تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بلا قلب



هشام النجار
22-08-2015, 09:40 AM
بلا قلب

يرى نفسه مختلفاً جاء من أجل التميز والمجد ، مليئ بالحيوية قوى الجسم مليح الوجه ، لا يراوغ لأنه يعرف هدفه جيداً ويسعى للوصول اليه بأقصر طريق وأسرع وقت .
عضلات جسده ألهمته الحلم ، ورأى المدرب فى عينيه ميداليات البطولة قبل أن تنغلق على حسرة الرفض بعد الكشف الطبى واكتشاف الفيروس الكبدى ، ويتراجع أمام ضربة أولى من مدينة مترعة بالأضواء والثروات دخلها غازياً .
يتطلع أن تنظر احداهن الى وسامته أو تلحظ قوة بنيانه ، تفتح الباب احدى الجميلات وتحمل عنه " الأوردر " وتعطيه بقشيشاً وتغلق الباب بقدمها بطريقة آلية وهى تدخن سيجارة وتحمل الهاتف بكتفها وصدغها .
كيف كان هذا التمثال قبل أن ينحت وكيف كان الميدان قبل أن يشيد وكيف كان الانسان قبل أن يولد ومم صنعت الأظافر وكيف ينزل المطر ومتى يحلق مع الطيور ويغطس مع السمك ، ومتى يقتنى موتوسيكلاً يفتتح به مدنه المغلقة ، يثنى على وجهه الهوليوودى قبعة رعاة البقر وتركع أمامه كل النساء ، تستهويه فلسفة الطفولة وهو غارق فى فشله ، توقظه يد من ظنه صديقاً ويتم الاتفاق سريعاً .
أنت لا تصلح الا للسينما ، مستقبلك هناك ، ستكون نجمها اللامع خلال سنوات قليلة ، ويدفع العربون ووعود بألا ينساه عندما يصل الى القمة ويذهب الى الموعد فتقتحم الشرطة المكان وتشحن النساء والفتيات فى " البوكس " بالملايات .
المدينة ساحرة شريرة جذابة مبهرة مليئة بالقاذورات والعروض المغوية ، وليس وحده من يعرض فى شوارعها وأزقتها بضاعته ، والنساء فاتنات واليوم يمضى كلمح البصر مليئ بالتفاصيل المشحونة بالصراعات ، ويحول دون أن تتمكن أيدى بعض المتسكعين من جسد فتاة بدت بريئة بملابسها الجريئة كجرأة المدينة على النوم وأولادها بلا طعام ومأوى ، وتبتسم له تشكره ويتبعها دون أن تشعر ويُفتح لها باب سيارة حمراء فارهة يجلس على كرسى قيادتها شاب تفوح من مظهره رائحة الدولار ، تهتز بالضحك والموسيقى وتندفع فى جنون تقتحم الملل وتوقظ الصمت تاركة وراءها زجاجات البيرة ورائحة الحشيش وشاباً لم تعد تستثيره قسوة المفارقات .
نفذت نقوده وعجز عن سداد ايجار اللوكاندة ، وفى ملهى رخيص يلمحه صديقه الذى يتعثر بعرجاته ويكشف نفسه أثناء محاولته الهرب ، وفى المواجهة بدا الاثنان مستسلمين ، غير قادرين على العراك ، وينزع عنه قميصه ليريه جسده المشتعل بالسياط وقدميه المشوهتين ويقص عليه كيف عذبه أحد منافسيه فى أحد الأحياء بمعاونة شلته وكيف تركوه عارياً وحده فى الصحراء .
يعودان الى مسكن الصديق شديد الفقر فى بناية آيلة للسقوط بحى شعبى ويعيشان معاً ، هذا يعطيه ما يمتلكه من طيبة قلب ومشاعر صادقة ، وذاك يعاونه على قضاء حوائجه بقوة بنيانه .
فى مظاهرة صاخبة بمظاهر التدين كان يحمل صديقه العاجز على كتفيه ، تصدح حنجرته بهتافات لا يفهمها داوم على حفظها لأيام ، وفى المساء يعودان بزجاجتى بيرة وعلبتى دخان وعشاء .
ينظر الى عجز صديقه ويفتح النافذة الضيقة على صخب المدينة وصراعاتها الدموية وتختنق الحجرة بالهتافات واللعائن والشتائم والدم واللحى والنساء المحجبات والسافرات والأعلام الحمراء والسوداء .. ويقتحم الزحام ، وعندما يعطيه الصيدلى ما طلبه من دواء ينظر اليه لدقائق ويرميه بكل مخزون الغضب ، ويغلق الباب من الداخل ويضربه بقسوة ويسرق النقود بالقوة ، ويسأله صديقه عن زجاجة الدواء فيلوح له بالمال .
فى السيارة كان يحكى لصديقه عن أحلامه القديمة التى سيحققها معه ، السيارات والثياب الفخمة والأضواء والشهرة والنساء والمتعة والشقة الفاخرة على شاطئ البحر والأطعمة التى سمع عنها ولم يتذوقها فى حياته .
لا تسأل من أين أتيت بالمال والى أين ، يكفينا أن نخرج من الجحيم والحرمان ونمتلك السعادة .
يجاهد صديقه لتصديق ما يحدث ويستجمع قواه ليطلق الضحكة ، يحكى له عن أبيه كيف قضى حياته يخدم أحد الأثرياء المشهورين ، وفى يوم موته لم يرسل برقية عزاء ، وخرجت الجنازة فى ليلة أطل فيها على الجمهور بكلام مزوق من احدى الفضائيات .
وعن أخيه الوسيم قوى البنية متوهج الطموح الذى انتهى الى بيع وادمان الخمور والمخدرات ، وعندما مات اجتهدوا فى ازالة رائحة وأثر الخمر والمخدرات من على جسده ويديه وفمه ، حتى فكر فى دفنه بقفاز وقناع .
يفتح باب السيارة ويحمل صديقه الى باص مدينة الحلم ، لكنه كان صامتاً بلا حراك ، بنطاله مبتل ورائحته كريهة .

كاملة بدارنه
22-08-2015, 07:41 PM
يا لقسوة الإنسان على أخيه الإنسان حين لا يضحك له الزّمان!
سرد واقعيّ جاذب، وقصّة محزنة بأحداثها ونهايتها
بوركت
تقديري وتحيّتي
( مليء، نفدت نقوده)

ناديه محمد الجابي
24-08-2015, 10:14 AM
سيرة ذاتية لإنسان.. غنية بالأحداث ، فقيرة من الحظ فمن تردي إلى تردي
رأى في نفسه أنه خلق من أجل التميز والمجد .. أغراه بذلك قوة الجسم وملاحة الوجه
وهوى حلم البطولة بعد اكتشاف المرض .. فكانت الضربةالأولى.
وكانت وسامته هى الباب الآخر الذي تمنى أن توصله إلى المجد والثروة
ولكن المدينة الساحرة الجذابة المبهرة شريرة مليئة بالقاذورات ـ تاتي على
ما بقى عنده من أمل وما يملك من نقود.
وينقذه عثوره على صديق يأويه في مسكنه شديد الفقر ليشاركه ما يملك بطيبة قلب ومشاعر صادقة
وليكون هو بقوة بنيانه الكتف التي تحمله والظهر الذي يحميه .
وتستمر الأحداث .. وتتعرض في عجالة لقضية هامة أثارت أنتباهي ( مظاهرة صاخبة بمظاهر التدين)
ليعودوا في المساء بزجاجات البيرة والدخان والعشاء والنساء ..
وتتوالى الأحداث في تتابع لتكون النهاية المؤلمة والمحزنة.
قص مشوق لقلم سامق ـ وأسلوب سردي مميز وآسر
لن تكون هذه هى المرة الأولى التى أسجل فيها إعجابي
شكرا لجميل ما نثرت من درر حرفك.

ربيحة الرفاعي
01-09-2015, 06:33 PM
أداء سردي متقن ومهارة توصيفية أنطقت المشهد ومنحته الحياة والحركة رغم كثرة التفاصيل وتوالي الأحداث الصغيرة المشكّلة للمشهد الكلّي
نص لافت بقضيته وطرحه وقوة فكرته

دمت بروعتك أديبنا

تحاياي

خلود محمد جمعة
04-09-2015, 10:40 PM
قصة جيل فقد ملامح الأمل في وطن فقد ملامح الوطن
طرح عميق وصور متقنة
احسنت
كل التقدير

هشام النجار
05-09-2015, 07:45 PM
يا لقسوة الإنسان على أخيه الإنسان حين لا يضحك له الزّمان!
سرد واقعيّ جاذب، وقصّة محزنة بأحداثها ونهايتها
بوركت
تقديري وتحيّتي
( مليء، نفدت نقوده)

شكرا جزيلا لحضورك وتوقيعك الثرى على قصتنا المتواضعة
خالص التحايا والتقدير والامتنان
واطيب الامنيات

آمال المصري
07-09-2015, 12:45 AM
تساقطت أمام ناظريه كل مقومات ظن أنها دافعة للوصول إلى هدافه تباعا ولم يتبق سوى طريق السقوط
الفقر والمرض والجهل آفات المجتمع التي تجلت هنا في النص فالبطل استعرض بعضلات جسده وملاحة وجهه وغاب عن الساحة استعراضه بفكره وذكاء عقله لذا كان السقوط في مستنقع الرذيلة سريعا
النص رائع فكرة وسردا متقنا وحبكة قوية وتصويرا ناطقا استمتعت بقراءته
شكرا لك أديبنا الفاضل هذا البهاء
تحاياي

هشام النجار
07-10-2015, 05:31 PM
سيرة ذاتية لإنسان.. غنية بالأحداث ، فقيرة من الحظ فمن تردي إلى تردي
رأى في نفسه أنه خلق من أجل التميز والمجد .. أغراه بذلك قوة الجسم وملاحة الوجه
وهوى حلم البطولة بعد اكتشاف المرض .. فكانت الضربةالأولى.
وكانت وسامته هى الباب الآخر الذي تمنى أن توصله إلى المجد والثروة
ولكن المدينة الساحرة الجذابة المبهرة شريرة مليئة بالقاذورات ـ تاتي على
ما بقى عنده من أمل وما يملك من نقود.
وينقذه عثوره على صديق يأويه في مسكنه شديد الفقر ليشاركه ما يملك بطيبة قلب ومشاعر صادقة
وليكون هو بقوة بنيانه الكتف التي تحمله والظهر الذي يحميه .
وتستمر الأحداث .. وتتعرض في عجالة لقضية هامة أثارت أنتباهي ( مظاهرة صاخبة بمظاهر التدين)
ليعودوا في المساء بزجاجات البيرة والدخان والعشاء والنساء ..
وتتوالى الأحداث في تتابع لتكون النهاية المؤلمة والمحزنة.
قص مشوق لقلم سامق ـ وأسلوب سردي مميز وآسر
لن تكون هذه هى المرة الأولى التى أسجل فيها إعجابي
شكرا لجميل ما نثرت من درر حرفك.

جزيل الشكر والامتنان والتقدير لأديبتنا المبدعة الأستاذة نادية الجابى .. اطلالة وقراءة مميزة كالعادة ، لا حرمنا الله منها .
تحياتى وأطيب أمنياتى .

هشام النجار
07-10-2015, 05:34 PM
أداء سردي متقن ومهارة توصيفية أنطقت المشهد ومنحته الحياة والحركة رغم كثرة التفاصيل وتوالي الأحداث الصغيرة المشكّلة للمشهد الكلّي
نص لافت بقضيته وطرحه وقوة فكرته

دمت بروعتك أديبنا

تحاياي

نفتخر بهذه الشهادة وهذا الوسام من أديبة ومبدعة قديرة .. شكراً جزيلاً أستاذتنا ودامت روعة حرفك وبهاؤه
تحياتى وتقديرى واعتزازى

هشام النجار
07-10-2015, 05:37 PM
قصة جيل فقد ملامح الأمل في وطن فقد ملامح الوطن
طرح عميق وصور متقنة
احسنت
كل التقدير

اختزال مميز ورائع للقصة والقضية برمتها أديبتنا المميزة الأستاذة خلود
شكرا لحضرتك على هذا الحضور الرائع والتوصيف البصير المتقن
تحياتى وخالص تقديرى وأطيب أمنياتى

هشام النجار
07-10-2015, 05:41 PM
تساقطت أمام ناظريه كل مقومات ظن أنها دافعة للوصول إلى هدافه تباعا ولم يتبق سوى طريق السقوط
الفقر والمرض والجهل آفات المجتمع التي تجلت هنا في النص فالبطل استعرض بعضلات جسده وملاحة وجهه وغاب عن الساحة استعراضه بفكره وذكاء عقله لذا كان السقوط في مستنقع الرذيلة سريعا
النص رائع فكرة وسردا متقنا وحبكة قوية وتصويرا ناطقا استمتعت بقراءته
شكرا لك أديبنا الفاضل هذا البهاء
تحاياي

الشكر لك أديبتنا الكبيرة المبدعة الأستاذة آمال .. شهادة نعتز بها لقصة تحرينا فيها الواقع والمصلحة وكشفنا فيها عن جانب من مأساة ومعاناة الشباب
تحياتى لحضرتك وخالص الود والاحترام