تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نخيل الروح



د. سمير العمري
10-07-2016, 05:58 PM
أَعِــدْ مِنْ مَعَانِي الحَدْبِ مَا سَلَبَ الْحَزْبُ = وَضَعْ عَنْ مَثَانِي الْحُبِّ مَا صَلَبَ الْحَوْبُ
وَجُــبْ فِــي رِحَــابِ الْقَلْبِ مِحْرَاثَ آمِلٍ = فَــمِنْ شَــرْنَقِيِّ الــجَدْبِ يَــنْبَثِقُ الْخصْبُ
وَإِنَّ الْأَبِـــيَّ الْــحُرَّ لَا يُــوجِسُ الْأَسَــى = بِــهَــجْسٍ وَلَا يـــزْرِي بِــهِمَّتِهِ الْــكَرْبُ
وَهَـــلْ يَــسْتَخِفُّ الْــيَأْسُ فِــينِيقَ مَــاجِدٍ = إِذَا اسْــتَنْكَفَ الْمَنْشُودُ وَاسْتَنْزَفَ الدَّرْبُ؟
إِذَا خَـــذَلَ الْــمِــجْدَافُ فِــي الْــيَمِّ قَــارِبًا = فَــلَــنْ يَــبْــلُغَ الــشُّطْآنَ إِلَّا الَّــذِي يَــشْبُو
وَإِنْ خَــالَفَ الْإِنْــصَافَ بِــالْحِقْدِ جَــاهِلٌ = فَــسِــيَّانِ عِــنْدَ الْــعَاقِلِ الــنَّأْيُ وَالْــقُرْبُ
بَــلَــى أَنْــكَــرَتْنِي سُــنْــبُلَاتِي وأُعْــجَفَتْ = سِــنِــينِي وَآذَتْــنِــي الْــدَّيَــاجِرُ وَالــشُّهْبُ
أَهُـــزُّ نَــخِيلَ الــرُّوحِ فِــي بِــيْدِ غُــرْبَةٍ = وَسَــرْجُ فُــؤَادِي لَا سَــرَابٌ وَلَا سِــرْبُ
وَكَـــانَ حَــصَــادُ الْــعُمْرِ مِــنْجَلَ حَــاقِدٍ = وَعَــصْفَ حَــسُودِ الــفَضْلِ أَلَّــبَهُ الْــحَبُّ
سَــكَــبْتُ لَــهُــمْ صَــفْوَ الْــوِدَادِ وَكَــدَّرُوا = وَمِــثْلِي حَــرِيٌّ أَنْ يُــطَابَ لَــهُ الــسَّكْبُ
أَلُـــمُّ شَــتَــاتِ الْــعُمْرِ جِــسْرًا لِــيَعْبُرُوا = فَــيَحْطِمُهُ قَــبْلَ الْــعِدَى الْأَهْلُ وَالصَّحْبُ
وَأَمْـــلَأُ مِـــنْ حُــبِّــي أَبَــارِيقَ أُنْــسِهِمْ = فَــيَــسْكُبُهُ الــنُّــكْرَانُ مُــهْلًا بِــمَا صَــبُّوا
سِــرَاجًا بِــزَيْتِ الْــعَفْوِ أَوْقَــدْتُ هِــمَّتِي = فَــكُــلُّ نَــبِــيلٍ مِـــنْ زُجَــاجَــتِهَا يَــرْبُو
مَــحَضْتُ فُــؤَادِي يَــنْضَحُ الــرَّأْمَ فِــطْنَةً = يَــــبَــشُّ لَـــهُ حِـــبٌّ وَيَــرْهَــبُهُ خِـــبُّ
يُــفَتِّشُ جَــيْبَ الْــغَيْبِ عَــنْ صَــكِّ أُوْبَةٍ = وَيُــسْرِجُ قَــبْوَ الــرُّوحِ مِــنْ مُهْجَةٍ تَخْبُو
يُــمَارِسُ طَــقْسَ الــشَّوْقِ حُــزْنًا مُؤَجَّلًا = وَيَــعْزِفُ نَــايَ الْــوَجْدِ فِي شَطْئِهَ الهُدْبُ
هَــزَارًا سَــبَاهُ الــشَّدْوُ فِــي بَــهْوِ خِــرْبَةٍ = وَبُـــومٌ بِــبَــابِ الْــقَصْرِ شَــنَّفَهُ الــنَّعْبُ
وَإِنِّـــي وَإِنْ كُــنْــتُ ابْـــنَ قَــوْمٍ أَكَــابِرٍ = لَأَدْرَى الْوَرَى أَنْ لَيْسَ فِي حَسَبٍ حَسْبُ
فَــمَا زِلْــتُ أُمْــضِي الْعَزْمَ فِي كُلِّ مَحْفِلٍ = لِأَبْــلُــغَ قَــبْــلَ الْــقَوْمِ مَــا يَــبْلُغُ الــدَّأْبُ
أَجُــوبُ فَــيَافِي الْــفِكْرِ وَالــشِّعْرِ طَــاوِيًا = فَــلَيْثُ الْــمَعَانِي لَا يَــطِيبُ لَــهُ الْــعُشْبُ
وَأَنْــقُشُ خَــالَ الْــحُسْنِ فِــي خَدِّ صَخْرَةٍ = لِــتُسْقَى شِــفَاهُ الْــمَاءِ مَــا ظَــمِئَ الثَّغْبُ
عَــذَارَى مَــعَانٍ فِــي فــرَادِيسِ أَحْــرُفٍ = وَبَــحْــرَ خَــيَــالٍ لَا يُــسَــاوِرُهُ الْــنَّضْبُ
وَنَــهْرًا مِــنَ الــشَّهْدِ الْمُصَفَّى مِنَ الشَّذَى = يَــطِــيبُ لِــرِيقِ الــذَّوْقِ بَــارِدُهُ الْــعَذْبُ
وَمَــا هِــجْتُ عَــنِّي الــشِّعْرَ إِلَّا وَعَادَ لِي = يَــتِيمًا مَــهِيضَ الــطَّرْفِ أَخْــبَتَهُ الْأَوْبُ
قَــصِيدِي كَــمَا الــصَّبَّارُ لَــمْ يُرْعَ مِنْ يَدٍ = وَلَــمْ تَــسْقِهِ الْأَرْضُ الــيَبَابُ وَلَا السُّحْبُ
وَلَــكِــنَّهُ كَــالْــمِسْكِ فِـــي نَــسْكِ رَبْــوَةِ = تُــلَاطِمُهُ الْأَنْــوَاءُ وَهْــوَ الــنَّدَى الصَّلْبُ
وَمَــا عَــابَنِي إِنْ عَزَّ حَرْفِي عَلَى النُّهَى = سِوَى أَنْ يَعِيبَ النّجْبَ فِي الْحُجَّةِ الوَجْبُ
وَمَـــا صَــابْنِي خَــسْفًا تَــشْمُّتُ ضَــاغِنٍ = وَكَــيْفَ تَــرَانِي الْــعَيْنُ إِنْ أَظْــلَمَ الْقَلْبُ؟
وَلَــوْ عَــادَ بِــي دَهْرِي إِلَى حَيْثُ أَرْتَقِي = مَــقَــامَ مَــدِيــحٍ مَــا يَــرُوحُ بِــهَا كَــعْبُ
وَفِـــي أُفُـــقِ الْإِبْـــدَاعِ بَــدْرٌ وَكَــوْكَبٌ = وَلَــكِنَّ نَــجْمِي فِــي الْــبُرُوجِ هُوَ الْقُطْبُ
تَــجَــلَّى عَــلَــى الْــغَاوِينَ فَــذًّا فَــكُبْكِبُوا = وَجَــلَّــى إِلَــى الْــعَالِينَ مَــا لَــذَّ فَــانْكَبُّوا
وَإِنْ أُزْلِــفَتْ جَــنَّاتُ حَــرْفِي لِذِي النُّهَى = فَــفَــاكِــهَةٌ أَمَّــــا الــمُــخَــاتِلِ فَـــالْأَبُّ
وَمَــنْ غَــاظَهُ فِــي الــشِّعْرِ فَــخْرِي فَإِنَّهُ = لَــئِــيمٌ سَــقِــيمٌ قَــاسِــطٌ سَــاقِــطٌ لَــغْــبُ
سَــأَهْــجُرُكُمْ وَالــشِّــعْرَ هَــجْــرًا مُــؤَثَّلًا = إِلَـــى حَــيْثُ لَا أَلْــبٌ يَــقُضُّ وَلَا رَيْــبُ
أَنَـــامُ وَفِـــي الْــوِجْدَانِ فَــحْوَى بَــرَاءَةٍ = وَأَصْــحُو وَفِــي الْإِنْــسَانِ قَدْ أَيْنَعَ الْحُبُّ
وَأَحْــنُو أُنَاغِي الطَّيْرَ وَالزَّهْرَ فِي الرُّبَى = وَأَدْنُو أُنَاجِي الرَّحْبَ فِي ضِيقِ مَنْ جَبُّوا
أَرَى سَــبْــتَ بِــنْتِ الْــفِكْرِ يَــفْتِنُ رَبَّــهَا = كَــمَــا فُــتِنَتْ شَــمْطَاءُ لَانَ لَــهَا الْــجَنْبُ
وَكُـــلُّ حَــكِيمٍ يَــعْرُشُ الــرَّأْيَ بِــالْهُدَى = فَــإِنْ جَــاشَ فِــيهِ الْــقَلْبُ طَاشَ بِهِ اللُّبُّ
وَلَـــمْ أَرَ مِــثْــلَ الــسَّــعْيِ طِــبًّا لــقَانِطٍ = وَلَا مِــثْلَ كَــيِّ الْــوَعْيِ إِنْ عَجَزَ الطِّبُّ
وَهَـــذَا زَمَـــانٌ أَلْــبَــسَ الْــفِسْقَ عِــمَّةً = فَــلَــيْسَ عَــجِــيبًا أَنْ يَــفُوزَ بِــهِ الــقَحْبُ
جُــنُــوحًا إِلَـــى الــلَّذَّاتِ وَالــلَّيْلُ عَــاهِرٌ = يُــعَاقِرُ كَــأْسَ الــذَّاتِ مِــمَّا سَــقَى الْجُبُّ
وَقَــوْمٌ أَضَــلُّوا الــرَّأْيَ بِــالمَيْنِ وَالْــمُنَى = لَــهُــمْ غَــيْــمُ عِــلْمٍ بِــالسَّفَاسِفِ يَــنْصَبُّ
إِذَا كَـــالَ صَـــاعُ الْــعَدْلِ فِــيهِمْ مَــوَدَّةً = يَــكِــيلُ لَــهُــمْ جَـــوْرَ الــضَّغِينَةِ إِرْدَبُّ
فَــمَنْ كَــوَّرُوا الْأَحْــلَامَ فِي عَتْمَةِ الرُّؤَى = يَــحُــضُّهُمُ الــرَّغْبُ الْــمُخَنَّثُ وَالــرَّهْبُ
وَمَـــنْ تَــخِذُوا الــدِّينَ الْــحَنِيفَ مَــطِيَّةً = يُــلَاحُونَ بِــالذَّنْبِ الْــوَرَى وَهُــمُ الــذَّنْبُ
وَمَـــنْ كَــذَّبُوا بِــالْحَقِّ وَاتَّــبِعُوا الْــهَوَى = فَــحَــاقَ بِــهِمْ دُبٌّ وَضَــاقَ بِــهِمْ ضَــبُّ
فَـــأَيُّ الْــفَــرِيقَيْنِ انْــثَــنَى؟ أَيُّ سَـــادِرٍ = أَفَـــاقَ؟ وَأَيُّ الْــعَــيْبِ سَــتَّرَهُ الْــذِرْبُ؟
وَهَـــلْ يَــسْتَعِيذُ الْــبَرُّ بِــالْيَأْسِ وَالْأَسَــى = لُــوَاذًا؟ وَهَــلْ يُــنْجِي اللَّجَاجَةُ وَالْعُجْبُ؟
وَكَــيْفَ يُــمَارِي الْــحُرُّ مَــنْ بَاءَ بِالْأَذَى = وَفِــيــهِ بَــكَى الــتِّمْسَاحُ وَابْــتَسَمَ الــذِّئْبُ
وَإِنِّــي أَعَــافُ الْخَوْضَ فِي جَدَلِ الْوَرَى = فَــكُــلُّ عُـــزُوفٍ عَــنْ مُــجَادَلَةٍ كَــسْبُ
وَلِــي مَــا يَــحُثُّ الــدَّهْرَ مِــنْ نُوحِ هِمَّةٍ = لِأَحْــمِــلَ فِــي فُــلْكِ الــتَّفَاؤُلِ مَــنْ أَبُّــوا
أَنَـــا مِـــنْ بِــلَادٍ بَــارَكَ اللَّهُ أَرْضَــهَا = وَأَحْــنَى لَــهَا الــتَّارِيخَ مِــنْ عِــزَّةٍ شَعْبُ
بِــلَادٌ كَــأَنَّ الْــكَوْنَ فِــي الْحِضْنِ ضَمَّهَا = فَــلَــيْسَ لَــهَــا شَــرْقَ يَــشُـدُّ وَلَا غَــرْبُ
يَــطُــوفُ عَــلَــيْهَا الــنَّــاكِبُونَ وَنَــخَــلُهَا = يُــحَــابِي جِــيَــاعَ الْــعَــابِرِينَ وَلَا يَــحْبُو
وَفِــي الــدَّهْرِ تَــجْرِي نَهْرَ ذِكْرٍ وَقُدْسُهَا = تُــطِــلُّ عَــلَــى الْأَرْوَاحِ يَــكْلَؤُهَا الــرَّبُّ
هَــرِمْنَا شُــيُوخَ الــذَّوْدِ وَالْــعَهْدُ صَــامِدٌ = هَــزَمْنَا جَــوَى الــدُّنْيَا وَمَا انْهَزَمَ الشَّيْبُ
وَخُــضْنَا حُــتُوفَ الْــقَهْرِ أُخْــدُودَ وَاثِــقٍ = بِــأَنَّ قُــطُوفَ الــنَّصْرِ لِابْــنِ غَدٍ تَصْبُو
وَهَــا أَرْجَــحَتْنَا الــعُرْجُ فِــي ذَيْــلِ ثَوْرَةٍ = كَــأَنَّا رُفَــاتُ الــنَّفْجِ يَــلْهُو بِــهَا الْــكَلْبُ
وَأُشْــهِــرَ سَــيْــفُ الــسَّفْكِ قُــرْبَانَ أُمَّــةٍ = عَــلَى صَــدْرِهَا أَقْعَى الرُّوَيْبِضَةُ النَّخْبُ
فَــلَــمْ تَــحْقِنِ الْأَوْطَــانُ دَمْــعًا وَلَا دَمًــا = وَمِــنْ دَمْــعَةِ الْأَوْطَــانِ يهْصِرُنَا النَّحْبُ
أَلَــمْ يَــعْلَمُوا أَنْ لَــيْسَ فِــي الْــمجْنِ جُنَّةٌ = وَلَا فِــي وَثِيرِ الثَّوْبِ مَا يَرْتَجِي الْجُرْبُ
يَــعُــوذُونَ بِــالــشَّجْبِ الــتَّلِيدِ وَمَــا دَرَوْا = بِـــأَنَّ الْــمَــنَايَا لَــيْسَ يَــمْنَعُهَا الــشَّجْبُ
وَفِــي الْــجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ سِدْرَةِ الْمُنَى = مَــعَــاوِلُ مَــجْــدٍ لَا تَــنُــوبُ وَلَا تَــنْــبُو
عَــلَــيْهَا جَـــلَالٌ مِـــنْ سِــجَــالٍ مُــمَرَّدٍ = وَفِــيــهَا رِجَــالٌ لَا يَــؤُودُ بِــهِمْ خَــطْبُ
إِذَا بَـــرَزُوا بِــالْحَزْمِ فِــي ذَاتِ عَــزْمِةٍ = أَهَــابُــوا وَإِنْ مُــسَّــتْ مَــحَارِمُهُمْ هَــبُّوا
سَــيَعْدُو جَــوَادُ الــبَذْلِ فِــي شَوْطِ نَهْضَةٍ = مَــتَــى أَدْرَكَ الْــمِضْمَارُ أَنَّــا بِــنَا نَــكْبُو
وَمَــهْــمَا تَــمَطَّى الــلَّيْلُ فَــالْفَجْرُ شَــاهِدٌ = أَذَابُــــوا بِــنِــيرَانِ الْــبَــنَادِقِ أَمْ ذَبُّـــوَا
وَمَـــا ثَـــمَّ إِلَّا وَالْــهُدَى يُــرْدِفُ الــنَّدَى = وَيَــمْحُو قَــذَى جَهْلٍ عَنَ اْعْيُنِ مَنْ خَبُّوَا
وَسَــوْفَ يُــدِرُّ الْــقَهْرُ مِــنْ بَــيْنِ فَــرْثِهِمْ = ثَــقَــافَــةَ حُــــبٍّ لَا تُــرَتِّــلُــهَا حَـــرْبُ
وَيُــــسْــرِجُ قِــنْــدِيلَ الــتَّــآلُفِ وَالْــتُّــقَى = مُـــرُوءَةُ أَحْـــرَارٍ يُــعَــزُّ بِــهَا الــرَّكْبُ
يُــنَــادِي مُــنَادٍ وَالْــمَدَى خَــاشِعُ الــحِجَا = أَلَا تَـــبَّ مَـــنْ سَــبُّوا الــسَّنَاءَ أَلَا تَــبُّوا