سيد سليم
29-05-2005, 07:23 PM
من رحمة الله بعباده أن فتح لهم باب التوبة ، وجعل التوبة تطهر الباطن من أدران الذنوب كما يطهر الماء أدران البدن ، وإذا كان الماء طهارةً للبدن ، فإن التوبة طهارة للقلوب ؛ ولذلك جمع الله لنا الأمرين في قوله تعالى: { إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين } ( 222:البقرة) ، فالتوابون هم الذين يغسلون ويطهرون قلوبهم وبواطنهم ـ مما نكت وانطبع فيها من الذنوب ـ بالاستغفار والتوبة ، والمتطهرون هم الذين يغسلون ويطهرون أبدانهم وثيابهم ـ مما علق بها من أوساخ وغيرها ـ بما أنزل المنعم من ماء .
وكما أن الله الكريم المَنَّان أنزل الماء غيثاً ورحمةً جعل الاستغفار غيثاً ورحمةً كذلك فقال سبحانه وتعالى : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون }(33:الأنفال) .
ومن فضل الله على عباده وإكرامه لهم أنه جعل التوبة النصوح (الصادقة الخالصة) التي يسبقها الندم على اقتراف الذنوب ولا يصحبها الإصرار على المعاصي كبيرها وصغيرها ؛ تمحو ما قبلها من الذنوب والخطايا حيث قال سبحانه وتعالى عن أوصاف المتقين : {... والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }(135:آل عمران) .
نعم إن الصدق في التوبة الذي يقتضي الإتيان بشروطها التي نص عليها الشرع وهي: الإقلاع عن الذنب ، والندم على ما فعل ، والعزم على ألا يعود ، مع إضافة شرط رابع ـ إذا كان الذنب يتعلق بحقوق الناس ـ هو : رد المظالم إلى أهلها ؛ إن هذا الصدق في التوبة يمحو الذنوب مهما عظمت فينسيها المسجلين لها من الحفظة الذين قال الله عنهم : { وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون }(12:10:الانفطار ) كما ينسيها الجوارح الفاعلة لها حيث قال لنا سبحانه عن شهادة الجوارح : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيدهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } (65: يس) وكذلك يمحو أثرها من على الأرض التي أخبرنا المولى تبارك وتعالى عن شهادتها في قوله تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها }(4:الزلزلة) وفي توضيح لمعنى محو الذنوب بمثل هذه التوبة يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : " إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومحا آثار ذنوبه من على الأرض " .
وقد ينعم الله على عبده التائب بكثرة الندم والوجل مما سبق منه فيكون ذلك سبباً في زيادة الطاعات واجتناب المخالفات حتى يبدل الله سيئاته حسناتٍ بفضله ورحمته ففي أوصاف عباد الرحمن يقول الله عز وجل : {...إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيما }(70:الفرقان)وقد فتح الله باب التوبة لعباده مهما كانت ذنوبهم ؛ إذا أرادوا الرجوع إليه يقول عز وجل : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }(53:الزمر) وقد أشار العارف بالله تعالى سيدي الإمام أحمد بن عطاء السكندري في حكمه إلى هذا المعنى بقوله : " معصيةٌ أورثت ذلاً وافتقاراً خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكبارا " ، وقوله : " لا صغيرة إذا قابلك عدله ولا كبيرة إذا واجهك فضله " ، وقوله : " ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالذنب فكان سبباً في الوصول " ومعنى أن يصير الذنب سبباً في الوصول يكمن في أن العبد يخاف ويندم على ما سلف منه فيستزيد من الطاعات والحسنات التي تجعله أهلاً لوعد الله تعالى في قوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }(114:هود } ثم يستأنف العبد بعد ذلك حياة الطهر في رحاب ربه ومولاه الكريم.
و المتقون إذا ارتكبوا ذنباً بسبب ضعف النفس واستجابها لنزغ شيطاني ؛ تذكروا جلال الله ؛ فلجأوا إلى التوبة مسرعين فها وصفهم في القرآن الكريم : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }(201: الأعراف).
وأود أن أُذَكِّرَ أنه لا حرج على فضل الله ، فهو رحيم بعباده يمن على من شاء من أحبابه الذين اختصهم برحمته بالتوبة فضلاً منه ولو دون طلب منهم فينقلهم من ذل المعاصي إلى عز الطاعات ، ومن سعير الشقاء إلى جنة السعادة وهو سبحانه القائل : { يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم }(74:آل عمران) فكم من عبدٍ عاش عمراً في مهاوي الغواية وصار برحمة الله تعالى يحلق في سماء الهداية . فسبحان من أكرمنا بفضله وأفاض علينا من رحمته ! فقد جاء في الآثار القدسية أن إبليس اللعين خاطب ربه قائلاً: " وعزتك وجلالك لأغوينهم ما دامت الأرواح فيهم " فرد الله عليه كيده قائلاً: " وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما استغفروني " فسبحان ذي الفضل العظيم !
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف = ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف
أبشر بقول الله في آياته = إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
. نسأل الله أن يمن علينا بوافر رحمته وفضله إنه هو الرؤوف الرحيم البر التواب الكريم .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكما أن الله الكريم المَنَّان أنزل الماء غيثاً ورحمةً جعل الاستغفار غيثاً ورحمةً كذلك فقال سبحانه وتعالى : { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون }(33:الأنفال) .
ومن فضل الله على عباده وإكرامه لهم أنه جعل التوبة النصوح (الصادقة الخالصة) التي يسبقها الندم على اقتراف الذنوب ولا يصحبها الإصرار على المعاصي كبيرها وصغيرها ؛ تمحو ما قبلها من الذنوب والخطايا حيث قال سبحانه وتعالى عن أوصاف المتقين : {... والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون }(135:آل عمران) .
نعم إن الصدق في التوبة الذي يقتضي الإتيان بشروطها التي نص عليها الشرع وهي: الإقلاع عن الذنب ، والندم على ما فعل ، والعزم على ألا يعود ، مع إضافة شرط رابع ـ إذا كان الذنب يتعلق بحقوق الناس ـ هو : رد المظالم إلى أهلها ؛ إن هذا الصدق في التوبة يمحو الذنوب مهما عظمت فينسيها المسجلين لها من الحفظة الذين قال الله عنهم : { وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون }(12:10:الانفطار ) كما ينسيها الجوارح الفاعلة لها حيث قال لنا سبحانه عن شهادة الجوارح : { اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيدهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون } (65: يس) وكذلك يمحو أثرها من على الأرض التي أخبرنا المولى تبارك وتعالى عن شهادتها في قوله تعالى : { يومئذ تحدث أخبارها }(4:الزلزلة) وفي توضيح لمعنى محو الذنوب بمثل هذه التوبة يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : " إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومحا آثار ذنوبه من على الأرض " .
وقد ينعم الله على عبده التائب بكثرة الندم والوجل مما سبق منه فيكون ذلك سبباً في زيادة الطاعات واجتناب المخالفات حتى يبدل الله سيئاته حسناتٍ بفضله ورحمته ففي أوصاف عباد الرحمن يقول الله عز وجل : {...إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيما }(70:الفرقان)وقد فتح الله باب التوبة لعباده مهما كانت ذنوبهم ؛ إذا أرادوا الرجوع إليه يقول عز وجل : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم }(53:الزمر) وقد أشار العارف بالله تعالى سيدي الإمام أحمد بن عطاء السكندري في حكمه إلى هذا المعنى بقوله : " معصيةٌ أورثت ذلاً وافتقاراً خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكبارا " ، وقوله : " لا صغيرة إذا قابلك عدله ولا كبيرة إذا واجهك فضله " ، وقوله : " ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول وربما قضى عليك بالذنب فكان سبباً في الوصول " ومعنى أن يصير الذنب سبباً في الوصول يكمن في أن العبد يخاف ويندم على ما سلف منه فيستزيد من الطاعات والحسنات التي تجعله أهلاً لوعد الله تعالى في قوله : { وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين }(114:هود } ثم يستأنف العبد بعد ذلك حياة الطهر في رحاب ربه ومولاه الكريم.
و المتقون إذا ارتكبوا ذنباً بسبب ضعف النفس واستجابها لنزغ شيطاني ؛ تذكروا جلال الله ؛ فلجأوا إلى التوبة مسرعين فها وصفهم في القرآن الكريم : { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون }(201: الأعراف).
وأود أن أُذَكِّرَ أنه لا حرج على فضل الله ، فهو رحيم بعباده يمن على من شاء من أحبابه الذين اختصهم برحمته بالتوبة فضلاً منه ولو دون طلب منهم فينقلهم من ذل المعاصي إلى عز الطاعات ، ومن سعير الشقاء إلى جنة السعادة وهو سبحانه القائل : { يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم }(74:آل عمران) فكم من عبدٍ عاش عمراً في مهاوي الغواية وصار برحمة الله تعالى يحلق في سماء الهداية . فسبحان من أكرمنا بفضله وأفاض علينا من رحمته ! فقد جاء في الآثار القدسية أن إبليس اللعين خاطب ربه قائلاً: " وعزتك وجلالك لأغوينهم ما دامت الأرواح فيهم " فرد الله عليه كيده قائلاً: " وعزتي وجلالي لأغفرن لهم ما استغفروني " فسبحان ذي الفضل العظيم !
يامن عدى ثم اعتدى ثم اقترف = ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف
أبشر بقول الله في آياته = إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
. نسأل الله أن يمن علينا بوافر رحمته وفضله إنه هو الرؤوف الرحيم البر التواب الكريم .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم