مشاهدة النسخة كاملة : أللحظات الأخيرة
رسول عبد الله
14-07-2017, 03:10 PM
تَقَدَمَ عَبْرَ الشارِع الذي يفصِلُ بيننا وبينَ جامع النوري بخَطواتٍ مرتعبة. ملابِسُهُ الرثة لا تغطي جسدهُ النحيف ولحيتهُ البيضاء غطتْ عنقَه. حاولتُ التمعُن في وجهه.. في عينيه وبندقيتي مصوبةٌ تجاهه. . أتراهُ عدوٌ أم صديق؟ لا شئ يوحي بِأنَه منْهُم. هل أرمي لأقتله قبلَ أن يفَجرَ نفسه بين الجنود؟ لحظاتٌ لمْ تفارق عيناي قميصَه الأسود وأنا أرقبُهُ يتقدم ويصرخ .. لا ترمي .. لا ترمي .. مَلَأ الترقُبُ كل من كان معي .. وكنتُ أرى العيونَ ترقُبُني في تساؤل .. هل نقتله؟ أليسَ الواجِبُ يحتمُ علينا أن نحميَ أنفسنا؟ سمعتُ أحدهم يَصرخ .. سيدي .. سيدي .. نظرتُ في وجهه .. أِنتظروا .. دعوه يتقدم أكثر .. وتقدَمَ الرجُلُ بخطواتٍ متعثرة .. بدا الخوفُ والهلع ظاهرين عليه .. صرخت بأعلى صوتي.. قِفْ .. قِفْ وأِلا أطلقتُ النار .. قف وانزعْ قميصَك .. لا تتقدمْ .. قفْ مكانك .. لكنَ الرجل لم يستجبْ .. وظلتْ خطواته المترنحة تتواصل باتجاهنا .. أمجنونٌ هذا الرجلْ؟ .. لِمَ لا يستجيبُ لندائي؟ .. تعالى صوتُ الجندي الذي بقربي .. سيدي .. سيدي.. أِقترب الرجل أكثر وأكثر وأكثر حتى تلاشت المسافات بيننا وبين الموت المرتقب .. رفعتُ رأسي عن الساتر الذي يحميني لأصرخ فيه للمرة الأخيرة .. أِلا أنه لم يستجبْ .. وفجأة أِنطلقت رصاصتان .. ووقَعَ الرجلُ أرضا .. مَنْ أطلق النار؟ .. أيُها الأحمق .. لمْ اّمر أحدا بأِطلاق النار .. تسمرَ جميع الجنود في أماكانِهم .. سمعتُ اَهاتِهِ وصرخاتِه .. تحركتُ من خلف الساتر واقتربتُ منهُ زاحفا .. لم يكن يحملُ حزاما ناسفا .. لا زالت قنينة الماء في يده والاخرى تمسك بكسرة خبز .. كان مبتسما عندما أغمضَ عينيه وكأنه أستعد للحظة الخلاص .. طلقتان اخترقتا جسده احداهما من الخلف .. فتحتُ أزرارَ قميصِه .. تَلَألَأ الصليبُ على صدرِهِ الدامي.
عبد السلام دغمش
14-07-2017, 06:00 PM
يعني أن الرجل لم يكن مقاتلاً .. وكان مصيره مصير الكثيرين ممن لا ذنب لهم .. ويبدو أن سطوة الانتقام طالت كل شيء وكأنه مخطط مرسوم لتدمير الموصل وتقويض بنيتها ..
نص جميل وكانت الخاتمة الصدمة موفقة.
تحيتي لك.
بهجت عبدالغني
14-07-2017, 09:43 PM
قصص الحدباء كثيرة.. وكثيرة جداً.. لا تظهر في الإعلام إلا كالجزء الظاهر من جبل الجليد!
وكم من أبرياء ماتوا.. وكم منهم الآن ينامون تحت الأنقاض؟!
النص موجع.. بعض التكثيف في صياغته كان سيعطيه زخماً وألقاً..
وأيضاً.. هل بقي من النصارى أحدٌ في نينوى؟
تحياتي وتقديري
ناديه محمد الجابي
19-07-2017, 06:57 PM
قصص الحدباء كثيرة.. وكثيرة جداً.. لا تظهر في الإعلام إلا كالجزء الظاهر من جبل الجليد!
وكم من أبرياء ماتوا.. وكم منهم الآن ينامون تحت الأنقاض؟!
وليس في الحدباء فقط ، ولكن في كل ساحة حرب قامت بين أخوة الوطن الواحد..
مات الكثير من الأبرياء .. وتحكي لك أرض بنغازي الكثير من القصص المشابهة والمؤلمة
فرج الله كرب الأوطان وأنعم عليها بالأمن والأمان.
رغم الألم والوجع كان النص بديعا بتقنية فيها احترافية
والسرد قويا ملفتا بإرتفاع وتيرة الحس ، متناغما مع تصاعد الحدث.
تحياتي وتقديري.
:009::009:
رسول عبد الله
21-07-2017, 11:59 PM
يعني أن الرجل لم يكن مقاتلاً .. وكان مصيره مصير الكثيرين ممن لا ذنب لهم .. ويبدو أن سطوة الانتقام طالت كل شيء وكأنه مخطط مرسوم لتدمير الموصل وتقويض بنيتها ..
نص جميل وكانت الخاتمة الصدمة موفقة.
تحيتي لك.
شكرا لمرورك وتعليقك استاذي الفاضل عبد السلالم. اِن اللحظات التي عاشها اهل الموصل والماسي التي مرت عليهم يحتم علينا ان نحاول توثيقها ولو بكلمات قليلة قد يستفيد منها الاجيال القادمة. ما كان وما سيكون وما خطط له مسبقا لتدمير العراق انما هو جزء في مسلسل كتبت سطوره منذ سنوات.
شكرا مرة اخرى.
تحيتي.
رسول عبد الله
22-07-2017, 12:10 AM
وأيضاً.. هل بقي من النصارى أحدٌ في نينوى؟
من يدري استاذي الفاضل .. اضم صوتي الى صوتك .. هل بقي من النصارى احد في نينوى؟
شكرا لمرورك الكريم ..
تحيتي.
رسول عبد الله
22-07-2017, 12:19 AM
قصص الحدباء كثيرة.. وكثيرة جداً.. لا تظهر في الإعلام إلا كالجزء الظاهر من جبل الجليد!
وكم من أبرياء ماتوا.. وكم منهم الآن ينامون تحت الأنقاض؟!
وليس في الحدباء فقط ، ولكن في كل ساحة حرب قامت بين أخوة الوطن الواحد..
مات الكثير من الأبرياء .. وتحكي لك أرض بنغازي الكثير من القصص المشابهة والمؤلمة
فرج الله كرب الأوطان وأنعم عليها بالأمن والأمان.
رغم الألم والوجع كان النص بديعا بتقنية فيها احترافية
والسرد قويا ملفتا بإرتفاع وتيرة الحس ، متناغما مع تصاعد الحدث.
تحياتي وتقديري.
:009::009:
شكرا اديبتنا الفاضلة على جميل كلماتك.. مرورك اسعدني رغم الالم والوجع في نصوص نكتبها عن اوطاننا وعن اناس لا نعرف عنهم شيئا ولم نسمع بقصصهم المؤلمة والمفزعة.. ليس لنا الا الدعاء.
تحيتي.
محمد ذيب سليمان
23-07-2017, 11:06 AM
وهذه القصة رغم عمقها تبقى قصة م قصص اكثر بشاعة
مدينتان عريقتان تمثلان وزنا كبيرا كانتا من ضمن المخططات
لتدميرهما
حلب والموصل .. وقد اصبحتا انقاضا والحياة فيهما لا تذكر
فهنيئا لمن خطط او تآمر ونفذ
وغدا نعم غدا سيحتفل من انتصر بما نعرف ولا نعرف
شكرا لكولكميرتك التي التقطت
مودتي
رسول عبد الله
24-07-2017, 11:56 PM
وهذه القصة رغم عمقها تبقى قصة م قصص اكثر بشاعة
مدينتان عريقتان تمثلان وزنا كبيرا كانتا من ضمن المخططات
لتدميرهما
حلب والموصل .. وقد اصبحتا انقاضا والحياة فيهما لا تذكر
فهنيئا لمن خطط او تآمر ونفذ
وغدا نعم غدا سيحتفل من انتصر بما نعرف ولا نعرف
شكرا لكولكميرتك التي التقطت
مودتي
شكرا على مرورك وتعليقك.. فعلا تحولت الموصل وحلب الى مدينة اشباح.. ولا ادري من سيسكن هاتين المدينتين بعد انقشاع الغيوم .. فالناس فيها لن يكونوا كما كانوا والقادمون الجدد لن يرحموا..
ناديه محمد الجابي
29-01-2025, 06:10 PM
أحببت أن أعيد هذه القصة إلى الأذهان
قصة جميلة تحكي عن ما عانته شعوبنا العربية من حروب أهلية
وما أدت إليه من سقوط عشرات الآلاف من الضحايا والجرحى
وتدمير البلاد وخسارة ثروات هائلة، وما تتركه هذه الحروب من انعكاسات
نفسية، وانتشار الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد.
شكرا لك ( رسول عبد الله) على هذه القصة التسجيلية
لحقبة مؤلمة عشناها ونتمنى ان تنتهي.
تحياتي.
:sb::sb::sb:
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir