المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألوان الفانوس



عماد هلالى
26-05-2017, 04:44 PM
مضى عامان على هذا الحال , لا تبرح غرفتها , أمّها الّتي كانت في شجار دائم معها بسبب سلوكاتها الأخيرة , رقّت لحالها , وأذابها همّها , وطول حزنها . لا تفعل أي شيء , سوى النّوم على السّرير , وتنهض لتأكل في أوقات الغذاء والعشاء , حركات آلية روتينيّة , والمشربيّة العتيقة الّتي تطل من غرفتها على شارع حيّهم المزدحم , صارت ثقيلة هي أيضا على قلبها , ضوضاء النّاس لا تُضف سوى الكآبة , والنّور لا يدخل هذا المكان الموحش .

خطبها جارها سعيد عن حب , ولم يتمكّن من الزّواج بها لضيق ذات اليد , تقدّم اليها أحد الشباب الأثرياء , استهزء بها وفسخ خطبته لها قبل يومين من موعد زفافهما , بعد أن صحبها في كل مكان , وتكلّم عنهما العام والخاص , وأدخلها البيوت المغلقة , والحمد لله أنّ ربّك ستر , بعدها سلكت طرق الإنحراف , تسكّع فقط , وخروج مع من هبّ ودب , وتصادم لفظي عنيف في البيت بشكل يومي مع أمّها , ثم دخلت نفق حزن معتم الظلمة , وأغلقت على نفسها باب غرفتها , وصارت شبه ميّتة , جسد هزيل ووجه شاحب , واشتاقت أمها لوقفتها فقط وحركاتها في البيت .

ليلة رمضان , سمعت سعيد خطيبها وحبيبها الأول , وقد عرفته من صوته , يتكلّم مع أمّها بصوت هامس , وضعت أذنها على الباب وسمعته يقول : أريد أن أراها وأسلّمها هديّة , خرجت له , وكم فرحت أمّها لخروجها , وقف مبتسما , ولم يتغيّر فيه شيء , وكأنّه ازداد وسامة وشبابا , سلّمها بكلتا يديه فانوسا , بثلاثة ألواح زجاجية ملوّنة , كل لوح بلون , ومصباح يتوهّج في الدّاخل , قال لها : تتحرّك الألواح تلقائيّا , ويتغيّر لون ضوء الفانوس بعد عدد معيّن من الأيّام , كل سنة وأنتم طيّبين .

علّقت الفانوس بفرح - ولم تدخل الفرحة قلبها منذ زمن - على مشربيّة غرفتها , كانت أول ليلة في رمضان , وكان ضوءه أزرقا , أحسّت بسكينة ورحمة , لون السّماء , ولون البحر , الصّفاء , والهدوء , ليالي حالمة , عاشتها مع الزّرقة , تكلّمت مع أمّها , وقفت معها في المطبخ , وحضّرت لهم " البسبوسة " , وسهرت أيضا وتسامرت مع جارتها وصديقتها , الّتي كانت آخر من يعودها , وكم يئست من خروجها اليها , وقرأت في مصحفها الصّغير على سريرها , وتابعت أيضا مسلسلا لطيفا , وضحكت .

في الليلة العاشرة تحوّل ضوء الفانوس الى الأبيض , وأحسّت ليلتها أنّها قد وُلدت من جديد , طهُرت تماما من ذنوبها وآثامها , وصار ثوبها ناصعا من الدّاخل , ودخلت الليالي بطهر , صلّت في الضّوء الأبيض كثيرا , وقضت ليالي بيضاء , بين الصّلاة والذّكر , وبكت .

في الليلة العشرين تحوّل ضوء الفانوس الى الأخضر , أحسّت أنّها قد عُتقت من النّار , ودخلت الجنّة , لاحظ كل من حولها نعيمها وسعادتها , وقد رجعت اليهم أفضل بكثير مما كانت عليه , في الليلة السّابعة والعشرين وقد كانت تجلس على سريرها تٌمسك مصحفا , بدأت ألواح الفانوس تدور , والأضواء الملوّنة تدور في الغرفة بما يشبه ألعاب الضّوء , أضواء مستديرة تدور , وكأنّ الملائكة قد حفّت المكان , وكأنّه عرس , وسمعت سعيد من خلف باب الغرفة يقول لأمّها : أنا أعمل الآن ولي مسكن خاص , نقرأ الفاتحة ونعقد ونقيم العرس بعد رمضان , وزغردت الأم بفرح .

بعد عام , وفي مثل هذه الليلة المباركة , أنجبت من سعيد بنت جميلة أسمَوها " سلام " مصداقا للآية الكريمة الّتي تتحدّث عن ليلة القدر " سلام هي حتى مطلع الفجر " , بعدها أنجبت " ألوان " و " فانوس " .

عماد هلالى
11-06-2017, 09:37 PM
50 مشاهدة , ولا تعليق ( 0 ) , كتبتها ونشرتها في أول رمضان مهنّئا بقدوم الشهر الفضيل , وتجاوزنا النّصف الآن , وشارفت قصّتي على الخروج من واجهة ركن القصص , أين الاستاذة الأديبة نادية محمد الجابي , واين الجميع ؟

ناديه محمد الجابي
20-06-2017, 11:50 AM
لك كل الحق أن تغضب أن تظل قصتك صفرية طوال هذا الوقت..
في الحقيقة قرأت قصتك يوم أنزلتها وتعجبت من قصة الفانوس ـ فبحثت في الجوجل
هل تعرف الجزائر الإحتفال الرمضاني بالفانوس ـ فلم أجد شيئا من هذا ، وعرفت أن
مصر فقط هى من تحي ليالي رمضان بالفانوس وتتأثر بهذا كل الدول العربية
وهذا شيء أسعدني كمصرية.
فكرة تدرج الألوان من الأزرق والإحساس بالسكينة والرحمة ـ ثم إلى اللون الأبيض
لون الطهر والنقاء ـ ثم إلى اللون الأخضر .. والشعور بالعتق ودخول الجنة..
كانت الفكرة لطيفة هادفة برسالة اخلاقية هامة..
يبقى هناك شيئا ما في القصة ككل .. لم أشعر إنها بنفس قوة قصصك السابقة
ولم استطع أن أضع يدي على موضع الضعف.
اغفر لي تأخري في الرد وتأكد إني سأكون موجودة دائما لمتابعة ما تكتب
حتى تقدم دائما الأجود والحسن.
تحياتي وتقديري.
:cup::cup:

مصطفى الصالح
21-06-2017, 02:12 AM
50 مشاهدة , ولا تعليق ( 0 ) , كتبتها ونشرتها في أول رمضان مهنّئا بقدوم الشهر الفضيل , وتجاوزنا النّصف الآن , وشارفت قصّتي على الخروج من واجهة ركن القصص , أين الاستاذة الأديبة نادية محمد الجابي , واين الجميع ؟

وأين أنت من نصوص الزملاء؟؟
ليس لك أن تعتب إلا على نفسك!!
كل عام وأنت بخير... تقبل الله الطاعات
قصة وعظية هادفة بأسلوب مشوق ولغة ساسة
جميل ما قرات
ربما هناك بعض سهوات بسيطة لا تؤثر على مسار النص
دمت مبدعا
تقديري

عماد هلالى
21-06-2017, 06:53 PM
لك كل الحق أن تغضب أن تظل قصتك صفرية طوال هذا الوقت..
في الحقيقة قرأت قصتك يوم أنزلتها وتعجبت من قصة الفانوس ـ فبحثت في الجوجل
هل تعرف الجزائر الإحتفال الرمضاني بالفانوس ـ فلم أجد شيئا من هذا ، وعرفت أن
مصر فقط هى من تحي ليالي رمضان بالفانوس وتتأثر بهذا كل الدول العربية
وهذا شيء أسعدني كمصرية.
فكرة تدرج الألوان من الأزرق والإحساس بالسكينة والرحمة ـ ثم إلى اللون الأبيض
لون الطهر والنقاء ـ ثم إلى اللون الأخضر .. والشعور بالعتق ودخول الجنة..
كانت الفكرة لطيفة هادفة برسالة اخلاقية هامة..
يبقى هناك شيئا ما في القصة ككل .. لم أشعر إنها بنفس قوة قصصك السابقة
ولم استطع أن أضع يدي على موضع الضعف.
اغفر لي تأخري في الرد وتأكد إني سأكون موجودة دائما لمتابعة ما تكتب
حتى تقدم دائما الأجود والحسن.
تحياتي وتقديري.
:cup::cup:
شكرا جزيلا الأستاذة نادية محمد الجابي , أنتِ مصرية ام ليبية ؟ ام انني اخلط في الأسماء , نعم اعرف ان الفانوس ليس ثقافة جزائرية , هي مصرية من العهد الفاطمي وانتقلت الى دول الخليج العربي وباقي دول المشرق , تعجبني وارجو انت تنتقل الينا , افضل من اقتباس الثقافات الاوروبية والغربية عموما , اردت فقط أن أأخذ من ثقافة الفانوس ان صح التعبير محورا لقصة بسيطة تعبّر عن روحانية رمضان وفضل لياليه المباركة مستندا على الحديث النبوي الشريف الشهير عن شهر رمضان المبارك ( اوله رحمة واوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) , لتكون طريقة فقط أقدم فيها التهاني بحلول الشهر الكريم لرواد واحتنا الفيحاء والغنّاء , عذرك مقبول ولم اقصد اللوم او العتاب ولا يجوز لي ذلك , فقط كانت طريقة مني لاعادة القصة الى الواجهة حين اوشكت على الخروج ومازال هناك بقية في ايام الشهر الفضيل , كل عام وانتم بخير وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال

عماد هلالى
21-06-2017, 07:10 PM
وأين أنت من نصوص الزملاء؟؟
ليس لك أن تعتب إلا على نفسك!!
كل عام وأنت بخير... تقبل الله الطاعات
قصة وعظية هادفة بأسلوب مشوق ولغة ساسة
جميل ما قرات
ربما هناك بعض سهوات بسيطة لا تؤثر على مسار النص
دمت مبدعا
تقديري
شكرا جزيلا الأستاذ الأديب مصطفى الصالح , تعليقك ورأيك في القصّة شهادة شرفيّة بالنسبة لي , وأرجو أن تشير لي الى بعض النّقائص الّتي لاحظتها حتّى أستفيد وأتفاداها مستقبلا ان شاء الله . أنا لا أعتب , فقط أردت أن أعيد القصة الى الواجهة قبل انقضاء أيام الشهر الفضيل , لم أقل أنّي متفرّدا أو متميّزا في الواحة , أعرف أنّ هناك الكثير من الأساتذة الكبار والمبدعين , والكثير من النصوص الرّائعة , لكّنّي أتكلّم عن نفسي فقط , لأنّي أحب أن يكون هناك تعليقات على ما أنشر حتى أستمر وأتطوّر , ومن الأفضل عموما أن يكون هناك تفاعلا ايجابيا في الواحة ككل , شكرا جزيلا استاذي , وكل عام وأنتم بخير , تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال

ناديه محمد الجابي
22-06-2017, 01:25 PM
وأين أنت من نصوص الزملاء؟؟
ليس لك أن تعتب إلا على نفسك!!

أردت هنا أن أوضح رأي أ. مصطفى الصالح
المقصود هنا .. لماذا لا ترد أنت على نصوص غيرك في الوقت
الذي يزعجك أن لا تجد ردا على قصتك !!
أما بالنسبة لي فأنا مصرية ، ولكني مقيمة في ليبيا بصفة دائمة
وهى وطن ثاني لي ـ وأولادي ليبين.
تحياتي وكل عام وأنت بألف خير.
:pr::pr:

عماد هلالى
22-06-2017, 10:17 PM
وأين أنت من نصوص الزملاء؟؟
ليس لك أن تعتب إلا على نفسك!!

أردت هنا أن أوضح رأي أ. مصطفى الصالح
المقصود هنا .. لماذا لا ترد أنت على نصوص غيرك في الوقت
الذي يزعجك أن لا تجد ردا على قصتك !!
أما بالنسبة لي فأنا مصرية ، ولكني مقيمة في ليبيا بصفة دائمة
وهى وطن ثاني لي ـ وأولادي ليبين.
تحياتي وكل عام وأنت بألف خير.
:pr::pr:
نعم صحيح , فهمت قصد الأستاذ مصطفى الصالح الآن , والله عنده حق , لكن بالنسبة لي أنا أرد وأكتب تعليقا بعد كل نص أقرأه , الاّ اذا كنت لم أقرأه , وطبعا أكون مقصّرا في القراءة , لكنّي أسعى لأقرأ أكثر ان شاء الله , أهلا وسهلا أستاذة ناديا محمد الجابي من أينما كنتي وأينما حللتي , وأنتي أستاذة وأديبة عربية نتشرّف كلنا بك , لكن لم تقرئي بعد الحلقات الأخيرة من " حكايات غارداوية " وأنا أنتظر رأيك وكلمتك الأخيرة في روايتي هذه , لكي خالص الشكر والتحيات مع كل الإحترام والتقدير :0014::hat:

كاملة بدارنه
29-06-2017, 10:26 PM
جميلة الفكرة، لكنّها احتاجت إلى العناية اللّغويّة قبل النّشر، وبعض التّكثيف في جمل السّرد
بوركت
تقديري وتحيّتي

عماد هلالى
30-06-2017, 10:53 AM
جميلة الفكرة، لكنّها احتاجت إلى العناية اللّغويّة قبل النّشر، وبعض التّكثيف في جمل السّرد
بوركت
تقديري وتحيّتي
وفيكي بارك الأستاذة كاملة بدارنة شكرا جزيلا :0014::hat:

علاء سعد حسن
01-07-2017, 10:28 PM
فكرة لطيفة أعجبتني

لو خفتت لغة المباشرة قليلا لتألتق اكثر كقصة

بمعنى انك منذ البداية اهترت الرمز الفانوس رمز والاوانه رمز

وعمق الرمز الا يحتاج لتوضيح من الكاتب وترك فك الشيفرة للقارئ

هذا رأي متذوق لا ناقد لانني لم ادرس النقد اكاديميا وتقبل تحياتي

عماد هلالى
13-07-2017, 09:18 AM
فكرة لطيفة أعجبتني

لو خفتت لغة المباشرة قليلا لتألتق اكثر كقصة

بمعنى انك منذ البداية اهترت الرمز الفانوس رمز والاوانه رمز

وعمق الرمز الا يحتاج لتوضيح من الكاتب وترك فك الشيفرة للقارئ

هذا رأي متذوق لا ناقد لانني لم ادرس النقد اكاديميا وتقبل تحياتي

ولك خالص التحيات أستاذي علاء سعد حسن , وكل التقدير والإحترام , حضوركم يسعدني ويشرفني , خاصة وقد استلطفتم فكرة القصة , وقدمتم نقدا قيّما بارك الله فيكم , يفيدني كثيرا . أأمل أن أجدكم دائما معي متابعين وناقدين , حتى تتطوّر مهاراتي أكثر في الكتابة , شكر جزيلا :hat::0014:

آمال المصري
26-07-2017, 05:08 PM
سرد هادئ هادف وفكرة طيبة وعظية سررت بقراءتها
دام الحرف نديا
تحية وتقدير

عماد هلالى
27-07-2017, 02:13 AM
سرد هادئ هادف وفكرة طيبة وعظية سررت بقراءتها
دام الحرف نديا
تحية وتقدير

شكرا جزيلا الأستاذة الأديبة آمال المصري , أسعدني هذا الحضور الجميل , بارك الله فيك :0014::hat: