المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأطلّ الشيطان!!



علاء سعد حسن
29-08-2016, 06:28 PM
وأطلّ الشيطان!!


فراشة المدرسة..

لا أظنني أتذكّر من زملاء المدرسة الابتدائية من يزيد على أصابع الكف الواحدة..
ومن بين الزميلات ربما تذكرت اسما أو اثنين بالكاد..
لكنها لم تكن كذلك، ليس فقط كونها مثالا حيا للكمال الطفولي في أبهى صوره.. ولكن لما كان بيننا من تنافس محتدم وتبادل سريع للمراكز في لعبة الكراسي الموسيقية على الترتيب الأول على الصف، ومن ثم المدرسة..
حتى صفة "التلميذ المثالي" خطَفتْها مني في الصف الخامس، وانتزعتها منها في الصف السادس الحاسم.. ناهيك عن زمالتنا في مسابقات "أوائل الطلبة"..


فرّقت بيننا سنوات الدراسة غير المختلطة ثم الجامعية، لنلتقي من جديد في الدراسات العليا في الجامعة.. حيث لم يعد مجالا للتنافس الشرس القديم، وإنما التعاون في مجال البحث.. وفي مجال آخر أكثر رحابة.. فكل منا الآن علما من أعلام العمل الدعوي والخيري بالجامعة!!


عندما شققت طريقي نحو ما يشبه الهجرة خارج الوطن، لم أعد أتذكر حقيقة سوى ما تفرضه علي أعباء العمل، ومتطلّبات حياة الأسرة الصغيرة بدفء ارتباطها، ومشاغل تفرضها علينا الحياة اليومية فرضا، ونزعا للعمل العام يفرض نفسه في صورة نشاطات أغلبها كتابيا.. على صورة تأملات في التجارب، وخبرات للأجيال القادمة..

عبر الشبكة العنكبوتية التقينا من جديد.. يقولون -تأدبا-: قد انتصفت أعمارنا.. والواقع أننا –حسابيا- في الأمتار الأخيرة من مرحلة الكهولة.. شيّبتنا الحياة.. وخطفتْنا السنون.. لو صح اطلاق الشيخوخة المبكرة على عتبة الخمسينات من العمر، لاستحققنا اللقب عن جدارة واستحقاق..

فراشة المدرسة تتمتع الآن بريادة ثقافية.. فهي دائما في سباق مع كل جديد وطريف..


وقعت عيناي على موعد لقاء ثقافي متلفز لها ينقل مؤتمرا ثقافيا عاما..

فترقّبت الموعد في لهفة أسترها عن عيني رفيقة العمر، وحينما أطلت فراشة المدرسة عبر الشاشة.. لم أجدها هي ذات الفراشة النقيّة التي عرفتها عبر سنوات العمر..

وإنما صارت انقلابا شائها على كل ما بشّر به مستقبلها الواعد..

ورأيت الشيطان يُطلّ من وجهها..

فأغلقت التلفاز.. ولم أكمل الاستماع إلى حديث الريادة والأوهام..

أحمد العكيدي
31-08-2016, 02:57 PM
أمتعتني القصة وفاجأتني الخاتمة الرائعة في تناسقها التام مع عنوان النص "وأطلّ الشيطان".
تحياتي أستاذي

عباس العكري
31-08-2016, 06:12 PM
وأطل الشيطان

https://4.bp.blogspot.com/-h93KmCLleMk/V8cBsU9GzLI/AAAAAAAAEhI/onKrB9Z5MKA_yPrE3FNFDQ2mKyRugDudQCLcB/s1600/%25D9%2588%25D8%25A3%25D8%25B7%25D9%2584%25D9%2591 %2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B4%25D9%258A%25D8%2 5B7%25D8%25A7%25D9%2586%2521%2521.png

ناديه محمد الجابي
31-08-2016, 06:25 PM
لشد ما تغيرنا الأيام .. شهوة المعرفة، وشهوة المناصب،وشهوة السيطرة
وشهوة العظمة والشهرة وسيطرة المال.. قد يكون كل ذلك سببا في أن
يتغير الأنسان من النقيض إلى النقيض ـ فإذا نظرت في وجهه رأيت
الشيطان يطل من عينيه.
نص مائز بسرديته الرائعة ولغته الموحية وحبكة قصصية جميلة
دمت مبدعا متألقا. :001:

علاء سعد حسن
02-09-2016, 10:50 AM
أمتعتني القصة وفاجأتني الخاتمة الرائعة في تناسقها التام مع عنوان النص "وأطلّ الشيطان".
تحياتي أستاذي


شكرا لمرورك اخي الكريم

آمال المصري
15-09-2016, 06:59 PM
يمر بنا قطار العمر وتتغير مع محطاته الكثير من النفوس تطلعا للمجد أو السلطة أو التفوق العلمي وتذوب معها الكثير من المثل والقيم
وهنا نطق الواقع من خلال نص نجح في صياغته .. وبرع في الخاتمة .. وصاغ للعنوان بألق البيان
فشكرا لك أديبنا الفاضل
تحاياي

ناديه محمد الجابي
01-04-2022, 12:50 PM
تنسحب من تحت أقدامنا السنوات تلو السنوات ، فيمرر الزمن
يده الخشنة على أجسادنا وأفكارنا ، ويسكب في أرواحنا مذاقه المر.
ونتحول ونتغير فإما أن ينتصر ملاكه على شيطانه فينجي الروح
أو تتملكه شهوات الدنيا فيطل الشيطان من نظرة عينيه.
قصة رائعة المعنى والصياغة ـ بديعة لغة وسردا وحبكا واحتزالا.
دام إبداعك ودمت بكل خير.
:v1::nj::0014:

ميسون المدهون
02-04-2022, 11:20 AM
أفاعيل الزمان!! وما أدراك ما أفاعيل الزمان!!
يترك توقيعه على النفس كما على الجسد..
من ناحية أخرى ذكرني النص بولادة بنت المستكفي الشاعرة الرقيقة التي كانت تختال بقولها أنا والله أصلح للمعالي.. وأمشي مشيتي و أتيه تيها!
رغم جمالها و ذكائها ورغم حبها و شوقها الشديدين لابن زيدون اختارت أن لا تقابله بعد غياب طال لسنوات غيرت فيها الأيام من تفاصيلها الكثير..حتى يبقى يذكرها في صورتها الأبهى
و أن تعلق بالأذهان صورة الفراشة الجميلة الملونة خير من التوغل بمعرفتها لنكتشف بأنها مجرد حشرة!
نص جميل ممتع و سرد سلس أنيق ذو معاني راقية توجته الخاتمة الصادمة!
دمت و دام مدادك..

أسيل أحمد
21-02-2023, 06:27 PM
تغيرنا الأيام وتقتل فينا البراءة لنصبح كومة من الهموم والأوهام الزائفة
فمن كان طموحه قاتل فسيأخذ بصاحبه إلى التشتت والإنفلات من الثوابت
فإنه للأسف سيقتل كل شيء جميل في أعماقه ليطل الشيطان من عينيه.
نص واقعي رائع بإمتياز من أديب مكين وقاص ماهر.