المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سُقُوطٌ



ربيحة الرفاعي
09-08-2015, 11:53 PM
سُقوطْ

كَلِيمَةً تَابَعَتْهَا، بِعَينَينِ عَجَزَت عَنِ التِقَاطِ مَا نَثَرَتَا مِن يَاقُوتِ حِسِّهَا الذَّبِيحِ، يَنثَالُ بِلَّورًا عَلَى انشِقَاقِ البَدرِ، تَحزُّ رُوحَها ابْتِسَامَتُهَا اللعُوبُ السَّاحِرَةُ، وَيوهِي نَبَضَها صَوتُهَا الضَّاحِكُ الحَبِيبُ يُغَرِّدُ مُمُزِّقًا جنَانَهَا وَقَد كَانَ يُنعِشُ بِعُذُوبَتِهِ وِجدَانَها :
- مِثلِي لَا تُخْطِئُ القِرَاءَة أَيَّتُهَا البَرِيئَةُ.. خُذِيهِ إِنْ شِئْتِ وَلا تُذْهِبي نَفْسَكَ بِالمُكَابَرَةِ حَسْرَةً، فَهُوَ مُجَرَّدُ ابتِسَامَةِ نِفاقٍ أُخرَى، وَكُلُّ الأَفْوَاهِ حَولَنا تَبْتَسِمُ تَوَدُّدًا وتَذَلُّلا للثِّمَارِ الجَرِيئَةِ...
وَصَهَلَت ضحكَتُهَا كَانفِلاتِ قَبِيلَةٍ مِنَ الكَنَارِ فِي أَيكَةٍ أَطَلَّ عَلَيهَا وَجهُ النَّهَارِ، بَينَمَا هِيَ تَمُدُّ إلَيهَا بِتَسجِيلاتِ حِوَارَاتِهِمَا، تَنْسَلُّ تَلْمِيحَاتُهُ فِيهَا كَالأَفَاعِي مُتَوالِيَةً مِلحَاحًا ، تُلاقِي مِنهَا مَا يَمِيسُ بَينَ صَدٍّ وَرَدٍّ، فَتَرتَدُّ بُرهَةً لِتُعَاوِدَ الغَزْوَ وَتَتَمَادَى وَتَشْتَدُّ.
وَدَّت أَنَّ لَهَا صَدَفَةً تُغلِقُهَا عَلَيهَا لِتَنْطَفِئَ فِيهَا بِهُدُوءٍ، فَخَذَلَتهَا قُشُورُ القُوَّةِ الّتِي اعْتَادَت أَنْ تُوَارِيَ وَرَاءَهَا نَزِيفَ قَلبِهَا كُلَّمَا أَدمَاهُ سَهمُ غَدْرٍ يَتَنَصَّلُ مِنهُ كَسَاحِرٍ، وَغَارِقَةً بَينَ أَموَاجٍ تَتَقَاذَفُهَا نَحوَ الجَحِيمِ، فِي كَابُوسِهَا المُرِيعِ ذَاكَ تَمتَمتْ .. هَذا حُلُمٌ مَجْنُونٌ، إنه.. ، لكِنّ سِيَاطَ الحَقِيقَةِ لَسَعَتها، وَجَافَتْها الكلِماتِ وخَذَلَتْها، فابْتَلَعَتِ الحُرُوفَ انكِسَارًا، وَأَسبَلَتْ جُفُونَ الخِزْيِ ذلّةً وعَارًا، يُعْجِزُها عَنِ البَوْحِ ارتِبَاطٌ سَائِبُ الغَدِ، تَعَاهَدَا عَلَى كِتمَانِهِ لِحِين الانْتِصَارِ عَلَى وَاقِعٍ مُعَاقٍ.
شَدَّت قَامَتَهَا تُقَاوِمُ انْهِمارَ دُموعِهَا و تَتَحَدَّى انهِيارَ رُوحِهَا بِسُقُوطِ قِنَاعِ الليثِ عَن وَجهِهِ، ومُناشِدَةً صَاحِبَتَها أَن تَحْتَرِسَ مِن أشْرَاكِ الثَّعَالِبِ، استَدَارَتْ تَلْتَمِسُ وَثِيقَةَ وعَدِهِما لِتُمَزِّقَهَا.

عبد الله راتب نفاخ
10-08-2015, 02:07 PM
قوية غنية
مملوءة خيالاً يقارب السريالية
أتحفتنا أستاذتي

كاملة بدارنه
11-08-2015, 04:34 PM
الله الله ...
تنسجين الجمال محبوكا بالفلسفة الحياتيّة، وتعرضين الأحداث على شاشة الإبداع مرصّعة بروعة الصّور، وبلاغة الألفاظ، وعمق المعاني...
شكرا لحرف يروي عطش الذّائقة شعرا وقصّا!
بوركت شاعرتنا وأديبتنا المميّزة الأخت ربيحة
تقديري وتحيّتي

حاج صحراوي العربي
12-08-2015, 11:08 PM
تَعَاهَدَا عَلَى كِتمَانِهِ لِحِين الانْتِصَارِ عَلَى وَاقِعٍ مُعَاقٍ. الأصح /// تَعَاهَدَا عَلَى كِتمَانِهِ الى حِين الانْتِصَارِ عَلَى وَاقِعٍ مُعَاقٍ. // فالتعدية هنا تكون ب - الى - لا اللام - لـ -
هنا نلاحظ أن الكاتبة أسيرة اللغة ، و خائفة جدا من هذا الجانب ، و وقعت في ما وقع فيه الكثير من كتابنا سابقا ..حيث راحوا يهتمون بجانب الألفاظ الفخمة و الصعبة ، و الأساليب المنحوتة و المسطرة تسطيرا ، و لم يهتموا بالجانب الابداعي في اللغة و الصور الأدبية الحركة ، و الايقاع اللغوي الجذاب ، ..و كلما اهتم الكاتب بالجانب التقليدي في اللغة أهمل الجانب الفكري ، و المعالجة لما يريد أن يقول ... كاتبتنا هنا أدعوها الى اعطاء نفسها حرية حتى تدخل عالم الابداع ، و التجديد ، و الاهتمام بالأهم ، و ترك الشكليات التي تجاوزها الزمن .

عبد السلام دغمش
13-08-2015, 02:06 AM
سُقوطْ

كَلِيمَةً تَابَعَتْهَا، بِعَينَينِ عَجَزَت عَنِ التِقَاطِ مَا نَثَرَتَا مِن يَاقُوتِ حِسِّهَا الذَّبِيحِ، يَنثَالُ بِلَّورًا عَلَى انشِقَاقِ البَدرِ، تَحزُّ رُوحَها ابْتِسَامَتُهَا اللعُوبُ السَّاحِرَةُ، وَيوهِي نَبَضَها صَوتُهَا الضَّاحِكُ الحَبِيبُ يُغَرِّدُ مُمُزِّقًا جنَانَهَا وَقَد كَانَ يُنعِشُ بِعُذُوبَتِهِ وِجدَانَها :
- مِثلِي لَا تُخْطِئُ القِرَاءَة أَيَّتُهَا البَرِيئَةُ.. خُذِيهِ إِنْ شِئْتِ وَلا تُذْهِبي نَفْسَكَ بِالمُكَابَرَةِ حَسْرَةً، فَهُوَ مُجَرَّدُ ابتِسَامَةِ نِفاقٍ أُخرَى، وَكُلُّ الأَفْوَاهِ حَولَنا تَبْتَسِمُ تَوَدُّدًا وتَذَلُّلا للثِّمَارِ الجَرِيئَةِ...
وَصَهَلَت ضحكَتُهَا كَانفِلاتِ قَبِيلَةٍ مِنَ الكَنَارِ فِي أَيكَةٍ أَطَلَّ عَلَيهَا وَجهُ النَّهَارِ، بَينَمَا هِيَ تَمُدُّ إلَيهَا بِتَسجِيلاتِ حِوَارَاتِهِمَا، تَنْسَلُّ تَلْمِيحَاتُهُ فِيهَا كَالأَفَاعِي مُتَوالِيَةً مِلحَاحًا ، تُلاقِي مِنهَا مَا يَمِيسُ بَينَ صَدٍّ وَرَدٍّ، فَتَرتَدُّ بُرهَةً لِتُعَاوِدَ الغَزْوَ وَتَتَمَادَى وَتَشْتَدُّ.
وَدَّت أَنَّ لَهَا صَدَفَةً تُغلِقُهَا عَلَيهَا لِتَنْطَفِئَ فِيهَا بِهُدُوءٍ، فَخَذَلَتهَا قُشُورُ القُوَّةِ الّتِي اعْتَادَت أَنْ تُوَارِيَ وَرَاءَهَا نَزِيفَ قَلبِهَا كُلَّمَا أَدمَاهُ سَهمُ غَدْرٍ يَتَنَصَّلُ مِنهُ كَسَاحِرٍ، وَغَارِقَةً بَينَ أَموَاجٍ تَتَقَاذَفُهَا نَحوَ الجَحِيمِ، فِي كَابُوسِهَا المُرِيعِ ذَاكَ تَمتَمتْ .. هَذا حُلُمٌ مَجْنُونٌ، إنه.. ، لكِنّ سِيَاطَ الحَقِيقَةِ لَسَعَتها، وَجَافَتْها الكلِماتِ وخَذَلَتْها، فابْتَلَعَتِ الحُرُوفَ انكِسَارًا، وَأَسبَلَتْ جُفُونَ الخِزْيِ ذلّةً وعَارًا، يُعْجِزُها عَنِ البَوْحِ ارتِبَاطٌ سَائِبُ الغَدِ، تَعَاهَدَا عَلَى كِتمَانِهِ لِحِين الانْتِصَارِ عَلَى وَاقِعٍ مُعَاقٍ.
شَدَّت قَامَتَهَا تُقَاوِمُ انْهِمارَ دُموعِهَا و تَتَحَدَّى انهِيارَ رُوحِهَا بِسُقُوطِ قِنَاعِ الليثِ عَن وَجهِهِ، ومُناشِدَةً صَاحِبَتَها أَن تَحْتَرِسَ مِن أشْرَاكِ الثَّعَالِبِ، استَدَارَتْ تَلْتَمِسُ وَثِيقَةَ وعَدِهِما لِتُمَزِّقَهَا.


نصّ مكثف غنيّ بدلالاته .. ويحمل طابعاً اجتماعياً..
قد تنصب الثعالب أشراكها .. لكن صاحب الخطوة أحرى بأن ينظر قبل أن يضع قدميه في الشرك .. ثم يوجعه ألم القيد و ندم الاستعجال ..

"وَدَّت أَنَّ لَهَا صَدَفَةً تُغلِقُهَا عَلَيهَا لِتَنْطَفِئَ فِيهَا بِهُدُوءٍ، فَخَذَلَتهَا قُشُورُ القُوَّةِ الّتِي اعْتَادَت أَنْ تُوَارِيَ وَرَاءَهَا نَزِيفَ قَلبِهَا كُلَّمَا أَدمَاهُ سَهمُ غَدْرٍ يَتَنَصَّلُ مِنهُ كَسَاحِرٍ، وَغَارِقَةً بَينَ أَموَاجٍ تَتَقَاذَفُهَا نَحوَ الجَحِيمِ، فِي كَابُوسِهَا المُرِيعِ ذَاكَ تَمتَمتْ .. هَذا حُلُمٌ مَجْنُونٌ، إنه.. ، لكِنّ سِيَاطَ الحَقِيقَةِ لَسَعَتها، وَجَافَتْها الكلِماتِ وخَذَلَتْها، فابْتَلَعَتِ الحُرُوفَ انكِسَارًا، وَأَسبَلَتْ جُفُونَ الخِزْيِ ذلّةً وعَارًا، .."

هنا تميّز في النص.. وإبداع لغوي تجلى بين الصورة التمثيلية وما حملته الصورة من دلالات.. ندم بطلة القصة يجعلها تسعى لتغلق عليها عالمها ..لكن الواقع كان أكثر مرارة وقد كان ما كان..
الأديبة ربيحة الرفاعي ..تحياتي وتقديري للعمل المتميز.

نداء غريب صبري
13-09-2015, 03:00 PM
قصة الخيانة المستمرة
لكنها ليست هي المحور الرئيس اليوم، بل حماقة من يقنع نفسه بالأوهام
من أين تأتين بهذه الصور أستاذتي

أمتعتني قراءتها

شكرا لك
بوركت

وفاء الحسني
14-09-2015, 10:56 PM
النص نخبوي عميق وجميل

لغة شاعرية بتقنية عالية

بصمة الشاعرة واضحة

المتلقي العادي سيرهقه الصعود جدا للنص


دمت مبدعة

تقديري

مصطفى سالم سعد
14-09-2015, 11:20 PM
كان سقوطا مروعا أستاذتي ربيحة الرفاعي
ربحت الأدب و كذا الفلسفة فكنت اسما على مسمى
عبارة جمعت بين جمال الصياغة وقوة المعنى و القدرة على الرمز لا اقدر أمامها الا ان اقول هنيئا و ربما حسدتك عليها

تيسير الغصين
16-09-2015, 07:50 PM
حقيقة نص من أروع ما قرأت
لغة ، صور، سرد ، معاني عميقة..
هنيئاً لنا بكاتبة مثلك أستاذتي ربيحة الرفاعي

محمد ذيب سليمان
17-09-2015, 12:30 PM
وتلبسين الحروف القوية ثيابا انيقة جميلة تناسب الحدث
لم يبق لي من جاء قبلي ما اقول سوى انك مدهشة
مودتي

سمر أحمد محمد
17-09-2015, 10:39 PM
ماشاء الله

قوة في اللغة وفي التصوير

سلمت يمنيك استاذتي

دمت بألق

ربيحة الرفاعي
01-11-2015, 01:10 AM
قوية غنية
مملوءة خيالاً يقارب السريالية
أتحفتنا أستاذتي
تغتني الحروف بحضور مثلك يوليها اهتمامه

دمت بروعتك بنيّ
تحاياي

خلود محمد جمعة
26-11-2015, 08:35 AM
ما بين الحلم والواقع
ما نسمع وما نريد ان نسمع
ما نقنع عينانا برؤيته
وما بين انياب الحقيقة ومخالب الغدر تمزقت الروح بصمت لتنزف حتى اخر نقطة من فجيعتها نصيحة لا تعلم اهي لصديقتها ام لنفسها
ومع تمزيق الورقة تكون قد انهت او بدأت حياة خرى
بلاغة بصور يرسمها الحرف بحرفية
قوة في المعنى تضرب في الصميم
ماذا اقول لأحرف تدهشنا في كل مرة
رائـــــــــــــــــــعة
كل التقدير

سامية الحربي
23-02-2016, 06:58 PM
ماذا يمكن أن يُعلّق المرء على باذخة لغوية تمطر أدبًا و فنًّا .دمتِ كروعة هذا النص.تحاياي.