مشاهدة النسخة كاملة : رواية بوليسية (دماء على ثوب الخطايا )
سحر أحمد سمير
11-06-2015, 09:09 AM
الإهداء
http://store2.up-00.com/2015-03/1426402337191.gif (http://www.up-00.com/)[/URL]
لن يكون لقلمي أي فضل إلا أن يضع أمام أعينكم الكلمات كما خرجت من أعماق قلبي و ليصمت هو لأبدأ أنا من حيث صمت ..تحرقت شوقا إلى الانضمام لكوكبة الأدباء ها هنا في واحة الجمال ..بحثا عن ذاتي أولا و أملا في تغيير مجرى حياتي ..
و اعترافا بفضلها و حسن توجيهها ..أستاذتي الفاضلة ربيحة الرفاعي..أهديك هذه الرواية التي تثبت أن العدالة الإلهية أسبق من عدالة المحكمة ..و لا أخفيكم سرا ، تصورت وجهها الصبوح و قسماتها الحانية و عينيها اللتين تفيضان بإشعاعات الحزم و الأمل ، فرأيت فيها صورة الأستاذة النبيلة التي قدمت لي يد العون ..إلى أحب الناس إلى قلبي ..هذا جزء من شعور صادق بفيوضه الزاخرة النابعة من فيض كرم أخلاقك ..
مقدمة
[url=http://www.up-00.com/]http://store2.up-00.com/2015-03/1426402337191.gif (http://www.up-00.com/)
إلى الذين يقدمون على أفعال إجرامية و تناسوا أن ثقل الخطايا يتجمع فوق الحصى و الرمال.. لتتشكل بؤرة من الرمال المتحركة تبتلع كل مجرم و أفعاله المشينة ليلقى مصيره المحتوم..إلى الذين يحرقهم الشوق إلى تحقيق العدالة ..و إلى الذين يؤرقهم الخوف من تحقيقها ..إلى أولئك و هؤلاء جميعا ..أسرد لكم روايتي البوليسية التي يكمن الغموض في كل سطر من سطورها..و تمتزج الريبة بكل حرف ..
دمتم جميعا بخير..وافر احترامي لكل من يشرفني بالمرور؛
سحر أحمد سمير ..
عبد السلام دغمش
12-06-2015, 07:15 AM
ونعم من أهدى ومن أهديتم إليها..
بانتظار الفيض من الجمال ..
تحياتي أديبتنا الفاضلة .
علي الحسن
12-06-2015, 08:37 AM
سنكون من المتابعين لهذا المد الأدبي الجميل إن شاء الله..
تحياتي أستاذتنا الفاضلة
سحر أحمد سمير
15-06-2015, 09:01 AM
ونعم من أهدى ومن أهديتم إليها..
بانتظار الفيض من الجمال ..
تحياتي أديبتنا الفاضلة .
شكرا جزيلا على مرورك العطر ..و ألق حضورك أستاذي الفاضل عبد السلام دغمش..
أتمنى أن تنال الرواية إعجابك..
دمت بخير و عافية ..
تحاياي.
سحر أحمد سمير
15-06-2015, 09:04 AM
سنكون من المتابعين لهذا المد الأدبي الجميل إن شاء الله..
تحياتي أستاذتنا الفاضلة
يسعدني دائما مرورك العطر أستاذ ..علي الحسن ..
دمت بخير و عافية ..
تحاياي.
سحر أحمد سمير
15-06-2015, 09:28 AM
الفصل الأول
كانت ليلة من ليالي شهر سبتمبر عام ثمانية و ألفين ..قاد سليمان حبيبته السرية نجلاء إلى الأريكة العريضة و أجلسها عليها ، ثم وضع قليلا من الزبد و المربى على قطعة خبز و مد يده إليها ..أخذت نجلاء قطعة الخبز بفمها و شعرت بلوعة الألفة التي أشعلت نيران الرغبة ، عندما لامست شفتاها أطراف أصابعه ..(( لقد مضى وقت طويل في هذا الحرمان )) هكذا تمتمت نجلاء.
صوت التأوه كان كل ما يحتاجه سليمان ، و بحركات انسيابية ، نزع عنه جلبابه الأسود ، و بدت عضلاته على ضوء المصباح بلون البرونز ..
حاولت نجلاء أن تقنع نفسها بأن ما يحدث لها الآن هو لمرة أخيرة ، و لذا سمحت لنفسها أن تحس و تشعر لا أن تفكر ، و أجبرت نفسها على نسيان سبب رفضه الزواج منها لتكون علاقتهما شرعية..على سنة الله و رسوله ، و طاف خيال الحب في مخيلتها..
سليمان : حبيبتي ..
نجلاء: أيا حبيبي ..اشتياقي إليك محا كل شجار وقع بيننا ..و لم تلاحظ على نفسها أنها انخرطت في البكاء إلا عندما رأته يمسح الدموع عن خديها بيده .
((أنا على ما يرام ))هكذا قالت .دموعها كانت دموع الترقب و انتظار تحقق أمانيها ..بزواجهما ستنتهي كل الخلافات .
سليمان: أرجو أن لا أكون قد أصبتك بأي أذى .
لا لم يصبها بأي أذى جسماني ، وهزت رأسها بالنفي .
منذ فترة و هذه الليلة كانت تلوح في الأفق . كانت مستيقظة تسمع تنفسه البطيء . و بحذر ، غيرت وضع استلقائها كي تستطيع التمتع بالنظر إليه . لماذا لا تكون حياتهما هكذا دائما ؟! الحب العميق نادر الوجود . و لاشك أن في قلبه متسعا لها و لابنهما الرضيع ، الذي رفض الاعتراف به .. و كيف يعترف بابن غير شرعي ومن قبله علاقة غير شرعية ؟؟!
قررت نجلاء ، عندما استيقظت في الصباح أن تخبره عن حقيقة مشاعرها و مدى الألم الذي يعتصر قلبها ..لقد رحلت عن بيت أهلها ..و تركت حياتها لأجله ..أحبته ..عشقته حتى الثمالة ..و لكن احتمال أن يصدها كان كبيرا ..و رفضه الإذعان لندائها المتوالي طوال فترة علاقتهما جعلها تتردد ..فهي لا تستطيع غض النظر عنه ، و لكنها الطريقة الوحيدة . إنها تحبه ، كما هو ، رجل مخاطر أم لا ، و قد حان الوقت كي يعرف . و لكن ماذا لو وقع حادث له ..ماذا سيكون مصيرها ..و وليدها ؟؟! كل ذلك اختلج في قلبها و عقلها لكن أبى ثغرها أن ينبس ببنت شفة .
http://www.3rbz.com/uploads/00dc8f7b20dc1.gif (http://www.bnatgames.info/)العاب بنات (http://www.bnatgames.info/)
و تعاقبت الأيام في سرعة ..و أتى يوم تعاورت فيه الرياح رسم الرواسي ..و تردد صدى عواء السراحين في الفلاة ..سفت الريح التراب في وجه الفارين من العدالة و الذين ارتضوا الحياة الذليلة ..حياة لا يليق بها إلا أن تتجهم لها السماء و تمطر الأرض حمما و أن تتحجر لها القلوب فلا تمتلئ إلا بالبغض و القسوة ..
في هذه الليلة أقفل سليمان باب غرفة النوم خلفه بعد أن خرج و اتكأ عليه و راح يلهث و كأنه شارك في سباق طويل للركض ..كان وجهه ينم عن شعور غامض و لكنه واضح ناطق ، شعور الذي يرى سربا من الغربان يحوم فوق قبره ..يبدأ انفعاله حينما يرده الاتصال الهاتفي في العاشرة مساء ..كل يوم ..نفس الساعة ..على إثره يمضي إلى حيث خزانة السلاح و هو في ثورة غضب كبيرة و هياج ..تنفلت منه الألفاظ انفلاتا في لحظات قلقه البالغ ..حينما يرده ذاك الصوت و ضحكته المزعجة عبر الهاتف مهددا إياه (( استعد للموت ..ذق من نفس الكأس التي جرعتني إياها)).
لقد تجاوزت العاشرة و لم يتلق ذاك الاتصال !! ربما أصاب المتصل المختل نوع من الملل بسبب ألاعيبه المريضة ..كان معتادا أن يأوي إلى فراشه في وقت متأخر بعد أن يغلق كل الأبواب و النوافذ بنفسه و في يده مسدسه ..و أخيرا استطاع سليمان بعد حين أن يغمض عينيه في نوم عميق لم يستيقظ منه ..
من خلف التلال البعيدة طلعت الشمس على الجثة التي صدمت أميمة الخادمة .. ولم يمض سوى بعض الوقت حتى قرعت باب رئيس المباحث في قوة و عنف ..تقف أمام المحقق . . تصرخ و تنعي سليمان، بدموع سحساحة..
أميمة :صرخت و قد تملكها الخوف و الانفعال .. سيدي ..جريمة قتل مروعة ..السيد سليمان (تاجر الأسلحة ) وقع قتيلا في عقر داره ..
إبراهيم : اهدئي قليلا و احكي بالتفصيل ما حدث .كيف وجدت الجثة و متى؟ ..هل نما إلى سمعك ضجة قبل حدوث الجريمة؟هل رأيت مشتبها به أو قاتله؟
أميمة : وجدت الجثة هذا الصباح ..مسجى على ظهره ..انفصد دمه فوق سجادة حمراء فازدادت قتامة بالأحمرين ..هذا كل ما رأيت ..
هاتف ابراهيم مركز الشرطة و الطبيب الشرعي و متخصص رفع البصمات و جمع الأدلة من مكان الجريمة ..
..ليقوموا بمعاينة موقع الجريمة..
تدفق الناس إلى منزل سليمان ليشهدوا الجريمة الغامضة ..و راح إبراهيم يراقب جمع الأدلة..بدون أن ينبس ببنت شفة ....
و كان المختص بجمع الأدلة قد فتح حقيبته الجلدية و التي فيها أدواته لرفع البصمات و قياس و تحديد مكان اطلاق النار ..ثم قال هذه الجريمة شنعاء ..لم ير مثلها قط..
تحول إليه إبراهيم و كان نحيفا معروق الوجه ، أسرج الذكاء بصره : نعم هذا صحيح ..
مختص جمع الأدلة :نحن أمام جريمة دبرت بإحكام و نفذت بكل دقة و يكتنفها الغموض من كل جانب بحيث يصعب استجلاء الحقائق من الملابسات المحيطة بها ..إنها جريمة غريبة حقا ..و كما يبدو أن الأشباح قاموا فيها بدور كبير ..سينهكنا فك غموضها ..لا يوجد أثر اقتحام للمنزل ..و الجاني لم يخلف أثرا يستدل به كما أن الجاني استخدم مسدس سليمان لقتله .ثم شرع جامع الأدلة بإزالة اللاصق الذي كمم به القاتل فم سليمان .و فجأة لمح شيئا يتحرك خارجا من فم سليمان ..
إبراهيم :يا الهي ..عقرب أصفر ..و تفحص فم القتيل فوجده متقرحا متقيحا بسبب لدغات العقرب ..
أما الطبيب الشرعي الذي طالب بنقل الجثة إلى المستشفى ليقوم بفحصها و التشريح للوقوف على أدق التفاصيل ..قال في حزم ((فضيلة السيف إحكام القطع و فضيلة العقل إحكام الفكر)). لقد أحكم القاتل جريمته ..و ترك لعقولنا إحكام الفكر و تمحيص الأدلة و القرائن ..
و في غمرة الأحداث أشعل إبراهيم سيجارة ..ليجد بعض النسوة يصحن : لماذا لا تبالون بما يضطرم في قلوبنا؟!
ابتسم إبراهيم في شيء من الجد و استطرد قائلا : من ذا الذي يجرؤ السكن على مشارف القرية و تحيط به المخاطر من كل جانب ..
بالرغم من وجود الكلبين اللذين يحرسان البيت مع خفيرين لم يصب أي منهم شيء مما يدل دلالة قاطعة على أنهما لم يتنبها إلى حدوث جريمة ما أو دخول أحد الأشخاص عنوة إلى منزل السيد سليمان ..أظن أن سليمان كان دقيق الاختيار لكل تفاصيل حياته ..حتى و إن تجمعت حوله بعض الريبة ، فقيل إنه شخصية غريبة الأطوار على صلة بالمجرمين ساكني الجبال ..و قيل انه إنما جاء في تلك البقعة النائية مبتعدا عن مراقبة الشرطة و من المحتمل أن يكون وراء بعض الجرائم في هذه المنطقة ، بل إن البعض ذهب في تخيلاته بعيدا .. و راحوا يذكرون عنه ملابسات في غاية الفظاعة .
كل معلوماتنا ..أنه يدعى سليمان جمعه و هو تاجر للأسلحة النارية في العقد الثالث من العمر .طويل القامة عريض المنكبين ..يذهب إلى الجبل ليلا و معه حارسه و كلبيه ..يحملان المشاعل ليخيفا الذئاب .. و مما لا شك فيه أنني راقبته عن كثب ، و لكن لم يصدر منه ما يحمل على الشك فيه و الارتياب في أمره ..هل نلقي القبض على شخص ما لأنه يذهب إلى الجبل ليلا؟! أو لمجرد تداول الشائعات عنه !
لقد كانت تجارته معروفة و لديه ترخيص لجميع الأسلحة و تصريح ببيعها و شرائها.
و ذات يوم ذهبت لزيارته بصورة ودية ..استقبلني بترحاب ..و حدثني عن حبه للصيد و ألقيت عليه وقتئذ أسئلة قلائل عن حياته و مشاريعه في حرص بالغ و لكنه أجابني في صراحة ووضوح ..قائلا انه تنقل كثيرا و أردف يقول ضاحكا : لقد وقعت لي مخاطر كثيرة و تمادى في الضحك فكان انعكاس صورته على السجنجل ذي الإطار المذهب كمن فقد عقله ..ثم أردف قائلا ..و آخر مغامراتي التي فرضت علي رغم أنفي هي اتصالات العاشرة مساء ..من يعلم ماذا ستكون نهاية هذه المغامرة إن صح القول ..ربما تكون آخر مخاطرة أخوضها ..لهذا كتبت وصيتي الشرعية و تم توثيقها في مصلحة الشهر العقاري ..هل تعرف معنى الكلالة يا سيد إبراهيم؟؟
معناها أنني لست متزوجا و ليس لي ورثة سوى شقيقين يصغراني ، يتصفان بالسفاهة المطلقة ..سيبددون كل قرش جمعته طيلة السنوات المنصرمة و لن يكتفيا بذلك و إنما أتوقع أن يموتا مدينين لعدوي اللدود ..لهذا جعلت لأميمة نصيبا من التركة ..و ضحك بطريقة جنونية مريبة جعلت العمامة البيضاء التي فوق رأسه تضطرب اضطرابا شديدا..ثم تطرق بنا الحديث بعد ذلك إلى الأسلحة و أنواعها و تقدمني إلى غرفة الاستقبال لكي يريني مجموعة منها معروضة في خزانة زجاجية ..كانت الغرفة مجللة بالسواد و تغطيها ستائر رمادية منقوش عليها رموز و طلاسم بلون الدم كأنما نسجت بيد ساحرة شمطاء ..تظهر في ضوء المصباح كنهر من الدماء يعج بالضحايا ..
كنت أسائل نفسي أهو مجنون مختل؟ لكن هذا غير وارد على الإطلاق..قبل منح ترخيص الأسلحة يتم التأكد من سلامة الشخص عقليا و نفسيا ..كما لاحظت وجود أربع مسدسات محشوة و موضوعة في أماكن متفرقة من الغرفة مما يدل على أنه كان يعيش في رعب دائم ..أو في خوف من هجوم مباغت.
وقطع أحد الضباط كلام إبراهيم قائلا : إن معظم القضايا التي تعرض علينا في هذه الآونة هي الأخذ بالثأر و الانتقام ..و كلها قضايا مشحونة بالوحشية و الفظاعة و الحيل الغريبة ،طوال فترة خدمتي هنا لم أسمع فيها إلا حديثا عن الدم و الانتقام لكل اهانة مهما صغرت .. ربما يعزى ذلك إلى العصبية القبلية أو تقاليد هذا المجتمع .
إبراهيم : أأتوني بأميمة ..أريد سؤالها ..
أميمة :طوع أمرك يا سيدي ..
إبراهيم : هل من شيء مفقود في المنزل؟ مال! سلاح؟أو شيء آخر؟؟
أميمة : نعم سيدي ..خاتمه البلاتيني الذي كان في أصبعه ..
إبراهيم : هل هناك ما يميزه من نقش ؟
أميمة : نعم سيدي كان به فصا أحمر كبير ..
ابراهيم : حسنا ..سيتم التحقيق مع كل المخالطين له من خادمة و أفراد الحراسة .
و تفحص إبراهيم وجه القتيل فرآه مسحوجا .. ثم سجاه مهمهما ستكون أسرار الجريمة عقبة عنود في حل لغزها .
و صاحت أميمة : معذرة سيدي ..أنا ..أنا ..لقد نسيت أن أخبرك.......
سحر أحمد سمير
13-07-2015, 11:32 AM
الفصل الثاني
http://store2.up-00.com/2015-03/1426402337191.gif (http://www.up-00.com/)
أميمة : يوم ذاك قمت بتحضير اللحم المشوي ..و في الردهة المؤدية إلى غرفة المعيشة وقفت أحمل طبقا من الخوص فيه أصناف من الفاكهة الطازجة ، كانت الساعة تدق العاشرة مساء ..ما جذب انتباهي هو خيال قاتم طويل يتحرك نحو السيد سليمان في خطوات متباعدة ..في ضوء الفلورسنت الباهت امتدت يده إلى كتف سليمان لينتزعه من غفوته.
صاحب الخيال : أفق أيها الناعس و لا تترك عينيك تنطبقان مجددا ..جئتك لأمر هام .
انتفض سليمان و ارتعدت فرائصه كما تفصد العرق من جبينه بسبب الاضطراب المفاجئ و ظل يرمق صاحب الوجه الكئيب بنظرات الدهشة قائلا : يا إِلهيّ ، كيف ولجت إلى المنزل؟
صاحب الخيال : لدي نسختي الخاصة من مفاتيح المنزل يا غالي.
سليمان:انقضت سنوات طويلة لم نتصل فيها و لو لمرة واحدة..لم نتحدث ..لم ..و صمت للحظات و عاد ليقول ((أخبرني عن أسباب مجيئك في هذا الوقت المتأخر)).
بدا صاحب الخيال موشكا على الجلوس حيث مال إلى الأمام , ذراعاه على الطاولة المستديرة و يداه مضمومتان بخفة أمامه و على وجهه تلك النظرة الماكرة ..عبث بأزرار قميصه و بدت شفته السفلى عالقة بين اضطرابه و جلس بحذر ثم همس قائلا : لطالما كنت أبحث عن الإلهام في تدبير أموري الخاصة ، ثم هز رأسه ببطء و ابتسم ابتسامة متشنجة شدت أطراف فمه لتجبره على تذكر الماضي، حتى أن كل خلايا يأفوخه اشتعلت بها بُروق الغضب.
كانت النظرة التي رمقه بها سليمان نظرة ذهول و كأنما حقق إِنجازا مذهلا باجتذابه مثل هذه المعلومة منه ..تفحص وجهه بمسحة من السخرية ..
صاحب الخيال: ضيق الحياة ، خشونة العيش ، و بعض الضرورات قد تدفعنا للتنازل عن بعض قيمنا و فلسفتنا في الحياة ، أومأ بيده كأنه ينفض عن قلبه غبار الكآبة ..
و استرسل قائلا : عندما وافقت على خطبة ابنتي لذاك الشاب الذي يستأجر شقة في حجم علبة الكبريت لم أمتعض حينها ..حتى عندما صارحني بطرف اللسان أنه يتيم و لما استزدته في السؤال راغ عني بالجواب و انتقل إلى حديث آخر ، فشعرت أنه يستحي من حياته البائسة ..و التي ظفر فيها بشهادته العليا ، لذا كنت كئيبا معقود اللسان ، ينغصني هذا السؤال الغامض الذي لا يسأل فيه عن الفاعل و لا المفعول به ، و لا الحال و المآل ..سيطرت على عقلي و تصرفاتي رغبتي العارمة في إسعاد ابنتي ..لا أنكر أنني قضيت أياما مؤرقة ..تصارعني فيها هواجسي و هامت تخيلاتي فوق جبال العاجزين ، فالشاب ليس في مقدوره أن يمهرها بما تستحق ، أشفقت عليه و على نفسي و عليها من قبلنا ..لست أدري أتصح هذه الزيجة كما تحب ابنتي أم لا تصح كما أعتقد في كوامن نفسي ..
حملت ابتسامة سليمان بعض التصلب ، أو ليس الأمر كذلك عند عامة الناس! لماذا أراك تتذمر الآن؟!
من البديهي أن تشارك خطيب ابنتك في تأثيث المنزل في حالة استشكال الأمر عليه ..دعني أقول هذا ..هل جئتني من أجل اقتراض المال؟
صاحب الخيال : نعم ..فلم أخطط للبقاء هنا أكثر من الوقت الكافي للحصول على مساعدتك و سأعود أدراجي فورا من دون الإِعلان عن وجودي .
لم ينتظر سليمان ليسمع ما تبقى ..بل وقف على حين غرة على قدميه و اتجه نحو خزانة السلاح ..يصيح ((لن أقرضك المال أبدا)).
على الطاولة المستديرة أخذ إبراهيم سيجارة من العلبة الجاثمة ..ثم همهم قائلا ..لقد تحول الحديث فجأة إلى دهاليز الغموض ..كما لاحظ توتر أميمة لهذا كان مشغول الفكر بشيء آخر غير سيجارته التي لم يشعلها ..قال ببطء و كأنه وضع إصبعه على حل المعضلة : أرى في نبرتك خلافات نشبت بين سليمان و صاحب الخيال الغامض! أليس كذلك؟
أميمة : هذا صحيح ..فرفعت أصابعها خلال كلامها و تابعت ((الحفاظ على أسرار مستخدمي جزء من عملي ..موته كان صدمة كبرى و الأنكى من هذا امتلأ قلبي بالرعب عندما سمعت كلمات تشبه سجع الكهان و السحرة تخرج من ثغر سليمان دفعة واحدة حينما رفع يده في وجه الرجل .
إبراهيم : حسنا ..واصلي كلامك و أطلعينا عما حدث بينهما ، أعني ..أنني لا أريد لك أن تتورطي في تضليل العدالة ، و دس السيجارة بين أسنانه و كلمها بطريقة توحي و كأنها خارج دائرة الشك ..كانت القداحة لازالت في يدها و اشتدت أصابعها دون إرادة عليها و هي تجاهد لإبقاء صوتها طبيعيا غير مضطرب ..مدت يدها إليه قائلة : تفضل سيدي القداحة..و ضاقت عيناها بشكل خطير كمن تحدث نفسها خفية ..
و تابعت..أتذكر أن ذاك الرجل طافت عيناه بسرعة في أرجاء الغرفة فبدت بشرته الداكنة أكثر قسوة في الضوء الخافت ، تغطيه نظرة شريرة ، إنه وجه قوي،نحيل ، وسيم دون مجال للإنكار ، وجه رجل عميق غامض ، يرمق سليمان بنظرات حقد دفين و تابع كلامه قائلا ((أريد هذا القرض مهما كلفني الأمر، ما قولك لو أسديتك خدمة في المقابل؟))
عند سماعه هذا استدار سليمان عن خزانة السلاح ، شفتاه مكورتان بتكشيرة ((سأقول إنها ممكنة، عملك في مصلحة الشهر العقاري سيكون مكسبا لأعمالي )).
ساد الصمت الغامض..بالرغم من ذلك لم تظهر علامات الذهول على الرجل كأنما لم يفاجئه الأمر كليا ..
ثم قال في صوت متزن : يا لك من رجل تهتم بأعمالك و مصالحك الشخصية فوق اهتمامك بأهلك و عائلتك ..يا لها من طريقة لكسب العيش ..لقد حذرتني أمي من قبل و أطلعتني بوضوح على ما يمكن توقعه منك ، إذ قالت( سوف يسعى سليمان للضغط عليك عاجلا أم آجلا لترضخ إلى تقديم تنازلات مقابل القرض ، و لكن لا تقبل أن يتفضل عليك فلا يوجد شيء بلا مقابل ..و الواقع أنها لم تتجاوز صدمة حرماننا من الإرث بالاتفاق مع أبي ..كيف اتفقتما على ذلك؟
سليمان : لا أستطيع اتهامك بالغباء يا ماجد ..لأنك لست غبيا ، الأمر ببساطة أنك قريب جدا من المسألة بحيث لا تستطيع النظر إليها بموضوعية ..رأيي أن الوالد قد اتخذ قرارا صائبا فيما تعلق بمسألة الممتلكات ..و الميراث بعد وفاته..
ماجد: ألم يكف طردنا من أملاكنا و قطع صلتك بـ..؟
تأرجح السؤال معلقا في الهواء ..هز سليمان رأسه : نحن أخان ، و هذا كل ما في الأمر ، و صب ما في قلبه لأذنين أرهقتهما الأعذار ..دون أي حرج و دون إخفاء شيء .. و دون الوعد بشيء ..أكمل يرفع يده احتجاجا: ثروتي هي نتاج تعب سنوات طويلة ..كان واضحا للجميع أن أبي لم يوظف ما كسبه من أموال في مصالح العائلة ..كما تزاوجت تجارة السلاح مع عمليات غسيل الأموال في حياة أبي ..نعم ..ورثت هذه الأعمال عنه و نجحت في إدارتها لهذا أنا الوحيد المستحق للثروة الضخمة ..أتساءل إذا كان الأمر يستحق كل هذا الغضب و الكره؟!
ثم صمت للحظة و عاد ليقول :أعرف رأيك و ماذا ستقول ..نحن من عالمين متباعدين ، و هذه هي المشكلة ..أنت تراني مجرما ..و لكنني أظن أنه مع الوقت قد يتقارب الشقيقان حتى و إن اختلفا في بعض الطبائع ..كم أكره رؤيتك في أزمة ..لكن لن أدفع أموالي بدون ضمان سداد..
في تلك اللحظة ظهرت عين ماجد مليئة بالحسرة و الغضب و جاء صوته عميقا مليئا بالمرارة ((كم تشبه والدنا الراحل ))..أخذ يحدق في خاتم سليمان البلاتيني ثم عقد حاجبيه ((لا ريب أن ثمن هذا الخاتم يكفي لشراء أثاث غرفة أو أكثر)) فقال متحديا ((حسن جدا))..
تراجع فجأة عندما لمح انعكاس صورتي في المرآة ((هكذا قالت أميمة )) و قال بلهجة تصرف النظر : في وقت آخر نكمل حديثنا ..
أجابه سليمان بنبرة لاذعة ..أترغب ببعض الشاي ؟
ماجد : سيكون ذلك رائعا..
سليمان : أظنك تتحين فرصة مناسبة للانتقام مني على ردة أفعالي..
ماجد : عم تتكلم ؟ كيف وصلت إلى هذا الاستنتاج بالله عليك؟
ارتفع صوت سليمان إلى وتيرة مرتفعة جدا ..ألا ترى أن إبعادكم عن حياتي ..و قرار الوالد بتنفيذ ذلك كان السبب فيه ..
ماجد: لأنه ترك لتحيزه أن يلون تفكيره ..لا يهمني كونه أغفل الحقوق و الواجبات ..و المساواة بين الأبناء ..حين نحب الأب لا نتوقف لنفحص عيوبه ..أنا لازلت أحبه..
ضحك سليمان ساخرا لأنه أراد أن يوضح وجهة نظره ..تتكلم عن الحب يا ماجد!!
أرجوك لا تخلط بين الحب و الطمع ..مشكلتك الرئيسية أنك لا تصدق كم سهل معرفة ميولك و أفكارك من خلال نظراتك اللامعة العابسة مثل أسنة الحراب الطويلة ..
و هنا تنهدت أميمة قائلة ((لكن الغريب في الأمر بعد تناولهما الشاي توجها نحو الباب في صمت ..بينما ألقت أضواء المشاعل الباهتة غشاوة على كل شيء ، و ساعد ذلك على إخفاء قسمات وجه ماجد..
إبراهيم : مهما يكن فإنك أخلصت في عملك كمديرة للبيت كما يبدو ..فلا توجد أية آثار أو دلائل على وجود أناس يقيمون هنا!!كل شيء مرتب و لامع!!
لم تتغير تعابير وجهها إلا عندما التقطت سماعة الهاتف لترد على المكالمة الواردة في تمام الساعة العاشرة مساء ..و فجأة صكت أسنانها بقوة و شددت الضغط على السماعة هامسة ..سيدي ، هذا صوت نجلاء.
قال إبراهيم هادئا مرتابا : ماذا بك؟ يراودني شعور و كأن مجاج فمك قد جف ، من هي نجلاء؟
اتسعت حدقتاها و تسارعت دقات قلبها ،اقترب تنفسها من اللهاث الخفيف و رعشة سرت في أطرافها فيما بدأ يتفجر الدم في وجنتيها فتحولتا إلى الأحمر القاني ..و أجابته ..ليس هناك ما أخفيه سيدي.لقد كانت جريمة محكمة أفزعتنا جميعا ..سوف تفتح جراحا لا تندمل ..فالجيوب الخاوية ستغدو ملآنة بعد مقتل سليمان..عندما يطفو الاعتزاز بالإثم تجتثه عدالة السماء ..
و أسدل الستار على الفصل الثاني من المأساة...
وليد عارف الرشيد
22-07-2015, 01:55 AM
تسنى لي الليلة أن أمر من هنا وأقرأ فصلين من روايتك التي تنبئ قارئها بكل حرف أنها تحمل بذور روعتها منذ الإهداء للقديرة أم ثائر وحتى آخر حرف قرأت
بوركت ومعك نتابع بشغف .. ومتعة
دمت بألق مبدعتنا
تقبلي كثير تقديري
سحر أحمد سمير
22-07-2015, 02:03 PM
تسنى لي الليلة أن أمر من هنا وأقرأ فصلين من روايتك التي تنبئ قارئها بكل حرف أنها تحمل بذور روعتها منذ الإهداء للقديرة أم ثائر وحتى آخر حرف قرأت
بوركت ومعك نتابع بشغف .. ومتعة
دمت بألق مبدعتنا
تقبلي كثير تقديري
أنرت متصفحي أستاذي الفاضل وليد الرشيد...شكرا جزيلا على مرورك العطر ..
أتمنى أن تنال الرواية اعجابك ..
دمت بخير و عافية ..
ربيحة الرفاعي
30-07-2015, 01:18 AM
و اعترافا بفضلها و حسن توجيهها ..أستاذتي الفاضلة ربيحة الرفاعي..أهديك هذه الرواية ال
سحر أحمد سمير ..
الرائعة سحر أحمد سمير
أشكر لك الإهداء الراقي شهيدا بوفائك ورفعتك ورقي روحك
كما وأشكر لك النص الجميل الفكرة والأداء
قصة موفقة بشائقية سرد ورسم متقن لملامح الشخصيات واستيعاب الكاتبة للموضوع بتمكن من خريطته الكلية وتفاصيله الجزئية والمشاهد الحدثية الرئيسة.
دمت بروعتك غاليتي
تحاياي
سحر أحمد سمير
02-09-2015, 01:24 PM
الرائعة سحر أحمد سمير
أشكر لك الإهداء الراقي شهيدا بوفائك ورفعتك ورقي روحك
كما وأشكر لك النص الجميل الفكرة والأداء
قصة موفقة بشائقية سرد ورسم متقن لملامح الشخصيات واستيعاب الكاتبة للموضوع بتمكن من خريطته الكلية وتفاصيله الجزئية والمشاهد الحدثية الرئيسة.
دمت بروعتك غاليتي
تحاياي
أشكر لك دفعك الدائم ..سيدة الحرف :014:
مودة لا تنقطع.
ناديه محمد الجابي
02-09-2015, 07:33 PM
الأخت العزيزة / سحر أحمد سمير.
أرجوك لا تتركينا معلقين وأتحفينا بالبقية
أسجل إعجابي بحرفك السامق .. لقد نسيت نفسي مع قصتك
التي سقت أشخاصها في نظم متقن الصنعة، ووصف متميز
أبدعت في رسم الصور وإنتقاء المفردات..
ولبقية قصتك سأكون في انتظار على شوق.
ولك تحياتي وتقديري. :001:
سحر أحمد سمير
02-09-2015, 07:46 PM
الأخت العزيزة / سحر أحمد سمير.
أرجوك لا تتركينا معلقين وأتحفينا بالبقية
أسجل إعجابي بحرفك السامق .. لقد نسيت نفسي مع قصتك
التي سقت أشخاصها في نظم متقن الصنعة، ووصف متميز
أبدعت في رسم الصور وإنتقاء المفردات..
ولبقية قصتك سأكون في انتظار على شوق.
ولك تحياتي وتقديري. :001:
أعدك غاليتي ..أن أتمها في وقت قريب ..شكرا على تواجدك الراقي ..
باقة ورد جوري لروحك النقية ..
مودتي.
سحر أحمد سمير
26-11-2015, 09:40 AM
الفصل الثالث
http://store2.up-00.com/2015-03/1426402337191.gif (http://www.up-00.com/)[/URL]
هرولت نحو الفراش تصرخ برعب ((أين رضيعي؟)) و بسرعة البرق عبرت الردهة إلى غرفة المعيشة ((لطفك يا إلهي)) ..فحاولت جاهدة أن تحمل ذهنها المشوش على التركيز و صاحت قائلة ((سليمان !! حذرتك كثيرا من طريقة مزاحك ..أين أنت ؟ )) و جالت في أرجاء الشقة تبحث عنهما ثم وقفت فجأة تحاصرها فكرة اختفاء وليدها و هي تحدق بكرب إلى النافذة ، لم تكن واثقة بعد مما حدث ..لقد كانت دقائق معدودات غابت فيها عنه ..
استدارت في سرعة نحو الهاتف لتتصل به ..((هيا أجب يا سليمان)) ، فلم يكن مزاجها صافيا لتتحمل كل هذا المزاح في هذا الوقت المتأخر..
نجلاء: ماذا دهاه ؟ ألم يسمع رنين الهاتف؟ ألا يعرف مدى قلقي!
سارت بضع خطوات و استندت بخور إلى الحائط و هي تحاول استرداد أنفاسها و التغلب على الصدمة التي أصابتها من جراء خواطرها الاتهامية ثم لجمت أمواج وساوسها المتتابعة ، مضى الوقت يمر و هي لا تعرف سبيلا للوصول إلى سليمان ،و مع ازدياد شعورها بالقلق و الغضب رافقتهما الخيبة و الشفقة على الذات ، راحت تتأمل السماء فوجدتها قد خلت من مصابيحها و فجأة ازدادت عتمة المكان بانقطاع الكهرباء و الذي واكبه صرير باب الشقة ..
أطلقت نجلاء هتاف ابتهاج ..أنا هنا يا سليمان في غرفة الجلوس قرب النافذة ..حذار من التعثر ..
في صدر الشقة سمعت دبيب قدم تعرفه ؛ يتقدم نحوها ببطء ، لم تلمح صورته لكنها تسمع زفراته الغاضبة الهائجة ..و بدت عاجزة عن النطق لهول صدمتها ..لقد خرست بالفعل إنما ليس بسبب الصدمة بل لأنها سمعت أصوات الغربان حينما أشعل ذاك الرجل قداحة ليتفحص وجهها في غضب قائلا ((لماذا فعلت فعلتك الشنعاء )).
هزت نجلاء رأسها في ذعر : إن وقوفك هنا يعني سعيك إلى الإنتقام و هذا شيء توقعته ..أرجوك سامحني ، ألا تظن أن الغضب لن يحل المشكلة ، لطالما تقاذفتني رياح التفكير في لقاءنا الصادم بعد مرور هذه السنوات ، و عادت تناجي نفسها ((صب اللعنات علي ما هو إلا مدعاة لزيادة الأوضاع سوءا)) .
تراجعت هربا منه متنقلة في أرجاء الشقة ..تتنقل بخفة بين الأثاث لكن ذلك لم يعق تعثرها .
هو : أتجسرين؟
نجلاء : لا أملك الجسارة على الهرب مرة أخرى .
هو : أيتها اللعينة ((و يزفر بشراسة و عصبية )).
نجلاء: يجب أن أقر بأن الحب هو جواز سفري إلى سماء السعادة ، من الجائز أن تقتلني و ربما تسارع إلى الصفح فأقبع في البيت سالمة إلا من خطر الشائعات الناجمة عن إتلاف سمعتك .
هو : هذا ما يردده قالة السوء و الفجرة ..أولئك الذين يقولون قولك و يرددون كلمتك المبتذلة ..الحب يغلب الظلمة ، إذا ثار ليلا شعت ثناياه بريقا و ضوءا ..كأنه سراج راهب اعتزل الناس و عكف على العبادة ..إذا ما خطر بالعقول ذهب بلب الحكيم ، و أما مجونك مع عدوي اللدود و فرارك معه ليس سوى مغامرة خطيرة ..
قاطعته و هي مرتاعة : ألست ابنتك رغم كل شيء ؟
فسارع إلى القول بلهفة : فكري في أمري قليلا ..لقد أسست لك الودائع لتظلي مؤمنة ماديا على أفضل وجه ..دللتك إلى حد الإتلاف ثم أطلق زفرة عميقة ، و الأنكى من ذلك تعمدت وضع نفسك في وضع مشين من دون الاهتمام بأحد سوى غرائزك ..
همست نجلاء متلعثمة : كيف عرفت مكان إقامتي؟و من أين لك بمفتاح الشقة؟
نظر إليها في قسوة و حزم : لقد أرسل سليمان حارسه إلي حاملا طفلك و خطابا مرفق به مفتاح الشقة و عبارة صريحة واضحة فيها واقعية جافية كاتبا ((لقد اكتفيت من ابنتك التي لا تحسن شيئا على الاطلاق)).
نكفت نجلاء دموع الألم ، و أردفت بتوكيد و قد لاح الحزن في مقلتيها ((بوسعي أن أقتله متى زال حزني و خشيتي من تصرفك التالي))، و لم تشأ أن ينتهي الحوار بصراخ متبادل ..فمن المهم أن تجعله يفهم ما ترمي إليه بالضبط فقالت بعناية ((أنا لا أتكلم عن قتله ماديا ، و إنما قتله معنويا ..أريد أن يسجن و يتألم و يعزل عن الحياة بسبب عبثه بمشاعري و شروره التي أحاطت بالكثيرين .
الأب : أكتفي بالاشارة و التلميح يا ابنتي..كلما مضيت في حديثك ..قويت رغبتي في قتله ..
نجلاء : كلا ، لا ضرورة لذلك .
الأب : يخيل إلي من كلامك أنك تعرفين أشياء كثيرة .
نجلاء : أظن أنني الآن أعرف أشياء كثيرة ..و في هذه اللحظة أدركت أن ما جمعها بسليمان كان يعني شيئا آخر عدا الحب.
الأب : أذنب سليمان كما أذنبت و لا مجال للإنكار ..و إلا وجب قتلك ..لأن ما أقيم على الرمال لا بقاء له ..لن أدخر وسعا في البحث عن زوج لك يكون كريما شريفا ..
نجلاء : إن قدمي تختلجان و عيني لا تبصران في هذا الليل البهيم..
الأب : عداك الأذى يا ابنتي .. كانت تلك السنوات الأربع كأنها أربعون عاما مرت علي ، فأحنت عودي و أنحلت جسمي ..
[url=http://www.bnatgames.info/]http://www.3rbz.com/uploads/00dc8f7b20dc1.gif (http://www.up-00.com/)العاب بنات (http://www.bnatgames.info/)
سرت في بدنها رعشة شديدة و هي تنظر إلى عينيه ، و أدركت مما ارتسم فيهما من شكوك أنها هالكة لا محالة ..و قالت ما سبب استدعائي إلى قسم الشرطة يا سيدي؟ و لم تتم عبارتها ، و لم يتكلم ابراهيم و إنما راح يحدق إليها ثم ضحك ضحكة لا تبشر بالخير و جلس يخاطبها : آنسة نجلاء ، ما هي علاقتك بالمدعو سليمان جمعة؟
نجلاء : لعلك لا تمانع في أن أطلب كأسا من الماء ..
إبراهيم ..حسنا ..
و ارتشفت قطرات من الماء متوهمة أنها قد تساعدها في التغلب على خوفها و في هذه اللحظة صدر دوي شديد من الغرفة المجاورة كما لو أن أحدا صفق الباب في غضب ، فرفع كاتب النيابة رأسه عن الآلة الكاتبة في حين نظر ابراهيم إلى السقف ثم انتقلت عيناه إليها و قال في حزم ((هل أكرر السؤال؟)).
نجلاء : كان بقايا زهر لا يقاوم ، تبادلنا عطور العشق المهيب ..لكنه كسر قلبي على أمواج الاشتياق و حطمني على سواحل الوهم فجعلها مراسي للبقاء .. فما عدت مثل الصبايا الحور ، بل مصيري يئول إلى ثبور .
إبراهيم: أليست لديك أي فكرة من قد يكون الجاني؟
نجلاء : كان الطريق الذي سلكه لم يقده إلى حياة هنيئة و سعادة سابغة و إنما قاده إلى الموت بأبشع صوره .
إبراهيم : من برأيك قد يسرق خاتما بلاتينيا بعد ارتكابه جريمة القتل؟
نجلاء: و بدأت دلائل القلق تبدو على وجهها و بعض ملامح الدهشة ..من المعقول أن يكون لصا ، ذلك الخاتم أهديته إلى سليمان.
إبراهيم : ذلك محتمل .
فصمتت نجلاء ، و نظرت إليه من طرف عينها مرة أو مرتين ..ثم قالت ..لست أفهم ماذا تعني!
إبراهيم : بل أنت تفهمينني جيدا ..لقد غرر بك و حملك على الهرب معه ..أظن أن لديك الدافع لقتله.
ناديه محمد الجابي
26-11-2015, 09:27 PM
استرسلي من فضلك ـ فالقصة البوليسية تحتاج للتركيزوالتقطيع يضيعه.
حرفك ساحر ولغتك فاخرة وتعابيرك جميلة فاسترسلي
نتابعك بإهتمام. :001:
سحر أحمد سمير
13-12-2015, 08:11 AM
الفصل الرابع
http://store2.up-00.com/2015-03/1426402337191.gif
على السلم العتيق راح يهبط ماجد ببطء و هو مستغرق في التفكير ، قاطبا حاجبيه في انفعال ..يغمغم ((لقد عشت في قمقم الخوف و القلق لسنوات طويلة ، لم يرتق إلى ذهني احتمالية مقتل سليمان ، و على الرغم من إصابتي بالهلع لفكرة إدارة أعماله بعد موته و حصولي أخيرا على ميراثي المسلوب ..لا أحتاج للظهور بمظهر الحمل الوديع ، و أن أكون موظفا جالسا وراء مكتب من الثامنة صباحا حتى الثالثة مساء و قضاء ما تبقى من حياتي منتظرا سن التقاعد هذا لن يستمر بعد الآن)).
العسكري: أسرع ..لقد أوضحت أسباب استدعائك إلى قسم الشرطة ..
تنهد ماجد بشدة و قال ((أنت على حق )) ثم رفع رأسه ليرى الجانب الآخر للطريق ..و صاح مناديا ((نادر))، كادت عدة مرات من تكرار النداء أن تهدم سورا من القرميد و عندما وصل الصوت إلى أذن نادر عبر زجاج السيارة المفتوح جزئيا ، استدار فجأة ليتوجه مسرعا إلى والد عروسه ، كان يرتدي الأسود مرة أخرى ، بنطلون بسيط و قميص مفتوح الياقة يكشف عن خطوط عنقه القوية ..((عمي)).
ماجد: حمدا لله أنك إلى جواري ..(( هل باستطاعتك أن ترافقني إلى قسم الشرطة ..لكن لمن هذه السيارة؟!))
تحرك نادر بارتباك ، يجبر نفسه كي يجتاز التحليل النفسي الذي يخضع له يوميا منذ الخطبة ..لو عرف ماجد شيئا عن لغة الجسد لأدرك بأنه يرد على سؤاله مكرها ..((هي ملك لصديقي ..و أقودها طوال فترة المساء كسيارة أجرة لتحسين مستوى دخلي و من ثم تأثيث منزل الزوجية)).
مشى ماجد إلى قرب السيارة ((حسنا ، هيا بنا الآن إلى قسم الشرطة ، لا تمانع طلبي هذا ..أليس كذلك؟ )) و لم يعن بسؤاله التخيير و إنما كان لصوته نبرة من يريد التبكير في الذهاب ..
نادر : هل هناك ما يمنع أن تذهب بسيارة الشرطة؟
ماجد: ماذا تقول ؟!
نادر : لم أقصد ..و تلعثم قائلا ((يبدو أنني أصبحت في الفترة الأخيرة منهكا)).
قال ماجد بتهكم و قد لاحظ زلة لسانه ((باستطاعتك أن تحصل على المال مقدما ..فهذا وقت عملك)).
العسكري :أتبعانا ..أسرعا ..
بعد وقت قصير قال ماجد : لا بأس بك كسائق يعمل لزيادة دخله المادي ، لقد وصلنا إلى وجهتنا هاك الأجرة .
نادر:أرجوك عمي لا تسخر مني .
ماجد: ما أشد غبائي ..لقد خلطت بين ردة فعلك الفجائية و بين التزامك الشديد بعملك ..إنني مرتبك قليلا فقد طلبت للإدلاء بأقوالي ..و لا أعرف الأسئلة التي سيوجهونها إلي ..
نادر: لا تنزعج ..ستلقى عليك بعض الأسئلة ثم تروي لهم ما تعرف من معلومات ..
ماجد : ترى من الذي دبر لتلك الجريمة الشنعاء؟
نادر : لا أستطيع أن أجزم ..ربما كانت بدافع الإنتقام أو الطمع ..و لكن من المؤكد أن الشرطة ستمسك بالجاني ..
ماجد: نعم ، ربما يجب أن نكتفي بالحديث عن هذه الجريمة لأن بدني يقشعر هلعا من بشاعتها ..
كان لون طلاء جدران الردهة التي قادهم إليها العسكري قد أزيل بفعل الرطوبة ..ثم أمرهم بالجلوس ..
في ذات الوقت كانت نجلاء جالسة أمام السيد إبراهيم للإستجواب ..
إبراهيم : أين كنت وقت وقوع الجريمة؟
نجلاء :في بيت أسرتي .
إبراهيم : ما هو رقم هاتفك؟
نجلاء: رقمي هو 516....
إبراهيم : هل تملكين هاتفا آخر؟
نجلاء : لا يا سيدي.
إبراهيم : هل كان معك أحد في تلك الليلة ليشهد بما أقررت به ..
نجلاء : نعم سيدي ..كل أسرتي كما أن أبي سهر معنا في تلك الليلة نتجاذب أطراف الحديث و نسترجع الذكريات..
إبراهيم : و ماذا حدث بعد ذلك؟
نجلاء : نعمنا بنوم هادئ مثل ليلة في النعيم ..و في الصباح سمعنا بخبر مقتل سليمان ..
إبراهيم : شكرا لك آنسة نجلاء ، و أخيرا قرر بإخلاء سبيلها لعدم وجود أدلة كافية توضح ما إذا كانت المذنبة أو لا ..
و عندما هم نادر لمرافقة ماجد إلى باب غرفة السيد إبراهيم تناهى إلى سمعه وقع خطوات من وراء الباب المغلق ، و إن هي إلا لحظات حتى تحرك الباب و فتح ليستقر بصره على وجه نجلاء ، و التي بدت على ملامحها الذهول ..
نجلاء : ماذا تفعل هنا يا أخي ؟
فتراجع نادر خطوة عاجزا عن النطق!
ناديه محمد الجابي
06-01-2016, 09:08 PM
أين بقية القصة ....
أنت تتلاعبين بأعصابنا
لا تكوني كسولة وأكملي قصتك
وساكون على أنتظار ...:007::006:
مصطفى الصالح
07-01-2016, 09:27 AM
..
أتابع باهتمام
جميلة وأنيقة
دمت والابداع
تقديري
سحر أحمد سمير
07-01-2016, 11:55 AM
أين بقية القصة ....
أنت تتلاعبين بأعصابنا
لا تكوني كسولة وأكملي قصتك
وساكون على أنتظار ...:007::006:
بــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ غاليتي ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــأمرك . .أعدك ..و لن أتلاعب بأعصابك أبدا ..إنما هي ظروف تجبرني على الإنقطاع ..
كوني دائما بخير عزيزتي..:0014:
سحر أحمد سمير
07-01-2016, 11:58 AM
..
أتابع باهتمام
جميلة وأنيقة
دمت والابداع
تقديري
تسعدني متابعتك أستاذي الفاضل مصطفى الصالح ..متمنية أن تنال الرواية استحسانك ..
دمت بخير و عافية .
ناديه محمد الجابي
11-12-2022, 05:39 PM
يؤلمني عزيزتي سحر أن تتركي هذه القصة الرائعة البناء والتشويق بدون بقية
فهل أطمع أن أراك تكمليها ؟؟؟
أتمنى ذلك ـ ولك كل تحياتي وودي.
:002::004::003:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir