تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : طفل الشاطئ .. الصورة والحقيقة



هشام النجار
07-09-2015, 07:48 PM
لا يفيد البكاء على الصورة ، لكن يفيد تأمل حقائقها وقراءة معانيها وخلفياتها ، وصورة طفل الشاطئ وضعت حقيقة واقع العرب الآن أمام أعينهم .
العرب تم اختراقهم بالفتن والانقسامات ، وتم بالفعل دخول الأعداء كل بميليشياته ، وتم تدمير وتفكيك بنية الأوطان العربية ومؤسساتها ومحو حدودها .
ماتيو كرواساندو الكاتب بمجلة لونوفال أوبسرفاتير تحت عنوان " كل هذا من أجل هذا الجحيم " ، يقول " إن الصورة الفظيعة كفيلة وحدها بإقناع العالم وأوروبا ، بضرورة المرور من طور الاكتفاء بالكلام إلى طور الفعل وفوراً " .
ماتيو يوجه نداءاته لأوربا والعالم ، بينما المشكلة فى الأساس عند العرب وحل المعضلة لدى العرب .
كيف تحول العرب فى أكبر وأهم معاقلهم التاريخية الى مهجرين ولاجئين ؟
حدث هذا عندما تخلينا عن تماسكنا العربى ووحدتنا العربية ، وقبل البعض أن يذهب الى بيت الطاعة الايرانى وبيت الطاعة الأمريكى يكنس الأرض ويمسح ويغسل ويكوى ثياب الملالى والجنرالات وأعضاء الكونجرس .
عندما تخلوا عن الحرية واستقلالية الارادة ورضوا بمصير خادمة تنتقل من متعهد الى متعهد بحسب احتياجات سوق السياسة الاقليمية والدولية .
لماذا تفقد بعض الأوطان العربية اليوم هويتها ومصادر قوتها وتتحول شعوبها الى مجموعات من اللاجئين ، يتفرج العالم كله على مآسيهم وعذاباتهم اليومية .
لأننا لم نعد على حقيقة العرب الحقيقيين ، الذين كانوا يخيفون الأعداء فلا يقتربون من أراضيهم ولا يجرأون على اقتحام حدودهم بسكينة أو حجر ، فضلاً عن اقتحامها بجيوش الميليشيات الطائفية .
ضرب أحدهم يوماً لذلك مثالين : الثمار المصنوعة من الخزف تتراءى للناظر كأنها تفاح ورمان وبرتقال وموز فى اللون والشكل ، ولكن أين الصورة من الحقيقة وأين طعم هذه الثمار ورائحتها ؟ انها ليست الا للزينة ، كذلك فى المتحف ؛ نرى كل نوع من السباع والأنعام والطيور الجميلة والعصافير الصغيرة ، ففيها الأسد والذئاب والأفيال ، وفيها كل طائر جارح وكل سبع مخيف ، ولكنها جثث هامدة لا حراك بها ، وأجساد ميتة محشوة بالليف والقطن ، ليس فيها رمق من حياة وقوة تهجم بها وتصول .
أكبر انقلاب وقع فى تاريخ هذه الأمة هو أن الصورة احتلت مكان الحقيقة ؛ انها صورة مجرد صورة ، لا تستطيع أن تسد مكان الحقيقة وتنوب عنها ، ولا يمكن أن تمثل دورها فى الحياة وتأتى بما تأتى من عمل ونشاط ، ولا يمكنها أن تقاوم أو تنتصر على حقائق الباطل المبثوثة فى العالم ؛ لأن الصورة المجردة أضعف من أن تنتصر على أى حقيقة .
لم يعد العرب على حقيقتهم الأولى ، فكيف يصمدون أمام حقيقة وواقع الفرس والروم الآن وما يمتلكون من جيوش ومخططات وعقول وارادة مشتركة ؟
الأعداء الذين كانوا يرون الصورة من بعيد يعتقدون أنها هى الحقيقة فيذعرون ولا يجرؤون على الاقتراب ، فكانت هذه الصورة كمجدار " خيال مآتة " ينصبه الفلاح فى حقله كيلا يحل فيه الطير والوحش ، ولا تزال الطيور والوحش تظن أنه انسان أو حارس فلا تقربه ، حتى تشجع غراب ذكى جرئ فيجد أنه ليس بشئ ، فتدخل الطيور والوحوش فى هذا الحقل وتعيث فيه وتتلف زرعه ، وقد وقع للمسلمين والعرب نفس الحادث .
لقد حرستهم صورة الاسلام وصورة العربى البطل مدة طويلة جداً فلم تجترئ عليهم وحوش العالم وذئابها ، ولم يدر بخلد أحد أن يمتحن هذا الشبح المخيف ويتحققه الى أن أغار التتار على بغداد ، يومها افتضح المسلمون والعرب وظهر افلاسهم فى الروح والقوة المعنوية ، من ذلك الحين أصبحت الصورة عاجزة عن أن تحافظ عليهم وتذود عنهم المكروه وتدفع عنهم غارات الأمم .
ولا يزال المغول الطائفيون يقتحمون ديارنا وبلادنا العربية ويرتكبون فيها الأهوال ، وهدفهم التهام العرب جميعاً وبلادهم وثرواتهم .. مالم يسارعوا الى العودة من جديد الى الحقيقة ، انطلاقاً من نقطة الصمود العربى الأولى ... مصر .

ناديه محمد الجابي
07-09-2015, 10:27 PM
وصف بفهم عارف وحرفية مفكر أديب
ولا أقول إلا أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
اللهم أحي منا الموات ، ولا تهلكنا بما فعل السفهاء منا
سلم الفكر والقلم . :001:

ربيحة الرفاعي
09-09-2015, 12:43 AM
لله روعة الفكر وعمق الرؤية وألق التعامل مع المشهد لنقله من التأثير الانفعالي السلبي المقتصر على الصياح والعويل للفعل الواعي المتحرك باتجاه التغيير
هذه الإيجابية هي ما ينتظر من الجماهير والتوجيه إليها هو ما ينتظر من المفكرين والمبدعين

لقلمك وفكر التحايا أيها الرائع

أحمد مصطفى الأطرش
09-09-2015, 12:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم ياسيدي لقد غدونا كالزبد ومضى زمن الذي كتب فيه هارون الرشيد ( من هارون الرشيد إلى كلب الروم ) وعدنا إلى من يناصر الروم وآخرين يناصرون الفرس والسبب ياسيدي فقدان الشعور الوطني واستعانة بعضنا بأعدائنا لنصرتنا على اخوتنا فغدونا من خير أمة اخرجت للناس غلى سوء أمة .
بارك الله بك ودام رقي حرفك