تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خدعة العصر



د. سمير العمري
26-07-2015, 04:51 PM
خدعة العصر

أَتَهْذِي بِمَا فِي القَلْبِ وَالرَّأْيُ عَاطِشُ؟=وَتَهْدِي لِمَا فِي الدَّرْبِ وَالوَعْيُ غَاطِشُ؟
سَرَى وَالرُّؤَى تَرْتَدُّ رَاشٍ وَرَاشِدٌ=وَعَرَّى السَّنَا المُحْتَدَّ نَاهٍ وَنَاهِشُ
أَحَارُ فَلا أَدْرِي أَمِنْ ذَاتِ سَوْرَةٍ=تَكَادُ النُّهَى الإِدْرَاكَ فِيهَا تُناوِشُ؟
لَجَاجَةَ مَذْهُولٍ مِنَ الحَزْبِ مُخْبِتٍ=وَضَجَّةَ مَخْذُولٍ دَهَتْهُ الدَّوَاهِشُ
كَأَنَّ بَنِي قَوْمِي أَبَارِيقُ زِينَةٍ=وَكُلَّ فَصِيحٍ مِنْ بَنِي الغَدْرِ نَاقِشُ
سَكَارَى بِبَأْسِ الرِّيحِ أَنَّى تَرَنَّحَتْ=حَيَارَى بِبُؤْسِ الرُّوحِ مَا سَامَ بَاطِشُ
فَلا يَأْتَلِي فِي الأَمْرِ فِيهِمْ مُنَاجِزٌ=وَلا يَعْتَلِي إِلا المُنَاجِي المُنَاجِشُ
أَأَذْكَى الذِي فِي الرَّأْسِ حَاسٍ وَحَاسِدٌ؟= وَأَنْكَي الذِي فِي الشَّأْسِ هَاجٍ وَجَاهِشُ؟
أَتُهْمَلُ عِنْدَ الكَرْبِ أُسْدٌ مَهِيبَةٌ؟=وَتَشْغَلُ بَالَ القَومِ فِيهِ البَرَاغِشُ؟
يَقُولُونَ: ضَلَّ الدَّرْبُ إِلا بِمَا نَرَى=وَكُلُّ سَبِيلٍ مَا خَلا الحَرْدِ نَافِشُ
لَعَمْرُكَ مَا فَهْمٌ يُلَبِّي إِلَى النُّهَى=مَتَى خَامَرَ النَّفْسَ الهَوَى لا يُنَاقِشُ
وَهَلْ كَانَ يَدْرِي الجَحْشُ مَا الشَّهْدُ فِي الهُدَى=إِذَا كَانَ أَشْهَى مَا يَلُوكُ الحَشَائِشُ
وَكَمْ مُدَّعٍ فِي الدِّينِ فِقْهًا وَحِكْمَةً=يَرَى مِنْ ضُحَاهُ مَا يَرَاهُ الأَخَافِشُ
فَيَحْسَبُ أَنَّ الدِّينَ لَحْيٌ وَلِحْيَةٌ=وَزَجْرٌ وَتَكْفِيرٌ وَنَاعٍ وَنَاعِشُ
وَيَسْمَعُ نَفْثَ الزَّيْغِ مِنْ آلِ فِتْنَةٍ=وَيَتْبَعُ ضَبَّ الزَّيْفِ مَا هَمَّ حَارِشُ
إِذَا مَا اسْتَقَرَّ الحُكْمُ فِي مَتْنِ شَامِصٍ=تَحَرَّى إِلَى التَّبْرِيرِ وَالعَنْدِ هَامِشُ
يُجَافِونَ نُورَ الرُّشْدِ جَهْلًا وَزُلْفَةً=وَأَكْثَرُ مَا يَخْشَى الضِّيَاءَ الخَفَافِشُ
وَلَو أَنَّهُمْ هَادُوا إِلَى الحَقِّ لاهْتَدَوْا=وَلَكِنَّ طَبْعَ المَرْءِ فِي الهَيْدِ هَادِشُ
تَؤُزُّ إِلَى الفَوضَى الحُكُومَاتُ خِلْفَةً=فَمَا مِنْ مَدَى إِلا وَلِلصَّبْرِ جَارِشُ
تَجُوسُ يَدَاهَا الشَّرَّ فِي كُلِّ دَوْلَةٍ=بِهَا تُزْجَرُ التَّقْوَى وَتُزْجَى الفَوَاحِشُ
وَمَا انْفَكَّ دَاعِي المَوْتِ يَأْوِي إِلَى الوَرَى=كَأَنَّ البَرَايَا لِلمَنَايَا مَفَارِشُ
فَكُلُّ دَعَاةِ الطَّعْنِ فِينَا أَشَاوِسٌ=وَكُلُّ رُعَاةِ الأَمْنِ فِينَا بَرَاقِشُ
وَمَا زَالَ يَعْدُو الجَوْرُ حَتَّى تَنَكَّرَتْ=مَوَاثِيقُ مَنْ يَعْشُو لِمَنْ لا يُعَايِشُ
سَقَاهُمْ غَلِيلُ اليَأْسِ كَأْسَ تَطَرُّفٍ=وَدُسَّتْ إِليهِمْ خُدْعَةَ العَصْرِ دَاعِشُ
أُولَئِكَ مِيزَابُ العَمَالَةِ صَبَّهُ=عَلَى رَأْسِ أَهْلِينَا عَدُوٌّ وَفَائِشُ
أُولَئِكَ أَذْنَابُ الخَوَارِجِ جُنْدُهُمْ=طَرِيدٌ وَطَمَّاعٌ وَطَاغٍ وَطَائِشُ
فَلا يَأْمَنَنْ زَعْمَ الخِلافَةِ رَاشِدٌ=فَفِي سِحْرِهَا تَسْعَى الأَفَاعِي الأَرَاقِشُ
وَلَوْ أَدْرَكَ الفَارُوقُ لاجْتَثَّ خِمْطَهُمْ=وَحَارَبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَفْصٌ وَعَائِشُ
فَلَوْلا تَأَنَّى مَنْ يَرَى الرَّدَّ بِالرَّدَى=فَلَيْسَ يُثِيبُ الهَرْشُ وَالظُفْرُ خَامِشُ
وَلَوْلا تَعَنَّى مَنْ يَرَى الحَدَّ بِالنَّدَى=فَلَيسَ يُقَامُ الحَدُّ وَالكَفُّ رَاعِشُ
لِمَاذَا يُحَزُّ النَّحْرُ وَالدَّمُ وَاحِدٌ=وَفِيمَ يُشَقُّ الصَّدْرُ وَالظَّنُ جَائِشُ
وَفِيمَ قَبَرْنَا القَهْرَ مِنْ كُلِّ مُعْتَدٍ=وَلَكِنْ عَلَى أَرْحَامِنَا الحِقْدُ نَابِشُ
لَنَا شِرْعَةُ الإِيمَانِ بِالعَدْلِ وَالهُدَى=وَللهِ مَا فِي القَلْبِ مِمَّا نُبَاهِشُ
نَصِيحَةَ مَنْ يَخْشَى عَلَى الأَهْلِ فِتْنَةً=وَفَصْلَ خِطَابٍ لَمْ يُدَنِّسْهُ رَائِشُ
أَمَا يَوْمَ أَنْ كُنَّا عَلَى الحَقِّ أُمَّةً=أَتَانَا الرِّيَاشُ المُجْتَبَى وَالعَرَائِشُ
وَكُنَّا دُعَاةَ البِرِّ وَالعِلْمِ وَالعُلا=يُعَزُّ بِنَا أَهْلٌ وَيُحْمَى دَرَاوِشُ
فَلَوْ فِي عُمَانَ اسْتَرْحَمَ اليَمَّ سَاحِلٌ=لأَجْهَشَ سُوْدَانٌ وَجَاشَتْ مَرَاكِشُ
عَلَينَا ابْتِغَاءَ الخَيرِ مِنْ كُلِّ مَنْبَعٍ=وَلَيسَ عَلَينَا أَنْ تَشِحَّ الحَوَافِشُ
وَفِينَا الذِي فِينَا وَلَكِنْ لَعَلَّنَا=نُبَادِرُ لِلإِحْسَانِ فَالدَّرْبُ غَابِشُ
وَإِنَّ احْتِكَامَ العَضْلِ لِلعَدْلِ حَاشِمٌ=وَإِنَّ احْتِشَامَ الطُّهْرِ لِلعُهْرِ خَادِشُ
وَلَيسَ لَنَا إِلا التَّوَسُّمُ فِي غَدٍ= بِهِ تَرْتَقِي الرُّؤْيَا وَتَصْفُو المَعَايِشُ