تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : علَى الطريق إلى الإدْمَانِ - 1 -



محسن العافي
02-02-2016, 11:19 PM
علَى الطريق إلى الإدْمَانِ - 1 -
النيران المشتعلة تحدَّثت إلَيَّ ، النيران تسألني وتستفزني ،تستعجلني الإجابة عن شيء ما كان خاصًّا بي .
ارتفعت حرارة المكان الذي أتواجد به ، ألسنة اللهب تزحف نحوي تارة ،و تارة أخرى تلزم مكانها ،تسترق هواء المكان،تستنزفه ، آه!! ذلك الشبح القابع وسط الحريق كشر عن أنيابه ، ينفخ على النار فتزداد اشتعالا ،اللهب كأنه كائن مُترنِّحٌ يمِيل جهة اليمين وجهة اليسار ،"ههه "،إنه يرقص رقصة إفريقية ،الرِّياح تشتَد ،المكان خَالٍ على عُروشه إلا منِّي ،والأنوار تلوح باهتة من تلك الأبنية البعيدة ،الشبح يخرج ملتهبا من موقد النار متجها نحوها ،أو ربما يتجه نحوي .شيء ما بداخلي يدفعني للهرَب ، يدعُوني للفزع ، يدعوني للبكاء.
خمدت نار الموقد ، بينما الشبح يسير بخطوات سريعة وأعضاؤه ملتهبة ، ظنِّي يُرَاودُني عن نفسي لأقول : ربما هو نيزك يسير محاذيا للأرض حينا، ويلامسها حينا آخر، ولا يستقر في مكان، لا يَا أَنَا ! إنه ليس نَيْزَكا بل شيئا آخر .
لم يتحدث العِلم عن نيزك كهذا،ولا عن حركته الغريبة،ولا عن رقصته الإفريقية .
آه !!حطَبُ المَوْقِد غير مشتعل ، الشبح له قامة منتصبة رسمت لها النار وجها مخيفا، وأعضاء غريبة ،نظَرْتُ إلى قدَمَيه ،كانتا كشُعْلتَين ملتهبتين .
قلت : الشبح ليس له ظل !
- هل يكون جنِّيا ؟
- هل يكون للنار ظل ؟
غابت عني الإجابات، وغابت عني علوم الدنيا وأنا في ذلك المكان ،فاجأني رجل يحمل قنينة نبيذ وَ "سْبْسِيّا" طويلا مكونا من ثلاثة أجزاء وهو ينظر إلي،ثم قال :
- لقد تعوَّدْت أن أرى مثل ما أَعْتقِدُك رأَيتَه أو تَخَيَّلْتَهُ ،لكن ما هو أهمّ عندي الآن ، أن تعيَّ جيّدا ،أنّه قبل أن تصبح مُدْمنا، ستَرى ما لم تَرَهُ في حياتك قَط ، ستَحِنُّ إلى ماضيك دون أن تستطيع العودة إليه مثلي، و....... .
صَمَتَ قليلا وأنا أنتظر أن يُنهِي كلامَه ،ثم اسْتَطْرد كلامه قائلا :
- لا فائدة من ........ أنت على الطريق إلى الإدْمان ،ثم أطفأ الشمعة المضيئة بسَبَّابتِه وإبْهَامِه ،وطلب مني أن أخلد للنوم .
-سْبْسِي -المراد بهذه الكلمة أداة تستعمل في تدخين مخدر شبيهة بالشيشة .

عبد السلام دغمش
03-02-2016, 12:53 PM
الأستاذ محسن العافي ..
سرني ان أقرأ لك هذا النص الجميل بمحموله .. والجميل بصياغته ..

تذكرت احدهم وقد أشار للسيارات بالتوقف ..ثم لوى انفه وقال لهم مـُروا.. ههه
اللهم عافنا .

لك وافر التحيات.

ناديه محمد الجابي
03-02-2016, 08:53 PM
هلوسات الأدمان والتي تؤثر في كل الحواس ولا سيما
في النظر والسمع ـ فيرى المرء ويسمع أشياء ليست
موجودة أبدا، وتؤدي إلى تدمير الجسم وتعرض الإنسان
لخطر أفعال غير مرغوب فيها.
موضوع هام أجدت صياغته بعرض واضح مما يتيح الفهم
والتأثر والإنفعال والتفاعل.
دمت متألقا. :001:

كاملة بدارنه
09-02-2016, 07:13 PM
الإدمان على الكحول والمخدّرات آفة اجتماعيّة وفرديّة كان الله في عون من ابتلي بها
سرد تصويريّ دقيق وجاذب
بوركت
تقديري وتحيّتي

آمال المصري
14-02-2016, 09:54 PM
تغييب العقل بفعل الإدمان على تعاطي تلك المواد المدمرة عامل أساسي للقضاء علىه تمام كالشمعة التي أطفأها بسبابته وإبهامه
نقلت لنا أديبنا الفاضل صورة حية لهلوسات مدمن بحرف نبيل وسرد ماتع وحبكة قوية فشكرا لك هذا البهاء
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي

خلود محمد جمعة
18-02-2016, 11:44 AM
على تلك الطريق سيكون من الصعب الرجوع
طرح طيب لظاهرة باتت منتشرة للأسف
سرد جاذب بإسلوب ماتع
بوركت وكل التقدير

ربيحة الرفاعي
01-03-2016, 08:32 PM
الفكرة جميلة والعرض قصي بديع
والأداء شائق موفق

إنه ليس نَيْزَكا بل شيئا آخر
بل شئ

أنتظر أن يُنهِي كلامَه ،ثم اسْتَطْرد كلامه قائلا
لا مبرر لتكرار " كلامه"

دمت بخير أديبنا
تحيتي