المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصّقيع - أجسام باردة



عماد هلالى
19-01-2017, 03:12 PM
مستندة على قصة حقيقية حدثت هذه الأيام بتصرف

الخبر لم ينزل كالصّاعقة , بل نزل كالصّقيع , لم تكلّف نفسها عناء التّصنّع والتّمثيل كما يفعل النّاس عادة في مثل هذه المواقف , دخلت عليها غرفتها في الحي الجامعي مهرولة , وقفت أمام سريرها بينما كانت متمدّدة وممسكة بدفتر تقلّب أوراقه , قالت لها بكلّ برودة : أمّك ماتت , لم تكن أمّها مريضة , ولم تدخل عليها أيّة زميلة غرفتها منذ أن سكنتها , هذه أقرب صديقاتها وهي من بلدتها في أقاصي الشّرق , وهذه أولى سنة جامعي , تلتقي بها أحيانا فقط في المطعم , في حين انغلقت هي على نفسها ولم تألف الوضع سمعت عن صاحبتها أنّها بدأت تسلك سُبُل الإنحراف وصارت تخرج مع أصحاب السّيارات الّذين يقصدون بوّابة الحي الجامعي , وتبيت أحيانا خارجا , أحسّت ببرودة المكان ولم تكن تتوقّع أبدا هذه الفتاة الصّغيرة النّحيلة أنّها ستجد الحياة هنا بكلّ هذه القسوة , قضت ليالي طويلة تبكي وحدها في غرفتها وتتذكّر البيت والعائلة , كل شيء تغيّر فجأة والأغرب هو تغيّر النّاس , كل ماتراه من أشخاص عبارة عن أجسام فقط , وأجسام باردة , هبّت العواصف , وتجمّدت العواطف , لم يعد أحد يسأل عن أحد , عادة يتقارب الغرباء حين يبتعدون عن الأقرباء , لكن حتى هذه غابت ولم تجدها , لم يتوقّف الثّلج عن النّزول منذ أيّام واكتست قسنطينة حلّة البياض مثل أغلب المدن الجزائرية , وانغلقت الطّرقات وانعزلت بعض المناطق , وصار الذّهاب الى بلدتها مستحيلا , فلم تستطع توديع أمها ورؤيتها النظرة الأخيرة , ولم تحضر الجنازة , كتمت في صدرها الكثير من المآسي وتجرّعت كؤوس الحرمان والغربة طويلا , لكن ليس بهذا الحجم , أحيانا تتجمّد الدّموع ولا تبرح محاجرها عند هول المصائب , وبعض النّكبات لا نستطع تحمّلها بمفردنا , ويجب أن يحملها معنا الآخرون ولو كانوا غرباءا , لكنّه الصّقيع أصاب الجميع , في الأيّام واللّيالي الباردة يبحث النّاس عن الدّفء ولا أحد يُمكنه الخروج , وبعدما توقّفت الثّلوج عن النّزول وطلعت الشّمس بين البياض , اقتحموا غرفتها بعدما افتقدوها ولم يجدوا لها أثرا أو يسمعوا لها صوتا , وجدوها على سريرها جثّة هامدة , وجسما باردا

عباس العكري
20-01-2017, 06:26 PM
https://2.bp.blogspot.com/-unMoEn2hvFw/WIJIOzpsenI/AAAAAAAAFaU/NtfzeS-VevoBnnkSvhGPYPM63RE34b-twCLcB/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B5%25D9%2582%25D9%258A %25D8%25B9.png

عماد هلالى
21-01-2017, 01:04 AM
الأستاذ الأديب عباس العكري : فاجأتني سيدي وأسعدتني كثيرا بهذه البطاقة الرّائعة , حفاوة وكرم وتقدير أسأل الله العلي القدير أن أكون له أهلا , بارك الله فيكم سيدي وجزاكم الله كل خير وشكرا جزيلا

عباس العكري
21-01-2017, 01:09 PM
https://3.bp.blogspot.com/-yB7hpGkFWw0/WINHTym9d2I/AAAAAAAAFdk/hQ8mp9z7D3UjgboHfWCkVEagNPZuFtagQCLcB/s1600/%25D8%25B4%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AD%25D8%25A9 23.PNG

عماد هلالى
21-01-2017, 03:21 PM
سعيد جدا والله بهذا التكريم والحفاوة بارك الله فيكم وجزاكم الله كل خير , شكرا جزيلا وسأظل دائما عند حسن ظنكم وتقديركم ان شاء الله تعالى

سجاد الصالحي
21-01-2017, 05:10 PM
استاذ عماد العزيز..
قصة جميلة جدا..
وفيها معاني وعبر كثيرة..
دمت موفقاً..:0014:

عماد هلالى
21-01-2017, 10:30 PM
الأستاذ العزيز الغالي سجاد الصالحي : بارك الله فيك سيدي وجزاك الله كل خير , أسعدتني والله مشاركتك الطّيّبة , شكرا جزيلا سيدي ولك خالص مودتي , وتقديري وتحياتي

ناديه محمد الجابي
26-01-2017, 09:15 PM
الإغتراب .. هو اقتلاع المرء من جذوره وتحوله إلى بيئة أخرى
وهو له إنعكاسات عميقة على الروح والجسد والفكر ـ فالإنسان كتلة من لحم ودم
مشاعر وأحاسيس وعواطف تتأثر سلبا وإيجابا بمجريات حياته..
والناس ليسوا سواء في تحملهم للغربة ..
فصاحبة قصتنا تجمدت روحها من شدة الإغتراب، وذاب الإطمئنان في بركة من الصقيع
فانزوت في غرفتها يمزقها الشعور بالألم لموت أمها وهى بعيدة عنها، وافتقادها للقلب
المحب الحنون الصادق حولها.. فانزوت وحيدة حتى وجدوها جثة متجمدة.
قصة مؤثرة وعميقة على بساطتها بدلالات نفسية وفلسفية
تمتلك قلما رائعا ، وفكرا خصيبا، ولنصوصك
عبق قريب من القلب
دام إبداعك متألقا.
:001::001:

عماد هلالى
27-01-2017, 12:27 AM
نادية محمد الجابي : هذه شهادة كبيرة أتشرّف بها , وتشجّعني كثيرا , من أديبة واستاذة مشرفة في رابطة الواحة الثقافية , جعلني الله دائما عند حسن الظن , ونتطوّر للأفضل ونتقدّم للأمام ان شاء الله تعالى , برعايتكم وتوجيهاتكم ونصحكم بارك الله فيكم جميعا , وجزاكم الله كل خير

آمال المصري
15-02-2017, 11:11 PM
سجنت داخل وحدتها فكان كل ماحولها باردا لاروح فيه ولا دفء
رحلت الأم وانحرفت الصديقة وبدت الحياة قاسية جامدة
نص رائع بما يحمل وما يرمي إليه بسرد متقن وحرف ماتع فشكرا لك أديبنا الفاضل
تحية وتقدير

عماد هلالى
15-02-2017, 11:34 PM
سجنت داخل وحدتها فكان كل ماحولها باردا لاروح فيه ولا دفء
رحلت الأم وانحرفت الصديقة وبدت الحياة قاسية جامدة
نص رائع بما يحمل وما يرمي إليه بسرد متقن وحرف ماتع فشكرا لك أديبنا الفاضل
تحية وتقدير
ولك أسمى عبارات التحية والتقدير , مرورك أروع , شكرا جزيلا :0014::hat: