تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الثعلب.. و شجرة الأدب!! (قصة قصيرة)



محمد جباري
17-11-2015, 01:47 PM
الثعلب.. و شجرة الأدب!!

آن له أن يختبر قلمه..
لا سيما.. و قد أنهى قراءة ثلاث روايات كاملة، و عشرات القصص القصيرة!..
الأمر لا يستدعي أكثر من ثرثرة مرسلة، مموهة برتوش من العبارات المنمقة.. و التبجح بكلمات من قواميس المزابل؛ عفنة، قذرة، بالية..
و كما يفعل كبار الأدباء.. فقد اغتنم هدأة الليل، و اختلى بنفسه في غرفة على السطح.
بجدارة.. استطاع أن يحتضن القلم بإصبعيه.. تماما، كما يفعل كافكا!.. ما أشد زهوه، و هو يغمر وجهه بنظارته العريضة، كالتي يضعها ويلسون على أغلفة أحد كتبه، بل إنه يمتلك مكتبا، يفوق فخامة ذاك الذي يمتلكه بورخس نفسه!..
- ليس الأمر صعبا كما كنت أتوقع!..(قال لنفسه)
ركز سن القلم على بدن القرطاس، و تهيأ لسفك الحبر...
بدأت أنامله تتحسس ملامح الحلم.. شريط أمنيات حلوة، يغازل خياله الجامح؛ رواياته، تحقق أعلى المبيعات، تترجم إلى عشرات اللغات، جماهير من المسحورين بفنون السرد، يزحمون طريقه، يطلبون توقيعاته، و يهفون إلى استخراج نصائحة للأدباء الناشئين.. حصاد وفير من الجوائز المحلية، و الدولية، سيول من الأموال، تتدفق إلى جيوبه..
انتفض من وسنه على دغدغة سيول اللعاب، التي تدفقت على لَحييه!
باشر العمل..
القلم يحرن!.. يجره بكل قوته! لا جدوى!.. يهب واقفا، يستجمع كامل قوته، يضغط بكل عضلاته، يدفعه بكلتا يديه!.. لكن القلم يصر على ملازمة مكانه، في إباء عجيب!
الورقة هي الأخرى، تفر من بين يديه!.. تحلق من زاوية إلى زاوية!.. و هو يلاحقها..
تصبب جبينه عرقا، تلاحقت أنفاسه.. أخيرا.. استطاع أن ينحت أول حرف في روايته.
......................

عشرة أشهر كاملة.. لم يتجاوز خلالها عشر صفحات!
- لا بأس.. هذا شأن العباقرة..
- الأفكار الجيدة، دائما تكون عسيرة المخاض. (أضاف..)
ما كاد يباشر الكتابة من جديد، حتى أحس بأحدهم يشده من طرف بنطاله.
العجوز المصدور! الذي جعله بطل المراطون، ينظر إليه- لاهثا- و هو يستعطفه أن يمن عليه بوظيفة أخرى، أكثر راحة و استقرارا.
أوشك أن يلبي طلبه، لولا اليدان اللتان امتدتا إليه، و خنقتاه بقوة؛ المصارع الشرس، لا يرضى بدور بائع في محل الزهور!.
فوضى عارمة في مبنى الأوبرا؛ بسبب نهيق (الحمار) الذي يقف على المنصة!.. أحدهم يشده من شعر رأسه.. عض، و خنق، و رفس!..
القلم يحرن من جديد..! الورقة تتفلت!.. المكتب يهتز!.. أصوات ضارعة، تتوسل إليه أن يتوقف عن الكتابة!..
حمرة قانية، تكسو بياض عينيه، رعشة شديدة، تهز كفيه، تقاسيم وجهه تزداد قبحا..
- اللعنة على الروايات، و على الأدب.(قالها، و هو يضغط على مخارج الحروف)
- سحقا لليوم الذي عرفت فيه مثل هذا الهراء. (صراخه يكاد يقتلع سقف الغرفة)
القلم دفع ثمن إبائه، شظاياه تتناثر على أرض الغرفة. الأوراق كذلك.. حتى المكتب لم يسلم!..
بعد أن استرد جزءا من هدوئه، و استقرت أنفاسه شيئا فشيئا.. سار صوب الباب، و هو يتمتم:
- البقال كان على حق !.. الاشتغال بالروايات من اهتمامات التافهين!!

ناديه محمد الجابي
17-11-2015, 05:49 PM
يقول المثل ( ليس كل من دخن طبخ) ـ وأيضا أقول : ليس كل من قرأ كتابين أصبح كاتبا
شعر وآمن بموهبته في الكتابة قبل أن يمسك القلم وأخذته أحلام اليقظة لتوهمه إن الأدب
هو الجناح الذي سيطير به ليحقق المال والشهرة.
وفي صراع مرير مع محاولة الكتابة ظلت صفحاته بيضاء وتصارعت الأفكار والشخصيات
في رأسه ، فلعن الأدب ومن يفكر فيه وطلقهم إلى الأبد متمثلا بالقول القائل :
من لا يطق المال يقول فاني ، ومن لا يطق العنب يقول حامض.

نص جميل أنيق بما حمل من روعة الحرف وألق الطرح وجمال الفكرة
لوحة أدبية رسمتها بريشة محترف فشكرا لك . :001:

محمد جباري
17-11-2015, 07:44 PM
يقول المثل ( ليس كل من دخن طبخ) ـ وأيضا أقول : ليس كل من قرأ كتابين أصبح كاتبا
شعر وآمن بموهبته في الكتابة قبل أن يمسك القلم وأخذته أحلام اليقظة لتوهمه إن الأدب
هو الجناح الذي سيطير به ليحقق المال والشهرة.
وفي صراع مرير مع محاولة الكتابة ظلت صفحاته بيضاء وتصارعت الأفكار والشخصيات
في رأسه ، فلعن الأدب ومن يفكر فيه وطلقهم إلى الأبد متمثلا بالقول القائل :
من لا يطق المال يقول فاني ، ومن لا يطق العنب يقول حامض.

نص جميل أنيق بما حمل من روعة الحرف وألق الطرح وجمال الفكرة
لوحة أدبية رسمتها بريشة محترف فشكرا لك . :001:
لا حرمنا مثل هذه القراءات الماتعة، و التأملات الثرية.
دمت، و دام قلمك مشرقا.
شكرا جزيلا أديبتنا الكريمة.

آمال المصري
19-11-2015, 02:55 PM
كان عليه الأخذ بنصيحة البقال الذي ينظر للورق على أنه مجرد قراطيس فهو أشغل نفسه بما يتعارض وقدراته
لغة جميلة وسرد ماتع ونص راق لي برسالته وفكرته
شكرا لك أديبا الفاضل هذا البهاء
تحاياي

محمد جباري
19-11-2015, 03:19 PM
كان عليه الأخذ بنصيحة البقال الذي ينظر للورق على أنه مجرد قراطيس فهو أشغل نفسه بما يتعارض وقدراته
لغة جميلة وسرد ماتع ونص راق لي برسالته وفكرته
شكرا لك أديبا الفاضل هذا البهاء
تحاياي
صدقت أديبتنا الكريمة، ما أنسب نصائح البقالين، لأمثال هذا الطفيلي.
مرورك البهي، أسعد حرفي..
شكرا جزيلا.

محمد ذيب سليمان
19-11-2015, 05:50 PM
حامض....
من لا يستطيع الوصول الى عنقود العنب العالي على قامته مهما حاول
ما اسهل ان يقول لنفسه انه حامض ولا يستحق منه العناء
شكرا لك

محمد جباري
19-11-2015, 06:25 PM
حامض....
من لا يستطيع الوصول الى عنقود العنب العالي على قامته مهما حاول
ما اسهل ان يقول لنفسه انه حامض ولا يستحق منه العناء
شكرا لك

صدقت شاعرنا الكريم.. حامض، حجة الفاشلين.
شعلة أخرى تضرمها في ديجور نصي المتواضع.
شكرا جزيلا.

خلود محمد جمعة
20-11-2015, 12:39 PM
شجرة اﻻدب تربتها الموهبة وماؤها اﻻحساس وشمسها الفكر وجذورها المعرفة لتحمله اغصانها الى اوراقها التي بعملها الدؤب تعد غذاء الروح والعقل لتصلنا ثمرته ناضجة مشبعة لروحنا وقلبنا
واي نقص سيظهر جليا في اصفرار الورق وجفاف اﻻغصان وطعم الثمر وربمابموت الشجرة
لثمار ابجديتك طعم رائع يغرينا في قطف المزيد
حرف معطر
بوركت وكل التقدير

محمد جباري
20-11-2015, 02:42 PM
شجرة اﻻدب تربتها الموهبة وماؤها اﻻحساس وشمسها الفكر وجذورها المعرفة لتحمله اغصانها الى اوراقها التي بعملها الدؤب تعد غذاء الروح والعقل لتصلنا ثمرته ناضجة مشبعة لروحنا وقلبنا
واي نقص سيظهر جليا في اصفرار الورق وجفاف اﻻغصان وطعم الثمر وربمابموت الشجرة
لثمار ابجديتك طعم رائع يغرينا في قطف المزيد
حرف معطر
بوركت وكل التقدير
أرفع قلمي تحية لهذه القراءة الماتعة، و الإسقاط الشفيف.
سعيد جدا.. أن طعم ثماري أعجبت ذائقتكم المرهفة.
دمت و دام قلمك أستاذتنا الكريمة.
شكرا جزيلا.

ربيحة الرفاعي
14-12-2015, 09:35 PM
الكتابة بوح يتردد في الذهن قبل أن يوشوش الحبر بحروفه الورق
ولكن الدخلاء يتصورون له مولدا ومسارا مختلفا هو ما أغرق رفوف المكتبات بالتوافه

فكرة جميلة وسرد شائق
وأداء قصّّ متقن

دمت بألق
تحاياي

محمد جباري
15-12-2015, 10:54 AM
الكتابة بوح يتردد في الذهن قبل أن يوشوش الحبر بحروفه الورق
ولكن الدخلاء يتصورون له مولدا ومسارا مختلفا هو ما أغرق رفوف المكتبات بالتوافه

فكرة جميلة وسرد شائق
وأداء قصّّ متقن

دمت بألق
تحاياي
دام عبق مرورك أديبتنا الكريمة
تحاياي و تقديري
شكرا جزيلا