تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في ذلك المساء – محمد الفاضل



محمد الفاضل
10-03-2017, 01:33 PM
بدأت السماء تندف غيمات قطن ناصعة البياض وارتدت الأرض حلتها البيضاء ، تعرت الأشجار وخلعت رداءها الأخضر ، سقطت أوراقها اليانعة بعيد أن تلاعبت بها الريح فطوحت بها بعيدأ ، الأغصان عارية ومثقلة بالثلوج ، تجمدت الجداول والغدران وأصبح سطحها شفافاَ مع هبوب ريح باردة تخترق العظام عميقاً ، تحيل الجسم إلى قالب من الجليد ، سكنت الحيوانات ورقدت في جحورها ، حتى الطيور لزمت أعشاشها . دخان الحطب المشتعل في المداخن برائحته الأخاذة يضفي جواً رومانسياً على القرية الجبلية في أقصى الشمال ، الكون يلفه سكون رهيب ، الطرقات المؤدية ألى القرية يصعب الوصول إليها .

في ذلك المنزل الكائن في طرف القرية المحاذي لربوة مرتفعة ، يعيش رجل خمسيني ، ذو ملامح حادة ونظرات ثاقبة تدل على سطوة صاحبها ، فارع الطول ، وجه مستدير وأنف حاد ، صاحب حضور مهيب . كل أهالي القرية يخشى سطوته ولايجرؤون على الاقتراب من منزله الذي نسجت عنه حكايات مرعبة وقصص يشيب لها الولدان .في الهزيع الأول من الليل يسمع الأهالي صرخات تشق عنان السماء ، البعض يتهمه بالجنون والبعض الاَخر بممارسة السحر والشعوذة ، سرت إشاعة في القرية مفادها أنه في ليلة عاصفة انتابته نوبة جنون عارمة فأقدم على قتل زوجته وابنته الوحيدة ودفنهما في حديقة المنزل ، وهذا ما يفسر عويله كل مساء .

توقفت سيارة على مقربة من المنزل وبقيت مصابيحها مضاءة ، بعد هنيهة ترجل منها شاب في مقتبل العشرين مع فتاة في مثل عمره ، حاول الشاب أن يدير محرك السيارة مراراً ولكن لم يفلح ، جال ببصره في أنحاء المكان فلفت انتباهه ضوء خافت منبعث من المنزل ، قرر أن يستطلع المكان ، اقترب من المدخل ولشدة دهشته وجد الباب موارباً ، من العدم... انتصب أمامهما رجل فارع الطول ، بارد الملامح ، وجهه مثل تمثال الشمع لاحياة فيه وذو صوت عميق . ارتعدت أوصال الشاب والفتاة وجمد الدم في عروقهما وهو يدنو منهما ، ابتلعا ريقهما بصعوبة ، ولم تمض سوى دقائق معدودة ، حتى علا صراخ تردد صداه في أنحاء القرية .

صباح اليوم التالي حضرت الشرطة مع مختار القرية وبعض الوجهاء ، عندما رأى أحدهم أضواء السيارة ليلة أمس ، دلف الجميع إلى المنزل بعد أن لمحوا السيارة المتوقفة أمامه ، على مرأى من الجميع كان الشاب فاغراً فاهه وقد فارق الحياة وبجانبه فتاة بلا حراك ، عيناهما تشخصان إلى سقف الغرفة .
- من يسكن في هذا المنزل ؟ ، سأل المحقق المختار .
- لا أحد يا سيدي ، المنزل مهجور منذ سنوات ، مات صاحبه مع عائلته في حادث سيارة رهيب منذ عشر سنوات ! ، أردف المختار .

السويد – 30/ 6 / 2016

ناديه محمد الجابي
12-03-2017, 10:36 AM
بأداء متقن رسمت لوحة معبرة لتلك القرية الجبلية بجو شتاء قارص
تتلاعب بها الرياح الباردة وتكسوها الثلوج ، لتدخلنا بسرد مشوق
ملئ بالأثارة إلى الحكايات المرعبة التي تنسج حول ذلك المنزل
القائم على ربوة في طرف القرية.
وبحرفية ومقدرة وصور موحية وتصوير بليغ أدخلتنا إلى
عالم الأشباح المرعب.
لك أسلوب جميل في اجتذاب الكلمات واجتذابنا وإبهارنا
بلغة شيقة وصور ذات تأثير بليغ.
بوركت ـ وسلمت وسلم مداد قلمك. :0014:

عبد السلام دغمش
12-03-2017, 10:53 AM
الأستاذ محمد الفاضل

نص جميل و مشوّق ..
ربما كان الرجل الخمسيني هو ذاته القاتل .. وكان المختار متواطئاً أو متستراً عليه ..

أنبه لعبارة " حضرت الشرطة مع مختار القرية و بعض الوجهاء ، عندما راى أحدهم أضواء السيارة ليلة الأمس .. " ربما كانت : حيثما رأى احدهم أضواء السيارة " .

تحياتي .

محمد الفاضل
12-03-2017, 07:09 PM
بأداء متقن رسمت لوحة معبرة لتلك القرية الجبلية بجو شتاء قارص
تتلاعب بها الرياح الباردة وتكسوها الثلوج ، لتدخلنا بسرد مشوق
ملئ بالأثارة إلى الحكايات المرعبة التي تنسج حول ذلك المنزل
القائم على ربوة في طرف القرية.
وبحرفية ومقدرة وصور موحية وتصوير بليغ أدخلتنا إلى
عالم الأشباح المرعب.
لك أسلوب جميل في اجتذاب الكلمات واجتذابنا وإبهارنا
بلغة شيقة وصور ذات تأثير بليغ.
بوركت ـ وسلمت وسلم مداد قلمك. :0014:


الأستاذة القديرة نادية
مساء الخير سيدتي
لايسعني إلا أن أتقدم بأسمى ايات الشكر والتقدير على حضورك الفاعل ورقي حروفك
سلمت وبورك نبض يراعك

محمد الفاضل
12-03-2017, 07:12 PM
الأستاذ محمد الفاضل

نص جميل و مشوّق ..
ربما كان الرجل الخمسيني هو ذاته القاتل .. وكان المختار متواطئاً أو متستراً عليه ..

أنبه لعبارة " حضرت الشرطة مع مختار القرية و بعض الوجهاء ، عندما راى أحدهم أضواء السيارة ليلة الأمس .. " ربما كانت : حيثما رأى احدهم أضواء السيارة " .

تحياتي .


شكر من القلب صديقي الشاعر الجميل
على القراءة والحضور العطر
محبتي

مصطفى الصالح
29-06-2017, 03:03 PM
من قصص الرعب
للحظة تخيلت أني أشاهد أحد أفلام الرعب
أتقنت العزف على التوتر والتشويق
جميل جدا
دمت مبدعا
تقديري

أحمد العكيدي
29-06-2017, 04:25 PM
جميلة هي قصتك في سردها الشائق ومعانيها.
دمت مبدعا الأستاذ محمد الفاضل.
مع التقدير

محمد الفاضل
09-07-2017, 09:26 PM
من قصص الرعب
للحظة تخيلت أني أشاهد أحد أفلام الرعب
أتقنت العزف على التوتر والتشويق
جميل جدا
دمت مبدعا
تقديري

مساء الخير الأستاذ مصطفى
تقبل عميق شكري
مع خالص الود

محمد الفاضل
09-07-2017, 09:29 PM
جميلة هي قصتك في سردها الشائق ومعانيها.
دمت مبدعا الأستاذ محمد الفاضل.
مع التقدير




خالص شكري الأستاذ أحمد
محبتي

علاء سعد حسن
10-07-2017, 11:07 AM
هل كان المختار يكذب؟!

ولماذا فقد الشاب والفتاة حياتهما دون اي اعتداء عليهما؟

أسئلة حائرة لا إجابة عنها..

وتبقى القصة وقد بهرت أنفاسي

دمت مبدعا سيدي

محمد الفاضل
27-07-2017, 11:25 AM
هل كان المختار يكذب؟!

ولماذا فقد الشاب والفتاة حياتهما دون اي اعتداء عليهما؟

أسئلة حائرة لا إجابة عنها..

وتبقى القصة وقد بهرت أنفاسي

دمت مبدعا سيدي


شكر من القلب الأستاذ علاء
يسعدني حضورك العطر
محبتي