تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الله يرحمه.



ناديه محمد الجابي
28-10-2015, 06:57 AM
دخلت الجارات الثلاث إلى خيمة العزاء، وما أن وقع بصرهن على زوجة المرحوم حتى ارتفع صوت
بكائهن نادبات نائحات ـ وقد تبارين في إظهار حزنهن على الفقيد، انهمرت دموعهن بغزارة.
أما الأولى .. فلم تكن دموعها سوى دموع التماسيح ـ لم تكن تحب جارها يوما، حيث كان مدرسًا
لأبنها ـ كان دائم الشكوى منه ناعتًا إياه بأسوأ الصفات .. إنه الأبله، الأرعن، المُخْفِق.
تسبب في حرمانه من الامتحان لاصطحابه بضعة أوراق يدالس منها الإجابات
كان قد تغاضى عن الأمر في البداية، لكن عندما سأله الولد في براءة بصوت مرتفع ..
عن إجابة أحد الأسئلة وهو يشير بإصبعه على أحد الأوراق ـ فأمسكه وأوراقه وإجاباته وسلمه إلى المدير.
حينها حدثت نفسها عن حقوق الجار وما أوصانا به رسولنا الكريم واستنكرت ما فعله جارها!
تلألأت في عينيها نظرة تشفٍ وقالت لنفسها : لم يُسكت قلبك فجأة إلا دعائي عليك
أذهب ـ لا أرجعك الله .. إلى جهنم وبأس المصير.
أما الثانية .. صارت تبكي بالتياعٍ، تذرف دمعًا سخينًا صادقًا، كانت في الحقيقة لا يربطها
أي صلة بالمتوفَّى .. فقد تشاجرت هذا الصباح مع زوجها مشاجرة عنيفة ـ واجهته
بما يشاع عن رؤيته مع امرأة أخرى في عدة أماكن عامة ـ تقلصت قسماته بذعر تغلب عليه في
سرعة ليزجج صوته في صدرها كنصل قاتل قائلا في تحدٍ وإصرار : نعم أعرف أخرى، أحببتها
وسأتزوجها .. وخرج صافقًُا الباب وراءه.
انتفضت فزعة ـ استندت على الباب وهى ترتعش, ولكنها تمالكت اختلاجات صدرها , وتماسكت
بقوة حتى لا تُشعر الأولاد بما يجري. ما إن سمعت بوفاة الجار حتى هرعت للتعزية
ولتنفس عن مشاعرها ـ فانفجرت في شهقات حارقة تنشج نشيجًا حادًا له حز السكاكين.
أما الثالثة .. فقد كانت تبكي بحرقة حبها الأول والوحيد ـ وهى لا تكاد تصدق أن رفيق الصبا
والشباب قد أصبح في ذمة الله .. جيران كانا من حيٍّ واحد.. لعبا معًا وهما أطفال ..
وشبَّا معًا, كان خيَّالُها .. فارسُها الذي لا ترى في الدنيا سواه .
وعندما كان يختلس منها قبلات سريعة تحت الدَّرْج ، كانت تهيم راسمة في أحلامها ثوب الزفاف
والطرحة، إلى أن أستفاقت على مضض عندما تزوج بأخرى وعاشا في بيت أهله تراهم كل يوم
وتكتوي بنار الغيرة.
عزفت عن فكرة الزواج حتى أصبحت كشجرة عجفاء يابسة لا فروع ولا عروق.
نظرت إلى زوجة المتوفى تخنقها العبرات وتصرخ منها الزفرات الحارة .. ترى ما الذي وجده فيك ليفضلك
على ؟! .. ولمَّا لم تجد فيها ما تتفرد به عنها مصمصت شفتيها في حسرة، ونظرت إلى جارتيها كأنما تشهدهم
على ما في عقلها فقالتا في صوت واحد .. الله يرحمه. :os:
3/ 8 / 2015

المختار محمد الدرعي
28-10-2015, 10:54 AM
الله يرحمه
هكذا أتين الثلاث كل واحدة منهن لها معه قصة
يتصنّعن البكاء..هناك مثل يقول : ( من الهم ما يضحك )هكذا حتى في مواكب العزاء تحصل
الطرائف و النوادر ..
سمعت أنه قديما في بعض المجتمعات كانت عائلة المتوفي تأتي بنسوة نائحات بالأجرة
حيث يبكين الميت رغم عدم معرفتهن له لا من بعيد و لا من قريب و يلطمن خدودهن و يمدحنه بخصال لا تمت له بصلة ..
و هذه من المنكرات التي تؤذي الميت و هو بين يدي ربه
قصة من عمق المجتمع و من صميم الواقع أستاذة نادية
طريفة مشوقة و رائعة السرد
مع أخلص التحية و الود

آمال المصري
29-10-2015, 05:10 PM
كلٌّ يغني على ليلاه فقد تعددت الأسباب والنواح واحد حيث حملت كل منهن معاناتها إلى المأتم لتفرغ ما بداخلها
فأدمجت أديبتنا الرائعة قصصها الثلاث لتنتج لنا عملا متكاملا بهي السرد وأنيق البيان
شكرا لك هذا الجمال
تحاياي

كاملة بدارنه
30-10-2015, 09:28 AM
(كلّ يبكي على ليلاه)
سرد رائع، وتصوير مدهش للمشاهد بطريقة سلسة مشوّقة
وحرف واقعيّ
بوركت
تقديري وتحيّتي
(تمنّيت الانتباه لبعض الهنات عزيزتي نادية)

ناديه محمد الجابي
31-10-2015, 08:11 PM
الله يرحمه
هكذا أتين الثلاث كل واحدة منهن لها معه قصة
يتصنّعن البكاء..هناك مثل يقول : ( من الهم ما يضحك )هكذا حتى في مواكب العزاء تحصل
الطرائف و النوادر ..
سمعت أنه قديما في بعض المجتمعات كانت عائلة المتوفي تأتي بنسوة نائحات بالأجرة
حيث يبكين الميت رغم عدم معرفتهن له لا من بعيد و لا من قريب و يلطمن خدودهن و يمدحنه بخصال لا تمت له بصلة ..
و هذه من المنكرات التي تؤذي الميت و هو بين يدي ربه
قصة من عمق المجتمع و من صميم الواقع أستاذة نادية
طريفة مشوقة و رائعة السرد
مع أخلص التحية و الود

كل الشكر لنثر فيض حروفك على متواضع كلماتي
ممتنة لتواجدك وكرم مرورك. :hat::008:

ناديه محمد الجابي
31-10-2015, 08:24 PM
كلٌّ يغني على ليلاه فقد تعددت الأسباب والنواح واحد حيث حملت كل منهن معاناتها إلى المأتم لتفرغ ما بداخلها
فأدمجت أديبتنا الرائعة قصصها الثلاث لتنتج لنا عملا متكاملا بهي السرد وأنيق البيان
شكرا لك هذا الجمال
تحاياي

الجمال في بصمة ألق تتركينها لتتزين بها صفحتي
كوني دائما في الجوار تزدان حقولي
ولك ودي ومحبتي. :014::008:

ناديه محمد الجابي
31-10-2015, 08:31 PM
(كلّ يبكي على ليلاه)
سرد رائع، وتصوير مدهش للمشاهد بطريقة سلسة مشوّقة
وحرف واقعيّ
بوركت
تقديري وتحيّتي
(تمنّيت الانتباه لبعض الهنات عزيزتي نادية)

غمرتني بفيض لطفك وثنائك العطر فألجمت ردودي
ممتنة لحضورك الأنيق. :014::008:

(ياريت تدليني على هذه الهنات أكن لك شاكرة )

ليانا الرفاعي
31-10-2015, 11:23 PM
ولا بد أن هناك جارة رابعة تبكي على بكاء جاراتها
قصة جميلة في طرحها وأسلوب سردها
تحيتي وتقديري

ناديه محمد الجابي
01-11-2015, 04:39 PM
القصة بعد تصليح طفيف ..


دخلت الجارات الثلاث إلى خيمة العزاء، وما أن وقع بصرهن على زوجة المرحوم حتى ارتفع صوت
بكائهن نادبات نائحات ـ وقد تبارين في إظهار حزنهن على الفقيد، انهمرت دموعهن بغزارة.
أما الأولى .. فلم تكن دموعها سوى دموع التماسيح ـ لم تكن تحب جارها يوما، حيث كان مدرسًا
لأبنها ـ كان دائم الشكوى منه ناعتًا إياه بأسوأ الصفات .. إنه الأبله، الأرعن، المُخْفِق.
تسبب في حرمانه من الامتحان لاصطحابه بضعة أوراق يدالس منها الإجابات
كان قد تغاضى عن الأمر في البداية، لكن عندما سأله الولد في براءة بصوت مرتفع ..
عن إجابة أحد الأسئلة وهو يشير بإصبعه على أحد الأوراق ـ فأمسكه وأوراقه وإجاباته وسلمه إلى المدير.
حينها حدثت نفسها عن حقوق الجار وما أوصانا به رسولنا الكريم واستنكرت ما فعله جارها!
تلألأت في عينيها نظرة تشفٍ وقالت لنفسها : لم يُسكت قلبك فجأة إلا دعائي عليك
أذهب ـ لا أرجعك الله .. إلى جهنم وبئس المصير.
أما الثانية .. صارت تبكي بالتياعٍ، تذرف دمعًا سخينًا صادقًا، كانت في الحقيقة لاتربطها
أي صلة بالمتوفَّى .. فقد تشاجرت هذا الصباح مع زوجها مشاجرة عنيفة ـ واجهته
بما يشاع عن رؤيته مع امرأة أخرى في عدة أماكن عامة ـ تقلصت قسماته بذعر تغلب عليه في
سرعة ليزجج صوته في صدرها كنصل قاتل قائلا في تحدٍ وإصرار : نعم أعرف أخرى، أحببتها
وسأتزوجها .. وخرج صافقًُا الباب وراءه.
انتفضت فزعة ـ استندت على الباب وهى ترتعش, ولكنها تمالكت اختلاجات صدرها , وتماسكت
بقوة حتى لا تُشعر الأولاد بما يجري. ما إن سمعت بوفاة الجار حتى هرعت للتعزية
ولتنفس عن مشاعرها ـ فانفجرت في شهقات حارقة تنشج نشيجًا حادًا له حز السكاكين.
أما الثالثة .. فقد كانت تبكي بحرقة حبها الأول والوحيد ـ وهى لا تكاد تصدق أن رفيق الصبا
والشباب قد أصبح في ذمة الله .. جارين كانا من حيٍّ واحد.. لعبا معًا وهما أطفال ..
وشبَّا معًا, كان خيَّالها .. فارسها الذي لا ترى في الدنيا سواه .
وعندما كان يختلس منها قبلات سريعة تحت الدَّرْج ، كانت تهيم راسمة في أحلامها ثوب الزفاف
والطرحة، إلى أن أستفاقت على مضض عندما تزوج بأخرى وعاشا في بيت أهله تراهما كل يوم
وتكتوي بنار الغيرة.
عزفت عن فكرة الزواج حتى أصبحت كشجرة عجفاء يابسة لا فروع ولا عروق.
نظرت إلى زوجة المتوفى تخنقها العبرات وتصرخ منها الزفرات الحارة .. ترى ما الذي وجده فيك ليفضلك
على ؟! .. ولمَّا لم تجد فيها ما تتفرد به عنها مصمصت شفتيها في حسرة، ونظرت إلى جارتيها كأنما تشهدهما
على ما في عقلها فقالتا بصوت واحد .. الله يرحمه.
3/ 8 / 2015

ناديه محمد الجابي
01-11-2015, 04:45 PM
ولا بد أن هناك جارة رابعة تبكي على بكاء جاراتها
قصة جميلة في طرحها وأسلوب سردها
تحيتي وتقديري

تحية مزينة بباقة من الفل والرياحين
عطرتي نصي بتواجدك الجميل
فانتشت الكلمات وتألقت المعاني زهوا
تحياتي وودي. :014::008:

ربيحة الرفاعي
03-11-2015, 07:19 PM
مشهد اجتمعت فيه ثلاثة قصص مختلفة التقت في زمكانية اللحظة الحدثية وشخص المتوفى الذي يظهر الحال أنهن يَبكينه، وتفرقت في موضوعها ..
ولو عرّجت الكاتبة على بقيّة المجتمعات في خيمة الغزاء لوجدت قصصا أخرى لباكيات أخريات والميت واحد

سرد باسترجاعية شائقة وتصوير متقن
دمت بروعتك غاليتي

تحاياي

ناديه محمد الجابي
03-11-2015, 07:44 PM
مشهد اجتمعت فيه ثلاثة قصص مختلفة التقت في زمكانية اللحظة الحدثية وشخص المتوفى الذي يظهر الحال أنهن يَبكينه، وتفرقت في موضوعها ..
ولو عرّجت الكاتبة على بقيّة المجتمعات في خيمة الغزاء لوجدت قصصا أخرى لباكيات أخريات والميت واحد

سرد باسترجاعية شائقة وتصوير متقن
دمت بروعتك غاليتي

تحاياي

تزينت صفحتي بجمال تعليقكم
بورك مرورك وجميل تعبيرك
وقراءتك المستنيرة وإطلالة حرفك الندي
بثناء أرجو أن أستحقه
لك التحايا العاطرات. :014::008:

خلود محمد جمعة
04-11-2015, 11:20 AM
الانسان صندوق مقفل لا يعلم ما بداخله الا الله والشخص نفسه
نلبس أقنعة لإخفاء ما نشعر ظنا ان هناك من ينسط لعقولنا
قصة رائعة بمعان مختلفة تخبئها وراء سطورها
متجددة في الروعة عزيزتي
دام الابداع
بوركت

ناديه محمد الجابي
04-11-2015, 04:34 PM
الانسان صندوق مقفل لا يعلم ما بداخله الا الله والشخص نفسه
نلبس أقنعة لإخفاء ما نشعر ظنا ان هناك من ينسط لعقولنا
قصة رائعة بمعان مختلفة تخبئها وراء سطورها
متجددة في الروعة عزيزتي
دام الابداع
بوركت

أهلا برقيقة الحرف وراقية الحضور
بمرورك العطر يكتمل الإبداع ويتوهج اليراع
دمت ودام وجودك الأنيق
ولك ودي وورودي. :014::008:

ساعد بولعواد
04-11-2015, 04:45 PM
في موكب العزاء نائحات ،والله من وراء القصد .
وفي التعليقات على القصة رائعات بروعة حروفهن .
ولا يسعني إلا أن أبقى قارئا وكفى .
باقات عطر نرجسي لكن ،و:011::001:

ناديه محمد الجابي
07-08-2017, 08:36 PM
في موكب العزاء نائحات ،والله من وراء القصد .
وفي التعليقات على القصة رائعات بروعة حروفهن .
ولا يسعني إلا أن أبقى قارئا وكفى .
باقات عطر نرجسي لكن ،و:011::001:

أشكر لك حضورك البهي الذي زاد حرفي إشراقا
ازدانت صفحتي بتشريفك الأنيق
وأضاءت كلماتي عند قراءتك لها.
تحياتي وتقديري.
:hat::008: