تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : طفولتي



تيسير الغصين
29-06-2015, 03:29 PM
قصة قصيرة
بقلم:
الكاتب القاص/ تيسير الغصين

طفولتي

انتفض جسدي الصغير فجأة، واعتراني حياءٌ شديدٌ، لم أعد أدري إن كان لابد لي أن استجيب لطلب مدرس الحساب بخلع معطفي الثقيل، أم كان عليَّ تجاهله ؟!.. افتقدت الشجاعة اللازمة لرفض طلبه، و في الوقت نفسه لا أستطيع خلعَ معطفي، الأمرُ يسترعي العجب، لا أحد يرتدي معطفًا ثقيلاً في عز الصيف !
- هيا يا سمير اخلعه.. سيساعدك ذلك على فهم الحساب. (قال المدرس)
.. كم أكره معلم الحساب هذا !!.. ما دخل الحساب في ما أرتدي من ثياب ؟! ليته يكف عن مُلاحَقتي، ليته يتركني وشأني .. ماذا أفعل الآن؟! هو لا يفارق مكانه إلى جواري، ويُصِرُّ على خلع معطفي!! سيكون وضعي حَرِجًا جدًا أمام زملائي التلاميذ !!
تساقطتْ قطراتُ العرقِ مُبللة جبهتي، وراحت العيونُ تُلاحقني مُتفرّسة، تُوشِكُ أن تنقضَّ عليَّ دفعة واحدة ..
- اخلع معطفك .. اخلعه .. لا تتردد ..
.. ليتَ الجرسَ ينقذني من ورطتي .. مازال في الوقتِ متسعٌ، وهذا المعلمُ يتسمرُ بالقربِ مني مُصّراً على طلبه!
امتدت يداه الغليظتان نحوي كوحش مفترس .. انتزع المعطف بقسوة؛ فوقفتُ مرتبكاً كريشةٍ في مهبِ الريح، نقّلْتُ نظري أطالعُ الوجوهَ حولي ببطء لعلي أقرأ في عيونِهم ما انطبع في أذهانهم عني بعدما بدا قميصي المهترئ بكل تفاصيله أمامهم!!

ربيحة الرفاعي
09-07-2015, 02:59 AM
نصّ قصّي متقن الحبك برؤية عميقة وسرد شائق وتدرج انفعالي في الصراع الداخلى واكب التنامي الحدثي باتجاه القفلة الموجعة بانتزاع المعطف وكشف القميص المهترئ
الجملة "سيكون وضعي حَرِجًا جدًا أمام زملائي التلاميذ !! " كانت في موقعها من النص كاشفة للقفلة إلى حدّ ما، بتوجيهها القارئ لتخمين الحائل لدى الفتى دون خلع معطفه، وما كان غيابها ليشكل نقصا في النص بظني..

جميل ما قرأت أديبنا
تحاياي

كاملة بدارنه
10-07-2015, 02:15 AM
ما كان من حقّ المدرّس أن يفعل ما فعل!
أحيانا بعض التّصرّفات تترك أثرا سلبيّا على النّفسيّة لأمد بعيد
قصّة مؤثّرة وهادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

تيسير الغصين
11-07-2015, 12:24 PM
نصّ قصّي متقن الحبك برؤية عميقة وسرد شائق وتدرج انفعالي في الصراع الداخلى واكب التنامي الحدثي باتجاه القفلة الموجعة بانتزاع المعطف وكشف القميص المهترئ
الجملة "سيكون وضعي حَرِجًا جدًا أمام زملائي التلاميذ !! " كانت في موقعها من النص كاشفة للقفلة إلى حدّ ما، بتوجيهها القارئ لتخمين الحائل لدى الفتى دون خلع معطفه، وما كان غيابها ليشكل نقصا في النص بظني..

جميل ما قرأت أديبنا
تحاياي

سررت كثيرًا بقراءتكِ النقدية التحليلية الواعية وسبر أعماق النص.

أعجبني ذكاءك في انتقائك مفرداتكِ بعدم أهمية وجود جملة "سيكون وضعي حرجًا جدًا أمام زملائي التلاميذ!!"
أرى أنكِ مُحِقَة في رؤيتك، وسأحذف الجملة من نصي المحتفظ به ضمن محفوظاتي.
أشكركِ، كل التحية والتقدير لكِ ولنبض قلمك أستاذتي ربيحة الرفاعيي.

تيسير الغصين
11-07-2015, 12:30 PM
ما كان من حقّ المدرّس أن يفعل ما فعل!
أحيانا بعض التّصرّفات تترك أثرا سلبيّا على النّفسيّة لأمد بعيد
قصّة مؤثّرة وهادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

صدقتِ أستاذة كاملة بدارنة أحيانًا يُسيء المدرس التصرف دون أن يعلم مدى الآثار السلبية التي تبقى جرحًا غائرًا في نفسية الطفل وقد تلازمه تلك الآثار حتى في شبابه وشيبه!
لكِ شكري وتقديري.

ثناء صالح
23-08-2015, 10:13 AM
قصة قصيرة
بقلم:
الكاتب القاص/ تيسير الغصين

طفولتي

انتفض جسدي الصغير فجأة، واعتراني حياءٌ شديدٌ، لم أعد أدري إن كان لابد لي أن استجيب لطلب مدرس الحساب بخلع معطفي الثقيل، أم كان عليَّ تجاهله ؟!.. افتقدت الشجاعة اللازمة لرفض طلبه، و في الوقت نفسه لا أستطيع خلعَ معطفي، الأمرُ يسترعي العجب، لا أحد يرتدي معطفًا ثقيلاً في عز الصيف !
- هيا يا سمير اخلعه.. سيساعدك ذلك على فهم الحساب. (قال المدرس)
.. كم أكره معلم الحساب هذا !!.. ما دخل الحساب في ما أرتدي من ثياب ؟! ليته يكف عن مُلاحَقتي، ليته يتركني وشأني .. ماذا أفعل الآن؟! هو لا يفارق مكانه إلى جواري، ويُصِرُّ على خلع معطفي!! سيكون وضعي حَرِجًا جدًا أمام زملائي التلاميذ !!
تساقطتْ قطراتُ العرقِ مُبللة جبهتي، وراحت العيونُ تُلاحقني مُتفرّسة، تُوشِكُ أن تنقضَّ عليَّ دفعة واحدة ..
- اخلع معطفك .. اخلعه .. لا تتردد ..
.. ليتَ الجرسَ ينقذني من ورطتي .. مازال في الوقتِ متسعٌ، وهذا المعلمُ يتسمرُ بالقربِ مني مُصّراً على طلبه!
امتدت يداه الغليظتان نحوي كوحش مفترس .. انتزع المعطف بقسوة؛ فوقفتُ مرتبكاً كريشةٍ في مهبِ الريح، نقّلْتُ نظري أطالعُ الوجوهَ حولي ببطء لعلي أقرأ في عيونِهم ما انطبع في أذهانهم عني بعدما بدا قميصي المهترئ بكل تفاصيله أمامهم!!




السلام عليكم
لافت للنظر عنوان القصة الذي يشير قبل البدء بقراءتها إلى أن الكاتب سيتحدث عن بعض طفولته . فما خجل منه الطفل وغطاه بمعطفه الشتوي يكشفه الآن الرجل ، ويكشف معه المشاعر التي اختزنتها الذاكرة ، لتكون اليوم دليلا على قسوة الفقر وقسوة آثاره ، في مجتمع طبقي يخشى فيه أحد الأطفال نظرة زملائه الصغار الذين يشاركونه مدرسته نفسها . فمن هنا تبدأ التنشئة الطبقية . من مقعد الدراسة . يبدأ الفقير بتخزين مشاعر الألم والإحراج، ويبدأ الغني بمحاولة تقييم الآخرين تقييماً مادياً ، ولأن الصغير لا يملك قوة الوعي ليجابه بها من يقيّمه على أساس ثيابه ، فإنه يشعر بالإحراج ، ويقوم هو الآخر بتقييم معلمه تقييماً خاطئاً . فالمعلم أصبح وحشاً لا يمكن رده ..والطفل فريسة الوحش( الذي يرغب بفضحه ) ، ويداه ( غليظتان )، لا فريسة الفقر .
القصة بعد هذا ناجحة فنياً ، بما امتلكته من عنصر التشويق ، وبدقة السرد الذي وصف به الكاتب التيار الشعوري لطفل محرَج ، وكيف يمكن له أن يفكر أو يشعر .
وأجمل ما في الخاتمة ذلك الهبوط المعنوي للطفل والذي وقف عنده الكاتب ولم يعلق عليه بوصف إضافي لمشاعر الطفل أو ردود أفعال زملائه ومعلمه . فالهبوط المعنوي ختم القصة بهبوط معنوي عند القارئ أيضاً ، وذلك أبلغ في إيصال المغزى الداخلي من وراء حدث القصة .
تحية للأستاذ تيسير غصن

ناظم العربي
23-08-2015, 06:31 PM
نص رائع
تنامي الاحداث بطريقة هادئة غير منفعلة
المعالجة النفسية التي واكبت الحدث
المشهد مرئي انتقل لنا بصورة مؤثرة
ورغم أن النهاية كانت مكشوفة
غير أن لمشهد القميص المهترئ أثر بالغ حقق المراد من خاتمة تصتع الدهشة
تقديري لك أخي تيسير

ناديه محمد الجابي
24-08-2015, 09:49 AM
يسرق الفقر براءة الطفولة فيصبحوا كبارا في مجابهتهم لمواقف صعبة
يسرق بسماتهم ويزرع مكانها معالم البؤس والشقاء
سرد قصي رائع وشائق، ومشهد إنساني عميق بفكرته ومضمونه
ووصف دقيق بليغ جعل المتلقي يتفاعل مع الحدث ويتاثر به
جميل قصك، وبديع تصويرك
أسجل إعجابي العميق بقلمك. :001:

تيسير الغصين
24-08-2015, 10:38 PM
السلام عليكم
لافت للنظر عنوان القصة الذي يشير قبل البدء بقراءتها إلى أن الكاتب سيتحدث عن بعض طفولته . فما خجل منه الطفل وغطاه بمعطفه الشتوي يكشفه الآن الرجل ، ويكشف معه المشاعر التي اختزنتها الذاكرة ، لتكون اليوم دليلا على قسوة الفقر وقسوة آثاره ، في مجتمع طبقي يخشى فيه أحد الأطفال نظرة زملائه الصغار الذين يشاركونه مدرسته نفسها . فمن هنا تبدأ التنشئة الطبقية . من مقعد الدراسة . يبدأ الفقير بتخزين مشاعر الألم والإحراج، ويبدأ الغني بمحاولة تقييم الآخرين تقييماً مادياً ، ولأن الصغير لا يملك قوة الوعي ليجابه بها من يقيّمه على أساس ثيابه ، فإنه يشعر بالإحراج ، ويقوم هو الآخر بتقييم معلمه تقييماً خاطئاً . فالمعلم أصبح وحشاً لا يمكن رده ..والطفل فريسة الوحش( الذي يرغب بفضحه ) ، ويداه ( غليظتان )، لا فريسة الفقر .
القصة بعد هذا ناجحة فنياً ، بما امتلكته من عنصر التشويق ، وبدقة السرد الذي وصف به الكاتب التيار الشعوري لطفل محرَج ، وكيف يمكن له أن يفكر أو يشعر .
وأجمل ما في الخاتمة ذلك الهبوط المعنوي للطفل والذي وقف عنده الكاتب ولم يعلق عليه بوصف إضافي لمشاعر الطفل أو ردود أفعال زملائه ومعلمه . فالهبوط المعنوي ختم القصة بهبوط معنوي عند القارئ أيضاً ، وذلك أبلغ في إيصال المغزى الداخلي من وراء حدث القصة .
تحية للأستاذ تيسير غصن


قد لا مستْ قطرات مدادك معاني نبضات بوحي في سطوره القاتمة!!
لا أجد من كلمات الشكر ما يليق بشذى قراءتك التحليلية الصادقة.
تحياتي واحترامي لكل حرفٍ من حروفك.

تيسير الغصين
24-08-2015, 10:51 PM
نص رائع
تنامي الاحداث بطريقة هادئة غير منفعلة
المعالجة النفسية التي واكبت الحدث
المشهد مرئي انتقل لنا بصورة مؤثرة
ورغم أن النهاية كانت مكشوفة
غير أن لمشهد القميص المهترئ أثر بالغ حقق المراد من خاتمة تصتع الدهشة
تقديري لك أخي تيسير

رائع أستاذ ناظم العربي، رؤية نقدية صادقة وتحليل بارع
تحياتي لمرورك
وشكري لتعليقك المميز.

تيسير الغصين
24-08-2015, 10:56 PM
يسرق الفقر براءة الطفولة فيصبحوا كبارا في مجابهتهم لمواقف صعبة
يسرق بسماتهم ويزرع مكانها معالم البؤس والشقاء
سرد قصي رائع وشائق، ومشهد إنساني عميق بفكرته ومضمونه
ووصف دقيق بليغ جعل المتلقي يتفاعل مع الحدث ويتاثر به
جميل قصك، وبديع تصويرك
أسجل إعجابي العميق بقلمك. :001:

وأنا أسجل إعجابي بكلماتكِ ورؤيتك لنصي بهذه العين الفاحصة وهذه الذائقة الأدبية المرهفة
كل التحية لنبض قلمك أستاذة نادية

تيسير الغصين
24-08-2015, 11:04 PM
يسرق الفقر براءة الطفولة فيصبحوا كبارا في مجابهتهم لمواقف صعبة
يسرق بسماتهم ويزرع مكانها معالم البؤس والشقاء
سرد قصي رائع وشائق، ومشهد إنساني عميق بفكرته ومضمونه
ووصف دقيق بليغ جعل المتلقي يتفاعل مع الحدث ويتاثر به
جميل قصك، وبديع تصويرك
أسجل إعجابي العميق بقلمك. :001:

قراءة ساحرة وفهم عميق لمعاني كلماتي

زدت جمال قصتي بجمال نقدك اللافت

شكري وتقديري لعبق كلماتكِ أستاذة نادية

آمال المصري
26-09-2015, 05:37 PM
هتك المدرس ما حاول الطفل ستره من معالم الفقر وجعل نظرات قرنائه تنهش ما يخفيه هذا الساتر الشتوي رغم الطقس الصيفي
نقلها لنا أديبنا الفاضل من خلال تصوير سردي ناطق اختزل المأساة وعايشنا مع بطلها نبغض معلمه وفعلته ونربت على روح هذا الطفل تعاطفا
قرأت هنا واستمتعت بنص قصصي مكتمل الأركان قوي البيان والبنيان مباغت الخاتمة
شكرا لك
تحاياي

خلود محمد جمعة
28-09-2015, 05:39 PM
تنقش بعض المواقف في ذاكرة الطفل حين تفرحه جدا وحين تحزنه جدا
وكم من الأطفال يفقدون طفولتهم عند اعتاب جاهل او ظالم
وكم من المحزن حين تتفتح أبواب الذاكرة على مشهد كلما حاولنا نسيانه وضحت صورته اكثر
لو يدرك البعض ان الطفولة تغفو لتستيقظ لاحقا ترسم مستقبلنا بريشتها الملونة او الأبيض والأسود
قصة معبرة بجمال بسرد ماتع وفكرة نبيلة
بوركت وكل التقدير

تيسير الغصين
05-10-2015, 07:39 PM
هتك المدرس ما حاول الطفل ستره من معالم الفقر وجعل نظرات قرنائه تنهش ما يخفيه هذا الساتر الشتوي رغم الطقس الصيفي
نقلها لنا أديبنا الفاضل من خلال تصوير سردي ناطق اختزل المأساة وعايشنا مع بطلها نبغض معلمه وفعلته ونربت على روح هذا الطفل تعاطفا
قرأت هنا واستمتعت بنص قصصي مكتمل الأركان قوي البيان والبنيان مباغت الخاتمة
شكرا لك
تحاياي

"نربت على روح هذا الطفل تعاطفا"
تعليق رائع أستاذة آمال ورؤية صائبة، أنتِ استمتعتِ بنص مكتمل البيان والبنيان، وأنا استمتعت بقراءة واعية عذبة الكلمات.
أشكركِ وتحياتي لنبض قلمكِ.

تيسير الغصين
05-10-2015, 07:47 PM
تنقش بعض المواقف في ذاكرة الطفل حين تفرحه جدا وحين تحزنه جدا
وكم من الأطفال يفقدون طفولتهم عند اعتاب جاهل او ظالم
وكم من المحزن حين تتفتح أبواب الذاكرة على مشهد كلما حاولنا نسيانه وضحت صورته اكثر
لو يدرك البعض ان الطفولة تغفو لتستيقظ لاحقا ترسم مستقبلنا بريشتها الملونة او الأبيض والأسود
قصة معبرة بجمال بسرد ماتع وفكرة نبيلة
بوركت وكل التقدير

قصيدة شعرٍ انتقيتِ كلماتها بعناية فائقة كان تعليقكِ أستاذة خلود جمعة، حقيقة توقفتُ عند كل لفظة أتيتِ بها لروعتها!!
"كم من الأطفال يفقدون طفولتهم عند أعتاب جاهل أو ظالم"
"لو يدرك البعض ان الطفولة تغفو لتستيقظ لاحقا .."
أضفت لجمال نصي مزيد جمال.
تحياتي