تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ويبقى .. الحُبّ



مازن لبابيدي
17-01-2016, 04:24 PM
للمَرةِ الثالثةِ يَتلقّى رسالةً بنفْسِ الظَّرفِ الغريبِ ، ولكنْ هذهِ المرَّةَ لم يجدْها على مَكتَبِه بل فُوجئَ بها مُلقاةً خَلفَ بابِ المكتَبِ حالَ دُخولِه صَباحًا.
- سَوفَ أُحاولُ قراءتَها فما بَعدُ ، وأرجو أنْ تكونَ بخطٍّ أوضحَ من سابقَتِها.
قَبلَ أنْ يُتِمَّ إِغلاقَ الدُّرجِ غلبهُ الفُضولُ والقَلقُ فأعادَ فَتحَهُ وتناولَ الرِّسالةَ وفَتَحها !
كان الخطُّ فِعلا واضحًا تمامًا، وتَذَكَّرَ بلمحةٍ سَريعةٍ الرسالةَ الأولى القَصيرةَ جِدًّا التي كان خَطُّها باهتًا رديئًا غيرَ مقروءٍ ، حتى إنَّه لم يَتردَّدْ في تَمزيقِها ، والرسالةَ الثانيةَ الأطولَ قَليلا والّتي استطاعَ أنْ يُميّزَ فيها بعضَ الكلماتِ والعِباراتِ ، تِلكَ العِباراتُ التي تَرَكَتْهُ مُذ قَرأها قَلِقًا رَغمَ أنَّهُ استبعَدَ مَضْمونَها واجتَهَدَ بِكُلِّ ما أُوتي مِنْ بَراعةٍ لُغويَّةٍ في تأويلِها وحمْلِها على ما لا يكره، وغلَّبَ حُسنَ الظَّن مُلتمِسًا ما عَلِمَ ومَا خَفِيَ منَ الأعذارِ.
- هذهِ واضِحةٌ جليَّةٌ كشمسِ ظهيرةٍ في الصَّيفِ !
التَّوقيعُ أوَّلُ ما لَفَتَ نظَرَهُ وأدْهَشَهُ قَبلَ قِراءَةِ النَّصِّ ..
بحُزْنٍ بالغٍ أطبَقَ قبضتهُ على الوَرَقَة وشَخَصَ ببصَرِهِ إلى الرَّدْهَةِ لبَعضِ الوَقتِ يُراقِبُ حَركةَ أصحابِهِ ونَشاطَهَم ودَأبَهُم ، وتَخيَّلَ الراحِلينَ بَينَهُم؛ وهُنا .. بَسطَ الرسالةَ وأعادَ قراءتها ثانِيةً ..
لَطالما تَساءَلَ عَنْ سَببِ رَحيلِ بَعضِهِم وحارَ في تَفسيرِهِ ..
- إذًا هَكذا كانَ الأمرُ
هزَّ رأسه أسفًا
- ستبقَى حبيبًا إلى قَلبي ، ولَنْ أقولَ فيكَ إلا خَيرًا
نظرةٌ أخيرةٌ إلى مَكتَبِهِ الحبيب والرَّدهَةِ والأصحابِ ..
إرتَدَى كبرياءَهُ وانصرَف.

مازن لبابيدي
17-01-2016, 04:27 PM
إلى الإخوة الكرام الذين يمرون بهذه الصفحة المتواضعة ، أعتز بكم وبكل آرائكم ونقدكم ، وأشكر لكم كلماتكم الطيبة ، وأنا أكيد من ذلك.

أسألكم المعذرة ، لأني لن أتمكن من الرد على مشاركاتكم في القريب .

وجزاكم الله كل خير

خلود محمد جمعة
18-01-2016, 07:31 AM
نتمنى ان. يكون المانع خير وبانتظار عودتك اديبنا الرائع
كم من المواقف التي تصدمنا ونعيش بعدها في حالة صدمة وعدم تصديق الى ان نكتشف لاحقا حقيقة مغايرة لم نتوقعها ربما لعدم وضوح الرؤية في وقتها
وتبقى المشاعر الصادقة كالماس مهما غطاها وحل الشك وسوء الفهم فسيزول مع ماء الحقيقة مظهرا حقيقتها و صلابتها
حرف ماسي
بوركت وتقديري

كاملة بدارنه
18-01-2016, 03:50 PM
لَطالما تَساءَلَ عَنْ سَببِ رَحيلِ بَعضِهِم وحارَ في تَفسيرِهِ ..
كثر الرّاحلون وحارت العقول في الأسباب لتعدّدها
قصّ مؤثّر وجاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي
(ارتدى)

آمال المصري
22-01-2016, 02:57 AM
وكانت الثالثة للتأكيد على ما راوده من تساؤلات عن سبب رحيلهم ليلتحق بهم ؟!
أشعر برسالة موجهة من خلال النص وما أعقبه من رد أول منه على النص أتمنى أن يفك شيفرتها د. مازن
دمت للواحة شاعرنا وأديبنا الكبير
تحاياي

رياض شلال المحمدي
28-01-2016, 03:21 PM
بحُزْنٍ بالغٍ أطبَقَ قبضتهُ على الوَرَقَة وشَخَصَ ببصَرِهِ إلى الرَّدْهَةِ لبَعضِ الوَقتِ يُراقِبُ حَركةَ أصحابِهِ ونَشاطَهَم ودَأبَهُم ،

.. ويبقى الحب ، وإن سهى الفكر في لحظة غياب عن القلب وما كان
يردده في الحل والترحال من همهمات الشوق ونثار حنين المسافات ! ، شكرًا
لروعة قلبك ورُواء فكرك ، محبتي .

ربيحة الرفاعي
29-02-2016, 12:05 AM
ما زلت أروح وأغدو في فضاء هذه البديعة قصّا، يحيرني ما أقرأ فيها من إشارة فأبتعد آملة أن يخيب ظني فآتيها ثانية وقد أشرقت بحضور صاحبها

قص متقن بسرد شائق وحبكة أمسك الكاتب خيوطها ببراعة

دمت بروعتك أديبنا المتألق
تحيتي

ناديه محمد الجابي
29-02-2016, 08:50 PM
وأنا مثلك عزيزتي د. ربيحة لم أستطع الرد على هذه القصة يوم كتبها
فقد أحسست ويكذب الله ظني إن شاء الله إنها رسالة توديع
ومما أثار خوفي إني قد وجدت في حجرة التفشش رسالة مشابهة في المعنى
وأتمنى ان نجد د. مازن سريعا بيننا لأنه دعامة من الدعامات الكبيرة
لهذه الواحة ـ ونتمنى ان نجده وقد أنار الواحة بوجوده من جديد.
وإلى أن يعود إلى مكانه ومكانته سنكون في أنتظار. :os:

الفرحان بوعزة
03-03-2016, 02:52 PM
للمَرةِ الثالثةِ يَتلقّى رسالةً بنفْسِ الظَّرفِ الغريبِ ، ولكنْ هذهِ المرَّةَ لم يجدْها على مَكتَبِه بل فُوجئَ بها مُلقاةً خَلفَ بابِ المكتَبِ حالَ دُخولِه صَباحًا.
- سَوفَ أُحاولُ قراءتَها فما بَعدُ ، وأرجو أنْ تكونَ بخطٍّ أوضحَ من سابقَتِها.
قَبلَ أنْ يُتِمَّ إِغلاقَ الدُّرجِ غلبهُ الفُضولُ والقَلقُ فأعادَ فَتحَهُ وتناولَ الرِّسالةَ وفَتَحها !
كان الخطُّ فِعلا واضحًا تمامًا، وتَذَكَّرَ بلمحةٍ سَريعةٍ الرسالةَ الأولى القَصيرةَ جِدًّا التي كان خَطُّها باهتًا رديئًا غيرَ مقروءٍ ، حتى إنَّه لم يَتردَّدْ في تَمزيقِها ، والرسالةَ الثانيةَ الأطولَ قَليلا والّتي استطاعَ أنْ يُميّزَ فيها بعضَ الكلماتِ والعِباراتِ ، تِلكَ العِباراتُ التي تَرَكَتْهُ مُذ قَرأها قَلِقًا رَغمَ أنَّهُ استبعَدَ مَضْمونَها واجتَهَدَ بِكُلِّ ما أُوتي مِنْ بَراعةٍ لُغويَّةٍ في تأويلِها وحمْلِها على ما لا يكره، وغلَّبَ حُسنَ الظَّن مُلتمِسًا ما عَلِمَ ومَا خَفِيَ منَ الأعذارِ.
- هذهِ واضِحةٌ جليَّةٌ كشمسِ ظهيرةٍ في الصَّيفِ !
التَّوقيعُ أوَّلُ ما لَفَتَ نظَرَهُ وأدْهَشَهُ قَبلَ قِراءَةِ النَّصِّ ..
بحُزْنٍ بالغٍ أطبَقَ قبضتهُ على الوَرَقَة وشَخَصَ ببصَرِهِ إلى الرَّدْهَةِ لبَعضِ الوَقتِ يُراقِبُ حَركةَ أصحابِهِ ونَشاطَهَم ودَأبَهُم ، وتَخيَّلَ الراحِلينَ بَينَهُم؛ وهُنا .. بَسطَ الرسالةَ وأعادَ قراءتها ثانِيةً ..
لَطالما تَساءَلَ عَنْ سَببِ رَحيلِ بَعضِهِم وحارَ في تَفسيرِهِ ..
- إذًا هَكذا كانَ الأمرُ
هزَّ رأسه أسفًا
- ستبقَى حبيبًا إلى قَلبي ، ولَنْ أقولَ فيكَ إلا خَيرًا
نظرةٌ أخيرةٌ إلى مَكتَبِهِ الحبيب والرَّدهَةِ والأصحابِ ..
ارتَدَى كبرياءَهُ وانصرَف.


افتتاحية النص مشوقة ومغرية ومحفزة لمتابعة القراءة لأنها تضم في طياتها نوعا من الاستفزاز للقارئ ، فتوصل البطل برسائل مجهولة المصدر تبين مدى قلقه وحيرته. فالرسالة الأولى والثانية تشتركان في عدة مواصفات منها :الظرف الغريب ،المكان نفسه فوق المكتب ، الطول والقصر . كما أنهما تشتركان في الخط الرديء الذي يختلف بين الغموض والوضوح .
أما الرسالة الثالثة فهي تتميز بمواصفات أخرى لأنها لم توضع بنفس الطريقة، فلقد وجدت ملقاة خلف الباب .. فكان اعتقاد البطل أن الرسالة الثالثة لا تختلف عن الرسالتين السابقتين في الخط غير المقروء والمضمون الغامض . مما دفعه إلى إهمالها مدة زمنية. لكن الفضول حفزه على فتح الظرف وقراءة الرسالة، فكانت المفاجأة أنها كتبت بخط واضح.
حاول البطل تأويل مضمونها معتمدا على تجربته في الحياة وقدرته الثقافية ، فارتفعت ذروة القلق لديه، واستولت عليه الحيرة الداعية إلى اتخاذ تفسيرات كلها تصب في تجاه تلمس الأعذار التي لا تستند على دلائل قوية ، فسقط بين تأويلات متشائمة وتأويلات متفائلة .
لم يعد البطل يشغل باله كيف وصلت الرسالة الثالثة إليه ،بل أعطى اهتمامه لما تحويه الرسالة من أمور غيبية تفوق قدرة عقله ، والذي أثار انتباهه وضوح كلام الرسالة والتوقيع المدهش والمستفز في نفس الوقت .
رسم السارد حالة البطل التي تبدو عليها الذات في البداية، ذات ارتبطت بموضوع توالي الرسائل على مكتب البطل ، فالبطل رغب أن يتصل بالحادث لمعرفة مصدر الرسائل وبذلك يكون السارد قد جسد ما يسمى ب " حالة الاتصال" ،وبما أن البطل ـــ رغم احتكاكه بالموضوع ـــ لم يتوصل إلى الهدف الذي تخفيه تلك الرسائل ،فأخفق في الكشف عنه/ الهدف / ومن ثمة يكون السارد قد جسد ما يسمى ب "حالة الانفصال ". لكن السارد لم يترك الموضوع يمر دون أن يحدث تأثيرا في ذات البطل، فكان منه أن جعل سلوكات البطل وأفعاله قابلة للتحول ،أي تنتقل من حالة إلى حالة أخرى مغايرة منها: إطباق قبضته على الورقة ،والشخوص ببصره إلى الردهة ،ملاحقة أصحابه بنظراته ،تخيل الراحلين .التسليم بواقع لا يعرفه إلا هو ،ثم النظر إلى مكتبه ...
إن من يقرأ هذا النص الجميل الذي جمع بين حسن الصياغة وجودة الفكرة التي قطعها السارد إلى مقاطع سردية دالة على الحالة وأخرى دالة على التحول ، حالة الإنسان في هذه الحياة ،وتحولاته الكثيرة والمتعددة طيلة عمر الإنسان من ولادته إلى مماته .
فما تلك الرسائل إلا إشارات خفية لمراحل عمر الإنسان /مرحلة الشباب / مرحلة النضج والرشد / مرحلة الشيخوخة / فالإنسان يعيش شبابه كما كتب له ،فهو لم يختر زمانه والمكان الذي يعيش فيه ، كما أنه لا يعرف كيف ستصبح حياته في المستقبل. فكم من شاب خطط لمستقبله واجتهد لتحسين مستقبله الغامض والمجهول ، لكن الظروف رمته في مسار آخر، وقليل من يحقق أمنيته .
فالرسالة الأولى ترمز لهذه المرحلة الغامضة، والتي هي غير واضحة المعالم لما تحتوي على خطوط ملتوية ومنعرجات وعرة المسالك . لذلك كانت غير مقروءة كأنها كتبت بخط رديء يرمز إلى المجهول الغامض. والرسالة الثانية ترمز إلى مرحلة النضج بعدما توضحت مكانة البطل الاجتماعية من عمل وتكوين أسرة ...، حيث تحددت بعض معالم حياته من سعادة وحزن و..، فهو يستطيع أن يقرأ حياته عن طريق فحص مساره السابق ، وكيف تم انتقاله من مرحلة الشباب إلى مرحلة النضج والرشد ..لذلك جاء خط الرسالة واضحا شيئا ما، رغم أن عدة أشياء بقيت مجهولة بين مفردات وتعابير الرسالة الثانية .
أما الرسالة الثالثة فقد جاءت مخالفة للرسالتين السابقتين بعدما حملت توقيعا مدهشا وغريبا يتميز بالوضوح ،كأن هذا التوقيع هو بمثابة كتاب خط فيه مسار حياة البطل من البداية إلى النهاية ، حياته ،أعماله ..و ما كتب له أن يعيش ..ولن يستطيع بدء حياة أخرى في الدنيا ، ولن يستطيع أن يعدل حياته أبدا .
الرسالة الثالثة هي إعلان عن النهاية المرتقبة . لذلك سلك البطل عدة سلوكات تبين مدى إدراكه لقرب أجله .. فسؤاله عن سبب رحيل البعض من أصحابه هو سؤال موجه لنفسه لأنه تأكد له أنه سوف يرحل مثلهم كما رحلوا قبله وتركوا الردهة ..
استحضر البطل في النهاية العقل والمنطق فقرر أن يترك حبه للجميع ،الفضاء الذي كان يشتغل فيه /الأصحاب / الردهة / ....
من طبيعة الإنسان حبه للدنيا ،وقليل من يرغب عنها ، فالإنسان لا يعرف كيف سيعيش في الدنيا، وكم سيعيش ،وأين يموت ..ومتى يموت .. فالسارد حاول أن يصوغ كل هذه الأسئلة المحيرة والمعقدة في قالب قصصي متميز بطريقة غير مباشرة، وهي فنية أدبية تغرف من فلسفة الحياة عن طريق إشارات خفية والتماعات لغوية تنير الطريق للقارئ ..
هكذا قرأت هذا النص العنيد والمشاكس على مستوى البناء السردي المحكم والفكرة العميقة التي يتناولها النص باقتدار .
جميل ما كتبت وأبدعت أخي مازن ..
مودتي وتقديري ..

محمد حمود الحميري
16-04-2018, 05:26 PM
إلى الإخوة الكرام الذين يمرون بهذه الصفحة المتواضعة ، أعتز بكم وبكل آرائكم ونقدكم ، وأشكر لكم كلماتكم الطيبة ، وأنا أكيد من ذلك.

أسألكم المعذرة ، لأني لن أتمكن من الرد على مشاركاتكم في القريب .

وجزاكم الله كل خير

ليت شعري متى تعود أستاذ ــ مازن ؟
واحتك ــ تنتظر عودتك بقلب مشوق .
تحياتي

أحمد العكيدي
24-04-2018, 02:26 PM
قصة جميلة ورائعة.
مع التحية