المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عزفٌ على شفاه الشمس



أسماء حرمة الله
25-06-2005, 08:20 PM
إلى أخي العزيز أنس الحجار: انفض عن الشمس سحابة الألم رجاءً..ولتكن بسمة الورد هي الرحيق..
وإلى رفيقة دربي عواطف وقد غطّتها ملامح الألم..
----------------------
قصة قصيرة:
.........
جلست تنظر بشغف إلى البحر المترامي بين أجفان الأفق، وهي مطرقة، تختزل الصمت الذي قفز من قعر الماء يناوشها، وكأنها كانت تنتظر شيئا ما، تنهدت وأمسكت بحجارة صغيرة وقذفتها في الماء وهي تحاول أن تستفز الهدوء المتداعي بين جفون البحر، وكأنها ودت أن تهب عمرها لما استفزها من المواويل أو كأنها ودت أن تنسى عمرها الذي تدفق بين الجراح والحيرة، كانت عيناها معلقتين بين السماء والأرض، تذرفان ما يمكن أن يتبقى من مهجة إنسان.
وفجأة استسلمت لأحزانها، ومقلتاها الغارقتان في صمت رهيب تعزفان أغنية الماء على خديها، تذكرت كيف علمت عينيها مواويل الانسكاب دون أن تجد منديلا مهدى على صخرة من صخور الشاطئ، تذكرت سوالف الصمت التي كممت فاها غداة كل شجار يقع بينها وبين زوجها، تذكرت كيف التحفت بأشطان الصبر مكرهة حفاظا على مستقبل هذه الطفلة التي لم تشب عن الطوق بعد، تذكرت كيف كان الموج يتلقاها بالترحاب وفي كفيه عزاء الورد، كيف كان الرمل يطوق جيدها بالياسمين يعدها بالغد الأفضل، كيف كانت الشمس تتوارى خلف الحزن المرابط ثمة بين جوارحها، كيف كان الصدف يقسم أن يهبها سره وفي قلبه عطر أرجواني، كانت تعي مسبقا أن ثمة وسيلة لإصلاح هذا الزوج الذي لم يتوان قط عن إلحاق الأذى بها وبطفلتهما الصغيرة، كانت تعي أيضا أن الصبر هو عزاؤها الوحيد الذي لن تجد عنه بديلا إن استحال الرتق، لكنها كانت تخشى أن ينفد صبرها في يوم من الأيام، إنها لا تستطيع أن تتحمل أكثر مما تحملته طيلة هذه السنين، زوج خائن سكير، مهمل لها ولطفلته، ومهمل لبيتهما الذي لم يعد يراه إلا نادرا، بسبب سهره خارجه كل يوم، حتى وإن تحملت كل ذلك فهي لا تستطيع أن تتحمل إهانته لها، بل كيف تتناسى ضربه المبرح لها بسبب ودون سبب، كيف تتجاهل هذه الآثار التي رسمتها لكماته على جسدها؟ !!
وكأنها حين كانت تنسج الصبر طيلة هذه السنين، نسيت أن الخطيئة وهبته خمائلها للأبد، وأن الشمس التي كانت تنتظر أن تبزغ في ثوبه قد طعنتها آثامه وأن ما اقترفه سد عليه خط الرجعة ورفع الفضيلة إلى مناط العيوق.
نهضت تتهاوى بين أحزانها وهي مطرقة تنتظر أن يهديها البحر قلادة خلاص تحفظ لها ما تبقى من كرامتها وفي الوقت ذاته تحفظ لطفلتها حقها وكرامتها أيضا، دست يدها في حقيبتها الصغيرة وأخرجت غلاف رسالة كانت قد تلقتها من أعز صديقاتها، أمسكت بقلم وبدأت تخط على الغلاف بضع كلمات:
حتى الشمس ترهبت لحين، تخيط شعرها
تهب الحناء لهذي الطفلة الحالمة
تنتظر رحيق الخلاص!!!..
وما إن انسكبت منها هذه العبارات حتى لملمت غلاف الرسالة ولفت فيه حجارة صغيرة وقذفت به بكل جهدها إلى البحر وكأنها كانت تود أن تشرك البحر وكيف لا وقد عاشا معا أحزانهما وتقاسما هموم الحياة.
وعادت إلى البيت وذهنها مشتت، تفكر في الخلاص المختبئ في المجهول، لم تستطع أن تشاطر طفلتها ابتسامتها الهادئة التي غارت في نظراتها البريئة، لكنها كانت واثقة وهي تتهاوى في خطواتها متجهة إلى غرفتها أن قدرتها على الاحتمال قد ارعوت، وأن عليها أن تحسم كل شيء، ولكنها سرعان ما استجمعت قواها حين تسللت إليها براءة طفلتها، تدغدغ كيانها وكأنها تتوسل إليها أن تتريث.
وما إن استيقظت في صبيحة اليوم الموالي حتى وجدت الشمس على جبينها جالسة القرفصاء، وعلى شفتيها قلب من ياسمين وحنطة، ينتظر أن تمطر السماء !!! ..

أنس الحجّار
26-06-2005, 01:55 AM
المبدعة أسماء
بعض مني تلك الحروف
سافرت معها , حملتني على ( براق ) الحزن و أرتني آيات الملح الكبرى
نثرت بفؤادي كل أحزان البنفسج
وعندما صحوت في السطور الأخيرة
نفضت عن الشمس غيوم الألم و سأجعل بسمة الورد هي الرحيق .



غنتْ لحونَ الحـبِّ (أسمـاءُ)
فاعتلَّ مِـن ألحانِهـا الـدّاءُ
بقريضِها ماتَ الفـؤادُ فهـل
فـي نثرِهـا للـروحِ إحيـاءُ
إن أبحرتْ بخيالِهـا وَمَضَـتْ
سيلـوحُ فـي الظلمـاءِ لألاءُ
هي كالنهـارِ أتـى لأعينِنـا
أتُرى يصيب العيـنَ إغفـاءُ
إن جفَّ ماءُ النّهـرِ تُسعفُنـا
هي غيثُنـا ولنهرنـا المـاءُ
يا (حرمة َ الرحمنِ) هلْ رحلتْ
نحوَ السماءِ الحـاءُ و البـاءُ

أسماء حرمة الله
26-06-2005, 05:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية قطفتها من أغاريد البحر وضوء الفجر..

الأخ العزيز المبدع أنس،

أخبرتني الشمس أنك قد نفضتَ عن وجهها الغيوم وأهديتَها باقة من البسمة وباقة أخرى من الضوء، حتى الورد أسرّ لي بأنك قد جعلتَ بسمتَه رحيقا لك...وهذا قد جعل الضوء يدغدغ أجفانهما طربا ...فقبل ذلك أقسم هذا الأخير أن يرحل عنهما حتى يبتسما ابتسامة الفجر..ليعود الفلّ إلى محيّا الروح ، ينثر ماتبقى من قطيرات الطلّ الصافية بالرغم من أنف الجراح...
.....
أشكرك على هديل نبضك وعلى إهدائك الرقيق الذي ترقرق كنسيمات الفجر الأولى...
لك مني ألف باقة من الورد والمطر
مع خالص محبتي

ريان الشققي
03-07-2005, 03:26 PM
الأخت أسماء والأخ أنس
لكما التحية
أدب طيب ومناورة شيقة
تحياتي

ريان

د. سمير العمري
07-08-2005, 08:09 PM
هنا شاهد على أديبة متمكنة شعراً ونثراً بما يدفعنا بكل تقدير أن نثبت لها هذه المشاركة احتفاء وتقديراً.

المبدعة أسماء حرمة الله:

لا أراك إلا وحيدة في مدار التألق والإبداع.

في انتظار المزيد من ألق حرفك ولا أنسى أن أشكر رد الأخ أنس فهو يؤكد شاعريته المميزة.


دمتما


تحياتي وتقديري
:os::tree::os:

أسماء حرمة الله
17-08-2005, 02:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية مخضوضرة

الأخ المبدع ريان،
أشكرك على مرورك المخملي وتحاياك الرقيقة..
وتقبل مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي

أسماء حرمة الله
17-08-2005, 03:00 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية تنثرالرحيق وماء الزهر

الأخ المبدع د. سمير،
احتفاؤُك بكلماتي المتواضعة هو شرف لي أعتز به وسأعتز به ماحييت..وتثبيتكم لها يحملني مسؤولية اكبر وخوفا من كل بوح جديد يطل من شرفات الروح ..أرجو ان أبقى دوما عند حسن ظنكم..
شكرا لك سيدي على مرورك الطيب وعلى كريمِ تواجدك دوما بصفحاتي المتواضعة...
لك خالص امتناني..
دمتَ رحيقا
.....
لك مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي

إسلام شمس الدين
21-08-2005, 09:44 PM
تحية تقدير وإعجاب، وانبهار برصانة الحرف وجمال العبارة وسمو المعنى
المبدعة الرائعة أسماء:
تلك قراءتي الأولى في صفحاتك المتلألئة على ضفاف واحة الخير والجمال
ويبدو أنه فاتني الكثير

في انتظار المزيد من ألق إبداعك
دمتِ بكل الخير
تحياتي وتقديري :0014:
إسلام شمس الدين

أسماء حرمة الله
29-08-2005, 04:30 AM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحية مضمّخة بعبير الزهر والضوء

الأخ المبدع إسلام،
أشكرك على كل ماخطّه يراعك في حق كلماتي المتواضعة..ودمتَ مبدعا متألقا كما أنت..
شكرا على مرورك الطيب والعطر..ولك مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي وتقديري

حوراء آل بورنو
17-03-2006, 12:13 AM
كيف فاتني إبداعك هذا يا أسماء الحبيبة !
أنت قاصة أيضاً !
بحق قصة رقيقة السرد رغم كل الوجع الذي سكن فيها ، لكنه بين أناملك غدا لطيفاً رفيقاً ... هذا هو أنت يا أسماء ؛ تتحول الدنيا بكل ضواريها عندك إلى أزهار و أنوار غاية في الضياء .
ما أجمل الحس يسكبه قلم .. هو قلمك .

بالغ إعجابي .

إبراهيم الشريف
17-03-2006, 12:55 AM
أناملُ عودتنا بعزفها الجميل دائماً ، فكيف إذا كان عزفاً على شفاه الشمس ؟!

معزوفة رائعة يا أسماء

تحياتي

سحر الليالي
17-03-2006, 09:30 AM
غاليتي أسماء :

كنت قد قرأتها ذات وها أنا أقرأها مرة أخرى ..

ما أروعك يا أسماء !!

ما أجمل قلمك أختاه الذي يلجمني دوما

لك حبي وألف باقة من الورد الأبيض

مجدي محمود جعفر
17-03-2006, 12:47 PM
اقتباس من نص ( عزف على شفاه الشمس لأسماء حرمة الله )
كانت قد تلقتها من أعز صديقاتها، أمسكت بقلم وبدأت تخط على الغلاف بضع كلمات:
حتى الشمس ترهبت لحين، تخيط شعرها
تهب الحناء لهذي الطفلة الحالمة
تنتظر رحيق الخلاص!!!..
المبدعة الرائعة / أسماء حرمة الله
نص بديع وجميل واستمتعت به وكنت أتمنى أن ينتهي النص عند الفقرة السابقة حيث تماهت بطلة النص مع البحر والشمس - ناشدة الخلاص واتخذت من البحر والشمس علاقة بديلة وكانت النهاية عند هذا الحد تفتح للمتلقي أبوابا رحبة للتخيل والسفر مع البطلة لصنع النهاية وشكرا على هذا النص الممتع ومزيدا من الألق الإبداعي الجميل

سحر الليالي
22-02-2007, 11:06 PM
أسماء :
ما أجمل وأروع يراعك وقلبك

كوني بخير دوما أيتها الحبيبة

لك حبي وباقة ياسمين

وفاء شوكت خضر
22-02-2007, 11:44 PM
أسماء الحبيبة ..

كنت على يقين ،وأنا أبحث بين الصفحات أني سأجد كنزا أدبيا ، كانت قد تراكمت وجثمت فوقه صفحات كثيرة ، وقد أسعدني الحظ أني وجدت أربعة قصص ، كتبت بقلم لا يخط الأحرف إلا بالحرير ، وكم كانت دهشتي ، حين تناولتها قصة قصة ، من بين صفحات النثر ، لأنقلها حيث يجب أن تكون ، ولتكن نموذجا لفن كتابة القصه ، نموذجا به من الإبداع ، والفكرة والمعنى والمقصد ..

قصة بها الكثير من الألم ، لكن كما قالت حرة الواحة ، حتى الألم يتحول رقيقا بين أناملك .

دمت بكل الألق والإبداع شاعرة ناثرة قاصة .

كل الحب والود وطاقة ورد .
تحيتي .

خليل حلاوجي
23-02-2007, 09:38 AM
نص ثري

ولغة تختصر لنا نبض الصدق

ولكن

الحلم ... صار الآن له ثمن أقسى مما اعددنا له

انه الحلم الذي يصرعنا ويشطرنا ... بين روح وجسد

ومع ذلك

سلاحنا هو الاصرار

هكذا قالت لي قصتك ...


\

بوركت ِ اختاه .... اديبتنا