تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من أنتِ!!!



وفاء الحسني
13-09-2015, 09:07 AM
لم أكن أعلم أن الحياة أقصر مما نعتقد، وأنها تتمدد على قارب صغير يخترق زرقة البحر والموج الطافح بأسرار الأعماق
لا تحاور أوردة شحيحة النبض..
البحر أمي، وأمي هي الحياة، الحب، حبها يجعل الحياة بطعم محتمل، تمنح قلبها شمسا...
لسنوات شغلت عن زيارتها، أما هي فقد كانت تزورني كل عام، لعلمها أنني مقيدة بأطفالي ومسؤولياتهم، إضافة إلى تسلط زوجي ذو المزاج الصعب
منذ خمسة أعوام توقفت عن زيارتي، لكننا كنا نتواصل هاتفيا كل يوم، وقبل أيام صدمت عندما قالت لي صوتك لا يشبه صوت ابنتي ضحى!
اتصلت بأخواتي فقلن لي إنه بداية الزهايمر، بدأ ينهش ذاكرتها، قررت زيارتها وترك كل شيء خلفي...
دخلت عليها وهي جالسة على حافة سريرها، نظرت إلي وقالت من أنت؟
اقتربت واحتضنتها قلت لها: أنا ضحى.. ضحى ابنتك، أخذت تنظر إلي بتمعن واستغراب، لمحت في عينيها طفلة تعاني من الفقد، طفلة ليس لها أب أو أم.. تبحث في ملامحي عن وجه كانت تعرفه..
بعد دقائق قالت بفرح: ضحاااا... واحتضنتني وبكت، وبكيت بفرح حتى أني نسيت نفسي بحضنها.
سهرت في غرفتها حتى وقت متأخر.. صباح اليوم التالي وبعد الإفطار اقتربت منها وقبلت يديها، سألتني من أنت؟
بكيت وأنا أتأمل وجه أمي الذي يطل منه ذلك الطفل الضائع، طفل يحاول أن يلتقط من أطراف الذاكرة أسماء، أمي تردد أسماء لأشخاص لم يعودوا بين الأحياء
أهمس وأنا أدلك قدميها: أمي أنت كنزي الذي أتمنى أن لا أفقده...
قضيت أكثر من ثلاثة أسابيع مع أمي وهي بين النسيان والتذكر، وحين ودعتها للعودة إلى ابنائي بكيت وانهمر الدمع بغزارة..
حتى وصلت لمدينتي وجدتها مغتسلة بالمطر، لم أبتسم إلا عندما شاهدت بعض الناس على الرصيف يستدفئون بالحطب ويثرثرون ويضحكون بفرح
تذكرت المجمعات التجارية والمطاعم الفخمة هناك، والناس الذين يجتمعون ليحاكي كل منهم جهازه الخاص.. وعدت للبكاء حين تذكرت أمي..
أمي عادت طفلة، لكنها طفلة لا تكبر
وحين يصغر الكبار تترك الصور أصواتها حتى يشيخ النسيان..
يرحل وحيدا.. بعيدا .. بعيدا وينهمر...

ناديه محمد الجابي
13-09-2015, 10:05 AM
وكأنه عقاب رباني عندما ينشغل الأبناء بالحياة ومشاغلها
فيصبح الوالدين في الدائرة المظلمة من الذاكرة ـ كذلك يفعل
هذا المرض .. فيأخذ العقل في نسيان إجباري لأقرب الناس
فيترك الأبناء في هلع وخوف وحزن ، وشهور رهيب بالفقد.
نص جميل مؤثر ـ واللغة إطاربهي يزين الفكر الرائع
رقيقة معانيك وشفيفة مشاعرك .
دمت بألف خير. :001:

وفاء الحسني
13-09-2015, 10:05 PM
وكأنه عقاب رباني عندما ينشغل الأبناء بالحياة ومشاغلها
فيصبح الوالدين في الدائرة المظلمة من الذاكرة ـ كذلك يفعل
هذا المرض .. فيأخذ العقل في نسيان إجباري لأقرب الناس
فيترك الأبناء في هلع وخوف وحزن ، وشهور رهيب بالفقد.
نص جميل مؤثر ـ واللغة إطاربهي يزين الفكر الرائع
رقيقة معانيك وشفيفة مشاعرك .
دمت بألف خير. :001:

كلماتك رفيعة الإحساس الجمال
شكرا لنورك
لمسك قلمك
العذب الجميل

تحية وأكـثر

ربيحة الرفاعي
14-09-2015, 08:58 PM
حين يصغر الكبار تترك الصور أصواتها حتى يشيخ النسيان..
موضوع إنساني مؤثر يكفل للنص متابعة متفاعلة
وقفلة إنشائية بومضة تعبيرية عميقة

تحاياي

وفاء الحسني
15-09-2015, 09:46 AM
موضوع إنساني مؤثر يكفل للنص متابعة متفاعلة
وقفلة إنشائية بومضة تعبيرية عميقة

تحاياي



هذه الذاكرة
كشجرة قطفت ثمارها
بعد نضوج الخريف
وهذا النسيان
لا أحد يسكنه
قبل سقوط
أوراقه


شكرا د. ربيحة لنورك الغالي
مرورك شهادة للقصة
محبتي وتقديري

تيسير الغصين
15-09-2015, 08:33 PM
قصة رائعة مؤثرة محكمة السرد ، مشوقة
لو كانت أمي على قيد الحياة لهرولت إليها على الفور بعد قراءتي لقصتكِ!
تحياتي لنبض قلمك أستاذة وفاء

وفاء الحسني
18-09-2015, 10:15 AM
قصة رائعة مؤثرة محكمة السرد ، مشوقة
لو كانت أمي على قيد الحياة لهرولت إليها على الفور بعد قراءتي لقصتكِ!
تحياتي لنبض قلمك أستاذة وفاء

شكرا لمرورك الجميل


ولوالدتك نسأل الله لها المغفرة والرحمة
قال ﷺ:"إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة :
إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له".

خالص الشكر لك

وفــــاء

الفرحان بوعزة
18-09-2015, 11:29 AM
المبدعة المتألقة وفاء تحية طيبة ..
نص قصصي جميل جمع بين جودة اللغة والسرد المترابط لإبراز حالة الأم التي تحولت من وضعية الوعي والإدراك إلى حالة النسيان وانعدام التركيز ،
كم هو قاس على النفس عندما تسأل الأم أو الأب من أنت ؟ ومتى وصلت ؟ فلا أنكر أنني عشت هذه التجربة ، والنص ذكرني جيدا لأنه تعرض لكل تفاصيل
النسيان والتذكر وكأن الحالة مشتركة بين الإنسان وأخيه الإنسان خاصة في حالة تأخر العمر ..
فالسعيد هو من رضيت عنه أمه ، والشقي هو من اهتم بنفسه وأولاده وأهمل أمه .. ولا حاجة للتذكير بما قال الله في حق الأم ،
نص شيق رغم ألمه ،لكنه يحمل في طياته العبرة والتذكير والتنبيه لكل إنسان ما زالت امه على قيد الحياة .. فليسارع إلى احتضانها والوقوف بجانبها حتى يجعل الله خيرا ..
مودتي وتقديري ..

وفاء الحسني
20-09-2015, 03:49 PM
المبدعة المتألقة وفاء تحية طيبة ..
نص قصصي جميل جمع بين جودة اللغة والسرد المترابط لإبراز حالة الأم التي تحولت من وضعية الوعي والإدراك إلى حالة النسيان وانعدام التركيز ،
كم هو قاس على النفس عندما تسأل الأم أو الأب من أنت ؟ ومتى وصلت ؟ فلا أنكر أنني عشت هذه التجربة ، والنص ذكرني جيدا لأنه تعرض لكل تفاصيل
النسيان والتذكر وكأن الحالة مشتركة بين الإنسان وأخيه الإنسان خاصة في حالة تأخر العمر ..
فالسعيد هو من رضيت عنه أمه ، والشقي هو من اهتم بنفسه وأولاده وأهمل أمه .. ولا حاجة للتذكير بما قال الله في حق الأم ،
نص شيق رغم ألمه ،لكنه يحمل في طياته العبرة والتذكير والتنبيه لكل إنسان ما زالت امه على قيد الحياة .. فليسارع إلى احتضانها والوقوف بجانبها حتى يجعل الله خيرا ..
مودتي وتقديري ..

الأستاذ: الفرحان بوعزة

أشكر قراءتك المتذوقة للنص
وحضورك المعطاء الممطر
شفافية ووسامة الكلمة
المشرقة الصافية

أسعدني تواصلك بما تملك من كياسة
ولباقة وأدب جميل

كل التقدير

وفــــاء

مصطفى الصالح
30-09-2015, 01:22 AM
..

هذا النص
مميز بين نصوصك
كم المشاعر فيه هائل
كون الام هي العاطفة كلها
إيقاد جميل للفكرة وتأثيث إبداعي للحدث
قلبا وقالبا روعة
أبدعت

ربما أعود

تقديري

وفاء الحسني
03-10-2015, 11:16 AM
..

هذا النص
مميز بين نصوصك
كم المشاعر فيه هائل
كون الام هي العاطفة كلها
إيقاد جميل للفكرة وتأثيث إبداعي للحدث
قلبا وقالبا روعة
أبدعت

ربما أعود

تقديري

نعم تأثيث بيت النص كان مرهقا وصعبا..
ولو أنه يبدو العكس لكنني وجدت صعوبة في التبسيط
وفك التكثيف الذي تغذى عليه قلمي من نبعي السري والخاص


كل الشكر والتقدير

وفـــــــاء

خلود محمد جمعة
05-10-2015, 12:47 PM
وحين يصغر الكبار تترك الصور أصواتها حتى يشيخ النسيان..
وتشيخ قلوبنا حزنا عليهم
رائعة
بوركت وكل التقدير

وفاء الحسني
08-10-2015, 06:00 PM
وحين يصغر الكبار تترك الصور أصواتها حتى يشيخ النسيان..
وتشيخ قلوبنا حزنا عليهم
رائعة
بوركت وكل التقدير


صدقت.. قلوب الأمهات أكثر من فاتنة
قلوب الأمهات لا تشيخ

كل االشكر والتقدير

وفــــــاء