تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنهم يصعدون إلى السماء



محمد الفاضل
21-06-2016, 11:02 AM
إنهم يصعدون إلى السماء – محمد الفاضل

- انهض يا ولدي فقد حان موعد ذهابك إلى المدرسة ، لقد جهزت لك الفطور ... لماذا لا ترد ؟ ماخطبك ؟
- ها أنت تمارس لعبتك المفضلة مجدداً ، حتى إخوتك لايردون ! لماذا هذا الصمت اللعين ؟
- سامحني يا فلذة كبدي لأني لم أستطع أن أشتري لك اللعبة التي طلبتها ، انهض وأعدك بأني سوف أشتري لك لعبتك المفضلة ، انهض أرجوك ! لا تفعل هذا بي ، يكفي تظاهر ... يا ولدي ، رحيلك يخنق روحي ويسحبها من جسدي ، فتتحول إلى شجرة ذبلت أوراقها وتساقطت على شرفات سنين عمري .
جثت الأم على ركبتيها والعبرات تخنقها ودموعها الحارة تسيل على الوجنات لتبلل وجوه صغارها الثلاثة ، وهي تلثم جباههم مودعة إياهم الوداع الأخير ، لقد فقدت أعز ما تملك ، بدت غائبة عن الوعي وهي ترثيهم بكلمات قدت من وجع عميق يمتد إلى أعماق روحها ، تقطعت أوتار قيثارة قلبها ولم تعد تصلح للعزف ، أضحت مجرد اَلة لا روح فيها . بدأت تهذي من هول الصدمة ، - فقدكم قصم ظهري يا سلوة الروح .

بالأمس كانوا يتقافزون مثل عصافير الدوري وهم يشيعون الفرح في زوايا المنزل ، كانت ضحكاتهم تنعش فؤادها وتمدها بالأمل بمستقبل مشرق ، كم سهرت الليالي وهي تهدهدهم بيدها الحانية ، فينبع الحب والحنان سخياً من بين أناملها ليمتد إلى أرواحهم البريئة فيغمرها بالسكينة والطمأنينة ، فتغدو حديقة غناء . لطالما كانت تردد : " الله لا يفرقكم عن بعض ، يا أولادي " ولم يدر في خلدها أن دعاءها سوف يتحقق .

كان الأب يقف مشدوهاً على مقربة من جثامينهم المسجاة على الأرض ، انحنى فوقهم ودموع فقدهم تحرق قلبه وبدأ يقبل جباههم الواحد تلو الاَخر ، حتى حجارة الدار بدت وكأنها تنعيهم وتحن لوجودهم ، لطالما كان صخبهم وصراخهم يتردد في جنبات الغرفة . هنا رسموا بشقاوتهم على الجدار أحلامهم وأمانيهم ، وهناك كانوا يلعبون الغميضة ، لا ترحلوا يا أولادي فالحياة بدونكم جحيم لا يطاق ، من سوف يستقبلني بالأحضان عندما أرجع من عملي ويتعلق بكتفي ؟ ويردد بصوت رخيم
" بابا ، عطينا مصاري نشتري بوظة"
- " بابا ، خدنا مشوار بالسيارة "

السويد – 20 / 6 / 2016

عبد السلام دغمش
21-06-2016, 03:34 PM
الأستاذ محمد الفاضل

ولا تزال ريشتك ترسم معالم الألم وتسجل معاناته ..
نتمنى أن ينكشف الكرب وتعود للطفولة ذكرياتها الجميلة في كل ربوعنا..

محبتي وكل عام وأنتم بخير .

بسباس عبدالرزاق
22-06-2016, 02:46 AM
" بابا ، عطينا مصاري نشتري بوظة"
- " بابا ، خدنا مشوار بالسيارة "


الخاتمة لم يروها السارد من باب التأثير فينا وفقط
بل هي إشارة لقضية باتت تؤرق كل حر

الكلمات هي للهجة سورية
فها هنا يريد الكاتب تنبيهنا لما يحدث للعائلات السورية في هذه الحرب المقيتة والتي ندعو الله أن تتوقف

نص رائع وقد حشدت المقدمة تعاطف القارئ من الوهلة الأولى بعبارات الأم التي كانت مؤلمة حقيقة

شكرا أستاذي لنصك الرائع
محبتي وتقديري

محمد الفاضل
22-06-2016, 04:37 PM
الأستاذ محمد الفاضل

ولا تزال ريشتك ترسم معالم الألم وتسجل معاناته ..
نتمنى أن ينكشف الكرب وتعود للطفولة ذكرياتها الجميلة في كل ربوعنا..

محبتي وكل عام وأنتم بخير .

شكراً على حضورك الجميل أستاذ عبد السلام ومشاعرك النابعة من قلب عامر بالحب
سلمت وكل عام وأنت بألف خير
تحايا عاطرة

محمد الفاضل
22-06-2016, 04:39 PM
" بابا ، عطينا مصاري نشتري بوظة"
- " بابا ، خدنا مشوار بالسيارة "


الخاتمة لم يروها السارد من باب التأثير فينا وفقط
بل هي إشارة لقضية باتت تؤرق كل حر

الكلمات هي للهجة سورية
فها هنا يريد الكاتب تنبيهنا لما يحدث للعائلات السورية في هذه الحرب المقيتة والتي ندعو الله أن تتوقف

نص رائع وقد حشدت المقدمة تعاطف القارئ من الوهلة الأولى بعبارات الأم التي كانت مؤلمة حقيقة

شكرا أستاذي لنصك الرائع
محبتي وتقديري

شكراً على قراءتك الواعية لعملي المتواضع وحضورك العطر
أنا ممتن أستاذي العزيز
ودي مع باقة ورد

كاملة بدارنه
27-06-2016, 11:49 AM
يا لهذا الواقع المأساوي الذي اخترق بيوتا كثيرة منتزعا الأغلى من بين الأحضان
قصّ أحزنني
نسأل الله الفرج لهذه الأمّة
بوركت
تقديري وتحيّتي

عباس العكري
09-07-2016, 06:13 AM
https://1.bp.blogspot.com/-Oy1oa9QGi2w/V4B6ndqfx3I/AAAAAAAADBM/V3YRoHrRTEsZHVj6XFoPtKEHMCSKv50KACLcB/s1600/%25D9%2584%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2585%25D8%25A7 %25D8%25A1.png

فاتن دراوشة
09-07-2016, 01:13 PM
نصّ رائع صوّر مشهدا مؤلما من بين الكثير من مشاهد الوجع والمأساة في سوريا الحبيبة

فالفقد بات أكثر المشاهد تكرارا في حياتهم البائسة في ظلّ حرب لم تبقي ولم تذر

اللهمّ فرّج عليهم كربتهم وشدّ أزرهم وامنن عليهم بالأمن يا ربّ العالمين

دمت مبدعا أخي

محمد الفاضل
28-07-2016, 10:03 PM
يا لهذا الواقع المأساوي الذي اخترق بيوتا كثيرة منتزعا الأغلى من بين الأحضان
قصّ أحزنني
نسأل الله الفرج لهذه الأمّة
بوركت
تقديري وتحيّتي


شكر من القلب الأستاذة العزيزة كاملة
مع خالص التقدير

محمد الفاضل
28-07-2016, 10:05 PM
https://1.bp.blogspot.com/-Oy1oa9QGi2w/V4B6ndqfx3I/AAAAAAAADBM/V3YRoHrRTEsZHVj6XFoPtKEHMCSKv50KACLcB/s1600/%25D9%2584%25D9%2584%25D8%25B3%25D9%2585%25D8%25A7 %25D8%25A1.png


مبدع كعادتك أستاذ عباس
تقبل شكري العميق
محبتي

محمد الفاضل
28-07-2016, 10:06 PM
نصّ رائع صوّر مشهدا مؤلما من بين الكثير من مشاهد الوجع والمأساة في سوريا الحبيبة

فالفقد بات أكثر المشاهد تكرارا في حياتهم البائسة في ظلّ حرب لم تبقي ولم تذر

اللهمّ فرّج عليهم كربتهم وشدّ أزرهم وامنن عليهم بالأمن يا ربّ العالمين

دمت مبدعا أخي

الأستاذة القديرة فاتن
مساء الخير وشكراً على حضورك المميز ومشاعرك النبيلة
باقات ياسمين

آمال المصري
09-08-2016, 03:33 AM
واحدة من صور الوجع المتكررة التي أجاد فيها أديبنا الفاضل نقلها بما تحوي من مشاعر الحسرة والألم والفقد
فرج الله عن سوريا الحبيبة, وعن الأمة ما ألم بها
تحاياي

محمد الفاضل
09-08-2016, 01:19 PM
واحدة من صور الوجع المتكررة التي أجاد فيها أديبنا الفاضل نقلها بما تحوي من مشاعر الحسرة والألم والفقد
فرج الله عن سوريا الحبيبة, وعن الأمة ما ألم بها
تحاياي


شكرا لحضورك العطر أستاذة آمال
مع خالص التقدير
دمت بخير

ناديه محمد الجابي
30-07-2021, 08:57 PM
لم تفرق آلة الحرب بين الأطفال وبين الكبار، ولم تستثنهم فوهات البنادق،
فطالت وجوها بريئة وحصدت أطفالا لا يزالون على مدارج "البراءة"،
لا يعرفون من هذه الحياة سوى "سلمها" ويجهلون "دموية الحرب".
وحصدت أرواحا طاهرة ما زال الكثير منها في أول حروف الكلام.. وبدايات الابتسام.
اللهم اكشف الكرب عن أهل سوريا وعجل لهم بالفرج
وظللهم بملائكتك ورحمتك
وظللهم بعفوك وعنايتك.
:001::001: