المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تأويل!.. (قصة قصيرة)



محمد جباري
29-11-2015, 09:41 PM
تأويل ..!
( قصة قصيرة )
عربد الأَسْود في المشهد، خنق المساحة الفسيحة للصالة.. و خنق معها أملها الواعد في الصعود!..
جثم الصمت بظله الثقيل على الحناجر الهاتفة، و الثغور المهللة، و الأكف المصفقة.. و أحال المكان مأتما لا عزاء فيه!
هربت الدماء من وجهها، كسته قشرة من الشحوب الفاقع.. أحست بطبقة من الصقيع تسري في جسدها، فتكبل انطلاقها، و تشل عزمها عن استئناف الحلم!
الفراغ الهائل الذي يكبل روحها، يعملق كل شيء؛ أنفاسها المتلاحقة، تزأر كأعاصير المحيط!.. خفقات قلبها الواجف، تدق كطبول حرب!..
كانت السقطة مدوية!.. ترددت أصداؤها في أرجاء القاعة المديدة!..واسترط دَوِيُّها الضخم تلك الوشوشات من الأنغام الرقيقة!.. التي كانت تضطرب كفراشات على سلم الأثير.
الفشل يقبع أمامها بوجهه القبيح، فاغرا فاه الشاسع، ليبتلعها مع فاشلين مثلها، في بطنه الذي لا يشبع!
سطوة الواقع.. أكبر بكثير من ترهات القصص العديدة، التي قرأتها عن نهوض الناجحين بعد عثرات الخيبة!
كان منظرها، و هي تحدق في اللاشيء بعينين ذاهلتين، و وجه متكلس القسمات.. يبعث على الأسى، و يستدر الدموع من المآقي..
- سحقا لليوم الذي زججت فيه بنفسي في مثل هذا العبث!!
.. صدى تصفيق واهن، ينبعث من وسط الكراسي، تتكشف معه أسارير السحاب عن شعاع ضوء، يتمدد رويدا رويدا في هذه السماء المكفهرة، فيفتح في صفحتها الملبدة روزنة من النور، تغمر المشهد المعتم، و تبدد هذه الحلكة القاحلة!
افتر ثغرها عن ابتسامة ندية، لطفت من شدة القحط الذي يحرق سنابل أملها، رفعت رأسها.. أدارت بصرها في المكان، فأبصرت الوجوه المتهللة، و الستائر المخملية التي تزين نوافذ القاعة، و القبة المهولة التي تحتضن المشهد. و من يدري.. لعلها تكون بعدُ شاهدة على هذا اليوم الأغر..
من يدري.. لعل قصتها هذه، تنتزع لها مكانا بجانب قصص الناجحين!.. ليس من المستبعد أن تصبح رمزا يتعشقه الطامحون، و يترسم خطاه عشاق الأمجاد..! بل ربما نصبوا لها تمثالا من الرخام في إحدى الساحات العامة، أو سموا باسمها شارعا رئيسا في وسط الولاية!..
على الرغم من الكسر الذي أصاب كاحلها، واصلت بقدم واحدة!..
-لا شيء مستحيل.. مع الإرادة.
لم تكن حركاتها بالتناسق المطلوب.. كان أثر نقصان قدم من قدميها واضحا.. و الاضطراب على تمايل جسدها.. كان بينا.. لكن.. ما عساها تفعل أكثر من ذلك بقدم واحدة؟!!
على زخم التصفيق، و التهليل.. و صيحات الإعجاب، و عبارات الثناء.. انحنت.. مدت ذراعيها محيية، ثم انصرفت ..
لم تفلح في الفوز بأي جائزة!.. غير أنها قنعت بالشهادة التشجيعية التي مُنحت لها عرفانا بتفانيها، و تقديرا لمجهوداتها العملاقة.
.. لم تصدق نفسها، حين رأت الفيديو الذي يخصها، يحصد في اليوم الأول أكثر من مليون مشاهدة على صفحة اليوتيوب!!
ضغطت على رابط الفيديو، قرأت ما كتب تحته بالبنط العريض:
أتحداك ألا تموت من الضحك!!!
في هذه الأثناء.. أحست بألم الكسر، يعاود قدمها من جديد!!

سحر أحمد سمير
30-11-2015, 07:39 AM
أضخم مأساة إنسانية هي قتل الطموح و الإرادة ..كما أن التسفيه و خلق العقبات يهدد مستقبل جيل كامل و يجعلهم أمام مستقبل مظلم يحرم وطنهم من مشاركتهم الفاعلة في بنائه..

نص نسج ببراعة و تكثيف ..

دمت و دام قلمك الباذخ بالقيم السامية ..

تحاياي.

محمد جباري
30-11-2015, 09:40 AM
سحر أحمد سميرأضخم مأساة إنسانية هي قتل الطموح و الإرادة ..كما أن التسفيه و خلق العقبات يهدد مستقبل جيل كامل و يجعلهم أمام مستقبل مظلم يحرم وطنهم من مشاركتهم الفاعلة في بنائه..

ص نسج ببراعة و تكثيف ..
دمت و دام قلمك الباذخ بالقيم السامية ..

تحاياي.
و الذي يزيد الطين بلة، هو أن هذا الواقع يتعملق في عالمنا العربي ..
لك شكر قلمي على هذه القراءة الواعية..
دمت، و دام قلمك أديبتنا الكريمة
شكرا جزيلا

د. نجلاء طمان
01-12-2015, 07:04 PM
الله!
أيها الفاضل إن أذن لي الرحمن لي عودة هنا .. أتمنى !

لكَ التحية على هذا الإبداع .....!!


في الرابط أدناه.. بعضٌ من كلٍ من مشاعرٍ إنسانيةٍ ممزقة تتشابه على حين غفلة!

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=25484


.. تقديري

محمد جباري
01-12-2015, 09:07 PM
الله!
أيها الفاضل إن أذن لي الرحمن لي عودة هنا .. أتمنى !

لكَ التحية على هذا الإبداع .....!!


في الرابط أدناه.. بعضٌ من كلٍ من مشاعرٍ إنسانيةٍ ممزقة تتشابه على حين غفلة!

https://www.rabitat-alwaha.net/showthread.php?t=25484


.. تقديري
أستاذتنا الكريمة.. لا أملك إلا أن أسعد بتعريجك على نصي المتواضع..
و أُسَرَّ لكونه ترك لديك أثرا طيبا.. وَلَّده حسن ظنك..
نحن إلى عودتك بالأشواق..
أما عن الرابط.. فلا أملك إلا أن أقول (سبحان الله)
شكرا جزيلا.

ناديه محمد الجابي
02-12-2015, 11:13 AM
ضغطت على رابط الفيديو، قرأت ما كتب تحته بالبنط العريض:
أتحداك ألا تموت من الضحك!!!
في هذه الأثناء.. أحست بألم الكسر، يعاود قدمها من جديد!!


الألم ليس من الكسر الذي في القدم .. ولكن من كسر قلبها
فما أقسى أن يكون الإنسان موضع تسفيه ..
وما أقسى أن يكون الألم موضع ضحك من الأخرين
ولكن الشيء الوحيد الذي يجعلنا أقوى مهما انكسرنا هو اليقين
بأن الأمر كله بيد الله وأن الحياة ستمضي مهما حدث.

ما كل هذه الروعة .. نص رائع بإمتياز، أحسنت برسم لوحاته
بحروف بديعة وسرد مفعم بالمعاني، ولغة سلسة وبناء متين
جعلتنا نتعلق ببطلة قصتك ونتعايش مع ما يختلج في نفسها
من أوجاع .
ذكاء في اختيار الفكرة ومهارة في رسم مشهدها بهذا الجمال.
شكرا على ما أمتعتنا به حروفك
وبورك فيك وفي قلمك المعطاء. :001:

محمد جباري
02-12-2015, 06:14 PM
ضغطت على رابط الفيديو، قرأت ما كتب تحته بالبنط العريض:
أتحداك ألا تموت من الضحك!!!
في هذه الأثناء.. أحست بألم الكسر، يعاود قدمها من جديد!!


الألم ليس من الكسر الذي في القدم .. ولكن من كسر قلبها
فما أقسى أن يكون الإنسان موضع تسفيه ..
وما أقسى أن يكون الألم موضع ضحك من الأخرين
ولكن الشيء الوحيد الذي يجعلنا أقوى مهما انكسرنا هو اليقين
بأن الأمر كله بيد الله وأن الحياة ستمضي مهما حدث.

ما كل هذه الروعة .. نص رائع بإمتياز، أحسنت برسم لوحاته
بحروف بديعة وسرد مفعم بالمعاني، ولغة سلسة وبناء متين
جعلتنا نتعلق ببطلة قصتك ونتعايش مع ما يختلج في نفسها
من أوجاع .
ذكاء في اختيار الفكرة ومهارة في رسم مشهدها بهذا الجمال.
شكرا على ما أمتعتنا به حروفك
وبورك فيك وفي قلمك المعطاء. :001:
هو ذاك أديبتنا الكريمة.. فكسر القلب أشد ألما من كسر العظام.
كسر الإرادة أعمق وقعا من كسر الجسد..
أما الروعة فهي في قراءتك الواعية، و نظرتك العميقة.. هنيئا لك.
كلماتكم تؤزنا إلى المزيد، و تشجيعاتكم تستنهض هممنا نحو الأفضل.
دمت و دام قلمك.
شكرا جزيلا

كاملة بدارنه
03-12-2015, 07:53 PM
يا لهذه القسوة!
سرد رائع واستعراض لمعاناة إنسانيّة بأسلوب جاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي

خلود محمد جمعة
03-12-2015, 11:02 PM
الضربات القوية تهشم الزجاج وتصقل الحديد وعلينا اختيار النوع الذي يناسبنا
بعض الانكسارات تحفزنا لاعتلاء صهوة الارادة وبعضها يبقينا تحت حوافر اليأس
قصة اجتماعية هادفة بسرد ماتع وحرف بارع
بوركت وتقديري

محمد جباري
04-12-2015, 05:20 PM
يا لهذه القسوة!
سرد رائع واستعراض لمعاناة إنسانيّة بأسلوب جاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي

هي قسوة ولدها جفاف المشاعر، و نضوب الأحاسيس بآلام الآخرين..
لك فائق التقدير و الاحترام .
شكرا جزيلا

محمد جباري
04-12-2015, 05:22 PM
الضربات القوية تهشم الزجاج وتصقل الحديد وعلينا اختيار النوع الذي يناسبنا
بعض الانكسارات تحفزنا لاعتلاء صهوة الارادة وبعضها يبقينا تحت حوافر اليأس
قصة اجتماعية هادفة بسرد ماتع وحرف بارع
بوركت وتقديري
الضربات القوية تهشم الزجاج وتصقل الحديد وعلينا اختيار النوع الذي يناسبنا
بعض الانكسارات تحفزنا لاعتلاء صهوة الارادة وبعضها يبقينا تحت حوافر اليأس
حكمة بالغة، سلم القلم الذي خطها.. و العقل الذي ابتدعها.
دمت و دام قلمك.
شكرا جزيلا

ربيحة الرفاعي
14-12-2015, 09:48 PM
دعني أقف عند غاية النص أولا فقد وصل التمادي في الاستهانة بمشاعر الناس أشده، وفتحت مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التحميل على الانترنت الأبواب لكل إمعة تافه ليقول ما شاء متى شاء ضاربا عرض الحائط بأثر قوله على من يمسهم .. وما أصدقها في هؤلاء مقولة " من أمن العقوبة أساء الأدب"
ونعود للأدب وللنص القصّي الرائع في أسلوبه ولغته وأدائه

روزنة من النور !! يوضع السراج في الروزنة ليشع نورا، لكنها لا تبعث النور ولا تمرره فهي كوّة غير نافذة

دمت بروعتك أديبنا
تحاياي

محمد جباري
15-12-2015, 10:52 AM
دعني أقف عند غاية النص أولا فقد وصل التمادي في الاستهانة بمشاعر الناس أشده، وفتحت مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التحميل على الانترنت الأبواب لكل إمعة تافه ليقول ما شاء متى شاء ضاربا عرض الحائط بأثر قوله على من يمسهم .. وما أصدقها في هؤلاء مقولة " من أمن العقوبة أساء الأدب"
ونعود للأدب وللنص القصّي الرائع في أسلوبه ولغته وأدائه

روزنة من النور !! يوضع السراج في الروزنة ليشع نورا، لكنها لا تبعث النور ولا تمرره فهي كوّة غير نافذة

دمت بروعتك أديبنا
تحاياي
صدقا.. تهللت أسارير نصي بشذى قراءتك الواعدة.
لك هطول قلمي تحايا..
تقديري و شكري.
شكرا جزيلا

آمال المصري
18-12-2015, 09:00 PM
واقع في عالمنا العربي وأد كل طموح يرفع صاحبه حتى وكأننا نرى الموهوب العربي تكرمه دول الغرب بينما مطارد بما أنجز في وطنه
نص من عمق الواقع صيغ بلغة أنيقة وسرد محكم وجاءت الخاتمة تنتزع الغصة
دمت وحرفك الهادف بألق أديبنا الفاضل
تحاياي

محمد جباري
19-12-2015, 10:27 AM
واقع في عالمنا العربي وأد كل طموح يرفع صاحبه حتى وكأننا نرى الموهوب العربي تكرمه دول الغرب بينما مطارد بما أنجز في وطنه
نص من عمق الواقع صيغ بلغة أنيقة وسرد محكم وجاءت الخاتمة تنتزع الغصة
دمت وحرفك الهادف بألق أديبنا الفاضل
تحاياي
لك فيض تحاياي أديبتنا الفاضلة
شكرا جزيلا