المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة من جسدي إلى روحي



عبدالرحمن البورنو
14-06-2005, 11:52 AM
أيتها الروح التي تسكنني أيتها المسكينة الحائرة في جسد منهك معذب منك ومن أجلك , يا من جعلت من أضلاعي قضبانا ترين من خلالها النور ولا تصلين إليه , وتتأملين السعادة ولم تلمسيها, فأصبحت كمن يعيش لحلم كلما اقترب منه تاه , وكلما بناه انهدم .
أيتها الروح التي تعذبني ولست عدوا لها , وأخذلها بضعفي و لست إلا مشفقا عليها , حتما لن تسعدي بي , و حتما لن أقوى بك .
أيتها الروح هذا باب سجنك مفتوح وهنك من ينتظرك , هناك من كان بينك و بينه عهد وميثاق أخرجي إليه , كوني له نورا يضيء له الطريق , كوني له غمامة تظله , كوني له شجرة مثمرة كوني له قطرة تنسيه ظمأ الهجير, كوني له معطفا يقيه الزمهرير , كوني سعادة تمسح الدمع الحزين , فرقي فيه نفسك لتجمعيه .
هناك يا روحي ستسعدين , و إذا لم تسعدي فيكفي أنك من أجله تعيشين , وإن رحلت فذكرى في قلبه ستبقين .
أما أنا فرواية بالية تنتهي , عرفت مكاني وتعودت على آلامي , لا تنظري إلي و لا تحزني علي , فاذهبي إليه واتركيني .

د.جمال مرسي
14-06-2005, 12:27 PM
ما أجمل أن يضحي المرء بأعز شيء عنده .. روحه من أجل من يحب
أخي البعيد!!
أهلا بك و بأولى مشاركاتك معنا في الواحة
سعدت بخاطرتك جدا
و أتمنى ألا تكون بعيدا عنا
شرفت الواحة و نورتها
و أهلا بك
تقبل ودي
د. جمال

د. سمير العمري
11-08-2005, 09:17 PM
أخي البعيد:

لئن كنت بعيداً عنه فلست بعيداً عنا. إن في الناس أبدال وفي الترك راحة ، وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا.

حرفك النثري لا يقل ألقاً عن حرفك الشعري وإني والله بأمثالك لفخور.


تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

عدنان أحمد البحيصي
13-08-2005, 08:06 AM
أخي البعيد

هي المرة الأولى التي تتعانق عيناي مع حرف من ابداعك

والحق أقول لقد أسرتني

وربما تكون روح الحزن مرآة لروح تتوق إلى السكينة


أخي البعيد أبدعت فأكمل المشوار

ليال
20-08-2005, 01:00 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
يمكنني القول بأن هذه القطعة الأدبية هي بمثابة مناجاة شفافة صادقة جاشت بها نفس مرهفة الحس رقيقة الشعور فانسابت إلينا وهي تفيض بصادق الإحساس ورقيق العاطفة، وإن كنت أرى بأن عنوانها جاء معاكساً لمضمونها إذ أن الجسد هنا هو من يخاطب الروح لا العكس لذا أرى أن الأصوب أن يكون عنوانها (رسالة إلى روحي من جسدي) بدلا عن (رسالة من روحي إلى جسدي)
في مستهل النص:
أيتها الروح التي تسكنني أيتها المسكينة الحائرة في جسد منهك معذب منك ومن أجلك , يا من جعلت من أضلاعي قضبانا ترين من خلالها النور ولا تصلين إليه
بداية موفقة تضعنا في أجواء النص بشكل مباشر وتهيئنا للتفاعل مع هذه المناجاة الذاتية بين الكاتب وروحه
ثم في قولك:
, فأصبحت كمن يعيش لحلم كلما اقترب منه تاه , وكلما بناه أنهدم .
هذه الجملة تعبر بشكل دقيق عن مدى الشعور بالضياع الذي يعانيه الكاتب وهو شعور قاس ولاريب، لكنني أرى بأن الحلم لايمكن إن نبنيه أو إن نعمل على تكوينه فروعة الحلم في نظري تتجلى في مثوله أمام أعيننا كلاً متكاملا لايد لنا في صنعه ودورنا ياتي عندما نحاول تحويل هذا الحلم لواقع فعندها "نحن نكون نقلد الحلم ولا نصنعه" لكنني مع ذلك اتفق معك بأنه من السهل جداً إن يتلاشى وينهار لينهي إلى لاشيء.
أيتها الروح التي تعذبني ولست عدوا لها , وأخذلها بضعفي و لست إلا مشفقا عليها , حتما لن تسعدي بي , و حتما لن أقوى بك .
هنا يبدأ النص في التماسك ويواصل تماسكه حتى النهاية، فعندما يوجه هذا الجسد ( الرواية البالية) كما أسميتها عندما يوجه ندائه الأخير لهذه الروح أن أمضي إلى ذاك الذي بينك وبينه عهد وميثاق ،هذا الحبيب الذي أرتئيت بأن تجعله غامضاً متوارٍ عن الأنظار فلم تتعرض بالحديث عنه مطلقاً وهو أمر جيد بان تطلق العنان لمخيلة القاريء وقد اضفت هذه التورية جمالاً خاصاً على النص.

, كوني له نورا يضيء له الطريق , كوني له غمامة تظله , كوني له شجرة مثمرة كوني له قطرة تنسيه ظمأ الهجير, كوني له معطفا يقيه الزمهرير , كوني سعادة تمسح الدمع الحزين , فرقي فيه نفسك لتجمعيه

إلى هنا تتناهى أرقى مشاعر العطف والحنو على الحبيب " الغامض" فهاهو الكاتب يزود روحه المحررة من سجن الجسد بجملة من الوصايا الحانية التي تحمل في طياتها أسمى معاني الوفاء والإخلاص.

هناك يا روحي ستسعدين , و إذا لم تسعدي فيكفي أنك من أجله تعيشين , وإن رحلت فذكرى في قلبه ستبقين .
أما أنا فرواية بالية تنتهي , عرفت مكاني وتعودت على آلامي , لا تنظري إلي و لا تحزني علي , فاذهبي إليه واتركيني

في هذه الخاتمة أجدك قد انتقلت من مشفق على هذه الروح راغب في تحريرها إلى مرخصٍ بها في سبيل ذاك الذي بينه وبينها ميثاق وعهد أنه أغلى عندك من هذه الروح إذ أرسلت بها حارساً على أبواب قلبه ... وهو شعور " مشروع" على اية حال فبقدر ما نحب بقدر ما نعطي وما أروحنا إلا جنود مرسلة إلى قلوب من نحب.
في الختام تقبل تحياتي وخالص شكري وتقديري وأتمنى أن أقرأ لك المزيدفي القريب العاجل بأذن الله.