تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الخالة سهيلة



عماد هلالى
30-07-2017, 12:19 AM
في طريق العودة من جنازة الخالة سهيلة , انفردت البنت مع ابيها , تجلس بجانبه في مقعد السيارة الأمامي , لاحظت أنّ دموعه تسيل , يتجاهلها حينا , ويمسحها أحيانا , سريعا بيده الّتي يعيدها لعجلة المقود , كسرت صمت الطّريق وكآبة الظّرف وقالت : أراك متأثّرا كثيرا بموت الخالة سهيلة , وهي خالة أمّي , ولم نكن نراها كثيرا . مسح دموعه من جديد وأجاب مباشرة دون أن يحرّك بصره عن الطّريق : نعم هي تعيش وحدها بعيدة , على رأس الجبل كما تعلمين , لكن مالا تعرفينه وسأقصّه عليك أول مرّة أنّ خالتك سهيلة قد جعلها الله عز وجل في يوم ما سببا لوجودك أصلا .

رأى انتباهها وواصل : التقيت في زمن ما مع أمّك لقاءا عجيبا , تعارفنا سريعا وأردنا الإرتباط والزّواج في أول لقاء بيننا , وكنّا في الأرياف , وكانت تندر مثل هذه اللقاءات , وأخبرتها أنّني لا أملك شيئا حينها , ولا قطعة نقدية واحدة , ويجب أن نتزوّج , احترنا في أمرنا وفكّرنا في الحل , وقالت أمّك : لا تحل هذه المشكلة الاّ الخالة سهيلة , وأخذتني اليها فورا . كان بيتها بعيدا على رأس جبل , وكانت منشغلة بعصر الزّيتون بطريقة تقليدية , يقصدها النّاس من كل مكان , كانت ذائعة الصّيت ذات شخصيّة قويّة , وتتمتّع بالحكمة والرّزانة , كثيرا ما يلجأ اليها الأهالي في فك نزاعاتهم وحل المشكلات .

ذهبنا اليها واستقبلتنا , وأخبرتها أمّك سريعا بالأمر , استدارت نحوي وقابلتني بكل وجهها وقالت بنبرة جادّة : اذهب يا ابني وأتي لنا بخروف ونعقد قرانكما , تعجّبنا وسألتها أمك عن والديها وموقفهما , قالت : لا تخافي سأستدعيهما الآن . خرجت وأنا أفكّر كيف أجلب الخروف , صادفني راعي يسوق غنما , سألته ان كان بامكانه منحي خروفا وأعطيه ثمنه لاحقا , أعطاني جديا صغيرا من الماعز , رجعت به فرحا الى بيت الخالة سهيلة , وجدتها قد استدعت الوالدين , وعقدنا القران , تمّ الزّواج , وفتح الله علينا بالمال والبنين والحمد لله .

أوقف الأب سيّارته كي يمر قطيع من الغنم أمامهما . بينما كانا ينظران الى البياض الّذي يمشي وينساب كجريان وادي , وقد انعكست عليه أشعة الغروب البرتقالية , تكلّمت البنت بهدوء وخجل : ما حدث لك يا أبي مع أمي يحدث معي الآن . لم يلتفت الأب ودقّق نظره في خروف صغير أبيض جميل يتبع أمّه , ابتسم هادئا وقال : قولي له يجلب معه خروفا ويأتي .

ناديه محمد الجابي
30-07-2017, 12:36 PM
ويعيد التاريخ نفسه ـ وكما كانت الخالة سهيلة سببا في تذليل الصعاب
وتسهيل زواج الأب والأم.. كانت ذكراها سببا في افصاح الأبنة لأبيها عن مشكلتها
لتجد قلبا مفتوحا ، وتفهما كبيرا.
في لغة طيعة تساير أنفاس القصة سجلت الفكرة في نسيج قصصي متماسك
بسرد ماتع ورسالة عميقة.
دمت بروعة التألق.
:v1::0014:

عماد هلالى
30-07-2017, 03:17 PM
ويعيد التاريخ نفسه ـ وكما كانت الخالة سهيلة سببا في تذليل الصعاب
وتسهيل زواج الأب والأم.. كانت ذكراها سببا في افصاح الأبنة لأبيها عن مشكلتها
لتجد قلبا مفتوحا ، وتفهما كبيرا.
في لغة طيعة تساير أنفاس القصة سجلت الفكرة في نسيج قصصي متماسك
بسرد ماتع ورسالة عميقة.
دمت بروعة التألق.
:v1::0014:

الأستاذة الأديبة نادية محمد الجابي : شكرا جزيلا على هذا التعليق الجميل , أعجبتني هذه القراءة للقصة , من زاوية التاريخ يعيد نفسه , حضورك رائع دائما , بارك الله فيك , مع خالص الإحترام والتقدير :0014::hat:

علاء سعد حسن
31-07-2017, 12:03 AM
كلما قرأت لك استاذ عماد أشعر أنني أقرأ قصصا واقعية.. شديدة الارتباط بالواقع المعاش للكاتب

تسردها بسلاسة وعذوبة وتمكن..

دمت مبدعا

عماد هلالى
31-07-2017, 12:58 AM
كلما قرأت لك استاذ عماد أشعر أنني أقرأ قصصا واقعية.. شديدة الارتباط بالواقع المعاش للكاتب

تسردها بسلاسة وعذوبة وتمكن..

دمت مبدعا

الأستاذ الأديب علاء سعد حسن : هذا شرف عظيم لي سيدي أن أحظى باهتمامكم , وتحظى كتاباتي بقراءتكم الكريمة , حضورك الجميل يسعدني ويشرفني , وملاحظاتك القيّمة تدفعني قدُما للأمام بإذن الله تعالى , شكرا جزيلا وبارك الله فيكم , مع خالص المودة والتقدير لحضرتكم :0014::hat:

أحمد العكيدي
02-08-2017, 08:20 PM
هي قصة جميلة ملتصقة بالواقع، استمتعت بقراءتها.
دام الإبداع والعطاء أستاذ عماد

عماد هلالى
03-08-2017, 02:57 AM
هي قصة جميلة ملتصقة بالواقع، استمتعت بقراءتها.
دام الإبداع والعطاء أستاذ عماد

الأستاذ أحمد العكيدي : شكرا جزيلا , حضورك يسعدني ويشرّفني , واستمتاعك يحفّزني للعطاء والإبداع أكثر , خالص تحيّاتي ومودّتي وتقديري :0014::hat: