المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبْجدِيَّةٌ للرُّباعِيَّاتِ



أ.د/ مصطفى الشليح
09-03-2017, 12:33 AM
.
.

أبْجَدِيَّةٌ للرُّباعِيَّاتِ


يا أنتَ لا تقفُ الشِّفاهَ سماءَ = للأرض مئذنةٌ تكونُ رداءَ
خلِّ العراءَ بدمنةٍ خَرساءَ = وأنخ بأرضكَ كِسوةً ونداءَ
وأصخْ إليكَ رهافةً بيضاءَ = ما كنتَ إلا غيمةً وطفاءَ
وإذا تمرُّ على النَّثير رُواءَ = أورقتَ أنتَ مسافةً خضراءَ
.=.
لا تغفُ أعتابا ولا أبوابا = الخيلُ واقفةٌ .. إليكَ كتابا
ضَوئيَّةٌ لا تلمسُ الأسبابا = إلا إذا ما كانتِ الأنسابا
أنسيبُها يرقى بكَ الأنخابا = أمْ سكبُها أملى عليكَ ثيابا
أم قلبُها وترٌ يشقُّ غيابا = لتكونَ لحنا .. ذائبا مُنسابا ؟
.=.
كمْ وقفة تشتارُها أوقاتا = والسَّفحُ فوضى يَسترقُّ ثباتا
حتَّى إذا حيٌّ أتى أمواتا = قيلَ انتبهتَ إلى القُدوم حياةَ ؟
تعدُو إلى نظم يكونُ شتاتا = نجمًا لعلَّ به تكونُ فراتا
شجرٌ تحركَ بغتةً وفواتا = تعدُو به. هلْ تملكُ المرآةَ ؟
.=.
لا تسألنَّ عن الرؤى أبراجا = اصعدْ وإلا فانزلنْ أدراجا
إنَّ السِّوى يتأبَّطُ الأحراجا = لا زيتَ حتَّى توقدنَّ سراجا
لا ترحلنَّ زجاجةً ومزاجا = قبلَ الرحيل إليكَ إذ تتناجى
تهتاجُ أنتَ وتعتلي أمواجا = أرأيتَ ذا جبلا وذا مِنهاجا ؟
.=.
أبحرتَ لمحا غاديا روَّاحا = بين الزُّجاجةِ والمدى أرواحا
تطفو على أمدائها لوَّاحا = وإذا رسبتَ همى الشذيُّ نواحا
زبدٌ سترفوه هناكَ جناحا = خذكَ الجناحَ رويَّةً وجماحا
ضُمَّ التناثرَ واتَّسقْ ألواحا = واخرقْ فأنتَ تضمُّها ورياحا
,.=.
أتريدُ أنْ تغفو؟ يفحُّ زنادا = ليلٌ إلى ليل وقد يتمادى
ينداحُ أرصفةً تلحُّ عنادا = أن تنجلي، منْ ومضةٍ، أجسادا
جسدٌ يطيرُ بحدسِه آمادا = ويفرُّ، ملتبسًا إليكَ، مهادا
منْ وهلةٍ أولى يَمرُّ سوادا = في وهلةٍ أولى يَخرُّ عمادا
.=.
وإذا تمادَى طائرًا يتوارى = جسدٌ به كانَ الجدارُ جدارا
مَن بعده سيقبِّلُ الأحجارا = ويقولُ كنتُ لها أنا .. أسفارا ؟
فاقرأ، أقولُ له، ترَ الأقمارا = ترعاكَ ليلا .. باذخا يتجارى
وعليكَ ألقتْ ثوبَها أخبارا = مسحورةً .. مبهورةً .. أعذارا
.=.
أعذلتَها وسألتَها إحرازا ؟ = ما ليسَ معناكَ القديمُ مجازا ؟
معناكَ ترسله هناك جوازا = للواقفاتِ على الكلام ركازا
اسبكْ مقالا يرتبكْ إلغازا = ما همَّها .. أعذلتَها إيعازا
كيْ ترتدي كلماتُها إيجازا = والنَّخلُ خاويةٌ بها أعجازا ؟
.=.
ما هَمَّ. نافرةً تهشُّ كناسا = وتبشُّ نائرةً به أقباسا
وترشُّ، حائرةً، هنا أنفاسا = فمن الذي يتأولُ الأقداسا ؟
ماذا تأولَ سافرٌ إحساسا = وكناسُها لا يُرتأى إبلاسا
اتركْ مقالتها تُردكَ لباسا = واسلكْ إلى ليل بها مقياسا
.=.
ماذا تمثَّلَ صاحبي فأحاطا = بحَديقةٍ .. حينَ استرقَّ رباطا ؟
ماذا تمثَّلَ هدأةً ونشاطا ؟ = فأتى حديقتَه .. يمدُّ بساطا ؟
أسَقى المكانَ مسافةً ونقاطا = أمْ أنَّه لفَّ المكانَ قماطا ؟
أولادةٌ أولى تخُبُّ صراطا = وإذا تمطَّى .. كانتِ الأقراطا ؟
.=.
جسدٌ تكوَّنَ وارتآكَ قناعا = حتَّى تكونَ لبيته مِصراعا
لكنَّما وزنٌ هوى فأضاعا = بقصيدةٍ عنوانَها وأذاعا
جسدٌ يُقفِّي بالرَّويِّ مشاعا = بين الكلام صحيفةً ويراعا
ما للغريبِ يؤمُّه .. ملتاعا = ويزمُّه لمُصرِّعين ضياعا ؟
.=.
ما للغريبِ إذا بكَى أليافا = كانتْ هنا .. فتحولتْ أطيافا
وتجولتْ مسبيَّةً أصدافا = والبحرُ نامَ بحضنها أطرافا
كانَ الغريبُ لبحره مجدافا = والبحرُ نامَ إذا أتمَّ قطافا
ماذا قطفتَ إليك إمَّا وافى = ذاكَ الغريبُ مُعدّلا أوصافا ؟
.=.
ها غربةٌ أخرى تشذُّ وثاقا = عتباتُها كانتْ له أنفاقا
عرباتُها لا تستتِبُّ سياقا = وتشبُّ محوًا كاتبا أنساقا
كمفازةٍ بيضاءَ لا تتلاقى = عذلا ولا تستنهضُ الأشواقا
هذا البياضُ يمدُّها أحداقا = وبها التَّردُّدُ قابضٌ أعناقا
.=.
كحكايةٍ خنْساءَ لا تتباكى = إلا تملَّكَها القذى أشواكا
أذكيتَ أقباءً تضجُّ هلاكا = وترجُّ أشياءً تعدُّ شباكا
قولٌ: سآوي عصمةً ومِلاكا = والماءُ يلهثُ مزبدًا فتَّاكا
قولٌ: فهذا الموجُ كانَ حراكا = من أينَ تبتدئُ البكاءَ فكاكا ؟
.=.
كمْ تقرعَنَّ البابَ. ما يتعالى = من نشوةٍ .. تشتارُه أحوالا
أبدلتَ لاسمكَ حلةً وسؤالا = لكنَّه اسمكَ .. رحلةً تتوالى
كمْ ترجعنَّ حقيقةً وخيالا = من بئركَ الأولى تهمُّ حبالا
والبئرُ ناظرةٌ بكَ الأشكالا = في مائها تتمثلُ الأمثالا
.=.
مثلٌ من الشِّعر القديم نظاما = ماذا يقولُ بداءةً وختاما ؟
كنَّا نلاحقه .. وكانَ حماما = ماذا نقولُ: أكان، ثمَّ كلاما ؟
كنَّا إلى مثلٍ نرى الآحلاما = في شعْرنا العربيِّ والأوهاما
حتَّى الغرام إذا أهلَّ ضراما = كنَّا إلى قيس .. نشفُّ غراما
.=.
كنَّا نفُضُّ كلامَنا الوسنانا = منْ ألفِ ليلته همى ألوانا
نتخيَّرُ المعنى لنا أكوانا = فتحار شرفتنا، هنا، هذيانا
كنَّا أرقنا حُبسةً وبيانا = والليلُ يجلسُ، بيننا، ظمآنا
كنَّا أرقنا للجليس دنانا = فازَّاورتْ شمسٌ بنا إمكانا
.=.
كنَّا أفقنا نرقبُ الأشباها = متوجِّسين يُسافرون جباها
ما بين تاريخ إذا يتماهى = منْ حيثما تاريخُهم يتناهى
قولٌ: ففيمَ نُرتِّبُ الأمواها = منْ بعدِ خفقتها فليسَ تضاهى ؟
قالوا: تأملنا الكلامَ شفاها = حتَّى أخذنا .. وجهةً ومتاها
.=.
كنَّا هناكَ مَراوحًا ومرايا = فلنا الهبوبُ فراشةً وشظايا
وهُنا أكنَّا .. لوحةً وبقايا = منْ ريحنا أمْ دوحةً وثنايا ؟
لسنا هُنا إلا الزَّمانَ مطايا = نعدُو بنا فإذا المكانُ حنايا
وإذا الجَنانُ طبيعةً وطوايا = يُلوي بأثوابٍ تجنُّ صبايا

عادل العاني
09-03-2017, 09:05 PM
هي أبجديّة رائعة , ورباعيات حملت كثيرا من المعاني

وألاحظ أن كل الأبيات جاءت مصرّعة والعرب كانت تقول أن التصريع للإنتقال من موضوع لآخر أو لوحة جديدة, ويبقى للشاعر ما يراه مناسبا في قصيدته.

أجدات وأحسنت فيها شاعرنا الكبير.

قد أختلف معك في أمرين :

كتابة الألف في المقطع الأول لأنه ألف خروج بعد الهمزة المفتوحة .

وكتابة الألف بعد التاء المربوطة في المقطع الثالث.

حالها حال ألف الخروج في المفردات المعرفة بأل التعريف وهي منصوبة.

ويبقى هذا رأيا شخصيا ليس إلا ...

بارك الله فيك

تحياتي وتقديري

د. سمير العمري
04-12-2018, 01:10 AM
الله الله!

شاعر كبير وأداء مميز جميل بديباجة شعرية رائعة وحرف بليغ كبير فلا فض فوك!
وأنا للحق لا أوافق أخي الغالي الأستاذ عادل فيما أشار إليه وأرى الشاعر قد فعل الصواب ، ولكني في نفس الوقت وددت - لشخصي لا أكثر - لو لم يتم تصريع الأبيات كلها لتكون أقرب للنفس والذائقة .. ولو لأنانية ذائقتي المحبة لحرفك.

تقديري

محمد ذيب سليمان
04-12-2018, 05:46 PM
شكرا ايها الشاعر الكبير على هذا العطاء المميز شعرا
كل الحب لقلبك

محمد حمود الحميري
05-12-2018, 06:18 PM
نص رائـــع..
تقديري لجمال حرفك شاعرنا .
تحياتي