مشاهدة النسخة كاملة : حسن التعليل في الشعر الجميل
ثناء صالح
26-10-2015, 12:13 PM
"حسن التعليل" أحد المحسنات البديعية المعنوية، والتي تشمل ( التورية و الطباق والمقابلة و حسن التعليل و تأكيد المدح بما يشبه الذم). وعلى الرغم مما تضيفه تلك المحسنات جميعها من جمال معنوي في الشعر إلا أن " حسن التعليل " أكثرها جمالاً من وجهة نظري.
مفهوم "حسن التعليل " يعني : أن ينكر الشاعر صراحة أو ضمناً علة الشيء المعروفة ، ويأتي بعلة أدبية طريفة من عنده ، تناسب الغرض الذي يقصده . وسر جمال " حسن التعليل " يكمن في عنصرين إبداعيين يتميز بهما عن سواه من المحسنات المعنوية الأخرى :
أولاً : عنصر النقض الذي يعني إنكار العلة القديمة المعروفة . وهو يتطلب من صفات الشاعر رهافة الملاحظة والانتباه ، لانتقاء ما يستحق التركيز عليه لنقضه وإنكاره من العلل المعروفة .
ثانياً: عنصر الاستطراف الذي يعني توليد علة إبداعية جديدة مناسبة لتحل محل العلة القديمة المعروفة.وهذا يتطلب القدرة على اكتشاف العلاقة الخفية، أو الرابطة غير الملحوظة بين صفات الموصوفات وخصائصها، والتي تبدو بعيدة عن الذهن ، وتجسيمها بالتعبير عنها لغوياً.
ثم إن حسن التعليل يشترط تفوق جمال العلة الجديدة على العلة القديمة ، وإلا فإن العلة الجديدة تفقد أهميتها وتسيء للشعر بدلاً من تحسينه. فلا يكثر من حسن التعليل إلا الشعراء المتميزون المبدعون ،وأما الشعراء المقلّدون المكررون للمعاني والصور الشعرية فحسن التعليل أقل حظاً في أشعارهم .
وكي نرى الأثر الجمالي لحسن التعليل في الشعر دعونا نستعرض بعضاً من أشعار الأولين والآخرين في هذا المجال .
يقول زهير بن أبي سلمى
أخي ثقة لا تهلك الخمرُ ماله .....ولكنه قد يهلك المال نائله
تراه إذا ما جئته متهللا ....كأنك تعطيه الذي أنت سائله
وذي نسب ناءٍ بعيد وصلته ....بمالٍ وما يدري بأنك واصله
ففي البيت الثاني نلاحظ حسن التعليل عند الشاعر في تفسيره سبب تهلل وإشراق وجه ذاك الذي جئته تسأله حاجتك من مال أو سوى ذلك، فإذا به يستبشر بك ويتهلل وجهه في لقائك ،حباً بأن يعطيك حاجتك. فكأنك أنت الذي تعطيه حاجته لشدة سروره بك . فالعلة القديمة هي السرور بالأخذ ، وأما العلة الجديدة فهي السرور بالعطاء وهي لا شك أجمل .
وأما النابغة الذبياني فيقنعك بحسن تعليله بقوله
تعصي الإلَهِ، وأنتَ تُظهِرُ حبَّه،.... هذا لعَمْرُكَ، في المَقالِ، بديعُ
لو كنتَ تَصدُقُ حبَّهُ لأطَعْتَهُ؛.... إنّ المحبّ، لمن يُحبّ، مُطيعُ
فالذبياني يسخر من ادعاء صدق حب الإله من قبل من يعصيه " هذا لعَمْرُكَ، في المَقالِ، بديعُ " وينكره . فهو ينقض العلة المعروفة التي تقول أن إظهار الحب للإله يكفي للتدليل على صدق حبه ، وسواء أكانت كلمة بديع بمعنى " جميل " كما نستخدمها هذه الأيام ، أو كانت بمعنى "جديد " وهو معناها الأصلي .فإن الشاعر ينكر هذه العلة ، ويأتي بعلة جديدة أجمل منها ، تدل على صدق الحب، ألا وهي الطاعة . لأن " المحب لمن يحب مطيع "
يقول أبو تمام
لا تُنْكِرِي عَطَلَ الْكَرِيمِ مِنَ الْغِنَى....فَالسَّيْلُ حَرْبٌ لِلْمَكَانِ الْعَالِي
فالمياه تجري في الأرض المنبسطة جرياناً عادياً وهذه علة قديمة ومعروفة. وهذا يماثل بقاء المال في يد الشخص العادي ، غير أن مياه السيل تحارب المكان العالي فتهرب منه وتغادره بأسرع ما يمكن فهي تنسكب منه بسرعة . وهذه كناية عن عدم بقاء المال في يد الكريم السخي . فنلاحظ أن الشاعر لم يأت على ذكر العلة القديمة ،بل العلة القديمة تتضح من العلة الجديدة فإذا كان السيل حرباً للمكان العالي ، فالسيل يبقى جارياً في المكان المعتدل المستوي ليدل على قلة السخاء .
يتبع بإذن الله
عبده فايز الزبيدي
27-10-2015, 07:45 PM
بارك الله فيك
موضوع جميل فشكرا لك و لقلمك.
ثناء صالح
30-10-2015, 08:36 AM
بارك الله فيك
موضوع جميل فشكرا لك و لقلمك.
وأنا أشكركم للحضور الكريم وللكلمات الطيبة أستاذي الشاعر القدير عبده فايز الزبيدي
في رعاية الله وحفظه
ثناء صالح
06-11-2015, 04:16 AM
من جميل " حسن التعليل " ما جاء في هذه الأبيات الرائعة للشاعر أبي الشمقمق
بَرَزْتُ منَ المنازِلِ والقِبَابِ .......فلم يَعْسُرْ على أَحَدٍ حِجَابِي
فمنزليَ الفضاءُ وسقفُ بيتي.......سماءُ اللهِ أوْ قطعُ السحابِ
فأنتَ إذا أردتَ دخلتَ بيتي.......عليَّ مُسَلِّماً من غَيْرِ بابِ
لأني لم أجدْ مصراعَ بابٍ.......يكونُ مِنَ السَّحَابِ إلى التُّرَابِ
فالشاعر ينكر العلة المعروفة التي تفرض وجود باب للبيت يطرقه الداخل قبل أن يسلِّم ويدخل ، والعلة الإبداعية البديلة الرائعة التي يعلل فيها الشاعر الذي يسكن الفضاء افتقار بيته إلى باب ، هي أنه لم يجد باباً شاهق الارتفاع يصل مصراعه ما بين السحاب والتراب ليصلح باباً لبيته
الدكتور ضياء الدين الجماس
06-11-2015, 08:08 AM
موضوع شائق رائق الشاعرة الأديبة ثناء الصالح
أدام الله علينا هذا العطاء:os:
جزاك الله خيرا
ثناء صالح
07-11-2015, 06:19 PM
موضوع شائق رائق الشاعرة الأديبة ثناء الصالح
أدام الله علينا هذا العطاء:os:
جزاك الله خيرا
أشكر لكم حضوركم الكريم وكلماتكم الطيبة أستاذي الفاضل د. ضياء الدين الجماس
دمتم بخير وفي حفظ الله
مع التحية والتقدير
كاملة بدارنه
27-12-2015, 09:01 PM
موضوع شائق!
بارك الله فيك
تقديري وتحيّتي
ثناء صالح
01-02-2016, 07:38 PM
موضوع شائق!
بارك الله فيك
تقديري وتحيّتي
أشكرك أستاذة كاملة
لك التحية والتقدير
ثناء صالح
01-02-2016, 09:10 PM
تؤكد لي صعوبة الظفر بـ(حسن التعليل) في الشعر، صعوبة إنشاء هذا اللون من المحسنات البديعية عند الشعراء . لكنني اليوم ظفرت بأبيات رائعة تزخر بحسن التعليل للشاعر الصوفي عفيف الدين التلمساني
610 - 690 هـ / 1213 - 1291 م
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ """ فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
وَقَدْ سَلَبْتِ رُقَادَ النَّاسِ كُلِّهُمُ """ لِذَاكَ جَفْنُكِ كَسْلانٌ مِنْ التّعَبِ
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ """ أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَأ بَارِقُ الشَّنَبِ
وَتِلكَ نَارُكِ بِالجَرْعَاءِ سَاطِعَةٌ """ أَمْ ذَاكَ خَدُّكِ وَهَّاجُ مِنَ اللَّهَبِ
لاَ أَنْقَذَ اللهُ مِنْ نَارِ الجَوَى أَبَداً """ قَلْبي الَّذي عَنْ هَوَاكُمْ غَيْرُ مُنْقَلِبِ
إِنْ عَذَبَتْهُ بِنَارٍ مِنَ مَحَبَّتِهَا """ نُعْمَ فَذَاكَ نَعِيمٌ غَيْرُ مُحْتَجُبِ
منْ رامَ ذِكْرَ سِوَاهَا يَلْتَمِسْ أَحَداً """ غَيْرِي فَذِكْرُ سِوَاهَا لَيْسَ مِنْ أَرَبي
إِنْ حَدَّثَتْهُ الأَمَانِي أَنَّنِي أَبداً """ أَسْلُوا هَوَاهَا فَقَدْ أَصْغَى إِلى الكَذِبِ
لقد قدّم لنا عفيف التلمساني حسن التعليل مكرراً في أربعة أبيات متوالية؛ ففي البيت الأول :
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ """ فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
فأخت سعد - حسب الترميز الصوفي للشاعر - هي حبيبته،وقد مارست في حقه فعلي "السلب والنّهب" غير المبرّرين بحق، وذلك عندما سلبت النوم من عينيه ، وكي لا توصم حبيبته بفعل شائن يحطّ من شأنها ، يلجأ الشاعر إلى رفع قيمة فعل "النّهب" وتحويله إلى شيمة كريمة ، ثم ينسب هذه الشيمة لجميع العرب، كي لا تنفرد حبيبته وحدها بهذا الفعل .
فمن أراد من العرب أن يعيب على حبيبته فعلها ، فليعب على قومه ما يتحلَّون به من "شيم" .
وهكذا تجدنا نبتسم لهذا الظُرْف في حسن التعليل الطريف الإبداعي الذي قدّمه الشاعر، فنقض به العلّة القديمة المتعارف عليها من الحكم على فعل "النّهب" بالسوء ، وقدّم علّة جديدة طريفة تقول إن "النّهب" شيمة العرب ، ومن ذا الذي ينكر على العرب ما يتحلّون به من "شيَم" . .؟
ونتابع فيما بعدُ ما جاء من حسن التعليل في هذه الأبيات ،إن شاء الله
ثناء صالح
08-02-2016, 08:03 PM
يقول عفيف الدين التلمساني
عَيْنَاكِ إنْ سَلَبَتْ نَوْمي بِلاَ سَبَبِ """ فَالنَّهْبُ يَا أُخْتَ سَعْدٍ شِيَمةُ العَرَبِ
وَقَدْ سَلَبْتِ رُقَادَ النَّاسِ كُلِّهُمُ """ لِذَاكَ جَفْنُكِ كَسْلانٌ مِنْ التّعَبِ
في البيت الثاني ، وبعد أن سوّغ الشاعر لحبيبته فعلها في سلب النوم من عينيه ، يلمّح إلى عذره في كونه مغلوباً على أمره، بأن حبيبته قد سلبت الرقاد من عيون الناس جميعاَ ، فهو فرد من هؤلاء الناس، ويبرهن على صحة ادعائه بما يجده في جفنيها من كسل وتعب . فالادعاء الذي قدمّه في الصدر أيّده ببرهان ودليل في العجز . وهكذا حصلنا على تشبيه ضمني امتد على شطري البيت .
إلا أن البرهان الذي قدّمه في العجز هو (حسن التعليل) الذي نبحث عنه؛ فالشاعر نقض العلّة المعروفة التي تفسر كسل الأجفان وتعبها ، وهي (النعاس) إو ربما ( الجمال )، وقدّم بدلاً عنها علّة جديدة ما قال بها غيره ، وهي إرهاق الأجفان من الجهد الذي تبذله في سلب الرقاد من الناس .
محمد صافي
09-02-2016, 12:10 AM
مجهود كبير لموضوع جميل وشيق للقراءة والتمعن
أختي الكريمة الشاعرة الوارفة ثناء صالح
لديكِ نفس طويل جميل على التحليل والتحليق في فضاء الألق
ما شاء الله
قوافل ود لروحك
إيمان ربيعة
09-02-2016, 12:50 AM
الأستاذة "ثناء صالح" بارك الله فيك و نفع بك
سعيدة بهذا الطرح الشيّق.. النبيل المقصد
و متابعة بإذن الله
و من فضلك إذا أمكن مزيد من الإيضاح والتحليل لهذا المحسّن البديعي الجميل.
كل للتقدير و الاحترام لشخصك الطيب
حفظك الله.
ثناء صالح
10-02-2016, 06:53 PM
مجهود كبير لموضوع جميل وشيق للقراءة والتمعن
أختي الكريمة الشاعرة الوارفة ثناء صالح
لديكِ نفس طويل جميل على التحليل والتحليق في فضاء الألق
ما شاء الله
قوافل ود لروحك
أشكرك أخي الكريم محمد صافي على كلماتك الطيبة
ويسعدني حضورك
دمتم بخير
محمد صافي
27-03-2016, 01:21 AM
يسعدني القراءة والمتابعة لهذا التحليل التفصيلي
كم أنتِ رائعة وكم هو جميل المكوث طويلاً في حديقتكِ المزهرة المبهرة
ثم إنه
أرجو إفراغ القليل من الرسائل كي أتمكن من الرد
مودتي واحترامي
ثناء صالح
13-10-2016, 08:38 PM
الأستاذة "ثناء صالح" بارك الله فيك و نفع بك
سعيدة بهذا الطرح الشيّق.. النبيل المقصد
و متابعة بإذن الله
و من فضلك إذا أمكن مزيد من الإيضاح والتحليل لهذا المحسّن البديعي الجميل.
كل للتقدير و الاحترام لشخصك الطيب
حفظك الله.
شكرا لك أستاذة إيمان ربيعة
بارك الله فيك
نتابع معا بإذن الله
لك التقدير والتحية
ثناء صالح
13-10-2016, 08:41 PM
يسعدني القراءة والمتابعة لهذا التحليل التفصيلي
كم أنتِ رائعة وكم هو جميل المكوث طويلاً في حديقتكِ المزهرة المبهرة
ثم إنه
أرجو إفراغ القليل من الرسائل كي أتمكن من الرد
مودتي واحترامي
الجميل حضوركم وتعقيبكم
كل الشكر لكم أخي الشاعر الكريم أ. محمد صافي
مع التحية
عبده فايز الزبيدي
14-10-2016, 02:27 PM
وفقك الله للخير
و أنت من الشعراء الأدباء المثقفين ، ولهذا وضح تأثير كبير ثقافتك في شعرك،
و شكرا لجميل جهودك .
محمد حمود الحميري
16-10-2016, 08:02 PM
موضـوع يستحق المتـــابعة لما فيــه من الفائدة
شكرًا أستاذة ــ ثناء ، لا حرمنا متابعة إبداعاتك .
محبتي
خالد صبر سالم
17-10-2016, 05:19 PM
عندما أرى اسمك في أي موضوع اهرع إليه وانا ممتلئ بشعور واثق بأنني ذاهب إلى واحة أدبية وارفة الظلال دالية الثمر عذبة المياه.
وها أنا أصل هنا فأجد الموضوع الشيق والفائدة الخصبة والمتعة البارعة وكل ذلك بأسلوب ساحر يدخل إلى المتلقي بسلاسة وصفاء.
سيدتي الأديبة الموسوعة الأدبية الأستاذة ثناء
بوركت جهودك في النقد وفي الشعر وفي الدراسات الأدبية والبلاغية
ودمت في غاية السعادة ورفلت في نعمة الجمال
مع خالص احترامي ووافر اعجابي ونفحات مودتي
عدنان الشبول
17-10-2016, 06:51 PM
روعة في طرح المعلومة والشرح
ما كلُّ ما في الكونِ يُرجى ودّهُ = بعض الطّعامِ وإنْ حلا لا يُهْضَمُ
بيت لي .. كأنّ فيه تعليل ( ولكن لأ أدري هل هو حسن أم لا D:)
دمتم مبدعين
ثناء صالح
20-10-2016, 05:47 PM
وفقك الله للخير
و أنت من الشعراء الأدباء المثقفين ، ولهذا وضح تأثير كبير ثقافتك في شعرك،
و شكرا لجميل جهودك .
أشكرك أستاذي الشاعر المبدع عبده فايز الزبيدي على حسن الثناء.
بارك الله فيك وأكرمك
ودمت بخير
ثناء صالح
01-04-2017, 12:28 PM
موضـوع يستحق المتـــابعة لما فيــه من الفائدة
شكرًا أستاذة ــ ثناء ، لا حرمنا متابعة إبداعاتك .
محبتي
الشكر كله لكم على القراءة والمتابعة أستاذنا الكريم الشاعر محمد حمود الحميري
بورك فيكم
ولكم التقدير والاحترام
ثناء صالح
01-04-2017, 12:35 PM
عندما أرى اسمك في أي موضوع اهرع إليه وانا ممتلئ بشعور واثق بأنني ذاهب إلى واحة أدبية وارفة الظلال دالية الثمر عذبة المياه.
وها أنا أصل هنا فأجد الموضوع الشيق والفائدة الخصبة والمتعة البارعة وكل ذلك بأسلوب ساحر يدخل إلى المتلقي بسلاسة وصفاء.
سيدتي الأديبة الموسوعة الأدبية الأستاذة ثناء
بوركت جهودك في النقد وفي الشعر وفي الدراسات الأدبية والبلاغية
ودمت في غاية السعادة ورفلت في نعمة الجمال
مع خالص احترامي ووافر اعجابي ونفحات مودتي
الأستاذ الشاعر الكبير خالد صبر سالم
شرف لي حضوركم ومتابعتكم
ومصدر اعتزاز لي ما تفضلتم به من الثناء .
وكذلك فإني ممن يتابع بإعجاب كبير ما تفيض به قريحتكم من جمال وإبداع في الشعر .
فلكم التقدير وخالص الشكر
ودمتم في سعادة وسرور
ادريس اوبلا
21-02-2018, 10:36 PM
موضوع شيق يستحق المتابعة. فأنت ترينا وجها من أوجه الجمال الشعري لدى شعرائنا من حيث التصوير البديع
ثناء صالح
23-02-2018, 12:04 PM
روعة في طرح المعلومة والشرح
ما كلُّ ما في الكونِ يُرجى ودّهُ = بعض الطّعامِ وإنْ حلا لا يُهْضَمُ
بيت لي .. كأنّ فيه تعليل ( ولكن لأ أدري هل هو حسن أم لا D:)
دمتم مبدعين
أهلا بالأستاذ الشاعر المبدع عدنان الشبول
البيت جميل وفيه حكمة صادرة عن خبرة شخصية كما أظن .
وفيه تعليل في العجز أتى على شكل دليل أو برهان لإثبات الحكم الذي قرره الشاعر في الصدر, وهذا يأتي مع ما يسمى "بالتشبيه الضمني "
ومثله قول المتنبي :
من يهن يسهل الهوان عليه = ما لجرح بميت إيلام
ففي قولك
ما كلُّ ما في الكونِ يُرجى ودّهُ = بعض الطّعامِ وإنْ حلا لا يُهْضَمُ
أصدرت حكما في الصدر بأنه من غير الصالح أن يرجى الود من كل من في الكون .
وفي العجز أثبتَّ صحة ذلك عبر دليل سقته من خلال التشبيه الضمني بين (كل من في الكون ) وكل الطعام . فكما أنه ليس كل الطعام قابلا للهضم ، فكذلك ليس كل من في الكون يرجى وده .
وليتك استبدلت "ما "الموصولة ب"من" التي تستخدم للعاقلين لأن من يرجى وده يفترض أن يكون عاقلا .
مع أطيب تحية
ثناء صالح
23-02-2018, 12:08 PM
موضوع شيق يستحق المتابعة. فأنت ترينا وجها من أوجه الجمال الشعري لدى شعرائنا من حيث التصوير البديع
شكراً لك أستاذ أدريس أوبلا
لقد ذكّرتني بهذا الموضوع وهو من أحب المواضيع إلى نفسي ,
وسأتابع الكتابة فيه بإذن الله
وبارك الله فيك
مع التحية
ثناء صالح
24-02-2018, 12:23 PM
يقول الشاعر عفيف الدين التلمساني :
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ """ أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَا بَارِقُ الشَّنَبِ
إضَم : اسم حي من أحياء العرب ، وقد ذكره الشاعر أبو إسماعيل الطغرائي المتوفى سنة 513 هـ : في قصيدته الشهيرة ( لاميَّة العجم ) بقوله:
إني أريد طروق الحي من إضم ... وقد حماه رماةٌ من بني ثُعَلِ
وأما حسن التعليل في بيت التلمساني
هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ """ أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَا بَارِقُ الشَّنَبِ
فهو في الصدر، حيث يدّعي الشاعر أن الأمر قد اختلط عليه ، فهو يرى لمعانا عندما تبتسم محبوبته ، ولكنه حائر ولا يعرف بالضبط ما مصدر هذا اللمعان ، أيكون برقا جويا لاح لناظريه من حي "إضَم " ؟! إذ من المحتمل أنه ثمة (مطر ورعد) وبرق هناك .
أم أن ما يراه ليس في حقيقته إلا بارق الشنَب في ابتسامة محبوبته ؟ والشنَب هو جمال الثغر وصفاء الأسنان.
وهكذا نفهم من حيرة الشاعر وتساوله : هَلْ ذاكَ لاَمِعُ بَرْقٍ لاَحَ مِنْ إِضمِ أنه يقدم تعليلا جديدا طريفا للبريق الذي يراه وهو البرق الجوّي ، محاولا نفي علمه بالمصدر الحقيقي للبريق. لكنه يعود ( ربما مضطرا ) في العجز للإقرار بعلمه بالمصدر الحقيقي ، أَمْ ابْتَسَمْتِ فَهَذَا بَارِقُ الشَّنَبِ ؟
والجميل في إقراره هذه المراوغة التي صاغ بها إقراره بصيغة احتمالية . باستخدام حرف العطف( أم ) ، يعني صحيح أنه يقر بوجود بارق لابتسامة حبيبته ، لكنه مع ذلك غير متأكد بأنها هي مصدر ذلك البريق ، وليس هذا إلا مجرد احتمال ، ما يعني أنه محق في اختلاط الأمر عليه لشدة البريق التي تكاد تماثل البرق الجوي من إضم.
ناديه محمد الجابي
27-02-2018, 09:08 AM
لست بشاعرة ـ ولكني على يديك أتعلم كيف أتذوق الشعر وأفهمه وأحبه
موضوع جميل وشائق وبديع ـ ومقدرة على التحليل والإيضاح والشرح والتعليل
تملكين القدرة على إمتاع المتابع لك بما لديك من مقدرة وفهم ودراية
بارك الله في جهودك وفي علمك ـ زادك الله علما
ولك خالص التحية والإحترام.
:011::003::011:
ثناء صالح
28-02-2018, 10:46 PM
لست بشاعرة ـ ولكني على يديك أتعلم كيف أتذوق الشعر وأفهمه وأحبه
موضوع جميل وشائق وبديع ـ ومقدرة على التحليل والإيضاح والشرح والتعليل
تملكين القدرة على إمتاع المتابع لك بما لديك من مقدرة وفهم ودراية
بارك الله في جهودك وفي علمك ـ زادك الله علما
ولك خالص التحية والإحترام.
:011::003::011:
يا أستاذتي الرائعة صاحبة الذائقة الساطعة والذوق الرفيع والأدب البديع
أيتها الأديبة القديرة أ. ناديه محمد الجابي
أنا التي أتعلم من حضورك الباذخ الكريم تفاصيل اللطف واللباقة .
حياك الله وأكرمك بما تحبين
ولك خالص شكري وتقديري على ما تفضلت به علي من جمال إطلالتك
حبي وتقديري وأعطر التحايا
:001::v1::0014:
خشان محمد خشان
12-04-2018, 02:04 PM
مهما تغيبين لا يشكو من البُعُد ..... علم العروض ولا يحتاج للجـــلَد
وذاك أنّك فيه صرتِ مُودَعَةً .... ...قلْبًا من الفكر خفّاقا مع الأدب
ثناء صالح
14-04-2018, 05:27 PM
مهما تغيبين لا يشكو من البُعُد ..... علم العروض ولا يحتاج للجـــلَد
وذاك أنّك فيه صرتِ مُودَعَةً .... ...قلْبًا من الفكر خفّاقا مع الأدب
الله الله يا أستاذي الشاعر والمفكر والعالِم الفذ المبدع خشان خشان
جزيل شكري وتقديري لم جدتم به عليّ من وصف لمكانة لي من علم العروض الرقمي البديع أعتز بها دائما . وأرجو أن أستحقها دائما . وهذان البيتان الرائعان يستحقان مني أن أتوقف عندهما لشرح حسن التعليل الجميل فيهما .
وأرجو أن تسمح لي قبل ذلك أن أجري تعديلا بسيطا في البيت الأول كي نحقق جزم الفعل ( تغيبين ) وهو فعل الشرط المجزوم بـ ( مهما )، ولعلكم سهوتم عنه بسبب انشغالكم في إبداع المعنى الرائع في البيتين . ولنقل مثلا :
مهما تغيبي فلا يشكو من البُعُد ..... علم العروض ولا يحتاج للجـــلَد
وذاك أنّك فيه صرتِ مودعَةً .... كالقلب في الجسم من فكرٍ ومن أدبِ
وفي البيت الأول يعترض الشاعر المبدع الأستاذ خشان على المدعوَّة (ثناء) لابتعادها عن علم العروض الرقمي في الآونة الأخير،غيرر أنه يسوق اعتراضه في سياق الرضا وعدم الاعتراض . وذلك أن علم العروض لا يشكو من البُعُد/ البعيدين عنه ( البُعُد : جمع البعيد ) ، وهي الآن (ثناء) من جملة البعيدين عنه . غير أنها مهما تغب ، فلن يشكو علم العروض من بعدها ، ولن يحتاج إلى الصبر عن هذا البعد . فلماذا يا ترى ؟
لأنها ببساطة ، أصبحت مودَعة / موجودة فيه وجودا يشبه وجود القلب في الجسم ، غير أن هذا القلب ما هو إلا الفكر والأدب الذي يمثل أثرها الذي أودعته في جسم علم العروض الرقمي .
وإنني والله يا أستاذي الفاضل أشعر بثقل هذا التوصيف الذي أغدقت به علي ، وأنني أقل من ذلك بكثير بكثير بكثير . وما هي إلا فضائلك ومكارم أخلاقك ترفع من قيمتي .
ومهما اعتذرت الآن عن تقصيري بحق العروض الرقمي أمام توصيفكم الغالي هذا فلن يبلغ اعتذاري درجة استحقاقكم واستحقاق علم العروض الرقمي .
غير أنني لا أعد إلا بالخير
بوركتم وحفظكم الله مثلا وعلَما
ونفع الأمة بعلمكم
خشان محمد خشان
16-04-2018, 08:10 PM
أستاذتي الفاضلة المبدعة ثناء صالح
قولك:
وأرجو أن تسمح لي قبل ذلك أن أجري تعديلا بسيطا في البيت الأول كي نحقق
جزم الفعل ( تغيبين ) وهو فعل الشرط المجزوم بـ ( مهما )، ولعلكم سهوتم عنه بسبب
انشغالكم في إبداع المعنى الرائع في البيتين
أقال الله عثراتك أستاذتي الكريمة.
أما القول تغيبين بعد مهما فخطأ لا يبرر.
ولكن لعلك قد بررت خطأ آخر لي بقولك :
"وذلك أن علم العروض لا يشكو من البُعُد/ البعيدين عنه ( البُعُد : جمع البعيد "
ذلك أني قصدت البعْد كمصدر يجوز تحريك أوسطه ( العين ) للضرورة الشعرية.
وتبريره لدي :
أن منتدى الرقمي لا يشكو من بعدك أنت بالذات.
فالقول بأنه لا يشكو من بعد عديدين أنت من بينهم كسائرهم فيه تقليل من فضلك.
وبالتالي تقليل من جمال التعليل في البيت الثاني . كما أن فيه منافاة لحقيقة أنه يشكو من بعدهم.
ذلك ما جعلني تلقائيا أستعمل ( بعُد ) كمصدر أملت الضرورة تحريك أوسطه.
هذا المبرر، وسواء أصبت أو أخطأت فلك فضل إتاحة الفرصة لي لبيان قصد جمال التعليل.
كل ذلك في مجال التمثيل على حسن التعليل.
ولولاه لكنت قلت:
مهما تغيبوا فكم يشكو من البعـُد ....علم العروض، فيوم قاد للسهـُد
والآن عامان كل القوم قد تبعوا ..... أستاذتي، فلتكوني أول المدد
حفظك الله ورعاك.
براءة الجودي
08-10-2019, 04:26 AM
موضوع بلاغي مهم وطريف ورائع
جزاك الله خيرا أختي ثناء على طرحها مع الأمثلة
ثناء صالح
27-10-2019, 02:11 AM
موضوع بلاغي مهم وطريف ورائع
جزاك الله خيرا أختي ثناء على طرحها مع الأمثلة
شكراً لمرورك الكريم وتعقيبك الجميل أختي الغالية براءة
بارك الله فيك
ادريس اوبلا
18-12-2019, 02:25 PM
موضوع بديع، يدل على الوعي بالخصائص الأسلوبية في الشعر
ثناء صالح
29-12-2019, 08:48 PM
موضوع بديع، يدل على الوعي بالخصائص الأسلوبية في الشعر
شكرا أستاذ إدريس
بارك الله فيك
تحيتي
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir