتوسيع دوائرنا على أمل تلاشي حدودها
أدرك في النهاية انها كانت سعيدة بدائرتها على صغر حجمها وأنه لن يكون يوما سعيدا بدائرته على اتساعها
قصة من واقعنا المحزن الذي لم يتعلم بعد كيف يرسم الدوائر
رائعة كعادتك
تقديري وكل المودة
بوركت
آمال المصري
31-03-2015, 03:13 PM
البعض يضع نفسه في دائرة ليست له ويكتشف أنها مفتوحة متى أتمها يجد نفسه في الهاوية
وهنا نقلت لنا أديبتنا الفاضلة واحدة من الصور الاجتماعية التي ينفر فيها أحد أقطاب الحياة الزوجية من الآخر ويحاول أن يصنع لنفسه وهما لذيذا لا يلبث أن يزول مع أول سقوط له
لغة طيعة وسرد ماتع ونص هادف يحمل رسالة لـ " هو "
شكرا لك أديبتنا القديرة نصك البديع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
آمال المصري
31-03-2015, 03:13 PM
البعض يضع نفسه في دائرة ليست له ويكتشف أنها مفتوحة متى أتمها يجد نفسه في الهاوية
وهنا نقلت لنا أديبتنا الفاضلة واحدة من الصور الاجتماعية التي ينفر فيها أحد أقطاب الحياة الزوجية من الآخر ويحاول أن يصنع لنفسه وهما لذيذا لا يلبث أن يزول مع أول سقوط له
لغة طيعة وسرد ماتع ونص هادف يحمل رسالة لـ " هو "
شكرا لك أديبتنا القديرة نصك البديع
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
سعاد محمود الامين
01-04-2015, 04:55 AM
الأديبة خلود
تحية ومحبة
سرني مرورك الجميل ..وحرفك المائز دوما
شكرا لك
سعاد محمود الامين
01-04-2015, 04:57 AM
الأديبة الأستاذة آمال
محبة لاتشيخ
سعدت بعبورك المتصفح .وتزينه بهذا الحرف الأنيق
يزدان النص بتعليقك ويعجبني..لك فى القلب منازل
شكرا
سحر أحمد سمير
02-04-2015, 08:49 AM
فى المشفى أفاق من غيبوبته على يد حانية تمسح على جبينه..
أفاق متأخرا بعد مضي سنوات قضاها في عالم الأحلام ..كانت رعونته مسيطرة على عقله و قلبه و كان لها أسيرا في دوائرها ..
قصة اجتماعية هادفة ..سلمت يمناك أستاذتي الفاضلة سعاد.
مودتي
سعاد محمود الامين
02-04-2015, 03:47 PM
الأديبة سحر
تحية عطرة
يامرحى بقلمك الأنيق فى متصفحي
أضفت وأنرت يا ألف مرحبا
شكرا لك
ربيحة الرفاعي
06-05-2015, 03:56 PM
كثر هم الذين لا يدركون قيمة ما يملكون، وخير أن وعى بصل قصتنا ذلك قبل أن يفقدها، فالجل لا يفعلون
تتمتعين بمهارة سردية تزيد الفكرة والقارئ معايشة للنص وانشغالا بتحليل كل تفاصيله التي تحملينها دائما ما يأتلق به القص
دمت بروعتك غاليتي
تحاياي
مصطفى الصالح
06-05-2015, 08:44 PM
..
فانها لا تعمى الابصار
وقيل أي شيء بيد الناس جميل
لكن الأجمل أن نثمن ما لدينا
هذه عشرة عمر، ليس سهلا تناسيها من أجل متعة طفيفة
أبدعت الحكي والسرد وأعطيت كل ذي حق حقه
سرني أني كنت هنا
تقديري
نداء غريب صبري
08-07-2015, 12:39 AM
سردك مشوق وأسلوبك جميل أختي القاصة سعاد الأمين
ولدك دائما فكرة جميلة ومميز
شكرا لك اختي
بوركت
ناديه محمد الجابي
25-11-2015, 09:04 PM
ما أعجب هذا النوع من الرجال الذين ينظرون للمرأة في خريف العمر
على إنها ( مرفوعة من الخدمة ) ويعاملونها على إنها قد انتهى دورها
في الحياة ـ محاولين تجديد شبابهم بالزواج من الصغيرات.
ولكن صاحبنا هنا وقع في شر أعماله ، فلم يجد من يتوكأ عليها إلا من
كان ينظر إليها بعين الكره.
لن أقول لك حبي لقصصك وقلمك وأفكارك وقصك.. فأنت تعلمين هذا جيدا
فلا تبخلي علينا بجديدك . :001:
سعاد محمود الامين
04-12-2015, 06:39 PM
العزيزة نادية
سرني عبورك المائز من هنا وكا تعودت دائما التشجيع الجميل منك
شكرا لك .. ودمت بخير
سعاد محمود الامين
04-12-2015, 06:40 PM
العزيزة نداء
تحية طيبة
شكرا على اناقة حرفك.لقد سعدت بما كتبت
امتناني وتقديري لك
سعاد محمود الامين
04-12-2015, 06:44 PM
الأديب مصطفى الصالح
تحية عطرة
سرني مرورك ..وتعليقك البهي لقد صدقت فيما أشرت إليه
أنها تاريخ وذكري لايمحها الزمن..
شكرى وتقديري
سعاد محمود الامين
04-12-2015, 06:45 PM
الأستاذة ربيحة
تحية قلبية
شكرا لمرورك الكريم وتعليقك المائز
ممتنة لك ولحرفك الذى يدفعني للكتابة
دمت بخير
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir