مشاهدة النسخة كاملة : سَمَلاتٌ أدبية
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيَ بعده و على آله و صحبه أجمعين.
المقدمة:
أيها الأحبة !
كما الاسم سيكون المضمون.
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:09 PM
و بخصوص معنى (سملات):
سألتني الأديبة ( الشروق) عن معنى ( سملات أدبية) فقلت لها:
لفظة سَمَلات جمع سَمَلة و هي بقية الماء في الحوض
و الذي أوحى إلينا بها ما قاله الشاعر الجاهليّ المشهور (تأبَّطَ شراً) في بيتٍ من قصيدة له يصف وادياً به سيل ،حيث يقول فيه:
بِهِ سَمَلاتٌ من مياهٍ قديمةٍ
مواردُها ما إنْ لهنَّ مصادِرٌ
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:18 PM
كان أبو النشناش النهشلي التميمي من ملاصِّ بني تميم , و كان يعترض القوافل في شذّاذٍ من العرب بين طريق الحجاز و الشام فيجتاحها , فظفر به بعض عمالُ مروان فحبسه و قيَّدهُ . ثمّ أمكنه الهرب في وقت غِرَّةٍ فهرب فمرّ بغرابٍ على بانةٍ ينتفُ ريشه و ينعب. فجزع من ذلك . ثمَّ مرَّ بحيٍّ من لهبٍ . فقال لهم : رجلٌ كان في بلاءِ و شرٍّ و حبسٍ و ضيقٍ , فنجا من ذلك , ثمَّ نظر عن يمينه فلمْ يَرَ شيئاً ,و نظرَ عن يساره فرأى غُراباً على شجرةٍ بانٍ ينتف ريشه و ينعب . فقال له اللهبي : إن صدقتِ الطّيرُ , يُعادُ إلي حبسه و قيده , و يطولُ ذلك به , و يُقتل و يُصْلب. فقال له أبو النشناش : بفيك الحجر . قال اللهبي : لا بل بفيك , و أنشأ يقولُ :
1. وسائلةٍ أينَ الرَّحيلُ و سائلٍ
و مَنْ يَسألُ الصعلوك أين مذاهبُهْ
2. و داويةٍ يهماء يُخْشى بها الرَّدى
سَرتْ بأبي النشناشِ فيها ركائبُه
3. ليُدْرِكَ ثَأْراً أو ليدرك مغْنماً
جزيلاً و هذا الدَّهرُ جَمٌّ عجائبُه
4. إذا المرءُ لمْ يَسْرَح سواماً و لم يُرحْ
سواماً و لم تعطفْ عليه أقاربُه
5. فللموتُ خيرٌ للفتى من قعوده
فقيراً و منْ مولىً تدِبُ عَقاربُه
6. و لمْ أرَ مِثْلَ الهَمِّ ضاجعه الفَتى
و لا كسوادِ اللّيلِ أخْفَقَ طالبُه
7. فَمْتْ مُعْدِماً أوْ عِشْ كَريماً فإنني
أرى الموتَ لا ينجو من الموتِ هاربُه
8. و لو كانَ شيءٌ ناجياً منْ مَنِيَّةٍ
لكانَ أثيرٌ يومَ جاءت كتائبه
تعليق من ديوان الأصمعيات الذي نقلنا منه الخبر:
الداوية: الفلاة المستوية البعيدة الأطراف
اليهماء: الفلاة التلا لا ماء فيها و لا علم فيها و لا يهتدى لطرقها
* و قوله (يعني الشاعر ): ( أرى الموت لا ينجو من الموت طالبه ):
أراد لا ينجو منه فأتى بالمظهر مكان المضمر , و هذا جائز في الشعر .
و أقول :
إن مقالة شاعرنا : و من يسأل الصعلوك أين مذاهبه ؟
هو مثل جميل في عبارته و معناه, لأنه يقول:
إ ن المشرد لا مكان له فيؤويه ، و لا صديق فيبسط له وجهه ، و لا أقارب فتعطف عليه
فسؤال السائل له : إلى أين تذهب ؟ هو من باب سؤال السحاب : متى تعود ؟.
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:24 PM
ورد في كتاب (الممتع في علم الشعر و عمله ) لعبدالكريم النهشلي القيرواني ما يلي :
كانَ أُسيد بن عنقاء الفزاري من أكبر أهل زمانه ، و أشدهم عارضة و لساناً ، فطال عمره و نكبه دهره ، فخرج عشيةً يتبقلُ لأهله ، فمرَّ به عُميلة الفزاري ، فقال : يا عم ما أصارك إلى ما أرى ؟
قال : بُخْل مِثلكَ بماله ، و صَرْفُ وجهي عن مسألةِ النّاس .
فقال عميلة: و الله لئن بقيت إلى غدٍ لأُغيرنَ ما أرى من حالك .
فرجعَ ابن عنقاء إلى أهله. فأخبرهم بقوله , فقالت أمّه: أغرّكَ كلامُ غلام جُنْح ليل ! فكأنك ألقمت فاه الحجر .
فبات ابن عنقاء متململاً بين رجاءٍ و يأس. فلمّا كان السَّحر سمع رُغاء الإبل و ثُغاء الشاء و صهيل الخيل و لَجَب الأموال ! فقال : ما هذا ؟ قالوا: عُميلة ساق إليك ماله .
قال : فاستخرج عميلة ابن عنقاء و قسّم ماله شطرين فساهمه عليه ............
فقال ابن عنقاء:
1. رآني على ما بي عُميلة فاشتكى
إلى مالهِ حالي أسّر كما جَهرْ
2. دَعاني فآساني و لو ضنَّ لمْ ألُمْ
علىَ حينِ لا بَدْوٌ يُرجّى و لا حَضَرْ
3. فقلتُ لَهُ خَيْراً و أثنيتُ فِعلهُ
و أوفاك ما أبْليتَ من ذمَّ أو شَكَرْ
4.و لمَّا رأى المجْدَ اسْتُعيرت ثيابهُ
تردَّى رداءً سابغَ الذَّيلِ و اتَزرْ
5. غلامٌ رَمَاهُ الله بالحُسنِ مُقْبِلاً
له سيمياءٌ لاَ تُشَقُّ على البَصرْ
6.كأنَّ الثُّريا عُلِقتْ فوْقَ نَحْرِهِ
و في أنْفِهِ الشّعرى و في وجهه القمرْ
7. إذا أقبلتِ العوراءُ أغضى كأنَّه
ذليلٌ بِلاَ ذُلٍّ و لو شاء لانتَصر
و نقول:
العوراء: هي الكلمة النابية
السيمياء: العلامة
وقوله:
له سيمياء لا تشق على النظر
أي أن محاسنه لترتاح إليها عين الناظر ،و لا تشق على عينه لخلوها من الشين.
و أوردها أصحاب المعاجم كما في لسان العرب بألفاظ سيما كقول الله تعالى (سيماهم في وجوهم)
و سيمياء كما جاء بها ابن عنقاء هنا ............. و سيمة .
و أقول من هذا قول الناس يمدحون الشخص بقولهم (فلانٌ عليه سيمة و قيمة) يقصدون عليه علامة العتق في النسب و نضارة النعيم و الله اعلم.
و قوله :
إذا أقبلت العوراء أغضى كأنه
ذليلٌ بلا ذل و لو شاء لانتصر
هذا فن بديع اسماه ابن حجة الحموي في خزانته:
(ذكر الإحتراس)
و عرفه بما يلي :
هو أن يأتي المتكلم بمعنىً يتوجه عليه فيه دخل فيفطنُ له فيأتي بما يخلصه من ذلك و مثاله في كتاب الله عز وجل : (اسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوءٍ) (القصص :32 ) فاحترس بقوله سبحانه و تعالى : من غير سوء , عن إمكان أن تدخل في البرص و البهق . انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
نقول :
إنَّ الشاعر مدح ممدوحه بتجافيه عن الكلام القبيح و عن سب من يسبه حتى ليحسب الجاهل بأنه ذليلٌ
ثم احترز الشاعر بقوله (بلا ذل) لدفع الشبهة و بيَّنَ خافي الخصال الكريمة بقوله(و لو شاء لانتصر)
أخيرا: للسيميائين العرب إدعاء نسب بهذه الكلمة (السيمياء) مبسوطة في أطروحاتهم.
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:32 PM
أورد جامع ديوان ابن عبدربه الدكتور محمد أديب جمران هذا الخبر :
يقال إن الخطيب الأندلسي أبا الوليد بن عباد حجَّ ، فلمّا انصرف تطلع إلى لقاء المتنبي في مسجد عمرو بن العاص في مصر ، ففاوضه قليلاً ثم قال: أنشدني لمليح الأندلس _ يريد أحمد بن محمد بن عبدربه الشاعر الأديب و صاحب كتاب العقد الفريد _ فأنشد أبو الوليد :
1. يا لؤلؤاً يسبي العقولَ أنيقا
و رشاً بتقطيعِ القلوبِ رشيقا
2. ما إنْ رأيتُ و لا سمعتُ بمثلهِ
دُرَّاً يعودُ من الحياءِ عقيقا
3.و إذا نظرتَ إلى محاسنِ وجهه
أبصرتَ وجْهَكَ في سَنَاهُ غريقا
4. يا منْ تقطع خَصْرُهُ من رِقَّةٍ
ما بالُ قلبِكَ لا يكونُ رقيقا
فلما فرغ أبو الوليد من إنشاده ، استعادها المتنبي منه ، ثمّ صفَّقَ بيديه و قال معجباً :
( يا بن عبدربه ، لقد تأتيك العراقُ حبْواً ) .
تعليق:
1. لا زالت الناس تبحث عن أعيان الناس و يشتاق أهل الفضل و أرباب البيان و أولو العلم لمن هم في مرتبتهم كما فعل أبو الوليد للقاء المتنبي.
2.ذكاء و فطنة الخطيب حين اختار من قصائد ابن عبدربه تلك الخريدة لينشدها أمام إمام من أئمة الشعر, كما تدل هذه الحادثة على سلامة الطوية و ليت شعري متى يفهم المبتلون بداء (أنا) أن الشعر ليس حكراً على أحد و النعوت لا يبحث عنها إلا من سفه نفسه.
3. تواضع المتنبي الجمّ حين أشاد بأخٍ له في الجانب الآخر من عالم الضاد أيام كانت الأندلس تتحدث العربية.
أخيرا من جميل البلاغة في النص السالف" تلك التورية المرشحة في قوله:
دراً يعود من الحياء عقيقا.
عبده فايز الزبيدي
14-10-2015, 09:35 PM
يقولُ طرفة بن العبد :
بَدَّلَتهُ الشَّمْسُ مِن منْبتهِ
بَرَدَاً أبْيضَ مَصْقُولَ الأُشُرْ
ورد هذا البيت في مقاييس اللغة :
الأشر: رقَّة و حِدّة في أطراف الأسنان .
و هو يحكي خرافة عربية جاهلية مفادها في صبحي الأعشى:
الشمس( ..... يقولون: إن الغلام اذا أثغر فرمى سنه في عين الشمس بسبابته وإبهامه ، وقال: ابدليني بها أحسن منها أمِنّ على سنانه العوج والفج والنغل قال طرفة: .......) ثم ذكر البيت .
تعليق:
1. أقول: إن هذه الخرافة ما زالت موجودة بيننا حتى يومنا هذا خاصة عند الصغار.
2. هذا البيت دليل على سخف القائلين بمقولة (الشعر للشعر) وأن الشعراء لا ينبغي للمبدعين منهم نقل الحدث و تسجيل العادات و أن الشعر يجب أن يسلم من التأريخ و الجغرافيا و ذكر الأسماء و إلا فلن نعده شعرا .
3.علماء الغرب يستنطقون وشوم الصخر الأبكم لتحدثهم عن بقايا أصداء حضارات بائدة و يقدسون بقايا العظام المتحجرة في أحضان جلاميد تشهد بوجود حياة لا دليل عليها سوى رفات الموتى ........... و نحن العرب ضربنا صفحاً عن شعرائنا القدامى العباقرة الذين حفظوا لمن جاء بعدهم حضارة عريقة فلم يغفلوا عن العادات و التقاليد و لم ينسوا مظاهر الحياة العادية من مأكل و مشرب و مجلس و ملبس ..... الخ.
و أنت تقرأهم شعرا كأنك تنظرهم عيانا ،فأي فضل للغز عقيم في كهف مظلم ،على تصريح لسان مبين بحقيقة كانت.
عبده فايز الزبيدي
15-10-2015, 10:25 PM
جاء في رائعة أحمد شوقي (النخيل)التي نظمها بالإسكندرية في صيف 1931م:
أرى شَجَراً في السَّماءِ احتجبْ =وَ شَقَّ العَنانَ بمرْاًى عَجَب
مآذنُ قامت ْهُنا أو هُناكَ = ظَواهِرُها درجٌ مِنْ شَذَبَ
و ليس يُؤذِّنُ فيها الرِّجال = و لكنْ تصيحُ عليها الغُرُبْ
و باسقةٍ مِنْ بناتِ الرِّمالِ =نَمَتْ و رَبَتْ في ظلالِ الكُثُبْ
كَسَارِيَةِ الفلكِ , أَوْ كالمسلَّة , أو كالفَنار وراءَ العَبَبْ
تَطولُ و تَقْصُرُ خلْفَ الكَثيْبِ=إذا الرِّيحُ جاء به أو ذهبْ
قوله: (إذا الريحُ جاء به أو ذهب)
فقد حَمَل الريح على معنى الهواء و هذا سبب تذكير الفاعل .
و شواهد هذا كثير كقوله تعالى:
(و أخذَ الذّين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ) هود -67
قال صاحب (التبيان في إعراب القرآن)
في حذف التاء ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه فصل بين الفعل و الفاعل
و الثاني: أنَّ التأنيث غير حقيقي
و الثالث: أن الصيحة بمعنى الصِّياح , فَحُمِلَ على المعنى.
الإضافة البيانية :
لمّا أراد أن يصور شدة فعل الريح جاء بتذكير الفاعل ليدل على القوة التي تثير هذا المشهد الحي في نظر المشاهد .
معين الكلدي
15-10-2015, 10:36 PM
موضوعٌ ممتعٌ مفيد نحتاجه لنتعلم الأدب والحياة معاً
استمر في عطائك المدهش وفي هذا النقل الموفق
عبده فايز الزبيدي
16-10-2015, 09:57 PM
موضوعٌ ممتعٌ مفيد نحتاجه لنتعلم الأدب والحياة معاً
استمر في عطائك المدهش وفي هذا النقل الموفق
بارك الله فيك أخي الحبيب الأديب
معين الكلدي
و اشكرك لهذا المرور الطيب و الكلام الجميل كجمال روحك.
محبكم:0014:
عبده فايز الزبيدي
16-10-2015, 09:59 PM
المنهل في عددها المرقوم بـ (626 ) المجلد 73 العام 77(من انطلاقتها)
رجب/شعبان 1432 - يونيو/يوليو 2011
في زاوية ((ممَّا قلَّ) نشرت ما يلي:
( في الشِّعْر ........
الشعرُ العربيُ هو ما كانَ مُلتزِمَاً للوزنِ و القافيةِ فحسب , أمَّا إذا خرج عنْ نِطاقِ الوزنِ و القافية فلنا أنْ نسميه كلَّ شيءٍ إلاَّ أنْ نسميه (شعراً عربياً ) .. و ما مِثْلُ مَنْ يرُومُ أن يُخرجَ الشِّعرَ العربيَّ من عُشْهِ و رَوْضه : الوزنِ و القافيةِ , إلاَّ مثل من يريدُ أنْ يُخرجَ لغةَ أدبِنا العربيِّ عن كيانها و جوهرها : اللغة العربية الفُصْحى إلي قفارٍ من لهجاتٍ عاميةٍ ركيكةٍ مُتَباينةٍ مُتَنائية مُتنافرةٍ .. إنَّ في ذلك لقَضَاءً على اللغة الأدبية و العلمية العربية و على الشِّعْرِ العربي على السَّواء . فليفطَنْ لهذه الحقيقةِ المُتَألِقةِ العرب من أُدباء و ناشئة و غير أُدباء و ناشئة .
عبدالقدوس الأنصاري
مجلة المنهل , عدد جُمادى الأولى 1382 للهجرة – أكتوبر 1962 م)
عبده فايز الزبيدي
16-10-2015, 10:01 PM
ما يزال رجل الشارع يدهشني بعميق ارتباطه بعتيق التراث
فهو و إن لم يُصنف في ركب المثقفين إلا أنه يسير في طريق موازٍ
لهم و ينشر كنوزه في عفوية تضمن له أكثر من المتخصصين الوصول
إلى كلِّ جيل دون عناءِ كتابة أو تكاليف دور النشر.
و من هذا ما نسمعه يتردد على ألسنة العامة من حكمٍ و أمثالٍ و تعابير
يستهجنها المتأدبون و يترفعون عن ذكرها في مجالسهم أو تحليلها في دراساتهم
رغم أصالة ما يستهجنون و جليل ما يستخفون.
فمثلاً:
تقول العامة: (سأريه النجوم في عزِّ النهار )
و هذا القول سحيق القدم
و لعلَّ الشاهد الذي بين يدي ليس هو أقدمها و لكن هو ما وجدته إلى اليوم
قول الفرزدق رحمه الله تعالى:
سمونا الى نجران اليماني وأهله= ونجرانُ أرضٌ لم تديَّثْ مَقاولُه
إلى أن يقول:
إذا فزعوا هزّوا لواء (ابن حابسٍ) =و نادوا كريماً خِيمُه و شمائلُه
سعى بتراتٍ للعشيرة أدركتْ = حفيظة ذي فضلٍ على من يفاضله
فأدركها و ازداد مجداً و رفعةً= و خيراً، و أحظى النّاس بالخير فاعلُه
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى =و أدرك فيهم كلَّ وِترٍ يحاوله
فقوله:
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى
هو كمثل قولنا (سأريك النَّجوم في وضح النَّهار)
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:32 PM
في قصيدة لي بعنوان : (يَزُفُّ الدهرُ خَوَّاناً لِقَصْرٍ)
وردت جملة من التساؤلات الذكية من أذكياء الأدب و العارفين به.
و من ذلك :
1. سألني صديقي الأستاذ الشاعر الكريم (محمد الحارثي) وهو من جازان السعودية :
في البيت الأول- يقصد حفظه الله قولي:
يَزفُّ الدَّهْرُ خَوَّانلً لِقَصْرٍ =و زَفَّ مُجَاهِداً نَحوَ المقابر
_ ابتدأت بالفعل المضارع ( يزف ) ..
و في الشطر الثاني عطفت عليه فعلا ماضيا ( زف ) بالواو العاطفة ..
و في هذا خلل لغوي إلا أن يكون لك تبرير ما ..
فكان جوابي له:
أقول_ بارك الله فيك_ في:
يَزُفُّ الدَّهْرُ خَوَّاناً لقصرٍ
و زَفَّ مُجاهداًنحو المقابرْ
فهذا جائزٌ في اللغة ,أعني أن تعطف فعلين اختلفا نوعاً و اتحدا زماناً و قد جاء في القرآن الكريم مثل ما فعلت _عطف الماضي على المضارع - في قوله تعالى بشأن فرعون: (يقدمُ قومَه يومَ القيامةِ فأورَدَهم النَّارَ و بئسَ الوردُ المورودُ) سورةهود.
و علة التوفيق هي أنهما فيحكم المستقبل لأن هذا لن يحدث إلا يوم القيامة .
و قولنا لا ينسجم إلا إذا قدرت (زفَّ) ب (يزفّ) وقرينته الدهر يعني العصر الذي نحن فيهالآن و كون الفاعل هو نفسه للفعلين كما هوالحال مع فرعون.
و من الشعر القديم ما أورده الأصمعي لشِمْر بن عمروٍ الحنفي:
و لَقد أمُرُّ على السفيه يسبني=فمضيتُ ثُمَّتَ قلتُ لايعنيني
فحتى يستقيم المعنى علينا أن نعتبر (أمُرُّ )في معنى: مَرَرتُ.
2. سألني أديب كريمٌ رَمَزَ لنفسه (الحطيئة) فقال:
قولك :
فَكَيْدُ النَّاسِ ليسَ له بضائر
هل ضائر يتعدى بحرف جر أم بنفسه ؟؟؟
الذي يظهر لي أنه يتعدى بنفسه لا بحرف الجر اللام !
فرددت عليه بقولي:
الباء في (بضائر) هي الباء الزائدة جئت بها للتوكيد لأنها واقعة في خبر الناسخ.
و هذا كثير في الكلام الفصيح و من ذلك قوله تعالى: (أليس الله بكافٍ عبده)
و من ما أحفظه قول يزيد بن حبناء الخارجي:
ذريني فإنَّ العيشَ ليس بدائمٍ =و لا تعجلي باللوم يا أمَّ عاصمِ .
و الله أعلم
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:34 PM
في ليالي رمضان تقنت ُ الأئمة بدعاء شهير و مبارك و فيه: (اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحولُ به بيننا و بين معاصيك.........)
قال أبو منصور الثعالبي في فقه اللغة تحت فصْل (( إضافةِ الشيء إلي الله جلَّ و عَلاَ ))
:
(( العربُ تُضيفُ بَعْضَ الأشياء إلي الله عزَّ ذكره , و إن كانت كلها له. فتقول : بيتُ اللهِ , و ظلِّ الله , و ناقةُ الله ؛ قال الجاحظُ: كلُّ شيءٍ أضافه الله إلي نفسه ، فقد عظم شأنه , و فخَّمَ أمره . و قد فعل ذلك بالنَّار (نارُ اللهِ المُوقَدَة) . و يروى أنَّ النَّبي صلى الله عليه و سلم, قال لعٌتيبة بن أبي لهب : (( اَكَلَكَ كَلْبُ اللهِ ) . فأكلهُ الأسد . ففي هذا الخبر فائدتان: إحداهما أنه ثَبَت بذلك أنَ الأسد كلبٌ ، و الثانية: أن لا يُضاف إليه إلاَّ العظيمُ مِنْ الأشياء ، في الخيرِ و الشَّرِ . أمَّا الخيرُ فكقَولهم: أرضُ اللهِ ، و خليلُ اللهِ ، و زوَّارُ اللهِ، و أمَّا الشَّرُ ، فكقولهم: دعْهُ في لعنةِ اللهِ ، و سُخطه ، و أليمِ عَذَابِهِ ، و إلي نَارِ اللهِ و حرَّ سقرهِ.))
و نفهم مما سبق أن قول الداعي في قنوته (ما تحول به بيننا و بين معاصيك)
إضافة المعاصي لله لتهويل أمر المعصية و خطرها على العاصي حين يستحضر قدرة و سطوة من يعصاه.
و الله أعلم
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:37 PM
العروض و مسألة لُغوية (1):
لا يصح _عندي - تسمية حامل القلم بالأديب ما لم يكن ملماً بكلِّ فنون الأدب العربي و لكي نفهم الجزء لا بد من النظر في الكلِّ , و قد تشكل على المتخصص في فنٍ مسألةٌ ما فإن كان محيطاً بسائر الفروع الأخرى فغالباً ما يجدُ الضالة المنشودة .
وعلم العروض هو علمٌ هامٌ لضبط موسيقى الشعر و معانيه .
و سأدلل على ما أقول بهذه الحادثة التي أوردها صاحب لسان العرب في الجزء الأول تحت (أثر):
(... فأمَّا ما أنشدَه ابن الأعرابي من قوله:
فإنِّي إن أقَعْ بك أُهَلِّكْ، =كَوَقع السِّيْفِ ذي الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإن ثَعْلَبَاً قالَ: إنَّمَا أرادَ ذي الأَثْرِ فحركه للضرورة ؛ قال ابن سيده : و لا ضرورةهُنا عندي لأنه لوْ قال ذيْ الأَثْر فسكنَهُ على أصْلِهِ لصار مفاعلَتُن إلي مفاعيلن و هذا لا يكسرُ البيتَ ، لكن الشَّاعرَ إنَّما أرادَ توفية الجزء فحرك لذلك ...) ا.هـ
قلتُ:
هذا من الوافر
و من صوره: مفاعلَتن مفاعلَتن فعولن=مفاعلَتن مفاعلَتن فعولن
و يجوز في حشوه العصب و هو تسيكن الخامس المتحرك مِنْ مفاعلتن فتصبح به ( مفاعلَتُنْ) (مفاعلْـتُنْ) و تشتهر بـ (مفاعيلن)
و بمعرفة هذا الأديب بفن العروض بَرَّأَ الشاعر من التجاوز في اللغة بجائز الزحافات في العروض.
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:55 PM
العروض و مسألة لغوية ( 2):
كتب الأستاذ / محمد جاد الزغبي _ و هو أديب و مفكر مصري بارع _ قصيدة في منتديات منابر ثقافية جاء فيها :
أنا من خرجت إلى الفداء مجاهدا
بالدَّمِّ .. أدفع عنك كل مواتِ
فنبه الأستاذ / عبدالغفار الدروبي الحفيد الشاعر إلى ترك تشديد ميم (الدّم) ، فقلت مشاركاً
وتشديد ميم (دم) ضرورة تشابه في كثرة الحديث حولها نظيرتها في (فم )
و الذي قاله الأستاذ عبد الغفار الحفيد هو الصحيح المشهور بل الأصل، و ما جاء به الأستاذ / محمد جاد يجوز في الشعر على الضرورة و له شاهده
فقد ذكر صاحب اللسان هذه المسألة تحت باب (دمى)
( ... قال الكسائي : لا أعرفُ أحداً يثَقِّل الدَّمَ ، فأمَّا قول الهذلي:
و تشرق من تهمالها العينُ بالدَّمِّ ...
ثم ذكر اعتراض ابن سيده بعده بقليل:
( ... قال ابن سيده : و لا يجوزُ لأحدٍ أن يقولَ أنَّ الهُذليَّ إنَّما قال بالدَّمِ ، بالتخفيف ، لأن القصيدة من الضرب الأول* من الطويل و أوَّلُها:
أرقتُ لهمٍّ ضافني بعدَ هجعةٍ = على خالدٍ ، فالعينُ دائمة السَّجْمِ
فقوله: مةُ السَّجْم مفاعيلن ، و قوله :نُ بالدَّمِّ مفاعيلن
و لو قال قال:نُ بالدَّمِ لجاء مفاعلُن و هو لا يجيء مع مفاعيلن ...)
فكان لاستشهاد ابن سيده بالعروض دليلٌ لا يقبل الرد بكون الشاعر أراد تشديد ميم (الدَّم) .
_
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:56 PM
العروض و مسألة نحوية
جاء في قصيدة مطلعها (نحنُ الكرام فلا حيٌّ يعادلنا)
لسيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه شاعر الرسول صلى الله عليه و سلم هذا البيت:
إنَّ أَبَيْنَا و لمْ يأَبَى لَنَا أحدٌ = إنَّا كذلكَ عنْدَ الفَخْرِ نَرْتفعُ
قال شارح الديوان الدكتور/ عبدالرحمن البرقوقي:
قوله (و لمْ يأبى: هي و لم يأبَ ، و لكنها ضرورة.)
قلتُ: كما قال الدكتور البرقوقي أن الفعل يأبَ مجزوم و علامة جزمه حذف حرف العلة و الفتحة دليل على المحذوف ........ و لا خلاف و إنما الخلاف هل هناك ضرورة لإبقاء حرف العلة في كتابة البيت؟
الجواب:
إثبات محقق و ضابط الديوان لحرف العلة مع دخول أداة الجزم على الفعل المعتل مرده استحسانه ورود مستفعلن الثانية سليمة _ و إن لم يذكر ذلك_ و هنا سيقف المتأمل بين النحو و العروض إمَّا أن ينتصر للعروض على حساب النحو و إمَّا العكس ....... و رأي أن النحو مقدمٌ على العروض في إنشاد و كتابة الشعر إلا في حالة واحدة و هي إختلال الوزن فيجوز للشاعر الذهاب إلي الضرورة حيث لا مندوحة......... و في بيت حسان لا توجد ضرورة قاهرة فمستفعلن في البحر البسيط يجوز خبنها (بحذف الثاني الساكن) فتصبح متفعلن و يجوز طيها (بحذف الرابع الساكن) فتصير مسْتعلن و تنقل إلي مفتعلن و هذا ما يحل مسألة بيت حسان بطي مستفعلن الثانية ليكتب البيت هكذا:
إنَّ أَبَيْنَا و لمْ يأَبَ لَنَا أحدٌ = إنَّا كذلكَ عنْدَ الفَخْرِ نَرْتفعُ
و الله أعلم.
عبده فايز الزبيدي
22-10-2015, 09:57 PM
سُئل الأديبُ السعودي محمد حسين زيدان _ رحمه الله _قبل وفاته بثلاثة أيام:
أيُّهما أجمل أن تكونَ كما تُريد ، أمْ أن تكون كما يريد الناس؟
فأجاب الراحِلُ بعبارةٍ تحملُ فيضاً من الصدق و الشجن و البلاغة التي عرف بها:
(جميلٌ أن تكونَ كما تريدُ ، و ذكيٌّ أن تكونَ كما يريدُ النَّاس)
فهل نحقق طرفي البلاغة الزيدانية في حياتنا اليومية : الجمال و الذكاء؟
فالجمال الزيداني يدفع الإنسان على تحسس منابت المواهب في الذات و تعريضها لضياء التطوير ؛حتى تبقى النفس روضةً أُنُفا تسعد صاحبها بما يتنسمه _ منها _ من أرَج الإنجاز ، و غِناء الثناء .
والذكاء الزيداني يسعى لتكوين علاقة تصالحية بين جمال الذات و المحيط الخارجي فحَول الجنة المُدهامة يَباب ٌ ، و قفار ، و جبال و وهاد ،و بحار ، و لا طاقةَ لها بمصارعة الطبيعة ، و لا قدرة لها بتحويل الطبائع ؛ و لذا كان الجمال الذكي هو أنموذج التعايش السليم ،و عامةُ الناس مؤمنون بفلسفة زيدان ،و يقولون : (كلْ ما يُعجبك ، و البس ما يعجبُ النَّاس).
حاج صحراوي العربي
23-10-2015, 06:56 PM
فايز الزبيدي ...الشاعر المثقف ...أفدت بما أتيت به .. و أمتعت ... فكن شجرة ذات فواكه و فوائد .
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 07:39 PM
فايز الزبيدي ...الشاعر المثقف ...أفدت بما أتيت به .. و أمتعت ... فكن شجرة ذات فواكه و فوائد .
أخي الحبيب و شاعري الأريب
حاج صحراوي العربي
هذا الكلام نيشان أتقلده
و تاج أتتوج به و أزدهي به.
فبارك الله فيك و وفقك في الدنيا و الآخرة.:0014:
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 07:46 PM
كتب الأستاذ / أبو طلال في موقع (شبكة الفصيح) تعليقاً على قصيدتي ( يوماً وقفتُ بسفح الريم مُختارا) ما موجزه :
(لغة باذخة تهوي هوي فصيل إثر إبل شاردة ، لا يلوي على شيء ، مما يذكر بعصور المتقدمين . وفيها من الجمال - على أنّ المناسبات تقيد- ما يجعلها ما تحتاج شهادة أحد ، إذ كتابها بيمينها . ولعلك مخبري : هل مازالت كلمة ( خشارة) تستخدم على النحوالذي تركها عليه الحطيئة ؟في قوله :
فباعَ بنيهِ بعضُهم بخُشارةٍ
وبعتَ لذبيانَ العلاءَ بمالكِ ؟* )
فأجبته:
أ خي الحبيب
أخوك يقطن قرية من قرى وادي حلي بن يعقوب المشهور التابع لمدينة القنفذة :
و عندنا _سلمك الله_ طريقة تتزين بها النساء يسمونها (الخَشْرَة) و هي أن يجمع ما تلف من لحاء العرج (النبق) ثم يحرّق و يفحق ثم يخلط بالطيب و تعقد عليه المرأة شعرها على قرنين أو يزيد.
و إذا جاز لي قولٌ في الخشرةْ : فهي من الفعل خَشَر و أخْشر و هي نفي الرديء ،
و المرأة_ إلى يومنا _ عندنا تقول: (سأذهب إلى فلانة لتخْشُرَ لي شعري)
و هي تريد تزيينَ شعرها و إصلاحه و هذا يعني كذلك أنها تريد نفي ما يقذر في شمِّ و نظرِ الرجل!
فتلك العادة تثبت أن القوم عرفوا و يعرفون ما نتحدث عنه!
هذا ما يحضرني الآن، والله أعلم! )
فردَّ_ حفظه الله_ عليَّ قائلاً:(بورك فيك . هو ذاك ( الرديء من كل شيء ) .
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 07:49 PM
في منتديات قناديل الفكر و الأدب دارت هذه المحادثة المفيدة
حول قصيدتي : ( يوماً وقفتُ بسفح الريم مختارا):
كتب الأستاذ الأديب / ماجد وشاحي ما مفاده:
(أخي الشاعر الزبيدي
أحييك على هذه الكلمات الرقيقة والبوح الجميل وذكر أهل الصلاح بما فيهم من صفات الخير والإيثار
*فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
لا أرى ضرورة لكلمة الذي
*شَادُوا صروحَ العُلا و الشَّمْسُ غايتُهُم=و أقـــربُ الـنَّــاس مـنـهــمْ شَــــادَ أَشْــبَــارا
حبذا لو عدلت الشطر الثاني ليناسب جمال المعنى في الشطر الأول
دمت بخير أخي الحبيب ولك مودتي واحترامي)
فأجبته:
(بارك الله فيك أستاذنا الكريم
و أشكر لك جميل عنايتك و كريم حرصك
و هذا النقد هو ما نسعى إليه فلا حرمنا الله أمثالكم!
*و إن كانت لي من كلمة فهي من باب سماع رأي الشاعر حول ما تبناه من رأي فأقول:
قولك(*فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
لا أرى ضرورة لكلمة الذي )
فالاسم الموصول هنا من باب الموصول الخاص و ما أنشدته لا يخرج عن عالي الكلام _ بحول الله_
فالله جل شأنه يقول: (و إذ قال إبراهيم لأبيه و قومه إنني برآء مما تعبدون (26) إلا ّ الذي فطرني فإنه سيهدينِ(27) )الزخرف
و ما بعد (إلا الذي ) في البيت المنوه عليه فيه تقديم و تأخير يقتضيه الوزن و منثوره: إلا الذي قد ثار _جائراً _ للشر!
* و قولك _ يا سلمك الله _:
(
*شَادُوا صروحَ العُلا و الشَّمْسُ غايتُهُم=و أقـــربُ الـنَّــاس مـنـهــمْ شَــــادَ أَشْــبَــارا
حبذا لو عدلت الشطر الثاني ليناسب جمال المعنى في الشطر الأول )
فكيف_ أخي الحبيب _ أعدِّل و المعنى متساوق و منثور البيت يقول: إن الممدوحين شادوا صروح العلا ( و في كلمة صروح التي تعني القصور إشارة للسماء من طرف خفي) فالقصور تشاد نحو السماء و فيه إشارة على قدرة أصحابها و سعة طولهم و نية تطاولهم
و جاء في كتاب الله جلَّ في علاه: (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب 36 أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى و إني لأظنه كاذبا و كذلك زين لفرعون سوء عمله و صد عن السبيل و ما كيد فرعون إلا في تباب(37) غافر.
فكما قلت لك: إن بناء صروح العلا_نحو السماء _ هو دأبهم و غاية القوم الشمس حتى تكون مآثرهم مشرقة و سامية و خالدة و نافعة كالشمس في سماء الإعجاز،
في حين أقرب الناس لهم و أشدهم مزاحةً لقدرهم لم يشيدوا إلا ما يطاول الأشبارا فأين الشبر ُو الفترُ من الصرح و الهمة التي تطلب الشمس؟
و أظن _ و الله أعلم_ أن هذا البيت فيه فن من فنون البلاغة ألا و هو (التكميل):
و هو _ كما فسره ابن حجة_ أن يأتي المتكلم ، أو الشاعر بمعنى تام ، من مدح أو ذم أو وصف أو غيره من الأغراض الشعرية و فنونها ، ثم يرى الاقتصار على الوصف بذلك المعنى_ فقط _غير كافٍ ، فيأتي بمعنى آخر يزيده تكميلا .....) خزانة الأدب ج2 ص 368
و بهذا يكون العجز من باب فن التكميل و الله أعلم!
هذا ما عندي و انتظر جميل تعليقكم.)
ثم سألني_ حفظه الله _ (والأهم من ذلك كله أن الإسم الموصول وجملة الصلة تعتبر كلمة واحدة أي لا يجوز الفصل بينهما بشيء من الكلام وقد أجاز بعض النحاة الفصل بينهما في حالات خاصة مثل القسم والنداء كأن تقول : جاء الذي والله أكرمته .
أو بالنداء ، نحو : كافأت الذي أيها الطلاب تفوق منكم .
أو بالجملة الاعتراضية ، نحو : جاء الذي ـ أدامك الله ـ نقدره .
والآن هذا هو بيت الشعر موضوع الكلام :
فـي الشِّعـر بَغـيٌ و لا أَبْغِـي عـلـى أَحَــدٍ=إلاَّ الـــــذي جَــائـــراً لـلــشَّــرِّ قـــــدْ ثَــــــارا
فهل تحقق فيه ما ذُكِر !!)
فأجبته:
(حياك الله أستاذنا الكريم
و أثمن لك وقتك الذي تفضلت به علينا: أنا و قصيدي ؛ فجزاك الله خيرا!
و عوداً لحديثنا المفيد حول البيت إياه فأقول:
نعم ،قد أحسنت في ذكرك وجوب ترك الفصل بين الموصول و صلته،
و هذا ما فعلته إلا إنني فعلت ما :
(يجوز، تقديم بعض أجزاء الصلة الواحدة على بعض بحيث يفصل المتقدم بين الموصول و صلته ، أو بين أجزاء الصلة الواحدة ....) النحو الوافي ج1.
و كما ترى أخي الحبيب فصلة الموصول هي الجملة الواحدة(ثائرا للشر قد ثار) فليس بينها و بين الموصل أجنبي و كل ما تقدم الفعل هو إما من معموله و إما متعلق به.
و الله يرعاكم!)
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 07:55 PM
كتب الشاعرالسوري / رمزت إبراهيم عليا ، في منتديات الملتقى الثقافي العربي
هذا السؤال حول قصيدتي(سمراءُ وريدي):
(الأخ عبده
تحية الحب ومن جمال التصوير جعلتني أشتاق القهوة
كنت ترسم بشغف
تقديري لك
ولكنني أسال عن كلمة ( نمى ) هل تعني من النمو والترعرع أم من وصول الخبر
كأروع وجهٍ نمى في أديْسَ أبَابَا / فهل هي نما ينمو أم نمى ينمي؟ /
مودتي ) ا.هـ
فأجبته:
(أخي الكريم
و أديبنا الحبيب
كلّ عام و أنتم في خير
و أشكر لك _ أخي _ جميل الثناء و كبير التقدير.
بخصوص سؤالك عن قولي: (كأروع وجه نمى في أديس أبا أبا)
فأقولُ:
درج المتأدبون على استخدام ينمو و تركوا ينمي و هي الأفصح،
ففي لسان العرب: (النَّماء الزِّيادة . نَمَى ينْمِي نَمْيَاً و نُميَّاً و نماءً :زَادَ و كَثُر .المحكم: قال أبو عبيد قال الكسائي: و لم أسمع ينمو ، بالواو , إلا من أخوين من بني سليم قال: ثُمَّ سألتُ عنْهُ جماعةً من بني سليم فلم يعرفوهُ بالواو . قال ابن سيده : هذا قول أبي عبيد , و أمَّا يعقوبُ فقال: ينمي و ينموفسوَّى بينهما,و هي النَّموة , و أنمَاهُ اللهُ إنماءً ...) اهـ.
قلتُ :
أورد ابن المُرَحَّل_ رحمه الله_ في منظومته( موطأة الفصيح )ما يلي:
قال نَمي المالُ بمعنى كَثُرا = يَنمي نُميَّاً إنْ أردتَ المَصدرا
يا حبَّ ليلى لا تغير و ازددِ = وانمِِ كما يَنْمِي الخِضابُ في اليدِ ...) اهـ.
والبيت الأخير أورده صاحب اللسان كما يلي:
يا حبَّ ليلى لا تغير و ازددِ = وانمِِ كما يَنْمُو الخِضابُ في اليدِ
و قد قال_رحمه الله _ قبله:
(قيل: نمى الخضابُ في اليد و الشعر إنما هو ارتفع و علا و زاد فهو يَنْمِي ، و زعم بعض الناس أن ينمو لغة ...)
الخلاصة: ينمي هي الأفصح و ينمو لغة قليلة ، و لكن _للأسف _ درجت على ألسنة الناس حتى الخاصة من أهل الأدب.
و تقبلوا خالص التقدير)
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 07:56 PM
تقول العامة في أمثالها:(سمنهم في دقيقهم)
و لهذا المثل أصل قديم فقد أورد صاحب اللسان في شأن هذا المثل ما نصه:
(و قولهم: سَمْنُهم في أَديمهم) يعني طَعامهم المأدوم أي خبزهم راجع فيهم .
التهذيب: من أمثالهم : (سمنكم هُريق في أديمكم )أي في مأدومكم و يقال في سقائكم.
قلت: هُريق يعني أريق و العرب تضع الهاء موضع الهمزة أحيانا.
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 08:00 PM
الإكمال و الإتمام :
القرآن هو كلمة ربنا الرحمان معانيه تعجز الحكماء و سبكه يدهش البلغاء و من هذا قوله جلَّ شأنه:( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي) ،قال أهل العلم اختار الله (أكملت) للدين ، و (أتممت) للنعمة، لأن الكمال يكون ما كَمُل في الأصل فلا يحتاج لزيادة و لا ينتابه نقص ، و كذلك شرع الله، و الإتمام لما يكون ناقصاً في ذاته و يحتاج للزيادة و ربما اجتاحه النقص و النعم تزيد و تنقص.
عبده فايز الزبيدي
23-10-2015, 08:17 PM
تنتشر بين الناس كلمة ( دَوْم )في مثل أن يسألك صديق : كيف الحال؟
فتقول: بخير و لله الحمد.
فيقول لك : دوم .
و يقصد : حالٌ دوم أي تبقى على هذه الحالة دائمة
و لها أصل في اللغة فقد جاء في لسان العرب:
(وظلٌّ دَوْمٌ وماء دَوْمٌ: دائم، وصَفُوهُما بالمصدر.
والدَّأْماءُ: البحر لدَوامِ مائه، وقد قيل: أصله دَوْماء، فإعْلاله على هذا شاذ.
ودامَ البحرُ يَدُومُ: سكن؛ قال أَبو ذؤيب:
فجاء بها ما شِئْتَ من لَطَمِيَّةٍ =، تَدُومُ البحارُ فوقها وتَمُوجُ
ورواه بعضهم: يَدُومُ الفُراتُ، قال: وهذا غلط لأن الدُّرَّ لا يكون في الماء العذب.)
و تخطئة ابن منظور لمن روى البيت : يدوم الفرات ، دليل على حرص العلماء على موافقة النظم
للحقيقة العلمية فالدر لا يوجد في ( الفرات) و هو نهر و ماؤه عذب.
و يتساهل كثير من الشعراء في هذه المسألة فيأتون في نظمه ما يخالف العلم.
عصام إبراهيم فقيري
23-10-2015, 08:38 PM
الأديب لاأريب والناقد البارع عبده فايز الزبيدي ، شكرا لك على كل الجمال الذي تمنحه لنا
نافذة راقية ومثرية و قد وجدت فيها المتعة الكبيرة وأخرجتني من الرتابة لما فيها من تجديد و إضافة
ستظل أنت أنت كلك فائدة ومنفعة ، ولكثير محبتي لك كل ما شاهدت موضوعا كتب بجواره ( مشاركة عبده فايز الزبيدي ) أجدني أدخله على يقين بأني سأجد الإضافة الفعلية للكاتب والقارئ لما تمتلكه من معرفه وعلم ولم تتمتع به من مهارة نقد
دمت مبدعا أبدا ، وإني حقّ بك لفخور .
محبتي التي تعلم
عصام إبراهيم فقيري
23-10-2015, 08:43 PM
ما يزال رجل الشارع يدهشني بعميق ارتباطه بعتيق التراث
فهو و إن لم يُصنف في ركب المثقفين إلا أنه يسير في طريق موازٍ
لهم و ينشر كنوزه في عفوية تضمن له أكثر من المتخصصين الوصول
إلى كلِّ جيل دون عناءِ كتابة أو تكاليف دور النشر.
و من هذا ما نسمعه يتردد على ألسنة العامة من حكمٍ و أمثالٍ و تعابير
يستهجنها المتأدبون و يترفعون عن ذكرها في مجالسهم أو تحليلها في دراساتهم
رغم أصالة ما يستهجنون و جليل ما يستخفون.
فمثلاً:
تقول العامة: (سأريه النجوم في عزِّ النهار )
و هذا القول سحيق القدم
و لعلَّ الشاهد الذي بين يدي ليس هو أقدمها و لكن هو ما وجدته إلى اليوم
قول الفرزدق رحمه الله تعالى:
سمونا الى نجران اليماني وأهله= ونجرانُ أرضٌ لم تديَّثْ مَقاولُه
إلى أن يقول:
إذا فزعوا هزّوا لواء (ابن حابسٍ) =و نادوا كريماً خِيمُه و شمائلُه
سعى بتراتٍ للعشيرة أدركتْ = حفيظة ذي فضلٍ على من يفاضله
فأدركها و ازداد مجداً و رفعةً= و خيراً، و أحظى النّاس بالخير فاعلُه
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى =و أدرك فيهم كلَّ وِترٍ يحاوله
فقوله:
أرى أهل نجران الكواكب بالضحى
هو كمثل قولنا (سأريك النَّجوم في وضح النَّهار)
أضيف لهذه النافذة الرائعة مثل ما أشرت إليه
نقول في الدارجة : (أوريك نجوم الظهر)، وفي رواية (أورّيك نجوم القايلة) والمعنى واحد .
ذكر أبو بكر الأنباري في كتابه (الزاهر) أن العرب تستعمل هذه العبارة، ومعناها: لأحزنَنَّكَ ولأَغُمَّنَّكَ ولأُبرحنّ بك حتى يُظلِمَ عليك نهارُكَ فترى الكواكب لأنّ الكواكب لا تبدو في النهار إلا في شِدَّةِ الظُلمة قال النابغة يذكر يوم حرب :
تبدو كواكِبُهُ والشمس طالِعةٌ
لا النورُ نورٌ ولا الإِظلامُ إظلامُ
وقال طرفة يذكر امرأة:
إنْ تُنَوِّلْهُ فقد تمنَعُهُ
وتُرِيهِ النجمَ يجري بالظُهُرْ
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 10:29 AM
الأديب لاأريب والناقد البارع عبده فايز الزبيدي ، شكرا لك على كل الجمال الذي تمنحه لنا
نافذة راقية ومثرية و قد وجدت فيها المتعة الكبيرة وأخرجتني من الرتابة لما فيها من تجديد و إضافة
ستظل أنت أنت كلك فائدة ومنفعة ، ولكثير محبتي لك كل ما شاهدت موضوعا كتب بجواره ( مشاركة عبده فايز الزبيدي ) أجدني أدخله على يقين بأني سأجد الإضافة الفعلية للكاتب والقارئ لما تمتلكه من معرفه وعلم ولم تتمتع به من مهارة نقد
دمت مبدعا أبدا ، وإني حقّ بك لفخور .
محبتي التي تعلم
بارك الله فيك أخي الحبيب
و هذه شهادة أسأل الله أن أكون عند حسن ظن صاحبها .
و شكرا لطيب قلبك و حسن كلامك.
:0014:
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 10:30 AM
أضيف لهذه النافذة الرائعة مثل ما أشرت إليه
نقول في الدارجة : (أوريك نجوم الظهر)، وفي رواية (أورّيك نجوم القايلة) والمعنى واحد .
ذكر أبو بكر الأنباري في كتابه (الزاهر) أن العرب تستعمل هذه العبارة، ومعناها: لأحزنَنَّكَ ولأَغُمَّنَّكَ ولأُبرحنّ بك حتى يُظلِمَ عليك نهارُكَ فترى الكواكب لأنّ الكواكب لا تبدو في النهار إلا في شِدَّةِ الظُلمة قال النابغة يذكر يوم حرب :
تبدو كواكِبُهُ والشمس طالِعةٌ
لا النورُ نورٌ ولا الإِظلامُ إظلامُ
وقال طرفة يذكر امرأة:
إنْ تُنَوِّلْهُ فقد تمنَعُهُ
وتُرِيهِ النجمَ يجري بالظُهُرْ
أحسنت .
و شكرا لكريم التواصل و فائق التفاعل.
محبكم:0014:
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 11:05 AM
نشر الأستاذ / حاتم جديبا في جريدة الجزيرة قصيدة بعنوان تشرد ( إلى عذاب اللاجئين السوريين ) _ في يوم الجمعة 23 - شهر أكتوبر من عام 2015 م _ ورد فيها هذا البيت:
صقيعٌ كأنَّ الريح عبدٌ لرأيه = تؤدبهم بالزمهرير و تسمجُ
و قد شبه الريح المؤنثة بالعبد وهو وصف لمذكرٍ على اعتبار أصل الريح و هو الهواء
و الهواء مذكر.
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 11:34 AM
إن ّو أن ّ:
ورد في كتاب (اللمع في العربية ) لابن جني:
و تكسر إن في كلِّ موضعٍ لو طرحتها مِنهُ لكان ما بعدهَا مرفوعاً بالابتداء ، تقولُ : إنَّ أخاك قائمٌ ، فتكسر إن لأنك لو طرحتها من هُناك لقلت : أخوك قائم.
و تفتح أنَّ في كلِّ موضِعٍ لو طرحتها منه و ما عملت فيه لصلح في موضع ذلك ( ذاكَ) و معنى الكلام المصدر ، تقولُ: بلغني أنَّ زيداً قائمٌ ، فتفتح أنَّ لأنّك لو طرحتها و ما عملتْ فيه لقلتَ : بلغني ذاك ، و معنى الكلام بلغني قيامُ زيد.
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 11:50 AM
يقول الدكتور عبدالله الهدلق :
حدثني شيخنا العلامة حمد الجاسر : أنه درّس متعاوناً في كلية آداب جامعة الملك سعود فغضب بعض الدكاترة لأنه ليس دكتوراً ! فتضايق من كلامهم وتأثّر واعتذر عن مواصلة التدريس ، ولذلك كان شيخنا الجاسر يقول: لا تحدّثني عن عامية من لا يقرأ ولا يكتب ؛ حدّثني عن عامية أساتذة الجامعات ! ولعل هذا الموقف من أسباب كتابته - رحمه الله - سلسلة بحوثه المشهورة " الدكاترة والعبث بالتراث " ؛ ورجاه بعض الباحثين أن يغير العنوان فغيّره في آخر هذه البحوث.. وليس المقصود من هذا كله الحطّ من أساتذة الجامعات؛ لا والله، ففيهم مشايخنا وأساتذتنا ، وإنما الكلام على فئة منهم .
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 06:14 PM
كتبت كلمة حول الَّنص و نقده_ في ملتقى رابطة الواحة الثقافية_ و فيه:
النص و الأثفية
النص بين ثلاثة : كاتب و ناقد و أُثْـفِيِّة.
فالكاتب الجاد من يجهد في إتقان نصه ثم يذهب به إلى من يثق في علمه و رأيه كي يستمع منه ما يعينه على تقديم مادة رصينة و جميلة فلا عجب أن عرفنا أن المتنبي كان يعرض نصه على ابن جني و أبا فراس على ابن خلكان .
و الناقد العارف هو كالطبيب الحاذق يعرف صحة و سقم النصوص و يقولُ ما ينفع في الحالين ، و هو المسطرة الأدبية التي يستقيم به خطُ الأدب و بدونه تخبط الأفهام و الأقلام خبط عشواء.
أما الثالث فقد شبهته بالحجر الذي تـُوضع عليه القـِدر (الأثفية) حيث تجده حول كلِّ نار و بجوار كل مستأنس بها لكنه لا يعقل شيئا و إن نطق نطق هجرا فهو يرى النقدَ حقداً و حسدا و تحريضا و ... و مثله لا يستفاد منه فهو عاجز كالحجر ثقيل كثقله.
و نصيحتي لكل محبي الحرف و القلم أن لا يبخلوا بنصح و أن يحتسبوا هذا عند الله من باب قول المصطفى صلى الله عليه و سلم :
(ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ألَا إنَّ الدِّينَ النَّصيحةُ ) قالوا: لِمَن يا رسولَ اللهِ ؟ قال: ( للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمَّةِ المسلِمينَ وعامَّتِهم ) ) حديث صحيح.
و الأدباء من خاصة الناس ، و في رأ ي أن من سكتَ عن زللٍ وقَعَ فيه أخٌ له فقد خانه ، و على الناقد أن يتحملَ النَّاس و أن يصبر على أذاهم فهو يقوم برسالة كبيرة .
عبده فايز الزبيدي
29-10-2015, 07:20 PM
كتب الشاعر يحي صمايري قصيدة بعنوان ( ترياق ) في ملتقى رابطة الواحة الثقافية بتأريخ ( 24-10 - 2015 م) ، جاء فيها هذا البيت :
هَل ضَــــاقَتِ الأَرْبَــابُ بِالدَّاعِينَ أمْ = ضَاقَ اِتّسَــــــاعُ الأَرْضِ بِالأَرْبَابِ
فعلقتُ عليه:
هذا بيتٌ لا يقوله إلا شاعر مميز _في رأي المتواضع_ لأن كلمة (الأرض) بينت غرض الشاعر أن هؤلاء الأرباب ليسوا إلا الأرباب المزيفة و هذا يذكرني بقول الله تعالى :
(إن فرعون علا في الأرض )
(إنَّ فرعون علا) فبعد أن وصف القرآن فرعون بالعلو ، قال ( في الأرض) فبين أن علوه لا يعدو الأرض و مثل ما نقول في العامية : رفعه ثم خبط به الأرض.
و قول الأخ يحي صمايري من باب ( الهجو في معرض المدح) و قد فسره ابن حجة الحوي في كتابه (خزانة الأدب و غاية الأرب) بقول:
( ... هو أن يقصد المتكلم هجاء إنسان فيأتي بألفاط موجهة ظاهرها المدح و باطنها القدح ، فيوهم أنه يمدحه و هو يهجوه ، ....)
إلى أن يقول:
( و الفرق بين الهجاء في معرض المدح و بين التَّـهكُّم ، أن التَّهكم لا تخلو ألفاظه من اللفظ الدَّال على نوع من أنواع الذَّم أو لفظة توهمُ من فحواها الهجو. و ألفاظ المدح في معرض الذم لا يقع فيها شيءٌ من ذلك ، و لا تزال تدل على ظاهر المدح ، حتى يقرن بها ما يصرفها عنه...)
قلت و الصارف في قوله تعالى ( إن فرعون علا في الأرض) الواردة في مفتتح سورة القصص عن المدح للهجو هي لفظة ( في الأرض)
و قريبٌ منه بيت الشاعر يحي صمايري فالصارف عن مدح الأرباب لفظة (ضاقت الأرض ) فالرب الذي في الأرض مخلوق و محتاج للذي في السماء إله و في الأرض إله تبارك الله رب العالمين.
والله أعلم.
عبده فايز الزبيدي
01-11-2015, 06:58 PM
كتب الأخ ( عصام فقيري) قصيدة بعنوان ( عُذرا فلسطين) في منتديات الواحة الثقافية في ( 25-10 -2015 م) جاء فيها هذان البيتان :
1 - وَأَنِّــــــيْ تَـعَــجَّــلــتُ حِــيــنًـــا قُـــدُومِــــي
فَـجِـئــتُ إِلَـــــى الأَرْضِ قَــبـــلَ أَوَانِـــــيْ
فلو قال الشاعر ( حينَ قدومي) بدلاً من ( حيناً قدومي ) لتخلص من التنوين الذي يفيد قطع الكلمة و فصلها عما بعدها و الإضافة وصل ، و هذا ما يحث عليه علم المعاني فالكلام الموصول أبلغ ،و لناسب آخر الصدر آخر العجز : ( حينَ قدومي) و (أوني) فالأوان وقت جمَّلَته الإضافة.
2. وَأَشْــهَــرْتُ سَـيــفِــيْ لِأَقْــتُـــلَ نَـفْــسِــي
وَدُونَ الــبُــغَـــاةِ عَــــقَــــرْتُ حِــصَـــانِـــيْ
لا يعقر الفارس فرسه دون البغاة إلا وهو مقبلٌ عليهم غير مدبر ، هذا المتعارف عليه في العربية قديما و حديثا ، و هو لا يتساوق مع حالة الشاعر في عامة النص و بالأخص في الصدر من هذا البيت فالعازم على الانتحار( وهي هزيمة ذاتية) و محرمة شرعا و عرفا لا تقرن بالفارس المستبسل لأعاديه (المنصر ذاتيا) و إن استشهد ،
و الأسلم أن يقول : ( و دونَ البُغاة كَبا بي جوادي) فكبا الفرس أي سقط على وجهه و كبا بي أي سقط و أسقطني .
عبده فايز الزبيدي
01-11-2015, 06:59 PM
كتب الأخ الشاعر / عاد العاني و هو شاعر و عروضي قدير ، قصيدة بعنوان ( صحوة المقدام) في ملتقى الواحة الثقافية في ( 26-10 - 2015 م) فيها:
ألا تَــــدري بــــأنَّ الــمـــوتَ حـــــقٌّ = وإنّـــــــــا لا نَــــخـــــافُ الـقـاتِــلــيــنــا
و بكسره همزة إنَّ في بداية العجز ( و إنَّا) يكون قد فصل معنى الصدر عن العجز ، و الوصل أولى لأن العجز يتساوق في معناه مع الصدر
و يكون هذا بفتح همزة أنَّ / هكذا ا : ( و أنَّا ) .
عبده فايز الزبيدي
01-11-2015, 07:00 PM
جاء في العقد الفريد ، قيلَ لأديبٍ : أيّ بيتٍ تقولهُ العربُ أشعر؟
قال: الذي لا يحْجُبُه عن القلب شيء.
عبده فايز الزبيدي
01-11-2015, 07:31 PM
كتبتُ قصيدة جاء في مطلعها:
إذا شيبٌ بدا ليَ ذاك وفدٌ = من المولى يحذرني اغترارا
فسألني أديب من جازان جمعتني به جماعة شعراء جازان في خدمة الواتس آب ما يلي:
الصدر افتتحته بـ ( إذا الشرطية) و جوابه جملة اسمية و كان حقها الاقتران بالفاء هكذا:
( إذا شيبٌ بدا ليَ (فـ) ذاك وفدٌ).
و الجواب:
جاء الحذف للضرورة الشعرية فقط ، و هذا كثير في العربية و خاصة الشعر، و قد اشترط العلماء على ضرورة وجود القرينة التي تدل على المحذوف، و قد تكون القرينة لفظية أو عقلية أو حالية ، و قربنة الحذف هنا لفظية.
و قد نتسع قليلا لنقول مع الضرورة الشعرية فإن الحذف هنا يفيد المفاجأة التي أصابت الشاعر حين مشاهدة الشيب و تركه للفاء من ذلك المعنى ، والله أعلم.
عبده فايز الزبيدي
01-11-2015, 07:39 PM
كتبتُ بيتين من الشعر :
حارت العينان لما أبصرت = حلل الحسن على ظبي أغر
نسجتها ثم أهدتها له = مغزل الحسن و كف للقدر
فقال لي أحد الشعراء:
المغزل مذكر فلمً أنثت فعله؟
الجواب:
نعم ، كلامه صحيح على اعتبار اللفظ ( مغزل) ، و كلامي صحيح على اعتبار الأصل فأصل المغزل حديدة و الحديدة مؤنثة.
والله أعلم
ملحوظة: نشرت هذين البيتين بعدة صور لكل صورة غرض.
عبده فايز الزبيدي
19-11-2015, 06:07 PM
كتب الأستاذ غلام الله بن صالح و هو شاعر جزائري قصيدة نشرها بملتقى الواحة الثقافية في يوم الخميس السابع من محرم عام 1437 هـ ،جاء فيها هذا البيت:
وصــبــاحُ الــعُــرْب لــيْــلٌ ألــيــلُ
و قوله ( ليل أليل) فـ( أليل) هذا من باب اشتقاق نعت الشيء من اسمه عند المبالغة فيه،
و هذا من سُنن العرب كقولهم:
يومٌ أيوم ، و ليل أليل ، و أسد أسيد ، و صلب صليب ، صديق صدوق ، و ظل ظليل
و قد جاء في القرآن : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57) ) سورة النساء.
عبده فايز الزبيدي
23-11-2015, 11:02 AM
كتبت الشاعرة نُهى إحسان زادني قصيدة في 9 - 9 -2015 م ، بملتقى الواحة الثقافية جاء في مطلعها:
قالـوا اقتربـتَ، فـهـاج الــروحُ و اضطـربـا =و صــفّـــق الــصـــدرُ مــمـــا راعـــــهُ طـــربـــا
و قولها: ( هَاج الروحُ) حذفت فيه تأء التأنيث من الفعل المسند للمؤنث المجازي و هذا جوازه معلوم،
و قد تحذف التاء من الفعل المسند للمؤنث الحقيقي و لكنه قليل جدا، حكى سيبويه : ( قال فلانة ).
و قد جاء في القرآن : ( و قال نسوة في المدينة).
و في قولهم : (هند قامت) الفاعل ضمير مستتر ، فأوجبوا تأنيث الفعل لئلا يتوهم أن فاعلا مذكرا منتظرا ، مثل : ( هند قام أبوها).
عبده فايز الزبيدي
01-12-2015, 06:58 PM
يخطئ من يعد (مع) حرف جر والصحيح أنها
١- ظرف إذا لم تنوّن وما بعدها مضاف إليه
اعلموا أن الله مع المتقين
٢- حال إذا نوّنت
أتى الضيوف معا
عبده فايز الزبيدي
08-12-2015, 11:13 AM
أبو العلاء المعري شاعر عباسي مشهور بشاعر المحبسين ، له أشعار تصنف من قبيل الزندقة ، و هو أديب ناقد ، من أشهر مقولاته النقدية:
(أبو تمام و المتنبي حكيمان ، و البحتري شاعر)
_ و يعد أبو العلاء المعري أوّل من أكثر من توظيف المصطلح النحوي و العروضي في الشعر ، وهو صاحب اللزوميات في الشعر .
عبده فايز الزبيدي
08-12-2015, 11:22 AM
حول القصيدة الحديثة
(1):صديقي عيد:
يرفع شعراء القصيدة الحديثة شعاراتٍ منها الانزياح و هو المجاز عند علماء البلاغة العرب ،
و به يجيزون لأنفسهم ما لا تجيزه البلاغة و يرفضه البلاغيون، و حين تناقشهم عن الصور التي
يولدونها بعملية تشبه عملية القص و اللصق و تطالبهم بالقرينة التي ينقل بها اللفظ من معنى أول إلى معنى ثانٍ
لا تجد منهم جواباً ، ما لم يتهموك بالقصور عن عدم فهم ما ينظمون ، و هم لا يستطعيون تفسير ما يهذون به.
و تحظرني مقالة لأحمد العرفج في ملحق الأربعاء الثقافي بجريدة المدينة و هو يتكلم عن ديوان لصديق له يسمى عيد:
(......... و أظن أن عيداً نفسه لا يدري ما معنى كلامه) أو في كلام يشبه هذه العبارة.
عبده فايز الزبيدي
18-12-2015, 01:05 PM
جاء في قصيدة لي بعنوان ( إلآَّ القلوب) هذا البيت:
و الـنِّـيْـلُ شُــريــانُ الـحـيــاةِ بـأرضـنــا
أمَّــــــــــا الـــــورِيْـــــدُ فـــــإنَّــــــهُ لَـــــفُــــــراتُ
فكتب عليه الأستاذ مازن لبابيدي ما يلي:
(لا فض فوك أخي الشاعر المبدع عبده الزبيدي ، قصيدة رائعة تستحق التقدير والإعجاب .
قولك "لفرات" ، حيث ألجأك الوزن والتركيب إلى لام التأكيد وتنكير فرات ، فيه نظر ، حيث من غير المألوف تنكيره دون إضافة ، كأن تقول فراتنا أو فرات العراق مثلا ، فجاءت الكلمة حسب ما أرى كأنها نعت للوريد بأنه عذب ، بينما المقصود واضح من سياق البيت أنه نهر الفرات. وعلى سبيل المقارنة فإن "بردى" مثلا هو اسم علم على نهر دمشق ويلفظ هكذا دون ألف ولام .
كذلك لا يمكن حمل "فرات" هنا على أنها تشبيه بليغ ، فهو المشبه لا المشبه به.
وأكرر تقديري الكبير لشاعر أريب وقصيدة ممتازة)
فقبلت قوله و عدلت البيت إلى :
و الـنِّـيْـلُ شُــريــانُ الـحـيــاةِ بـأرضـنــا
أمَّا الفراتُ وريدُها لفراتُ
فشرح عليه ما يلي:
(تعديلك موفق وفيه جناس بديع حقا وجاءت لام التوكيد مناسبة جدا . أحسنت
بارك الله فيك)
و أقول له : و فيك بارك .
عبده فايز الزبيدي
26-12-2015, 09:14 PM
حول القصيدة الحديثة
(2)قصدية بهلول:
سمعتُ من أهالي وادي حليّ بن يعقوب قصة شعبية تحكي عن رَجُلٍ ذكيٍّ يطوف الأرض و يناظر الأذكياء من أهل كلِّ بلدٍ ، فما استقام له أحدٌ و سار يدخل البلد تلو البلد و لا يتجاسر على مناظرته ذكي أو عاقل ، حتى نزلَ ببلد (البهلول) و هو رجل مجنون ، فلمَّا سمع به البهلول طلبَ مناظرته ، فنصحه الناس فأصرَّ على المناظرة و حين جاء وقت المناظرة و احتشدت الناس و رقى المسرح المتناظران ، أشار الرجل الذكيّ بأصبعه السبابة إلى السماء ، فأشار البهلول بالسباية و الوسطى للسماء ، ثم إنَّ الذكيّ رفع راحة يده للسماء فأشار البهلول براحة يده للأرض ، فنزل الرجل الذكي و قال غلبني هذا الرجل ، فتعجبت الناس و سألوا عن معاني ما شاهدوه منهما ، فقال الذكي :
أشرت بسبابتي للسماء أعني أنْ ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له) فأشار ذكيكم بسبابته و الوسطى : أن لا ثاني له.
فرفعت راحة يدي للسماء : أن الله رفع سبع سماوات ، فأشار ذكيكم براحته للأرض أن : خلق الله مثلهن من الأرض.
ثم هرعت النَّاس للبهلول يهنئونه و يستفسرون عن معاني إشارات المناظرة فقال:
أشار لي أنه سيفقع عيني فرددت عليه أني سأفقأ عينيك الاثنتين ، ثم أشار لي أنه سيرفعني عاليا فرددت عليه أني سأضرب به الأرض.
و ما بهلول و مقصده عن ما نشهده اليوم من كثير من المنتسبين للأدب ببعيد ، فإذا ناصحت أحدهم حول معنى مخالف أو نظم غير مستقيم قال أنا أقصد غير قصدك أنا أقصد كذا فشاعت الفوضى في المعاني و المباني للشعر العربي حتى قبل بعض الموهومين بكذبة شعر النثر .
و القصدية الذاتية ما لم تدعمها القصدية العلمية فهي هراء.
و لو سلمنا لكل شخص حين يقول: أنا قصد كذا ؛فلن يخطئ أحدٌ و لن يخطَّأَ.
و الناقد _ قديماً و حديثاً _ الذي يعظم اللغة و يقدم علومها على حظوظ النفس و مجاملات الأصدقاء، لا يقبل إلا بما يقبل به اللسان العربي المبين و لا يجامل،
ذكر القاسم بن علي الحريري في كتابه ( دُرّة الغوّاص في أوهام الخواص) :
( ... و قد عيب على أبي الطيب قوله:
أُحادٌ أَم سُداسٌ في أُحادِ = لُيَيلَتُنا المَنوطَةُ بِالتَنادِ
و نُسِبَ إلى أنّه وَهِم في أربعة مواضع في هذا البيت:
أحدها: أنّه أقامَ أُحادَ مقام واحدة ، و سُداس مقام شتّ ، لأنّه أراد أليتُنا هذه واحدةٌ أم واحدةٌ في ستٍّ؟،
و الموضع الثاني : أنه عدَل بلفظة شتٍّ إلى سداس ، و هو مردود عند أكثر أهل اللغة،
الموضع الثالث: صَغّر (ليْلَة) على ( لُيَيْلَة) ، و المسموع في تصغيرهما (لُيَيْليَة) ، و الرابع : أنه ناقض كلامه لأنه كنى بتصغير الليلة عن قصرها ، ثم عقب تصغيرها بأن وصفها بالامتداد إلى التّناد ، ....)
و إن كان لبعض أهل العلم ردود حول بعض كلامه ، و لكن الشاهد هو تقديمه علمية النقد على ذاتية القصد.
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 10:43 AM
رحم الله العلامة المحقق الفذ (حسن بن إبراهيم الفقيه) عميد كلية القفنذة ، حين قال ما مفاده:
إن لهجة أهل القنفذة هي أفصح لهجات العرب اليوم
و نشر هذا الكلام في مجلة اليمامة ، قرأته في مكتبة الأستاذ / عبده بن محمد المصلحي الزبيدي _وهو ابن عمي_ و أنا في المرحلة المتوسطة أو الثانوية.
و من يملك ذلك العدد فليتفضل بنشره وله خالص الدعاء بالتوفيق.
وقد قدمت _ولله الحمد _ و سأقدم _إن شاء الله تعالى _ ما يثبت أن معظم لهجتنا تشهد بفصاحتها المعاجم القديمة كلسان العرب و مقاييس اللغة و الصححاح في اللغة و القاموس المحيط، و ليطمئن أهلونا بما نقول ، و ليعتزوا بلهجتهم و ليحاربوا الفارغين من أبنائنا ممن تنصل من لسانه حين ذهبوا لــ جدة أو الرياض أو الدمام،؛ فلن نحترم بعد اليوم مَن هجر أفصح لهجة لجهله و فراغ نفسه .
و هذا ليس تعصبا لأرض أو فئة من الناس بل هو تعصب للحق _ إن شاء الله تبارك و تعالى_ و من فهم غير صريح عبارتنا و سليم نيتنا فأمره إلى الله والله حسبنا و نعم الوكيل.
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 10:44 AM
نقول في وادي حلي بن يعقوب _ و عامة أهل القنفذة يقولون_ للقطعة من الأرض تُحرث
(الزَّهْب) بزاء مفتوحة و هاء ساكنة ، فما أصل هذا المعنى؟
الجواب:
جاء في المعاجم القديمة ما يلي:
_ القاموس المحيط : ( الزُّهْبَةُ، بالضم، والزِّهْبُ، بالكسرِ: القِطْعَةُ من المالِ. وازْدَهَبه: احْتَمَلَهُ. )
_لسان العرب : ( الأزهري عن الجعفري: أَعطاه زِهْباً من ماله فازْدَهَبَه إِذا احتمله؛ وازْدَعَبَه مثله. )
كما قال أيضا:
( وَزَهبْتُ زُهْبَةً: دَفَعْتُ له قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ. )
و قال: ( وزِهْباً من مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً.)
المحصلة:
1.أن كلمة زهب تعني القطعة من المال و الأرض من الأموال و إطلاق كلمة زهب على قطعة الأرض التي تزرع هذا من باب إطلاق العام و إيرادة الخاص به .
2. يجب أن نضم الزاء أو نكسرها بدلاً عن الفتح المشتهر بيننا اليوم.
هذا والله أعلم
كتبه / عبده بن فايز المصلحي الزبيدي
الخميس 14-رجب-1437 هجري
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 10:46 AM
مدارسة :
جاء في شواهد النحو قول الشاعر :
وكونوا أنتم وبني أبيكم = مكان الكليتين من الطحال.
1_ كيف نضبط نطق (كلية) و (طحال)
2_ كيف نعرب (بني) بالنصب ، و بالرفع ( بنو) ؟
3_هل يتغير المعنى بين النص و الرفع في إعراب (بنو) ؟
4_ما الصورة البلاغية ؟ مع شرح المعنى !
( أتمنى مشاركتكم لتعمَّ الفائدة)
******************
الجواب
1_ تضبط الكُلية بكافة مضمومة ، و الطِّحال بطاء مخفوضة.
2_تعرب بالنصب(بني) على معنى المعية و الواو واوها
و تعرب بالرفع على العطف على الضمير (أنتم) و الواو واو عاطفة.
3_نعم، يتغير المعنى لتغير الإعراب و هذا من أسرار العربية .
جاء في الشارح لكتاب ( الأصول في النحو):
( من شواهد سيبويه 1/ 150 على أرجحية النصب على المعية، لأن العطف حسن من جهة اللفظ وفيه تكلف من جهة المعنى، لأن المراد: كونوا لبني أبيكم، فالمخاطبون هم المأمورون، فإذا عطفت كان التقدير: كونوا لبني أبيكم وليكن بنو أبيكم لكم، وذلك خلاف المقصود قال العيني: قوله: وبني أبيكم أراد بهم الإخوة والمعنى: كونوا أنتم مع إخوتكم متوافقين متصلين اتصال بعضكم ببعض كاتصال الكليتين وقربهما من الطحال.
وأراد الشاعر بهذا الحث على الائتلاف والتقارب في المذهب. وضرب لهم مثلا بقرب الكليتين من الطحال.).
4_ في رأي المتواضع أن البيت كله تشبيه تمثيلي ، و المعنى مشروح في الجواب رقم ( 3) ، والله أعلم .
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 10:48 AM
مدارسة حول (لعلَّ و لعلَّني)
ديوان عبده فايز·16 أبريل، 20161 قراءة
سألني صديق أديب حول قولي في مقدمة قصيدة ساجلتُ بها أستاذنا الشاعر / سعيد بن علي الدوسري حفظه الله: ( لعلَّني أعود إليها) هل تدخل نون الوقاية على (لعل) ؟
الجواب:
الكلام مكون من ثلاثة اقسام هي الاسم و الفعل و الحرف فعلى أيّ منها تدخل نون الوقاية ؟
قال أهل النحو تدخل على الفعل عند مخافة الخفض فهي تقي الفعل من الكسر و لهذا سميت نون الوقاية كأن تقول : مدجني ، شكرني ، ..... ، فهي بين الفعل و ياء المتكلم فلولا دخولها بين الفعل و ياء المتكلم لكُسر الفعل و هذا ممنوع في العربية.
أما الأسماء فيمنع دخول ياء المتكلم عليها إلا في كلمات قليلة سماعيا فلا نقول هذا مادحني بل هذا مادحي .
و أما دخولها على الحروف ففيه تفصيل و ما يهمنا فيه_ هنا _ هو دخولها على لعل فنقول:
إذا اتصلت "إِنَّ" أَو إحدى أَخواتها بياءِ المتكلم جاز توسط نون الوقاية - وهو قليل في "لعلَّ" كثير في "ليت".
فهي صحيحة فصيحة ، جاء في مقاييس اللغة :
( ... ويقولون: علّ في معنى لعلّ. ويقولون لعلّني ولَعَلِّي. قال:
أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرُها ....)
,و أورد ابن فارس في مقاييسه الشاهد أعلاه كاملا في غير الموضع السابق هكذا:
( وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفَاعِ لَعلَّني = أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها)
_و في لسان العرب: ( ويقال: لَعَلِّي أَفعل ولعلَّني أَفعل بمعنى،...)
و أورد ابن منظور هذا الشاهد :
( تَحشّنْتُ في تلك البلاد لعلّني بعاقبةٍ أُغْني الضعيفَ الحَزَوَّرا.)
_ جاء في شروح ألفية ابن مالك هذا الشاهد :
( فَقُلْتُ أعِيرَانِي الْقَدُومَ لَعَلَّنِي ... أخُطُّ بِهَا قَبْراً لأبْيَضَ مَاجِدِ)
و استخدم الشعراء قديماً و حديثاً لعلني في مثل ما قاله
عروة بن الورد :
دَعيني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني
أُفيدُ غِنىً فيهِ لِذي الحَقِّ مُحمِلُ
أَلَيسَ عَظيماً أَن تُلِمَّ مُلِمَّةٌ
وَلَيسَ عَلَينا في الحُقوقِ مُعَوَّلُ
فَإِن نَحنُ لَم نَملِك دِفاعاً بِحادِثٍ
تُلِمُّ بِهِ الأَيّامُ فَالمَوتُ أَجمَلُ
و الشاعر المصري المعاصر زكي مبارك:
أخاصمُ نور البدر عمداً لعلني =أخاصمكم والهجرُ يؤذن بالهجر
أخاصم روحي حين يطلب نأيكم= وأسأل عنكم في سراري وفي جهرى
والله أعلم
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 10:51 AM
القوالب الجاهزة كانت مستخدمة حتى عند كبار شعراء العربية فمثلا
قال البحتري في قصيدة له يمدح بها الخليفة المعتزّ بالله :
رَأينا خِلالَ إمامَ الورى *** شَبَايه مَا شِدْنَ عَنْ مَجْدِهِ
ثم استخدم نفس البيت مع بعض التحوير(قص و لصق) في قصيدة له يمدح بها أبا صاح عبدالله بن محمد بن يزداد :
رَأينا خِلالَ إأبي صَالحٍ *** شَبَايه مَا شِدْنَ عَنْ مَجْدِهِ
ملحوظات :
_ كلا القصيدتين على بحر المتقارب ولهما نفس القافية
_شَبَايه أي متشابهات
_خلال جمع خلة أي صفات .
سؤال:
هل مفردة (شبايه) فصيحة ؟
لا ، فلم أجدها في المعاجم.
و من عنده علم بها فليتفضل علينا .
عبده فايز الزبيدي
23-04-2016, 11:08 AM
هذان بيتان رائعان ، جاءا في ديوان البحتري هكذا :
وفي أربع مني حلت منك أربع
فمـا أنا أدري أيُّها هـاج لي كــربي
أوجهك في عيني أم الريق في فمي
أم النطق في سمعي، أم الحب في قلبي
وفي ديوان ابن الرومي هكذا :
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
فلستُ بدارٍ أيها هاجَ لي كربي
أوجهُك في عيني أم الريقُ في فمي
أم النطقُ في سَمعي أم الحب في قلبي
و لعلَّ هذا مرده إمَّا إلى خطأ النساخ _ عمْداً أو جهلا _ و إمَّا من حفظ الشاعر المتأخر لكلام المتقدم و تغنيه به و حفظ الرواة له عنه كما وقع مع بعض الشعراء مثل محمود سامي البارودي لبيت أبي نواس .
عبده فايز الزبيدي
25-04-2016, 05:26 PM
اقترب الصيف و هو مرتبط عندنا * بالكباث، و الكَبَاثُ هو ثمر الأراك و الأراك من الحمض
الواحدة منه تُسمى ( أرَاكة) و يستخرج منها المساويك من فروعها و جذورها و جذورها أجود أنواع السواك، و بقال للإبل التى ترعى الأراك ( أُوَارك) .
و يسمى الكباث قبل نضجها (البَرير)
و بعد نضجه ( المَرْد).
و قد يطلق كلاهما على الكباث إذا استوى و معاجم اللغة تشهد بهذا.
جاء ذكر الكباث في السنة المطهرة ففي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ( كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ نَجْنِي الكباثَ ، وإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال : ( عليكم بالأسودِ منهُ ، فإنَّهُ أطيبُهُ ) . قالوا : أكنتَ ترعى الغنمَ ؟ قال : ( وهل من نبيٍّ إلا وقد رعاها ) .
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أكل الكَبَاث ففي صحيح ابن حبان عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :
( كنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحنُ نجتني الكَبَاثَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ( عليكم بالأسودِ منه فإنَّه أطيبُ وإنِّي كُنْتُ آكُلُه زمنَ كُنْتُ أرعى ) قالوا: يا رسولَ اللهِ وكُنْتَ ترعى ؟ فقال: ( وهل بُعِث نبيٌّ إلَّا وهو راعٍ )
جاء ذكر ثمر الأراك في الشعر الجاهل ففي معلقة ( طرَفة بت العبد) قوله واصفا غزالة ترعى الكباث :
خَذُولٌ تُراعِي رَبْرَباً بخَميلةٍ = تَنَاوَلُ أَطرافَ البَريرِ وترتَدِي
و البرير هو الكباث.
__________________
* إي في وادي حلي بن يعقوب من محافظة القُنْفُذة ( البَنْدر )
عبده فايز الزبيدي
27-04-2016, 05:34 PM
في لهجة أهالي وادي حلي بن يعقوب في القنفذة يقولون:
فلانة مَسَدتْ شعرها ، و يقولون في صيغة الأمر للمرأة : مَسِّدْيْ شَعَر بناتك
و مَسِّدْ شَعَرك.
و ما في معناه من تمشيط الشعر و تجديله.
و هذه لهجة معجمية قديمة ضاربة في الفصاحة بسهم وافر.
ففي لسان العرب:
( ... وقال ابن السكيت: المَسْدُ مصدر مَسَدَ الحبل يَمْسُدُه مَسْداً، بالسكون، إِذا أَجاد فتله، وقيل: حبل مَسَدٌ أَي ممسود قد مُسِدَ أَي أُجِيدَ فَتْلُهُ مَسْداً، فالمَسْدُ المصدر، والمَسَدُ بمنزلة المَمْسُود كما تقول نفَضْت الشجر نَفْضاً، وما نُفض فهو نَفَضٌ، ودل قوله عز وجل: حبل من مَسَدٍ، أَن السلسة التي ذكرها الله فُتِلت من الحديد فتلاً محكماً، كأَنه قيل في جيدِها حبل حديد قد لُوي لَيّاً شديداً؛ ...)
وفي مقاييس اللغة نجد معنى جذر الكلمة حيث يقول ابن فارس:
( الميم والسين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَدْل شَيءٍ وطَيِّه)
فحين يقول القائل : مَسدت شعري أو شعر طفلي أي مشطته و جدلته أي جعلته جدائل
والله أعلم
كتبه / عبده بن فايز المصلحي الزبيدي
20-7-1437هجر
عبده فايز الزبيدي
28-04-2016, 06:56 PM
لم أسمع بكلمة ( طِهْلِيْل ) بطاء مخفوضة و هاء ساكنة و لام مخفوضة ثم ياء ساكنة ثم لام ، إلا من الأستاذ / مَهْدي بن حِمَد الفاهمي ، معلم مادة العلوم بمدرسة ( أبوهريرة) بالفاهمة و الفلحة ، و قال أنها بمعنى أهبل .
*****************************
رجعت للمعاجم و تابعت الجذر فوجدت أن:
* (مقاييس اللغة)
( الطاء والهاء واللام كلمةٌ إنْ صحَّت. يقولون طَهِلَ الماء: أَجَنَ..)
*(الصّحّاح في اللغة):
(وطَحِلَ الماءُ، إذا فسَدَ وتغيّرت رائحتُه. وطهِلَ بالهاء مثله. )
* (القاموس المحيط)
( والطَّهيلَةُ، كسَفينةٍ: الأَحْمَقُ لا خَيْرَ فيه، وما انْحَتَّ من الطينِ في الحَوْضِ، بعدَما لِيطَ.)
* (لسان العرب):
( والطِّهْلِيَةُ من الناس: الأَحمقُ الذي لا خير فيه، كلاهما غير مهموز)
تعليق:
_ سلامة جذر الكلام.
_ صحة الاشتقاق .
-هو على وزن (فعليل) مثل : برطيل و إحليل.
عبده فايز الزبيدي
29-04-2016, 10:46 AM
نقول_ في وادي حلي من أعمال القنفذة_ عن ما احترق من الطعام و لصق(لزق) بالقدر
الشيط أو الكدادة و الكدادة ما لصق بقعر القدر. و الفعل شاط فنقول شاط الأكل و شاطت القدر .**********************************
و المعاجم القديمة تثبت فصاحة و صحة هذا الكلام :
1. شاط ، شيط :
* لسان العرب:
( شاطَ الشيءُ شَيْطاً وشِياطةً وشَيْطُوطةً: احترق)
و يقول:
( وشاطَتِ القِدْر شَيْطاً: احتَرقَتْ، وقيل: احترقت ولَصِقَ بها الشيء)
* مقاييس اللغة:
( لشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشيء، إمّا احتراقاً وإما غَيْرَ ذلك. فالشَّيْط مِنْ شاط الشَّيءُ، إِذا احترق. يقال شيَّطت اللَّحم.)
2. الكدادة:
*لسان العرب:
( والكَدَدَةُ والكُدادة: ما يَلْتَزِقُ بأَسفَلِ القِدْر بعد الغَرْف منها. قال الأَصمعي: الكُدادة ما بقي في أَسفلِ القِدر. قال الأَزهري: إِذا لَصِقَ الطبيخُ بأَسفل البُرْمه فَكُدَّ بالأَصابع، فهي الكُدادة.)
قلتُ: و يقال للكدادة الأرْي بألف مفتوحة و تاء ساكنة ثم ياء ، قال ابن منظور في (لسان العرب):
( و أَرْي القدر : ما التزق بجوانبها من الحَرَق . الن الاعرابي : قُرارة القدر و كُدادتها و أرْيُهَا ) .
و الله أعلم
عبده فايز الزبيدي
01-05-2016, 09:48 PM
سألني الأديب الناقد / ماجد وشاحي _ بمنتديات (قناديل الفكر و الأدب) _ عن قولي :
( فَـنَاحَ الـنِّصفُ مَنْ ذاتي
فـذَاتِـي بـعـضُها رَحَـلوا)
من قصيدتي لي بعنوان (ناحت ذاتي)
فقال:
( أظن الأولى ...رحلَ بعضها وليس رحلوا بعضها ...كما في حضر الأولاد وليس حضروا الأولاد... // أكلوني البراغيث...فاعلان )
فالأستاذ ماجد يقول إن قولي: ( فبعضها رحلوا) اجتمع للفعل فاعلان و هو ما يسمى بلغة (أكلوني البراغيث).
الجواب: تذكرت في هذا الصدد قول الشاعر الأول:
لبِستُ ثوب الرَّجا والناس قد رقدوا = وَبِتُّ أشكوا إلى مولاي مـا أجـدُ
فكلام الرواس قريب جداً من كلامي.
و للنحاة في هذه الكلام كلام معروف نذكره إن شاء الله
فأقول:
جاء في شرح الأشموني لألفية ابن مالك :
(رأين الغواني الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر
ويعبر عن هذه اللغة بلغة "أكلوني البراغيث"، وعليه حمل الناظم قوله عليه الصلاة والسلام: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار" أخرجه مالك في الموطأ. ثم قال: لكنني أقول في حديث مالك: إن الواو فيه علامة إضمار؛ لأنه حديث مختصر رواه البزار مطولا مجردا؛ فقال: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم".
وحكى بعض النحويين أنها لغة طيئ، وبعضهم أنها لغة أزد شنوءة.)
قلتُ: و الشاهد من الشاهد الشعري قوله ( رأينَ الغواني.
و قول الأشموني:
( لأنه حديث مختصر رواه البزار مطولا مجردا؛ فقال: "إن لله ملائكة يتعاقبون فيكم".)
حيث أخرج الشاهد من لغة أكلوني البراغيث بزياد ( إن لله) حيث الملائكة اسم إن
يرده ما ورد في السنة الصحيحة :
(يَتَعاقَبونَ فيكُم: ملائِكَةٌ بالليلِ وملائِكةٌ بالنهارِ، ويجتمعونَ في صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العصرِ، ثم يَعْرُجُ الذينَ باتوا فيكُم، فيَسألُهُم وهو أعلَمُ بِهِم: كيفَ تَرَكتُم عِبادي ؟ فيقولون : تَرَكْناهُم وهُم يُصلونَ، وأتَيناهُم وهُم يُصلونَ .) رواه البخاري .
ثم ذكر الأشموني تعليلات أهل النحو ممن لا يقبل بالفاعلين لفعل واحد فقال:
( "والفعل" على هذه اللغة ليس مسندا لهذه الأحرف، بل هو "للظاهر بعد مسند". وهذه أحرف دالة على تثنية الفاعل وجمعه، كما دلت التاء في: "قامت هند" على تأنيث الفاعل.
ومن النحويين من يحمل ما ورد من ذلك على أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر، ومنهم من يحمله على إبدال الظاهر من المضمر، وكلا الحملين غير ممتنع فيما سمع من غير أصحاب هذه اللغة؛ ولا يجوز حمل جميع ما جاء من ذلك على الإبدال أو التقدير والتأخير؛ لأن الأئمة المأخوذ عنهم هذا الشأن اتفقوا على أن قوما من العرب يجعلون هذه الأحرف علامات للتثنية والجمع، وذلك بناء منهم على أن من العرب من يلتزم مع تأخير الاسم لظاهر الألف في فعل الاثنين، والواو في فعل جمع المذكر، والنون في فعل جمع المؤنث: فوجب أن تكون عند هؤلاء حروفا، وقد لزمت للدلالة على التثنية والجمع كما لزمت التاء للدلالة على التأنيث؛ لأنها لو كانت أسماء للزم إما وجوب الإبدال، أو التقديم والتأخير، وإما إسناد الفعل مرتين؛ واللازم باطل اتفاقا.)
هل في القرآن هذه اللغة؟
قسم من أهل العلم قال بوجودها مثل العكبري في كتابه (التبيان في إعراب القرآن) فقال في إعراب قوله تعالى:
(لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ (3) سورة الأنبياء
(الذين ظلموا) في موضعه ثلاثة أوجه:
أحدها . الرفع و فيه أربعة أوجه : أحدها : أن يكون بدلاً من الواو في ( أسروا)
و الثاني: أن يكون فاعلاً ، و الواو حرف للجمع ، لا اسم.
و الثالث: أن يكون مبتدأ و الخبر ( هل هذا) و التقدير يقولون هل هذا .
و الرابع : خبر مبتدأ محذوف ، أي هم الذين طلموا ........)
و أما القسم الذي ردها عن القرآن مثل قول الإمام ابن هشام فى المغنى": وقد حمل بعضهم على هذه اللغة ((ثم عموا و صمّوا كثيرٌ منهم)) , و (( وأسروا النجوى الذين ظلموا)) , وحملها على غير هذه اللغة أولى لضعفها".
الخلاصة:
صحة ما ذهبنا إليه في شعرنا، ولله الحمد.
عبده فايز الزبيدي
03-05-2016, 05:00 PM
من أغرب ما تسمع في وادي حلي _ و القنفذة عموماً _ لفظة:
( الكَوْبَة) بكاف مفتوحة و واو ساكنة ثم باء مفتوحة ثم تاء مربوطة.
و هي للتحسر و الذم كذلك ،
كأن توكل فلاناً في مهمة ثم يقول لك أرسلت من تُقضى على يده فتقول : من هو؟
فيقوا: فلان ، فتقول متحسراً: الكوبة.
يعني يا حسرتاه على حاجتي.
****
وهذه اللفظة غريبة و فصيحة و أتعجب من بقاء لفظها و معناها عندنا لولا فصاحة لهجتنا، ففي :
(القاموس المحيط):
( والكَوْبَةُ: الحَسْرَةُ على ما فاتَ، ...)
عبده فايز الزبيدي
03-05-2016, 05:01 PM
نواصل بحثنا في إثبات فصاحة لهجة أهالي القنفذة عموماو نقول عموما حتى يطيب خاطر العموم،
فمثلا نقول :
(رَتَخَ) ,و ( أرتخ ) براء و تاء مفتوحتين ثم خاء ،و قد يبدلون التاء طاء فيقولون (رطخ) و ( أرطخ)
و معناها عندهم أن يسكن الرجل في المكان إما لغرض و إما لانكساره و قهر خصمه له بالحجة.
جاء في المعاجم ما يلي:
- (مقاييس اللغة)
الراء والتاء والخاء ليس بشيء. على أنَّهم يقولون: رَتخَ العجينُ رَتْخاً، إذا رَقَّ.
وكذلك الطِّين.
_ (لسان العرب):
وأَرْتَخَ الحَجَّامُ: لم يبالغ في الشَّرْط.
_القاموس المحيط)
رَتَخَ الطِّينُ والعَجِينُ: رَقَّ، و رتخ بالمكانِ: أقامَ، وعنِ الأَمْرِ: تَخَلَّفَ.
و مما سبق نجد أن هذه اللفظة صحيحة لفظا و معنى ، فالمرتخ هو الذي لزم المكان و من هذا نقول عن القط أرتخ إذا سكن و لزم مكانه انتظاراً لخروج الفأر من جحره ، أو من ضعف عن مناقشة خصومه لانكسار حجته و رقة دليله.
عبده فايز الزبيدي
03-05-2016, 05:22 PM
سألني الأستاذ / علي بن حمد الصالحي _حفظه الله تعالى _ بقوله:
( نحن نقول لمن نكرهه ( أشناك ) .
ياليت تبحث لنا في هذي الكلمة )الجواب:
العبارة صحيحة في لفظها و معناها ، و شَنَأ أي كره و أبغض ، و (أشناك) أصلها ( أشنأك) ألا أنهم سهلوا الهمزة و لفظوها ألفا و هذا من أساليب العرب قديماً و حديثا في نطق بعض
الكلامات .
و نقول فلانة شنيت زوجها إذا لم يتفقا ، أي شنئت و لكنهم يقلبون الهمزة ياء للتسهيل.
و جاء في مقاييس اللغة حول معنى جذر الكلمة:
(الشين والنون والهمزة أصلٌ يدلُّ على البِغضة والتجنُّب للشيء.)
( ويقال: شَنِئَ فُلانٌ فلاناً إِذا أَبغَضَه. )
ملحوظة:
أما وصف المرأة الفاركة لزوجها الكارهة له بـ ( شانئ) فهذا من القلب المكاني* و الأفصح
أن نقول ( شَنْأى)
و وصفها بـ (شنيانة) فأصلها ( شنئانة =شنآنة) فهي صحيحة سليمة و فيها ينطقون الهمزة ياء للتسهيل
________________
* القلب المكاني هو : تغيير في ترتيب حروف الكلمة المفردة عن الصيغة المعروفة لها بواسطة تقديم بعض الحروف وتأخير بعضها الآخر .. و شواهده كثيرة
عبده فايز الزبيدي
09-05-2016, 11:07 AM
نقول في محافظة القتفذة:
نَهَت فلان أو فلانة ،و نعني به صوت الصدر بعد _أو مع_ بكاء طويل أو جهد كبير و خاصة نفسي من خوف أو ترقب.
................
(مقاييس اللغة)
النون والهاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. فالنّهِيتُ: دُونَ الزَّئير.
(الصّحّاح في اللغة)
نَأَتَ الرجل يَنْئِتُ نَئيتاً، إذا أنَّ، مثل نَهَتَ. ورجل نآتٌ، مثل نَهَّاتٍ.
ملحوظة: قلتُ الهاء و الهمزة متقاربان في المخرج و الإبدال يقع ، و الله أعلم.
(لسان العرب)
النَّهِيتُ والنُّهاتُ: الصيَاح؛ وقيل: هو مثل الزَّحير والطَّحِير؛ وقيل: هو الصوت من الصدر عند المَشَقَّة.
المحصلة:
صحت اللفظة لفظاً و معنى و هي معجمية بامتياز .
عبده فايز الزبيدي
09-05-2016, 11:08 AM
نقول في لهجتنا _بوادي حلي _ :
( عَنْفص) و يُعنفِص و مُعَنْفِص
و تقال للإنسان و الحيوان و خاصة الحمير.
تقال للإنسان إذا خرج من مجلس و هو مغضب بعد سماعه لكلام لا يعجبه أو رؤيته لما يكره.
و تقال للحمار إذا ركض مسرعاً في هياج.
______________
و الذي في المعاجم هو ( عِنفص) بخفض العين و يقال للمرأ السيئة الخلق قليلة اللحم، و سأعود إلى هذا المعنى _ إن شاء الله ، و ما يهمني هو هذا البيت :
وإذا المحسة بين خيل قرقعت *** ثبتَ السليم وعَنفص المعقورُ
و لم اقف له على قائل.
عبده فايز الزبيدي
10-05-2016, 11:10 AM
نسمع في محافظة القنفذة _ خاصة في وادي حلي بن يعقوب _ :
( الكَرَبَة) بكاف مفتوحة و راء و باء مثلها.
و يعنون بها أصل رقبة الرجل أو المرأة أو الحيوان.
مثلا: فلانٌ أمسك بِكَرَبةِ فلانٌ ، امسك بكربته.
______________________
لسان العرب:
جاء في الكتاب ج13-14 من طبعة دار صادر ؛ بيروت :
( الكَرَب النَّخل : أصُول السَّعف ، وفي المحكم : الكَرَب : أُصُول السَّعف الغَلاظُ العِراض التي تيبس فتصير مثل الكَتِف ، واحدتُها كَرَبَة. وفي صفة نخل الجنة : كَرَبُها ذَهَبٌ ، و هو بالتحريك ، أصْل السَّعَف ، وقِيل : ما يبقى مِن أصوله في النخلة بعد القطع كالمراقي ....)
ثم ذكر هذا الشاهد لجرير:
( أَقُوولُ و لم أَمْلِك سَوَابِقَ عَبْرةٍ = مَتَى كَانَ حُكْمُ الله فِي كَربِ النَّخْل ؟)
جاء في قاموس المعاني :
كَرَبة: ( اسم ) ، الجمع : كَرَب ، الكَرَبَةُ : الزِّرُّ يكون فيه رأسُ عمودِ الخيمة.
المحصلة:
وصف أصل رقبة الإنسان و الحيوان بالكربة صحيح لفظاً و معنى وهو من باب المجاز فالرقبة تمتد من لوح الكتف إلى أن تدخل في الرأس فهي كسعف النخل التي تقوم في كرب النخل ، و يقوي هذا المعنى كَرَبة الخيمة و هو الأصل الذي يثبت فيه عمودها.
كتبه/ عبده بن فايز المصلحي الزبيدي
والله أعلم
عبده فايز الزبيدي
11-05-2016, 09:34 AM
في لهجة أهل القنفذة تسمع :
(شَكِيْر) بشين مفتوحة و كاف مخفوضة و ياء ساكنة ثم راء.
و يعنون بها شعر العارضين االخفيف أو من قص لحيته حتى جعل الشعر منها كما تنبت اللحية في وجه الغلام.
________________
جاء في لسان العرب الكتابالرابع ( ج7=ج8) ص 116،
( ...و شكير الأبل صِغارها ، و الشَّكير مِنَ الشَّعر و النَّبات : ما ينبتُ من الشعر بين الضفائر و الجمع الشُّكْرُ ، .... ، ابن الأعرابي: الشَّكِيرُ ما ينبتُ في أصل الشَّجَرة من الورق و ليس بالكبار . و الشّكير مِنَ الفَرْخ : الزَّغَب . ، ............ ، و الشَّكير مِنَ الشعر و الرِّيش و العَفَا و النَّبْت : ما نبت من صغاره بين كباره ، ............)
إلى أن يقول : ( و ربما قالوا للشعر الضَّعيف شَكِيْرٌ)
قلتُ جاء في شعر ابن الرومي هذا المعنى :
غَيْداءُ فِيْ سِنِّ الغُلا =مِ و نَبْتُ شَارِبِهِ شَكِيْرُ.
المحصلة:
اللفظة صحيحة لفظاً و معنى.
والله أعلم
كتبه/ عبده فايز الزبيدي
4 /8/ 1437 هـ
عبده فايز الزبيدي
15-05-2016, 09:02 AM
نقول في وادي حلي بن يعقوب من القنفذة:
( أَزَم) بهمزة مفتوحة ثم زاء مفتوحة مشددة ثم ميم
بمعنى أمسك وحقيقة و مجازاً ، و غالباً ما نستخدمه للأمر بزاء مشددة مفتوحة (ازَّم ، ازَّمي ، ازَّموا)
فمن الحقيقة نقول: ازَّم هذا الكأس
و من المجاز: كأن يسرّ الرجل لجلسائه حديثاً ثم يقول لهم (ازَّمُوا عنِّي) أي احبسوا هذا الكلام و لا تذيعوه بين النَّاس حتى يظهر من غيرنا.
**********************
و كل ما في المعاجم القديمة تثبت هذا المعنى"
قال أبو الحسين أحمد بن فارس في (مقايييس اللغة ) ج1، ص:ص56:
أزم: و أمَّا الهمزة و الزاء و الميم فأصلٌ واحدٌ و هو الضيق و تداني الشيء من الشيء بشدّة و التفاف ، قال الخليل: أزَمْتْ و أنا آزِمٌ ، و الأزْم شدة العَضِّ ، و الفرس : يأزمُ على فأس اللجام. ، ............... ، قال العاملريّ : يقال أَزَمَ عليه إذا عضَّ و لَمْ يفتح فَمَه.) أ.هـ
قال أبو الفضل جمال الدين بن محمد ين مكرم ابن منظور في (لسان العرب الكتاب الأول (ج1-) ص : 101):
( أزمه أيضا عضَّه . و أزَم عن الشيء : أمسك عنه)
في كلام منه طويل نكتفي بما جاء.
المحصلة:
قلت: و من المجاز قولهم _في وادي حلي_ ازّم عني هذا الأمر أي لا تفتح به فاك و اجعله سر نفسك.
و أمَّا المعنى الحقيقة فواضح.
والحمدلله وحده
عبده فايز الزبيدي
24-05-2016, 08:04 AM
قال امرؤ القيس في وصف الخيل :
مكر مفر مقبل مدبر معاً ... كجُلْمودِ صَخْـرٍ حطه السيل من علِ
ما يهمنا هو قول ذلك الشاعر:
(جُلْمودُ صخر)
و هو عندي من باب إضافة الشيء إلى نفسه فالصخر معلوم و الجُلمود الصخر كذلك , جاء عن ابن منظور في لسان العرب:
(الجَلْمَدُ والجُلْمود: الصخر)
و جاء عند ابن فارس في مقايسه _ مقاييس اللغة _ :
(الجَلْمَدُ والجُلْمودُ: الصخرُ.)
و من أمثلة هذا الذي بين أيدينا ما ذكره ابن منظور في لسانه:
وأَما قول دَهْبَل:
إِنِّي الذي أَعْمَل أَخْفافَ المَطِي
حَتَّى أَناخَ عِنْدَ بابِ الحِمْيَرِي
فَأُعْطِي الحِلْقَ أُصَيْلالَ العَشِي
قال ابن سيده: عندي أَنه من إِضافة الشيء إلى نفسه، إِذ الأَصِيل والعَشِيُّ سواء لا فائدة في أَحدهما إِلا ما في الآخر)
قلت وهذا من أساليب العرب المعتبرة و لا يعد من الحشو أو من الذي لا فائدة فيه فإذا اختلف جذر الكلمة عن أختها كان في كلِّ منهما زيادة عن الأخرى في معنى دون معنى.
والله أعلم
كتبه/ عبده فايز الزبيدي
عبده فايز الزبيدي
04-09-2016, 02:36 PM
و مِنَ الناس مَنْ لا يفرق بين الفعل المتعدي ( المتجاوز) الذي يجاوز الفاعل إلى المفعول به بنفسه ،و الفعل اللازم ( القاصر) هو الذي يكتفي بفاعله .
فالفعل ( دَلَج) فعل لازم ، و الفعل ( ضرب) فعل متعدٍّ .
و لمعرفة نوع الفعل من جهة اللزوم و التعدي فعليك بما يلي:
أدخل عليه الهاء* ، فإن قبلها فهو متعدٍّ ، و إن لم يقبلها فهو لازم .
فالفعل ( دَلَج) لا يقبل الهاء فلا نقول : ( دَلَجَهُ) بينما الفعل ( ضرب ) يقبلها فنقول ( ضربَهُ).
أمثلة:
1. المتعدي : قرأه ، كتبه ، حفظه ، فهمه .... .
2. اللازم : طهُره ، انكسره ، شَرُفه, ............... .
و من عجائب اللغة أن تجد صورة للفعل تتعدى و صورة لا تتعدى ، مثل قول الشاعر :
للهِ قومٌ كرامٌ = ما فيهم من جفاني
عادُوا و عادُوا و عادُوا = على اختلاف المعاني
فاختلاف المعاني يقصد به معانيَ الفعل ( عَادَ) :
1. عاد بمعنى زار متعدٍّ ، 2. عاد بمعنى رجع لازم ، و 3. عاد بمعنى اعتاد متعدٍّ.
و هناك من الأفعال ما يتعدى إلى أكثر من مفعول :
1. منها ما يتعدى إلى اثنين نحو : ( ظنَّ ).
2. ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل ، نحو : ( أعلمتُ زيداً الصَّرف سهلا)
تنبيهات:
1. تعدية الأفعال سماعية. **
2. ما يتعدى بحرف جرٍّ معين ، يلزم ذلك الحرف ، و تعديه بغيره ندرة.
3. إذا تعدى الفعل بغير حرفه فمنهم من يقول بقيام الحروف بمعاني بعضه البعض ، و منهم من يقول هو التضمين النحوي ، لا غيرَ ،
و الأخير هو الأنسب ، و التفسير به يكسب الكلام بلاغة عالية.
_______________
* قال د. عبد العزيز بن علي بن علي الحربي في ( القرعبلانة ) : بشرط أن لا تكون تلك هاء المصدر ، نحو : هذا الخروج خرجه زيد ، أي : خرج الخروج .
** الشيخ أحمد الحملَاوي ، شذا العرف في فن الصرف .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir