مشاهدة النسخة كاملة : صــــياد رديء
الفرحان بوعزة
24-01-2016, 05:30 PM
... مساء، في ركن منزو في المقهى جلست، أخرجت مرآة صغيرة من محفظتها اليدوية، حدقت فيها، تحسست زينتها، لملمت الشعيرات الطائشة تحت منديل رأسها. ودت أن تنادي على النادل. اصطدمت عيناها بوجهه،
اهتز قلبها، غـلى دمها. تلهت بالبحث عن شيء ما في محفظتها. قصفته بنظرة ثاقبة، تمنت لو جردته من ملابسه. ابتسم في مكر، غازلها بعين واحدة، اهتزت فوق الكرسي. رأته يراقبها خلسة، يقرأ حركاتها. يتلصص
على جسمها، نسي وجهها لما ركبت معه في سيارته قبل أيام.
تخيلها تفاحة ضائعة، جنة أزهرت بدون مياه. همهم لسانه بكلام: يعجبني أن أجري خلف نشوة صامتة، بل هاربة ومتمنعة، الهدايا الرفيعة تسكت الفتاة، والمال الكثير يلجم لسانها.
شمت رائحته من بعيد، تلمظت مذاق لعابه، تذكرت شطحاته. وجهه، قامته، هيأته، ملامحه، لم تنس اليوم الذي التقت به في سوق الملابس الجاهزة. رأته وسيما، نظيفا، تغلفه رزانة ولباقة، تبدو على محياه شهامة مغرية..
حفرت ذاكرتها جيدا وقالت:
ـــ إنه هو..إنه الذئب الذي يستنشق العطر الهارب من الأجساد الطرية، ينتشي بحركات الأعين الدافئة، إنه هو الذي يمزق فتحات الملابس، يقتلع الزهرة من تربتها، يتنسم الدم الدافئ إلى حد الشبع.
سقطت منه ولاعته، انحنى يلتقطها. استغلت الفرصة، وقفت.. ابتسم النادل في وجهها، مدها بورقة دستها تحت حمالة صدرها.
رفع رأسه، وجدها تقف متصلبة بجانبه. تصاعدت أنفاسه، حاول أن ينهض، ضغطت بيدها على قفاه. انحنت عليه وهمست في أذنه: لا تقلق ياهذا..! أيا أنت..! ستراني في الظلام كشبح صامت وأنت في خلوتك.
قبل أن تغادر المقهى، لفت عنقه بشال أحمر. تفحصه، شم رائحته. ارتبك، تشابهت عليه محطات ذكرياته، بقي هادئا ينبش الماضي، يصارع النسيان، يكسر قضبان الأيام الخوالي، مدة وهو يتلوى بين جمود دمه واشتعال حقده.
اندفع يتعثر بين الكراسي ليلحق بها، وجد نفسه وسط الشارع، والسيارات القادمة من تجاه واحد تنبهه من خطر قطع الشارع. مشى مسرعا نحو سيارته، ارتجفت يده، سقطت المفاتيح. انحنى يلتقطها، نهض بجسمه دفعة واحدة، وجد القيد يأكل من يديه.
سحر أحمد سمير
24-01-2016, 07:03 PM
حالة الخوف و الارتباك التي اعترت الصياد المنتشي مع حلول الليل الجامح الممزوج بعبق الذكريات وقفت مانعا لتكرار الأحداث وفقا لميوله ..و صنعت قيدا سيدمي معصمه ..فالجزاء من جنس العمل..
قصة اجتماعية هادفة زاخرة بالحكمة و الرصانة..
سلمت يمناك أستاذي الفاضل الفرحان بو عزة..
تحاياي
الفرحان بوعزة
25-01-2016, 05:41 PM
حالة الخوف و الارتباك التي اعترت الصياد المنتشي مع حلول الليل الجامح الممزوج بعبق الذكريات وقفت مانعا لتكرار الأحداث وفقا لميوله ..و صنعت قيدا سيدمي معصمه ..فالجزاء من جنس العمل..
قصة اجتماعية هادفة زاخرة بالحكمة و الرصانة..
سلمت يمناك أستاذي الفاضل الفرحان بو عزة..
تحاياي
شكراً لك أختي الفاضلة والمبدعة المتألقة ..سحر .. على قراءتك القيمة للنص ..
شكراً على كلمتك الطيبة ، كلمة أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..
عبد السلام دغمش
25-01-2016, 07:48 PM
القيد الذي حال بينه و بين ذكرياته و صبوته ربما كان امتداد عمره ...
الفتاة كانت ذلك الماضي بما فيه من طيش .. لم تدم رحلة سعيه لاستعادة الماضي حتى شدّ العمر قيده على يديه ..
نص جميل و رمزية تحكي المشهد و تضع لقارئ مساحة من التاويل يسجل عليها انطباعاته ..
محبتي ..
الفرحان بوعزة
26-01-2016, 02:45 PM
القيد الذي حال بينه و بين ذكرياته و صبوته ربما كان امتداد عمره ...
الفتاة كانت ذلك الماضي بما فيه من طيش .. لم تدم رحلة سعيه لاستعادة الماضي حتى شدّ العمر قيده على يديه ..
نص جميل و رمزية تحكي المشهد و تضع لقارئ مساحة من التاويل يسجل عليها انطباعاته ..
محبتي ..
شكراً لك أخي المبدع المتألق ..عبد السلام.. على قراءتك القيمة للنص التي نورت النص..
شكراً على تواصلك الدائم وكلمتك الطيبة ، كلمة أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
كاملة بدارنه
09-02-2016, 07:29 PM
ابتسم النادل في وجهها، مدها بورقة ..
انحنى يلتقطها، نهض بجسمه دفعة واحدة، وجد القيد يأكل من يديه.
ما بين الانحناءة الأولى والثّانية وهم عاشه وأدّى في النّهاية إلى الخسارة، والانحناءة النّهائيّة عمّا يريد!
قصّة اجتماعيّة رائعة، ووصف للحدث رائع!
بوركت
تقديري وتحيّتي
الفرحان بوعزة
10-02-2016, 05:14 PM
ما بين الانحناءة الأولى والثّانية وهم عاشه وأدّى في النّهاية إلى الخسارة، والانحناءة النّهائيّة عمّا يريد!
قصّة اجتماعيّة رائعة، ووصف للحدث رائع!
بوركت
تقديري وتحيّتي
شكراً لك أختي الفاضلة والمبدعة المتألقة ..كاملة .. على قراءتك القيمة للنص ..
شكراً على كلمتك الطيبة ، كلمة أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
خلود محمد جمعة
23-02-2016, 09:24 AM
ينسى الصياد لكثرة عدد الضحايا
بعض المفارقات في الحياة هزلية حد الألم
قانون الارجاع عادل وينتظر الجميع
أبعاد فكرة القصة موجعة
متجدد في الابداع
أتمنى ان أحصل على جميع قصصك في كتاب
كل التقدير
الفرحان بوعزة
23-02-2016, 09:44 PM
ينسى الصياد لكثرة عدد الضحايا
بعض المفارقات في الحياة هزلية حد الألم
قانون الارجاع عادل وينتظر الجميع
أبعاد فكرة القصة موجعة
متجدد في الابداع
أتمنى ان أحصل على جميع قصصك في كتاب
كل التقدير
شكرا لك أختي الفاضلة والمبدعة المتميزة خلود على قراءتك القيمة لهذا النص المتواضع .
شكرا على تواصلك الدائم ،تشجيع أعتزبه ..
مودتي وتقديري
ناديه محمد الجابي
24-02-2016, 11:21 AM
تقابلا من قبل .. هو نسيها تماما ـ فالمرأة بالنسبة له ليست سوى
جسد، يجعله يجري وراء نشوة صامتة .. فأخذ يغازل ما يهوى.
أما هى فقد تذكرته فغلي دمها.. عندما رأته أول مرة رأته وسيما
نظيفا تغلفه رزانة ولباقة.. يبدو أن كل منهما كان في محاولة للصيد
ولكنه كان ذئبا .. يمزق ويقتلع ويتنسم الدم الدافئ حتى الشبع.
جاءها النادل بورقة منه يطلبها فوقفت على رأسه ولفت عنقه
بشال أحمر أعاد إليه ذكرياته، أندفع ليلحق بها..
ولكن إلى هنا أعترف إني لم أفهم ما هى قصة القيد أو ما المقصود
به .. وأكون شاكرة لو أوضحت.
أحييك على وجباتك الدسمة التي تقدمها لنا ـ وتقديري لقلمك
الذي تمسك بلجامه بقوة ـ وتحية لك بحجم الإبداع. :os:
الفرحان بوعزة
25-02-2016, 10:46 AM
تقابلا من قبل .. هو نسيها تماما ـ فالمرأة بالنسبة له ليست سوى
جسد، يجعله يجري وراء نشوة صامتة .. فأخذ يغازل ما يهوى.
أما هى فقد تذكرته فغلي دمها.. عندما رأته أول مرة رأته وسيما
نظيفا تغلفه رزانة ولباقة.. يبدو أن كل منهما كان في محاولة للصيد
ولكنه كان ذئبا .. يمزق ويقتلع ويتنسم الدم الدافئ حتى الشبع.
جاءها النادل بورقة منه يطلبها فوقفت على رأسه ولفت عنقه
بشال أحمر أعاد إليه ذكرياته، أندفع ليلحق بها..
ولكن إلى هنا أعترف إني لم أفهم ما هى قصة القيد أو ما المقصود
به .. وأكون شاكرة لو أوضحت.
أحييك على وجباتك الدسمة التي تقدمها لنا ـ وتقديري لقلمك
الذي تمسك بلجامه بقوة ـ وتحية لك بحجم الإبداع. :os:
شكراً لك أختي الفاضلة والمبدعة المتألقة ..نادية .. على هذه القراءة التحليلية القيمة للنص ..
أختي الكريمة ، بدهي أن النص سوف لن يقول كل شيء ، فالبطل هو من الذئاب التي تفترس وتهرب ،
له سوابق كثيرة مع الفتيات، كثرت الشكايات به ، هذه المرة سقط في يد الشرطة ،قد نجد تفسيرات أخرى قد لا تتلائم مع ما قلته .
شكراً على كلمتك الطيبة ، كلمة أعتز به ..
تقديري واحترامي ..
ربيحة الرفاعي
08-04-2016, 11:04 PM
لوحة قصّيّة أخرى تحكي الذئاب البشرة المنتشرة
أسلوب قوي ولغة مكينة وأداء قصّيّ مائز هو ديدن حرفك
وقص إيجابي الغاية راق بفكره وطرحه
دمت بروعتك
تحيتي
الفرحان بوعزة
09-04-2016, 11:42 AM
لوحة قصّيّة أخرى تحكي الذئاب البشرة المنتشرة
أسلوب قوي ولغة مكينة وأداء قصّيّ مائز هو ديدن حرفك
وقص إيجابي الغاية راق بفكره وطرحه
دمت بروعتك
تحيتي
المبدعة المتألقة والأديبة المتميزة ربيحة تحية طيبة ..
حفظك الله أختي الكريمة. شكرا على تواصلك الدائم مع نصوصي المتواضعة ..
شكرا على اهتمامك النبيل ،وكلمتك الطيبة ..
مودتي وتقديري
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir