المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المديــــــنة



ابن الدين علي
14-12-2015, 05:29 PM
المدينة

تعودت في كل صبيحة بعد الفطور على مغادرة البيت محملا بعدد من التوصيات..هذه الصبيحة كانت البطاطا اهم توصية.
في جو قاسي البرودة و تحت سماء كثيفة الغيوم’ تتسابق خطواتي من شارع الى شارع ملتفا بمعطفي الشتوي متأبطا قفتي , سمعت صوتا التفت نحوه فإذا برجل أمام محل تجاري عصري مختص في بيع آخر الموضات لأزياء نسوية ..يعلن عن وفاة امرأة هذا الصباح و أن الجنازة ستقام ظهر اليوم.ثم واصل سيره لينشر النبأ في أغلب أرجاء المدينة.
لم أتوقف كثيرا عند هذا النداء لأنه من جهة أصبح مألوفا و من جهة أخرى الأمر يتعلق بامرأة.
لما وصلت إلى قلب المدينة لفتت انتباهي امرأة بدينة متجلببة ترغم بنتا على السير معها و هي تشدها من شعرها ..و البنت مانفكت تصرخ:"أطليقيني ...أتركيني...."لكن المرأة تواصل بكل شراسة جرجرة الطفلة من شعرها الأشعث , توقفت أتابع المنظر كما توقف آخرون مذهولين فزعين , استفزني المشهد واضطربت إلى أن قال أحد الحاضرين و قد انتفخت أوداجه من شدة الغضب:"هذه ليست ابنتها لو كانت بنتها ما عاملتها بهذا الشكل.." تدخل أخر حانقا :" إنهم يجلبون الأطفال من حيث لا ندري ليتسولو بهم.." وأردف ثالث صارخا:" الدولة غائبة ..أين هي لتتدخل في مثل هذه المواقف؟.."تساءلت بيني بين نفسي "من هي الدولة هل هي ذاك الشرطي ؟..الدركي؟..أنا.؟... هو..؟"
الذي تكلم عن غياب الدولة توقعت منه تدخلا حازما يطفئ غضبي..هو في آخر الكهولة تقاعد بعد أن قضى العمر مجندا في صفوف رجال الحماية المدنية ..أخيرا بادر كهل و تحرك نحو البنت ليخلصها من مخالب تلك الشريرة ’أبقاها جنب طاولته على الرصيف التي يسترزق منها ببيع أنواع من السجائر إلى جانب الولاعات و الفول السوداني.
المرأة لم تحتج ’سرعان ما تخلت عنها واختفت..هنا تأكدت انها ليست بنتها.
توجه الذي آلمه غياب الدولة نحو الطاولة ليبتاع من صاحبها علبة سجائر ثم انصرف وانصرف الثاني نحو بائع الحليب ..و كل ذهب الى سبيله.
واصلت طريقي و منظر تلك البنت المغلوبة على أمرها و هي تُشدُ من شعرها بلا شفقة لا يكاد يبرح مخيلتي...و افكر ما الذي كان علي فعله أمام هذا العنف ..عنف المرأة ضد المرأة ..موقف محرج و مخزي.
في منعطف الشارع الطويل عاد نفس الصوت :" الجنازة يرحمكم الله.............."
في الوقت ذاته.’ رن هاتفي فتحته لأسمع توصية أخرى:"لا تنسى إحضار الخبز و انت عائد...." .

ناديه محمد الجابي
14-12-2015, 07:21 PM
بسرد ماتع وحكي شيق وأسلوب مميز جعلتنا نتجول معك في سوق المدينة
لنرى نماذج من الناس بتصوير دقيق و بليغ مع إجادة في الوصف.
ويظل عالق بالذهن منظر تلك المرأة التي تمارس العنف ضد تلك البنت المغلبة
على أمرها ، والناس تتأثر ولا تتدخل .. أصبحت السلبية سمة من سماتنا
ولا حول ولا قوة إلا بالله .. شكرا على عمل متماسك مكثف ، محكم البناء.
بورك الفكر والقلم. :001:

آمال المصري
15-12-2015, 12:22 AM
المدينة بصخب الحياة فيها والتقاطة من السوق بما يحوي من باعة ومارة وما يحمل من مظاهر غياب الدولة كما أطلق أحد الحاضرين دون أن يقدم حلا مناسبا لما يرى من سلبيات المجتمع
تناول أيضا مشكلة انتشرت في الدول العربية وهي اختطاف الأطفال بغرض التسول بهم والتي باتت ظاهرة سيطرت على الأسواق والمحطات وأواسط المدن دون تصدي لها مما جعلها تتفاقم وتزداد
نص هادف بلغة طيعة وسرد متين وحبكة قوية استمتعت بقراءته فشكرا لك أديبنا الفاضل
ليتسولوا بهم
تحاياي

ابن الدين علي
15-12-2015, 09:33 AM
بسرد ماتع وحكي شيق وأسلوب مميز جعلتنا نتجول معك في سوق المدينة
لنرى نماذج من الناس بتصوير دقيق و بليغ مع إجادة في الوصف.
ويظل عالق بالذهن منظر تلك المرأة التي تمارس العنف ضد تلك البنت المغلبة
على أمرها ، والناس تتأثر ولا تتدخل .. أصبحت السلبية سمة من سماتنا
ولا حول ولا قوة إلا بالله .. شكرا على عمل متماسك مكثف ، محكم البناء.
بورك الفكر والقلم. :001:

أختي نادية أصبحت السلبية سمة من سماة المجتمع و هي في تزايد :اللامبالاة و الأمر لا يعنيني ...كل هذا مرده الى ماذا ؟ الحضارة ...التطور...؟؟..لك كل التحايا و المحبة..

ابن الدين علي
15-12-2015, 09:35 AM
المدينة بصخب الحياة فيها والتقاطة من السوق بما يحوي من باعة ومارة وما يحمل من مظاهر غياب الدولة كما أطلق أحد الحاضرين دون أن يقدم حلا مناسبا لما يرى من سلبيات المجتمع
تناول أيضا مشكلة انتشرت في الدول العربية وهي اختطاف الأطفال بغرض التسول بهم والتي باتت ظاهرة سيطرت على الأسواق والمحطات وأواسط المدن دون تصدي لها مما جعلها تتفاقم وتزداد
نص هادف بلغة طيعة وسرد متين وحبكة قوية استمتعت بقراءته فشكرا لك أديبنا الفاضل
ليتسولوا بهم
تحاياي

أستاذتي الفاضلة ظاهرة اختطاف الأطفال و سلخهم عن ذويهم امر مقلق جدا...و هو في تزايد ..لا حول و لا قوة الا بالله ...
لك كل المحبة و الود .

خلود محمد جمعة
18-12-2015, 01:36 PM
السلبية التي نسير بطريفها بسرعة هي من ستوصلنا الى الخلف بسرعة أكبر
قصة اجتماعية بسرد ماتع
بوركت وتقديري

ربيحة الرفاعي
19-12-2015, 03:19 PM
صفحة من دفتر يوميات تمتع النص فيها بجاذبية السرد والتعريج الهادئ على مشاهد تحكي ظواهر بدأت تغزو مجتمعاتنا بقوة بينما يكبلنا عن مواجهتها انشغالنا بتأمين الغذاء ضرورة للبقاء "خبر وبطاطا"

رغم غياب الحدث المحوري تلتف حوله التفاصيل الحدثية الصغيرة، فقد استمتعت بقراءة النص

دمت بخير أيها الكريم
تحاياي

ابن الدين علي
19-12-2015, 05:14 PM
السلبية التي نسير بطريفها بسرعة هي من ستوصلنا الى الخلف بسرعة أكبر
قصة اجتماعية بسرد ماتع
بوركت وتقديري

تحياتي و تقديري أختي خلود...كان بودي ان تكون نصوصي على بساطاتها مبعثا للتفاؤل و الأمل لكن بدون إرادتي أجد نفسي منساقا وراء هذا الشكل من الحكي..كل المودة.

ابن الدين علي
19-12-2015, 05:16 PM
صفحة من دفتر يوميات تمتع النص فيها بجاذبية السرد والتعريج الهادئ على مشاهد تحكي ظواهر بدأت تغزو مجتمعاتنا بقوة بينما يكبلنا عن مواجهتها انشغالنا بتأمين الغذاء ضرورة للبقاء "خبر وبطاطا"

رغم غياب الحدث المحوري تلتف حوله التفاصيل الحدثية الصغيرة، فقد استمتعت بقراءة النص

دمت بخير أيها الكريم
تحاياي

أستاذتي ربيحة الرفاعي متابعتك لنصوصي المتواضعة تحفزني للكتابة أكثر ...محبتي و مودتي.

كاملة بدارنه
20-12-2015, 08:40 AM
وصف لحادثة جاء جاذبا ومؤثّرا، وناقدا غياب بعض القيم الإنسانيّة والمشاعر
بوركت
تقديري وتحيّتي

ابن الدين علي
20-12-2015, 10:28 AM
وصف لحادثة جاء جاذبا ومؤثّرا، وناقدا غياب بعض القيم الإنسانيّة والمشاعر
بوركت
تقديري وتحيّتي

ليس بعض القيم التي غابت بل معظمها ..نسأل الله اللطف وعودة القيم الانسانية كما كان أجدادنا..لك مني أستاذتي كل التحايا و التقدير و المودة.