المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التناص



عبده فايز الزبيدي
03-09-2015, 07:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و صلى الله و سلم على رسوله و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد:
فلا يوجد مشتغل بالأدب ألا و يواجهه مصطلح التناص في الشعر و النثر ، و هذا البحث يعنى بهذه الظاهرة في محيط الشعر ،
فما هو التناص؟
التناص :
هو شكل من أشكال التفاعل الأدبي بين نصين نص سابق متقدم و نص لاحق متأخر و تختلف درجة التفاعل بين النصين فمنها ما يصل لدرجة السرقة الواضحة من النص السابق و منها ما يعتبر في سياق الاقتباس و التضمين المحدود و المحمود .
و يسبق عملية التناص عملية المثاقفة، و هي أن يطلع الشاعر على نص أو عدة نصوص سابقة عليه فيقرأها بتمعن و يستفيد منها في بناء نصه الجديد و هذا يحتاجه غالبا المبتدئ
و كان الشاعر العربي المتقدم ينصح طالب الشعر بحفظ شعر الشعراء المشهود لهم بالجودة و الإبداع ثم ينسج على منوال ما استعذب من نصوص ، و قد تجاوزت مسألة المثاقفة بين نص و شخص إلى مثاقفة بين لغتين و ثقافتين متباينتين ، كما حدث في زمن الترجمة في العصر العباسي و العصر الأندلسي ، و أشد و أخطر المثقافة التي تشهده أمتنا العربية ما نشهده اليوم بين اللسان العربي و اللسان الغربي و يا ليتها مثاقفة الأنداد بل مثاقفة أدبنا المهزوم لأدب الفرنجة المنتصر و تشفيف المغلوب ما عند الغالب.

و ألخص ما سبق في هذا السطر:
التناص علاقة تداخلية بين نص و نص يسبق أحدهما الآخر في الزمن، و يسبق مرحلة إنتاج النص المتناص مرحلةُ المثقافة والمثقافة نوعان:
مثاقفة فردية و مثاقفة أممية.

يتبع إن شاء الله تعالى

ثناء صالح
03-09-2015, 09:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله و صلى الله و سلم على رسوله و على آله و صحبه أجمعين ، أما بعد:
فلا يوجد مشتغل بالأدب ألا و يواجهه مصطلح التناص في الشعر و النثر ، و هذا البحث يعنى بهذه الظاهرة في محيط الشعر ،
فما هو التناص؟
التناص :
هو شكل من أشكال التفاعل الأدبي بين نصين نص سابق متقدم و نص لاحق متأخر و تختلف درجة التفاعل بين النصين فمنها ما يصل لدرجة السرقة الواضحة من النص السابق و منها ما يعتبر في سياق الاقتباس و التضمين المحدود و المحمود .
و يسبق عملية التناص عملية المثاقفة، و هي أن يطلع الشاعر على نص أو عدة نصوص سابقة عليه فيقرأها بتمعن و يستفيد منها في بناء نصه الجديد و هذا يحتاجه غالبا المبتدئ
و كان الشاعر العربي المتقدم ينصح طالب الشعر بحفظ شعر الشعراء المشهود لهم بالجودة و الإبداع ثم ينسج على منوال ما استعذب من نصوص ، و قد تجاوزت مسألة المثاقفة بين نص و شخص إلى مثاقفة بين لغتين و ثقافتين متباينتين ، كما حدث في زمن الترجمة في العصر العباسي و العصر الأندلسي ، و أشد و أخطر المثقافة التي تشهده أمتنا العربية ما نشهده اليوم بين اللسان العربي و اللسان الغربي و يا ليتها مثاقفة الأنداد بل مثاقفة أدبنا المهزوم لأدب الفرنجة المنتصر و تشفيف المغلوب ما عند الغالب.

و ألخص ما سبق في هذا السطر:
التناص علاقة تداخلية بين نص و نص يسبق أحدهما الآخر في الزمن، و يسبق مرحلة إنتاج النص المتناص مرحلةُ المثقافة والمثقافة نوعان:
مثاقفة فردية و مثاقفة أممية.

يتبع إن شاء الله تعالى


السلام عليكم
شكراً لك أستاذ عبده فايز الزبيدي ، وبارك الله في جهدك
لعل العبارة " التناص هو شكل من أشكال التفاعل الأدبي بين نصين نص سابق متقدم و نص لاحق متأخر و تختلف درجة التفاعل بين النصين" تساوي بين النصين من حيث التفاعل، فكأن التفاعل يتم بالاتجاهين ، وكأن كلا منهما يتفاعل مع الآخر ،إذ لا يكون التفاعل إلا مشتركاً بين عنصرين اثنين على الأقل . في حين أن الدقة تستوجب الانتباه إلى أن الفعل قد تم من قبل أحد العنصرين( وهو النص اللاحق فقط ) ، ، إذ لا يمكن أن يتفاعل النص السابق مع النص اللاحق. وكذلك فإن عملية "الإدخال" قد طرأت على النص اللاحق فقط، وهذا يجعل عبارة " علاقة تداخلية " غير دقيقة، إذ توحي بأن الإدخال قد طرأ على النصين معاً .
ويمكن نفي التفاعل المشترك والتداخل المشترك ، من الناحية الصرفية ، باستبدال الاسم " تفاعل" بالاسم تفعّل ، فالنص اللاحق تفعّل بذاته بتأثير المادة التي استمدها من جهته من النص السابق ، والعلاقة بينهما هي علاقة " إدخالية " وليست تداخلية . وذلك تقصياً للمزيد من الدقة في التعبير . مع أنني أعلم أن الجميع قد فهم قصدك وبشكل كامل .
تقبل مروري
ولك أطيب تحية

عبده فايز الزبيدي
03-09-2015, 04:37 PM
السلام عليكم
شكراً لك أستاذ عبده فايز الزبيدي ، وبارك الله في جهدك
لعل العبارة " التناص هو شكل من أشكال التفاعل الأدبي بين نصين نص سابق متقدم و نص لاحق متأخر و تختلف درجة التفاعل بين النصين" تساوي بين النصين من حيث التفاعل، فكأن التفاعل يتم بالاتجاهين ، وكأن كلا منهما يتفاعل مع الآخر ،إذ لا يكون التفاعل إلا مشتركاً بين عنصرين اثنين على الأقل . في حين أن الدقة تستوجب الانتباه إلى أن الفعل قد تم من قبل أحد العنصرين( وهو النص اللاحق فقط ) ، ، إذ لا يمكن أن يتفاعل النص السابق مع النص اللاحق. وكذلك فإن عملية "الإدخال" قد طرأت على النص اللاحق فقط، وهذا يجعل عبارة " علاقة تداخلية " غير دقيقة، إذ توحي بأن الإدخال قد طرأ على النصين معاً .
ويمكن نفي التفاعل المشترك والتداخل المشترك ، من الناحية الصرفية ، باستبدال الاسم " تفاعل" بالاسم تفعّل ، فالنص اللاحق تفعّل بذاته بتأثير المادة التي استمدها من جهته من النص السابق ، والعلاقة بينهما هي علاقة " إدخالية " وليست تداخلية . وذلك تقصياً للمزيد من الدقة في التعبير . مع أنني أعلم أن الجميع قد فهم قصدك وبشكل كامل .
تقبل مروري
ولك أطيب تحية

أختي الكريمة الأستاذة / ثناء صالح
بارك الله فيك و سرني جميل كلامك و بديع تواصلك و مفيد تعليقك، نعم من معاني تفاعل ( المشاركة) و هي من صيغة الزيادات ، و المشاركة حدوث أمر بين طرفين ، و لها معان عدة غير المشاركة منها ما يعني مجرد وقوع الحدث، و كذلك طلب وقوع الحدث ، و التفاعل بين نصين تعبير جيد _ في ظني_ من جهة اللغة اللفظ و المعنى فقد يقول قائل :
شهدت تخاصما بين شخصين و يكون أحد الخصمين حكيما حليما و لم ينبس ببنت شفة و لكن الجو العام هو علو الصوت و الغضب و إن كان باديا من طرف واحد.
و الظرف ( بين) له دلالته في تقليل حدة التفاعل و هو أقل من قولك :تفاعل النصان.

أما من الجهة الفنية:
فهذا تعبير سائد في أوساط الأدباء و يعنون به _ سلمك الله_ أن النص الجديد يتفاعل مع القديم من جهة البناء و الولادة فالقديم هو من يصنع الثاني و يتفاعل القديم مع الجديد من جهة الطرح و المقارنة ، فكأن النص الجديد يعيد القديم للحياة و يؤثر فيه حين يتم مدارسة النصين و المقارنة بين الأصل و الفرع.
و سأشرح هذا المعنى لاحقا إن شاء الله.

عبده فايز الزبيدي
03-09-2015, 05:10 PM
قلتُ في ختام المشاركة رقم (1) :
إن التناص قديكون حدثاً فرديا أحاديا و قد يكون جماعيا أمميا.

التناص الفردي:
تنبه العربي الأول لظاهرة تداخل النصوص في ذهن القارىء و ذاكرته فعبر عنها كعب بن زهير رضي الله عنه بقوله:
ما أرانا نقول إلا معاداً = أو معاراً من قولنا مكرورا
فكعب رضي الله عنه يقول أن شعر الشعراء هو إما إعادة صياغة لنصوص شعرية قديمة( وهو التناص الحداثي) و إمَّا أخذ منها ( التضمين- الاقتباس)و إمَّا تكرار واضح لما قاله الأسلاف ( السرقة الأدبية).
و كلام كعب بن زهير هو عين التجرد من حظوظ النفس و الإقرار بفضل المتقدمين و يعتبر سابقاً لعصره في هذه الشهادة التي يظن أهل الحداثة أنهم هم من جاء بها على غير قديم منوال أو سابق فكرة ، في حين أن بعض الشعراء يرى أن شعره خالص من أثر المتقدمين عليه فهذا جرير يغمز في شعر الفرزدق و يتهمه باجتلاب شعر القدامى في نصوصه أي بالسرقة في قوله:
سيعلم من يكون أبوه قَينا = ومن عرفت قصائده اجتلابا
و لو تأملت البيت لوجدت فيه صنعة عجيبة فقد ختم الصدر بقوله ( أبوه قينا) و القين عكس الحر أو من يعمل أعمالا يأنف منها الحر ، و ختم العجز بقوله ( قصائده اجتلابا) أي أنه يعتمد على خيره و لا يأتي بشيء من حر نفسه فلا أصله(نسبه) في الأحرار و لا فكره( حسبه) بنقي من الغمز كذلك.
و لم يسكت له الفرزدق بل رماه بالسرقة فقال له:
إنّ استرَاقَكَ يا جَرِيرُ قَصَائِدِي = , مِثْلُ ادِّعَاءِ سِوَى أبِيكَ تَنَقَّلُ

و قد جزم بالتناص قديما أبو الطيب المتنبي و رحب به و لم يره مما يستحي منه الشاعر فقال لمن اتهمه بالسرقة:
(رويدا، أما ما نعيته علي من السرقة، فما يدريك أني اعتمدته ، وكلام العرب آخذ بعضه برقاب بعض وآخذ بعضه من بعض، والمعاني تختلف في الصدور وتخطر للمتقدم تارة، وللمتأخر أخرى والألفاظ مشتركة مباحة.. وبعد فمن هذا الذي تعرى من الاتباع وتفرد بالاختراع والابتداع، لا أعلم شاعرا جاهليا ولا إسلاميا إلا وقد احتذى واقتفى واجتذب واجتلب) *
و كلام المتنبي هو عين كلام كعبن زهير رضي الله عنه.
________________________________________
* نقلته عن عبدالرزاق هيضراني من مقال له بمدونته ، عنوانها ( سرقة التناص) و قال عنها : و ردت في كتاب (المرايا المقعرة ) لعبدالعزيز حمودة .

عبده فايز الزبيدي
03-09-2015, 06:22 PM
التناص الأممي:
من صفات الأمم المثقفة و المنتجة التواصل مع ما حولها من ثقافات مفيدة ، و لقد حدث للسان العربي هذا التواصل خلال العصور فتارة بالتواصل المباشر مع المغلوبين كالثقافة الفارسية التي خضع أهلها سياسياً و فكريا للعرب المسلمين، و كذا الحال مع أهل الأندلس من أسبان و برتغال، و تارة بالتواصل الغير مباشر عن طريق الترجمة كما نقل خلفاء بنو العباس كثيرا من كتب اليونان و الإغريق.
فدخل النص العربي في غيره و تأثر النص العربي بذلك المخالف في حالة تشبه الخاصية الإسموزية و أضحى هناك برزخ فكري برزت فيه أقلام تأخذ من هنا و هناك .

يقول كاتب إيراني و هو يبحث التصوف:
( يعد ميدان التصوف من أرحب الميادين التي تجلى فيه التواصل الأدبي بين اللغتين الفارسية و العربية ، .... فقد أثبت التصوف عمق الاتصال الروحي بين اللغتين ، و كأنهما وجهان لشيء واحد ....)*
فهو و إن كان يبحث عن التصوف الفلسفي الذي نراه زندقة محضة و إلحادا مكشوفا ، إلا أن الهدف هو تسجيل رأي لسان أعجمي بعمق التتفاعل بين لغتين و ثقافتين ، فأثر كلُّ واحدٍ في الآخر فأخرج لنا نصا جديدا لم تعهده كلتا اللغتين.

و كذلك الحال في تفاعل العرب مع أهل الأندلس الأصليين أنتج لنا الموشحات فقد أورد د. محمد زكريا عناني ما يلي حول أصل الموشحات:
( يقول جونثالث بالنثيا في هذا الصدد :
و لم نوفق إلى الآن في التعرف على المصدر الذي استوحاه مقدم عندما ابتكر فن التوشيح ، فيذهب البعض إلى أن أصل الموشح أندلسي محلي و يذهب البعض الآخر إلى أن جليقي ، و يذهب البعض إلى أن أصله البعيد روماني )**
و ما يهمنا هو أن فن الموشحات هو حاصل تواصل طويل و تفاعل عميق و إن كانت الموشحات عربية المنشأ في الصائب من الكلام
لكن يبقى أن النص العربي تأثر بما حوله من ثقافة النص المحيط به و أثرَّ في ذلك المحيط الجديد .

و لا يخفى ما نحن فيه اليوم من إعجاب بكل غريب و بعيد و إن كان ضارا، فالعرب المهاجرون خلال القرنين الثامن عشر و التاسع عشر الميلاديين اندهشوا بما عند أهل الأمريكيتين الشمالية و الجنوبية من فنون جديدة مع شعورهم بالنقص الذاتي أمام الآخر فجلبوا لنا ما لا يحتاج للتوضيح من بدع هدامة كقضية شعر النثر و أفكار الحداثة بكل مراحلها و اليبرالية
فأخذوا عنهم الشكل و المضمون دون أدنى تمحيص و أدخلوه في النص العربي عنوة .
___________________
*التصوف أداة التواصل بين اللغتين الفارسية و العربية، لكاتبها : فرامز ميرزابي ، ترجمة: علي براونة.
** (الموشحات الأندلسية) ، د. محمد زكريا عناني ، عالم المعرفة ،ط:1998 م ، ص: 31 .

عبده فايز الزبيدي
06-09-2015, 11:59 AM
و قد نضيف تناصا جديدا لم أطلع على أحدٍ سبقني فيه_ والله أعلم_ ألا وهو :
_ تناص العاقل مع غير العاقل:
و حيث لا عاقل إلا الإنسان فسواه من المخلوقات الأرضية في حكم غير العاقل .
و أسوق الطبيعة مثال لتناص الإنسان معها و هي من أرحب ميايدن التناص بين العاقل و غير العاقل
فالطبيعة تؤثر في نفسية المبدع من جهة السلوك و الإنتاج ، و أقتطف كلاما من كتابي ( التلويح بشعراء التوشيح)
له مساق هنا:( ... ما الذي دفع بالعربي الشاعر لابتكار الموشحات ، و ما أثرها على بقية الفنون؟
أظن أن الزخرفة هي الظاهرة التي أسرت لب العربي الساكن الأندلس و من ثمَّ أنزاحت هذه الظاهرة من الخارج إلى داخله فأنتج لنا زخرفة روحية ظهرت جلية في الموشحات.

فالعربي الأصيل الذي كان يجوب أقطار العرب المشرقية كان لا يتوقف كثيرا أو لا يستوقفه شيء لم يعتد عليه فمملكة الصحراء باسطة نفوذها على أغلب المساحات
و السحنة العربية بحنطية لونها و سواد شعرها و عينها هي التي يحملها و يقابلها و الريح هي معزوفته و الحادي هو منشده و العربية هي كل ما يسمعه فقد كان أحادي المشرب في كل شيء.
و حين دلف إلى بلاد الأندلس استوقفته الطبيعة العاقلة و غير العاقلة المزخرفتان. ...) *

فكما ترى أثر النص المنظور في العربي الوافد فأنتجا معاً و لا أقول العربي وحده فن الموشحات،
كما أن العرب أثرتْ في النص المنظور فأدخلوا فيه ثقافتهم فأزاحوا الكنائس و بنوا المساجد و أسكتوا الأجراس و الأبواق و أنطقوا المآذن بالأذان و أصبحت حروف الضاد و معانيها تتجاوب مع بلابل و عنادل الطبية الأندلسية ، و تداخلت الأمشاج و الأقلام فجاءت الأندلس بلداً متفوقاعما فوقه و ما تحته من عمران الدنيا .

______________________________
* عبده فايز الزبيدي ( التلويح بشعراء التوشيح) https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=79709

عبده فايز الزبيدي
06-09-2015, 12:25 PM
و سنشرع بحول الله في حصر البحث على التناص الأدبي بعد ما أوضحنا حتمية التنص بين (العاقل و العاقل)
و التناص بين ( العاقل و غير العاقل ) .

محمد محمد أبو كشك
06-09-2015, 05:07 PM
موضوع التناص موضوع مهم جدا وهو سلاح ذو حدين فاما اتكأ الشاعر مثلا لفترة وصنع لنفسه بعد ذلك شخصية تبعد عن التناص واما ظل اسير التناص طيلة العمر وبات ظلا باهتا لشخصية غيره
واما خرج عن الحدين واستفاد من التناص بشكل اخر فاخذ ما انتهى عنده السابقون واكمله
هنا انا اتابع الموضوع الشيق القيم بكل لهفة كمستمع قاريء لكل حرف لان الموضوع في غاية الاهمية ونعم الكاتب ونعم الاختيار سيدي واخي الحبيب

عبده فايز الزبيدي
06-09-2015, 06:07 PM
موضوع التناص موضوع مهم جدا وهو سلاح ذو حدين فاما اتكأ الشاعر مثلا لفترة وصنع لنفسه بعد ذلك شخصية تبعد عن التناص واما ظل اسير التناص طيلة العمر وبات ظلا باهتا لشخصية غيره
واما خرج عن الحدين واستفاد من التناص بشكل اخر فاخذ ما انتهى عنده السابقون واكمله
هنا انا اتابع الموضوع الشيق القيم بكل لهفة كمستمع قاريء لكل حرف لان الموضوع في غاية الاهمية ونعم الكاتب ونعم الاختيار سيدي واخي الحبيب

والله إن مروركم لشرف كبير
و دعم هائل فشكرا لك أبا الحسين
وبارك الله فيك و في علمك و عمرك.
و منكم نستفيد و يسعدني مشاركتكم:0014:

عبده فايز الزبيدي
06-09-2015, 06:29 PM
التناص الأدبي:
هل عرف العرب التناص؟
نعم، فقد سبقوا كل الأمم في هذا المضمار و كل ما سواهم عالة عليهم في هذا الباب ، و كتبهم ناطقة بعظيم معرفتهم بأثر النص السابق في النص اللاحق.
و قد قدمت طرفا من هذا الأمر في بداية الكلام فأغنى عن إعادته.

و ما يهمني هنا هو أن العرب القدامى بحثوا التناص الجزئي بخلاف الدراسات الغربية الحديثة التي عنيت بالتناص الكلي.

التناص الأدبي عند العرب :
أشرت إلى أن العرب القدامى برعوا في تتبع ظاهرة التناص الجزئي في القصيدة العربية و هذا عائد إلى بنية القصيدة و شكلها الذي يقوم على بيت بمصراعين و قافية
و كل بيت يمثل وحدة جزئية قائمة بذاتها و اعتبروا التضمين العروضي (وهو ألا يستقل البيت بمعناه بل يكون المعنى مٌجزَّءاً بين بيتين ، و بعبارة أخرى أن يكون البيت الثاني مكملا للبيت الأول في معناه)* من عيوب القصيدة ، و هذه القواعد الصارمة في بناء البيت و استقلاله بنفسه فرضت بالمقابل أن يدرس كلَّ بيتٍ منفردا فظهر التناص الجزئي العربي.

و قد حصر الأسلاف الكرام هذا التناص الجزئي في عدة أشكال معروفة من أشهرها:
المواردة -الاقتباس - التضمين - الحل - العقد -التلميح - السرقة غير الظاهرة - السرقة الظاهرة


______________________
*علم العروض و القافية ، عبدالعزيز عتيق ،دار النهضة العربية ، ط: ؟ ،ص: 166-167 .

ثناء صالح
07-09-2015, 06:34 AM
السلام عليكم
أخي وأستاذي الكريم عبده فايز الزبيدي
في رأيي: ليس هناك تناص خارج النصوص ، فالتناص الأدبي والفكري هما الشكلان الوحيدان للتناص ، لأنهما يتيحان التفاعل بين النصوص . وإن كانت الأمانة الفكرية تقتضي الإشارة إلى مصدر الفكرة في الكتابة الفكرية .
وأما التأثر بالمخلوقات العاقلة أو غير العاقلة، من كائنات حية أو فن تشكيلي ، وانعكاس ذلك في المكتوب ، فلا يمكن أن يُعد تناصاً .
التناص يشترط التفاعل بين نصين- كما عرّفته حضرتك - وأي تفاعل بين نص واحد من جهة، وموضوع غير نصي من جهة ثانية ، لا ينبغي اعتباره تناصاً . بل هو تفاعل أو تأثر أو استقراء ، أياً ما كانت التسمية ، سوى التناص.
تقديري وتحيتي

عبده فايز الزبيدي
07-09-2015, 12:20 PM
السلام عليكم
أخي وأستاذي الكريم عبده فايز الزبيدي
في رأيي: ليس هناك تناص خارج النصوص ، فالتناص الأدبي والفكري هما الشكلان الوحيدان للتناص ، لأنهما يتيحان التفاعل بين النصوص . وإن كانت الأمانة الفكرية تقتضي الإشارة إلى مصدر الفكرة في الكتابة الفكرية .
وأما التأثر بالمخلوقات العاقلة أو غير العاقلة، من كائنات حية أو فن تشكيلي ، وانعكاس ذلك في المكتوب ، فلا يمكن أن يُعد تناصاً .
التناص يشترط التفاعل بين نصين- كما عرّفته حضرتك - وأي تفاعل بين نص واحد من جهة، وموضوع غير نصي من جهة ثانية ، لا ينبغي اعتباره تناصاً . بل هو تفاعل أو تأثر أو استقراء ، أياً ما كانت التسمية ، سوى التناص.
تقديري وتحيتي

أختي المباركة الأديبة ثناء صالح
طرحت فكرة التناص بين العاقل و غير العاقل في بحثي ( التلويح بشعراء التوشيح) و لكن دون ذكر عبارة التناص حيث لا ضرورة لذلك هناك ، و إلا فالتناص هو تداخل بين فكرين مؤثرين و أنا أرى أن الطبيعة فكر و نص يدخل إلى أعماق المبدع فمثلا الصحراء التي تجول فيها ذوم الرمة جعلت من شعره بدوي الطابع جافي العبارة في حين أن معاصره جرير بن الخطفي من أهل القرى فجاء شعره أرق و أنعم ، ألا يقنع جنابكم أن الطبيعة و البئية لها دور فاعل و ملموس؟
سأقرب الموضوع: هل يعقل لرجل من أهل الحجاز أن يصف شتاء مثلج؟ هل لرجل من أهل الدار البيضاء أو تونس الخضراء أن يصف حرارة صيف كصيف صحراء الدهناء؟
الجواب : لا ، لماذا؟
لأن لكلٍّ منهما طبيعة ( نص) يعيش بها يعرفها و تعرفه يحفظها و تحفظه، و المبدع قادر على أن يصفها، أتدرين لماذ؟
لأنها تتبذل له ليلَ نهارَ، و قد ذهب عنه الاندهاش الذي يشعر به الغريب و لم يبقى سوى التأثر و التأثير من قريب.

وأخيرا:
أثبت القرآن الحكيم أن للجمادات إرادة و تسبيح فقال جلَّ من قائلٍ عليم في سورة الكهف : ( فوجدا فيها جداراً يريد أن يقضَّ) أى أراد أن يهوي،
و قال المولى جلَّ ثناؤه في سورة الإسراء : ( و إن من شيءٍ إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم)، و أنا مؤمن بتأثير الطبيعة بنصها الكامل من مخلوقات و أصوات و ألوان و هواء و دور عبادة في تشكيل نص الإنسان و هما نصان على قدم المساواة في نظري على الأقل.

لا أنسى ملحوظتك حول قناعتك من رد الفكرة لصاحبها في مسألة التناص ، و هذا يتضح حين نعمل مقارنةً بين التناص عند العرب القدامى و بين التناص عند الأوربيين.
إن شاء الله تعالى
بوركت و شكرا لكريم المشاركة

ثناء صالح
08-09-2015, 08:42 AM
أختي المباركة الأديبة ثناء صالح
طرحت فكرة التناص بين العاقل و غير العاقل في بحثي ( التلويح بشعراء التوشيح) و لكن دون ذكر عبارة التناص حيث لا ضرورة لذلك هناك ، و إلا فالتناص هو تداخل بين فكرين مؤثرين و أنا أرى أن الطبيعة فكر و نص يدخل إلى أعماق المبدع فمثلا الصحراء التي تجول فيها ذوم الرمة جعلت من شعره بدوي الطابع جافي العبارة في حين أن معاصره جرير بن الخطفي من أهل القرى فجاء شعره أرق و أنعم ، ألا يقنع جنابكم أن الطبيعة و البئية لها دور فاعل و ملموس؟
سأقرب الموضوع: هل يعقل لرجل من أهل الحجاز أن يصف شتاء مثلج؟ هل لرجل من أهل الدار البيضاء أو تونس الخضراء أن يصف حرارة صيف كصيف صحراء الدهناء؟
الجواب : لا ، لماذا؟
لأن لكلٍّ منهما طبيعة ( نص) يعيش بها يعرفها و تعرفه يحفظها و تحفظه، و المبدع قادر على أن يصفها، أتدرين لماذ؟
لأنها تتبذل له ليلَ نهارَ، و قد ذهب عنه الاندهاش الذي يشعر به الغريب و لم يبقى سوى التأثر و التأثير من قريب.

وأخيرا:
أثبت القرآن الحكيم أن للجمادات إرادة و تسبيح فقال جلَّ من قائلٍ عليم في سورة الكهف : ( فوجدا فيها جداراً يريد أن يقضَّ) أى أراد أن يهوي،
و قال المولى جلَّ ثناؤه في سورة الإسراء : ( و إن من شيءٍ إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم)، و أنا مؤمن بتأثير الطبيعة بنصها الكامل من مخلوقات و أصوات و ألوان و هواء و دور عبادة في تشكيل نص الإنسان و هما نصان على قدم المساواة في نظري على الأقل.

لا أنسى ملحوظتك حول قناعتك من رد الفكرة لصاحبها في مسألة التناص ، و هذا يتضح حين نعمل مقارنةً بين التناص عند العرب القدامى و بين التناص عند الأوربيين.
إن شاء الله تعالى
بوركت و شكرا لكريم المشاركة

السلام عليكم
لا أنكر علاقة التفاعل بين الشاعر وطبيعة بيئته . ولا أنكر أن ينعكس ذلك على أسلوب الشاعر ، ولكنني أعترض على تسمية هذا التفاعل " تناصاً " . التناص علاقة بين نص ونص حصراً . وليست علاقة بين نص وبحيرة أوغابة أو صحراء . أو حتى بين نص ولوحة فنية .
وأما أن نعتبر الطبيعة نصاً والإنسان نصا آخر فذلك كلام جميل وثمين ويدل على عمق رؤية الأستاذ عبده فايز الزبيدي ، ولكننا لا نأخذ بهذا الكلام إلا من باب المجاز اللغوي . والمجاز اللغوي يبتعد كثيراً عن الدلالة المعنوية الحقيقية للفظ المستخدم . ومقالتك هذه يا أستاذ فايز تندرج ضمن الدراسات التصنيفية في العلوم الأدبية ، فأنت تعرّف وتدقق مصطلحاً متداولاً في الأدب ، وتعريف المصطلحات وتدقيقها عمل علمي وليس عملاً أدبياً .فأنت إذن تكتب هنا بحثاً علمياً ، ولا يحق لك في البحث العلمي أن تلجأ إلى استخدام المجاز اللغوي . لأن المجاز اللغوي يضرب بالحقيقة عرض الحائط ، فالبحث العلمي يضعف باستخدام المجاز اللغوي، وبحثك هذا سيفقد فرصته في أن يُعتدَّ به كمرجع علمي للباحثين من بعدك في مفهوم التناص، باستخدامك المجاز اللغوي.
مع أطيب تحية

عبده فايز الزبيدي
08-09-2015, 10:47 AM
السلام عليكم
لا أنكر علاقة التفاعل بين الشاعر وطبيعة بيئته . ولا أنكر أن ينعكس ذلك على أسلوب الشاعر ، ولكنني أعترض على تسمية هذا التفاعل " تناصاً " . التناص علاقة بين نص ونص حصراً . وليست علاقة بين نص وبحيرة أوغابة أو صحراء . أو حتى بين نص ولوحة فنية .
وأما أن نعتبر الطبيعة نصاً والإنسان نصا آخر فذلك كلام جميل وثمين ويدل على عمق رؤية الأستاذ عبده فايز الزبيدي ، ولكننا لا نأخذ بهذا الكلام إلا من باب المجاز اللغوي . والمجاز اللغوي يبتعد كثيراً عن الدلالة المعنوية الحقيقية للفظ المستخدم . ومقالتك هذه يا أستاذ فايز تندرج ضمن الدراسات التصنيفية في العلوم الأدبية ، فأنت تعرّف وتدقق مصطلحاً متداولاً في الأدب ، وتعريف المصطلحات وتدقيقها عمل علمي وليس عملاً أدبياً .فأنت إذن تكتب هنا بحثاً علمياً ، ولا يحق لك في البحث العلمي أن تلجأ إلى استخدام المجاز اللغوي . لأن المجاز اللغوي يضرب بالحقيقة عرض الحائط ، فالبحث العلمي يضعف باستخدام المجاز اللغوي، وبحثك هذا سيفقد فرصته في أن يُعتدَّ به كمرجع علمي للباحثين من بعدك في مفهوم التناص، باستخدامك المجاز اللغوي.
مع أطيب تحية

أختي الكريمة الأستاذة / ثناء صالح
المنهجية التي أتبعها في كل بحث قدمته أو سأقدمه أن يكون فيه جِدة سواء من جهة ما أعطيه من نفسي للبحث أو العرض.
و قضايا الأدب فيها من النظرية العلمية و الفكرة الفلسفية الشيء الكثير ، و لهذا دمجت بين ما هو متعارف عليه فصار في حكم المنطقي ( logical ) *و بين ما هو متخيل ( imaginatve )
و يبقى هذا من باب الاجتهاد و لا مشاحاة فيما نعتقد أدبيا ما لم يخدش عقيدة أو ذائقة .
و بخصوص مسألة المجاز فأخوك ممن لا يؤمن بالمجاز بالمطلق
و هذا ما سنفرد له صفحة غير هذه _ إن شاء الله تعالى _ و أرحب بكريم مشاركتك هناك .:0014:
_______________
* عدلت عن كلمة ( scientific) إلى ( logical )لمقاربة الأخيرة للشعر خاصة.

ثناء صالح
09-09-2015, 06:12 PM
أختي الكريمة الأستاذة / ثناء صالح
المنهجية التي أتبعها في كل بحث قدمته أو سأقدمه أن يكون فيه جِدة سواء من جهة ما أعطيه من نفسي للبحث أو العرض.
و قضايا الأدب فيها من النظرية العلمية و الفكرة الفلسفية الشيء الكثير ، و لهذا دمجت بين ما هو متعارف عليه فصار في حكم المنطقي ( logical ) *و بين ما هو متخيل ( imaginatve )
و يبقى هذا من باب الاجتهاد و لا مشاحاة فيما نعتقد أدبيا ما لم يخدش عقيدة أو ذائقة .
و بخصوص مسألة المجاز فأخوك ممن لا يؤمن بالمجاز بالمطلق
و هذا ما سنفرد له صفحة غير هذه _ إن شاء الله تعالى _ و أرحب بكريم مشاركتك هناك .:0014:
_______________
* عدلت عن كلمة ( scientific) إلى ( logical )لمقاربة الأخيرة للشعر خاصة.

السلام عليكم
أستغرب جداً أن يقول شاعرٌ إنه " لا يؤمن بالمجاز بالمطلق" !
لذا فأنا أنتظر تفصيل أسباب عدم إيمانك بالمجاز أخي وأستاذي الكريم عبده فايز الزبيدي ، فأرجو ألاّ تتأخر علينا بتفصيل ذلك .
مع تحيتي وتقديري

عبده فايز الزبيدي
10-09-2015, 10:25 AM
السلام عليكم
أستغرب جداً أن يقول شاعرٌ إنه " لا يؤمن بالمجاز بالمطلق" !
لذا فأنا أنتظر تفصيل أسباب عدم إيمانك بالمجاز أخي وأستاذي الكريم عبده فايز الزبيدي ، فأرجو ألاّ تتأخر علينا بتفصيل ذلك .
مع تحيتي وتقديري

بحول الله وقوته ، و سيكون هذا قريبا جدا إن شاء الله تعالى.

عبده فايز الزبيدي
10-09-2015, 10:38 AM
التناص الأدبي عند العرب :
قلت في المشاركة رقم ( 10) : إن الأسلاف الكرام حصروا هذا التناص الجزئي في عدة أشكال معروفة من أشهرها:
المواردة -الاقتباس - التضمين - الحل - العقد -التلميح - السرقة غير الظاهرة - السرقة الظاهرة

و لا يختلف في هذه النظرة للتناص االبلاغيون المحدثون عن أسلافهم من القدامى ، فهذا أحمد مصطفى المراغي المتوفي في عام ( 1371 هـ) يفرد باباً أسماه ( السرقات الشعرية و ما يتصل بها) ، و هو يسير على خطى الخطيب القزويني المتوفي في عام (737 هـ) الذي أفرد باباً في المفتاح سماه ( فيالسرقات الشعرية و ما يتصل بها) ، و لم يقع بين يدي كتابا لبلاغي يدرس البلاغة في أبوابها الثلاثة ( المعاني - البيان - البديع) يسمى السرقة الشعرية بالتناص .
و سنتعرف على بعض التناص الجزئي عند العرب و لن نلتفت إلى الاختلافات البسيطة في التسمية فليس هذا هو صلب حديثنا فنقول:
لم يَعـدّ البلاغيون القدامى التوافق في ما اشتهر من معانٍ من باب السرقة ، يقول الخطيب القزويني:
(اعلم أنَّ اتفاق القائلين إن كان فيما يشتركُ فيه النَّاس عامةً ، من الأغراض و المقاصد ، نحو الوصف بالشجاعة و السخاء فلا يعدُّ سرقةً ، لتقرره في العقول و العادات.
و اعلم أنَّ اتفاق القائلين إنْ كان في طريق الدلالة على الغرض ، كالتشبيه و المجاز و الكناية ، و كذكر هيئاتٍ تدل على الصفة لاختصاصها بمن هي له نحو: وصف الجواد بالتهلِّلِ عند ورود العُفَاة ، و البخيل بالعُبوس مع سَعة اليد ،فإن اشترك النَّاس في معرفة وجه الدلالة لاستقراره في العقول و العادات ، كتشبيه الشجاع بالأسد و الجواد بالبحر ، فهو كالأول ....) *
و يذكر أن الجاحظ كان يقول: إن المعاني ملقاة بالشارع، قلت يعني المعاني المشتهرة .

و قبلهما كعب بن زهير _ رضي الله عنه _ أشار لهذا لمعنى بقوله:
ما أرانا نقول إلا معاداً = أو معاراً من قولنا مكرورا

و يحدد الخطيب القزويني السرقة أو التناص بقوله:
(... و إن لم يشترك الناس في معرفة وجه الدلالة ، بأنَّ كان مما لا يُنال إلا بفكرٍ ، جاز أن يُدَّعى فيه السبق و الزِّيادة) **
قلت بعبارة اليوم :
و من جاء بعده فهو آخذٌ منه و متناصٌ معه.

و يقول المراغي و كأنه ينظر فيكلام الخطيب القزويني :
( و اعلم أن اتفاق القائلين إن كان في الغرض كالوصف بالشجاعة و السخاء و الذكاء ، أو في وجه الدلالة على غرض كوصف الرجل حال الحرب بالابتسام و سكون الجوارح و قلة الفكر ، و وصف الجواد بالتهلل عند ورود العفاة و الارتياح لرؤيتهم ، لا يعدُّ هذا سرقة و لا استعانة ؛ لأن تلك أمور اشتركت فيها العقول و تقررت بحكم العادات و استوى فيها الفصيح و الأعجم ....) ***
و إن شابه المتأخرُ المتقدمَ إلا أن المراغي قال عبارة لطيفة و هي : ( الاستعانة) و هي قريبة جدا من معنى التناص اليوم و لعل التناص قد بلغه فعبر عنه بها و الله أعلم.

_____________
*الخطيب القزويني ، ( تلخيص المفتاح) المكتبة العصرية ، بيروت ، ط: 1423 هـ _ 2002 م ، ص: 210.
** المصدر السابق، ص:210 .
*** أحمد مصطفى المراغي ، ( علم البلاغة) ، المتكبة العصرية ، بيروت ، ط: 1430 هـ _ 2009 م ، ص: 307 .

عبده فايز الزبيدي
12-09-2015, 01:48 PM
السرقة الأدبية:
يعرفها عبدالله محمد العضيبي بقوله:
(و السرقة الشعرية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية الابتكار في الشعر ، فإذا كانت قدرة الشاعر على ابتكار المعاني مثار اعجاب النقاد به ، فإن تكراره لمعانٍ سبقه إليها غيره من الشعراء يجعله معرضا للاتهام بالسرقة الشعرية) *
و يقول عبدالقاهر الجرجاني :
(اعلم أن الحكم على الشاعر بأنه أخذ من غيره و سرق ، و اقتدى بمن تقدم و سبق ، لا يخلو من أن يكون في المعنى صريحا ، أو في صيغة تتعلق بالعبارة ....) **
و قسما الخطيب القزويني إلى سرق ظاهرة و غير ظاهرة بقوله:
( ... فالأخذ و السرقة ، نوعان : ظاهر و غير ظاهر.
أ: الظاهر:
هو أن يُؤخذ المعنى كلُّه ، مع اللفظ كُلُّله ، أو بعضه ، أو وحده *** فإن أخذ كله من غير تغيير لنظمه فهو مذموم لأن سرقة محضة و يسمى نسخا و انتحالاً ،...... ، و إن أخذ اللفظ كا مع تغييرٍ لنظمه ، أو أخذ بعضُ اللفظ ،سُمى إغارةً و مسْخاً ، .... ، و إن أخذ المعنى وحده سُمى إلماما و سلخاً ، ...
ب: و غير الظاهر :
1. أن يتشابه المعنيان .... ، 2. أن ينقل المعنى إلى معنى آخر ... ، 3. أن يكون المعنى الثاني أشمل من المعنى الأول ... ، 4. القلبُ : و هو أن يكون معنى الثاني ، نقيض الأول .... ، 5. أن يُؤخذ بعضُ المعنى و يضاف إليه ما يحسنه .... ) ****
ثم يعقد فصلا و يسميه ( و مما يتصل بهذا القول الاقتباس و التضمين و الحل و العقد ) ، لكن المراغي يصرح بكون التضمين و الاقتباس و الحل و العقد ... ، مع أنه لا يرى الأخذ غير الظاهر من السرقة فيقول:
( ... الأنواع التي ليس الأخذ فيها ظاهراً مقبولة كلها ، بل منها ما يدق فيه الصنع و يخفى فيه مكان الأخذ حتى يخرج بحسن التصرف و جودة السبك من حيز الأخذ و الاتباع ، إلى أن يكون أشبه بالاختراع و الابتداع ، أمَّا ما يتصل بالسرقة الشعرية فهو : الاقتباس و التضمين و العقد و الحل و التلميح ....) *****
__________________________
*عبدالله محمد العضيبي ، (النقد عند الشعراء حتى نهاية القرن الرابع الهجري)، دار الإيمان ، الرباط ، ط:1434 هـ _ 2013 م، ص:341 .
** عبدالقاهر الجرجاني ، ( أسرار البلاغة ) ، المكتبة العصرية ، بيروت ، ط: 1426 هـ _ 2005 م ، ص: 196 .
*** قلت : يعنى المعنى وحده.
**** الخطيب القزويني ، ( تلخيص المفتاح) المكتبة العصرية ، بيروت ، ط: 1423 هـ _ 2002 م ، ص: 210 - 215 .
***** أحمد مصطفى المراغي ، ( علم البلاغة) ، المتكبة العصرية ، بيروت ، ط: 1430 هـ _ 2009 م ، ص: 311

عبده فايز الزبيدي
12-09-2015, 02:42 PM
و سنكمل حديثنا حول الأشكال المتبقية ممَّا سماها العرب بالسرقة و يسميه اليوم بعض الناس بالتناص ، و سنحاول أن نجيب عن سؤال مهم هو:
إلى ماذا يهدف النقاد العرب القدامى من دراسة النصوص ، و تبيان علاقة الجديد بالقديم و اللاحق بالسابق ؟
إن شاء الله تعالى

وليد عارف الرشيد
14-09-2015, 06:39 PM
موضوع رائع بارك الله بك شاعرنا الأديب الباحث الجميل
راقت لي قراءته مرارا وإن لي تحفظا على معنى التفاعل تماما كالأخت ثناء ( وإن كنت لا أتفق معها في إنكار فكرتك عن التناص مع الطبيعة والمحيط )لكني أثق بقدرتك على توضيح الأمر أكثر إذ أني أرى أن التعريف الأمثل هوبعبارة : تأثر أو تضمين أكثر من تفاعل .. وإن منه ما يجمل الشعر حين يؤتى ببراعة وفهم وبصيرة
على العموم مع كامل تقديري لرأيك وتوصيفك فإني استمتعت هنا واستفدت .. جزاك الله خيرا كثيرا
محبتي وكل الشكر والتقدير

عبده فايز الزبيدي
19-09-2015, 10:53 PM
موضوع رائع بارك الله بك شاعرنا الأديب الباحث الجميل
راقت لي قراءته مرارا وإن لي تحفظا على معنى التفاعل تماما كالأخت ثناء ( وإن كنت لا أتفق معها في إنكار فكرتك عن التناص مع الطبيعة والمحيط )لكني أثق بقدرتك على توضيح الأمر أكثر إذ أني أرى أن التعريف الأمثل هوبعبارة : تأثر أو تضمين أكثر من تفاعل .. وإن منه ما يجمل الشعر حين يؤتى ببراعة وفهم وبصيرة
على العموم مع كامل تقديري لرأيك وتوصيفك فإني استمتعت هنا واستفدت .. جزاك الله خيرا كثيرا
محبتي وكل الشكر والتقدير

أهلا و سهلا بك أستاذنا و أديبنا
وليد عارف الرشيد
والله إنه لشرف كبير لي و لجهدي أن تزورنا لما لكم عندي من محبة و تقدير
شخصيا و أدبياً
و يسرني أن نتشاور حول مسألة النص المنظور ( الطبيعي) و أثر في النص المكتوب ( الأدبي) في قادم المشاركات .
محبكم :0014:

عبده فايز الزبيدي
19-09-2015, 11:09 PM
قلت أن هناك تناصا حتميا بين الإنسان ( الشاعر) و الطبيعة ( النص المشاهد)
فمثلا لو دخلت جماعة إنسانية واعية إلى طبيعة بكر خضراء أو جرداء
فما تخطيء العين أثر هذه الجماعة في تلك الطبيعة بعد زمن وجيز
و سيلحظ الناقد الوعي تأثير الطبيعة في سلوك الجماعة بعد حين
و من هذا التأثير دخول مشاهد الطبيعة في أدب الإنسان على شكل مفردات جديدة
لم تكن معروفة عند أسلافه فهذا التداخل بين عمل يد الإنسان في النص الطبيعي و خلق الطبيعة الانفعالَ في الإنسان
يخلقان نصاً جديدا من هذا التزواج النفسي و الفكري.
و لكي ندرك فعل الطبيعة في العمل الأدبي سأذكر هذه التجربة الشخصية
في بلدنا لا نعرف نبتة القهوة و لو سألت الناس هناك لما عرفوا غير ثمرتها التي تأتيهم من الحبشة و اليمن و البرازيل
و لكن حين زرت الحبشة و زرت مدينة بحر دار رأيت فيها أشجار القهوة و شاهدتُ كيف يحب أهل تلك الديار القهوة
و كيف يعدونها في كل صباح في طقوس لا يقدر على وصفها غير من خالط أهلها ، و تلك التجربة الطبيعية و أثرها في نفسي أوجدت نصا فريدا في فكرته
و في عرضه فلولا التداخل الذي حدث بيني و بين القهوة الحبشية من المرج للفنجان لما خطر ببالي ، قلت فيه:
https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=54761&page=2


(
وسمراءُ،
تولدُ فوقََ أكفِّ المروجِِ
و فوقَ سريرٍ لذات اللهبْ
و تسبحُ فوق فراتِ الدِّلالِ
و تُهدى من الصِّين صنو العجب ..
فتقبلُ ترفلُ بين الطقوس ِ
كأروع وجهٍ نمى في أديسَ أبابا
شذاها تضوع بين النفوسِ
يولِّدُ فيها اشتهاءَ الحوامل للمستحيلِ
يبشرُ عينيْ بما تشتهي
بكفِّ مليح أتت تنتشي
فأطرحُ ساجاً تسجيَّ حريراً
بحيثُ أناغي أنا همْسَها
فكلُّ شهيقي عطور الرِّياضِ
و كلُّ زفيري اشتياقي لها ....
تنالُ شفاه الظِّما لعسَها
فيسرب تجُّ اشتهاء المزيدِ
صداه تردد بين الوريدِ
أحبُّك ،
يا ،
بُنَّتي !
______
*من فروض الدورة السابعة في منتديات العروض رقمياً
من اللغة الأمهرية:
1. أديس أبابا= عاصمة اثيوبيا اليوم و تعني الزهرة الجديدة
2. تِجّ= شراب شديد يصنعُ من العسل
3. بُنَّتي = القهوة )

عبده فايز الزبيدي
20-09-2015, 09:12 AM
نواصل الكلام عن أشهر أشكال التناص العربي قديما فنقول:
1. الاقتباس:
(و هو أن يضمن الكلام شيئاً من القرآن الكريم أو الحديث الشريف )* ، قلتُ و هو على ضربين:
أ. الاقتباس التام :ما لم يطرأ على لفظه تغيير كقول ابن الرومي في هجاء بخيل:
لئن أخطأت في مدحيْـ= ـك ما أخطأت في منعي
لقد أنزلت حاجاتي ( بوادٍ غير ذي زرع )
فقد جاء الشاعر بلفظ القرآن (بواد غير زرع) من سورة إبراهيم في وصف مكة شرفها الله ، وهو ممنوع عند أهل الديانة و الصيانة لكتاب الله لتوهم أن هذا من كلام الشاعر لا من كلام الله تعالى .
ب. الاقتباس الناقص : ما طرأ على لفظه تغيير كقول الشاعر :
قد كان ما خفت أن يكونا = إنا إلى الله راجعونا
وهذا تحريف يسير لقول الله تعالى من سورة البقرة : ( إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون)
و ترك هذا _ عندي _ أولى.

2. التضمين:
يقول عنه عرفان مطرجي:
(هو أن يضمن الشاعر شيئا من شعر الغير في شعره، و يُقسم التضمين بهذا المعنى إلى أربعة أنواع هي:
أ. التضمين التام :
و يسمى النسخ أو وقوع الحافر على الحافر أو الانتحال و هو أن يُضاف بيتٌ كاملٌ إلى قصيدة على نحو أنه منها ، و هو ليس كذلك : و مثالنا على ذلك قول جرير:
وَغُرٍّ قَدْ نَسَقْتُ مُشَهَّرَاتٍ = طَوَالِعَ لا تُطِيقُ لهَا جَوَابَا
بِكِلّ ثَنِيّةٍ وَ بِكُلّ ثَغْرٍ = غَرَائبُهُنّ تَنْتَسِبُ انْتِسَابَا
بَلَغْنَ الشّمسَ حيثُ تكون شرْقاً= وَمَسْقطَ قَرْنِها من حَيثُ غَابَا
و مثل هذا قال الفرزدق دون أن يزيد أو ينقص** ....
ب. التضمين المجزوء :
و هو أن يضاف مصراعٌ من بيتٍ إلى قصيدة ليلاقي أخاه على نحوٍ أنه منها و هو ليس كذلك .
و مثالنا عليه قول الحريري:
على أني سأنشدُ عندَ بيعي = (( أضاعوني و أي فتىً أضاعوا))
فقد ضمن الحريري شعرَه مصراعاً من بيتٍ ليس له ، بل هو لأمية ابن أبي الصَّلت،*** ، و أصل البيت:
أضاعوني و أي فتىً أضاعوا = ليوم كريهة و سداد ثغر.
ج. التضمين المحرف:
وهو أن يحرف الشاعر شيئا من شعر الغير في شعره بعد أن يغير في أحد ألفاظه أو بعضها شرط أن لا يكون هذا التغيير سببا لضياع المعنى .
و مثالنا عليه قول أبي نواس:
دارتْ على فتيةٍ ذلَّ الزمانُ لهم = فما يصيبهمُ إلاَّ بما شاؤوا
فقد ورد هذا البيت عند أبي الفرج الأصفهاني:
لهفي على فتيةٍ ذلَّ الزمانُ لهم = فما يصيبهمُ إلاَّ بما شاؤوا ...
د. التضمين المقلوب:
و هو أن يأخذ الشاعر معنىً عن شاعر آخر و يقلبه إلى عكس معناه في شعره.
و مثالنا عليه قول أبي نواس :
قالوا عشقت صغيرة فأجبتهم= أشهى المطي إلي ما لم يركب
كم بين حبة لؤلؤ مثقوبة= لبست وحبة لؤلؤ لم تثقب
مسلم بن الوليد :‏
إن المطية لا يلذ ركوبها= حتى تذلل بالزمام وتركبا
والحب ليس بنافع أربابه =حتى يفصل في النظام ويثقبا ...) ****
________________________
*عرفان مطرجي ، الجامع لفنون اللغة العربية ،مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت ، ط: 1433 هـ - 2012 م ، ص: 236 .
**قلت و أهل العلم مختلفون في من أخذَ من الثاني .
*** أورد عرفان مطرجي اسم الشاعر أمية ابن الصلت فلعله من خطأ الطباعة ،و الصواب ما أثبته.و المشتهر عن هذا البيت أنه للعرجي و العرجي هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس. . والله أعلم.
****عرفان مطرجي ، الجامع لفنون اللغة العربية ،مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت ، ط: 1433 هـ - 2012 م ، ص: 238 - 241.

عبده فايز الزبيدي
20-09-2015, 10:22 AM
إلى ماذا يهدف النقاد العرب القدامى من دراسة النصوص ، و تبيان علاقة الجديد بالقديم و اللاحق بالسابق ؟
يهدفون إلى:
أ. صفاء النص:
و خلوه من أثر الآخر. فالعرب كانت أشد الأمم غيرةً على أعراضها و حرصاً على نقاء نسلها و ترى الدفاع عن العرض من أهم ضرورات الشهامة و مقومات الرجولة و لا يتزوجون سوى العفيفة الحسيبة النسيبة من النساء طلبا لصفاء النسب
و يَأنفون مما ترتضيه سواهم من الأمم حولهم من أخلاق الدياثة و اختلاط الأنساب.
و هذا الطبع جاء كذلك في نتاجهم الأدبي فالشاعر يدفع عن نفسه تهمة السرقة و انتحال الأشعار لأنه يراها من دياثة الأدب و قد عرضنا جملة من هذا المعنى في غير هذه المشاركة فأغنى عن إعادتها.
و الناقد العربي القديم كان يتتبع الشعراء و يقص أثر أفكارهم بما يمتلك من خزينة شعرية ثرية فيميز السرقة الجلية من السرقة الخفية و يسمي المتقدم على المتآخر و يجلي الآخذ من المأخوذ عنه.
و يشبه فعل الناقد العربي في تتبعه أنساب الأبيات فعلَ النسابة في تتبع أنساب أجيال الناس.

ب. حياة المؤلف و الحق الفكري:
يبقى المؤلف حيا في ذهن الشاعر و الناقد في النقد العربي ، فإذا قال قائل بمقالة سابق له قالوا: له قد سبقك بها فلان بن فلان؟ فيبقى ذكره بين الناس نديا و أَرَج فكره ذكيا
فلا يعتدي على حقوقه الفكرية معتدٍ إلا و أنصفوا الأول من الآخر.
بلا اعترف الشعراء بسبق بعضهم على بعض و استفادة اللاحق من السابق و في هذا يقول امرؤ القيس:
عوجا على الطلل المحيل لعلنا =نبكي الديار كما بكى ابن خذام

ج. الدفع للابتكار :
هذه الآلية الصارمة في حفظ حق الغير ، دفعت بالشعراء لكد الذهن و بذل الجهد لإيجاد معانٍ جديدة و طرح أفكار مبتكرة.
و يحضرني قول البحتري حين أجاب عن المقارنة بينه و بين أستاذه أبي تمام:
( هو أغوص للمعني منِّي ، و أنا أقوم لعمود الشعر من)
و قد استفاد أبو تمام من صريع الغواني مسلم بن الوليد في مسألة تطلب المعاني .
و لا يعد الشاعر شاعرا حتى يأتي بمعنى في بيت لم يسبقه إليه أحد أو يأتي بقصيدة على غير مثال في موضوعها ، و كان بشار بن برد يعرض عن شعر العباس بن الأحنف
و لا يذكره حتى سمع منه :
أَبكي الذينَ أذَاقُوني مَوَدَّتَهم = حتى إذا أيقظوني في الهوى رقدوا
واستنهضوني فلما قُمْتُ منتصبا= بثقْل ما حَمَّلوني وُدَّهم قَعدُوا
فقل الآن. أي اليوم أنت شاعر بحق.
و بعضهم ينسب البيتين أعلاه لبشار بن برد ؛ فالله أعلم.

ثناء صالح
20-09-2015, 05:20 PM
قلت أن هناك تناصا حتميا بين الإنسان ( الشاعر) و الطبيعة ( النص المشاهد)
فمثلا لو دخلت جماعة إنسانية واعية إلى طبيعة بكر خضراء أو جرداء
فما تخطيء العين أثر هذه الجماعة في تلك الطبيعة بعد زمن وجيز
و سيلحظ الناقد الوعي تأثير الطبيعة في سلوك الجماعة بعد حين
و من هذا التأثير دخول مشاهد الطبيعة في أدب الإنسان على شكل مفردات جديدة
لم تكن معروفة عند أسلافه فهذا التداخل بين عمل يد الإنسان في النص الطبيعي و خلق الطبيعة الانفعالَ في الإنسان
يخلقان نصاً جديدا من هذا التزواج النفسي و الفكري.
و لكي ندرك فعل الطبيعة في العمل الأدبي سأذكر هذه التجربة الشخصية
في بلدنا لا نعرف نبتة القهوة و لو سألت الناس هناك لما عرفوا غير ثمرتها التي تأتيهم من الحبشة و اليمن و البرازيل
و لكن حين زرت الحبشة و زرت مدينة بحر دار رأيت فيها أشجار القهوة و شاهدتُ كيف يحب أهل تلك الديار القهوة
و كيف يعدونها في كل صباح في طقوس لا يقدر على وصفها غير من خالط أهلها ، و تلك التجربة الطبيعية و أثرها في نفسي أوجدت نصا فريدا في فكرته
و في عرضه فلولا التداخل الذي حدث بيني و بين القهوة الحبشية من المرج للفنجان لما خطر ببالي
[/CENTER][/RIGHT]

السلام عليكم
التفاعل بين الإنسان والطبيعة باعتبارهما (نصين ) ينسحب على جميع أنواع التفاعل بين جميع أنواع الكائنات سواء أكانت حية أو غير حية ، باعتبار الكائنات جميعاً " نصوصاً" قابلة للتفاعل والتداخل ....!
إذن، فكل تفاعل أيا كان نوعه هو" تناص "....!
إذن ، فليس ثمة تفاعل في الكون يخرج خارج التناص!!...بل ما من مظاهر للوجود إلا وتعبر في حركتها التفاعلية عن حقيقة التناص ...:004:
أم أن للأستاذ عبده فايز الزبيدي رأياً آخر!!

عبده فايز الزبيدي
20-09-2015, 08:09 PM
السلام عليكم
التفاعل بين الإنسان والطبيعة باعتبارهما (نصين ) ينسحب على جميع أنواع التفاعل بين جميع أنواع الكائنات سواء أكانت حية أو غير حية ، باعتبار الكائنات جميعاً " نصوصاً" قابلة للتفاعل والتداخل ....!
إذن، فكل تفاعل أيا كان نوعه هو" تناص "....!
إذن ، فليس ثمة تفاعل في الكون يخرج خارج التناص!!...بل ما من مظاهر للوجود إلا وتعبر في حركتها التفاعلية عن حقيقة التناص ...:004:
أم أن للأستاذ عبده فايز الزبيدي رأياً آخر!!



و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
و أهلا بك مجددا أستاذة / ثناء صالح و سعيد بعنايتكم بطرحي،
والتناص _ أختي الكريمة_ هو تفاعل أو تداخل نص مع نص أو مع جملة نصوص ، و لكي أقرب الفكرة علينا أن نسأل ما هو النص؟
النص في أوجز عبارة _في نظري_ : هو كلام _مكتوب أو منطوق _ مفيد .
و من هذا مثلا يقول ابن مالك في ألفيته:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم
فالكلام (النص) يتكون من ألفاظ ذات وظيفة و هي التي عبر عنها ابن مالك بقوله: ( مفيد).
و هذا الكلام الذي سبق به ابن مالك كل منظري الغرب يعيده (هارتمان) فيقول عن النص : ( قطعة ُ ما ذات دلالة و ذات وظيفة، أي أنه قطعة مثمرة من الكلام)
أحببت أن أعيد لعلماء العربية بعض حقهم الذي تجاهله بعض نقاد العرب الذين وجهوا وجهتم للغرب و تركوا وراءهم الكنز الثمين ، المهم أعود لأوضح لجنابكم أن قولتكم:
(التفاعل بين الإنسان والطبيعة باعتبارهما (نصين ) ينسحب على جميع أنواع التفاعل بين جميع أنواع الكائنات سواء أكانت حية أو غير حية ، باعتبار الكائنات جميعاً " نصوصاً" قابلة للتفاعل والتداخل ....!
إذن، فكل تفاعل أيا كان نوعه هو" تناص "....!)
أغفلتْ جانبا مهما و هو أن النص كلام مكون من ألفاظ و الألفاظ تتركب من حروف رصت بطريقة مبدعة لتؤدى وظيفة الإفهام عن صاحب النص فلا الألفاظ منفردة هي النص و لا الحروف مجردة تعد نصا
كذا الحال في الطبيعة فالحصان وحده لا يعد نصا و لا الشجرة وحدها تعتبر نصا و لا الندى يعتبر نصا ما لم ينتظموا جميعا في سلسلة تكاملية توافقية مع سنن الحياة التي أودعها الله في الكون
فتجلب الانفعال في نفس المشاهد.
فالنص الأدبي الكامل من جهة الإنسان يتفاعل مع نص الأكوان الكامل (الطبيعة) .
و الله قد أمرنا بهذا التفاعل مع الطبيعة من حولنا فقال:
(إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ( 190 ) الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ( 191 ) ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ( 192 )) سورة آل عمران.
لندرس هذا الوحي العظيم من جهة التناص فنقول:
أمرنا الله أن ننظر في الطبيعة حولنا و نتأمل خلق السماء و عظمتها و سموها و ما فيها من مشاهد حركية تخلب القلب و تذكي العقل من سحاب مركوم و رياح تحوم و نجوم و مطر و ....و الأرض و ما فيها من نبات و دواب و .... و كذا حال الليل و النهار و تعاقبهما بين السماء و الأرض ، فهذا نص بين يدي الإنسان له مفرداته و معانيه.
و هو موجه للعقلاء الأدباء الألباء من الناس: ( الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض)
فهذا التفكر سببه النص الطبيعة ، فهل هناك نتاج ملموس من تداخل نص الإنسان ( عقله و مشاعره و عقيدته في خالقه ...) و نص الطبيعة بين يديه( من سماء و أرض و ليل و نهار) ؟
نعم هو نص جديد ينتج في الإنسان ليعبر عنه بكمال الإيمان بالله و الإجلاال للخالق كما حكاه الله لنا بقوله: ( ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار).
في حين هناك قلوب غلف و أعين طمس لا تتفاعل مع هذا الجمال و الجلال فلا تثيرها آيات السماء و الأرض ، يقول الحق تبارك و تعالى:
( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ( 105 ) ) سورة يوسف
معرضون غافلون غير مبدعين لغفلتهم عن تحسس مواطن الإبداع الرباني فحرموا من الإبداع الإنساني ولو بتسبيح الله ( سبحان الله) التي تنتجها قلوب واعية بما حولها
منفعلة بما تشاهده متداخلة مع جمل الكون الناطقة بالحال لا بالمقال عن عظمة الله الخالق المتعال.
فلا جرم أن نجد من الشعراء الواعين بالكون نصوصا أدبية منتجة من حالة التناص بين اللغة و الطبيعة

الدكتور ضياء الدين الجماس
20-09-2015, 09:11 PM
أخي الناقد عبده فايز الزبيدي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إن فكرة التناص حسب اطلاعي هي فكرة قديمة في الأدب العربي النقدي ظهر باسم السرقات كما تفضلتم. ولكن تطويره إلى المفاهيم الغربية الجديدة على إطلاقها وحشر تفاعل الطبيعة كنصوص مع نص الإنسان ( عقله) سيتولد عنه مفاهيم خطرة لا نهاية لها. مثلاً :
1- قد يخرج علينا فهيم بالتناص الطبيعي ليقول لنا أن الكتب السماوية هي عملية تناص بين الأنبياء والطبيعة والقرآن الكريم مثلاً الذي يتمثل بآيات نصية لفظية هي عملية تفاعل بين تفكير وعقل محمد صلى الله عليه وسلم مع المكونات الكونية التي كان يتفكر بها دائماً في ليله ونهاره وهو أفصح العرب فخرج علينا بهذه النصوص.
2- قد يقول قائل ان القرآن هو عملية تناص متولدة عن الكتب السماوية السابقة لأننا نجد الكثير منها متماثل.
3- قد يخرج علينا قائل بأن الأحاديث الشريفة هي تناص من القرآن الكريم ، وسيضيع مفهوم التفسير والشروح والسنة ضمن مفهوم التناص...
إن التناص Intertextuality مصطلح غريب أعجمي يجب أن نبتلعه ضمن مفاهيمنا العربية الأصيلة ولا نتبعهم بكل شيء يأتون به ، بمعنى نحن الذين نخضع المصطلح لمفاهيمنا الكونية الشمولية ولا نكون تابعين لما يؤطرونه لنا. ويبقى المصطلح محصوراً في النقد الأدبي ويرجى عدم خلطه بالمفاهيم الفلسفية إلا ضمن إطار التوضيح.
أرجو المعذرة وربما ما دفعني للمداخلة فهمي القاصر للتساؤل عما يمكن أن يؤدي إليه هذا المفهوم من التباس في الأذهان،
بوركتم

الدكتور ضياء الدين الجماس
21-09-2015, 01:19 AM
السلام عليكم
أود الاستفسار كيف نفسر هذه الحادثة :
نظمت قصيدة عن عبيدة بن الجراح قلت في أحد أبياتها :

لم يـعْـرف الخوف في سِلْم وفي هَرَجٍ = فالبيت يعرفه والحل والحرم

وأنا لا أحفظ الشعر - لاشعري ولا شعر غيري - وإنما أنظم ما يخطر ببالي, ,وإذ بأحد الأعضاء ينبهني إلى أن الشطر الثاني للفرزدق في قوله :
هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته = والبــيت يعــرفه والحــل والحرم

فأجبته بأنني لم أعرف أن للفرزدق هذا البيت ولا أحفظ من شعره شيئاً وبدلت الشطر كله وجعلته كما يلي:

لم يـعْـرف الخوف في سِلْم وفي هَرَجٍ = فالساح تعرفه والترس والقممُ

فكيف نفسر هذه الظاهرة ؟
هذا مفسر عند العلماء فكثيراً ما يكتشف عالمان شيئاً واحداً في الوقت ذاته ،
كفيروس السيدا في فرنسا والإيدز في أمريكا في الوقت ذاته وهو الفيروس ذاته.
ولكن هل التناص يفسره في الشعر ؟ وما دخل الطبيعة في ذلك
شكراً لكم

عبده فايز الزبيدي
21-09-2015, 11:23 AM
أخي الناقد عبده فايز الزبيدي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إن فكرة التناص حسب اطلاعي هي فكرة قديمة في الأدب العربي النقدي ظهر باسم السرقات كما تفضلتم. ولكن تطويره إلى المفاهيم الغربية الجديدة على إطلاقها وحشر تفاعل الطبيعة كنصوص مع نص الإنسان ( عقله) سيتولد عنه مفاهيم خطرة لا نهاية لها. مثلاً :
1- قد يخرج علينا فهيم بالتناص الطبيعي ليقول لنا أن الكتب السماوية هي عملية تناص بين الأنبياء والطبيعة والقرآن الكريم مثلاً الذي يتمثل بآيات نصية لفظية هي عملية تفاعل بين تفكير وعقل محمد صلى الله عليه وسلم مع المكونات الكونية التي كان يتفكر بها دائماً في ليله ونهاره وهو أفصح العرب فخرج علينا بهذه النصوص.
2- قد يقول قائل ان القرآن هو عملية تناص متولدة عن الكتب السماوية السابقة لأننا نجد الكثير منها متماثل.
3- قد يخرج علينا قائل بأن الأحاديث الشريفة هي تناص من القرآن الكريم ، وسيضيع مفهوم التفسير والشروح والسنة ضمن مفهوم التناص...
إن التناص Intertextuality مصطلح غريب أعجمي يجب أن نبتلعه ضمن مفاهيمنا العربية الأصيلة ولا نتبعهم بكل شيء يأتون به ، بمعنى نحن الذين نخضع المصطلح لمفاهيمنا الكونية الشمولية ولا نكون تابعين لما يؤطرونه لنا. ويبقى المصطلح محصوراً في النقد الأدبي ويرجى عدم خلطه بالمفاهيم الفلسفية إلا ضمن إطار التوضيح.
أرجو المعذرة وربما ما دفعني للمداخلة فهمي القاصر للتساؤل عما يمكن أن يؤدي إليه هذا المفهوم من التباس في الأذهان،
بوركتم



أهلا بأخي الأديب د. ضياء الدين جماس
نعم التناص في مفهوم المغرب هو سرقة لجهود أسلافنا مع بعض التحوير فالعربية المحكية من قبل القرآن ليومنا هذا هي أقدم و أعرق لسانٍ عرفته البشرية و ما يزال حيا و سيبقى حيا لحفظ الله له بهذا القرآن العظيم
و لا أشكُ لحظة أنَّ كلَّ منظري الغرب اطلعوا على ترجمات أعمال أسلافنا فاستفادوا منها و نقلوها في لغتهم و لكن لم يشيروا لفضلنا عليهم.


و بخصوص ما تفضلت به علينا مشكورا من أسئلة كريمة فيسعدني أن أجيب عليها قدر استطاعتي:
أ. قولكم بارك الله فيكم:
( ولكن تطويره إلى المفاهيم الغربية الجديدة على إطلاقها وحشر تفاعل الطبيعة كنصوص مع نص الإنسان ( عقله))

لم أقل أن كل نص يتولد من تناصٍ بين الإنسان و ما حوله من الطبيعة بل قلت إن هذا نوع واحد من جملة أنواع منها تناص نص أدبي مع آخر و تناص ثقافة أمة مع أخرى و هناك من يذكر التناص التأريخي ( أي التناص مع أحداث التأريخ) وهلمَّ جرا ..... .


ب.قولكم حفظكم الله :
( قد يخرج علينا فهيم بالتناص الطبيعي ليقول لنا أن الكتب السماوية هي عملية تناص بين الأنبياء والطبيعة والقرآن الكريم مثلاً الذي يتمثل بآيات نصية لفظية هي عملية تفاعل بين تفكير وعقل محمد صلى الله عليه وسلم مع المكونات الكونية التي كان يتفكر بها دائماً في ليله ونهاره وهو أفصح العرب فخرج علينا بهذه النصوص.)
التناص مع الطبيعة هو أن تأثر الطبيعة في كاتب فيخرج نصا فيه من الطبيعة و إنسانيته .و قد اتهم الكفار سيدنا محمدا عليه الصلاة و السلام بأشد من هذا فيما حكاه لنا عنهم القرآن في كتابه العزيز:
قال تعالى مخبرا عنهم في اتهامه لشخص نبيه الكريم صلوات ربي و سلامه عليه :
( وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب( 4) ) سور ص .
( وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون)
و قال جلَّ شأنه عنهم في تطاولهم على كلامه جل شأنه(القرآن) :
حيثُ زعموا أنه صلوات ربي و سلامه عليه نظر في كتب الأولين و أخذ منها :( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا(5)) سورة الفرقان.
و ادَّعوا أن هذا القرآن أخذه محمد صلى الله عليه و سلم من رجل أعجمي بمكة _ شرفها الله_ كان صانعا فقال الله عنهم:
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ۗ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (103) ) سورة النحل.
وقد رد الله عن كتابه وعن نبيه بكلام جليل فقال عن نبيه :
(و إنك لعلى خلق عظيم) فصاحب الخلق لا يكذب على الناس فكيف بالله خالقه ، و صاحب الخلق صادق فما جاء به من قِبَلِ الله هو الصدق.
و قال تبارك و تعالى : (و ما صاحبكم بمجنون) فنفى عن رسوله صلى الله عليه و سلم تهمة الجنون .
و دافع عن كتابه _فالقرآن هو كلام الله لفظاً و معنى _ فقال تبارك و تعالى ، متحديا:
( و إن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين)
ثم تحدى الله كل الخلق و نحن نتحدى بهذا التحدي الإلهي كل أفاك أثيم أن يجيب عن هذه الآية الجليلة:
( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )سورة الإسراء

و من جهة النقاش تنزلاً مع من قال أن هذا القرآن هو كلام محمدٍ صلى الله عليه و سلم سواءً تناص أم لم يتناص مع غيره نقول:
أ. كيف يكون بشريا من عند محمد و فيه :
( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)) سورة الكهف
ب.كيف يكون من عندي عربي و ليس فيه نداء ( يا أيها العرب) بل فيه ( يا بني أسرائيل).
ج. كيف يكون من عند محمد صلى الله عليه و سلم و لم يكتب اسمه عليه كمؤلف.
د. من أين لعربي أمِّي_ فدته روحي_ في ذاك العهد أن يعرف أسرار الكون (الفضاء) و الطب و الهندسة و الجيلوجيا التي تم معرفة بعضها اليوم .
كل هذه الأدلة ترد شبهة جلب محمد صلى الله عليه و سلم من عند نفسه بكده و جهده.


و لكن الأغرب من هذا هو تطاول من يدعي الإسلام من سموه بـ (عميد الأدب العربي) زورا و بهتانا أعنى أعمى البصر و البصيرة (طه حسن) عامله الله بما يستحقه حين قال أن القرآن عمل بشري.


2. و قولكم( قد يقول قائل ان القرآن هو عملية تناص متولدة عن الكتب السماوية السابقة لأننا نجد الكثير منها متماثل.)
يشترط في التناص أن يقع بين مختلفين مثلا بين نص لزيد و نص لمزيد أو بين نص لعامر و جملة نصوص متقدمة عليه .
و الكتب السماوية مصدرها واحد هو الله و الله يوحي لأنبيائه برسالة الإسلام التي هي دين كل موحد من لدن ابينا آدم إلى مبعث سيدنا محمد ( إن الدين عند الله الإسلام) سابقا و لاحقا
( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) و تسمية أهل الحق بالمسلمين وحي كذلك ( ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) و اختلاف الشرائع باختلاف أحوال الناس هذا من مقتضى الحكمة الإلهية.
فالتناص ينتفي في هذه الحالة لأن القائل واحد هو الله ( حم عسق(1) كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم (2) ) فكل نبي شرعه و رسالته هي وحي من الله العلي الحكيم.

3. قولكم سلمكم الله : ( قد يخرج علينا قائل بأن الأحاديث الشريفة هي تناص من القرآن الكريم ، وسيضيع مفهوم التفسير والشروح والسنة ضمن مفهوم التناص...)
إن كان المراد أن السنة من وحي الله ، فنعم.
لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
( (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) وقوله ( مثله معه) يعني بها السنة المطهرة غير أن اللفظ للنبي و المعنى من الله.

و بذا يكون المصدر واحد و ما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سوى رسول مبلغ عن ربه فقط.

عبده فايز الزبيدي
21-09-2015, 01:53 PM
السلام عليكم
أود الاستفسار كيف نفسر هذه الحادثة :
نظمت قصيدة عن عبيدة بن الجراح قلت في أحد أبياتها :

لم يـعْـرف الخوف في سِلْم وفي هَرَجٍ = فالبيت يعرفه والحل والحرم

وأنا لا أحفظ الشعر - لاشعري ولا شعر غيري - وإنما أنظم ما يخطر ببالي, ,وإذ بأحد الأعضاء ينبهني إلى أن الشطر الثاني للفرزدق في قوله :
هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته = والبــيت يعــرفه والحــل والحرم

فأجبته بأنني لم أعرف أن للفرزدق هذا البيت ولا أحفظ من شعره شيئاً وبدلت الشطر كله وجعلته كما يلي:

لم يـعْـرف الخوف في سِلْم وفي هَرَجٍ = فالساح تعرفه والترس والقممُ

فكيف نفسر هذه الظاهرة ؟
هذا مفسر عند العلماء فكثيراً ما يكتشف عالمان شيئاً واحداً في الوقت ذاته ،
كفيروس السيدا في فرنسا والإيدز في أمريكا في الوقت ذاته وهو الفيروس ذاته.
ولكن هل التناص يفسره في الشعر ؟ وما دخل الطبيعة في ذلك
شكراً لكم

بخصوص بيتك :
لم يـعْـرف الخوف في سِلْم وفي هَرَجٍ = فالبيت يعرفه والحل والحرم
و بيت الفرزدق:
هذا الذي تعـــرف البطحاء وطأته = والبــيت يعــرفه والحــل والحرم

هذا من باب التضمين المجزوء.
و مرده حفظك للبيت أو شطر البيت _ مع عدم معرفتك كما أسلفتَ_ بقائله لكثرة تردده في الإعلام اليوم.
نعم هذا تناص مع نص الفرزدق ، و لا دخل للطبيعة في هذا الأمر
فالتناص مع الطبيعة شأن آخر.
والله يحفظكم.:0014:

الدكتور ضياء الدين الجماس
21-09-2015, 02:43 PM
أخي الفاضل عبده فايز الزبيدي
أكرمك الله على جهدك بالرد المركز على إثبات أن القرآن الكريم وحي من عند الله تعالى بأدلة قرآنية نحن كمسلمين مؤمنون بها ـ وهناك أدلة علمية وغيبية أخبر عنها القرآن الكريم وتبين صدقها وغير ذلك ،ولكن الإثبات لغير المسلمين صعب إذا قبلنا بمفهوم التناص على إطلاقه . جاءت مداخلتي للتحذير من الاستغراق في مفهوم التناص وإعطائه أكبر من حجمه فقط.
وأما حفظي لبيت الشعر من الإعلام فغير وارد لأنني لا أسمع الإعلام إلا للأخبار العامة فقط ، وقضيت عمري في التأليف العلمي والشرعي والترجمة الطبية ناهيك عن عملي كطبيب في العيادة والمستشفيات، وليس عندي وقت للشعر لولا تقاعدي في السنوات الأخيرة ، ولو عدت للعمل فلن تراني إلا نادراً.
هناك طرق أخرى غيبية إلهامية محيطة بالإنسان (ويؤمنون بالغيب) لها أثر بطريقة ما في تصرفات الإنسان من قول أو عمل والله أعلم.
أشكركم أخي الكريم على ردودكم الطيبة وبارك الله لكم وفيكم وكتبها في صحيفة أعمالكم.:noc:

عبده فايز الزبيدي
21-09-2015, 04:27 PM
أخي الفاضل عبده فايز الزبيدي
أكرمك الله على جهدك بالرد المركز على إثبات أن القرآن الكريم وحي من عند الله تعالى بأدلة قرآنية نحن كمسلمين مؤمنون بها ـ وهناك أدلة علمية وغيبية أخبر عنها القرآن الكريم وتبين صدقها وغير ذلك ،ولكن الإثبات لغير المسلمين صعب إذا قبلنا بمفهوم التناص على إطلاقه . جاءت مداخلتي للتحذير من الاستغراق في مفهوم التناص وإعطائه أكبر من حجمه فقط.
وأما حفظي لبيت الشعر من الإعلام فغير وارد لأنني لا أسمع الإعلام إلا للأخبار العامة فقط ، وقضيت عمري في التأليف العلمي والشرعي والترجمة الطبية ناهيك عن عملي كطبيب في العيادة والمستشفيات، وليس عندي وقت للشعر لولا تقاعدي في السنوات الأخيرة ، ولو عدت للعمل فلن تراني إلا نادراً.
هناك طرق أخرى غيبية إلهامية محيطة بالإنسان (ويؤمنون بالغيب) لها أثر بطريقة ما في تصرفات الإنسان من قول أو عمل والله أعلم.
أشكركم أخي الكريم على ردودكم الطيبة وبارك الله لكم وفيكم وكتبها في صحيفة أعمالكم.:noc:

وفيك بارك أخي الكريم
و شكرا لك على اهتمامك
و قد استفدت من جميل مداخلتك و بديع توجيهك
و أهلا و مرحبا بك و بقلمك دائما أبدا.:0014:

عبده فايز الزبيدي
22-09-2015, 11:39 PM
سنتحدث في قابل المشاركات _ إن شاء الله تعالى _ عن التناص ( السرقة الأدبية) في الأدب الغربي
و نرحب بكل المشاركات .