تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أضابير البلاغة



عبده فايز الزبيدي
13-05-2016, 12:01 AM
1. قال الفرزدق في هجاء زوجه النُّوار:

لَعَمري لَأَعرابِيَّةٌ في مِظَلَّةٍ = تَظَلُّ بِرَوقَي بَيتِها الريحُ تَخفِقُ

كَأُمُّ غَزالٍ أَو كَدُرَّةِ غائِصٍ = إِذا ما بَدَت مِثلَ الغَمامَةِ تُشرِقُ

أَحَبُّ إِلَينا مِن ضِناكٍ ضِفِنَّةٍ = إِذا رُفِعَت عَنها المَراوِحُ تَعرَقُ

كَبِطّيخَةِ الزَرّاعِ يُعجِبُ لَونُها = صَحيحاً وَيَبدو داؤُها حينَ تُفلَقُ


قلت و هذا النص من باب التفريع.

عبده فايز الزبيدي
13-05-2016, 06:49 PM
و قد عرف ابن حجة الحموي التفريعَ فقال:
( وهو ضد التأصيل هو أن يصدر الشاعر أو المتكلم كلامه باسم منفي بما خاصة ثم يصف ذلك الاسم المنفي بأحسن أوصافه المناسبة للمقام إما في الحس
وإما في القبح ثم يجعله أصلا يفرع منه جملة من جار ومجرور متعلقة به تعلق مدح أو هجاء أو فخر أو نسيب أو غير ذلك ثم يخبر عن ذلك الاسم بأفعل التفضيل ثم يدخل من
على المقصود بالمدح أو الذم أو غيرهما ويعلق المجرور بأفعل التفضيل فتحصل المساواة ...) *
قلتٌ :
قد يأتي هذا الفن في بيت كقول ابن حجة الحموي:
ما العودُ إنْ فاحَ نَشْرَاً أو شَدا طَربَاً = يَومَاً بأطيبَ مِن تفريع وصفهم
فهذا فيه مدح.

وقد يأتي في بيتن كقول عبده بن فايز الزبيدي:

فَـمَـا مَـضَـايَا و مَــا حِـمْـصُ الأُبَـاةِ ومـا
تَــلـقَـاهُ فَــيْـحـاءُ و الأعـــراضُ تُـغْـتَـصَبُ

إلاَّ اعْـتِـقَـادٌ بِـنَـفْسِ الـقَـومِ يَـدْفَـعُهُمْ
إِلــى إِبَــادِةِ أَهْــلِ الـشَّامِ ، قَـدْ شَـغَبُوا

وفيه ذم فقد حمل الشاعر تلك التصرفات الشنيعة على ما يضمره القوم من معتقد باطل و نية سوء.

وقد يأتي في ثلاثة ابيات أو أكثر كقول الفرزدق:


لَعَمري لَأَعرابِيَّةٌ في مِظَلَّةٍ = تَظَلُّ بِرَوقَي بَيتِها الريحُ تَخفِقُ

كَأُمُّ غَزالٍ أَو كَدُرَّةِ غائِصٍ = إِذا ما بَدَت مِثلَ الغَمامَةِ تُشرِقُ

أَحَبُّ إِلَينا مِن ضِناكٍ ضِفِنَّةٍ = إِذا رُفِعَت عَنها المَراوِحُ تَعرَقُ

كَبِطّيخَةِ الزَرّاعِ يُعجِبُ لَونُها = صَحيحاً وَيَبدو داؤُها حينَ تُفلَقُ


_____________

*ابن حجة الحموي ، خزانة الأدب ،المكتبة العصرية ، صيد بيروت ، ط: 1426 هـ - 2006 م ، ج: 2 ، ص: 378 .

عبده فايز الزبيدي
13-05-2016, 07:03 PM
و من جميل التفريع قول الأعشى:
ما روضة من رياض الحسن معيشة = غَنَّاءُ جادَ عليها مُسْبِلٌ هَطِلُ
يضاحك الزَّهرَ مِنْها كوكبٌ شَرِقٌ = مُؤزَّرٌ بعميم النبتِ مُكْتهلُ
يُومَاً بِأطيبَ مِنْهَا طيبَ رائحةٍ = و لا بأحسنَ مِنها إذ دنَا الأُصُل

عبده فايز الزبيدي
13-05-2016, 07:07 PM
وقول ابن سهل الأندلسي من قصيدة مطلعها:

رَشاً جَنّة ُ الفِردوسِ في طيّ بُردهِ = تغصُّ بمرآهُ النجومُ وربما

حيث فرعَ قائلاً:



فما وَجدُ أعرابيّة ٍ بانَ دارُها = فحَنّتْ إلى بانِ الحِجازِ ورَندِه

إذا آنَسَتْ رَكْباً تَكفّلَ شوقُها = بنار قراه والدموعُ بورده

وإن أُوقِدَ المِصباحُ ظَنّتهُ بارِقاً = يُحَيّي فهَشّت للسّلامِ ورَدّه

بأعظمَ من وجدي بموسى وإنما = يرى أنني أذنبتُ ذنباً بوده

عبده فايز الزبيدي
15-05-2016, 08:04 AM
و ممن جاء بهذا الفن _ التفريع_ الشاعر المعاصر البحريني
إبراهيم العريض * فقال:
فقلتُ لها : «يا ميُّ! ما الروضُ = ناضراً ولا الطيرُ أحلى ما يكون لِسانا
بأحسنَ من خَدٍّ تَورّدَ في الصِّبا = وأعذبَ من ثغرٍ يفيض بيانا
لقد كان أولى أن نُبيحَ لبعضنا = عوالمَ بعضٍ في ربيع صِبانا
وما قيمةُ الأزهارِ في جانب الصِّبا = أليس الصِّبا - يا ميُّ - أعظمَ شأنا؟


_______________________
*ترجمتُ له في كتابي ( مرآة العصر لسير أهل الشعر و النثر) إبراهيم العريض ، شاعر البحرين
ولد عام 1908 وتوفي عام 2001 ميلادي ، عاش طفولته وفتوتـه في الهـند ، له عدة دواوين شعرية.

عبده فايز الزبيدي
17-06-2016, 01:14 AM
ذكر هذا البيت َ علَّامة الجزية العربية / حَمَد الجَاسِر في كتابه ( نظرات في كتاب تاج العروس)* :
ضِدَّانِ مَا اجْتَمَعَا و لنْ يَتَلاقَيَا = حَتَّى تَشِيْبُ مَفَارِقُ الغِرْبَانِ

قلتُ :
والضدُّ هو المخالف فالليل ضد النهار و الخير ضد الشر و الأبيض ضد الأسود ، و الغربان جمع غراب .
وفي هذا البيت ملحظ بلاغي يدعى بالتذييل وهو أن(يذيل النَّاظم أو النَّاثِر كلاماً بعدَ تمامهِ وحسن السكون عليه بجملة تُحقق ما قبلها من الكلام و تزيده توكيدا و تجري مجرى المثل بزيادة التحقيق ) ** فقول الشاعر : ضِدَّانِ مَا اجْتَمَعَا و لنْ يَتَلاقَيَا ، تام في نفي تلاقي الضدين ، ثم أراد تأكيده في ذهن السامع فقال : حَتَّى تَشِيْبُ مَفَارِقُ الغِرْبَانِ، فجعل تلاقيهما ممكنا ً إن شابت مفارق الغربان و هذا محال .

و قد جاء هذا الفن في القرآن ، ومنه قوله تعالى :
{ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الكَفُورَ} [سبأ:17].
فالتذييل في قوله تبارك و تعالى : ( وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الكَفُورَ)
و مثله :
( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) الإسراء :81 .
و التذييل في قوله تعالى : ( إنَّ الباطلَ كان زهوقا).


ولي عودة ففي البيت تمحيل.

________________________________________________
*حمد الجاسر ، نظرات في كتاب تاج العروس ،المطابع الأهلية للأوفيت ،الرياض ، ط: 1407 هـ_1987 م، ص:32 .
** ابن حجة الحموية ، خزانة الأدب و غاية الأرب.

عبده فايز الزبيدي
05-08-2016, 08:57 AM
قوله تبارك و تعالى : ( وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ( 13 ) ) سورة الأنعام .
قال أهل العلم (سكن) بمعنى استقر و لا يقصد به السكون عكس الحركة ، و قد تحدث عن أيهما الأصل السكون أم الحركة في ( اضابير النحو) ، و أمَّا من فسر (سكن) بعكس
المتحرك و لمَ ذكر الساكن دون المتحرك فلهم أقوال ثلاثة مشهوره هي :
أنه من باب :
1. التغليب: و التغليب هو ترجيح أحد اللفظين على الآخر ، وذلك بأن نطلق عليهما لفظا واحدا ، فيعطى الشيء حكم غيره.
و من صوره تغليب العاقل على غير العاقل و تغليب المذكر على المؤنث و غير هذا من الصور ، و هنا أراه من باب تغليب الأصل على الفرع فالأصل في الأشياء السكون و الفرع عنها الحركة.
أو أنه من باب
2. إرادة اللازم : أي أن كل متحرك سيسكن و قال الله ( بالليل و النهار) فما تحرك بالليل سيسكن بالنهار و ما تحرك بالنهار سيسكن بالليل .

أو أنه من باب
3. الاكتفاء وهو أن تكتفي بلفظ و غيره مراد بعده معه ‘ قال الزركشي ( الاكتفاء وهو أن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم و ارتباط ، فيكتفى بأحدهما عن الآخر )
و من شواهد هذا قول الله تبارك و تعالى : ( سرابيل تقيكم الحر ) و البرد كذلك ، وقوله تعالى : ( الذين يؤمنون بالغيب ) أي والشهادة كذلك .

وقال بعضهم هذه الآية و التي قبلها دليل على استيعاب الله لكل ما في المكان و الزمان :
( قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُل لِّلَّهِ ۚ كَتَبَ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (12) ۞ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (13)
فقوله تبارك و تعالى ( قل لمن ما في السماوات و الأرض ) استوعب المكان ، و ( له ما سكن بالليل و النهار) استوعب الزمان.

قلتُ ( و له ما سكن بالليل و النهار ) تستوعب الزمان و المكان فالمتحرك و الساكن أشياء له حيز و تحتاج لمكان و كذا حركتهم و سكونهم و الليل و النهار زمان الحركة للمتحرك و الساكن.

و ( ما) سكن تناسب الليل و النهار بعدها تناسب ما تحرك المحذوفة وهي دليل عليه و هذا ما يقره أهل النحو في قاعدة ( دَلَّ عليه دليلٌ جاز حذفه).

محمد محمد أبو كشك
08-08-2016, 11:38 AM
متابع في حضرة البلاغة

في صمت واهتمام

عبده فايز الزبيدي
08-08-2016, 06:49 PM
متابع في حضرة البلاغة

في صمت واهتمام
بارك الله فيكم
و تسعدني متابعة أستاذ فاضل في مثل علمكم و أدبكم.
:0014:

عبده فايز الزبيدي
10-08-2016, 08:08 AM
الاحتباك
( ...قال عنه البقاعي–رحمه الله– (ت 855 هـ) في أحد المواضع:((أن يؤتى بكلامين يحذف منهما شيءٌ إيجازاً, يدل ما ذكر على ما حذف من الآخر))(12),وذكره السيوطي(ت 911 هـ) في تعريفه بأنه:((أن يحذف من الأول ما اثبت نظيره في الثاني , ومن الثاني ما اثبت نظيره في الأول)) *
مثاله:
يمثل له العلماء بقول الله تبارك وتعالى :
( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ( 13 ) )سورة آل عمران .
شرح الاحتباك في الآية :
فقوله تعالى : ( فئة تقاتل في سبيل الله ) و قوله تعالى: ( وأخرى كافرة )
فقد حذف من الجملة الثانية ( فئة) لدلالة الجملة الأولى عليها ،و حذف ( مؤمنة) من الأولى لدلالة ( كافرة) عليها من الثانية ، و حذف ( تقاتل في سبيل الطاغوت) أو الشيطان من الثانية لدلالة ( تقاتل في سبيل الله ) عليها من الأولى .

وهو من أساليب الحذف التي تشتهر بها العربية ، و من جهة النحو فالقاعدة تقول : ( يجوز حذف ما يعلم) أو ( حذف ما يعلم جائز) .

و أشار البرفيسور / عبدالعزيز بن علي الحربي إلى أن البقاعي رحمه الله ذكر للاحتباك في تفسيره أكثر من مئتي شاهد .

و كما قيل تعدد الأسماء تدل على شرف المسمى فقد وردت له عدة تسميات منها:
_ ( الاستغناء بأحد المذكورين عن الاخر ) ابن القيم الجوزية.
-- (الحذف المقابلي) الزركشي .

و أول من تلمسه هو سيبويه و لم يسمه ، أما أول من سماه بالاحتباك فهو الشريف الجرجاني .

كلمة و أختم:
دراسة النصوص العربية قديمها و حديثها على ضوء مناهج النقد الحديثة مفيدة و لكنها لا تكشف جوانب البراعة عند القائلين ، فالتعويل على المستورد من مناهج النقد الغربية و الشرقية و إهمال ما سطره لنا العرب الأباء هو تجويع للعقل البشري و تضمير للملكات و ضياع للأعمار . ( مجرد رأي شخصي )

_________________
* عدنان عبد السلام اسعد ( الاحتباك في القران الكريم ، دراسة بلاغية) .

محمد محمد أبو كشك
10-08-2016, 04:07 PM
بارك الله فيكم
و تسعدني متابعة أستاذ فاضل في مثل علمكم و أدبكم.
:0014:

حفظك الله استاذنا الرائع الزبيدي:nj::nj::noc:

عبده فايز الزبيدي
10-08-2016, 05:05 PM
حفظك الله استاذنا الرائع الزبيدي:nj::nj::noc:

الله يحفظك أخي الحبيب.

عبده فايز الزبيدي
11-09-2016, 08:00 PM
التَّغَاير :
وهو من علم البديع ، و التَّغايرُ محسِّنٌ معنوي ، قال عنه ابن حُجّة الحموي:
( سماه قومٌ التَّلطف ، وهو أن يتلطف الشَّاعرُ بتوصله إلى مدح ما كان قد ذمَّهُ ، هو أو غيره .) *
و من شواهد ابن حجة ، قول البحتري :

ولَقد تأملتُ الفراقَ فلم أجد = يومَ الفراقِ على امرئٍ بطويلِ
قَصُرتْ مَسَافَتُهُ على مُتَزِّودٍ = مِنْهُ لِوههْنِ صبابةٍ غَليلُ
قال ابن حجة: ( وصف البحتري يوم الفراق بالقصر وقد أجمع النَّاس على طولهِ .) **
وقول ابن الرومي :

كذا قضى الله في الأقلامِ إذْ بُرِيَتْ = أنَّ السُّيوفَ لهَا مُذْ أُرْهِفَتْ خَدَمُ

قلتُ:
و قد قال أبو نواس _ مغايراً _ في مدح الخمر و هي مذمومة:


دَعْ عَنْكَ لَوْمي فإنّ اللّوْمَ إغْرَاءُ = ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ
صَفراءُ لا تَنْزلُ الأحزانُ سَاحَتها = لَوْ مَسّها حَجَرٌ مَسّتْهُ سَرّاءُ

و من هذا قولُ عبده بن فايز الزبيدي : ***

ذمَّ الأوائِلُ قَبْلَنَا = هذي الحياةَ بكلَّ هُجْرْ
قَالوا وقالوا: إِنَّهَا = دارٌ تَغرُّ و لا تُغَرّْ
مَهْمَا قرَأتُ عنِ الحيــــاةِ =فَإنَّ فيْهَا ما يَسُرّْ
فيها المساءُ بهمسِهِ = فيها ابتسامةُ كلِّ فجْرْ
فيها السماءُ بشمسِها = وجوارَ نجمٍ قامَ بَدْرْ
فِيْهَا الحُقُولُ البِكْرُ كَمْ = جَارَيْنَ تَرْنِيْمَاً لِنَهْرْ
فيها الحسان الغيدِ مِنْ= بيضٍ مُنعمةٍ و سُمْرْ
فيها نِداءُ المؤمنينَ = وقد تلوا آيَ و ذِكْرْ
هذي الحياةُ جَميلةٌ = وَجَمَالهَا يرويهِ زَهْرْ
يا ليتَ أَنِّيَ قَادِرٌ = لأزورَ مِنْهَا كلَّ شِبْرْ
مهما سَمِعْتُ عَنِ الحياةِ = فإنَّها للخُلدِ جِسْرْ

___________
* : ابن حُجّة الحموي، ( خزانة الأدب و غاية الأرب )، المكتبة العصرية _بيروت ، ط :1426 هت -2006 م ، ج: 1 ، ص: 232.
**: نفس المصدر السابق ، ص: 233.
*** ذكرت اسمي لأن بعض النقلة _ هداهم الله _ لا يشيرون لمصادر نقلهم .

عبده فايز الزبيدي
14-09-2016, 04:14 PM
عتابُ المرء نفسه:
قال عنه ابن أبي الإصبع :
( وهو من إفراد ابن المعتز . ومنه قوله تعالى : ( يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ) ، ومن قوله تعالى : ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا . لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا . ) * أ.هـ

قلتُ :
و من هذا قول لبيد بن ربيعة ، رضي الله عنه :

ما عاتَبَ الحُرَّ الكَريمَ كَنَفسِهِ = وَالمَرءُ يُصلِحُهُ الجَليسُ الصالِحُ

و من هذا الباب قول الأول : **

وَبِعَيْنِ مُفْتَقِرٍ إِلَيْكَ رَأَيْتَنِي = فَهَجَرْتَنِي وَنَزَلَتْ بِي مِنْ حَالِقٍ
لَسْتَ الْمَلُومَ ، أَنَا الْمَلُومُ = لأَنَّنِي أَنْزَلْتُ حَاجَاتِي بِغَيْرِ الْخَالِقِ

و من الشعر المعاصر ، قال عبده بن فايز الزبيدي :


عَلَـى نَفْـسيْ سَأُلقِيْ سُـوْءَ ظَنِّيْ = و أُلْـزِمُـهَا المَـلامَـةَ مَـا بَـقِيْـتُ

وَ أَجْـعَـلُ حُـسنَ ظَنِّيَ فِيْ إلَهِيْ = فَحُـسْـنُ الظَّــنِّ للأرواحِ قُـوتُ

و قد ذكر هذا الفن من البديع ابن حجة الحموي ، وأورد من بديعيات أهل البديع ،(بيت الشيخ صفي الدين الحلي فيه :

أنَا المفرطُ أطلعتُ العدوّ على = سرِّي و أودعتُ نفسي كَفَّ مُجْتَرمِ ) ***

_______________
* ابن أبي الإصبع المصري ، بديع القرآن ، ص: 63-64 .
** نسبها بعض المؤلفين القدامى للمتنبي و لكنها ليست في ديوانه . جاء في البداية و النهاية : ( قال ابن خلكان وهذان البيتان ليسافي ديوانه وقد عزاهما الحافظ الكندي إليه بسند صحيح ).
زجاء في كتاب شعب الإيمان للبيهقي:
( أَنْشَدَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْشَدَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعَلَوِيُّ الشَّهِيدُ، أَنْشَدَنِي الْمُثَنَّى لِنَفْسِهِ:"[البحر الكامل]
وَبِعَيْنِ مُفْتَقِرٍ إِلَيْكَ رَأَيْتَنِي ... فَهَجَرْتَنِي، وَنَزَلَتْ بِي مِنْ حَالِقٍ
لَسْتَ الْمَلُومَ أَنَا الْمَلُومُ لِأَنَّنِي ... أَنْزَلْتُ حَاجَاتِي بِغَيْرِ الْخَالِقِ" )
*** ابن حُجّة الحموي، ( خزانة الأدب و غاية الأرب )، المكتبة العصرية _بيروت ، ط :1426 هت -2006 م ، ج: 1 ، ص: 317 .

عبده فايز الزبيدي
15-09-2016, 06:08 PM
ومن عتاب المرء نفسه ، قول قُعنب بن ضمرة و المشهور بابن أم صاحب من شعراء الخلافة الأموية :

لومُ الفتى نفسَهُ من دون عاذله = يثني عليه ولوم النَّفسِ يُغتفرُ

تشابهُ الأطراف :
ذكر ابن أبي الإصبع أن أول من استنبطه هو ابن الأجدابي في ( كفاية المتحفظ و غاية المتلفظ) و سماه التسبيغ ، و لم يرضَ ابن أبي الأصبع التسمية فسماه بـ (تشابه الأطراف) .
عرَّفه ابن حُجَّة الحموي بقوله :
(و تشابُهُ الأطراف هو أن يعيد النَّاظمُ لفظة القافية في أول البيت الذي يليها)

قال ابن معصوم ، في ( أنوار الربيع في أنواع البديع ) :
( ووقع ذلك في القرآن العظيم وهو قوله تعالى: (وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) فأعاد فاصلة الآية الأولى في أول الآية الثانية.
ووقع في غير الفواصل أيضاً، وهو قوله تعالى: (ألله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري .

ثم قال :
ومنه قول النابغة الذبياني:

لعمري وما عمري علي بهين = لقد نطقت بطلا علي الأقارع
أقارع عوف لا أحاول غيرها = وجوه قرود تبتغي من تجادع

ومنه قول عمر بن أبي ربيعة:

فلم أستطعها غير أن بدا لنَا = عشيت راحت وجهها و المعاصم
معاصم لم تضرب على البهم بالضحى = عصاها و وجه لم تلحه النسائم


و أورد له ابن الإصبع ، قول ليلى الأخيلية في مدح الحجاج:

إذا نَزَلَ الحجَّاجُ أَرْضًا مَرِيضَةً = تَتَّبَعَ أقْصَى دائِها فَشَفَاهَا
شَفَاها من الداءِ العُضَالِ الذي بها = غُلَامٌ إذا هَزَّ القَنَاةَ سَقَاهَا

قلتُ و من المعاصرين ، قول عبده بن فايز الزبيدي:

ضَجَّ السَّراب لأنَّيْ لا أصدقه = تصديقَ صَادٍ حديثِ العهدِ بالبيدِ
بِيْدُ القصائد مُضْطَرَّاً أمرُّ بها = مرورَ ريحٍ بقفرٍ مُهْلكٍ مودي

تنبيه:
عرَّف أحمد مصطفى المراغي هذا الفن في كتابه ( علو البلاغة) بما يخالف كلام الأئمة السابقين عليه ، فقال:
( من مراعاة النظير ما يسمى تشابه الأطراف ، و هو أن يختم الكلام بما يناسب أوله في المعنى ، كقوله تعالى :
( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيفُ الخبير ) ( الأنعام : الآية 103 )

و الحق أن تشابه الأطراف هو ما تعرفتَ عليه في كلام ابن الأصبع و ابن حجة وابن معصوم و من قبلهم ابن الأجدابي مستنبط هذا الباب .
والله أعلم

عبده فايز الزبيدي
25-09-2016, 06:26 PM
السلب والإيجاب:
قال ابن معصوم في (أنوار الربيع في أنواع البديع ) :
(هذا النوع, زعم ابن أبي الأصبع انه من مستخرجاته, وهو موجود في كتب القدماء الذين نقل عنهم ككتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري, وسر الفصاحة لابن سنان الخفاجي, وبديع شرف الدين التيفاشي, وذكره عز الدين الزنجاني في معيار النظار.
قال العسكري: هو أن يتبنى الكلام على نفي الشيء من جهة, وإثباته من جهة أخرى, أو الأمر به من جهة, والنهي من جهة أخرى, وما أشبه ذلك, كقوله تعالى "فلا تخشوا الناس واخشون".
ومن النظم قول امرئ القيس *:

هضيم الحشا لا يملأ الكف خصرها = وتملأ منها كل حجل ودملج

وقول الحماسي ** :

لا يفطنون لعيب جارهم = وهم لحفظ جواره فطن

وقوله: ***

وننكر أن شيئاً على الناس قولهم = ولا ينكرون القول حيث نقول ) أ.هـ

و من أقول المعاصرين في هذا الباب ، قول / عبده بن فايز الزبيدي:

لا يسألَ النَّاسَ الكريمُ لشَأْنِهِ = و تراهُ عن حَالِ الضِّعيفِ سؤولا (1)

__________________
ذكر محقق الكتاب / شاكر هادي شكر :
(* لم أجد هذا البيت في ديوان امرئ القيس.
** هو أبو علي قيس بن عاصم بن سنان المنقري التميمي ، كان سيداً في الجاهلية و الإسلام ، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد تميم سنة تسع للهجرة ، فاستعمله على صدقات قومه ، لم أقف على تأريخ وفاته .
*** الشعر للسموأل . ) أ.هـ ، (أنوار الربيع في أنواع البديع ، المجلد الخامس ، ص: 280 - 281 )
(1) بيت من قصيدة في مدح الملك / عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، رحمه الله ، مطلعها : ( أنسيت عهداً في الغرام جميلا) .

عبده فايز الزبيدي
30-09-2016, 06:34 PM
المُناقضة :
عرفه ابن أبي الأصبع و نقل عنه تعريفه ابن حُجة * :
( تعليق الشرط على نقيضين : ممكن و مستحيل ، و مراد المتكلم المستحيل دون الممكن ، ليؤثر التعليق عدم وقوع المشروط ، فكأن المتكلم ناقض نفسه في الظاهر ، إذ شرط وقوع أمر بنقيضين ، و مثاله قول النابغة:

و إنَّكَ سوف تحكم أو تباهي = إذا ما شِبْتَ أو شَابَ الغرابُ ) ** أ.هـ

و الذي أراه أن هذا التعريف بُني على شاهد النابغة ، و قد حاول ابن أبي الأصبع إيجاد شواهدَ له، لكنه ابتعد عن حقيقة الباب و عن معاني التعريف الذي تبناه .
و أمّا ابن حُجَّة فلم يزد على شاهد النابغة سوى أبيات أهل البديع وهي أبيات مصنوعة كمنظومات تعليمية .

و سأعرفُ هذا الفن البلاغي بقولي:
( المناقضة هي تعليق وقوع ممكن على حدوث مستحيل)

و على هذا قولي :

رامٍ رماني بسوءٍ = و لستُ أذكرُ زلَّه
و كانَ قبلُ خديني = و الحال يدرِيه كلَّه
أسقطتُهُ من حِسابي = لا أكْـثرَ اللهُ مثـْـلَه
و قلتُ حسبي عليهِ = إنْ لـَم يُـقـدِّمْ أدِلَّـه
و قاسموني رفاقي = بـالله كيْـما أحِـلَّـه
أعْطيتُ قولاً كثوبٍ = قـَد خـرَّقتُـه الأهلَّه
سَامحتُه يا رفاقي = ما عانقَ المَرْءُ ظِلَّه

ففي البيت الأخير علقتُ وقوع المسامحة وهي أمر ممكن ، على معانقة المرء ظله و هذا مستحيل .

و قول المتنبي ، رحمه الله تعالى:

أحبك أو يقولوا جر نمل= ثبيرا وابن إبراهيم رِيعا
(أو ) بمعنى حتَّى ، فيكون معنى البيت أحبك إلى أن يقال : جرَّ نمل جبل ثبير و ارتاع ابن إبراهيم ممدوح المتنبي ، قال ابن معصوم :
( علق زوال حبها على الأمرين ، لاستحالة جرّ النمل ثبيرا حقيقةً ، و استحالة ارتياع الممدوح إدعاءً، فالأمران كلاهما مستحيلان في اعتقاده ) ***
وهذا يؤيد ما ذهبتُ إليه في تعريف المناقضة.
___________________
* قال ابن أبي الأصبع : ( هو .... ) و سائر الكلام نقله عنه ابن حُجَّة.
**ابن حُجّة الحموي، ( خزانة الأدب و غاية الأرب ) ، ج: 1 ، ص: 255 .
*** ابن معصوم ، ( أنوار الربيع في أنواع البديع) ، ج2 ، ص: 368 .

عبده فايز الزبيدي
06-11-2016, 02:55 PM
حُسْنُ التَّخلص :
عَرَّفَهُ ابنُ حُجّة بقوله : ( هو أن يستطرد الشاعر المتمكن ، من معنى إلى آخر يتعلق بممدوحه ، بتخلص سهل يختلسه اختلاساً رشيقاً دقيق المعاني ، بحيث لا يشعرُ السَّامعُ بالانتقال من المعنى الأول إلاَّ وقد وقع في الثاني ، لشدة الممازجة و الالتئام و الانسجام بينهما ، ....)

وهو عند ابن أبي الإصبع ( براعة التخلص) و تعريفه له أشمل من تعريف الحموي ، فقال:
( وهو امتزاج ما يقدمه الشاعر مِنْ البسط ، إمَّا المدح أو الذم ،أو غيره من نسيب ، أو وصف ، أو أدب ، أو زهد ، أو فخر ، أو مجون ، أو غير ذلك من الفنون بأول بيت من المدح ، قد يقع ذلك بين بيتين متجاورين ، وقد يقع في بيت واحد )
و لو قال ابن أبي الإصبع (القائل) بدلاً من (الشاعر) لشمل التعريف الشاعر و الناثر ، لأنَّ هذا الفن لا يختص به الشعر دون النثر.

و من مثال ( حسن التخلص) في شطر بيت ، ما جاء به ابن هانئ الأندلسي ، فبدأ متغزلاً :




فتكاتُ طرفكِ أم سيوفُ أبيكِ =وكؤوسُ خمرٍ أم مَراشفُ فيكِ

أجلادُ مرهفة ٍ وفتكُ محاجرٍ = ما أنتِ راحمة ٌ ولا أهلوك

يا بنتَ ذا السّيفِ الطّويلِ نجادهُ = أكذا يجوزُ الحكمُ في ناديكِ

قد كانَ يدعوني خيالكِ طارقاً = حتى دعاني بالقَنا داعيكِ

عَيناكِ أم مغناكِ مَوْعِدُنا وفي = وادي الكرى نلقاكِ أو واديكِ

منعوكِ من سِنة الكرى وسرَوْا فلوْ = عثروا بطيفٍ طارقٍ ظنُّوك

وَدَعَوْكِ نَشوَى ما سقوكِ مُدامة ً = لمّا تمايل عطفكِ اتهموكِ

حسبُ التّكحُّلَ في جفونك حلية ً = تاللهِ ما بأكفّهم كحلوك

وجَلَوْكِ لي إذْ نحن غُصْنا بانَةٍ = حتى إذا احتَفَلَ الهَوى حَجَبوك

ولوى مقبّلكِ اللّثام وما دروا = أن قد لثمتُ به وقبِّلَ فوك

و حين أراد أن يخرج من الغزل إلى المدح ، يمدح يحيى بن علي الأندلسي ، قال:



فضَعي اللِّثامَ فَقَبل خَدّك ضُرّجَتْ = راياتُ يحيى بالدّم المسفوك

فقوله في صدر البيت : ( فضَعي اللِّثامَ فَقَبل خَدّك ضُرّجَتْ) من الغزل الذي استهل به قصيدته ، وقله في عجز البيت : ( راياتُ يحيى بالدّم المسفوك ) هو الباب الذي دلف منه إلى المدح ، ثم قال بعدها :

يا خيله لا تسخطي عزماته = ولئن سَخِطْتِ فقلّما يُرضيك

وما بعده مدح خالص .

و من هذا الباب ما قاله عبده بن فايز الزبيدي في مدح الشاعر السوري أحمد الشَّعار ، و جاء المطلع غزلي :

أشكو إلى الله منْ هَـمٍّ يُساورُنـي = أسـالَ دمعـيْ كَمُنْهَـلٍّ علـى طَلـلِ
مِنْ حبِّ أشقرَ باتَ الليـلَ يشغلُنـي = ولستُ أشْغـلُ ذاتَ الـدَّلِ و الكَحَـلِ
(مايـا) تديـنُ بديـنٍ غَيـرِ ملَّتِنـا = دينِ الصليبِ و دينـيِ أكْمـلُ المِلَـلِ
لم تَرضَ (مايا) لأجلي تـركَ مِلَتهـا = ولستُ أرضى بسُخْـطِ اللهِ و الأجـلِ
يا للمُحبِّيـنَ حـبٌّ قـام يجمعهـم = وبَدَّدَ الشَمْلَ حُكْـمُ الدِّيـنِ و النِحـلِ
ما فات ماتَ من الأشواقِ بيْـدَ لنـا = شَهْدُ التَّذَكُّرِ فـي الأشعـارِ و الزَّجَلِ

وهنا يخرج الشاعر من الغزل برابط بين المعنى الأول و الثاني:

لكنْ جمعتُ جميعـي فـي مودتـه = عقلي و قلبي و طيبَ القولِ و العمـلِ

ثم يشرع في صريح المدح:

باللاذقيـة شهـمٌ حـارَ مـادُحُـهُ = وكيفَ أوفي كريمَ الخـال و الخَـولِ
بَحرٌ من الجودِ قـدْ أغنـاك نائلُـه = عنْـدَ الملمَّـةِ صلـدٌ وافِـرُ الحِـيَـل

و هذا مثال آخر لعبده بن فايز الزبيدي ، فبدأ بمطلع تأملي و فلسفة ذاتية :

أدغـــالُ ذاتـــيَ فـيـهـا كـــلُّ غـامِـضـةٍ = مِــنَ الـمـشاعرِ _ آهٍ _ مِـنْـكِ يَـا ذاتـي
أحْـرَاجُـهَا أَحْـرَجَـتْ نُـطـقي إذا سَـألتْ =عَـنْ دربِـها الـنَّفسُ فـي سَـيْرِ الكنَاياتِ
و خــطـوةُ الــشَّـكِ مـنِّـي لــنْ يُـؤَنِـبَها = دربٌ يــحــيــل بــدايــاتــي نــهـايـاتـي
ولــــي الــتَّـأمـلُ جــاسـوسٌ أشـــاورهُ = يُـشـيرُ بـالـرَّمزِ عـن خـافي الـمساراتِ
أسـائلُ الـصّمتَ عـنْ صـوتِ الـنَّجاةِ فَلَا = يـأتِـي صـدى الـنَّبضِ مـني بـالبشاراتِ
فــأرسـلُ الـفَـألَ مـبـعوثي و مـؤتـمني = يــفـاوضُ الـنَّـصْـرَ فـــي غـيـبٍ لَـنَـا آتِ

و احتاج إلي بيتين ، ثلاثة أشطر للخروج من المطلع ، وشطر للدخول إلى صلب القضية وهي ( غَزّة) ، لأن المطلع في الأصل أطول فأحتاج ما لا يحتاجه بقية الموضوع فأطال حيث التطويل و اختصر حيث الاختصار، فقال متخلصاً:


أُشــارك الـكـلَّ فــي أنـفاسهم شَـفَقَاً = أوقـــاتُ غـيـريَ أضـحـتْ كــلَّ أوقـاتـي
فَـــتِلْكَ حَــالـي إذا أدْخَــلـتُ ذاكــرتـي =في وعْيِ مَنْ أخْمَستْ عِقْداً لشَاماتِ

ثم ذكر قضية القصيدة العامة :


أسـيـافها مــن فـرنـد الـصـبح تـرسـلها =شــمـسٌ تـغـيرُ عـلـى لـيـلِ الـخِـيانات
و كـــلُّ جـــرح نــمـا مــن دفـقـه زَهَــرٌ =فــمــا تــــراهُ ســــوى وردِ الـجِـراحـاتِ
لـو نـبضُ غَـزَّةَ فـي عِـرْقِ الـصَّليبِ لَـمَا =بـــاتَـــتْ تُــضــمـد آثـــــارَ الــنِّــزاعـاتِ

و سأكمل الكلام على هذا الفن في غير الشعر في المشاركات القادمة ، إن شاء الله تعالى.

ملحوظات:
_ تركتُ كثيراً من أمثلة القدامى لشيوعها و تكرارها.
- جعلت من شاعر معاصرٍ وهو عبده بن فايز الزبيدي ، مثالاً حتى نعطي البحث طابع المعاصرة.
_ أحجمتُ عن ضرب أمثلة من شعر شعراء الرابطة ؛ خروجاً من سؤال يوجه لي لم أخذت هذا و تركت ذاك ، وسلامةً من اتهام بالمحابة لذاك أو تلك .
- و جرياً على ما سَنُّه ابن حُجَّة و غيرُه من الشعراء الأدباء في جعل شعرهم مما يمثل به إذا وافق الكلام.

والله أعلم و أحكم
محبكم