مشاهدة النسخة كاملة : التوحيد والشرك - للشيخ العارف بالله عبد الغني العمري
إدريس الشعشوعي
07-10-2015, 10:27 PM
العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري ( الحسني نسبا ) حفظه الله تعالى.
شبه المنكرين : التوحيد والشرك.
__________________________________
التوحيد والشرك
كان الناس في القرون الأولى يسألون عن إسلام المرء؛ وكانوا يميزون بين إسلام وإسلام، من حيث الظاهر؛ فيقولون عمن يُعجبون بحاله، أنه حَسَن الإسلام. وجاءت بعدهم قرون صار المسلم يتهم أخاه المسلم بالشرك، ويجرده من حقوقه المعروفة تبعا لذلك. ولا شك أن هذا الفعل من البدع المستحدثة، التي لا نرى من يزعم الحرص على السنة ينبه إليها ويحذر من نتائجها الخطيرة.
ولا بأس هنا أن نتكلم قليلا في مسألة التوحيد والشرك؛ حتى نتبيّن ما يمكن أن يكون معالم لنا في طريق الحق، فنقول:
1. إن من لا يعلم التوحيد لا يعلم الشرك، من باب: بأضدادها تعرف الأشياء.
2. إن التوحيد منه عام وخاص، فإن أخذ العوام خواص الأمة بمعايير التوحيد العام، فإنهم سيجدونهم فاسقين؛ والحال أنهم أعلى منهم مرتبة. وإذا اختلت الموازين، فإن الأمة سيصيبها الضرر ويصير بعضها يُنكر على بعض، إلى الحد الذي قد يصير مع الجهل عداوة ومقاتلة. وهذا ما حدث تحقيقا في العقود الأخيرة.
3. نسأل من يزعم لنفسه التوحيد أسئلة لا ننتظر جوابها، بقدر ما نريد أن ننبه إلى الجهل المتعلق بمحاور التوحيد فيها:
ا- ما نسبة وجود المخلوق إلى الوجود الحق؟ وهل الوجود وجود واحد، أم وجودان؟ فإن قيل وجودان، فهذا عندنا هو الشرك بعينه؛ وإن قيل واحد، فكيف تكون له نسبتان: حقية وخلقية؟ فإن قيل: لعلك تلمح إلى "وحدة الوجود"؟ نقول: نحن نقول بأحدية الوجود لا بوحدته. وعلى الناظر، إن وجد عجزا من نفسه على الخوض في هذه الأمور، أن يتوقف ويشتغل بما ينفعه. وما أوسع دائرة العمل الصالح في الإسلام، لو أن الناس لم تأخذهم توجيهات إبليس عنها!
ب- هل الخوض في علم التوحيد بآلة الفكر والنظر وحدها، من عمل السلف؟ أم أنها من عمل المتكلمين الذين تفلسفوا في الدين؟ وإذا لم يكن هذا نهج السلف الأُول، فلم يُنسب إليهم زورا وبهتانا؟
ج- هل العقول، على درجة واحدة من حيث الاستعداد والأهلية، للخوض في التوحيد؟ فإذا كانت على درجة واحدة، فبم اختلفت مراتب الدين حتى كانت إسلاما وإيمانا وإحسانا؟ أما إن اختلفت، فلمَ مطالبة المختلفين بتوحيد النظر في مسألة ما، دون غيرها من المسائل الأخرى؟ فإن قيل: نحن نريد وحدة في الحد الأدنى من النظر في المسألة الواحدة! قلنا: ونعم ما تقولون! لكن لم تُغفلون الاختلاف فيما فوق هذه الدرجة المشتركة؟ فلعل بعضا مما تنكرون، يعود إليها؟!
د- ما هي متعلقات التوحيد؟ وهل الخلل الموجود في النظر إليها، يغير منها شيئا؟ أم هو عائد على الناظر وحسب؟ فإن كان النظر يغير المنظور إليه، فإن الحق قد يصير باطلا، والباطلَ قد يصير حقا. وبهذا تنهدم أسس النظر من الأصل. أما إن كان النظر لا يغير من الواقع شيئا، فهذا يعني أن الخلاف وهمي. وإن كان وهميا، فكيف يبلغ الوهم كل هذا التأثير في الواقع؟ حتى يبلغ أن يقتتل الناس من أجله؟
ه- هل للشرك حقيقة يعود إليها في وجوده؟ فإن كانت له حقيقة، فكيف تكون مشاهدة التوحيد فيما هو عائد إلى الشرك؟ وإن لم تكن له حقيقة، فمن أين جاء الشرك؟ وهل للشرك والتوحيد نفس المرتبة في العقول؟ نعني هل هما ندّان عقلا؟
و- هل وجود التوحيد مرتبط بوجود الشرك؟ أم هما غير متلازمين وجودا وعدما؟
ز- هل الموحد، يمكن أن يكون مشركا؟ وهل يمكن أن يبلغ التوحيد من الخلوص درجة تُفنيه، فيصبح لا توحيدا. وهل هذه المرتبة يقابلها شرك، أم يفنى الشرك بفناء التوحيد معها؟ وإن قلنا بفنائهما معا، فما هذا المقام الذي هو لا توحيد ولا إشراك؟ وما دليله من الكتاب والسنة إن وُجد؟
أردنا بهذه الأسئلة، أن ننبه القارئ إلى ما يخوض فيه من مسائل، قد لا يتعمق فيها بالدرجة التي تستحقها. ولولا التقليد الذي يجعل الناس يكررون أخطاء أئمتهم جيلا بعد جيل، لكُفيت الأمة شرا كثيرا. لكن، إن كان القارئ يتساءل: فما التوحيد عندكم؟ وما الشرك؟ فنقول:
إن للتوحيد عندنا بداية، ووسطا ونهاية. فأما البداية فهي ما عليه عموم المسلمين من العقائد الموافقة لما ورد به الوحي، من غير تكلف ولا تنطع. وأما وسطه فإدراكه منوط بسلوك الطريق ذوقا، لذلك هذا التوحيد خاص بالسالكين دون غيرهم من الناس. وأما نهاية التوحيد فهي حكر على الواصلين من العارفين، الذين يكون توحيدهم بالله لا بأنفسهم. وهذا مقام مجهول عند سواهم، لا يسع حياله إلا التسليم.
وأما الشرك فهو مقابل بحقيقته لكل مرتبة من مراتب التوحيد السابق ذكرها. لذلك فإن الشرك الأكبر يكون مقابلا لتوحيد عامة المسلمين؛ والشرك الخفي مقابل لتوحيد المريدين السالكين؛ أما توحيد العارفين، فيقابله الشرك الأخفى الذي لا يعلمه إلا الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من الأولياء.
فإذا أردت –أيها القارئ- أن تتناول الشرك والتوحيد، فاعلم من أي مرتبة تتكلم، وإلى أيها تشير؛ حتى تكون ممن يتكلم عن علم، وتكون ممن ينتفع بكلامه وينفع؛ فإن الله يحاسب عباده عما يقولون.
_________________________________
بقلم العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري حفظه الله تعالى.
http://www .alomariya.org/chobahmonkirin_suite.php?id=4
فكير سهيل
07-10-2015, 11:15 PM
العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري ( الحسني نسبا ) حفظه الله تعالى.
شبه المنكرين : التوحيد والشرك.
__________________________________
التوحيد والشرك
2. إن التوحيد منه عام وخاص، فإن أخذ العوام خواص الأمة بمعايير التوحيد العام، فإنهم سيجدونهم فاسقين؛ والحال أنهم أعلى منهم مرتبة. وإذا اختلت الموازين، فإن الأمة سيصيبها الضرر ويصير بعضها يُنكر على بعض، إلى الحد الذي قد يصير مع الجهل عداوة ومقاتلة. وهذا ما حدث تحقيقا في العقود الأخيرة.
تعقيب: ما هو الخاص و ما هو العام؟ كان عليه أن يوضّح حتّى نفهم. و أين هو الدّليل النّقلي على هذا التّقسيم.
ا- ما نسبة وجود المخلوق إلى الوجود الحق؟ وهل الوجود وجود واحد، أم وجودان؟ فإن قيل وجودان، فهذا عندنا هو الشرك بعينه ـ تعقيب: يعني إمّا وجود و احد أو اكثر من اثنين عند الكاتب بما أنّ القول بوجودين يُعدّ عنده شركا. فإذا كان واحد فهو القول بالحلول و وحدة الوجود لا غير, و إذا كان ثلاثة فأكثر فأحدها الله و ثانيها خلقه فما هي البقيّة ربّما تكون أندادا لله.
؛ وإن قيل واحد، فكيف تكون له نسبتان: حقية وخلقية؟ فإن قيل: لعلك تلمح إلى "وحدة الوجود"؟ نقول: نحن نقول بأحدية الوجود لا بوحدته. ـ تعقيب : ما هو الفرق بينها؟ وجودٌ أحدٌ يعني وجودٌ لا وجودَ سواه, فهل يعني به الله وحده فيغيب الخلق,أم يعني به الخلق وحدهم فيغيب الله, أم يعني به الإثنين و هو عين الحلول وكلاهم كفر.
وعلى الناظر، إن وجد عجزا من نفسه على الخوض في هذه الأمور، أن يتوقف ويشتغل بما ينفعه ـ تعقيب: هذا صرفٌ للنّاس عن فهم الحقيقة حين عجزت أفكار الكاتب عن الإتيان بدليل, فهذا مّما يمكن للعقل إدراكه و فهمه و ليس مّما يغيب عن فهمه كالبحث عن كيفية صفات الله. وما أوسع دائرة العمل الصالح في الإسلام، لو أن الناس لم تأخذهم توجيهات إبليس عنها ـ تعقيب: محاولة تعليل صرف النّاس عن فهم الحقيقة بجعلهم يشتغلون بباقي العمل الصّالح و ترك البحث في قصّة أوحدية الوجود و هذا ديدن النّصارى: 3=1 و لا تحاول أن تفهم! رغم أنّ هذا في متناول العقل البشري!.
ب- هل الخوض في علم التوحيد بآلة الفكر والنظر وحدها، من عمل السلف؟ أم أنها من عمل المتكلمين الذين تفلسفوا في الدين؟ وإذا لم يكن هذا نهج السلف الأُول، فلم يُنسب إليهم زورا وبهتانا؟ ـ وهل نُسب إلى السّلف الصّالح فهم التّوحيد بآلة الفكر و حدها دون النّصوص؟
ج- هل العقول، على درجة واحدة من حيث الاستعداد والأهلية، للخوض في التوحيد؟ فإذا كانت على درجة واحدة، فبم اختلفت مراتب الدين حتى كانت إسلاما وإيمانا وإحسانا؟ أما إن اختلفت، فلمَ مطالبة المختلفين بتوحيد النظر في مسألة ما، دون غيرها من المسائل الأخرى؟ فإن قيل: نحن نريد وحدة في الحد الأدنى من النظر في المسألة الواحدة! قلنا: ونعم ما تقولون! لكن لم تُغفلون الاختلاف فيما فوق هذه الدرجة المشتركة؟ فلعل بعضا مما تنكرون، يعود إليها؟!
تعقيب :فهم العقيدة درجات أدناها إيمان العجائز الله في السّماء كما جاء في الحديث و لكن الأصل واحد, هب أنّي جئتك بألماس فهل فهم النّاس متماثل, الإجابة لا فمنهم من يعتبره بريقا فحسب و منهم من يعتبره سلاسل كربونية و لكن الحقيقة واحدة و لله المثل الأعلى. و لكن شأن التّغيير في فهم التّوحيد و إدراج مراتب لم ينزل الله بها من سلطان شأن من يعتبر الألماس مادّة من مكوّنات الفضاء الخارجي يريد أن يرفعها و قد أحطّ من قيمتها, و من يعتبره خليطا من أرواح طيّبة و عطور من الجنّة و بريق من قلب المرأة, أنظر كلام منمّق لا دليل عليه يعجب البعض ولكنّه لا يمتّ للحقيقة بصلة.
د- ما هي متعلقات التوحيد؟ وهل الخلل الموجود في النظر إليها، يغير منها شيئا؟ أم هو عائد على الناظر وحسب؟ فإن كان النظر يغير المنظور إليه، فإن الحق قد يصير باطلا، والباطلَ قد يصير حقا. وبهذا تنهدم أسس النظر من الأصل. أما إن كان النظر لا يغير من الواقع شيئا، فهذا يعني أن الخلاف وهمي. وإن كان وهميا، فكيف يبلغ الوهم كل هذا التأثير في الواقع؟ حتى يبلغ أن يقتتل الناس من أجله؟
تعقيب:طبعا عين النّاظر تغيّر الوصف منهم من يرى 1/10 و منهم من يرى 10/10 و منهم من يرى دون ألوان لعلّة به وكل تغيير يغيّر الواقع لا محالة
ه- هل للشرك حقيقة يعود إليها في وجوده؟ فإن كانت له حقيقة، فكيف تكون مشاهدة التوحيد فيما هو عائد إلى الشرك؟ وإن لم تكن له حقيقة، فمن أين جاء الشرك؟ وهل للشرك والتوحيد نفس المرتبة في العقول؟ نعني هل هما ندّان عقلا؟
تعقيب:و بأضداداها تتّضح الأمور, كلام من غير معنى.
و- هل وجود التوحيد مرتبط بوجود الشرك؟ أم هما غير متلازمين وجودا وعدما؟
تعقيب:الأصل التّوحيد حين خلق الله الخلق و قد أحدث النّاس الشّرك, و هو ضدّ له, محاولة تمييع التّناقض فما هو إذن ضدّ التّوحيد و ما هو ضدّ الشّرك!
ز- هل الموحد، يمكن أن يكون مشركا؟ وهل يمكن أن يبلغ التوحيد من الخلوص درجة تُفنيه، فيصبح لا توحيدا. وهل هذه المرتبة يقابلها شرك، أم يفنى الشرك بفناء التوحيد معها؟ وإن قلنا بفنائهما معا، فما هذا المقام الذي هو لا توحيد ولا إشراك؟ وما دليله من الكتاب والسنة إن وُجد؟
تعقيب:كيف للموحّد أن يكون مشركا في نفس الوقت؟! يحاول الجمع بين النّقيضين كمن يحاول أن يجعل النّار و الماء أو الظّلمات و النّور شيئا واحدا. فهل يمكن للعالم أن يكون جاهلا في نفس الوقت؟
أردنا بهذه الأسئلة، أن ننبه القارئ إلى ما يخوض فيه من مسائل، قد لا يتعمق فيها بالدرجة التي تستحقها. ولولا التقليد الذي يجعل الناس يكررون أخطاء أئمتهم جيلا بعد جيل، لكُفيت الأمة شرا كثيرا. لكن، إن كان القارئ يتساءل: فما التوحيد عندكم؟ وما الشرك؟ فنقول:
إن للتوحيد عندنا بداية، ووسطا ونهاية. فأما البداية فهي ما عليه عموم المسلمين من العقائد الموافقة لما ورد به الوحي، من غير تكلف ولا تنطع. وأما وسطه فإدراكه منوط بسلوك الطريق ذوقا، لذلك هذا التوحيد خاص بالسالكين دون غيرهم من الناس. وأما نهاية التوحيد فهي حكر على الواصلين من العارفين، الذين يكون توحيدهم بالله لا بأنفسهم. وهذا مقام مجهول عند سواهم، لا يسع حياله إلا التسليم.
تعقيب: أصبح التّوحيد طبقات توحيد للعوام و توحيد للسّالكين و توحيد للعارفين, فما يجب على العوام يسقط عن السّالكين و ما يجب على السّالكين يسقط عن العارفين الذين لديهم توحيد مجهول لا يمكن إدراكه و لا نصوص فيه, فبما أدركوه هداه الله!
وأما الشرك فهو مقابل بحقيقته لكل مرتبة من مراتب التوحيد السابق ذكرها. لذلك فإن الشرك الأكبر يكون مقابلا لتوحيد عامة المسلمين؛ والشرك الخفي مقابل لتوحيد المريدين السالكين؛ أما توحيد العارفين، فيقابله الشرك الأخفى الذي لا يعلمه إلا الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من الأولياء.
نفس الشّيء: شرك للعوام و شرك للسّالكين و شرك للعارفين يعني هناك شرك يسقط عن السّالكين و هناك شرك يسقط عن العارفين, و يُستنتج اضطرار أنّ بعض الشّرك مسموح عند طبقة السّالكين و آخر عند طبقة العارفين. و الشّرك الأخفى لا يعلمه إلّا الأنبياء و العارفين, و البقيّة إمّا لا تحاسب به و هذا الصّواب لأنّه يتجاوز أفهامها و إمّا يحاسبون و هذا ظلم, و قد قال تعالى:" إنّ الله لا يغفر أن يُشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء".
فإذا أردت –أيها القارئ- أن تتناول الشرك والتوحيد، فاعلم من أي مرتبة تتكلم، وإلى أيها تشير؛ حتى تكون ممن يتكلم عن علم، وتكون ممن ينتفع بكلامه وينفع؛ فإن الله يحاسب عباده عما يقولون.
تعقيب: إذا كنت من العوام لديك شرك أ
و إذا كنت من السّالكين فلديك شرك ب
و إذا كنت من العارفين فلديك شرك ج
فأيّها يجعلك تخلد في النّار دون غيرها أم أنّها جميعها تجعلك تخلد في النّار أم لا واحدة منها تجعلك تخلد في النّار؟
فإذا كانت واحدة أو اثنتان فالاخرى ليست شركا إذن
و إذا كانت كلّها فلم هذا التّقسيم و التّفاضل بينها
و إذا كانت لا واحدة فكلّها لا تدخل في نطاق الشرك!
عن جابر قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله ما الموجبتان؟ قال : " من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار " .
قال شيئا و هذا يناقض هاته التّقسيمات
أم أنّ هناك شيء للعوام و شيء للسّالكين و شيء للعارفين؟
_________________________________
بقلم العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري حفظه الله تعالى.
http://www .alomariya.org/chobahmonkirin_suite.php?id=4
إدريس الشعشوعي
07-10-2015, 11:36 PM
أخي الفاضل فكير سهيل لماذا هذا التهافت والتسارع في الرّد، والحكم على كلام عالم عارف دقيق جدا في كلامه .. تحكمُ على كلامه في بعض المواضع أنّه كلام بلا فائدة وتحويل للأنظار وهروب.
هذا عارف وضع هنا في هذه الخلاصة التي تبدو صغيرة وقصيرة ومختصرة، وضع علوماً جمّة واحتمالات كثيرة وردوداً عظيمة، لكن على العاقل المنصف وطالب الحقّ والمتفهّم، لا العجول المتهافت للرّد ..
يا أخي اعذرني على لفظة التهافت ولكن هذا ما وجدته كوصف، هذا دين، فادرك نفسك قبل أن يأتي يومك الأخير وتصفعك نفسك صفعة كبرى، وتعضّ على يديك وحينها لا ينفع النّدم.
______________________
2. إن التوحيد منه عام وخاص، فإن أخذ العوام خواص الأمة بمعايير التوحيد العام، فإنهم سيجدونهم فاسقين؛ والحال أنهم أعلى منهم مرتبة. وإذا اختلت الموازين، فإن الأمة سيصيبها الضرر ويصير بعضها يُنكر على بعض، إلى الحد الذي قد يصير مع الجهل عداوة ومقاتلة. وهذا ما حدث تحقيقا في العقود الأخيرة.
تعقيبك وسؤالك كان: ما هو الخاص و ما هو العام؟ كان عليه أن يوضّح حتّى نفهم. و أين هو الدّليل النّقلي على هذا التّقسيم.
هو وضّح وأجاب ولكنّك لا تقرأ، شرعت مباشرة في الرّد على كلمة عميقة تحتاجُ إلى الكثير من النّظر والعمق لفهمها والوقوف على وجوهها ومراداتها العميقة والواسعة والدقيقة كذلك.
أنت منطلق من خلفية تسفيه الرجل وعقليته، من أجل ذلك جاءت ردودك سطحية لأنّها مبنية على قراءة سطحية.
أجاب في الجزء الأخير : وها هي إجابته :
إن للتوحيد عندنا بداية، ووسطا ونهاية. فأما البداية فهي ما عليه عموم المسلمين من العقائد الموافقة لما ورد به الوحي، من غير تكلف ولا تنطع. وأما وسطه فإدراكه منوط بسلوك الطريق ذوقا، لذلك هذا التوحيد خاص بالسالكين دون غيرهم من الناس. وأما نهاية التوحيد فهي حكر على الواصلين من العارفين، الذين يكون توحيدهم بالله لا بأنفسهم. وهذا مقام مجهول عند سواهم، لا يسع حياله إلا التسليم.
وأما الشرك فهو مقابل بحقيقته لكل مرتبة من مراتب التوحيد السابق ذكرها. لذلك فإن الشرك الأكبر يكون مقابلا لتوحيد عامة المسلمين؛ والشرك الخفي مقابل لتوحيد المريدين السالكين؛ أما توحيد العارفين، فيقابله الشرك الأخفى الذي لا يعلمه إلا الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من الأولياء.
أمّا طلبك الدّليل فموجود، وكثير ومنه :
روى ابن عيينة عن جريج عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل العلم بالله ، فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله) اهـ.
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ : فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ"
وروى البخاري عن علي بن أبي طالب موقوفا أنّه قال "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله"
وروى البيهقي في الشعب عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا "إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يعزب عنهم ويشق عليهم"
وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا "أُمِرْنا أن نُكلِّمَ الناسَ على قدْر عقولِهم"
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"
وقال ابن عباس رضي الله عنه : "لو فسّرتُه لكم لكنتُ فيكم الكافر المرجوم"
وروى الساداتُ أنّ الشريف الرّضيّ الإمام زين العابدين حفيد سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما قال:
إنّي لأكتُمُ من علمي جواهرَهُ
كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتَتِنا
وقد تقدّم في هذا أبو الحسن
إلى الحسين ووصّى قبلَهُ الحسنا
يا رُبَّ جوهرِ علمٍ لو أبوحُ به
لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنـا
ولاستحلّ رجال مسلمون دمي
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
____________________
كثير من أمثال هذه النصوص جاءت عن السلف الصالح، وهي معبّرة عن تفاوت القابليات في الفهم والفقه.
بل الواقع يقولُ أنّ هناك تفاوت في المستويات والعقول والقابليات، وأنّ العلم والدين هو ذوق قلبي وشهود روحي، قبل أن يكون تنظيراً عاماً. بل حتى لو كان تنظيراً عاماً فكرياً، فالفكر والعلوم مستويات، ولها قابليات.
ألا ترى إلى المدرسة كيف كانت مستويات : مستوى ابتدائي ومتوسط وثانوي وعالي ؟ وأعلى ... الخ.
وكلّ مستوى فيه درجات وسنوات/ سنة أولى وثانية وثالثة .. الخ.
ولو جئت لطالب ابتدائي بمسألة ثانوية لعجز أمامها عجزاً أمام قابليته وأساسه الذي تلقّاه ؟ فكيف بمسألة اكبر ؟
فلا تسخفّوا الدين والفقه فيه، والذوق .. ولا تسطّحوه رجاءً.
ومردُّ العلم والفقه في التوحيد كما ذكر الشيخ رضي الله عنه إلى الذوق، فهناك مرتبة العوام ومرتبة الإسلام، وهناك مرتبة الخواص مرتبة الإيمان وهي للسالكين والقابلية فيها ذوقية وقلبية، كما ذكر، فهي خاصة بهم، وهناك درجة أعلى وهي لخواص الخواص أهل مرتبة الإحسان وهم الذين قامت عقيدتهم بالله تعالى لا بالنّفس. وهي مجهولة لسواهم مطلقاً، ولا يقعُ فيها التعبير. لأنّ التعبير فيها مهما عبّر عنها أخطأ وغلط.
ولنا عودة للوقوف على تساؤلاتكم ؟ أو الوقوف على كلام الشيخ ما استطعنا الى ذلك سبيلا.
رافت ابوطالب
08-10-2015, 03:58 AM
التفاوت في الاعمال وليس في التوحيد فالتوحيد ليس امرا نسبيا ولا يصلح ان يكون كذلك والتفاوات بعد اثبات ما اثبته الله لنفسه سبحانه ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه كتابا وسنة يكون ذلك التفاوت في اعمال ذلك التوحيد علي ما اقوم به من فعل او قول ظاهرا كان او باطنا
اذ معني ان يكون هناك نسبة في التوحيد يعني ان يكون هناك من اعتقد ان له صفات شبيهة بصفات الله سبحانه وتعالي لذلك اصرف له شركية بجزء من الاقوال والافعال الظاهرة و الباطنة
إدريس الشعشوعي
08-10-2015, 09:26 AM
التفاوت في الاعمال وليس في التوحيد فالتوحيد ليس امرا نسبيا ولا يصلح ان يكون كذلك والتفاوات بعد اثبات ما اثبته الله لنفسه سبحانه ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه كتابا وسنة يكون ذلك التفاوت في اعمال ذلك التوحيد علي ما اقوم به من فعل او قول ظاهرا كان او باطنا
اذ معني ان يكون هناك نسبة في التوحيد يعني ان يكون هناك من اعتقد ان له صفات شبيهة بصفات الله سبحانه وتعالي لذلك اصرف له شركية بجزء من الاقوال والافعال الظاهرة و الباطنة
الاخ الفاضل رأفت من أنت لتقول وتحكم بما حكمتً به ؟ ولماذا تذهبُ بالتقسيم إلى نقطة التشبيه بالخلق ؟؟ زاعما وموهماً الغير أنّ أقسام التوحيد المذكورة فيها تشبيه صفات الله بصفات خلقه تعالى الله علوا كبيرا. سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون.
وقد نقلنا لك ما جاء عن السّلف الصالح. بل التوحيد ذوق قلبي وشهود روحي، يقومُ على البصيرة التي تقوى بالإيمان بالله تعالى، ودرجة الإيمان متفاوتة بين العباد بحسب تقواهم، ومن اكتمل إيمانه نقله إلى مقام هو مقام الشهود واليقين.
ويردّ على كلامك وجزمك المزعوم ما قاله الشيخ :
ج- هل العقول، على درجة واحدة من حيث الاستعداد والأهلية، للخوض في التوحيد؟ فإذا كانت على درجة واحدة، فبم اختلفت مراتب الدين حتى كانت إسلاما وإيمانا وإحسانا؟ أما إن اختلفت، فلمَ مطالبة المختلفين بتوحيد النظر في مسألة ما، دون غيرها من المسائل الأخرى؟ فإن قيل: نحن نريد وحدة في الحد الأدنى من النظر في المسألة الواحدة! قلنا: ونعم ما تقولون! لكن لم تُغفلون الاختلاف فيما فوق هذه الدرجة المشتركة؟ فلعل بعضا مما تنكرون، يعود إليها؟!
ويردّ عليك ما أوردناه من نصوص أعلاه، فهي لا تتعلّق بالأفعال والأعمال، بل تتعلّق بالقلوب، لذلك كتمها أهلها، ولذلك أمر الشرع أن يُحدّث النّاس بحسب ما يعقلون، وبحسب قابلياتهم ...
سبحان الله إذا كان الله قد قسّم الدين الى ثلاثة أركان، وقد قسّم الأمّة الصالحة إلى أهل اليمين وهم أهل الطاعة والإيمان، والسابقين وهم أهل السبق المقرّبون، وطائفة ثالثة هم الذين أسلموا ولمّا يدخل الإيمان قلوبهم كما وصف الله الأعراب بذلك .. فلماذا هذا التعالم والإنكار ؟
وفي نصوص السّلف في العقائد، كثير من نصوص التفويض لله ورسوله على مراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلّم. هذا التفويض لم يأتِ من جهلٍ كما يزعمُ الزّاعمون، بل هو عين ما ذكره الشيخ، أنّ عقائد الأكابر السابقين والواصلين، هي عقائد فوق قابلية العامّة وسائر المسلمين، ففوّضوا وسكتوا. ولم يشبّهوا كما يزعُم المشبّهة، أو كما تريدُ أن توهمنا ...
العلم والمعرفة بالله وهي عين التوحيد ودرجاته، تقومُ على القلب، لا العقل المجرّد. فآلة العقل وحدها قاصرة.
تقومُ على القلب، أي على تزكية النّفس وذوق القلب وشهود الرّوح، بحسب التقوى والإيمان، يخلُصُ للمرءْ الشفافية والمعرفة بالله والذوق ..
قال الله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. [سورة محمد الآية: 24].
فنسب التدبّر للقلب، لا العقل، مع أنّ آلة التدبّر هي العقل ... ذلك أنّ القلب هو الذي يفتحُ للعقل مستويات التدبّر في القرآن، وفي المعرفة بالله سبحانه وتوحيده.
العقل دوره التحليل والتفكيك، القلبُ دوره ريادي، القلبُ بقدر نقائه وصفائه وخلوصه وسلامته يفتحُ للعقل مستوى أكبر في التدبّر والقابلية والذوق والشهود.
القلب له نافذتين، لأنّه برزخ، فله نافذة على عالم الملكوت والروح، وله نافذة على عالم الملك والشهادة. وبقدر صلاحه وسلامته وشفافيته، يتلقّى واردات الرّوح، فيحصلُ له العلم والقابلية بقدر تلك الصّحة والسلامة والصفاء فيه.
ولذلك كان محور الصلاح والتزكية والنجاة يدورُ على القلوب أساساً ..
قال الله تعالى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}. ( سورة الشعراء ). فقال إلاّ من أتى بقلب سليم. فسلامة القلب مفتاح الشهود والذوق والعلم. أي مفتاح الترقّي في درجات التوحيد والعلم به. فتأمّل.
وقال الله تعالى ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾. [سورة ق]. قال سبحانه : لمن كان له قلب .. أي قلب سليم نقيّ تقيّ يقبلُ العلم وذوقه وشهوده.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) رواه البخاري في صحيحه.
فالقلبُ هو العمدة، وهو الذي يفتح للعقل القابلية للتدبّر.
لذلك، فكلامك وكلام الكثيرين الذين ينكرون، إنّما ينكرونها لأنّ مقامهم في الذوق والتوحيد، هو مقام العامّة، أي مقام العوام من حيث عدم القابلية الذوقية والقلبية والسلامة. ولا يعني تساوي العامّة في هذه القابلية والانكار. بل كثير من العوام لا يخوضون ولا ينكرون، بل يسلّمون. ويرون أنّ الأمر متروك لأهل العلم ..
إنّما جاء الجهل، بتكلّم من لم يتحقّق ولم يتزكَّ ( من التزكية) في الدين. فينكرُ وقلبه عامرٌ بالأغيار والآثام والأصنام. ثمّ يتكلّمُ في التوحيد، ويُحاجج أهل الصفاء والذوق الذين صفت قلوبهم من أصنامها وأهوائها وأغيارها فهي تحومُ في ملكوت ربّ العالمين سبحانه، وتتلقّى الذوق والشهود من الرّوح العارفة بالله. التي أشهدها الله وحدانيته وقيوميته وهي في عالم الذرّ.
فمن أيّ مرتبة أنت تتكلّم ؟ وتخوضُ وتجزم ؟ كما قال الشيخ حفظه الله تعالى :
إذا أردت –أيها القارئ- أن تتناول الشرك والتوحيد، فاعلم من أي مرتبة تتكلم، وإلى أيها تشير؛ حتى تكون ممن يتكلم عن علم، وتكون ممن ينتفع بكلامه وينفع؛ فإن الله يحاسب عباده عما يقولون.
رافت ابوطالب
08-10-2015, 12:29 PM
ياعزيزي من اكتمل ايمانه اي من اكتمل اسقاط صحيح التوحيد علي كل افعاله و اقواله بمعني انه اتي بالتوحيد الصحيح ثم اعمل ذلك في كل ما يقول ويفعل فهنا هو في رقابة تامة لله سبحانه وتعالي فصار يعبد كأنه يراه وتلك مرتبة الاحسان وهناك من يقع في اللمم مع اتيانه بالتوحيد الحق وهناك من يرتكب المعاصي ظاهرا دون الشرك فهذا حقق مرتبة الاسلام
لكن كونك تسألني من انا
انا الذي اسألك من الذي اعطي صفة العارف بالله لذلك الذي ذكرته مع العلم ان التزكية لا تكون الا من الله سبحانه كتزكيته سبحانه لاصحاب بيعة الرضوان وغيرهم علي لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم كمن كمل من النساء والعشرة المبشرين بالجنة واهل بدر
لذلك اذكر لي من اعطي ذلك الذي ذكرته صفة القطب العارف بالله وهل تعرف معني كلمة القطب عند هؤلاء الصوفية القطب عندهم من صار لا حاجة له في صلاة ولا صيام اذ لعلوه رفع عنه العبادات ومن يقومون بها اقل درجة منه
إدريس الشعشوعي
08-10-2015, 12:41 PM
ياعزيزي من اكتمل ايمانه اي من اكتمل اسقاط صحيح التوحيد علي كل افعاله و اقواله بمعني انه اتي بالتوحيد الصحيح ثم اعمل ذلك في كل ما يقول ويفعل فهنا هو في رقابة تامة لله سبحانه وتعالي فصار يعبد كأنه يراه وتلك مرتبة الاحسان وهناك من يقع في اللمم مع اتيانه بالتوحيد الحق وهناك من يرتكب المعاصي ظاهرا دون الشرك فهذا حقق مرتبة الاسلام
لكن كونك تسألني من انا
انا الذي اسألك من الذي اعطي صفة العارف بالله لذلك الذي ذكرته مع العلم ان التزكية لا تكون الا من الله سبحانه كتزكيته سبحانه لاصحاب بيعة الرضوان وغيرهم علي لسان رسول الله صلي الله عليه وسلم كمن كمل من النساء والعشرة المبشرين بالجنة واهل بدر
لذلك اذكر لي من اعطي ذلك الذي ذكرته صفة القطب العارف بالله وهل تعرف معني كلمة القطب عند هؤلاء الصوفية القطب عندهم من صار لا حاجة له في صلاة ولا صيام اذ لعلوه رفع عنه العبادات ومن يقومون بها اقل درجة منه
لا تكذب على المشايخ والصالحين .. العابدون الحامدون العارفون المتقون القوّامون الدجي المسبحون ورثة النبي صلى الله عليه وسلّم أتقى الخلق وأصفاهم وأعبدهم لله وأخشاهم "إنّما يخشى اللهَ من عباده العلماء" ، الدّاعون إلى شريعته الغرّاء، المتحقّقون بها باطناً وظاهراً ... قال يسقط عنهم التكليف قال ؟؟!! .. ولا تحوّل الموضوع من فائدته الى مهاترات ..
من أنت ؟ كلامك وعلومك تحكم عليك من أنت ..
بهجت عبدالغني
08-10-2015, 04:42 PM
التوحيد والشرك بيّنهما كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم
فلماذا هذا الدخول في هذه النزعات الفلسفية والكلامية والنزاعات المذهبية، حتى فقد التوحيد وهجه، وقلّ حضوره الفاعل في حياتنا..
في الحديث الصحيح سأل النبي صلى الله عليه وسلم جارية : أين الله ؟ قالت : في السماء. قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبها : أعتقها فإنها مؤمنة..
ثم ما معنى قولك أخي إدريس : (ومردُّ العلم والفقه في التوحيد كما ذكر الشيخ رضي الله عنه إلى الذوق) ؟
الذوق أم إلى كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فليسعنا أيها الإخوة ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، الذين تلقّوا التوحيد صافياً نقياً، ففتحوا به البلاد وقلوب العباد..
تحياتي ودعواتي
إدريس الشعشوعي
08-10-2015, 05:24 PM
ثم ما معنى قولك أخي إدريس : (ومردُّ العلم والفقه في التوحيد كما ذكر الشيخ رضي الله عنه إلى الذوق) ؟
الذوق أم إلى كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الفاضل بهجت رشيد، سوف أعيد عليك ما كتبته لتفهمه أو تفهم أنّ سؤالك ومقابلة كلمة الذوق بالكتاب والسنة كأنّهما يفترقان ويتضادّان، هو قراءتك وفهمك وحسب وليس كلامي ولا مقصودي.
فقلنا :
______________________
العلم والمعرفة بالله وهي عين التوحيد ودرجاته، تقومُ على القلب، لا العقل المجرّد. فآلة العقل وحدها قاصرة.
تقومُ على القلب، أي على تزكية النّفس وذوق القلب وشهود الرّوح، بحسب التقوى والإيمان، يخلُصُ للمرءْ الشفافية والمعرفة بالله والذوق ..
قال الله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. [سورة محمد الآية: 24].
فنسب التدبّر للقلب، لا العقل، مع أنّ آلة التدبّر هي العقل ... ذلك أنّ القلب هو الذي يفتحُ للعقل مستويات التدبّر في القرآن، وفي المعرفة بالله سبحانه وتوحيده.
العقل دوره التحليل والتفكيك، القلبُ دوره ريادي، القلبُ بقدر نقائه وصفائه وخلوصه وسلامته يفتحُ للعقل مستوى أكبر في التدبّر والقابلية والذوق والشهود.
القلب له نافذتين، لأنّه برزخ، فله نافذة على عالم الملكوت والروح، وله نافذة على عالم الملك والشهادة. وبقدر صلاحه وسلامته وشفافيته، يتلقّى واردات الرّوح، فيحصلُ له العلم والقابلية بقدر تلك الصّحة والسلامة والصفاء فيه.
ولذلك كان محور الصلاح والتزكية والنجاة يدورُ على القلوب أساساً ..
قال الله تعالى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}. ( سورة الشعراء ). فقال إلاّ من أتى بقلب سليم. فسلامة القلب مفتاح الشهود والذوق والعلم. أي مفتاح الترقّي في درجات التوحيد والعلم به. فتأمّل.
وقال الله تعالى ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾. [سورة ق]. قال سبحانه : لمن كان له قلب .. أي قلب سليم نقيّ تقيّ يقبلُ العلم وذوقه وشهوده.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) رواه البخاري في صحيحه.
فالقلبُ هو العمدة، وهو الذي يفتح للعقل القابلية للتدبّر.
لذلك، فكلامك وكلام الكثيرين الذين ينكرون، إنّما ينكرونها لأنّ مقامهم في الذوق والتوحيد، هو مقام العامّة، أي مقام العوام من حيث عدم القابلية الذوقية والقلبية والسلامة. ولا يعني تساوي العامّة في هذه القابلية والانكار. بل كثير من العوام لا يخوضون ولا ينكرون، بل يسلّمون. ويرون أنّ الأمر متروك لأهل العلم ..
إنّما جاء الجهل، بتكلّم من لم يتحقّق ولم يتزكَّ ( من التزكية) في الدين. فينكرُ وقلبه عامرٌ بالأغيار والآثام والأصنام. ثمّ يتكلّمُ في التوحيد، ويُحاجج أهل الصفاء والذوق الذين صفت قلوبهم من أصنامها وأهوائها وأغيارها فهي تحومُ في ملكوت ربّ العالمين سبحانه، وتتلقّى الذوق والشهود من الرّوح العارفة بالله. التي أشهدها الله وحدانيته وقيوميته وهي في عالم الذرّ.
_____________________
خلاصة ردّ :
إنّما قصدنا بالذوق : التزكية الشرعية والتقوى والإيمان الذي يحصّل مقام العرفان والعلم من الكتاب والسنّة ... فتدبّر القرآن يحصل بصلاح القلب.
قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) سورة الجمعة.
فلا يحصلُ العلمُ والتعلّم من الكتاب إلاّ بسبق التزكية، كما هي الآية، فقال تعالى / يتلو عليهم آياته ويزكيهم ثمّ قال ويعلّمهم الكتاب والحكمة.
فالتزكية الشرعية والتقوى والذوق القلبي والشهود الروحي هم بابُ العلم، وكلّما تفاوت العباد في هذه التزكية والتقوى والذوق القلبي تفاوتوا لا محالة في قابليتهم التعلّم والعلم من كتاب الله تعالى (ومن سنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم) وتحقّقهم بالحكمة.
عبده فايز الزبيدي
09-10-2015, 08:35 PM
العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري ( الحسني نسبا ) حفظه الله تعالى.
شبه المنكرين : التوحيد والشرك.
__________________________________
التوحيد والشرك
كان الناس في القرون الأولى يسألون عن إسلام المرء؛ وكانوا يميزون بين إسلام وإسلام، من حيث الظاهر؛ فيقولون عمن يُعجبون بحاله، أنه حَسَن الإسلام. وجاءت بعدهم قرون صار المسلم يتهم أخاه المسلم بالشرك، ويجرده من حقوقه المعروفة تبعا لذلك. ولا شك أن هذا الفعل من البدع المستحدثة، التي لا نرى من يزعم الحرص على السنة ينبه إليها ويحذر من نتائجها الخطيرة.
ولا بأس هنا أن نتكلم قليلا في مسألة التوحيد والشرك؛ حتى نتبيّن ما يمكن أن يكون معالم لنا في طريق الحق، فنقول:
1. إن من لا يعلم التوحيد لا يعلم الشرك، من باب: بأضدادها تعرف الأشياء.
2. إن التوحيد منه عام وخاص، فإن أخذ العوام خواص الأمة بمعايير التوحيد العام، فإنهم سيجدونهم فاسقين؛ والحال أنهم أعلى منهم مرتبة. وإذا اختلت الموازين، فإن الأمة سيصيبها الضرر ويصير بعضها يُنكر على بعض، إلى الحد الذي قد يصير مع الجهل عداوة ومقاتلة. وهذا ما حدث تحقيقا في العقود الأخيرة.
3. نسأل من يزعم لنفسه التوحيد أسئلة لا ننتظر جوابها، بقدر ما نريد أن ننبه إلى الجهل المتعلق بمحاور التوحيد فيها:
ا- ما نسبة وجود المخلوق إلى الوجود الحق؟ وهل الوجود وجود واحد، أم وجودان؟ فإن قيل وجودان، فهذا عندنا هو الشرك بعينه؛ وإن قيل واحد، فكيف تكون له نسبتان: حقية وخلقية؟ فإن قيل: لعلك تلمح إلى "وحدة الوجود"؟ نقول: نحن نقول بأحدية الوجود لا بوحدته. وعلى الناظر، إن وجد عجزا من نفسه على الخوض في هذه الأمور، أن يتوقف ويشتغل بما ينفعه. وما أوسع دائرة العمل الصالح في الإسلام، لو أن الناس لم تأخذهم توجيهات إبليس عنها!
ب- هل الخوض في علم التوحيد بآلة الفكر والنظر وحدها، من عمل السلف؟ أم أنها من عمل المتكلمين الذين تفلسفوا في الدين؟ وإذا لم يكن هذا نهج السلف الأُول، فلم يُنسب إليهم زورا وبهتانا؟
ج- هل العقول، على درجة واحدة من حيث الاستعداد والأهلية، للخوض في التوحيد؟ فإذا كانت على درجة واحدة، فبم اختلفت مراتب الدين حتى كانت إسلاما وإيمانا وإحسانا؟ أما إن اختلفت، فلمَ مطالبة المختلفين بتوحيد النظر في مسألة ما، دون غيرها من المسائل الأخرى؟ فإن قيل: نحن نريد وحدة في الحد الأدنى من النظر في المسألة الواحدة! قلنا: ونعم ما تقولون! لكن لم تُغفلون الاختلاف فيما فوق هذه الدرجة المشتركة؟ فلعل بعضا مما تنكرون، يعود إليها؟!
د- ما هي متعلقات التوحيد؟ وهل الخلل الموجود في النظر إليها، يغير منها شيئا؟ أم هو عائد على الناظر وحسب؟ فإن كان النظر يغير المنظور إليه، فإن الحق قد يصير باطلا، والباطلَ قد يصير حقا. وبهذا تنهدم أسس النظر من الأصل. أما إن كان النظر لا يغير من الواقع شيئا، فهذا يعني أن الخلاف وهمي. وإن كان وهميا، فكيف يبلغ الوهم كل هذا التأثير في الواقع؟ حتى يبلغ أن يقتتل الناس من أجله؟
ه- هل للشرك حقيقة يعود إليها في وجوده؟ فإن كانت له حقيقة، فكيف تكون مشاهدة التوحيد فيما هو عائد إلى الشرك؟ وإن لم تكن له حقيقة، فمن أين جاء الشرك؟ وهل للشرك والتوحيد نفس المرتبة في العقول؟ نعني هل هما ندّان عقلا؟
و- هل وجود التوحيد مرتبط بوجود الشرك؟ أم هما غير متلازمين وجودا وعدما؟
ز- هل الموحد، يمكن أن يكون مشركا؟ وهل يمكن أن يبلغ التوحيد من الخلوص درجة تُفنيه، فيصبح لا توحيدا. وهل هذه المرتبة يقابلها شرك، أم يفنى الشرك بفناء التوحيد معها؟ وإن قلنا بفنائهما معا، فما هذا المقام الذي هو لا توحيد ولا إشراك؟ وما دليله من الكتاب والسنة إن وُجد؟
أردنا بهذه الأسئلة، أن ننبه القارئ إلى ما يخوض فيه من مسائل، قد لا يتعمق فيها بالدرجة التي تستحقها. ولولا التقليد الذي يجعل الناس يكررون أخطاء أئمتهم جيلا بعد جيل، لكُفيت الأمة شرا كثيرا. لكن، إن كان القارئ يتساءل: فما التوحيد عندكم؟ وما الشرك؟ فنقول:
إن للتوحيد عندنا بداية، ووسطا ونهاية. فأما البداية فهي ما عليه عموم المسلمين من العقائد الموافقة لما ورد به الوحي، من غير تكلف ولا تنطع. وأما وسطه فإدراكه منوط بسلوك الطريق ذوقا، لذلك هذا التوحيد خاص بالسالكين دون غيرهم من الناس. وأما نهاية التوحيد فهي حكر على الواصلين من العارفين، الذين يكون توحيدهم بالله لا بأنفسهم. وهذا مقام مجهول عند سواهم، لا يسع حياله إلا التسليم.
يا أخي الحبيب إدريس الشعشوعي /
الصوفية يقسمون الناس ثلاثة أقسام هي:
_ العامة : و هم المحجوبون و هؤلاء لهم شرعية الله التي أنزلها الله على الأنبياء و المرسلين.
_ الخاصة: وهم السالكون من مريدين و حيران و هؤلاء لهم الطريقة التي يضعها لهم الشيخ الصوفي من صلوات و اذكار و أحزاب و أوراد تلقاه بذوقه ، و نقول لهم: من أعطاكم هذا الذي تدعون؟.
_ خاصة الخاصة: و هم الأولياء العارفون بالله _ كما يزعمون _ و هؤلاء لهم الحقيقة حيث مشاهدة الله و اتلبقاء فيه تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
وأما الشرك فهو مقابل بحقيقته لكل مرتبة من مراتب التوحيد السابق ذكرها. لذلك فإن الشرك الأكبر يكون مقابلا لتوحيد عامة المسلمين؛ والشرك الخفي مقابل لتوحيد المريدين السالكين؛ أما توحيد العارفين، فيقابله الشرك الأخفى الذي لا يعلمه إلا الأنبياء عليهم السلام وورثتهم من الأولياء.
أقول:
سبحان الله ، هذا كلام عجيب و غريب و لكن من يعرف عقيدة وحدة الوجود لا يستغرب هذا و أعظم منه مما هو مسطور في كتب المتصوفة و في مواقعهم.
فمفاد الكلام عندهم أن العوام أصحاب الشريعة هم من يصنفون الناس حسب الشريعة إلى مسلم و كافر ، أما المتصوفة فكلما أرتقى الصوفي و أرتفعت درجته ضاقت المسافة بين التوحيد و الشرك في عينه ، حتى لا يبقى عنده مشرك ، بل الكل موحد و كل يوحد الله على طريقته، لأن كل الخلق هو الله و الله هو كل الخلق ( الخلق عين الحق و الحق عين الخلق) و هذا معنى الأحدية عند الصوفية تعالى الله عن هذا البهتان علواً كبيرا.
فإذا أردت –أيها القارئ- أن تتناول الشرك والتوحيد، فاعلم من أي مرتبة تتكلم، وإلى أيها تشير؛ حتى تكون ممن يتكلم عن علم، وتكون ممن ينتفع بكلامه وينفع؛ فإن الله يحاسب عباده عما يقولون.
_________________________________
بقلم العارف بالله الشيخ عبد الغني العمري حفظه الله تعالى.
http://www .alomariya.org/chobahmonkirin_suite.php?id=4
عبده فايز الزبيدي
09-10-2015, 08:57 PM
أخي الفاضل فكير سهيل لماذا هذا التهافت والتسارع في الرّد، والحكم على كلام عالم عارف دقيق جدا في كلامه .. تحكمُ على كلامه في بعض المواضع أنّه كلام بلا فائدة وتحويل للأنظار وهروب.
هذا عارف وضع هنا في هذه الخلاصة التي تبدو صغيرة وقصيرة ومختصرة، وضع علوماً جمّة واحتمالات كثيرة وردوداً عظيمة، لكن على العاقل المنصف وطالب الحقّ والمتفهّم، لا العجول المتهافت للرّد ..
يا أخي اعذرني على لفظة التهافت ولكن هذا ما وجدته كوصف، هذا دين، فادرك نفسك قبل أن يأتي يومك الأخير وتصفعك نفسك صفعة كبرى، وتعضّ على يديك وحينها لا ينفع النّدم.
______________________
تعقيبك وسؤالك كان: ما هو الخاص و ما هو العام؟ كان عليه أن يوضّح حتّى نفهم. و أين هو الدّليل النّقلي على هذا التّقسيم.
هو وضّح وأجاب ولكنّك لا تقرأ، شرعت مباشرة في الرّد على كلمة عميقة تحتاجُ إلى الكثير من النّظر والعمق لفهمها والوقوف على وجوهها ومراداتها العميقة والواسعة والدقيقة كذلك.
أنت منطلق من خلفية تسفيه الرجل وعقليته، من أجل ذلك جاءت ردودك سطحية لأنّها مبنية على قراءة سطحية.
أجاب في الجزء الأخير : وها هي إجابته :
أمّا طلبك الدّليل فموجود، وكثير ومنه :
روى ابن عيينة عن جريج عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهم أجمعين عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا أهل العلم بالله ، فإذا نطقوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله) اهـ.
روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ : فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ"
قلتُ: هذا الحديث حققه محدث العصر الألباني _ رحمه الله _ فوجد أعلى مراتبه ضعيف جدا و بعض روايته منكرة و بعضها لا تثبت .
و الحديث الضعيف يا أخ إدريس الشعشوعي لا يحتج به في العقيدة و أقصى استعمالاته في فضائل الأعمال.
وروى البخاري عن علي بن أبي طالب موقوفا أنّه قال "حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله"
قلت : شرح أهل السنة هذا الحديث فقالوا: لا تحجبوا عن الناس العلم الشرعي أي علم القرآن و علم السنة و لكن تدرَّجوا معهم في التبليغ رويدا رويدا ، و هكذا كان القرآن ، فالقرآن لم يحرم الخمر فُجأة بل تدرج من نهي عن شربه و قت الصلوات فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى...) ، ثم بين ضرره : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) ثم حرمه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) ، و هكذا الشرع يترفق بالناس ، و على الداعية أن يتدرج في تبليغ العلم .
أما احتجاج المتصوفة بهذا الحديث المقوف فهو دأبهم في تحريف معاني النصوص الشرعية.
وروى البيهقي في الشعب عن المقدام بن معدي كرب مرفوعا "إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بما يعزب عنهم ويشق عليهم"
قال عنه الألباني رحمه الله تعالى : ضعيف.
وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعا "أُمِرْنا أن نُكلِّمَ الناسَ على قدْر عقولِهم"
أعلى مراتبه حسن لغيره. و هناك رواية مرسلة : ( إنا معاشرَ الأنبياءِ أُمِرْنا أنْ نُكلمَ الناسَ على قدرِ عقولِهمْ)
و تفسير الحديث هو نفس تفسير الحديث (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله) .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"
له نفس تفسير الحديث (حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله)
وقال ابن عباس رضي الله عنه : "لو فسّرتُه لكم لكنتُ فيكم الكافر المرجوم"
لم تذكر أخي الكريم مصدرك حين نقلت و ليتك تفعل فنتتبع الأثر.
وروى الساداتُ أنّ الشريف الرّضيّ الإمام زين العابدين حفيد سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما قال:
إنّي لأكتُمُ من علمي جواهرَهُ
كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتَتِنا
وقد تقدّم في هذا أبو الحسن
إلى الحسين ووصّى قبلَهُ الحسنا
يا رُبَّ جوهرِ علمٍ لو أبوحُ به
لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنـا
ولاستحلّ رجال مسلمون دمي
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
أقول الرد على هذا الكلام من وجهين :
1. حاشا الإمام زين العابدين أن يقول مثل هذا الهراء و إنما كذبت عليه المتصوفة كما كذبت عليه الروافض
و الإمام زين العابدين هو أعلم منا بحديث أبي هريرة كما في صحيح ابن حبان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:
( مَن كتَم عِلْمًا تَلجَّم بلجامٍ مِن نارٍ يومَ القيامةِ)
2. القرآن و السنة ينفيان كلام المتصوفة و يثبتان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكتم عنَّا شيئا من الوحي و الإمام زين العابدين هو إمامنا في هذا الفهم و من الأدلة
على ما نعتقد:
قال ابن كثير رحمه الله: (﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67].
يقول تعالى مخاطباً عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم باسم الرسالة, وآمراً له بإبلاغ جميع ما أرسله الله به, وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك, وقام به أتم القيام.
قال البخاري عند تفسير هذه الآية: حدثنا محمد بن يوسف, حدثنا سفيان عن إسماعيل, عن الشعبي عن مسروق, عن عائشة رضي الله عنها, قالت: "من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد كذب, الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾", هكذا رواه هاهنا مختصراً وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولاً.
وكذا رواه مسلم في كتابي الإيمان, والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما من طرق عن عامر الشعبي, عن مسروق بن الأجدع, عنها رضي الله عنها, وفي الصحيحين عنها أيضاً أنها قالت: "لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية: ﴿وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ [الأحزاب: 37]".
____________________
كثير من أمثال هذه النصوص جاءت عن السلف الصالح، وهي معبّرة عن تفاوت القابليات في الفهم والفقه.
بينا و لله الحمد درجات الأثار التي نقلتها فوجدنا معظمها ما بين ضعيف أو مجهول أو مفسر بغير مراد الله تعالى و مراد رسوله صلى الله عليه و سلم .
بل الواقع يقولُ أنّ هناك تفاوت في المستويات والعقول والقابليات، وأنّ العلم والدين هو ذوق قلبي وشهود روحي، قبل أن يكون تنظيراً عاماً. بل حتى لو كان تنظيراً عاماً فكرياً، فالفكر والعلوم مستويات، ولها قابليات.
ألا ترى إلى المدرسة كيف كانت مستويات : مستوى ابتدائي ومتوسط وثانوي وعالي ؟ وأعلى ... الخ.
وكلّ مستوى فيه درجات وسنوات/ سنة أولى وثانية وثالثة .. الخ.
ولو جئت لطالب ابتدائي بمسألة ثانوية لعجز أمامها عجزاً أمام قابليته وأساسه الذي تلقّاه ؟ فكيف بمسألة اكبر ؟
يا أخي الكريم صنف الله الناس إلى مسلم و كافر فقال الحقُّ تبارك و تعالى :
(هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير ) سورة التغابن .
و علمنا الله مراتب أهل الإيمان فقال الخلاق العليم :
( مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رفيقا.) سورة النساء آية (69).
جاء في موقع اسلام ويب :
( فقد دل القرآن والسنة على أن من المؤمنين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وأنهم في الفضل والمنزلة على هذا الترتيب، فأفضل المؤمنين هم الأنبياء ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون، فأعلى مرتبة يصل إليها أتباع الأنبياء أن يكونوا صديقين.
قال ابن القيم رحمه الله: فالصديق هو الذي صدق في قوله وفعله، وصدق الحق بقوله وعمله، فقد انجذبت قواه كلها للانقياد لله ولرسوله.
وهاهنا نقطة ينبغي التنبه لها، وهي أن درجات الصديقين تتفاوت، لأن الإيمان ليس له حد ينتهي إليه، بل إنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهذا معتقد أهل السنة والجماعة، فمن ظن أن هناك درجات إيمانية يقف عندها المؤمن صديقاً كان أو صالحاً، فقد أخطأ، قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ [المدثر:37].
قال ابن القيم: فإن لم يكن في تقدم فهو في تأخر ولابد، فالعبد سائر لا واقف، فإما إلى فوق وإما إلى أسفل، إما إلى أمام وإما إلى وراء، وليس في الشريعة أو الطبيعة وقوف البتة.)
فلا تسخفّوا الدين والفقه فيه، والذوق .. ولا تسطّحوه رجاءً.
هل الذوق مصدر لتلقي الدين؟
هل الذوق مصدر لفقه دين الله؟
ما هو الذوق عندكم ؟
ومردُّ العلم والفقه في التوحيد كما ذكر الشيخ رضي الله عنه إلى الذوق،
هذا مخالف للقرآن و السنة ، فمصدر الدين عند أهل السنة و الجماعة الوحيان : القرآن و السنة.
فالله عزَّ و جلَّ يقول عن القرآن أنه مصدر التشريع الأول : (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) ) سورة الشورى .
و الله تعالى يقول عن نبيه و سنة نبيه : : ( ... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) ) جزء من آية في سورة الحشر.
و يقول الله تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه و سلم : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) ) سورة آل عمران .
فلا ذوق إلا في دين المتصوفة .
فهناك مرتبة العوام ومرتبة الإسلام، وهناك مرتبة الخواص مرتبة الإيمان وهي للسالكين والقابلية فيها ذوقية وقلبية، كما ذكر، فهي خاصة بهم، وهناك درجة أعلى وهي لخواص الخواص أهل مرتبة الإحسان وهم الذين قامت عقيدتهم بالله تعالى لا بالنّفس. وهي مجهولة لسواهم مطلقاً، ولا يقعُ فيها التعبير. لأنّ التعبير فيها مهما عبّر عنها أخطأ وغلط.
هذا التقسيم تحدثنا عنه كثيرا و هو من صتع المتصوفة حتى يقنعوا أتباعهم أن ما يأتون من أذكار و أحزاب و رقص و شطح لا أصل لها في الدين ديناً
ولنا عودة للوقوف على تساؤلاتكم ؟ أو الوقوف على كلام الشيخ ما استطعنا الى ذلك سبيلا.
عبده فايز الزبيدي
09-10-2015, 10:22 PM
التوحيد والشرك بيّنهما كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم
فلماذا هذا الدخول في هذه النزعات الفلسفية والكلامية والنزاعات المذهبية، حتى فقد التوحيد وهجه، وقلّ حضوره الفاعل في حياتنا..
في الحديث الصحيح سأل النبي صلى الله عليه وسلم جارية : أين الله ؟ قالت : في السماء. قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبها : أعتقها فإنها مؤمنة..
ثم ما معنى قولك أخي إدريس : (ومردُّ العلم والفقه في التوحيد كما ذكر الشيخ رضي الله عنه إلى الذوق) ؟
الذوق أم إلى كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فليسعنا أيها الإخوة ما وسع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، الذين تلقّوا التوحيد صافياً نقياً، ففتحوا به البلاد وقلوب العباد..
تحياتي ودعواتي
أخي و أستاذي / بهجت الرشيد
كلامك كلام أهل التوحيد
فبوركت أيها الجميل
و حتى نفهم ( أنا و أنت ) مراد الأخ إدريس الشعشوعي بالذوق و أهميته عند المتصوفة أنقل هذا الكلام لكاتبه / الشيخ فتحي أمين عثمان و قد نشره في موقع ( الألوكة):
الذوق وسيلة المعرفة عند الصوفية
لما جعلت الصوفية «الذوق» هو وسيلة المعرفة، دون الشرع والعقل، قصرت رحمة الله على فئة قليلة في عباده، وصيَّرت الإنسان كمن يمشي في ضوء الشمس وهو مغمض عينيه، فلا يستفيد من ضوئها، أو كمن يحاول أن يبصر في الظلام فلا يستفيد من عينيه.
وبذلك اختلفت طرائقهم وأفكارهم، وصارت مصادر المعرفة عند الصوفية مختلفة ومتباينة؛ لأن كل صوفي يتحدث عنها من واقع تجربته الخاصة.
ومن هذا المنطلق كتب الشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله في كتابه «هذه هي الصوفية» عن مفهوم الذوق عند الصوفية، يقول: إن الصوفية تعتقد أن الذوق الفردي لا الشرع، ولا العقل هو وحده وسيلة المعرفة ومصدرها لمعرفة الله وصفاته، وما يجب له، فهو أي الذوق الذي يقوم حقائق الأشياء ويحكم عليها بالخَيْرِيَّة أو الشَّرِّية، بالحُسُنِ والقُبْحِ، بأنها حق أو باطل، فلا جَرَمَ أن تدين الصوفية بعدد عديد من أرباب وآلهة، ولا عجب أن ترى النِّحلَةَ منها تخضع لصنم يكفر به سواها من النِّحل الصوفية، لا عجب في ذلك كله ما دامت تجعل «الذوق»[1] الفردي حاكماً وقيماً على المسميات وأسمائها[2]........ فيصنع للشيء معناه مرة ثم ينسخه بنقيضه مرة أخرى، هذه الحِدِّة في تَوَتّرُ التناقض صِبْغَةَ الصوفية دائماً في منطقها المخبول، ولقد ضربت الصوفيين أهواءُ أحبارهم بالحيرة والفُرقَةِ، فحالوا طرائق قددا تؤله كل طريقة منها ما ارتضاه كاهنها صنماً له، وتعبده بما يفتريه هواه من خرافات....... على حين يجمعهم على الوحدة هوًى واحد وغاية واحدة هي القضاء على الإسلام والجماعة الإسلامية.
وإن لم يكن الأمر كذلك، ففيم هذه الشِّيَعُ المتطَاحِنَة، وفيم هذه المَشْيَخَات المتنابذة. ويضرب الشيخ عبدالرحمن الوكيل رحمه الله الدليل على قوله السابق، بما جاء على لسان رويم البغدادي حيث يقول: «لا يزال الصوفية بخير ما تَنَافَرُوا، فإن اصطلحوا هلكوا».
وعن تعريف كلمة الذوق عند الصوفية، يذكر الشيخ الوكيل رحمه الله جانباً من التعريفات التي قالوها:
1- يعرف القيصري الذوق بقوله[3]: «ما يجده العالم على سبيل الوجدان والكشف، لا البرهان والكسب، ولا على طريق الأخذ بالإيمان والتقليد». (ص 193) «مطلع خصوص الكلم».
2- أو هو: «أول درجات شهود الحق بالحق في أثناء البوارق المتوالية عند أدنى لبث في التجلي البرقي». (ص 101 جامع الأصول للكمشخانلي».
3- ويقول ابن عربي: «اعلم أن العلوم الذوقية الحاصلة لأهل الله مختلفة باختلاف القوى الحاصلة مع كونها ترجع إلى عين واحدة»[4]. (ص 107 فصوص الحكم).
وفي مجال إبراز مدى اعتقاد الصوفية في أن «الذوق» هو وسيلة المعرفة لديهم نجد الشيخ الوكيل يقول: (5) «كل صوفي يؤمن بأن الذوق وحده وسيلة المعرفة، أما العقل عندهم فهو طاغوت أخرق، وأما الشرع فمادية تنشب مخالبها في الصخر دون أن ترمق السماء بنظرة واحدة، وهو نوع من عبادة التاريخ الميت، ولهذا تتباين عندهم قيم الأشياء تبعاً لتباين الذوق!!
وقد يرى الصوفي الباطل، فيما يرى غيره فيه حق، ولا يضيرهم أن يتوتر التناقض بين ما يؤمن به صوفي، ويكفر به آخر غيره، فكلاهما في الدين الصوفي على حق.
ولعل هذا سر فريتهم: «من اعترض انطرد»؛ إذ ربما حكمت بالشرع أو العقل على شيء ما بأنه باطل وهو في «ذوق» شيخك حق، فتعرض نفسك للطرد من حظيرته.
• وعلى هذا يحمل الشيوخ الدراويش، ويستعبدونهم، فما يفعل الشيخ من شيء إلى ويوحي إلى درويشه أنه فعله عن أمر إلهي، ألا ترى الجنيد حين سئل:
أيزني العارف؟ أجاب بقوله: «نعم، وكان أمر الله قدراً مقدوراً».
حق لونه بباطل ذلك الجنيد. «زانٍ ويسميه عارفاً»[5] أي: مؤمناً قد بلغ ذروة الإيمان؛ لأنه رأى القضاء في لوح الغيب فنفذه.
وهنا نتذكر قول الدباغ: «إن الولي الكبير فيما يظهر للناس يعصي، وهو ليس بعاصٍ، وإنما روحه حجبت ذاته، فظهرت في صورتها، فإذا أخذت في المعصية فليست بمعصية»[6].
ثم يثني ويقول: «يتصور في طور الولاية أن يقعد الولي مع قوم يشربون الخمر، وهو ليس يشرب معهم، فيظنونه أنه شارب الخمر، وإنما تصورت روحه في صورة من الصور وأظهرت ما أظهرت»[7].
وتنكر الصوفية على العقل أنه وسيلة إلى المعرفة، ويرهقها حنقاً منه أن يحكم بالمغايرة بين الضدين أو بين النقيضين، وتنكر على الشرع تفرقته بين الإيمان والكفر أو بين الخير والشر، إذ لا تؤمن بغير «الذوق» سماء وحي، وقدس إلهام. ومن هذا كان اصطلاحهم المشهور: «من ذاق عرف».
أي من جعل «الذوق» وحده الوسيلة إلى المعرفة كان حقاً من العارفين بكنه الحقائق الربانية، بمعنى أن من استمد معرفته عن طريق الذوق كان هو العارف المكمل، أنا من يستمد معرفته من الدين فهو من أهل الظاهر المحجوبين عن إدراك كنه الحقيقة الإلهية الكبرى.
أو بمعنى أوضح: عن إدراك حقيقة الألوهية التي يقدم وجودها عندهم وجودات العالم الظاهرة، وقد شطح بهم الذوق الأسطوري إلى اعتناق خرافة: «وحدة الوجود»، وبالتالي إلى اعتناق خارفة «وحدة الأديان» بالمعنى الصوفي، فعن إيمانهم بوحدة الوجود نتج إيمانهم بوحدة الأديان[8].
[1] يعني الذوق الخاص بكل إنسان ونتيجة لهذا يصبح الدين والأخلاق بلا معيار ولا ميزان.
[2] كتاب «هذه هي الصوفية» تأليف الشيخ عبدالرحمن الوكيل (ص33).
[3] ص181 طبقات الصوفية للسلمي.
[4] كتاب هذه هي الصوفية (ص137). ويعني بالعين الواحدة: الذات الإلهية!!.
[5] التسمية بالعارف بدعة صوفية، تخفي وراءها كيداً خفياً للشريعة، إذ الغاية عندهم المعرفة وحدها لا العبادة، معرفة أن الحق عين الخلق، أما الغاية الحقة لكل مسلم، فهي الإيمان الصحيح مع التوحيد الخالص، مع التقوى، وكم من عارف صوفي دينه أساطير (ص186) تعليق (2) كتاب مصرع التصوف.
[6] الإبريز للدباغ (2/ 23).
[7] الإبريز للدباغ (ص41).
[8] مجلة الهدي النبوي - عدد 8 - لسنة 1380هـ، مقال عن وحدة الأديان عند الصوفية بقلم عبدالرحمن الوكيل.)* أ.هـ
قلت و الشيخ عبدالرحمن الوكيل كان صوفيا في بدابة حياته ثم ثاب بفضل الله لمنهج أهل السنة و الجماعة.
______________
* http://www.alukah.net/sharia/0/75521/
عبده فايز الزبيدي
09-10-2015, 10:32 PM
الفاضل بهجت رشيد، سوف أعيد عليك ما كتبته لتفهمه أو تفهم أنّ سؤالك ومقابلة كلمة الذوق بالكتاب والسنة كأنّهما يفترقان ويتضادّان، هو قراءتك وفهمك وحسب وليس كلامي ولا مقصودي.
فقلنا :
______________________
العلم والمعرفة بالله وهي عين التوحيد ودرجاته، تقومُ على القلب، لا العقل المجرّد. فآلة العقل وحدها قاصرة.
تقومُ على القلب، أي على تزكية النّفس وذوق القلب وشهود الرّوح، بحسب التقوى والإيمان، يخلُصُ للمرءْ الشفافية والمعرفة بالله والذوق ..
قال الله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾. [سورة محمد الآية: 24].
فنسب التدبّر للقلب، لا العقل، مع أنّ آلة التدبّر هي العقل ... ذلك أنّ القلب هو الذي يفتحُ للعقل مستويات التدبّر في القرآن، وفي المعرفة بالله سبحانه وتوحيده.
العقل دوره التحليل والتفكيك، القلبُ دوره ريادي، القلبُ بقدر نقائه وصفائه وخلوصه وسلامته يفتحُ للعقل مستوى أكبر في التدبّر والقابلية والذوق والشهود.
القلب له نافذتين، لأنّه برزخ، فله نافذة على عالم الملكوت والروح، وله نافذة على عالم الملك والشهادة. وبقدر صلاحه وسلامته وشفافيته، يتلقّى واردات الرّوح، فيحصلُ له العلم والقابلية بقدر تلك الصّحة والسلامة والصفاء فيه.
ولذلك كان محور الصلاح والتزكية والنجاة يدورُ على القلوب أساساً ..
قال الله تعالى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}. ( سورة الشعراء ). فقال إلاّ من أتى بقلب سليم. فسلامة القلب مفتاح الشهود والذوق والعلم. أي مفتاح الترقّي في درجات التوحيد والعلم به. فتأمّل.
وقال الله تعالى ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)﴾. [سورة ق]. قال سبحانه : لمن كان له قلب .. أي قلب سليم نقيّ تقيّ يقبلُ العلم وذوقه وشهوده.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) رواه البخاري في صحيحه.
فالقلبُ هو العمدة، وهو الذي يفتح للعقل القابلية للتدبّر.
لذلك، فكلامك وكلام الكثيرين الذين ينكرون، إنّما ينكرونها لأنّ مقامهم في الذوق والتوحيد، هو مقام العامّة، أي مقام العوام من حيث عدم القابلية الذوقية والقلبية والسلامة. ولا يعني تساوي العامّة في هذه القابلية والانكار. بل كثير من العوام لا يخوضون ولا ينكرون، بل يسلّمون. ويرون أنّ الأمر متروك لأهل العلم ..
إنّما جاء الجهل، بتكلّم من لم يتحقّق ولم يتزكَّ ( من التزكية) في الدين. فينكرُ وقلبه عامرٌ بالأغيار والآثام والأصنام. ثمّ يتكلّمُ في التوحيد، ويُحاجج أهل الصفاء والذوق الذين صفت قلوبهم من أصنامها وأهوائها وأغيارها فهي تحومُ في ملكوت ربّ العالمين سبحانه، وتتلقّى الذوق والشهود من الرّوح العارفة بالله. التي أشهدها الله وحدانيته وقيوميته وهي في عالم الذرّ.
_____________________
خلاصة ردّ :
إنّما قصدنا بالذوق : التزكية الشرعية والتقوى والإيمان الذي يحصّل مقام العرفان والعلم من الكتاب والسنّة ... فتدبّر القرآن يحصل بصلاح القلب.
قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)) سورة الجمعة.
فلا يحصلُ العلمُ والتعلّم من الكتاب إلاّ بسبق التزكية، كما هي الآية، فقال تعالى / يتلو عليهم آياته ويزكيهم ثمّ قال ويعلّمهم الكتاب والحكمة.
فالتزكية الشرعية والتقوى والذوق القلبي والشهود الروحي هم بابُ العلم، وكلّما تفاوت العباد في هذه التزكية والتقوى والذوق القلبي تفاوتوا لا محالة في قابليتهم التعلّم والعلم من كتاب الله تعالى (ومن سنّة الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم) وتحقّقهم بالحكمة.
أهل السنة و الجماعة يعتمدون على النقل و العقل أي الدليل من الكتاب و السنة ثم العقل ، و يحفظون الناشئة مثل هذا الكلام : ( "العقل الصريح لا يُعارض النقل الصحيح ، بل يشهد له ويؤيده لأن المصدر واحد فالذي خلق العقل هو الذي أرسل إليه النقل ، ومن المحال أن يُرسل إليه ما يُفسده ، وإذا حدث تعارض بين العقل والنقل فذلك لسببين ، لا ثالث لهما ، إما أن النقل لم يثبت وإما أن العقل لم يفهم النقل".)
و أنتم المتصوفة تقولون بتلقي القلب معارفه عن طريق الذوق ، و سؤالي أيها الفاضل:
للحيوان مثل الخيول و الجمال و البغال قلوب ، فهل يصح أن نقول أنهم يتذوقون علوماً و معارفَ ؟
و إذا كان العقل بهذه المرتبة المنحطة عندكم فلماذا كلف اللُه بالدين العاقل من الناس دون غيره كالمجنون من الناس و الحيوان و الطير و الشجر ؟:0014:
عبده فايز الزبيدي
09-10-2015, 10:37 PM
التفاوت في الاعمال وليس في التوحيد فالتوحيد ليس امرا نسبيا ولا يصلح ان يكون كذلك والتفاوات بعد اثبات ما اثبته الله لنفسه سبحانه ونفي ما نفاه عن نفسه سبحانه كتابا وسنة يكون ذلك التفاوت في اعمال ذلك التوحيد علي ما اقوم به من فعل او قول ظاهرا كان او باطنا
اذ معني ان يكون هناك نسبة في التوحيد يعني ان يكون هناك من اعتقد ان له صفات شبيهة بصفات الله سبحانه وتعالي لذلك اصرف له شركية بجزء من الاقوال والافعال الظاهرة و الباطنة
أحسنت أحسنت
من لم يأت بالتوحيد الخالص فعمله مردود عليه ، قال الله تبارك و تعالى :
( أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ۚ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) )سورة الزمر.
محبتي:0014:
فكير سهيل
10-10-2015, 10:22 PM
لم يدخلنا في نزاعات أو نقاشات ـ على الأصحّ ـ فلسفية , إلّا مابتدعه هؤلاء المتمنطقة من ألفاظ و تعابير لا تمتّ للدّين و السّنّة بصلة فاضطُرّ علماء السّنّة لولوج هكذا ميادين بغية الرّدّ عليهم من حيث منطلقهم حتّى لا يدعون لهم مجال الكلام و الفلسفة يرعون فيه كيفما شاءوا و يجلبون المزيد من الرّعيّة و للنظر إلى أقوال و ردود شيخ الإسلام ابن تيمية و للننظر إلى أقواله في مجلّد الأسماء والصّفات.
نسأل الله القبول و السّداد.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir