مشاهدة النسخة كاملة : النّرد، والورقة المرعبة!.
عباس العكري
09-07-2016, 03:57 AM
.. قرّر أن لا يخسر اللعبة الأخيرة ... خرج للباحة التّرابية بمنزله، نظر للثور الهائج في حظيرته، قائلا له: (كلانا ثور هائج!) ... وقف برهة عند شجرة العنب، ومعه ورقة.
* * *
... كان يحمل الورقة معه دوما، في جيبه الفارغ، رغم أنّها ترعبه! ... وبيده يُحرّك حجرًا، أخذ يتمتم معه، يناديه باسمه: "النرد شير"! ... الغريب في الأمر، أنّه كلّما حرّكه؛ شعر بنشوة تسري في روحه الضائعة، فأدمن مصاحبته، ولم تطق أصابعه مفارقته، وكانت قراراته المصيرية مقرونة به دوما، زوجته المُطلّقة، عمله المطرود منه، مستقبله الضبابي، مصيره الرمادي، أمنياته الحالمة، حتى قراراته الحاسمة! ... لقد زيّن لياليه البائسة بأساطير الثراء والحظّ... استخرجه ليلاً، من قبر امتحى أثره، إلّا من الشّاهد الحجري المنقوش عليه ثور هائج، ومكتوب تحته: (عاش مؤمناً بحظه!)...
* * *
... اللّعب بالنّرد يُسلّيه؛ فينسى أحزانه لحظة ليس إلاّ، وحينها تهاجمه ذكرياته البائسة، وصوره الممزّقة ... وأحلامه الضّائعة، وحظه العاثر! ... نظر للورقة المملوءة ... يحاول عبثا حلّ معادلة الأرقام المرعبة! ... تمعّن غصناً قويا في شجرة العنب، ربط حبلاً، عقده بقوة... ازرقّت أوداجه، خرّ الثور الهائج، هدأت آلامه، لم يتمالك الحبل نفسه، وانقطع الحبل لشدّة ثقل المصيبة ... سقط، ومن يده لم يسقط النرد الذي كان متشبثا به لآخر رمق!.
* * *
... جيبه الفارغ كعقله، لم يعد بحاجة لأن يملأه... طارت في مهبّ الرّيح تلك الورقة... وكُتب على شاهد قبره: (عاش مؤمنا بحظّه!) ... كنت أتمنى أن أكون محظوظا مثله، أو أجد تلك الورقة! حاولت البحث عنها كثيرًا، ويا لحظي، وجدتها! ... لكنّي لم أجد النّرد.
عباس العكري
09-07-2016, 03:58 AM
https://3.bp.blogspot.com/-2QJM4mLLVT0/V3XRdgX6dkI/AAAAAAAAC94/MClkA3CHmMEANnLPmteJT8hHAfdG27a0wCLcB/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2586%25D8%25B1%25D8%25AF .png
عبد السلام دغمش
09-07-2016, 08:29 AM
الأستاذ عباس العكري
أهلا و مرحباً بكم في واحة الفكر والأدب ،آملين لكم طيب المقام .
نص جميل يحمل الرمزية ..ويتناول سلوكاً اجتماعيا كان قد أودى بصاحبه ..وكان الثور ربما إشارة للنفس الهائجة حين تحيد عن السلوك القويم..
مرحبا بكم ، وكل عام وأنتم بخير .
عباس العكري
09-07-2016, 10:21 AM
الأستاذ عباس العكري
أهلا و مرحباً بكم في واحة الفكر والأدب ،آملين لكم طيب المقام .
نص جميل يحمل الرمزية ..ويتناول سلوكاً اجتماعيا كان قد أودى بصاحبه ..وكان الثور ربما إشارة للنفس الهائجة حين تحيد عن السلوك القويم..
مرحبا بكم ، وكل عام وأنتم بخير .
وبكم الفضاء أرحب وأيامك عطاء
أشكر لك قراءتك المائزة الناقدة
مودتي
ناديه محمد الجابي
10-07-2016, 08:03 PM
كلانا ثور هائج.. هكذا وصف نفسه لما يعتمل في نفسه من انفعالات تسري في روحه الضائعة
فأدمن مصاحبة النرد .. باحثا عن الحظ ، وكأنه يتخذ بتحريكه القرارات المصيرية في حياته
وما أبأسها من قرارات تدل على الفشل .. فالزوجة مطلقة ـ والعمل مطرود منه ـ والمستقبل
ضبابي ـ ويظل يبحث في احلامه عن الثراء والحظ.. والحظ ابعد ما يكون عن ذكرياته البائسة
وصوره الممزقة.
حتى بعد انتحاره ظل متشبثا بالنرد في يده لآخر رمق وكأنه يقول .. مازلت مؤمنا بحظي.
وفي الحقيقة لو كان بذل بعض الجهد بعقله الفارغ كجيبه لتغير حظه.
شكرا لك على قصة امتازت بلغة مكثفة موحية وفكرة مركزة ونسيج قصصي متماسك ولغة رصينة
عمل ادبي يشد بعنف وبسرد ماتع وبمهارة تصويرية عاليةوأداء قصي إبداعي متميز.
فأهلا بك قلما جميلا في واحة الخير والأدب والجمال
ولك تحياتي وتقديري. :0014:
عباس العكري
11-07-2016, 01:48 AM
كلانا ثور هائج.. هكذا وصف نفسه لما يعتمل في نفسه من انفعالات تسري في روحه الضائعة
فأدمن مصاحبة النرد .. باحثا عن الحظ ، وكأنه يتخذ بتحريكه القرارات المصيرية في حياته
وما أبأسها من قرارات تدل على الفشل .. فالزوجة مطلقة ـ والعمل مطرود منه ـ والمستقبل
ضبابي ـ ويظل يبحث في احلامه عن الثراء والحظ.. والحظ ابعد ما يكون عن ذكرياته البائسة
وصوره الممزقة.
حتى بعد انتحاره ظل متشبثا بالنرد في يده لآخر رمق وكأنه يقول .. مازلت مؤمنا بحظي.
وفي الحقيقة لو كان بذل بعض الجهد بعقله الفارغ كجيبه لتغير حظه.
شكرا لك على قصة امتازت بلغة مكثفة موحية وفكرة مركزة ونسيج قصصي متماسك ولغة رصينة
عمل ادبي يشد بعنف وبسرد ماتع وبمهارة تصويرية عاليةوأداء قصي إبداعي متميز.
فأهلا بك قلما جميلا في واحة الخير والأدب والجمال
ولك تحياتي وتقديري. :0014:
لمستكم أضاءت النص المتواضع وجهدكم له الشكر
تحياتي
فاتن دراوشة
11-07-2016, 04:55 PM
لقد كان فعلا ثورا هائجا راهن على كلّ شيء مشاعره زوجته عمله ورغم أنّه كان يخسر الرّهان دائما إلّا أنّه بقي مؤمنا بذاك النّرد اللّعين وبأفكاره البالية العفنة وكان آخر ما راهن عليه هو روحه تلك التي صعدت إلى خالقها ويده لا زالت تقبض على النّرد
تصوير عميق وأسلوب مميّز
دام إبداعك أخي
عباس العكري
12-07-2016, 02:58 AM
لقد كان فعلا ثورا هائجا راهن على كلّ شيء مشاعره زوجته عمله ورغم أنّه كان يخسر الرّهان دائما إلّا أنّه بقي مؤمنا بذاك النّرد اللّعين وبأفكاره البالية العفنة وكان آخر ما راهن عليه هو روحه تلك التي صعدت إلى خالقها ويده لا زالت تقبض على النّرد
تصوير عميق وأسلوب مميّز
دام إبداعك أخي
دقة في التأمل أشكر لكم الوعي في النص المتواضع
شكرا جزيلا
أحمد محمد
24-07-2016, 12:14 AM
قصة أخرى من قصصكم الجميلة
لاغرو فمبدعها يعرف من أين تؤكل الكتف
قصة مدهشة سلسة عذبة
جميل ما أبدعت وبديع ما كتبت
كل التحية والتقدير أستاذنا الكبير
دمت بخير وعافية
عباس العكري
24-07-2016, 01:16 AM
قصة أخرى من قصصكم الجميلة
لاغرو فمبدعها يعرف من أين تؤكل الكتف
قصة مدهشة سلسة عذبة
جميل ما أبدعت وبديع ما كتبت
كل التحية والتقدير أستاذنا الكبير
دمت بخير وعافية
الخير دائما معك
لك خالص التحايا
سامية الحربي
24-07-2016, 01:30 AM
هو الثائر العاجز وعجزه بيديه ألقى بروحه مهاوي الردى في لحظة بؤس واستسلام لما يوقن بداخله و ينكره حينا. لحظة قصصية ابدعت تصويرها وسياقها.تحياتي.
حسين محسن الياس
24-07-2016, 07:45 AM
الاديب الاريب
الاخ علي العكري
وجدت نفسي وأنا أقرأ هذا النص الرائع انني امام قامه سامقه في ادب القصه القصيره
لما وجدته من جمال السرد والتأثيث الجميل للقصه والأهم من ذلك كله هو الاسلوب الخاص
بك والذي يشبه الايقونه
لن اعلق على ما ورد في النص فهو واضح في خطه وهدفه
لك مني سيدي كل الاعجاب مع الود والتقدير
عباس العكري
24-07-2016, 10:24 AM
هو الثائر العاجز وعجزه بيديه ألقى بروحه مهاوي الردى في لحظة بؤس واستسلام لما يوقن بداخله و ينكره حينا. لحظة قصصية ابدعت تصويرها وسياقها.تحياتي.
لك خالص التحايا
عباس العكري
24-07-2016, 10:25 AM
الاديب الاريب
الاخ علي العكري
وجدت نفسي وأنا أقرأ هذا النص الرائع انني امام قامه سامقه في ادب القصه القصيره
لما وجدته من جمال السرد والتأثيث الجميل للقصه والأهم من ذلك كله هو الاسلوب الخاص
بك والذي يشبه الايقونه
لن اعلق على ما ورد في النص فهو واضح في خطه وهدفه
لك مني سيدي كل الاعجاب مع الود والتقدير
أستاذنا سرني أن أعجبك النص
لك كل التقدير والمحبة
آمال المصري
16-08-2016, 03:11 AM
... سقط، ومن يده لم يسقط النرد الذي كان متشبثا به لآخر رمق!.
عادات بالية تستحوذ على بعض العقول .. والطامة الكبرى أن صاحبها لم يتعظ بتكرار النوائب والسقوط
بلغة أنيقة وفكرة جيدة وسرد شائق نجح أديبنا الفاضل في نقل واحدة من صور سلبيات المجتمع العربي ربما بالعبارة أعلاه التي اقتبستها اكتمل النص بعناصره ووصلت الفكرة جلية واضحة
دائما أقرأ لمساتك الفنية التي تضفي جمالا على صفحات الواحة .. ولعلها المرة الأولى التي أقرأ لك نصا أدبيا احتل من الذائقة مسكنا فشكرا لك هذا الألق
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
عباس العكري
22-08-2016, 05:20 AM
عادات بالية تستحوذ على بعض العقول .. والطامة الكبرى أن صاحبها لم يتعظ بتكرار النوائب والسقوط
بلغة أنيقة وفكرة جيدة وسرد شائق نجح أديبنا الفاضل في نقل واحدة من صور سلبيات المجتمع العربي ربما بالعبارة أعلاه التي اقتبستها اكتمل النص بعناصره ووصلت الفكرة جلية واضحة
دائما أقرأ لمساتك الفنية التي تضفي جمالا على صفحات الواحة .. ولعلها المرة الأولى التي أقرأ لك نصا أدبيا احتل من الذائقة مسكنا فشكرا لك هذا الألق
ومرحبا بك في واحتك
تحاياي
هي حقا طامة كما وصفتموها وعادة بالية مدمرة
لكم الشكر عاى تواصلكم ونقدكم
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir