تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقلوب الكيس الأصفر...



ريمة الخاني
25-12-2015, 06:35 AM
مقلوب الكيس الأصفر...
منذ زمن غير بعيد , لم نعد نراه يجمع تلك الأغراض التالفة في هذا الكيس الأصفر المتهالك أيضا...ومنذ زمن أبعد , لم نعد نراه في بذته القذرة المهترئة البشعة, ومنذ مدة غير بعيدة أيضا لم يعد كما كان... لقد تغير تماما...
قيل لنا أن كيسه الأصفر صار يدر عليه ذهبا, بات يحمله في قلبه ..في روحه ...
وبات سؤالي لملح:
-كيف حصل؟, وماذا يعني هذا؟.
كان وجهه الأسمر قد ازداد قتامة, وتغيرت عبارات حديثه فانعكست, باتت:
-أمرك يا عمري.. وشكرا يا حياتي...
-هل دهنها عسلا مغشوشا؟, أم أصليا؟.
قلت لراشد متمما والذي يعمل عندي:
-يا رجل حمدي تغير....
-للأحسن إن شاء الله...
لكنني كنت أمسك عن مصادقة أي إنسان تراكمت فيه تجارب الحياة المحبطة, فأحيانا تصلك شهرة مشوهة وغير ناضجة فبدونها أفضل, فهي وبال عليك لا ميزة لك ومغنم.
وذلك خوفا من أن يلبسني ثوبه المرقع يوما ما, فأنا انتقائي بامتياز.
قد تراكمت في ذهني إشارات استفهام استنكارية, فلا أدري هل هو الذي تغير أم فقر الناس المتزايد , جعل الحاويات لا تحوي جديدا...
قال لي صاحب الدكان المقابل هامسا:
-لقد تغير كيسه...وبات يحوي كثيرا من النساء جادت بها قمامة الزمن.. ومن ترفعت عليه رماها خارجا فهي تأبي أن تكون حتى في قلبه .
-نساء؟.. اتق الله يا رجل.. ماذا تقول؟
-نعم ,إنها تدر ربحا يا رجل أين أنت من الذكاء العصري, يكفي أنها تشبع نهمه العشقي...
-ماذا تقول؟, أنا لا أحب الحديث عن المرأة هكذا...هي أمنا وأختنا وحبيبتنا.. وزوجتنا...
-أليس زمننا بات كالكيس الأصفر نحمله في قلوبنا يحوي ما هب ودب بلا انتقاء؟.
يكفيك اوهام القيم التي عششت في رأسنا ولم نفقه منها شيئا ولم نعكسها سلوكا أبدا, حتى وكانت وبالا على حياتنا ,فالمشهورين في زمننا هم القدوة فقط . هي نظريات العصر الحديث , من أراد الشهرة ركب رأسا جديدا.
تركته ولم أعبأ بكلامه فقد تذكرت أن بينه وبين حمدي ثأرا ما...
خطر أمامي بسرعة البرق يوما فحدقت في كيسه المتطور ...وفي عينيه الناظرتين للأرض....
لكن مالم أصدقه صياح النساء من الكيس...كذبت سمعي...وحاولت نكش آذاني فربما أنا من كنت أتخيل...وأعيش كابوسا خياليا.
هرع إلي صاحب الدكان المقابل بتشفٍ:
-ألم أخبرك؟, ألم ألفت نظرك؟.
صمت لساني ولم أعلق رغم أن الكلام كان يتراكم في عقلي وصدري نابحا بكل ما يعتلج فيه,...وإشاراتي الفضولية تدور في رأسي:
-ماذا يعني هذا؟
أجبت نفسي قائلا:
-مصدر ربحي جديد...
همس راشد من جديد في أذني مستغربا:
-ألم تر أن كيسه الأصفر مقلوب؟
-ماذا تقصد؟
-انظر ماذا سأفعل:
حينها أخذني من يدي لقارعة الطريق...وقد سرق كيسه المقلوب على حين غفلة منه, وسط صياحه وزمجرته وصراخه واجتماع الناس حوله.
أولاد الحي يمسكونه بقوة ساخرين:
-أرنا نساءك يا دون جوان الحي.. أرنا نساءك.
-أنا أريد شقراء بمائة ليرة..
-لا أنا أريدها زرقاء العينين سوداء الشعر...
تبعثرت النساء هاربات والرجال بدأوا بملاحقتهن...
وهو يصرخ وينادي وينثر أقذع الألفاظ...
همس لي ضاحكا:
- سوف يكون مشهورا يوما ما, أعدك فخذها مني , فاسمع هذه الفكرة:
من البراعة أن تفض بكارة الحياء في النساء ,وترميهن لغيرك كقشرة موز يتزحلق بها بعد ذلك آخرون, ولكن من الخزي التاريخي الذي مازلنا نراه متجددا كل يوم, أن تخترع نوعا جديدا من العبودية.
ريمه الخاني 18-7-2014
نشرت في مجلة الأسبوع الأدبي التابعة لاتحاد كتاب العرب.

كاملة بدارنه
25-12-2015, 07:56 AM
فعلا هي عبوديّة، لكن إن تحقّقت فالمرأة هي المسؤول الأوّل عن رواجها
لا بدّ للمرأة أن تعي أنّها ليست لعبة تسليّة وإمتاع على حساب كرامتها، ولا بدّ للرّجل من تقوى الله واستغلال سلطته في مواقع أهمّ
قصّة هادفة تعالج قضّية هامّة بأسلوب جميل جاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
26-12-2015, 07:43 PM
الثياب لاتغير ما بداخلها من نفوس والمال لايغير نفس بدلت ثيابها والعفيفة لا تأكل بثديها كما قيل
لغة طيعة وسرد جميل ونص حمل رسالة وحكمة جاءت مابين التصريح والترميز
دمت رائعة شاعرتنا الفاضلة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

د. سمير العمري
17-01-2016, 12:39 AM
قصة راصدة ناقدة تتناول جانبا أخلاقيا مهما وترصد ما وصلت إليه النفوس البشرية عموما والعربية خصوصا من تهور وتدهور ، ورسالة طهر ونقاء ترسلها الكاتبة بما يعرف فيها وعنها من سمو النفس وعلو الهمة فشكرا على هذا الألق!

أما من حيث الأسلوب الأدبي للقص فجاء سرديا ولكن رأيت أنه كان بحاجة لتكثيف أفضل ولتصحيح بعض المفردات.

تقديري

خلود محمد جمعة
18-01-2016, 07:42 AM
حين تنقلب الافكار فمن السهل ان تنقلب الاكياس
قد يظن البعض ان التجارة شطارة حتى وان كانت بالبشر متناسين ان العبودية بدأت بهم
رسالة عميقة بطرح متقن وفكر جاد
بوركت وكل التقدير

ربيحة الرفاعي
31-01-2016, 01:12 AM
عرض قصّي نزع للرمزية في طرح قضية اجتماعية هامة تستحق الوقوف والمعالجة لخطورتها رغم عدم شيوعها بما يشكل ظاهرة

دمت بخير أيتها الراقية
تحاياي

سحر أحمد سمير
31-01-2016, 11:46 AM
تدني الفكر و الأخلاق يعيد العبودية بمنظور جديد بعد تقلص الدور الدعوي من المفكرين و علماء الدين ..

نص يطرح مشكلة موجودة في واقع نأمل تغيره ..

سلمت يمناك أستاذة ريمة .

تحاياي

ريمة الخاني
26-03-2016, 12:25 PM
فعلا هي عبوديّة، لكن إن تحقّقت فالمرأة هي المسؤول الأوّل عن رواجها
لا بدّ للمرأة أن تعي أنّها ليست لعبة تسليّة وإمتاع على حساب كرامتها، ولا بدّ للرّجل من تقوى الله واستغلال سلطته في مواقع أهمّ
قصّة هادفة تعالج قضّية هامّة بأسلوب جميل جاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي

دمت بنقاء ومحبة.
كل تقدير وتحيتي

ريمة الخاني
26-03-2016, 12:28 PM
الثياب لاتغير ما بداخلها من نفوس والمال لايغير نفس بدلت ثيابها والعفيفة لا تأكل بثديها كما قيل
لغة طيعة وسرد جميل ونص حمل رسالة وحكمة جاءت مابين التصريح والترميز
دمت رائعة شاعرتنا الفاضلة
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

مازالت القضية عند القضاة البشريين فإلى متى؟
سعيدة بك ، وشكرا للترحيب.

ريمة الخاني
26-03-2016, 12:29 PM
قصة راصدة ناقدة تتناول جانبا أخلاقيا مهما وترصد ما وصلت إليه النفوس البشرية عموما والعربية خصوصا من تهور وتدهور ، ورسالة طهر ونقاء ترسلها الكاتبة بما يعرف فيها وعنها من سمو النفس وعلو الهمة فشكرا على هذا الألق!

أما من حيث الأسلوب الأدبي للقص فجاء سرديا ولكن رأيت أنه كان بحاجة لتكثيف أفضل ولتصحيح بعض المفردات.

تقديري

شكرا لحضورك الجميل دكتور ولك الفضل.

ريمة الخاني
26-03-2016, 12:30 PM
حين تنقلب الافكار فمن السهل ان تنقلب الاكياس
قد يظن البعض ان التجارة شطارة حتى وان كانت بالبشر متناسين ان العبودية بدأت بهم
رسالة عميقة بطرح متقن وفكر جاد
بوركت وكل التقدير
نعم الزيغ عبودية..وكم طاب للناس عبوديتهم!!!
شكرا لك.

ريمة الخاني
26-03-2016, 12:32 PM
عرض قصّي نزع للرمزية في طرح قضية اجتماعية هامة تستحق الوقوف والمعالجة لخطورتها رغم عدم شيوعها بما يشكل ظاهرة

دمت بخير أيتها الراقية
تحاياي

دوما الباطل يخفي نفسه بمئة ثوب عزيزتي..وقد زرت بلدا عربيا، ولاحظت كم مراكز مساج الاسترخاء والعلاج...عبارة عن واجهة فقط...
والله ورسوله اعلم..

ناديه محمد الجابي
08-08-2023, 06:17 PM
حين تنقلب الافكار فمن السهل ان تنقلب الاكياس
قد يظن البعض ان التجارة شطارة حتى وان كانت بالبشر متناسين ان العبودية بدأت بهم
رسالة عميقة بطرح متقن وفكر جاد
بوركت وكل التقدير

راق لي هذا الرد جدا فاستعرته ولك تحياتي خلود
وشكرا لك ريمة على قصة هادفة بأسلوب جميل وسرد جاذب.
تحياتي وودي.
:v1::0014::001:

ملحوظة: لا تحرمينا من جديدك.
:010::001::010:

ريمة الخاني
04-09-2023, 12:30 PM
حضورك أستاذة نادية أنار المكان,بورك الحضور وبوركت الحروف.