المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نجمة وهلال



عماد هلالى
18-02-2017, 01:32 PM
صفّق لها الجمهور طويلا , وقد امتلأت دار الأوبرا من المقاعد الأرضيّة حتّى الشّرفات العلويّة , تمّ نقل العرض المسرحي الغنائي إلى هنا , أكبر مسرح في البلد , بعد أن دخل عامه الرّابع على التّوالي , بنجاح منقطع النّظير , ووقفت نجمتنا المحبوبة على غير عادتها تُحيّي الجمهور بحركات يديها وايماءات وجهها , مستعملة كل أنواع تعابير الحب , وساحت أيضا بعينيها المرقرقتين بحبّات اللؤلؤ وجوه المُعجبين , رأته قد تشبّث في مكانه , لم ينزع عينيه عنها لحظة , وقفت تنظر اليه حتّى خافت أن يلتفت اليها انتباه النّاس , ثم ذهبت تمشي ببطء إلى غرفتها وجناحها الخاص , كغير عادتها أيضا , حيث كانت تخرج مسرعة ومحاطة بالحرس , سمعته يهتف باسمها , التفتت , رأته قد أتاها يجري وفي يده بطاقة , أفلت من أيدي المنظّمين , حيّاها ضاحكا وطلب منها أن تُمضي له بطاقة عليها صورتها , لم تتردّد لحظة , أمسكت قلما وسألته عن اسمه , قال لها : هلال , أبدت إعجابا باسمه وكتبت رقم هاتفها الخاص , وهمست في أذنه : كلّمني بعد ساعة .

كانت عيناها لا زالت مُبتلّة بالدّموع , لكن هذه المرّة سالت وجرت وكاد أن يسمع صوت بُكائها سائق سيارتها الملكيّة , نظرت من الزجاج الجانبي وهي تجلس بمفردها في الصّالة الخلفيّة للسيّارة , المدينة ليلا ساحرة , لم تبهرها الأضواء فقد سئمت منها , بل أسرت لبّها انعكاسها على وجوه النّاس , والبسطاء منهم خاصّة , هذا ما كانت تفتقده , عربات الباعة , وحركات المارّة , وثنائيّات العشّاق والمُحبّين , يالثنائيّات العُشّاق والمُحبّين , هل يوجد حقّا هذا الحب الّذي تحكيه للنّاس كل ليلة وتُغنّي لهم عنه , ويُصدّقونها , هي لا تعرفه , خبرت كل أنواع العلاقات الإنسانية بعمقها وسطحيّتها , لكن لا تعرف هذا الّذي يُسمّونه حُبا , ما ان وصلت ودخلت غرفتها لترتمي على سريرها الفخم حتّى رنّ هاتفها , طبعا هلال , كانت تنتظر مكالمته بشوق ولهفة .

عرفت أنّه كبير مُعجبيها , يترصّدها منذ البدايات , قبل أن تصير نجمة , وأدمن مسرحيّتها , ولا يُفارق مسرح العرض لحظة واحدة , والأطرف أنّه كان زميلها في فترة الدّراسة الثّانوية , قد تخرّج مهندسا الآن ويمتلك مكتبا خاصّا به , أنشأه بماله ومجهوده الخاص وبدأ رحلة كفاحه نحو النّجاح , على علاقة ارتباط بإحدى زميلاته في الجامعة سابقا , تسكن معه نفس العمارة , وينوي التّقدّم قريبا لخطبتها , ويُحبّها هي كنجمة . وكانت قد خرجت من ثالث فشل في الحب والإرتباط , كعادتها تنتهي القصّة بمرارة بعدما تكتشف أنّه لم يُحبّها لشخصها , ويسقط أمامها قناع الزّيف مرّة أخرى , حتّى انهارت كل معنويّاتها وبلغ بها اليأس حدّا لم تعُد تُصدّق معه شيئا في هذه الحياة الّتي صار المسرح أصدق منها .

توطّدت بينهما العلاقة سريعا , كأنّهما قد كانا على موعد , باحت له بمكنونات قلبها , وأحزان نجمة , ووجدته صدرا واسعا وحضنا دافئا , لم تكن تُصدّق يوما أنّه يوجد في الحياة شيء كهذا , ووجد جوهرة نفيسة , لؤلؤة مشاعر , خبّأتها صدفة النّجوميّة والشّهرة , وكان هو الغوّاص المحظوظ الّذي اكتشفها , واكتشف حقيقتها النّاصعة , بعد أن اكتشف موهبتها النّقاد وأهل الفن . لكن يظل هناك الجزء المخيف في القصّة , قال لها : وضعُنا مثل الهلال والنّجمة في راية العلم الجزائري , الهلال يُمكنه أن يُطوّق النّجمة , لكنّ النجمة لا يُمكنها أن تلمع له وحده , ستسطع على الجميع , طمأنته بأنّها ستكون له وحده .

تمنّى أن لا يكون ما جرى حقيقة , وأن يجد نفسه في مشهد ما من فيلم – معبودة الجماهير - , بلا مُقدّمات , وبدون أي اعتذار , عادت مباشرة لخطيبها الأخير بعد أن كلّمها , في حين لم يستطع هو العودة لمن كان ينوي خطبتها , وأنهت العرض بمهارة , صفّق لها الجمهور طويلا , حيّته بحركة تقليديّة واحدة لتخرج مُسرعة لجناحها , وظلّ الجمهور يُصفّق , وغابت بعض الأصابع الوفيّة , الّتي انتحرت .

عماد هلالى
23-02-2017, 12:48 PM
فضلا لا أمرا قل شيئا عن هذه القصّة ولو انتقادا , ولا أقول نقد فهذا يُشرّفني ويُسعدني , شكرا جزيلا

مصطفى الصالح
23-02-2017, 01:32 PM
نحن أمام رجل لعوب يتنقل بين النساء
وامرأة نجومية يتمناها كل الرجال لكنها حائرة من فشل إلى آخر
الإعجاب وحده لا يكفي لدخول الحياة، هناك متطلبات أخرى
ربما تكون الفكرة مكررة لكن السرد سلس واللغة سهلة
بانتظار جديدك
تقديري

ناديه محمد الجابي
23-02-2017, 04:34 PM
في نسيج قصصي متماسك ولغة رصينة وسرد ماتع شيق يشير
إلى قاص متمكن من أدواته ـ وقدرة عالية على التصوير ورسم الشخوص بمهارة
عايشنا تلك النجمة التي تهفو إلى الحب الصادق بعد مرورها بثلاث تجارب فاشلة في الحب والإرتباط
ولكن تظل النجمة تشع للجميع ، بينما يحاول هو هلال أن يطوقها بالحب والحنان
تتركه لتكون النهاية المؤسفة بإنتحاره.
سرد قصي موفق بفكرة واقعية وعمق إنساني رائع.
سلمت الأنامل ودمت ألقا. :0014:

عماد هلالى
23-02-2017, 10:25 PM
نحن أمام رجل لعوب يتنقل بين النساء
وامرأة نجومية يتمناها كل الرجال لكنها حائرة من فشل إلى آخر
الإعجاب وحده لا يكفي لدخول الحياة، هناك متطلبات أخرى
ربما تكون الفكرة مكررة لكن السرد سلس واللغة سهلة
بانتظار جديدك
تقديري

شكرا جزيلا الأديب مصطفى الصالح :0014::hat:

عماد هلالى
23-02-2017, 10:26 PM
في نسيج قصصي متماسك ولغة رصينة وسرد ماتع شيق يشير
إلى قاص متمكن من أدواته ـ وقدرة عالية على التصوير ورسم الشخوص بمهارة
عايشنا تلك النجمة التي تهفو إلى الحب الصادق بعد مرورها بثلاث تجارب فاشلة في الحب والإرتباط
ولكن تظل النجمة تشع للجميع ، بينما يحاول هو هلال أن يطوقها بالحب والحنان
تتركه لتكون النهاية المؤسفة بإنتحاره.
سرد قصي موفق بفكرة واقعية وعمق إنساني رائع.
سلمت الأنامل ودمت ألقا. :0014:

شكرا جزيلا الأديبة نادية محمد الجابي :0014::hat:

محسن العافي
24-02-2017, 04:09 PM
منبع ثر أنت صديقي ،كل مرة تفاجئنا بجديدك ، الاستمرارية سر التألق أديبنا عماد هلالي . بالتوفيق.

عماد هلالى
24-02-2017, 09:01 PM
منبع ثر أنت صديقي ،كل مرة تفاجئنا بجديدك ، الاستمرارية سر التألق أديبنا عماد هلالي . بالتوفيق.

شكرا جزيلا صديقي محسن العافي :0014::hat::014:

كاملة بدارنه
28-02-2017, 03:32 PM
خبرت كل أنواع العلاقات الإنسانية بعمقها وسطحيّتها , لكن لا تعرف هذا الّذي يُسمّونه حُبا
حالة من الضّياع العاطفيّ رغم خوض العلاقات مع الكثيرين... وأحداث تعكس رحلة البحث لإرواء ظمأ تلك العاطفة
قصّ واقعيّ بلغة سلسة سهلة
بوركت
تقديري وتحيّتي

عماد هلالى
28-02-2017, 04:22 PM
حالة من الضّياع العاطفيّ رغم خوض العلاقات مع الكثيرين... وأحداث تعكس رحلة البحث لإرواء ظمأ تلك العاطفة
قصّ واقعيّ بلغة سلسة سهلة
بوركت
تقديري وتحيّتي

شكرا جزيلا الأديبة الأستاذة كاملة بدارنة :0014::hat: