تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحياة السياسية لدى العرب الجاهليين



حسين علي الهنداوي
25-05-2016, 05:27 PM
الحياة السياسية لدى العرب الجاهليين
يجمع المؤرخون على أن الجزيرة العربية لم تكن تحت حكم ملك واحد في العصر الجاهلي ، وإنما قامت فيها دول مختلفة، وكان لها حضارات ومدنيات حكى المؤرخون عن أوصافها. ويبدو أن النظام السياسي في المدن والقرى الأخرى من شبه الجزيرة كان يختلف في بعضها عن بعض، وفي ذلك يقول الدكتور جواد علي: "ويلاحظ أن بعض المدن والقرى، ولا سيما في العربية الغربية مثل مكة لم يكن عليها ملك، إنما يحكمها عدة رجال قسمت الأعمال بينهم. ولا يلقب زعيمم والمتنفذ فيهم بلقب ملك و"للملأ" وهم أصحاب الحل والعقد في البلد الحكم في الناس على وفق العادات والأعراف والقوانين الموروثة، ويكون لهم في البلد مجتمع خاص يكون ناديهم ومقر حكمهم، عرف بـ"دار الندوة" في مكة وبـ "المزود" عند أهل اليمن. "أما يثرب حيث تنازع فيها الأوس والخزرج، فقد أراد كل فريق منهما أن يكون الحاكم من رجاله، وبعد جدل وحرب استقروا على أن يكون الحكم بينهما بالمناوبة. فيحكم في كل زعيم من زعماء الحي الواحد، يليه في العام الثاني زعيم من الحي الثاني، وشاؤوا أن يكون "ملك" لقب الحاكم عندهم. وبذلك يكونون قد وضعوا لهم نظام التناوب في الحكم، فيكون لهذه المدينة ملك كل عام". "وأما بقية المدن العربية فقد رأينا أن بعضها كان يحكمها عند ظهور الإسلام حكام يلقبون أنفسهم ملوكًا، وهم في الواقع مشايخ مدن، أو مشايخ مقاطعات، وكذلك كان يحكم العربية الجنوبية مثل حضرموت عدة مشايخ يلقبون بألقاب الملك". فكان هناك "ملوك" في اليمن والعراق والشام حيث الخصب الطبيعي وموارد الرزق الواسعة واعتدال المناخ، ولكن نوع تلك الحكومات في تلك الدول غير معروف، ويبدو أنها كانت على وجه عام من الحكومات المطلقة. أما البدو. فكان النظام القبلي هو السائد فيهم، ولم تكن هناك حكومة مركزية ترعى مصالح الشعب بأجمعه، وتنفذ القانون على الجميع، وتنشر العدل والطمأنينة والأمن بين جميع الطبقات، إنما كانت كل قبيلة بمثابة دولة مستقلة لها كيانها الذاتي الخاص، شعبها يتكون من أفرادها فقط، ولها وطنها وحرمها الذى تحافظ عليه، وتدافع عنه وتحميه، ولذلك كان يسمى الحمى، وهذا الحمى كان حرمًا للقبيلة لا ينبغي أن يمسه أو يقترب منه أجنبي، مثله مثل حدود الدولة في عصرنا الحاضر. وكان أفراد القبيلة يتعاونون ويتساندون في الحفاظ على شرف القبيلة وحماها وهم متساوون فيما بينهم، ولا يعتبرون غيرهم أعلى منهم، أو حتى مساويًا لهم، ولا يدينون بالطاعة إلا لرئيس قبيلتهم، فوطنيتهم كانت وطنية قبلية لا وطنية شعبية، كما كانت الحرية التي يتغنون بها ويتمسكون بها حرية شخصية لا حرية اجتماعية، وكان على القبيلة في مجموعها أن تحمي كل فرد من أفرادها وتهب كلها للدفاع عنه والأخذ له بحقه والانتصاف له إن أصابه ضيم، أو مست كرامته، ومن هنا كان لهم القول المشهور: "في الجريرة تشترك العشيرة"؛ فالقبيلة كانت تعتمد على أفرادها في قوتها وحياتها وشرفها وهيبتها، وكان الفرد يعتمد على القبيلة في كل ما له من حقوق، نظير ما كان عليه من واجبات، لذلك اشتد تعلق القبائل بأفرادها، كما اشتد تعلق الفرد بقبيلته، ومن هنا وجدت بينهم العصبية قوية، فكان التعصب للدم شديدًا، ووقف الفرد بجانب أخيه من قبيلته في جميع الأحوال ظالمًا كان أم مظلومًا. ولشدة اهتمامهم بالقرابة والصلة العصبية ولحمة الأبوية اهتموا بالأنساب اهتمامًا عظيمًا. فكان الواحد منهم يعرف نسبه ونسب قبيلته محددًا مضبوطًا، ونرى أثر ذلك في أشعارهم التي تفيض بذكر الآباء والأجداد والبنين والأحفاد، ولشدة اهتمامهم بالنسب عرف قوم منهم كانوا مشهورين بمعرفة أنساب العرب حتى سموا بالنسابين. ولوجود النظام القبلي بين أهل البادية، وانتشار الفوضى وتهديد الأمن والسلام في أية لحظة كان يهم القبيلة أن يكون أفرادها كثيرين، فمن أقوالهم: "للكثرة الرعب" حتى يمكنها أن تواجه الأخطار بما يملأ قلوب الأعداء خوفًا ورهبة. وكثرة الأفراد كانت إما عن طريق كثرة أفراد القبيلة نفسها، أو عن طريق التحالف مع قبيلة أو قبائل أخرى، فيكون أفراد هذا الحلف، وإن اختلفت قبائلهم، متضامنين يشد كل منهم أزر الآخر، فيكونون بمثابة قبيلة واحدة. وأفرادها إخوة كأنهم من دم واحد لا يعتدي أحد منهم على الآخر، ويقف بجانبه في الشدة، ويشاركه في البأساء والضراء، ويكون لكل فرد من أفراد هذا الحلف ما لزميله من الحقوق، وعليه ما على صاحبه من واجبات. والعربي في النظام القبلي "كان يتأرجح بين قطبين: فردية تدفعه إلى رفع كل ضغط وتثبيت الحقوق الدائمة لنفسه تجاه الحقوق الجماعية، وتعلق من ناحية أخرى بجماعته بصورة عميقة قد تصل إلي حد التضحية بالنفس". والقبيلة تظل متمسكة بكل فرد من أفرادها، تحافظ عليه، وترعاه، وتنتصف له، ما دام يسير وفق قانونها، وحسب نصائحها، ووفق رغبتها وإرادتها، فإذا ما بدر منه سلوك لا ترضاه، أو اعتاد أمورًا لا توافق عليها، خلعته من جماعتها ونفته من مجلسها، وطردته من بينها. وفي ذلك يقول طرفة:
وما زال تشرابي الخمور ولذتي ... وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
إلى أن تحامتني القبيلة كلها ... وأفردت إفراد البعير المعبد
فتتنصل منه القبيلة على رءوس الأشهاد، وتعلن تبرؤها مما اقترفه من أفعال، وكثيرًا ما كان يحدث ذلك حيث الجميع حضور، ليعرف الناس ذلك فلا يؤاخذوها على جرائم يقترفها، فصبح مخلوعًا5 من القبيلة كأنما سحبت منه جنسيته وعليه حينئذ أن يبحث عن مكان يؤويه أو جماعة ينزل معها أو تساعده والغالب أن ينتقل من مكان إلى مكان، ومن قبيلة إلى أخرى لصعوبة حمايته إذا كان من المشاغبين الأشرار، الذين لا يستطيعون المعيشة بهدوء كسائر الناس . "وقد يتكتل هؤلاء الخلعاء ويجتمعون مع الصعاليك، فيؤلفون عصابات خطيرة تعيش على السلب والنهب وقطع الطرق لكسب الرزق، فتلقي الرعب في النفوس، وتنعم بما في يديها من مال حرام تبدده وتبذره على عادة الشذاذ من الناس، ومن يحصل على قوته بهذه الطرق. ولعدم مبالاة هؤلاء وشجاعتهم، وعدم اهتمامهم بالحياة استخدم بعضهم في أعمال انتقامية مثل الفتك بالخصوم". "والحقيقة أن التشكيلات القبلية لم تكن محصورة في أهل البدو فقط، بل كانت كذلك موجودة في المدن بين أهل الحضر. فكان على رأس كل قبيلة أو رهط مجلس مؤلف من رؤساء الأسر أو رؤساء الرهط تبعًا لمقياس القبيلة، وإلى هذا المجلس تعود مناقشة جميع القضايا التي تهم القبيلة"." وكان لكل مجلس رئيس، هو شيخ القبيلة، وهو شخصية فذة يختارها الجميع ليكون المعبرة بلسان جماعتهم، والمنفذ لإرادتهم، فكانت أوامره مستمدة من مداولات المجلس، وهو بعبارة أوضح منفذ، مزود بسلطة إيحائية. وعليه بعد استشارة القدماء والذوات أن يقود جماعته إلى المعارك، وأن يستقبل الوفود، وأن يشرف على مفاوضات الصلح والمحالفات وإشهار الحرب وإضافة الضيوف، واتخاذ التدابير في سني القحط، وتحديد حركات الظعون" . وكان الرئيس يختار من ذوي الشخصيات القوية الممتازة، وتتحقق فيه صفات خاصة أهمها الوقار، والهيبة، وسداد الرأي وبعد النظر، والطموح والحزم والإيثار والتضحية، والغنى، والجود، والسخاء، والشجاعة والقوة، والحلم، والصبر، والرزانة والثبات، فلا يفرح للخير، ولا يكبو للضر، ولا تبطره النعمة، ولا تغمه الشدة، قد أحكمته التجارب، وله خبرة بطبائع النفوس، وحسن معالجة الأمور، ويتسم بالإخلاص، والأمانة، والوفاء، والسهر للمصلحة العامة، والعمل على إعلاء كلمة القبيلة ورفع شأنها، ومن خير ما قيل من شعر في أهم صفات الرئيس قول لقيط الإيادي:
وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مُتْرفًا إن رَخَاء العيش سَاعده ... ولا إذا عضَّ مكروهٌ به خَشَعا
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه ... هم يكاد سناه يقصم الضلعا
مسهد النوم تعنيه أموركم ... يروم منها إلى الأعداء مطلعا
ما انفك يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متبعًا طورًا ومتبعًا
حتى استمرت على شزر مريرته ... مستحكم الرأي لا قحما ولا ضرعا
وليس يشغله مال يثمره ... عنكم، ولا ولد يبغي له الرفعا
وكانوا إذا غنموا أموالًا أخذ الرئيس ما بعده لما قد يطرأ، ولما يتحمل من النفقات، وذلك هو: المرباع والصفي والنشيطة والفضول. ولشخصية رئيس القبيلة أثر كبير في مكانة القبيلة، فالزعماء في المجتمعات القبلية رجال السياسة، وبحكمتهم وكفايتهم تقرر الأمور، ورب كلمة من زعيم أو هفوة تصدر منه تثير حربًا أو تسبب كارثة له ولقبيلته، أو للحلف الذي يتزعمه، ذلك أن أعصاب رجال البادية مرهفة حساسة تثيرها الكلمات، ولا سيما إذا كانت تتعلق بالشرف والجاه. وكان الشعراء في قبائلهم لسان حالهم، والمذيعين لأخبارهم، والمسجلين لأفضالهم وأمجادهم. وقد تسبب عن هذه العصبيات القبلية الضيقة عدم وجود مجتمع واحد كبير، كما أن المنافسات بين هذه العصبيات وزعمائها نشأ عنها تفكك اجتماعي، وعدم استقرار، وحروب كثيرة، ومن ثم لم تتكون منهم دولة واحدة قوية وحكومة مركزية عامة تتولى نشر العدل والأمن والطمأنينة بين جميع المواطنين.



المستشار الأدبي
حسين علي الهنداوي
شاعر وناقد
مدرس في جامعة دمشق
دراسات جامعية-في الأدب العربي
صاحب الموسوعة الأدبية (المرصد الأدبي )
حجم الموسوعة( خمس عشرة ألف صفحة )
سوريا -درعا- hoshn55@gmail.com
السيرة الذاتية للمستشار الأدبي(حسين علي الهنداوي)
أ- أديب و شاعر وقاص ومسرحي و ناقد و صحفي
ب- له العديد من الدراسات الأدبية و الفكرية
ج-نشر في العديد من الصحف العربية
د- مدرس في جامعة دمشق - كلية التربية - فرع درعا
ه- ولد الأديب في سوريا – درعا عام 1955 م
و- تلقى تعليمه الابتدائي و الإعدادي و الثانوي في مدينة درعا
ح- انتقل إلى جامعة دمشق كلية الآداب – قسم اللغة العربية و تخرج فيها عام 1983
ك- حائز على إجازة في اللغة العربية
ص-حائز على دبلوم تأهيل تربوي جامعة دمشق
ع- عمل محاضراً لمادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرسين - قسم اللغة العربية في مدينة درعا
ف- انتقل إلى التدريس في المملكة العربية الســـعودية عام (1994 /2000 ) في مدينتـــي عنيزة و تبوك 0
1- عضو اتحاد الصحفيين العرب
2- عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
3- عضو تجمع القصة السورية
4- عضو النادي الأدبي بتبوك
مؤلفاته :
أ*- الشعر :
1- هنا كان صوتي و عيناك يلتقيان/1990
2- هل كان علينا أن تشرق شمس ثبير/1994
3- أغنيات على أطلال الزمن المقهور /1994
4- سأغسل روحي بنفط الخليج /1996
5- المنشّى يسلم مفاتيح إيلياء/1996
6- هذه الشام لا تقولي كفانا / مخطوط
ب*- القصة القصيرة :
شجرة التوت /1995
ج – المسرح :
1- محاكمة طيار /1996
2- درس في اللغة العربية /1997
3- عودة المتنبي / مخطوط
4- أمام المؤسسة الاستهلاكية / مخطوط
د – النقد الأدبي :
1- محاور الدراسة الأدبية 1993
2- النقد و الأدب /1994
3- مقدمتان لنظريتي النقد و الشعر / مخطوط
4- أسلمة النقد الأدب
هـ - الدراسات الدينية :
1- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الأول
2- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثاني
3- الإسلام منهج و خلاص ـ الجزء الثالث
4- فتاوى و اجتهادات / جمع و تبويب
5- هل أنجز الله وعده !!!!!!
و- موسوعة (المرصد الأدبي) :
1-تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية ( معاني الأدب وعلاقاته)
2 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية قبل الإسلام (العصر الجاهلي )
3 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر صدر الإسلام )
4 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الراشدين )
5 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية (عصر الخلفاء الأمويين)
6 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العباسيين )
7 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء الأندلسيين )
8 - تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الدول المتتابعة )
9- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية(عصر الخلفاء العثمانيين )
10- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العصر الحديث)
11- تاريخ الأدب والنقد والحكمة العـربية والإسلامية في (العهد المعاصر)