المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حبيسُ الألم



فراس القافي
16-08-2005, 03:44 PM
تشيخُ فَوْقَ شِفاهي عُذْرةُ النَّجْـوى=فأُسْدِلُ الصَّمْتَ أسْتاراً على الشَّكوى
يا دَهْـرُ فيمَ من الأكْـدارِ تُنْذِرُنـي ؟=جُـرْحٌ أنا و شِفائـي حيـنما أُكْوى
أَوْدِعْ خـناجِرَكَ الغرثـى مـغامدَها =لِطعْـنِها بفؤادي لـم يعُـدْ مأوى
ألِفْتُ حُزنـي فأضحى لا يُبارِحُنـي=حتّى وَجَدْتُ بِهِ ( لا بالهنا ) السَّلوى
مُنْذُ الصِّبا و سـماواتـي مُـلبّدةٌ=بالغيمِ ـ أكدرِهِ ـ لم تعرفِ الصَّحْوا
رُزِئْتُ بالأهْلِ ، ماذا أدَّري حَذَراً ؟=مِنْ بَعْدَ رُزْئهُمُ ، ما أهْونَ البلوى !
قدْ خلّفوني كسيرَ القلبِ مُفْتَجعاً=و قد غزا مِفْرقي شيْبُ النوى غَزْوا
بَعْـضُ الأنامِ يُميطُ النارَ عنْ دَمِهِ=إذا تـذكَّرَ يـوماً أمْـسَهُ الحُلْوا
أمّـا أنـا فبِماذا أشتفـي و أنا =من سييّءٍ سِرْنَ أيّامـي إلى أسوا
يُتْمٌ ، و كرْبٌ يهدُّ الراسياتِ ، فَهَلْ=تقَرُّ عيـنُ شَجٍ فـي هذهِ الأجوا
مُنذُ الطّفولةِ أتْـقَنْتُ البكاءَ بلا =دمْعٍ فَلمْ أعرفِ الإرواحَ و اللهوا
أرى عُيونَ أبـي في دُمْيتي جَدلاً=أرى ابْتِسامَ أبـي في علْبةِ الحلوى
وَقارةُ الشيخِ بـي ما مرَّ بـي نَزَقٌ=يحْدو بيَ العقْلُ لا النَّزْواتُ و الأهوا
إليكِ عـنّيَ يا دُنـياً أُنـافِـرُها=و يا زُلَيْخَةُ كيدي لـمْ و لَنْ أُغْوى
و لنْ أبوحَ لِماذا ، كيفَ ، أينَ ، متى =رُزِئْتُ فالمُبْتغى في (( جُمْلةٍ )) يُحْوى
تُغْني عنِ الشرْحِ إجمالاً بِوَمْضَتِها=و رُبَّ شرْحٍ وفيرٍ ما بهِ فَحْوى
((من العراقِ أنا )) منْ موْطنٍ دمُهُ=بِهِ الصّحارى اليبيساتِ اللمى تُروى
((من العراقِ أنا )) منْ موْطنٍ يدُهُ=لَوَتْ أياديَ بطْشٍ دونَ أنْ تُلوى
حتّى إذا ما تراخى الصَّمتُ منسدلاً =بِمَسْمعِ الدَّهْرُ صوتٌ هادِرٌ دوّى
روَّى مسامعيَ العطشى بِصَيْحَتِهِ=و لاسْتِغاثةِ صادي القلبِ ما روّى
صاحَ العـراق ورُبَّ اسْمٍ أرَدِّدُهُ=فلمْ أَجِدْ بيـنَ أسـماهُمْ لهُ كُفْوا
يرنُّ في أُذُنـي مُنْذُ الصِّبا شَجَناً=و كُلَّما مـرَّ عامٌ خِـلْتُـهُ تَـوّا
يا من إذا ما قصى عنّي دَنَوْتُ وَ لمْ=أزَلْ على الجمْرِ أحبو نحْوَهُ حَبْوا
إنْ بِعْتني لمْ أَبِعْ فارْتَحْ وَ نَمْ رَغَداً=لمْ أهوَ غيرَكَ في يوْمٍ وَ لنْ أهوى
أبْصَرْتُ لَحْمَكَ و الغرْبانُ تَنْهَشُهُ=و أخْوةٌ قـدْ أباحـوا أكلَهُ عنْوا
فصاحَ في الصَّدْرِ بُرْكانٌ يفوحُ لظىً:=أيّانَ عَنْكَ ـ و أنْتَ الروحُ بي ـ أُزْوى
لو قطّعوني و صارَ الطّعْنُ مِدْرعتـي =و الشلْوُ مِنْ جَسَدي لا يعْرِفُ الشلوا
ما اخْتَرْتُ هَجْرَكَ لا و اللهِ يا وطني =فالموتُ فيكَ شهيداً غايتي القُصْوى
فجنَّةُ البُعْـدِ عـنْ عينيكَ أنبذُها =و نارُ حُبِّكَ أسْتَـتْلي لـها الخطْوا
سَديرُ غيْرِكَ كوخٌ أوْ خَوَرْنَـقُهُ=و فيكَ يا موطني ما أرحبَ القبْوا !
فإنْ ضرى الدَّهْرُ و اسْتَضْرى بِنا و غدا=مـن الكـلابِ دمُ الآسادِ مَـحْسُوّا
فَـهذهِ ساعـةٌ لا ريْـبَ واعِـدةٌ=و الموْتُ في مُقْتَضاهـا خيـرُ ما يُنْوى
فاحْملْ على راحتيْكَ الرّوْحَ مِنْكَ وَ كُنْ=للعرْسِ لا لشفيـرِ الـموتِ مَدْعُـوّا
فـإنْ طُـوِيْتَ عـنِ الدُّنْيا و زيْنتِها =فـصَفْحَةُ الأجْرِ عِنْدَ اللهِ لنْ تُطْوى
و مـنْ أبـلَّ دمُ الأحـرارِ هامـتَهُ =لأخْـمُصيْهِ دمـاً لا يـرْهَبُ الأنوا
وها أنا رغْمَ ما أضرى ضرامُكَ ، لنْ=أُهَزَّ ، لن أنثني ، و الله لنْ أُضوى
على مهاوي الرَّدى روحي أُهَدْهِدُها =فَصَحْوةُ الموْتِ أسْهى وَقْعُها السَّهْوا
أسْطو على الموتِ رِئبالاً وَ لسْتُ كمنْ=منَ الرَّدى ـ كسقيمٍ ـ يرقبُ السَّطْوا
فـإنْ حَيِيْتُ فـثاوٍ فـيَّ أنْتَ و إنْ=متُّ اتَّخَذْتُكَ يا أرْضَ النَّدى مثوى
صِنْوانِ نحنُ أنا و الموتَ فيكَ هوىً=و الصِّنْوُ من عِنْدِنا ما فارقَ الصِّنْوا
رَضَعْتُ عِشْقَكَ نوراً في دُجايَ فما =عَـرَفْتُ للبدْرِ في عـليائهِ خـبْوا
فمنْ يُترْجِمُ عِشْقي للأُلى مَـعَهُمْ=يا موْطني يسْتوي العِصْيانُ و التَّقْوى
لا غَرْوَ أنْ يُعْرِضَ السُّذَّاجُ عنْ كَلِمي =فـلنْ يطالوا جناهُ الثرَّ ، لا غَرْوا
و لنْ يعوهُ ، يـميناً بالـذي رَفَعَ الـ=ـسبْعَ الطِّباقَ العُلى رَفْعاً ، و منْ سوّى
فديْدنُ الضِّلْعِ محنيٌّ و يُكْـسرُ إنْ=قوَّمتَ ـ يا آمِلَ الصفصافةِ ـ الحِنْوا
لذا حجبْتُ شموسي عنْ ظلامِهُمُ=فكمْ أضأنَ لهم من غيرِما جدوى
**********
فهلْ يجورُ زماني كي يرى شَجني =قصائداً تبْعثُ الآهاتِ و الشَجْوا
فالعنْدليبُ سجينٌ لا ذُنوبَ لهُ=و ذنْبُه أنَّـهُ قدْ أتْـقَنَ الشَّدْوا
أنْشَدْتُكَ الشِّعْرُ يعرو غَيْثُهُ فَـعَسى=يُميْطُ بَعْضَ الأسى عنْ روحيَ الأسوى
ومنطقَ الشمسِ إنْ أرْختْ جدائلَها =على الغياهبِ تذوي دونَها الأضوا
فإنْ وَفيتُ بأشعاري فذا شَرفٌ =لقافياتي و إنْ لا أطلبُ العفْوا
**********
أتيـتُ بغْدادَ و العينانِ في هَطَلٍ =و كادَ يـمحوهُما دمْعُ الأسى مَـحْوا
سـألْتُها يا ربيعـي ، يا رفيفَ دمـي=حزينةٌ أنتِ يـا بـغْـدادُ أمْ نَـشْوى ؟
منْ لوَّثَ الكُحْلَ في عينيـكِ سيّدتي ؟=من بثَّ فيكَ الشجى ؟ منْ كدَّرَ الصَّفْوا ؟
مَـدَدْتُ كـفّي لـعينيها لإمْسَحَ ما =خطَّ البُكا من أخـاديدٍ فـلمْ أقـوَا
قد حـقَّ لـي حـينَ ألقاها مُسلّبةً=و لمْ تهنْ ـ رغْمَ ذا ـ أنْ أمتلي زهْوا
فهل رأيـتمْ عروساً وَجْـهُـها بدمٍ =يـبـيـتُ لا ببِراجِ العرْسِ مكْسوّا
تـظلُّ أسْطـورةً بـغداد خـالدةً=لِكُلِّ جيلٍ و جيـلٍ مَجْدُها يُـرْوى


فراس القافي

معاذ الديري
17-08-2005, 12:27 AM
عاشت بغداد وعاش العراق
وعاش قلمك العظيم..
قصيدة على طريقة الكبار ..
قصيدتك يا سيدي طويلة مثل احزان العراق
ولكنها جميلة كمواويله .
لم ار مثل هذه الحرفية منذ امد.
دمت ودام مدادك.
ودمت بيننا شعلة من نار ونور.
كل الترحاب والاعجاب.

سلطان السبهان
17-08-2005, 09:32 AM
لامزيد على ما تفضل به الاستاذ عاقد الحاجبين ، فلقد كان قصيدة آسرة وربي محبوكة القافية ..رغم الحزن الذي غطاها



دمت لنا يافراس

د. سمير العمري
02-09-2005, 09:41 PM
دعني أهنئك أيها الشاعر على قصيدة عالية معنى ومبنى.

وأشكر لك جزالتها التي لم تتغير على طولها وهذا لا ريب يؤكد على شاعريتك الكبيرة وتمكنك الواضح.

أهلاً ومرحباً بك.


تحياتي
:os::tree::os:

حوراء آل بورنو
01-02-2007, 11:56 AM
من رق العبودية حرر الله العراق ، و من كيد العدا حماها .

كن بخير أيها الفاضل .

د. عمر جلال الدين هزاع
01-02-2007, 04:30 PM
ونأمل عوداً طيباً لشاعرنا الهمام
بورك فيك يا أخي

عارف عاصي
02-02-2007, 10:33 AM
حبيبي / فراس

أبكيتني شجاً وحبا لك

أما القصيدة
ففوق مستوى الثناء

دمت بقلبي
عارف عاصي

عبد القادر رابحي
02-02-2007, 10:41 AM
فهـل رأيتـمْ عروسـاً وَجْهُهـا بـدمٍ
يبيـتُ لا ببِـراجِ العـرْسِ مكْـسـوّا
تظـلُّ أسْـطـورةً بـغـداد خـالـدةً
لِكُـلِّ جيـلٍ و جيـلٍ مَجْدُهـا يُـرْوى



أخي فراس القافي..

تحية طيبة..

لقد بكيت
و أبكيت..

وسام حزين و جميل قصيدتك..
و ليس لي بعد ذلك ما اقول..

عادل حجازى
25-02-2007, 05:35 PM
قصيدة رائعة

شكرا لك
وسلم قلمك