مشاهدة النسخة كاملة : ما بال الشوق
د. مختار محرم
23-05-2016, 11:49 AM
مَـسـجُـونٌ مَـوعِـدُهُ غَــدُه
يَـسـكُـنُهُ مَـــاضٍ يُـجـهِدُهُ
نَـظْـرَتُـهُ تَـلـحَـقُ خُـطـوَتَـهُ
عَــن دَربِ الـعَـودَةِ تُـبـعِدُهُ
وَمَــدَاهُ الـلاشَـيءُ وَجُــرحٌ
فِــي الـمُـهجَةِ تَـنْكَؤُهُ يَـدُهُ
مَسجُونٌ فِيَّ .. وَيُشْبِهُنِي
يَـحْـتَـلُّ الـقَـلـبَ وَأَطـــرُدُهُ
هُـوَ نِصفِي لَنْ يَرحَلَ عَنِّي
وأنَــــا بِـالـغُـربَـةِ أَجْــحَـدُهُ
حَــولِـي قَـافِـيـةٌ سَـاكِـنَـةٌ
سَـطرًا يَـنْشُدُ مَـن يَسنِدُهُ
مِــن آَخِــر بَــابٍ تَـعبُرُ بِـي
أَوهَـامِـي..خَـوفٌ يُــوصِـدُهُ
وَإِلَـى أَيـنَ؟؟ سُؤَالٌ يَذوِي
فِـــي قَــلـبٍ ظَــلَّ يُــرددُهُ
وَالـخَطوُ يُفَتِشُ عَن قَدَمِي
وَالــحُـزنُ يَــجُـورُ وَأَحـمَـدُهُ
وَالأَشْـجَانُ احـتَلَّتْ وَجَعِي
لَاحَـــتْ كَـضَـرِيـحٍ أَقـصُـدُهُ
وَالـذِّكرَى صَـارَتْ لِـي وَطَنًا
ورُجُـوعِـي أُخـلِـفَ مَـوعِدُهُ
وَالـعَـهدُ الـمَنقوضِ تَـهَادَى
فِــي لِـيـلٍ بِــتُّ أُهَـدهِـدُهُ
وَقَـصِـيدِي يَـكْـتُبُنِي لَـحـنًا
أَمـضِـي بِـالـلَّوعةِ أُنـشِـدُهُ
مَـا بَـالُ الـشَوقِ يُطَارِدُنِي
وَيــحَـطِّـمُـنِـي وَأُمَـــجِّــدُهُ
أَضْـحَى قَـدَرًا لَـنْ يُـنكِرَنِي
وَهــمًــا أَزرَعُـــهُ أَحــصُـدُهُ
مختار محرم
22مايو 2016م
عبد السلام دغمش
23-05-2016, 11:57 AM
وهي تباريح الشوق .. والليل يضرب طوقاً حول النفس ..
الشاعر مختار محرم ..
سررت أن حجزت المقعد الأول هنا ..
دمت وسلمت .
عبدالكريم شكوكاني
23-05-2016, 12:01 PM
قصيدة رائعة المبنى
تشاؤمية
لا امل فيها
ولا رجاء
ولا دعوات صالحات
احترامي وتحيتي
د. مختار محرم
23-05-2016, 12:12 PM
وهي تباريح الشوق .. والليل يضرب طوقاً حول النفس ..
الشاعر مختار محرم ..
سررت أن حجزت المقعد الأول هنا ..
دمت وسلمت .
وسرني ذلك أيها الباذخ حضورا وأدبا .. لك المحبة
د. مختار محرم
23-05-2016, 12:14 PM
قصيدة رائعة المبنى
تشاؤمية
لا امل فيها
ولا رجاء
ولا دعوات صالحات
احترامي وتحيتي
أهلا بك شاعرنا ..
هكذا أنا ..
متشائم وبلا رجاء وبلا أمل ..
أنا أكتب نفسي .. وإن كان غيري متفائلا فليكتب عن نفسه .. لست مطالبا بالكتابة على غير ما أكون
تسرني متابعتك لي مؤخرا أيها الطيب
كن دوما بخير :0014:
عبدالكريم شكوكاني
23-05-2016, 12:30 PM
أهلا بك شاعرنا ..
هكذا أنا ..
متشائم وبلا رجاء وبلا أمل ..
أنا أكتب نفسي .. وإن كان غيري متفائلا فليكتب عن نفسه .. لست مطالبا بالكتابة على غير ما أكون
تسرني متابعتك لي مؤخرا أيها الطيب
كن دوما بخير :0014:
هههههههههه
والله يا صاحب انك عكس ما تكتب
فملامح وجهك بالصورة تدلل عنك
الا اذا كانت الصورة رمزية
هههههههه
لا تزعل فانا من مدرسة التفاؤل
خلي بالاخير دعوة صالحة...بكفي
احترامي وتحيتي
د. مختار محرم
23-05-2016, 12:51 PM
هههههههههه
والله يا صاحب انك عكس ما تكتب
فملامح وجهك بالصورة تدلل عنك
الا اذا كانت الصورة رمزية
هههههههه
لا تزعل فانا من مدرسة التفاؤل
خلي بالاخير دعوة صالحة...بكفي
احترامي وتحيتي
أهلا بك أخرى أيها العزيز ..
عن الصورة فهي قديمة .. وهل يجب على المرء أن يغير صورة بروفايله مع كل قصيدة لتناسبها؟؟
وعن الدعوة الصالحة فهي لك بظهر الغيب
ولك كل المحبة
محمد ذيب سليمان
23-05-2016, 02:17 PM
مَسجُونٌ فِيَّ .. وَيُشْبِهُنِي
يَـحْـتَـلُّ الـقَـلـبَ وَأَطـــرُدُهُ
هُـوَ نِصفِي لَنْ يَرحَلَ عَنِّي
وأنَــــا بِـالـغُـربَـةِ أَجْــحَـدُهُ
والله انك صادق فهو لا يغادر مهما تحايلت عليه
وسوف يبقة يخفق في الصدر وزان حلق وابتعدد فهناك خيط لا ينقطع ومربوط بك / بنا
نص جميل يذكرنا بشبيهه في الوزن والقافية
كل الحب لقلبك ايها الحبيب
مودتي
تفالي عبدالحي
23-05-2016, 02:29 PM
قصيدة جميلة شاعرنا القدير .
لقد غلفها الحزن فزادها جمالا و ابداعا .
تحياتي لك شاعرنا و شكرا لك على هذه القصيدة الجميلة التي أعجبتني كثيرا .
د. مختار محرم
23-05-2016, 02:48 PM
https://scontent-mxp1-1.xx.fbcdn.net/v/t1.0-9/13239483_1188111231229326_5436355037065016355_n.jp g?oh=48aed827e0b5f710887397ac878f9c7b&oe=579C0CA1
د. مختار محرم
23-05-2016, 02:49 PM
مَسجُونٌ فِيَّ .. وَيُشْبِهُنِي
يَـحْـتَـلُّ الـقَـلـبَ وَأَطـــرُدُهُ
هُـوَ نِصفِي لَنْ يَرحَلَ عَنِّي
وأنَــــا بِـالـغُـربَـةِ أَجْــحَـدُهُ
والله انك صادق فهو لا يغادر مهما تحايلت عليه
وسوف يبقة يخفق في الصدر وزان حلق وابتعدد فهناك خيط لا ينقطع ومربوط بك / بنا
نص جميل يذكرنا بشبيهه في الوزن والقافية
كل الحب لقلبك ايها الحبيب
مودتي
ما أسعدها الكلمات حين يشرق عليها بدر الشعر وإمام الحب الأستاذ محمد ذيب .. لك التقدير أستاذي
د. مختار محرم
23-05-2016, 02:50 PM
قصيدة جميلة شاعرنا القدير .
لقد غلفها الحزن فزادها جمالا و ابداعا .
تحياتي لك شاعرنا و شكرا لك على هذه القصيدة الجميلة التي أعجبتني كثيرا .
أهلا بك أستاذنا الرائع وشاعرنا الجميل .. شكرا لحضورك الألق
دمت بمحبة
أحمد الجمل
23-05-2016, 04:12 PM
الله الله الله
قصيدة ساحرة آسرة
بإيقاعها العذب وروعة التصوير وجمال التعبير
سلمت أستاذي الفاضل وسلم قلبك ولسانك
تحيتي وخالص مودتي
فاتن دراوشة
23-05-2016, 05:00 PM
يالحزنك وروعة ريشته التي ترسم لنا اللّوحات الآسرة أستاذنا
قرأت وسأقرأ من جديد
فخلف سطورك ما يُغري بالمتابعة والولوج دائما
دمت مبدعا
محمد حمود الحميري
23-05-2016, 05:44 PM
قصيدة من عيون الشعر صادقة الشعور تضج شوقًا ولوعة ..
دام عز قلمك معلمي ، ودمت مبدعًا .
د. مختار محرم
23-05-2016, 07:09 PM
الله الله الله
قصيدة ساحرة آسرة
بإيقاعها العذب وروعة التصوير وجمال التعبير
سلمت أستاذي الفاضل وسلم قلبك ولسانك
تحيتي وخالص مودتي
شكرا لك صديقي الشاعر الجميل آحمد الجمل
لك من قلب آخيك كل الامتنان والود
ليانا الرفاعي
23-05-2016, 07:45 PM
بريشة مشبعة بالأشواق كان المداد ينساب حزينا وكان اللحن شجيا
تحيتي وتقديري
د. مختار محرم
23-05-2016, 07:51 PM
يالحزنك وروعة ريشته التي ترسم لنا اللّوحات الآسرة أستاذنا
قرأت وسأقرأ من جديد
فخلف سطورك ما يُغري بالمتابعة والولوج دائما
دمت مبدعا
آستاذة فاتن
تبتهج الحروف بمرورك الآول
وترقى درجات الخلود بمرورك الثاني
شكرا مني ومن الشعر
د. مختار محرم
23-05-2016, 08:45 PM
قصيدة من عيون الشعر صادقة الشعور تضج شوقًا ولوعة ..
دام عز قلمك معلمي ، ودمت مبدعًا .
شكرا لك أيها الشاعر الأروع والصديق الأوفى ..
لك من الحب ملء قلبك وروحك
د. مختار محرم
23-05-2016, 08:46 PM
بريشة مشبعة بالأشواق كان المداد ينساب حزينا وكان اللحن شجيا
تحيتي وتقديري
وتحية لمرورك شاعرتنا الرائعة ليانا الرفاعي
كل الامتنان أيتها الفاضلة :001:
رياض شلال المحمدي
23-05-2016, 09:14 PM
في الوجد نشيجٌ ، موردُه = قلبٌ ينسابُ تنهّدُه
شعرًا وهوى يحكي أدبًا = آياتُ الفكرُ ترددُه
طوبى لقصيدٍ أطربنا = بأداءٍ طاب توددُهُ
د. مختار محرم
23-05-2016, 09:26 PM
في الوجد نشيجٌ ، موردُه = قلبٌ ينسابُ تنهّدُه
شعرًا وهوى يحكي أدبًا = آياتُ الفكرُ ترددُه
طوبى لقصيدٍ أطربنا = بأداءٍ طاب توددُهُ
أمام حرفك البدر يخبو نور كل نجوم القصائد
لله درك ولي كرم حضورك يا رياض الشعر وشلال الجمال
فاتن دراوشة
28-05-2016, 10:27 AM
يطالعنا الشّاعر بتساؤلاته منذ العنوان فنراه يسأل عن الشّوق وعمّ اعتراه من تغيير، ونراه ينوّه هنا ويعطي مقدّمة لما سيكون موضوع النصّ، فمحور النصّ هو شوقه وما آل إليه حال ذاك الشّوق.
مَـسـجُـونٌ مَـوعِـدُهُ غَــدُه
يَـسـكُـنُهُ مَـــاضٍ يُـجـهِدُهُ
ويأتي المطلع قويّا مستفزّا لليقظة وللخيال، فهو يصوّر نفسه كسجين يُواعد غده من نافذة سجنه، وهذا السّجين سجنه ليس كبقيّة السّجون يحيطه من الخارج، بل هو سجن يسكنه من الدّاخل ألا وهو الماضي الذي يثقل كاهله ويجهده.
وما أعمقها من صورة، تلك التي يصوّر بها الشّاعر ذكرياته وماضيه على هيئة سجن تحيط قضبانه بروحه وكيانه وتعزله عن الحياة وبهجتها وعن الغد المشرق الذي يحلم به، وهنا نراه يشير لرغبته بهذا الغد من خلال مواعدته له باللّقاء بعد أن تنتهي فترة سجنه.
نَـظْـرَتُـهُ تَـلـحَـقُ خُـطـوَتَـهُ
عَــن دَربِ الـعَـودَةِ تُـبـعِدُهُ
وهنا يكمل لنا وصف تفاصيل حالته التي يعيشها، فنظراته تلاحق خطواته على الدّرب وكلّما همّ بالعودة إلى ذاته تبعده تلك النّظرات عن درب عودته ليستمرّ في رحلة اغترابه عن ذاته.
ورحلة الاغتراب عن الذّات ابتدأت حين زجّ بنفسه في سجن الذّكريات والماضي المؤلم. فرغم وجود الأمل لديه بغدٍ مختلف مشرق يعيد لحياته الأمل والسّعادة إلّا أنّ نظراته وهنا أراه ينظر ببصيرته لا ببصره فالنظرات كانت بعيدة الأمد تراه وترقب خطوه وتحدّد له المسار، ورغم أنّ عقله يسعى للأمل نرى عقله الباطن يسيّره إلى الاستمرار بالحزن والأسى والعيش مع الذّكريات والأطلال.
وَمَــدَاهُ الـلاشَـيءُ وَجُــرحٌ
فِــي الـمُـهجَةِ تَـنْكَؤُهُ يَـدُهُ
هذا السّجين مداه وأفقه هو اللّاشيء والخواء، فهو خالٍ إلّا من جرح في مهجته كلّما شارف على الالتئام تنكؤه يده لينزف من جديد.
وتشبيه آلام الماضي بالجرح أتى ليعمّق في ذهن المتلقّي حجم المآسي التي جابهها الشّاعر في ماضيه التي لا تزال ذكرياته تسجنه داخل قضبانها وتحرمه العيش بسعادة.
مَسجُونٌ فِيَّ .. وَيُشْبِهُنِي
يَـحْـتَـلُّ الـقَـلـبَ وَأَطـــرُدُهُ
وهنا يعود الشّاعر لتفسير قصده بالسّجين الذي أورد ذكره في المطلع، فهذا السّجين مسجون داخل الشّاعر، وهو يشبه الشّاعر لكونه جزء من كيانه ووجوده، هي روح الشّاعر ومشاعره ونفسه الجّريحة، هذا السّجين يحتلّ قلب شاعرنا بكلّ ما يحتويه من بؤس وأسى وأحزان وأشجان، لكنّ شاعرنا يطرده ليريح قلبه من كلّ هذا الحمل الثّقيل من المآسي والآلام.
هذه الصّورة وما تحمله من عمق وما تثيره في خيال المتلقّي من صور تجعله يعيش مع الكاتب لحظاته ويشعر بآلامه.
هُـوَ نِصفِي لَنْ يَرحَلَ عَنِّي
وأنَــــا بِـالـغُـربَـةِ أَجْــحَـدُهُ
هذا السّجين هو نصف الشّاعر الذي رغم محاولة طرده يصرّ على المكوث وملازمته رغم أنّ الشّاعر يجحده وينكره وينكر علاقته به في غربته تلك التي يحياها.
وتخيّل كم يعاني المرء حين تغدو ذكرياته وماضيه شبحا يطارد هناء عيشه ويقضّ أحلام سعادته، ورغم محاولة طرد تلك الذّكريات والهرب منها والتنصّل من علاقتنا بها نراها تلتصق بنا أكثر وتفرض قضبانها على وجداننا وكياننا لتسجنها بينها.
حَــولِـي قَـافِـيـةٌ سَـاكِـنَـةٌ
سَـطرًا يَـنْشُدُ مَـن يَسنِدُهُ
وفي هذا السّجن وهذه القفار التي تعيشها روحه ويلزمها وجدانه لا يجد حوله غير قافية ساكنة مقيّدة كروحه السّجينة، تبوح بأوجاعه بصمتها، وسطر يحتاج لمن يسنده ويقوّم اعوجاجه، لما يحمل على متنه من الأسى والألم والأوجاع.
فهو لا يجد في غربته ما يسلّيه ويزيح عنه همومه غير تلك القافية الحزينة وذلك السّطر المعوجّ من الأسى والألم.
وكيف يستطيع المتؤلّم أن يزيل الهمّ عمّن يتألّم، فهذه القوافي وهذا الشّعر الذي يحاول به الشّاعر تنفيس ألمه يزيده ألما ويوجع وجدانه.
مِــن آَخِــر بَــابٍ تَـعبُرُ بِـي
أَوهَـامِـي..خَـوفٌ يُــوصِـدُهُ
وفي داخل هذا السّجن وفي غمرة تنقّله بين زنزانة وأخرى هناك نراه وقد حاولت أوهامه أن تقوده لاجتياز سجنه وأن تعبر به كلّ الأبواب فتوصله إلى الباب الأخير لكنّ خوفه يأتي ويوصد ذلك الباب في وجهه لكيلا يسمح له بالهروب إلى خارج ذلك السّجن الكئيب.
صورة تستنهض المخيّلة لترسم في أذهاننا الدّهاليز وتلك المطاردة التي تمّت في رحلة الهرب ومن ثمّ استنفار ذلك السّجان الذي هو الخوف وصدّه للباب الأخير في وجه سجيننا لمنعه من الهرب من سجنه وآلامه وذكرياته وماضيه.
وَإِلَـى أَيـنَ؟؟ سُؤَالٌ يَذوِي
فِـــي قَــلـبٍ ظَــلَّ يُــرددُهُ
ويرافقه في سجنه ذاك سؤال الذي بدأ بالذّبول والضّمور " إلى أنَ؟" هو سؤال الشّاعر لنفسه إلى أين تمضين بي يا نفسي؟ وإلى متى ساظلّ سجين الذّكريات وآلام الماضي؟ ألن يأتي اليوم الذي أتحرّر به من سجن الذّكريات لأنعم بغدٍ مشرق؟ لكنّ هذا السّؤال لكثرة تردّده وتكراره بات يعي أنّ الإجابة لن تأتي ولن تسعفه لذلك تعب وبدأ يذوي ويضمر ويضمحلّ لشعوره باليأس.
وهنا نتخيّل ذلك السّؤال كما نبتة صغيرة نبتت في قفار سجنه، وعندما لم يسكب ماء الإجابة ذبلت تلك النّبتة وذوت.
وَالـخَطوُ يُفَتِشُ عَن قَدَمِي
وَالــحُـزنُ يَــجُـورُ وَأَحـمَـدُهُ
ونرى خطوه يفتّش عن قدميه، وهذا إن دلّ فيدلّ على عدم الرّغبة لديه بالمضيّ قُدُما لتخطّي تلك الذّكريات وذلك الماضي. فرغم اقتناعه بأنّ عليه أن يخرج من سجنها لكنّ عقله الباطن يأمر خطواته بالابتعاد عن قدميه لكيلا يتقدّم بمساعيه للانفلات والهروب. وفي سجنه يجور عليه حزنه وآلامه ويحمدها ويبرّها رغم ما تسبّبه له من معاناة.
فهو مقيّد برغبة داخليّة من عقله الباطن يصعب عليه التغلّب عليها ليهرب من آلامه تلك ويعيش غده الذي يحلم به.
وكم كانت الصّورة هنا مثيرة حيث الخُطى التي تبحث عن الأقدام والحزنُ الذي يجور ويظلم صاحبه.
وَالأَشْـجَانُ احـتَلَّتْ وَجَعِي
لَاحَـــتْ كَـضَـرِيـحٍ أَقـصُـدُهُ
ونرى أشجانه وأحزانه تحتلّ مناطق وجعه وقلاعه وتظهر في عينيه كما ضريح يحمل جثّة طاهرة يزورها ويقصدها ليستزيد من بركتها. فالماضي وآلامه رغم الوجع والحزن تحمل طابع القداسة في نظره، ورغم حجم الألم الذي غرسته في صدره لا يستطيع إلّا أن يزورها قاصدا ضريحها لتنعم روحه بلقاء ذكرياتها.
وَالـذِّكرَى صَـارَتْ لِـي وَطَنًا
ورُجُـوعِـي أُخـلِـفَ مَـوعِدُهُ
ونراه هنا يسلم قياد أمره للذّكريات التي صارت بالنّسبة له وطنا ينتمي إليه، وفي ظلّ ذلك الانتماء لذلك الوطن المضني والمتعب والمرهق والموجع، نراه يخلف موعده مع الرّجوع إلى ذاته المشرقة والتي تقطن غده الذي كان يحلم به ويواعده من خلف القضبان.
فرغم الوجع ورغم ما يقاسيه الشّاعر نراه يعشق تلك الآلام حدّ الالتحام بها، فقط لكونها ذكريات تربطه بماضٍ ربّما كان يعشقه.
وَالـعَـهدُ الـمَنقوضِ تَـهَادَى
فِــي لِـيـلٍ بِــتُّ أُهَـدهِـدُهُ
وهذا العهد الذي نقضه الشّاعر مع ذاته التي كان يواعدها بالعودة إليها تهادى وسرى في ليله الذي بات يهدهده في مهده.
ويالجمال وروعة هذه الصّورة التي نرى بها الشّاعر يهدهد ليله في مهده، لينام حاضنا ذلك العهد الذي أخلفه بالعودة إلى ذاته وإلى رغبته بالحياة. لكي يستمرّ بعيشه في سجن الذّكريات الذي ينتمي إليه دون أن تزعجه تلك الأمنيات.
وَقَـصِـيدِي يَـكْـتُبُنِي لَـحـنًا
أَمـضِـي بِـالـلَّوعةِ أُنـشِـدُهُ
وباتت قصائده الحبلى بالحزن تكتبه لحنا ينشده بلوعته وحزنه وأساه، فالقصيدة هي من يكتب الشّاعر هنا، واللّوعة هي من ينشد اللّحن بمزمارها.
مَـا بَـالُ الـشَوقِ يُطَارِدُنِي
وَيــحَـطِّـمُـنِـي وَأُمَـــجِّــدُهُ
وهنا يعود ليسائل نفسه، ما بال شوقي للماضي يطاردني ويسجنني ويحطّم دنياي ورغم ذلك أمجّده وأنتمي إليه وأعشقه رغم ما يسبّبه لروحي من الألم والجراح؟
أَضْـحَى قَـدَرًا لَـنْ يُـنكِرَنِي
وَهــمًــا أَزرَعُـــهُ أَحــصُـدُهُ
وهنا يختم قصيدته بالتّأكيد على انصياعه وقبوله بسجن ماضيه له، فهذه الذّكريات هي قدره الذي لن ينكره ولن يجحده يوما، وبما أنّه قدره فلن يهرب منه، وسيظلّ بالنّسبة له وطنا ينتمي إليه ويحبّه رغم حجم الوجع الذي يتركه في نفسه ووجدانه، وسيظلّ وهمه الذي يبذر بذوره وينتظر نباتها ليحصد سنابلها عاما بعد عام.
هي قصيدة وجدانيّة تعبّر عن تخبّط الإنسان في ذات يجلدها ماضيها وذكرياتها من أمسٍ ولّى يحمل في طيّاته أروع اللّحظات مخلّفا حاضره خاويا إلّا من أطياف تلك الذّكريات، لكنّ وفاءه لتلك الذّكريات يجعله يدوس على ألمه ويتحمّل جراح تلك الذّكريات ليحتفظ بها في حاضره الأجوف ذاك.
كانت قوّة الصّور تستنهض المخيّلة لمعايشة تفاصيل الألم الذي يحياه الشّاعر، لتجعلنا نرافقه في رحلة تخبّطه تلك.
دام لقلمك البيان أستاذنا ودام الإبداع يشرق في فضاء حرفك.
أحمد عبدالله هاشم
28-05-2016, 05:51 PM
يااااااااه ما أشعرك ، دائما تذهلني بحرفك المتين أيها المكين!
محبتي وكل إعجابي
عادل العاني
28-05-2016, 09:57 PM
الله .. الله
وهذه الأغنية الرائعة والنشيد الراقي
وما عبّرت عنه ولمحت بها ...
أجدت وأحسنت وبارك الله فيك
تحياتي وتقديري
ثروت محمد صادق
28-05-2016, 11:24 PM
الله على الروعة شاعرنا الحبيب
أبدعت وأمتعت
تحاياي
د. سمير العمري
29-05-2016, 04:54 PM
قصيدة وجدانية فيها الكثير من وجوم الحس وحيرة الفكر وغربة في الذات عن الذات.
هي قصيدة ذات حرفية عالية تميزت شعرا وشعورا وتستحق التقدير فلا فض فوك!
للتثبيت
ودام ألقك الزاهر!
تقديري
عدنان الشبول
30-05-2016, 12:45 PM
الجميل في الشعر أنه يضم الحزن داخل مدارات الموسيقى فيصبح حتّى الحزن جميلا وعذبا
دمتم بخير وسعادة
عبد الحليم منصور الفقيه
01-06-2016, 02:35 AM
ما أفصح لسانك!!
إن لله لدرك.
عبد الحليم منصور الفقيه
01-06-2016, 03:03 AM
قد كان لي موطنٌ طارت حمامتُهُ
فـاليوم تُنعى إلى الدنيا سلامتُهُ
في كل وقتٍ نرى موتًا تلاحقُنا
من كل آفاق دُنيانا غمامتُهُ
لا خير في موطنٍ أعداؤهُ كثُرٌ
أو حاكمٍ ميّتٍ ديست كرامتُهُ
أو ثائرٍ نائمٍ والظلمُ ينهشُنا
أو عالِـمٍ ما بِهِ إلاّ عِمامتُهُ
أو شاعرٍ صامتٍ والعار منتشرٌ
أو قائدٍ ركعت للجيب قامتُهُ
يا موطنًا شعبُهُ كالحشر عيشتُهُ
قبل القيامة هل قامت قيامتُهُ
هذا زمانٌ له الدجّال منتظرٌ
أنّا نعيشُ كأمواتٍ علامتُهُ
عبدالستارالنعيمي
29-09-2016, 05:20 AM
الأستاذ د مختار محرم
أحسنت قريضا أيها الشاعر الفذ في قصيدتك الخببية رغم الحزن المكتظ عليها
دام لحرفك الإبداع حتى يصاهر السحاب
مع التحية والتقدير
جهاد إبراهيم درويش
29-09-2016, 10:18 AM
لله درك
كم أنت جميل حتى في حزنك
ورغم التشاؤم فقد جاء نصك وارفا
دمت جميلا أيها الشاعر المتمكن
ودام ألقك الزاهر
تحياتي
وفيض ود وورد
غلام الله بن صالح
29-09-2016, 10:30 AM
قصيدة رائعة
دمت جميلا
مودتي وتقديري
محمد ابوحفص السماحي
19-02-2019, 08:46 PM
يا ليل الصب متى غده
أقيام الساعة موعده
عارضها الشعراء و لا يزلون..
و عارضتها فوفيت و كفيت..
وألبستها من ثوب الحداثة ما أعادها الى الواجهة
مع خالص المحبة
ناديه محمد الجابي
05-07-2021, 10:58 AM
ورغم الشوق الجارف وما أثقل القلب من حزن فقد ظلت قيثارة شعرك تعزف أجمل الألحان
جزالة مصحوبة بالرقة، وسمو المعنى ـ وقافية عذبة جميلة
دام إبداعك نهر لا ينضب.
:009::cup::009:
عبدالحكم مندور
10-07-2021, 06:28 PM
معارضة رشيقة للقيرواني ..أين منا قصائدك الآن ..سلمت ودمت في خير ونعمة
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir