المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قضية للحوار : كره المدرسة



عطية العمري
24-08-2005, 12:26 PM
قضية للحوار
عطية العمري
هل نظامنا التعليمي بحاجة إلى تغيير جذري و" انقلاب تربوي " ؟
طلابنا يكرهون العلم والتعلبم والمدرس والمدرسة ، فمن المسؤول ؟

دارت في ذهني تساؤلات عديدة من بينها :
• هل السبب فيما جرى لأن المعلم عندنا لا يصلح أن يكون معلماً ؟
• هل لأن مناهجنا التربوية مناهج للتجهيل لا للتعليم ؟
• هل لأن أولياء الأمور يعملون ـ بغير قصدٍ طبعاً ـ على غرس النفور من المدرسة والمعلمين والتعليم بصورة عامة لدى أبنائهم ؟
• هل لأننا ـ نحن المعلمين ـ ورثنا سلوكيات سلبية منذ الصغر من معاملة آبائنا ومعلمينا لنا ، فحاولنا دون أن ندري إلى غرسها في طلابنا ؟
• هل القوانين التي أصبحت مطبقة في نظامنا التعليمي هي السبب ، من إلغاءٍ للامتحانات العامة ، إلى منع العقاب البدني ، مروراً بالترفيع الآلي ، وإلغاء الامتحانات في الصفوف الابتدائية الثلاثة الأولى ؟
• هل سوء الحالة الاقتصادية قد دفع الكثير من أولياء الأمور إلى الحقد على المعلمين فانعكس ذلك على سلوك أبنائهم ؟
• . . . . . . ؟
ثم :
• من يتحمل المسؤولية فيما حدث ويحدث ؟ أهم المعلمون ؟ أم مديرو المدارس ؟ أم الموجهون التربويون ؟ أم مديرو التعليم ؟ أم وزارة التربية والتعليم ؟ أم الأهل وأولياء الأمور؟ أم المجتمع بصورة عامة ؟
• ما الحل ؟ وكيف الخروج من هذا المأزق ؟

هذه التساؤلات وغيرها تداعت إلى خاطري تباعاً بعد أن فُقتُ من هول الصدمة التي ألمَّت بي قبل بضعة أيام . . . تلك الصدمة التي جعلتني أضحك للوهلة الأولى ، ثم ما لبثتُ أن انتابني الحزن العميق الذي سيطر على كياني كله .
وقلت في نفسي : هل نحن نضحك على أنفسنا ؛ لأننا فعلاً لا نقوم بالتربية والتعليم ما دامت النتيجة هي ما وجدته وشاهدته وقرأته ؟! صحيح أن ما قرأته كتبه طالب واحد أوطالبان وصحيح أنه قد يكون منقولاً عن إخوة كبار ، ولكن ذلك لا يغير من الأمر شيئاً ؛ لأنه يلاقي استحساناً من غالبية الطلاب ، ثم لأنه يدل على أن أكثر من فئة عمرية من الطلاب تتبنى وجهة النظر هذه .

وحتى تعرفوا ما حصل ـ أيها التربويون الكرام ـ إليكم الحكاية من البداية :
يوم السبت الماضي 11 / 5 / 2002 م ، جاءني أحد المعلمين بقصاصتين من الورق ( ما زلت أحتفظ بهما ) قال إنه قد وجدهما مع طالبين من طلاب الفصل . نظرتُ إلى القصاصتين، ويا هول ما وجدتُ .
أما القصاصة الأولى فكان فيها ما نصه :
" اللهم أرسل إلى المدرسين ضربةً قوية
وإلى المدرسات صدمةً قلبية
وإلى المدرسة قنبلةً ذرية
وإلى الطلاب عطلةً صيفيةً أبدية . "
أما القصاصة الثانية ـ وهي أكبر حجماً ـ فكانت أبياتاً من الشعر على شكل دعاء على المدرسين ، ونصها :
اللهم عذب المدرسين والمدرسات الأحيـاء منهم والأموات
اللهـم مزق دفتـر العلامــات وحول الأصفارإلى مئـات
اللهـم عذب مدرس الرياضيـات وأدخِلْه في غرفة العمليات
اللهـم عـذب مدرس العلــوم واحصره بين الفم والبلعوم
اللهـم عذب مـدرس الأحيـاء وحوِّل جسمه إلى أجـزاء
اللهـم عذب مـدرس الديــن لأنه كـان من المشركيـن
اللهم عـذب مـدرس المطالعة واجعل حياته في مصارعة
اللهم عـذب مدرس النصـوص لأنـه كـان من اللصوص
اللهم عـذب مدرس علم النفس واجعله يمـوت بالرفـس
اللهـم عـذب مدرس التاريـخ واحذفـه إلـى المريــخ
اللهـم عذب مدرس الرياضـة ولبِّسـه مريلـة وحفاضة
نسيت أن أقول لكم بأن هذين الطالبين هما من طلاب الصف الرابع الابتدائي .
والآن أطرح على حضراتكم التساؤلات التالية للنقاش وإبداء الرأي :
1- هل مثل هذه القصاصات والكتابات تدل فعلاً على كره الطلاب للمدرسة والمعلمين والتعليم ؟
2- وإذا كانت الإجابة بالإيجاب فما السبب ؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟
3- وفي ضوء ما سبق ، ما الحل ؟
وأبدأ بنفسي ـ بصفتي مديراً لهذه المدرسة ـ للإدلاء بدلوي في هذا المجال ، تاركاً لكل من يريد التكرم بإبداء وجهة نظره أن يتقدم بها مشكوراً على صفحات مجلة " رؤى تربوية " الغراء لنشرها في الأعداد القادمة .

أقول وبالله التوفيق :
أولاً : بالنسبة للتساؤل الأول ، فإني أرى أن مثل هذه الأمور تدل فعلاً على أن المدرسة مكان غير محبب لطلابنا ، وأن التعليم ـ في نظرهم ـ عبءٌ ثقيل على كواهلهم ، وأن المعلم شخص غير مرغوب فيه . ومما يدعم هذا الرأي :
1- فرح الطلاب كثيراً عندما يعلمون أن هناك يوم عطلة . وقد تساءلتُ : لماذا يحدث هذا في مدارسنا ، وقد قرأت مقالة في مجلة " رؤى تربوية ـ العدد السادس " لمعلمة فاضلة عن تجربتها في إحدى دول الخليج ، وكيف أن أحد الطلاب قد بكى عندما علم أن غداً يوم عطلة ، ولما سألته معلمته عن سبب بكائه قال : لأني لن أحضر إلى المدرسة غداً .
2- تمزيق الطلاب لدفاترهم وكتبهم ، وقذفها في الشوارع بصورة مزرية في اليوم الأخير من العام الدراسي .
3- قذف الطلاب للمدرسة بالحجارة في اليوم الأخير من العام الدراسي ، أو في الأيام التي تحدث فيها اضطرابات لسبب من الأسباب .

ثانياً : بالنسبة للتساؤل الثاني فإني أرى أن الجميع مسؤول عن هذا الخلل الخطير ، من معلمين ومديري مدارس ، وموجهين تربويين ، ومديري التعليم ، ووزارة التربية والتعليم ، وكذلك الأهل وأولياء الأمور ، إضافة للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة . ولكني أرى أن الذي يتحمل العبء الأكبر هو المعلم . ولعلكم تعجبون من ذلك ، ولكني سأروي لكم هذه الحادثة التي تؤكد صحة ما ذهبتُ إليه :
أحد المعلمين في إحدى المدارس يكفي أن تصفه بأنه لا يصلح أن يكون معلماً ، ولا أريد أن أخوض في التفاصيل ، مما أثر على طلابه سلباً إلى حد بعيد ، سواءً من حيث مستواهم التعليمي ، أو من حيث سلوكياتهم وتعاملهم ، بل ومن حيث نظرتهم إلى المعلمين والمدرسة . وبالرغم من الإشكالات العديدة بين هذا المعلم ومدير المدرسة ، وبالرغم من الإنذارات الشفوية والتحريرية التي تلقاها من مدير المدرسة ، فإنه لم يغير من سلوكه ولم يعدل من تصرفاته . وقد تم نقل هذا المعلم في أثناء السنة الدراسية إلى مدرسة قريبة من مكان سكنه !! فتم تعيين معلم آخر بدلاً منه ، وكان هذا المعلم الجديد صورةً مغايرة تماماً للمعلم السابق ؛ فانقلب كيان طلابه رأساً على عقب ، ومن مظاهر هذا الانقلاب :
ـ تحسن مستوى الطلاب التحصيلي بدرجة كبيرة ، فقد كان هؤلاء الطلاب من أضعف طلاب شُعَب الصف الرابع الابتدائي بالمدرسة ، فأصبحوا من أفضل الطلاب تحصيلاً بشهادة المعلمين الآخرين الذين يعلمون هؤلاء الطلاب ، وبما تنطق به سجلات علامات الطلاب .
ـ تحولت كراساتهم في هذه المادة الدراسية ـ وهي اللغة العربية ـ من كراسات ممزقة وغير مرتبة وغير متابعة أو مدققة من المعلم ، إلى كراسات مرتبة ومنظمة ومتابعة أولاً بأول ، الخط فيها مرتب والصفحات مسطَّرة وقد سُجِّل في كل منها اليوم والتاريخ ، كما أن الكراسات مجلدة وتخلو من الرسومات والكتابات العبثية التي يحلو لبعض الطلاب القيام بها .
ـ تحول الفصل من فصل كثير الفوضى والمشكلات السلوكية بين طلابه ، إلى صف هادئ منضبط نظيف ، تزين جدرانه اللوحات والصور الهادفة .
ـ ثم ، وهذا هو الأهم ، تحول هؤلاء الطلاب من طلاب يكرهون المعلم السابق ويتحدثون عن سلبياته صراحةً أمام الجميع ، إلى طلاب يحبون معلمهم الجديد ، يلتفون حوله في الفصل أو في ساحة المدرسة ، يبثونه همومهم ومشكلاتهم ، ويقترحون عليه ما يمكنهم عمله لتزيين فصلهم مثلاً أولتنفيذ مسرحية أو برنامج الإذاعة المدرسية . . . إلخ .
هذا دليل واقعي ملموس على أن المعلم له الأثر الأكبر على الطلاب سلباً أو إيجاباً .

ثالثاً : وأما بالنسبة للتساؤل الثالث الخاص بالحل ، فأقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته " . ولكن البداية يجب أن تكون من المعلم أولاً ، ثم من مدير المدرسة الذي عليه أن يتابع المعلمين بالتشجيع والتطوير وزرع القيم بين هؤلاء المعلمين ، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين إن لزم الأمر .
أما المعلم فيمكن تلخيص دوره في هذا المجال في عدة نقاط أهمها :
1- أن يجعل المعلم مهنة التعليم رسالةً له في الحياة وليست فقط مهنة لكسب العيش .
2- أن يراقب الله في السر والعلن ؛ لأنه بدون ذلك لا يستطيع أي مسؤول أن يعدل من سلوكه السيئ ، حتى وإن اتُّخِذت بحقه أشد العقوبات .
3- أن يسعى دائماً إلى تطوير نفسه أكاديمياً وفنياً ، وأن يبادر إلى ذلك بنفسه إن لم يجد المعونة من مدير المدرسة أو الموجه التربوي .
4- أن يسعى للتقرب من الطلاب ، وأن يتعرف إلى نفسياتهم واهتماماتهم ، وحل مشكلاتهم بطريقة تجعلهم يشعرون أنه مصدر أمن وحب لهم .

هذا ما أردت عرضه على حضراتكم ، وكلي أمل أن يلاقي هذا الموضوع من الجميع الاهتمام الكافي ، وأن يشارك الكل في محاولة الخروج من هذا المأزق ، فنحن جميعاً في سفينة واحدة ، فإما أن تنجو السفينة وننجو جميعاً ، أو تغرق ـ لا سمح الله ـ ونغرق جميعاً.

عطية العمري

معاذ الديري
14-09-2005, 02:24 PM
اخي الكريم بداية اقول ان الاهتمام الكافي تحصل عليه في المنتديات اذا حققت احد الشروط التالية:
ان يكون موضوعا ساذجا او على طريقة قنوات الفيديو كلب
ان تلحق اسمك تاء مربوطة: ومع انك حققت هذا الشرط فانك لم تحصل عليه ؟ لماذا يا ترى؟D:
ان يتعلق الموضوع بانتقاد غائب يأتي لينافح عن نفسه .. وعن نفسه فقط.
ان تكون لك شلة من المطبلين والمزمرين ( اعتذر لاني لم اجد مرادفها) يعملون لك حفلة حتى لو عطست .
ان يتعلق الموضوع بمنافسة بين نساء ورجال فترى مئة عنترة .. وخمس عبلات . وحكم يدعي النزاهة ليحكم في النهاية بانتصار عبلة ويفوز هو برضاها. ..
..........
عودة للموضوع:
يؤسفني ان اقول ان الاسباب هل كل ما ذكرت .
ولعلك سيدي اعطيت رأيا يمثل غالبية الصورة المؤلمة .
ولكني انبه لامر:
هو ان الحق نعم على المدرس في اغلبه . ولكنه ليس كله. بل على تعيينه مدرسا لانه لم يجد غيرها وظيقة يعتاش منها.
وان كان يحب التدريس فهو قد تخصص بمادة لا يحبها لان مجموعه لم يسمح بغيرها .. فيكون معلما سلبيا .
لا يعطى اغلب المدرسين في اغلب البلاد دورات تربوية وتأهيلية قبل ان يعينوا في عملهم ومدارسهم.
لا تساعد وزارات التعليم على تسهيل حياة المعلم : كيف يا اخي سابذل جهدي ان كنت سأضطر للسفر يوميا الى مدرستي؟ وكيف ساحب مدرستي ان كنت قذفت فيها قذفا بمنجنيق بعيد المدى .. ولا يحصل المعلم الان على مدرسة في مدينته الا بعد ان يكون مل التدريس..
لا توجد دورات تطوير .. فآخر عهد للمعلم بالعلم هو جامعته .. ثم يصبح رقما اضافيا في قائمة رواتب الوزارة لا أكثر..
النظرة التي يزرعها اولياء الامور الجدد للمعلم واقول الجدد لان ابي جاء بي يوما لمعلمي وقال له: خذ اللحم واعطني العظم .. والله اني لا زلت احب هذا المعلم وادعو لابي .. اذن فهو خادمهم الذي عليه الاهتمام بابنهم ولا يحق له ان يوجه لهم كلمة توبيخ ناهيك ان يضرب..وان فعل اتهم بالارهاب وطولب برأسه.
..
اذكر كلمة ذهبية لدكتور التنمية و العلاقات الدولية وهي مادة تدرس في كلية الاقتصاد كان يرددها:التخلف يأخذ امتدادا افقيا ليشمل كل نواحي الحياة .. والحضارة ايضا
هي مسألة تغيير جذري ايضا بدءا بالقاعدة وصولا للقمة . ولا مانع ان تكون الخطوة الأولى بتغيير انفسنا وكيف نفكر.

بالغ الود على حرصكم .:0014:

عطية العمري
17-09-2005, 10:05 AM
أخي العزيز معاذ
لقد قرأت كلماتك التي يملأها الأسى ، وأوافقك على الكثير منها
ولكن بعضها ربما يوجد عندكم ، ولكنه عندنا أقل حدةً
فعندنا ـ في قطاع غزة ـ معظم المعلمين يعملون قريباُ من أماكن سكناهم ، وحتى مهما بعدوا فقطاع غزة مساحته ضيقة
أما الدورات التدريبية والدروس التوضيحية والنشرات التربوية فمتوفرة إلى حد كبير
ولكن ...
أرى أن الإصلاح يبدأ من السياسة التربوية لكل بلد :
1- يجب أن تنظر الدولة للمعلم نظرة تقدير واحترام مادياً ومعنوياً وأن يكون راتب المعلم من أعلى الرواتب
2- يبنى على ما سبق أن تشترط كليات التربية في الجامعات أن تقبل أعلى المعدلات في الثانوية العامة ليكونوا من طلبتها ؛ لأانهم سيكونون معلمي المستقبل ، بحيث يكون هناك إقبال وتنافس بين الطلبة لدخول كليات التربية
3- أن تتبنى كل جامعة عدة مدارس لتدريب طلبتها ميدانيًا على التعليم في هذه المدارس .
4- أن تواكب كليات التربية أحدث المستجدات في التربية وتكنولوجيا التعليم .

ختاماً أرجو من الجميع الإدلاء بآرائهم حول هذا الموضوع .
وشكراً

معاذ الديري
18-09-2005, 12:43 AM
ما ذكرته اخي الحبيب هو جزء من المشكلة في نظري.. اضافة لما افدتم به مشكورين.
ذكر والدي انه تخرج من الثانوية باعلى معدل على مستوى المنطقة.. وتخصص بالتعليم بدل الطب لما كان يتمتع به المعلم من دخل جيد ومستوى اجتماعي مرموق.
كانت تلكم الايام ايام المعلمين .. فقد كان يخشى الطالب ان يراه معلمه في الشارع او على هيئة غير لائقة .. ولهذا كان للملعمين صوتهم وقيمتهم.
اصبحت الان الامور معاكسة .. فالمعلم يخشى الطالب ان يلقاه في اي مكان .. حتى لا يعبر له عن كرهه المحرج ويتمادى في احراجه في مكان لا يستطيع ان تكون له سلطة عليه من اي نوع.
المشكلة ان المعلم لم يعد يملك اية سلطة على الطالب حتى في مدرسته بعد ادخال طرق التعليم الحديثة الفاشلة ..
شكرا لكم.

عطية العمري
18-09-2005, 07:40 AM
أخي العزيز معاذ الديري حفظه الله
أنا أوافقك تماماً على ما ذكرته من تدني مكانة المعلم وأثر ذلك في استفحال المشكلة ، ولكن من الذي جعل المعلم في هذه المكانة المتدنية ؟ إنني أرى مرةً أخرى أن حكوماتنا العربية هي المسؤول الأول عن ذلك ـ وإن كانت هناك جهات أخرى مسؤولة أيضًا ـ ، فلو نظرت هذه الحكومات إلى مهنة التعليم النظرة اللائقة بها ، ولم تختر للدخول في كليات التربية إلا أفضل الطلاب ، وأعطت المعلم أفضل الرواتب ، لكان ذلك له أثره الكبير في انتقال هذه النظرة إلى أولياء الأمور وبالتالي إلى أبنائهم الطلبة ، وخير مثال على ذلك اليابان التي فيها راتب المعلم أعلى راتب لموظف في الدولة بعد قاضي المحكمة.
ختاماً أشكر لك اهتمامك بهذا الموضوع الحساس
وبارك الله فيك

عدنان أحمد البحيصي
18-09-2005, 11:19 AM
الأخوة الكرام الأحبة


حقيقة موضوع جعلني أتمعن فيه نقطة نقطة بل كلمة كلمة

من رأيي أن الإحترام يجب أن يكون متبادلا بين المعلم والتلميذ

لا زلت مدرسين لي في الإبتدائية حين كنت في الجزائر

ولا زلت أتواصل عند من درست عندهم في الإعدادية
ولازلت أزورهم في بيوتهم والله ، لا أقول جميعهم وإنما من تركوا أثرا طيبا في النفس
وكذلك في الثانوية كان كثير من المدرسين يعاملوننا معاملة طيبة بأخوية وود
وحتى في الجامعة يعاملنا الدكاتره (كثير منهم) كأبناء لهم حتى أنني لما أصبت زارني الكثير منهم في بيتي

كل هذا وأنا لم اتم بعد سن الثلاثة والعشرون من عمري قبل خمس سنوات كنت ادرس في الثانوية وقبل تسعة كنت ادرس في الإعدادية

فهل حقيقة أختلفت الأمور خلال هذه الفترة

الحقيقة أن طبيعة بعض الطلاب تفرض على المدرسين نوعا آخر من المعاملة ، فكثير من الطلاب ينظرون إلى المعلم أنه مفروض عليهم فرضا
أو أن المدرس يمثل رجلا قاسيا لا يمكن أن يتكلم معه (مع إقراري أن البعض من المدرسين هكذا )
لكن يظل المدرس إنسانا بكل تكويناته النفسية والعاطفية والعملية

والمهارة أن تتعامل مع هذا الإنسان

وكذلك يظل الطالب إنسانا

والمهارة أن تتعامل مع هذا الإنسان


لتكسب الجميع


شكرا لكم ولي عودة

د. سلطان الحريري
18-09-2005, 09:53 PM
تدهشني موضوعاتك الحيوية يا عطية، وأجدها تثير تساؤلات كبيرة في حياتنا التربوية التي نعيشها ، ولا نجد فكاكا منها..
الحقيقة قد يكون الخلل من أقطاب العملية التربوية : الطالب والمدرسة والمعلم وولي الأمر، ولكن تختلف الأولويات باختلاف البلدان التي يعيش فيها كل منا،؛ ففي سوريا لا نعاني مشكلة معلم أو طالب أو مدرسة ، بل قد تكون العملية الاقتصادية والمناهج القديمة ، أو قل التقليدية من الأسباب التي تكمن وراء ذلك الخلل، ويختلف الأمر في الكويت التي أقيم فيها الآن ؛ وفيها يؤدي المعلم أولا والبيئة المحيطة ثانيا، والأولويات لدى الطالب ثالثا الدور الأكبر في ذلك الخلل..
وأخيرا فإن جدار الكراهية هذا يجب أن يزال بإيجاد بدائل تربوية جديدة عن تلك التي تعفنت ، وأصبحت على هامش التاريخ ، مع احترامي لها فقد أدت دورها ، ونحن لاشك من خريجي تلك المناهج وتلك البيئات، وأؤكد على أن فكرة الشهادة الجامعية لا تصنع معلما ناجحا، بل إن المعلم الناجح هو الذي يطور نفسه ، ولابد كذلك أن تولي الحكومات العملية التعليمية جل اهتمامها ، وأن ترفع من مستوى المعلم المعاشي حتى يواكب التطور ، ويقدم أفضل ما لديه..
قد أعود ثانيا لمتابعة النقاش ، فهذا موضوع يغريني بالمتابعة..
لك ولمن شارك في موضوعك خالص الود والتقدير

أم محمد العمري
19-09-2005, 09:40 PM
السلام عليم ورحمة الله
للاسف أن الكلمات التى وجدتها مع الطالبين هى بعض ما نجده في مدارسنا وللاسف فإن هناك سباقا في تأليف تلك الأشعار وهو فعلا يعكس نظرة الطالب للمدرسة
وأريد أن أقول أن هناك من المعلمين من ينتظر الإجازة بلهفة أكثر من التلميذ ويتمنى أن تأتى إجازة وينتظر يوم الجمعة من بداية الأسبوع كيف لمثل أولئك من تحبيب الطلاب في المدرسة كيف لهم أن يزيدوا من دافعية التلميذ للتعلم وهم طوال الحصة ينظرون الى الساعة انتظارا لدق الجرس ؟؟!!
السبب في المشكلة أسباب عدة ليست بسبب واحد وهى تتعلق
_ في البيئة المدرسية ( ناظر _مدرس _ آذن ....) وعلاقتهم مع الطالب وافتقاد بعضهم لأن يكونوا قدوة له
_ في علاقة المدرسة بالمجتمع المحلي وخصوصا البيت فهذا له دور كبير في بناء وجهة نظر سليمة وايجابية للمدرسة والتى تنعكس كذلك على التلميذ
_ أولياء الأمور وحث أبنائهم على حب المدرس والمدرسة ولكننا نجد أن بعض أولياء الأمور يتصيدون الخطأ للمدرس لينهالوا على المدرسة بالتهديد والوعيد وتقليل قيمة المدرس أمام أبنائهم وهذا ما يجعل التلميذ يتجرأ على مدرسه فنجد الأب يبدأ بالشتم لأي موقف قد استمع له من ابنه وغالبا ما يكون كاذبا ليتهرب من مسئولية مثلا يقول لوالده أن المدرس لم يعطنا وظائف بيتية فينهال الأب بالشتم على المدرس الذي لا يفهم ولا يعرف عمله "من وجهة نظر الأب وذلك لأنه لن يجد ما يشغل به ابنه" وغالبا ما يكون الابن كاذبا ليتهرب من حل الواجبات
_ الحصص الدراسية ، غالبا تلغى حصص الرياضة والفن والنشاط الحر وتستبدل باللغة العربية والرياضيات وكذلك يلغى أي ترفيه للطالب وكأنه يأتي للمدرسة فقط لتكديس معلومات في رأسه دون مراعاة لأنه طفل ويحتاج للعب وللترفيه
_ الغرف الصفية هى كسجن جماعي صغيرة مكدسة بما يقارب خمسين طالبا في الفصل الواحد غالبا ما تخلو من مراوح على الأقل في حر الصيف ومن زجاج نوافذ في برد الشتاء
_ لقد سمعت بعض الطلاب يتذمرون على الدوام المدرسي الأسبوعي وخصوصا من كان في خارج البلاد ويتساءلون لماذا لا يكون يوما اجازة خميس وجمعة على سبيل المثال ، ربما هم فعلا في حاجة ليوم إجازة آخر
_ هذه بعض الأسباب في اعتقادي وهو ما جادت ذاكرتي به الآن وأتمنى من الله أن يصلح الحال ويوفق الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح

ليال
20-09-2005, 12:56 AM
السلام عليكم
كما هي العادة اتينا متأخرين إلى هذا الموضوع الهام ، ربما فاتني طابور الصباح ، لذلك سأدخل مباشره في الحصة
السؤال هو: لماذا نكره المدرسة؟
الجواب : لماذا تكرهنا المدرسة!!!
السؤال : كيف تكرهنا المدرسة؟
جواب : تكرهنا بسطوة المدير و فاشية الوكيل، تكرهنا بعبوس مدرسيها و تفاهتم، تكرهنا بسطحية المشرف الطلابي وسذاجته، تكرهنا بالفجوة الهائلة بين الخطاب التربوي وبين المخاطبين، تكرهنا بمناهج وضعت في القرن المليون قبل الميلاد ومازالت تدرس حتى الآن، تكرهنا بفرض الزي الرسمي (المريول) وهو في بعض البلاد العربيه اشبه بزي الجيش أو السجن ، تكرهنا بقذارة فناءها وغبار مكتبتها وتهاو جدرانها، تكرهنا بالزحام على مقصفها ذو النافذة الواحدة( مترونصفxمتر)، تكرهنا بشح ميزانيتها،وافتقارها لأبسط الوسائل التعليمية التقنية...ثم بعد ذلك نتسائل لماذا نكره المدرسة؟

عطية العمري
21-09-2005, 07:19 AM
الأخوة الأفاضل والأخوات الفضليات
أشكر لكم اهتمامكم بهذا الموضوع
ولقد لمست منكم جميعاً إقراركم بأن هناك كره من الطالب للمدرسة في جميع أقطار الدول العربية تقريباً
وتحدث كل منكم عن الأسباب التي تكمن وراء هذه الظاهرة من وجهة نظره وبحسب ظروف البلد الذي يعيش فيه
ولكن السؤال الأهم : كيف نتغلب على هذه المشكلة ، أو على أقل تقدير كيف نحد منها ؟
إنني بانتظار اقتراحات وحلول عملية وواقعية ولو كان أثرها الإيجابي قليلاً ، فأن تشعل شمعة خير لك من أن تلعن الظلام .
ملاحظة : قد يبدو من المفيد أن نتذكر بأن هذه الظاهرة لا توجد بتاتاً في اليابان مثلاً ، فما الفرق بين نظمنا التعليمية وبين نظام التعليم في اليابان ؟ مع العلم بأنه توجد في اليابان حالياً دعوات قوية لإصلاح التعليم فيها !!!!!

معاذ الديري
21-09-2005, 12:36 PM
- تأهيل المعلمين تربويا لاداء رسالتهم العظيمة , وجعلهم قدوة حسنة.
- وضع ضوابط صارمة تجاه المعلمين , وايجاد نظام مؤسساتي لمحاسبة المقصرين
- تحسين ظروفهم الحياتية .
- تهيئة جو المدرسة لان تكون بديلا للبيت .
- تقليل الكم لصالح الكيف بالنسبة للمناهج وتحسين نوعيتها .

عدنان أحمد البحيصي
25-09-2005, 10:50 AM
تقليص الفجوة بين المعلم والتلميذ بعقد الدورات التربوية واعتبار الطالب شخصا ذو عقل يميز به ومخاطبته وجدانيا ونفسيا بأسلوب ينم عن دفء العلاقات بينه وبين المعلم

الطالب قد يقتنع براي الأستاذ ويسير في ضوء هذا الإقتناع ، لكن في الأغلب يرفض أن يسير في ضوء الإملاءات التي تفرض عليه



كذلك من ناحية الطالب يجب أن نغرس فيه أخلاقا تمنعه من التعدي على المعلم سواء باللفظ أوالفعل

هذه إطلالة ولنا عودة إن شاء الله تعالى

عطية العمري
26-09-2005, 08:12 AM
الأخوان العزيزان معاذ الديري وعدنان الإسلام
اقتراحات بناءة وممكنة التطبيق
وفي انتظار المزيد من الاقتراحات من جميع الإخوة والأخوات لعلنا نخرج بخلاصة اقتراحات نقدمها إلى زملائنا المعلمين والمعلمات وإلى أولياء الأمور والموجهين التربويين والقيادات التربوية والاجتماعية والثقافية والسياسية بمختلف مستوياتها لما فيه خير أمتنا
وبارك الله فيكم جميعاً

د. محمد صنديد
08-10-2005, 03:39 AM
الأخ الحبيب عطية العمري:

قد أذهب في هذا الموضوع مذهباً غير مألوف فأقول:

* تمثل قصاصتا الورق اللتان ذكرت شكلاً من أشكال التهكم المألوف في المجتمعات كلها، و هي إن شكلت ظاهرة غير مستساغة إلا أنها ليست بالخطورة التي قد نعتقدها. و كثيراً ما كنت أنشد في المدارس أغاني و هتافات ضد المدرسة رغم أني كنت من المتفوقين وقتها و لم أكن أكره المدرسة كما كنت اظن و قتها. يشكل التهكم شكلاً من أشكال الدفاع النفسي ضد الصدمات الإجتماعية و النفسية بأنواعها، و هو يهون الواقع و مصاعبه على الشخص الذي يقوم بالتهكم، و لك أن تتخيل كم كان واقعنا سيكون مزرياً لو أننا لم نتهكم على أنفسنا و حكوماتنا و وزرائنا ... إلخ.

* يجب أن نستثني التلميذ من إطار المسؤولية بشكل كامل، فما هم إلا إناء يحملون ما نحمّلهم، و يكررون ما نحفظّهم.

* المسؤولية مسؤولية المدرس بالدرجة الأولى و الأهل بالدرجة الثانية و الحكومات بالدرجة الثالثة:
كثير من المدرسين قدموا و لا يزالوا يقدمون رغم أنهم قد يدفعون من جيوبهم لتكملة نفقات العام الدراسي، و كثير منهم لا ينتظرون تغيير المنهج المقرر من قبل الحكومة حتى يطوروا الفكر و المنهج عند طلابهم، و كثير منهم لم يخضع لدورات تأهيلية أو تدريبية و كانوا من اعلام التدريس و التربية.
لا أريد ان يفهم من كلامي على أنني أعارض تحسين دخل المدرس أو تعديل المناهج المتخلفة أو إلحاق المدرسين بدورات تخصصية تأهلية، و إنما أحببت أن أؤكد على أن ثمة شرطين لازمين لا بد أن يتوفرا في المدرس الناجح: ألا و هما حب المهنة و الحكمة. و لا تخف على مدرس يحمل هاتين الصفتين مهما اشتدت به الظروف.

فحب المهنة يجعل المدرس لا ينتظر غيره حتى يؤدي دوره، بل ينظر في المتاح و يعمل حسب إمكانياته و إمكانيات مجتمعه و بيئته.
و الحكمة تقتضي أن يكون المدرس مفوّهاً و يتقن فن الحوار و الإقناع، و إن يملك بالطبع حداً أدنى من الثقافة العامة ليناور في مهامه التربوية قبل التدريسية.

أدلل على ما أقول بمثال شخصي:
كان في مدرستي الإعدادية مدرس لغة إنكليزية متوسط الحال، شهادته ثانوية فقط، عمره كبير، غير شديد بالمرة، لم يخضع في عمره إلى إي دورة تأهيلية، و لم يعاقب طالباً يوماً بغير العلامات، لين المعشر، ذكي، و حكيم. و بالرغم من ذلك، كان يقضي معنا ساعة الدرس كاملة باللغة الإنكليزية (رغم انه كثيراً ما كان يرتكب أخطاء لفظية فادحة، و كان يقر بها عندما نراجعه فيقول: غير مهم، المهم أن تصححوا لي و أصحح لكم؛ و الأهم أن تعتادوا الحديث و التفكير باللغة الإنكليزية). و كان يقضي معنا حتى دقائق الإستراحة فيطلب شطيرة و كأس شاي و يجلس ليقرأ لنا قصصاً باللغة الإنكليزية لا علاقة لها بالمنهج المقرر.
و لكم أن تستنتجوا أن الصف الثامن الإعدادي في مدرستي كان من أكثر الصفوف تفوقاً باللغة الإنكليزية و كان منهم مختلف الاختصاصات العلمية مستقبلاً....و كان قاسمهم المشترك (و أنا منهم) بغض النظر عن دراستهم اللاحقة حبهم للغة الإنكليزية.

أشكر لكم كل نقاشكم.

دمتم بخير.

عطية العمري
09-10-2005, 09:10 AM
أشكرك شكرًا جزيلاً أخي الدكتور محمد صنديد على مرورك وعلى ملاحظاتك القيمة
أتفق معك تماماً على أن مفتاح التغيير يكمن في المدرس
وقديمًا قالوا : المعلم الميت ( تربوياً ) يميت المنهج الحي ( الممتاز ) ، والمعلم الحي ( الممتاز ) يحيي المنهج الميت ( السيء )
وقضية الانتماء للعمل وحبه والإخلاص فيه قضية بالغة الأهمية لدى المعلم ، فمتى ما وجدت سنجد أن المعلم يبدع ويبتكر ويتفنن في تعليم طلابه
كما أن العلاقة الحميمة بين المعلم وطلابه تصنع ما يشبه المعجزات في العملية التعليمية / التعلُّمية
بارك الله فيك ولا حرمنا الله من أفكاركم الرشيدة

أسماء حرمة الله
01-11-2005, 12:20 AM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحية مخضّبة بالورد

أستاذي الفاضل عطية،

اسمح لي، سيدي، بنقل ماكتبتُه سابقا بالشرفة الأخرى، حتى تنضمّ إلى جملة نقاشاتنا، بإذن الله، حتى نتوصل إلى حلول..واسمح لي بعدها بمواصلة الحوار..واللهُ المستعان..

الدراسة..

أيامُ الدراسة..والجامعة..والنشاطا ت الأدبية، والأضواء التي تكتبنا بفضاءاتِ الحلم..والأساتذة الذين مازلتُ أدينُ لهم بالكثير الكثير..أساتذتي الذين لم يضنّوا عليّ بنصحهم وبعونهم وتشجيعهم ومازالوا للآن كذلك..الذين زرعوا فيّ حبّ العلم والبحث والسفر عبر دروب الحرف، ومازالوا ..الذين مهما قلتُ في حقهم ومهما فعلت، فسأظل مقصّرة بحقهم .. كانوا ومازالوا لي أرضاً خضراء تُنبِتُ مواسمَ الرحيق، كما تُنبِتُ الأحلام، وتضمّدُ الأوجاع وتخففها..وتزرع الآمال في كل خطوةٍ خطوة..أسأل الرحمن أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم..
أتساءل...
كيف يمكن للمرء أن يكره المدرسة/الجامعة وهو يستقبل كل مواسم المحبة التي يفتحها له معلّموه وأساتذته؟..أؤمن دائما بأنّ محبّة الشيء تدفع للإبداع فيه، وأؤمن أيضا بأن شجيراتِ محبةِ واحترامِ الطالب لأساتذته، بذْرَتُها الخلقُ القويم والتأدب بأخلاق طالب العلم..والعكس صحيح أيضا..
ربما تنبع كراهية بعض المتعلمين للمدرسة بسبب عجز المعلّمين عن تحبيبها إليهم بطريقة صحيحة.. ربما بسبب رغبة المتعلّمين أنفسهم عن الدخول الموغِل إلى عوالمِ الحرف، بدعوى أنّ هذا الزمان لايحب المثقفين ولاأدري كيف يزعمون ذلك..أو بدعوى أن المرءَ لايتعلم إلاّ لغرض الحصول على شهادةٍ تمهّد له طريق العمل..بينما يتناسون أن الثقافة هدفها الأول هو الثقافة ثمّ الثقافة ثم الثقافة، ثمّ يأتي العملُ وسيلةً لاهدفاً، وسيلةً لتأمين حياةٍ كريمة تحفظ للإنسان إنسانيته، ولتأمين استمرارية قافلةِ تثقيف النفس وتهذيبها حتى آخر رمق، لأن الدراسة لاتنتهي مراحلها أبدا .. فالعلمُ بحرٌ لاينضب البتّة، وكلما انتهينا من مرحلة فيه، تبتدِئُ مرحلة أخرى جديدة وهكذا دواليك، ومن ثَمَّ يبررون عزوفهم عن الدراسة بقلة فرص العمل، وبأنهم يرحمون أنفسهم من سنوات عجافٍ من الدراسة سترهق كاهلهم دون جنىً، وأنهم لن يجنوا بعدها سوى البطالة والمعاناة، ربما هذا من بين أسباب هروب فئة كبيرة وعزوفها عن قافلة العلم والتعلم..
تساءلتَ، سيدي، أين الحل؟
أعتقد أن الحلّ بالنسبة لهذا الإشكال، يبدأ من نقطة مهمة هي بيتُ القصيد: محبة الشيء تدفع إلى الإبداع فيه..فلكي يُقبِلَ طالبُ العلم على التعلم بشغف ومحبّة، على المعلّم أن يكون هو الآخر محِبًّا للعلم الذي يقوم بتبليغه، ومؤمنا بقيمته الإنسانية، وبذلكَ ستورقُ محبة العلم المشتركة بين الجانبين حدائقَ مثمرةً تُرضي الطالب والمعلّم في الوقت ذاته، وتكفل لهما سبل النجاح.. ولن يحبّ الطالب العلمَ إذا أحسّ بأنّ المعلّم لايحملُ المحبةَ ذاتَها لرسالته التي سيُسأَل عنها يوما، إذن فالمحبة هي سنام كل شيء..ومحبة العلم والتعلم هي قاسم مشترك بينهما معاً..لانطالب الطالب بذلك فقط بل المعلّم أيضا...بطريقة أخرى، أتساءل: هل نعاني من كراهيةِ فئة من المتعلّمين للمدرسة، أم أننا نعاني أيضا من جهل فئة من المعلّمين بدورهم الرئيس والفعّال بإنماء بذور محبة العلم بنفوس طلاّبهم؟؟بل وبطرق رعايتها لتكبر وتزهر ماترضى عنه النفس ويرضى عنه الضمير..

ثمّ..المحبةُ لاينبغي أن تلقي بظلالها بين طالب العلم والمعلّم وحسب، بل بشرفة أخرى لاتقلّ أهمية عن الشرفة السابقة...بل هي حليفتُها بزرع وإذكاء جذوة التعلُّم والعلم بنفس الطالب..إنها شرفةُ البيت والأسرة..كيف بإمكان طالبِ علمٍ أن يجدّ ويحب التعلّم، وهو يعاني من غياب المحبة عن أدواح البيت؟ إضافةً إلى أن الآباء إذا لم يهتموا جيدا بمستقبل أبنائهم، إذا لم يساعدوهم، ليس بالنصح فقط والإرشاد والمراقبة المستمرة، بل أيضا بتحبيب التعلّم إلى نفوسهم، وبتنظيم الوقت المناسب للدراسة والتحصيل، وبعدم إهمال أوقات ممارسة الهوايات الهادفة، والتي ترقى بالروح إلى درجاتِ الإشراق، وتحفّزها أكثر على الإبداع بالتعلّم والتحصيل..فمتى تهذّبت النفسُ بهوايات هادفة وذات لمسات جميلة، تصبح أكثر إذعانا للعلم، وتصبح أكثرَ تقبُّلاً ومحبةً للإجادة في الدراسة والتحصيل والمطالعة...

وللحديث بقية...

كن بألف خير...
ومرة أخرى، أجدد لك، سيدي، شكري على هذه الشرفة الهادفة
تقبّل مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي وتقديري

عطية العمري
01-11-2005, 08:43 AM
الأخت الفاضلة أسماء حرمة الله
وبارك الله فيكِ على مرورك وعلى ملاحظاتك القيمة
وبالمناسبة تم نقاش بيني وبين بعض الزملاء حول هذا الموضوع فبدرت لي فكرة يمكن أن تكون مفيدة في هذا المجال وهي :
أرى أن الحل يتكون من سلسلة متصلة من الإجراءت تبدأ بالمعلم ، فالمعلم _ في الغالب _ محبَط ويكره المدرسة ، وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه ، وهذا يقتضي وجوب أن يكون المدرس يحب المدرسة والتعليم . ولا يمكن أن يكون المعلم محباً للمدرسة إلا إذا درس في كلية التربية عن اقتناع ورغبة وأعد فيها الإعداد الجيد . ولا يتحقق ذلك إلا إذا كان نظام القبول في كليات التربية يقتضي قبول أفضل الطلاب في الثانوية العامة بحيث يكون هناك تنافس بين الطلبة على القبول في كليات التربية . وهذا لن يتحقق إلا إذا كانت هناك فرص كبيرة للتوظيف بعد التخرج مع أفضل الشروط والمرتبات للمعلمين . وهذا بالتالي يقتضي إعادة النظر في السياسات التربوية وفي نظام الأجور والمكافآت .

أسماء حرمة الله
03-11-2005, 06:24 AM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحية مطرّزة بالرنْد

أستاذي الفاضل عطية العمري،

أجل، النقاط التي طرحتَها كحلول هي غاية في الأهمية...
دائما المحبّة هي سنام كل شيء..صدقت، كيف للمعلم أن يوصل لطالب العلم رسالته الراقية، وهو يكره المدرسة ويكره التعلّم؟
محبة الشيء لاتتأتى اعتباطا، ولايتمّ فرضُها..بل هي تنساب في النفس كانسياب الماء الزلال، ولكي يحبّ المعلّم المدرسة والتعلّم، عليه أن يكون محبا للحياة أولا..فإذا أحبَّ الحياة، أحبّ كل شيء فيها، لأن المحبة تولّد المحبة لاالكره..كيف؟ تماما كما ذكرتَ بردك الكريم..إذا كان المعلّم يعاني من نقص في الزاد المعرفي، سواءً الثقافي منه أو التربوي، فكيف بإمكانه أن يكون واعيا برسالته الراقية التي بات رسولَها وخادمها في الوقت ذاته؟؟؟ وكيف بإمكانه أن يكون ملمّا بمسؤوليته اتجاه المدرسة، التي هي محرابُ العلم.. ثمّ اتجاه طالب العلم، الذي هو نبتةٌ خضراء، تحتاج لمن يتعهّدها بالرعاية والعناية كي تنمو وتزهر؟؟....وإذا كان المعلّم يرزح تحت نير مستوى عيش لايكفل له حتى الضروريات، وهو ساخط على وضعه ومتبرّم، والمدرسةُ باتت بالنسبة له، شكلا من أشكال الظلم والقهر..فكيف يلقّن لطلبته حبّ العلم والتحصيل، وهو نفسه بات يكره الحياة بأسرها، لاستحالة توازنه المادي والنفسي فيها؟ وهذا يقتضي كما ذكرت أستاذي الكريم: "إعادة النظر في السياسات التربوية وفي نظام الأجور والمكافآت"..
كذلك بالنسبة للزاد المعرفي والثقافي والتربوي، كيف ينبغي أن يكون؟ وكليات التربية نفسُها، هل ترقى إلى المستوى المطلوب؟ أم أنها هي ذاتها لاتقوم بدورها على الوجه الأكمل، معلّميــن ومشرفين ومناهـج؟؟ ولماذا لاتكتفي بقبول المتفوقين فقط من أفواج المتخرجين من الثانوية العامة، حتى يتسنى لها إعدادهم إعدادا جيدا، يكون التنافس فيما بينهم، كما تفضّلتهم بذكر ذلك، مركبا من مراكب الإبحار إلى جزر الاستحسان والرضى، لنحصل في الأخير على مجموعة ممتازة من المعلمين، واعين بدورهم التربوي والثقافي، وواعين برسالتهم الكبرى التي يحملونها على عاتقهم، ومحبّين للعلم وللاستزادة من طلبه ورشفه كلما سنحت لهم فرصة لذلك..وبذلك تورق فصول المحبة في قلوبهم، فتورق بدورها في قلوب طلابهم، لأن المحبة تولّد المحبة..
وسأذكر لك، سيدي، مثالا بسيطا عن هذا.. خلال دراستي بالثانوية وبالجامعة، كانت المحبة التي يدثّرني بها أساتذتي ، وهم يشجّعونني على المضي قدما من أجل البحث والعلم والتعلّم، حافزا كبيرا لي على التعلّم والتحصيل والبحث حتى وإن واجهَتني المصاعب والعراقيل.. وكنتُ كلما خبَتْ بداخلي جذوة الإصرار قليلا، لسبب من الأسباب، أهرع إليهم، لأغرِف من معين عزمهم ومحبتهم الصادقة للعلم ورسالته، ليشدّوا من أزر إرادتي..هذه المحبة الصادقة التي كانت ومازالت لهم عنوانـا وهويـة، لمْ تورق بنفسي إلاّ لأنها أورقتْ بنفوسهم الطيبة والمعطاءة..فالمحبة لاتولّد غير المحبة.. كانوا ومازالوا، شموعَ علمٍ لاتنطفئ، لأنهم كانوا ومازالوا شموعَ محبـة لاتنطفئ..
حفظهم الله وحفظك أستاذي الكريم..وجزاهم وجزاك عني خيرا..

وللحديث بقيــة...
عيد مبارك سعيد وكل عام وأنت والواحة بألف خير..
وتقبّل مني ألف باقة من الورد والمطر
تحياتي وتقديري

عطية العمري
07-11-2005, 08:10 AM
أختي الفاضلة أسماء حرمة الله حفظها الله
أشكرك على مرورك ( المركَّز ) على الموضوع والتعليق الهادف على كل فكرة فيه وعلى استيعابك التام للفكرة التي أردت إيصالها
كما أشكرك على اهتمامك بهذا الموضوع الحيوي الذي أعتبره حجر الزاوية في أي نهضة نود تحقيقها في مجتمعاتنا ، فتحبيب الطالب بالمدرسة يوجِد لدينا طلاباً مبدعين تتحقق بعقولهم وسواعدهم نهضة المجتمع مستقبلاً
وكل عام وأنتِ بألف خير