المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مختارات من كتاب (هروبي إلى الحرية "أوراق السجن 1983 ـ 1988")



بهجت عبدالغني
17-07-2017, 03:51 PM
مختارات من كتاب
(هروبي إلى الحرية "أوراق السجن 1983 ـ 1988")

سأنقل لكم بإذن الله تعالى بعض ما كتبه هذا الرجل العظيم علي عزت بيجوفيتش (رئيس جمهورية البوسنة والهرسك السابق)، في كتابه الرائع (هروبي إلى الحرية "أوراق السجن 1983 ـ 1988").
نقل الكتاب إلى العربية محمد عبدالرؤوف. نشر دار مدارات للأبحاث والنشر
أنصح بقراءة هذا الكتاب وتأمّله..

من التصدير..
هذا هو هروبي إلى الحرية. وللأسف بالطبع، لم يكن هروبًا حقيقيًا، ولكن كنت أتمنى لو كان كذلك. كان هذا هو الهروب الوحيد المتاح من سجن فوتشا بجدرانه العالية وقُضبانه الحديدية، هروب الروح والفكر. ولو كان بإمكاني أن أهرب لاخترت الهروب الحقيقي، الهروب الجسدي.
في ذلك الوقت كنت أنتظر ثلاثة عشر عاماً تقريباً في السجن، وبدا أن الموت هو أملي الوحيد. إلا أنّني أبقيتُ هذا الأمل مخبوءاً تمتماً كسِرٍّ كبيرٍ لم يكن يعرفه أحدٌ سواي، سرٌّ لم يكن بإمكانهم أن ينتزعوه منّي.
هذه أفكار عن الحرية، سواء الحرية الجسدية أو الجوَّانية، عن الحياة والمصير، عن الناس والأحداث، عن الكتب التي قرأتُها ومؤلِّفيها، عن الرسائل المُتخيَّلة التي لم تُكتَب لأبنائي؛ وبتعبير آخر، عن كلِّ ما كان يخطر ببال سجين خلال تلك الأيام والليالي الألفين الطويلة.

بهجت عبدالغني
17-07-2017, 03:53 PM
الفصل الأول: عن الحياة والناس والحرية

ـ وقبيل نهاية فترة سجني قام صديق آخر - سجين مدان في جريمة تزوير - بتهريب عشرة دفاتر خارج السجن، وعندما سلمها لأبنائي رفض أن يأخذ أية نقود.
أحيانا يتمتع هؤلاء الذين نسمّيهم مجرمين بشعبية مؤكدة، بل وبالحب، وسبب ذلك أنهم يعرفون عادة ما الذي تعنيه الرّفقة الحقيقية، وهم على استعداد للقيام بالمخاطرات من أجلها، وغالباً يفتقد من يطلق عليهم "أناس متأنّقون" هذه الصّفات.

ـ كان هناك رجلان يتقامران على سطح سفينة تايتنك وهي تغرق، وكان أحدهما يغشّ الآخر. في الحياة الحقيقية، الكثير من الناس يشبهون هذين الاثنين.

ـ كثرة القراءة لا تجعلنا أكثر ذكاءً. فبعض الناس "يلتهمون" الكتب من دون الوقفات الضرورية للتفكير، هذه الوقفات ضرورية من أجل "هضم" المقروء ومعالجته، من أجل إستعابه وإدراكه. حين يتحدث أناس من هذا النوع، فإن شذرات من هيجل وهيدجر وماركس تخرج من أفواههم كما هي، بلا هضم أو معالجة. إن القراءة تقتضي إسهام القارئ فيما يقرأ، ويحتاج هذا إلى وقت، كالنحلة تحول الرحيق في بطنها إلى عسل.

بهجت عبدالغني
21-07-2017, 12:33 PM
ـ عندما لا أجد ما أعيش من أجله، سأموت..

ـ في العالم، توجد الأشياء في علاقات تكافل أكثر من كونها في علاقات عِلَّيَّة. وبدلاً من أن نرى الأشياء في علاقة سبب ونتيجة، ينبغي أن تراها في ارتباطها وعلاقاتها التكافلية التضامنية.

ـ الحياة لعبة، حيث الجميع في خُسْر... (إلّا الّذينَ آمنوا وعَملوا الصّالحات) سورة العصر

ـ في مسرحية "الملك لير" يُبيّن شكسبير أنّ الملك لير لم يفهم الحياة إلا عندما فقد عقله، وأنّ جلوستر لم يرَ الحياة إلا عندما فقد بصره. في الغالب، ليس بالعقل والبصر يفهم الإنسان ويرى، بل الروح هي التي تفهم وترى.

بهجت عبدالغني
23-07-2017, 11:51 AM
ـ لماذا كلّما زاد الخير في أيدينا قَلَّ رضانا؟
أو: لماذا نشأت الفلسفة التشاؤمية في بلاد الوفرة والغنى؟
لماذا يتأثّر الإنسان سلباً بالراحة والرفاهية؟

ـ ثمّة بعض المفارقات. فلو لم يوجد الليل، لحُرمنا من المشهد الرائع للسماء المرصّعة بالنجوم. وهكذا، يجرّدنا الضوء من "الرؤية" ويساعدنا الظلام على أن "نرى".

ـ الحياة شيءٌ خطير. عدم الأمان هو ثمن الحياة. أمّا الآمنون كلَّ الأمن فهم هؤلاء الذين ماتوا وهؤلاء الذين لن يولدوا أبداً.

ـ يقول المثل السائر: "أن تتعامل مع ذكيّ شرير خيرٌ من أن تتعامل مع أحمق لطيف طيب".
علّة ذلك، على الأرجح، أن الوغد الذكيّ تحرّكه المصلحة، ومن ثمّ يمكن غالباً توقّع تصرفاته، عكس الأحمق اللطيف الطيب، أي أنّك مع الذكي الشرير تعرف أين تقف وماذا تتوّقع.

بهجت عبدالغني
25-07-2017, 11:37 AM
ـ أحياناً يسخر التاريخ منَّا ومن أفضل نوايانا.

ـ بين الحزن واللامبالاة، سأختار الحزن.

ـ إذا لم أقتل الوقتَ، قتلني.

ـ"بئس العصر عصرنا، حيث أمكن تحطيم الذرّة وتعذّر تحطيم التحيُّز الأعمى". ألبرت أينشتين

ـ هناك مستويات من الوعي والإدراك لا يمكن أن نتحقّق منها بأيّة طريقة إلا بأن نكابدها بأنفسنا. سيُكلِّف الأمرُ بعض المعاناة والألم حتى نصل إلى هذا المستوى، حتى نرى ونتيقّن بأنفسنا، لكن ليس هناك طريقةٌ أخرى.

ـ الشاعر الحق، الفنّان الحق، "ملتزمٌ" حتى عندما لا يرغب في ذلك. إن فنّه - إذا كان فنّاً أصيلاً - هو دائماً شهادةٌ ضد الكذب والزّيف، وهنا يكمن التزام الفنّان الذي لا مهربَ منه.

ـ تأتي على الإنسان أحوالٌ يوقظ فيها تذكّر الموت رغبةً في الحياة ويُحرّك الروح من خدرٍ تام.

ـ لا يمكن تجنّب الكَبَدَ، ولكن يمكن تخفيف وطأته بالأفكار. كلُّ ما هو حيٌّ يكابد ويعاني، لكنَّ الإنسان وحده هو الذي يُضفي على الكبد والمعاناة معنى ما، وهذا هو الفرق.

ـ الكلمةُ التي تكشفُ الحقيقة، يمكن استخدامها أيضاً لإخفائها.

ناديه محمد الجابي
26-07-2017, 09:15 PM
أفكار باهرة حملتها روحا راقية لفيلسوف إسلامي خاض قبل توليه رئاسة البوسنه والهرسك
العديد من الصراعات مع خصومه من الشيوعيين واليوغوسلافيين والصرب.
كانت هذه الصراعات تتمحور بين صراعات سياسية رافضة للاحتلال والتي كان ثمنها السجن،
أو صراعات فكرية كان هدفها تجديد الفكر الإسلامي في دولة تخضع لاحتلال شيوعي.
قدَّم بيغوفيتش الإسلام في كتابه (الإسلام بين الشرق والغرب)على أنه نوع من التوليف الروحي والفكري
الذي تضمن قيم الغرب وأوروبا، وذكر بيغوفيتش في ذلك الكتاب أن الإسلام نظرة عالمية وطريقة للحياة
تعلو على كل البدائل الفكرية والروحية، بما في ذلك البدائل الفلسفية والسياسية.

شكرا على تقديمك لهذا الكتاب الذي جعلني أبحث للتعرف على هذا الرجل العظيم
بوركت ـ ولك كل تحياتي وتقديري.
:os::os:

بهجت عبدالغني
27-07-2017, 10:52 AM
فعلاً هو رجلٌ مبهرٌ بأفكاره وفلسفته
يصدمك.. ويحرك عقلك ومشاعرك.. للتأمل!

مرور عطر أستاذتي.. تحياتي الخالصة

ياسرحباب
07-08-2017, 01:41 AM
اشكر الاستاذ يهجت على نقل هذه الكلمات الجميلة للمرحوم بيغوفيتش
الحقيقة ان الوضع الذي حصل في البوسنا وهو مأساوي طبعا
ومارس فيه المتطرفون الصرب ابشع الجرائم بحق المسلمين ،
لكن الان بعد هدوء العاصفة يتم الحديث في الاروقة عن ان بيغوفيتش لم يلعب اللعبة السياسية بشكل صحيح
و هو يتحمل جزء كبير من المسؤولية لما الت اليه الامور - التي قاربت بشاعتها الخيال نفسه - بسبب قرارات لم تأخذ اطارها الصحيح
ولو تم التعامل معها بشكل افضل كان ممكن تجنب جزء كبير من الكارثة !

بهجت عبدالغني
09-08-2017, 06:28 PM
شكراً لمرورك أخي ياسر وتفاعلك
والنقد حالة صحية، والاستفادة من التاريخ هي الخطوة الصحيحة لبناء المستقبل
وبيجوفيتش رحمه الله اجتهد رأيه، وبذل جهده، والذي يعيش في التجربة ليس كالذي يعيش خارجها
ففرق شاسعٌ بين اللاعب في الملعب وبين المتفرج من المدرجات!

تقديري ودعواتي

ياسرحباب
01-09-2017, 05:36 PM
شكراً لمرورك أخي ياسر وتفاعلك
والنقد حالة صحية، والاستفادة من التاريخ هي الخطوة الصحيحة لبناء المستقبل
وبيجوفيتش رحمه الله اجتهد رأيه، وبذل جهده، والذي يعيش في التجربة ليس كالذي يعيش خارجها
ففرق شاسعٌ بين اللاعب في الملعب وبين المتفرج من المدرجات!

تقديري ودعواتي





صحيح كلامك / فرق كبير بين اللاعب و المتفرج
لكن المفارقة اني كنت لاعب في هذا النقد كوني عشت هناك فترة زمنية و اعرف البلد و لغتها و اهلها كما اعرف وطني تماما
كل التحية استاذي الفاضل :0014:

بهجت عبدالغني
04-09-2017, 02:21 PM
ـ يؤدّي الإنسان الحق مهمّته الإنسانية، أو يفني عمره محاولاً تحقيقها. وهذا مبتدى ما نطلق عليه "الإنسان" ومنتهاه. وإدراك كنه هذه المهمّة، عادةً، أمرٌ شخصي. وما الدين والأخلاق إلا محاولات لجعل هذه المهمة موضوعية، أي لتحديدها ولجعلها أقلَّ ذاتية. هذه هي المهنّة، دائماً، هي شيءٌ يتجاوز البُعد البيولوجي المجرّد، فالحيوانات تحيا أيضاً. ولكي يكون المرء إنساناً، ينبغي أن يكون لديه شيءٌ ما أرقى من الحياة البيولوجية فقط. ليست القضية كيف يعيش المرءُ، بل لماذا يعيش.

ـ يُولد الإنسان بين الدماء والألم والصراخ، وأوّلُ ما يُسمع هو بكاؤه، فالولادة ليست فعلاً طبيعياً بالمعنى الحرفي للكلمة، بل هي فعلٌ ألينٌ مفجعٌ إلى حدّ القسوة. ألا يُبيّن هذا عن شيء من حقيقة الحياة التي خُلقت للتوِّ؟

ـ يُضفي الشرّ المعنى على وجودنا، قد يبدو هذا غريباً ومربكاً، ولكن لولا الشرّ ما كان الخير، ولولا الخير لتحوّل كلُّ شيءٍ إلى مجرد آلة، وبالتالي إلى عدم "بلا قيمةٍ أو معنى".

ـ هناك شخصيّات "جبَّارة"، وهي جبَّارة فقط بسبب ضعف المجتمع أو الوسط الذي يتحركون فيه.

ـ هناك أُناسٌ ليسوا نادّيين بالمعنى الفلسفي، ولكنهم مادّيون بطبيعتهم وبسلوكهم الواقعي. في الحقيقة، معظم الناس هكذا.

ـ يبيع فاوست روحه للشيطلن من أجل كنوز هذا العالم، قصة قديمة، قديمة للغاية وكثيراً ما تتكرّر، وحقيقيَّة.