المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شَفَقُ الغِيَاب



عيسى جرابا
10-05-2005, 03:51 PM
شَفَقُ الغِيَاب
شعر/ عيسى جرابا
29/3/1426هـ

أستاذي الشيخ محمد بن ناصر الحازمي أستاذ فاضل غرست يداه غراس الحب والخير ؛ فأينعت أجيالا وأجيالا تدين له بالفضل , وتذكره به , كنت أحدث نفسي بزيارته بعد طول عهد , ولم أكن أعلم بأن الموت يحدثه حتى اخترق خبر وفاته سمعي , ومزق قلبي أسى وحزنا , فسبق الشعر شعوري في مرثية لا أزعم بها أنني وفَّيت حقه , ولا حق مشاعري , ولكنني أردت من باب الوفاء أن تظل هذه القصيدة مما يحرض على الترحم عليه , والدعاء له بالمغفرة ما بقيت تروى , رحمه الله رحمة واسعة , وأسكنه فسيح جناته... ( إنا لله وإنا إليه راجعون ).

قَطَعَتْ عُرَى قَلْبِي ثَلاثَةُ أَحْرُفٍ
قُدَّتْ مِنَ الشَّفَقِ الـمُضَرَّجِ بِالغِيَابْ

تَصْطَكُّ فِي سَمْعِي فَأَعْيَا لا أَعِيْـ
ـهَا وَالذُّهُوْلُ لِكُلِّ جَانِحَةٍ خِضَابْ

مَازِلْتُ فِي زَمَنِ التَّهَجِّي إِنَّمَا
عَزَّتْ ثَلاثَةُ أَحْرُفٍ وَالفِكْرُ شَابْ

أَجْتَرُّهَا حَرْفاً فَحَرْفاً دُوْنَ جَدْ
وَى وَالسُّؤَالُ يَجِيْءُ مِنْ بَعْدِ الـجَوَابْ

أَوَ مَاتَ؟ وَانْدَلَعَتْ ثَلاثَةُ أَحْرُفٍ
لَهَباً عَلَى لَهَبٍ يُذِيْبُ وَلا يُذَابْ

مِيْمٌ مُنَى ثَكْلَى وَمَكْلُوْمٌ تُبَـ
ـرِّحُهُ مُفَارَقَةُ الأَحِبَّةِ وَالصِّحَابْ

أَلِفٌ وَأَيْنَ الإِلْفُ؟ لا رَوْضٌ زَهَا
مِنْ بَعْدِهِ كَلاَّ وَلا القُمْرِيُّ آبْ

تَاءٌ تَلُفُّ وَتَحْتَوِي كَالقَيْدِ خَا
صِرَةَ الصَّبَاحَاتِ النَّدِيَّاتِ العِذَابْ

أَوَ مَاتَ؟ وَا لَهَفِي عَلَيْكَ كَأَنَّنِي
فِي غَيْهَبِ الأَحْلامِ أَفْتَرِشُ الـحِرَابْ

وَيَلُوْحُ طَيْفُكَ كَالسَّنَا فِي عَيْنِ مُشْـ
ـتَاقٍ يَفِرُّ مِنَ العَذَابِ إِلَى العَذَابْ

وَأَعُوْدُ نَحْوَ الأَمْسِ أَسْتَبِقُ الـخُطَى
عِقْدَيْنِ وَانْتَفَضَ الـمُعَنَّى حِيْنَ قَابْ

وَأَرَى مَلامِحَ تَنْثُرُ الأَنْوَارَ تَعْـ
ـبَقُ بِاليَقِيْنِ هُنَاكَ فِي زَمَنِ الطِّلابْ

وَالذِّكْرَيَاتُ تَمُوْرُ بَيْنَ جَوَانِحِي
وَيَكَادُ يَنْكَسِرُ العُبَابُ عَلَى العُبَابْ

عِقْدَانِ وَكَّافَانِ تَخْتَالُ الفَيَا
فِي فِيْهِمَا أَلَقاً وَيَفْتَرُّ اليَبَابْ

قَبَّلْتُ طَيْفَكَ حِيْنَ لاحَ تَعَزِّياً
وَشَمَمْتُ فِي قَسَمَاتِهِ فَحْوَى عِتَابْ

أَبُنَيَّ وَانْسَكَبَ اليَتِيْمُ وَغَصَّ بِالـ
ـحَرْفِ الأَلِيْمِ وَلَمْ يَزَلْ رَهْنَ انْسِكَابْ

أَبُنَيَّ وَاشْتَعَلَتْ طُيُوْفٌ وَانْطَفَتْ
وَتَدَحْرَجَتْ حُرَقُ الـمُجِيْبِ وَمَا أَجَابْ

وَامْتَدَّ صَمْتٌ وَاسْتَفَاقَتْ لَوْعَةٌ
جَزَّتْ نَوَاصِي البَوْحِ وَارْتَجَّ الـخِطَابْ

أَبَتِي وَيَرْوِيْنِي النِّدَاءُ فَلا تَلُمْـ
ـنِي إِنْ مَـلأَتْ الكَـأْسَ مِنْ شَهْـدِ الـحُبَابْ

أَبَتِي وَمَا أَحْلاهُ لَحْناً كُلَّمَا
رَدَّدْتُهُ فِي مَسْمَعَيَّ زَكَا وَطَابْ

مَا أَضْيَعَ اللَّحَظَاتِ حِيْنَ تَرَكْتُهَا
تَنْسَلُّ دُوْنَ لِقَاكَ وَالـحَسَرَاتُ صَابْ

أَوَ مَاتَ؟ دَوَّتْ فِي الـحَشَا كَالبَرْقِ وَاهْـ
ـتَزَّتْ رَوَاسِي العَقْلِ وَاخْتَنَقَ الصَّوَابْ

نَادَيْتُ شَوْقاً يَا مُحَمَّدُ وَالأَسَى
مُتَحَفِّزٌ وَرِيَاحُهُ تَحْثُو السَّرَابْ

أَتُرَاكَ تَسْمَعُنِي؟ لَعَمْرِي إِنَّ مَا
بَيْنِي وَبَيْنَكَ بِضْعُ أَشْبَارٍ تُرَابْ

جَلَّ الـمُصَابُ وَعَبْرَتِي مَجْرُوْحَةٌ
مَا لِي سِوَى العَبَرَاتِ إِنْ جَلَّ الـمُصَابْ

بُشْرَاكَ هَذَا الـجَمْعُ تَجْتَمِعُ القُلُـ
ـوْبُ عَلَى هَوَاكَ وَتَسْتَحِثُّ نَدَى السَّحَابْ

أَنَا مَا رَثَيْتُكَ بَلْ رَثَيْتُ مَشَاعِرِي
وَالـخَطْبُ مُنْقَضٌّ عَلَيْهَا كَالعُقَابْ

كَيْفَ العَزَاءُ وَلِلفَجِيْعَةِ سُحْنَةٌ
مُسْوَدَّةٌ وَالأُفْقُ مُلْتَحِفُ الضَّبَابْ؟!

دَفَنُوا فُؤَادِي قَبْلَ دَفْنِكَ وَالنَّوَى
سَهْمٌ أَصَابَ مِنَ الـحُشَاشَةِ مَا أَصَابْ

يَا رَاحِلاً ذِكْرَاكَ نَبْضٌ لِلحَيَـ
ـاةِ وَلِلَّيَالِي أَنْجُمٌ تَلِدُ الثَّوَابْ

وَرَحَلْتَ وَالقَلْبُ العَلِيْلُ طُمُوْحُهُ
جَازَ الفَضَاءَ وَحُلْمُهُ غَضُّ الإِهَابْ

تَكْفِيْكَ فِي الدُّنْيَا يَدٌ مَرْفُوْعَةٌ
تَدْعُو وَقَلْبٌ لَيْسَ بَيْنَكُمَا حِجَابْ

هَا أَنْتَ تَتَّشِحُ البَيَاضَ مُرَفْرِفاً
تَغْشَى مُحَيَّاكَ البَشَائِرُ بِالـمَآبْ

يَا رَبِّ بَلِّغْهُ الـمُؤَمَّلَ جَنَّةً
وَافْتَحْ لَهُ يَا رَبِّ فِيْهَا كُلَّ بَابْ

يَسْقِيْكَ صَوْبُ الغَيْثِ سَحًّا مَا شَدَا
طَيْرٌ وَمَا ارْتَفَعَ الأَذَانُ عَلَى القِبَابْ

لَوْلا يَقِيْنٌ تُعْمَرُ الدُّنْيَا بِهِ
لَهَوَتْ حُطَاماً ذَرَّهُ عَصْفُ الـخَرَابْ

وَعَزَاؤُنَا فِي الـمَوْتِ أَنَّ سِهَامَهُ
تُصْمِي فَلا شَيْبٌ يَحُوْلُ وَلا شَبَابْ

د.جمال مرسي
10-05-2005, 07:06 PM
دَفَنُوا فُؤَادِي قَبْلَ دَفْنِكَ وَالنَّوَى
سَهْمٌ أَصَابَ مِنَ الـحُشَاشَةِ مَا أَصَابْ

سلمت أخي و رحم الله استاذك و شيخك
فنعم الابن البار و التلميذ النجيب أنت أخي عيسى

ادعوا له بالرحمة و المغفرة دوما و لا تنسوه من الدعاء
يَا رَبِّ بَلِّغْهُ الـمُؤَمَّلَ جَنَّةً
وَافْتَحْ لَهُ يَا رَبِّ فِيْهَا كُلَّ بَابْ

يَسْقِيْكَ صَوْبُ الغَيْثِ سَحًّا مَا شَدَا
طَيْرٌ وَمَا ارْتَفَعَ الأَذَانُ عَلَى القِبَابْ

و أخيرا .. لا أقول إلا رحم الله موتانا و موتى المسلمين و أسكنهم فسيح جناته
فالموت حق على كل نفس و قد أوجزت هذه الحقيقة في بيتك الأخير الرائع :

وَعَزَاؤُنَا فِي الـمَوْتِ أَنَّ سِهَامَهُ
تُصْمِي فَلا شَيْبٌ يَحُوْلُ وَلا شَبَابْ

دمت و سلمت أيها الشاعر النبيل

تقبل ودي

د. جمال

عيسى جرابا
10-05-2005, 08:22 PM
دَفَنُوا فُؤَادِي قَبْلَ دَفْنِكَ وَالنَّوَى
سَهْمٌ أَصَابَ مِنَ الـحُشَاشَةِ مَا أَصَابْ

سلمت أخي و رحم الله استاذك و شيخك
فنعم الابن البار و التلميذ النجيب أنت أخي عيسى

ادعوا له بالرحمة و المغفرة دوما و لا تنسوه من الدعاء
يَا رَبِّ بَلِّغْهُ الـمُؤَمَّلَ جَنَّةً
وَافْتَحْ لَهُ يَا رَبِّ فِيْهَا كُلَّ بَابْ

يَسْقِيْكَ صَوْبُ الغَيْثِ سَحًّا مَا شَدَا
طَيْرٌ وَمَا ارْتَفَعَ الأَذَانُ عَلَى القِبَابْ

و أخيرا .. لا أقول إلا رحم الله موتانا و موتى المسلمين و أسكنهم فسيح جناته
فالموت حق على كل نفس و قد أوجزت هذه الحقيقة في بيتك الأخير الرائع :

وَعَزَاؤُنَا فِي الـمَوْتِ أَنَّ سِهَامَهُ
تُصْمِي فَلا شَيْبٌ يَحُوْلُ وَلا شَبَابْ

دمت و سلمت أيها الشاعر النبيل

تقبل ودي

د. جمال

أخي الحبيب

د/ جمال

ليتك تعلم بما يختلج بين جوانحي

الموت يا أخي من المسلمات التي لم نسبر أغوارها بعد

ثلاثة أحرف مزعجة , نهابها ونتوقعها ولا نعد لها...

مشاهد تتكرر , تخدرنا لبرهة , ثم نعاود الركض في دروب اللامبالاة...

عجيبة هذه الحياة وأعجب منها من يزرعها بتلك الأحرف الثلاثة

ثم يكون هو أول الحاصدين

أيها الحبيب

أشكر لك مرورك الكريم , ودعاءك المبارك للراحل

ولتعلم أن هذه القصيدة لم تكتب إلا لتكون محرضا

على الدعاء للراحل أرجو من كل قارئ لها ألا يبخل بدعوة

ينال بها الأجر عند الله...

أيها الحبيب

وفقك الله وبارك فيك ورفع منزلتك

تحياتي

بندر الصاعدي
10-05-2005, 09:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشاعر القدير
عيسى جرابا
رحم الله فقيدكم وأسكنه جناته
عظم الله أجركم وأجر ذويه وألهمكم جميعًا الصبر والسلوان

لا شك هي قصيدة تحكي لنا مدى محبتك له وعلاقتك به , وتظهر لنا مساعيه في الدنيا وغراسه للخير وإنه إن شاء الله لحاصده ..
جزاك الله خيرًا وأثابك على ذكر فضائل الفضلاء , فإن المسلم إذا مات كان تحت رحمة الله يجنى غراس ما عمله , وعند الله حسن الثواب , فما للأحياء إلا الدعاء للأموات وذكر محاسنهم , فما بالنا بمن ورَّث علمًا ينتفع به متوشحًا بالخلق الحسن ..

لك التحية والتقدير
في أمان الله

سلطان السبهان
11-05-2005, 07:36 AM
لمن يبحث عن التميز

اقرأ هنا .


دام هذا الجمال

.

عيسى جرابا
13-05-2005, 01:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشاعر القدير
عيسى جرابا
رحم الله فقيدكم وأسكنه جناته
عظم الله أجركم وأجر ذويه وألهمكم جميعًا الصبر والسلوان

لا شك هي قصيدة تحكي لنا مدى محبتك له وعلاقتك به , وتظهر لنا مساعيه في الدنيا وغراسه للخير وإنه إن شاء الله لحاصده ..
جزاك الله خيرًا وأثابك على ذكر فضائل الفضلاء , فإن المسلم إذا مات كان تحت رحمة الله يجنى غراس ما عمله , وعند الله حسن الثواب , فما للأحياء إلا الدعاء للأموات وذكر محاسنهم , فما بالنا بمن ورَّث علمًا ينتفع به متوشحًا بالخلق الحسن ..

لك التحية والتقدير
في أمان الله

أخي الحبيب

بندر الصاعدي

جزاك الله خيرا على دعائك الصادق فلمثل هذا كتبت القصيدة

فلا حرمك الله أجر دعائك أيها الحبيب...

لا أدري لماذا فقد شعرت مع حروفك بشيء من العزاء

ولا أملك لك إلا الشكر والدعاء

فشكر الله لك ووفقك وبارك فيك ونفع بك ورفع منزلتك

تحياتي أيها الكريم

إدريس الشعشوعي
18-05-2005, 12:44 AM
تَكْفِيْكَ فِي الدُّنْيَا يَدٌ مَرْفُوْعَةٌ
تَدْعُو وَقَلْبٌ لَيْسَ بَيْنَكُمَا حِجَابْ

هَا أَنْتَ تَتَّشِحُ البَيَاضَ مُرَفْرِفاً
تَغْشَى مُحَيَّاكَ البَشَائِرُ بِالـمَآبْ

يَا رَبِّ بَلِّغْهُ الـمُؤَمَّلَ جَنَّةً
وَافْتَحْ لَهُ يَا رَبِّ فِيْهَا كُلَّ بَابْ

يَسْقِيْكَ صَوْبُ الغَيْثِ سَحًّا مَا شَدَا
طَيْرٌ وَمَا ارْتَفَعَ الأَذَانُ عَلَى القِبَابْ


******

رحم الله شيخنا و فقيدنا رحمة واسعة و الحقه بالصالحين ...

الأستاذ عيسى .. الله ما شاء الله ..هنا الروعة و التألق

شكرا .. فلله درّك بهذه المرثية .. فأوّل ما قرأت منها شعرتُ بقوّة شعورها يمتدّ الى جوانحي قويا .. دام التألق و الإبداع

تحياتي و تقديري

د. سمير العمري
30-07-2005, 03:22 PM
أخي الشاعر عيسى:

أطربني الشعر وأذهلني الشعور حتى كأن قلبك يخفق بالحروف خفقاً وينزف مدادها نزفاً.

لا زلت تحوز على الإعجاب مرة فمرة.


رحم الله الأستاذ الفاضل وغفر له، وجزاك ربك عن رثائك بخير ما يجزي به عباده الصالحين.


تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

بدر محمد عيد الحسين
19-06-2006, 12:07 AM
فارس الأبجدية الميمون، وناثر العطر في ثنايا القوافي..أحييك من أعكاق قلبي وأُكبرُ فيك هذا الوفاء النبيل...التقينا على صفحات المجلة العربية غير مرة وربما على صفحات مجلة الحرس الوطني .. وما أسعدني وأنا ألتقي هذه القامة الأدبية الطيبة من جديد .


من قصائدي
رُحماك ربي
أخوكم: بدر الحسين

حوراء آل بورنو
15-08-2006, 08:31 AM
حتى في الرثاء مقتدر !

رحم الله الفقيد و أسكنه فسيح جناته ، و رحم أموات المسلمين آجمعين .

تقديري و تعازي المتأخرة .

زاهية
15-08-2006, 06:53 PM
تبارك الرحمن
شعرٌ رائع وشعور أروع
لم أقرأ لك يومًا إلا البديع من الشعر
أما هذه فكان قلبي يقفز مع حروفها
نبضًا حزينًا تذكره بالأحبة
الذين فارقوني
رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح الجنان
دمت هكذا أميرًا من أمراء الشعر المرموقين
أختك
بنت البحر