المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفؤاد الكوثري



د. سمير العمري
06-03-2017, 05:11 PM
مَضَى عَنْكَ البَيَانُ وَلَا مُضِيُّ = وَعَادَ لَكَ الْجَنَانُ وَعَادَ عِيُّ
يَجِيشُ بِكَ التَّلَهُّفُ قَابَ شَوْقٍ = وَيُدْهِشُكَ التَّعَفُّفُ وَالرُّقِيُّ
ذَرَعْتَ مَوَاسِمَ الشُّعَرَاءِ دَأْبًا = بِحَرْفٍ خَطَّهُ العَبَقُ الذَّكِيُّ
وَمَا الْأَشْعَارُ إِلَّا بِنْتُ قَلْبٍ = يُرَوِّضُهَا إِلَى الرَّأْيِ الْحُلِيُّ
تُنَاجِي سُنْبُلَاتِ الْحَرْفِ زُلْفَى = وَتَحْصُدُ مَا يَجُودُ بِهِ الرَّوِيُّ
وَلَوْ نَطَقَ الْوِدَادُ بِمَاءِ فِيهِ = لَسَالَ بِهِ الفُؤَادُ الكَوثَرِيُّ
وَمَا قَلْبِي سِوَى خَطَرَاتِ نَفْسٍ = يَكِلُّ بِهَا الْهُمَامُ الْأَلْمَعِيُّ
تَوَضَّأَ بِالْجَمَالِ فَعَادَ طِفْلًا = وَصَلَّى بِالخِلَالِ فَغَابَ غِيُّ
لَعَمْرُكَ هَلْ لِذِي أَدَبٍ أَصِيلٌ = إِذَا مَا اخْتَالَ فِي الأَدَبِ الدَّعِيُّ
وَهَلْ تَشْدُو عَلَى فَنَنِ الْأَمَانِي = بَلَابِلُ دَأْبُهَا النَّغَمُ الشَّجِيُّ
كَأَنَّ لَهَا الْبَدِيعَ رُؤَىً تُجَلَّى = فَمَاسَتْ وَالرَّبِيعُ بِهَا حَفِيُّ
خَرَائِدُ تُثْمِلُ الْأَذْوَاقَ سِحْرًا = وَيُطْرِبُهَا الْخَيَالُ الْعَبْقَرِيُّ
وَإِنِّي مَا اتَّخَذْتُ المَدْحَ إِلَّا = لِمَنْ يَسْمُو بِهِ الأَرَبُ الزَّكِيُّ
هُوَ الشَّهْمُ الْكَرِيمُ سَلِيلُ مَجْدٍ = سَمِيحٌ فِي مُخَالَطَةٍ وَفِيُّ
هُوَ الخَلْقُ القَوِيمُ وَلَيْسَ يَأْتِي = سِوَى مَا شَاءَهُ الخُلُقُ النَّدِيُّ
هُوَ القَلْبُ الرَّحِيمُ يَفِيضُ رِفْقًا= وَزَوْجٌ مُقَسِطٌ وَأَبٌ أَبِيُّ
حَكِيمٌ زَاهِدٌ بَرٌّ رَضِيٌّ = حَلِيمٌ حَامِدٌ حُرٌّ حَيِيُّ
عِصَامِيٌّ أَثَابَ العُمْرُ صِدْقًا = فَلَمْ يَعْصِ الْهُدَى الْقَلْبُ التَّقِيُّ
نَزِيهٌ لَيْسَ يَصْخَبُ فِي اخْتِصَامٍ = وَيَحْكُمُ بِالذِي حَكَمَ النَّبِيُّ
زَكَا بِالْعَلَمِ نُجْعَتُهُ كِتَابٌ = وَذَاكَ لِرُوحِهِ شِبَعٌ وَرِيُّ
تَوَاضَعَ فِي تَرَفُّعِ ذِي احْتِشَامٍ = بِطِيبَتِهِ وَشَى الْوَجْهُ الوَضِيُّ
أَجزْنِي مِنْ سَنَا عَيْنَيْكَ فَضْلًا = بِمَدْحِكِ أَيُّهَا الرَّجُلُ السَنِيُّ
فَلَيْسَ يَؤُزُّنِي إِلَّا مُمَارٍ = وَلَيْسَ يَهُزُّنِي إِلَّا النَّقِيُّ
وَإِنَّكَ يَا كَبِيرَ الْقَدْرِ مَعْنَىً = يُتَرْجِمُ مَا يَعِي الشَّرَفُ السَّوِيُّ
غَرَسْتَ الْبِرَّ فِي بِنْتٍ وَفِي ابْنٍ = فَلَمْ تَزُغِ الْفَتَاةُ وَلَا الصَّبِيُّ
وَعِشْتَ تُبَادِرُ الدُّنْيَا عَطَاءً =يُهَرْوِلُ خَلَفُهُ الْكَفُّ السَّخِيُّ
تُنَاهِزُ حَاتِمًا بَاسْمٍ وَفِعْلٍ = فَلَيْسَتْ وَحْدَهَا فِي الْفَخْرِ طَيُّ
بَلَغْتَ ذُرَى الْمُرُوءَةِ فِي وَقَارٍ = تَقُولُ الْحَقَّ لَا يُثْنِيكَ أَيُّ
وَلِلْإِحْسَانِ عِنْدَكَ مُسْتَقَرٌّ = وَلِلْإِنْسَانِ مُتَّكَأٌ وَفَيُّ
شُعُورِي جَلَّ مَا يَجْزِيكَ حُبًّا = فَأَنْتَ بِكُلِّ مَكرمَةٍ حَرِيُّ
وَشِعْرِي كَلَّ لَا يَحْوِيكَ مَدْحًا = فَلَيْسَ يَفِيكَ مَهْمَا قُلْتُ شَيُّ
وَمَا التَّقْصِيرُ مِنْ عَجْزٍ وَلَكِنْ = لِمِثْلِكَ يَنْحَنِي المَلَأُ العَلِيُّ
فَمَا يَنْسَى الْمَكَانُ وَأَنْتَ غَيْبٌ = وَلَا يَأْسَى الزَّمَانُ وَأَنْتَ حَيُّ