تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : على باب المطار



أحمد العكيدي
16-11-2016, 02:13 PM
على باب المطار يصطدمان، يتراجعان إلى الوراء ويتبادلان النظرات التائهة والأسئلة الحارقة التي لم تنفك تبحث لها عن جواب مند زمن بعيد بدون جدوى. يسترجعان أولى البدايات، كيف كان عقله متعلقا بأروبا، يحكي لها عن تحضر أبنائها وعن أمجادها، يحدثها بحماس عن تاريخها، يصف لها بدقة أحداث الثورة الفرنسية وعِبرها المستقاة، يسرد على مسامعها بافتخار أقوال روسو وفولثير وماركس وكانط وغيرهم.

كان غربي الهوى والروح، عربي الشكل والملامح، كانت هي تنظر إليه كالغريب، لم تفهم يوما إصراره الشديد على الرحيل مع أنه يمتلك وسائل النجاح في بلده، إنه في سنته الدراسية الأخيرة ويُشهد له بالتفوق ويمكن له إن أراد أن يشتغل أو يتابع دراسته.. سألته يوما عن سر هذا الشغف العارم بهذا العالم البعيد، كان جوابه مقتضبا:" أريد أن أصير إنسانا".

تطلعت إليه بعد طول غياب وانقطاع للأخبار وتحسست ذلك الاشتياق الكبير للوطن بعدما كان يقسم أنه سفره بلا عودة. تأمل شعرها الذي يداعبه الريح في كل اتجاه كروحه المعلقة بين بلدين، استنشق عطرها الفائح بعمق كأنه قطعة من الوطن، ثم تنبه إلى حقيبتها بعينين حائرتين وقلب مكسور وقال بحشرجة: " إلى أين ؟".

دق جرس النداء الأخير، ترجلت بخطى ثابتة نحو مدرج الطائرة وهمست في أدنه بصوتها العذب الرنان :" إلى حيث أصير إنسانة".

ناديه محمد الجابي
17-11-2016, 05:58 PM
هو .. حتى وإن كانت ملامحه عربية ـ إلا إنه كان غربي الهوى والروح
فلما عاش في بلاد الصقيع اشتاقت نفسه لدفء بلاده، وشدته أرض الوطن
بجاذبية من شوق وحنين وحب لم يستطع ان يقدر أهميته إلا عندما إبتعد عنه.
أما هى .. فيبدو إنها لم تستطع أن تحقق نفسها في الوطن الذي أحبته وشدت إليه
فإضطرت للذهاب لتبحث عن إنسانيتها في مكان آخر.
مفارقة مضحكة في نص عميق ، فلسفي الطرح، رائق الفكرة، بسرد جاذب.
أحي قلمك السامق. :001:

أحمد العكيدي
19-11-2016, 10:06 AM
هو .. حتى وإن كانت ملامحه عربية ـ إلا إنه كان غربي الهوى والروح
فلما عاش في بلاد الصقيع اشتاقت نفسه لدفء بلاده، وشدته أرض الوطن
بجاذبية من شوق وحنين وحب لم يستطع ان يقدر أهميته إلا عندما إبتعد عنه.
أما هى .. فيبدو إنها لم تستطع أن تحقق نفسها في الوطن الذي أحبته وشدت إليه
فإضطرت للذهاب لتبحث عن إنسانيتها في مكان آخر.
مفارقة مضحكة في نص عميق ، فلسفي الطرح، رائق الفكرة، بسرد جاذب.
أحي قلمك السامق. :001:

سعدت كثيرا أستاذة نادية على قراءتك المتميزة للنص. في الحقيقة نصوص كثيرة تحتاج أحيانا إلى مثل هذا الفهم العميق...
تحياتي وشكرا على مرورك الطيب.

عباس العكري
25-11-2016, 08:30 AM
حينما يصبح المطار مكانا يجمع بين حالتي اللقاء والفراق بين المسافر والمغادر بين قيمتي الشعور بالوطنية وبين التغرب للبحث عن الوجود الانساني فازداد الخلاف والاختلاف


نص فيها الوصف والتقرير والايماء وتوقيف الزمن في لحظة اللقاء

عمر الصالح
26-11-2016, 11:55 PM
عشت هذه اللحظات منذ سنوات ..

رحلة وراء رحلة, وسفر يطارد سفر
وبالأخير إكتشفت ان الإنسان نحمله فى دواخلنا أينما إرتحلنا ..


صياغة وفكرة ومفردات كلها كانت رائعة..


تحياتى لك أيها الصديق..

عمر

أحمد العكيدي
27-11-2016, 12:59 PM
حينما يصبح المطار مكانا يجمع بين حالتي اللقاء والفراق بين المسافر والمغادر بين قيمتي الشعور بالوطنية وبين التغرب للبحث عن الوجود الانساني فازداد الخلاف والاختلاف


نص فيها الوصف والتقرير والايماء وتوقيف الزمن في لحظة اللقاء
شكرا لك أستاذ عباس العكري على هذا التحليل الجميل وعلى مرورك الطيب.

أحمد العكيدي
27-11-2016, 01:08 PM
عشت هذه اللحظات منذ سنوات ..

رحلة وراء رحلة, وسفر يطارد سفر
وبالأخير إكتشفت ان الإنسان نحمله فى دواخلنا أينما إرتحلنا ..


صياغة وفكرة ومفردات كلها كانت رائعة..


تحياتى لك أيها الصديق..

عمر

شكرا لك أستاذ عمر على هذا التعليق الجميل.

لبنى علي
27-11-2016, 01:50 PM
ومن الإنسانية إليها أصداء أذن قناعاتٍ ، مباديء وأوْجُه رؤى !

دمتَ راقي النبض أيُّها الفاضل الكريم أحمد ..

أحمد العكيدي
29-11-2016, 11:17 AM
ومن الإنسانية إليها أصداء أذن قناعاتٍ ، مباديء وأوْجُه رؤى !

دمتَ راقي النبض أيُّها الفاضل الكريم أحمد ..
شكرا لك أستاذة لبنى على مرورك وتعليقك الجميل

كاملة بدارنه
02-12-2016, 07:47 PM
رحلة بحث عن الإنسانيّة... وإشارة إلى ضياع تلك الإنسانيّة في أماكن عديدة
قصّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي

أحمد العكيدي
04-12-2016, 07:13 PM
رحلة بحث عن الإنسانيّة... وإشارة إلى ضياع تلك الإنسانيّة في أماكن عديدة
قصّة هادفة
بوركت
تقديري وتحيّتي
شكرا لك أستاذة كاملة بدارنه على هذا التعليق الجميل
تحياتي

آمال المصري
10-12-2016, 04:23 AM
كل يبحث عن الإنسانية رغم أنها بدواخلنا لا يحدها مكان ولا يقيدها زمان
نص جميل بما يحمل فكرا ونبضا وبيانا فشكرا لك أديبنا الفاضل
تحية وتقدير

أحمد العكيدي
12-12-2016, 02:53 PM
كل يبحث عن الإنسانية رغم أنها بدواخلنا لا يحدها مكان ولا يقيدها زمان
نص جميل بما يحمل فكرا ونبضا وبيانا فشكرا لك أديبنا الفاضل
تحية وتقدير

صحيح الإنسانية بداخلنا تحتاج للاكتشاف.
شكرا أستاذتي على مرورك الكريم

أحمد العكيدي
24-01-2017, 01:43 PM
على باب المطار يصطدمان، يتراجعان إلى الوراء ويتبادلان النظرات التائهة والأسئلة الحارقة التي لم تنفك تبحث لها عن جواب مند زمن بعيد بدون جدوى. يسترجعان أولى البدايات، كيف كان عقله متعلقا بأروبا، يحكي لها عن تحضر أبنائها وعن أمجادها، يحدثها بحماس عن تاريخها، يصف لها بدقة أحداث الثورة الفرنسية وعِبرها المستقاة، يسرد على مسامعها بافتخار أقوال روسو وفولثير وماركس وكانط وغيرهم.

كان غربي الهوى والروح، عربي الشكل والملامح، كانت هي تنظر إليه كالغريب، لم تفهم يوما إصراره الشديد على الرحيل مع أنه يمتلك وسائل النجاح في بلده، إنه في سنته الدراسية الأخيرة ويُشهد له بالتفوق ويمكن له إن أراد أن يشتغل أو يتابع دراسته.. سألته يوما عن سر هذا الشغف العارم بهذا العالم البعيد، كان جوابه مقتضبا:" أريد أن أصير إنسانا".

تطلعت إليه بعد طول غياب وانقطاع للأخبار وتحسست ذلك الاشتياق الكبير للوطن بعدما كان يقسم أن سفره بلا عودة. تأمل شعرها الذي يداعبه الريح في كل اتجاه كروحه المعلقة بين بلدين، استنشق عطرها الفائح بعمق كأنه قطعة من الوطن، ثم تنبه إلى حقيبتها بعينين حائرتين وقلب مكسور وقال بحشرجة: " إلى أين ؟".

دق جرس النداء الأخير، ترجلت بخطى ثابتة نحو مدرج الطائرة وهمست في أدنه بصوتها العذب الرنان :" إلى حيث أصير إنسانة".