المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العودة إلى الله (دراسة نقدية أدبية )



عدنان أحمد البحيصي
28-08-2005, 11:20 AM
يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ=من قبل طيِّ صحيفتـي و كتابـي
مالـي أراكِ بظلـمـةٍ ومتـاهـةٍ=تستعذبيـنَ مَشَقَّتِـي وعـذابـي
زَحَفَتْ جيوشُ الشَّيْبِ زَحْفاً فَاْعتَلَتْ=عَرْشَ الفؤادِ تَدُكُّ صَـرْحَ شبابـي
و الأربعونَ تُذيعُ سِرّاً ، لـمْ أَكُـنْ=مِـنْ قَبْلِهـا أدخلتـه بحسـابـي
هذا الشبابُ الغـضُّ راحَ زَمَانُـهُ=وَ الدَّهْرُ كشَّر غاضباً عـن نـابِ
واْنقَضَّـتْ الدُّنيـا علـى طُلاّبِهـا=بـزخـارفٍ بـراقـةٍ و ثـيـابِ
فسقتهمـو لمـا تَنَاسَـوْا غَدرَهـا=كأسـاً مـن الآلامِ و الأوصــابِ
كم أنْشَبَـتْ أظفارَهـا بِلحومِهِـمْ=فاستسلمـوا كفريسـةٍ لعُـقـابِ
وَلَكم هَوَتْ بالمُولَعيـنَ بسحرهـا=من سامقاتٍ فـي السمـا لتـرابِ
ولكم تمنَّاهَا أخـو الدنيـا ، فَلَـمْ=يظفـرْ طـوالَ حياتِـهِ بِـطِـلابِ
أعيتهُ ركضاً خلفهـا ورَمَـت بِـهِ=ظَمِئاً ، كمن أعيتهُ خلـف سـرابِ
لا تدهشي يـا نفـسُ لا تتعجبـي=لا تنظري لـيْ نظـرةَ اْستغـرابِ
هذي هي الدنيا ، ألـم تتعلمـي ؟=أم أنتِ ممـنْ سفَّهـوا أسبابـي ؟
فتشدَّقـوا بالقـولِ أنِّـي يائـسٌ=أبصرتُها مـن أضيـقِ الأثقـابِ
وبأننـي لمـا زهـدتُ أطايـبـي=أوصدتُ في وجـه الدُّنـا أبوابـي
وحبستُ نفسي في قيـودِ تَغَرُّبـي=و زجرتُهـا أن بَـادَرَتْ بعتابـي
كَلا َّ، فلستُ من الذيـن توهمـوا=زوراً ، و لكن من أولي الألبـابِ
والمرءُ إنْ أعطـاهُ ربـي حكمـةً=كانـت كبـدرٍ سـاطـعٍ خــلاّبِ
يسبي العقولَ بهـاؤهُ ، فيزينُهـا=كالوشـيِ يُبـدي زينـةَ الأثـوابِ
هذي هيَ الدنيـا كمـا أبصرتُهـا=مرَّت أمـام العيـن مـرَّ سحـابِ
حدَّقْتُ فيها ناظـريَّ ، فلـم أجـد=إلا ذئـابـاً أَوْقَـعَـتْ بـذئــابِ
و الكلُّ فيهـا شاخِـصٌ مُتَرَبِـصٌ=بقواطـعٍ مسلـولـةٍ و حِــرابِ
و رأيتُ خلقـاً يلهثـون وراءهـا=فأنَخْتُ في وسَطِ الطريـقِ رِكابـي
وعلمتُ أنَّ العمـرَ فيهـا لحظـةٌ=قد تنقضي فـي جيْئَـةٍ و ذَهـابِ
و المـوتُ آتٍ لا يُفَـرِّقُ سيفُـهُ=بين الصبـيِّ و ذلـك المُتَصابـي
فأخذتُ حِذري بالرجوع إلى الـذي=خَلَقَ الدُّنا، أرجـو قبـولَ متابـي
فَوَجَدْتُـهُ ربّـاً غفـوراً راحِـمـاً=أنعـم بِـهِ مـن غافِـرٍ تــوّابِ
أنَّبتُ نفسـي ، لُمتُهـا ، وبَّختُهـا=أن لم يكن مـن قبـل ذاكَ إيابـي

بين يدي القصيدة

بينما كنت أتفسح وأتصفح في واحتنا الغراء وجدت تحت أسم استاذي الكريم جمال مرسي في قائمة بعض مواضيعه موضوع بعنوان "العودة إلى الله "فظننت أنه موضوع ديني كتبه في منبر الدعوة وغفلت أنا عن رؤيته، ولكني فوجئت أنها قصيدة في الزهد والتوبة من أروع ما قرأت خصوصا أنه_حفظه الله _ ضمن القصيدة العديد من الصور البلاغية كما أنه خاطب النفس بحوار مؤثر واع
فرأيت أنه من الإنصاف والإعتراف بقدر شاعرنا الحبيب أن أقف لأرى هذه الصور _ وأنا لا زلت صغيرا وتلميذا على نقد قصائد سيدي جمال مرسي_ لكنه دافع الوفاء لشيخ الشعراء
والله أسأل أن يوفقني للخير وأن يمنع عنا الشر إنه ولي ذلك والقادر عليه

عدنان أحمد البحيصي
30-08-2005, 01:02 PM
يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ=من قبل طيِّ صحيفتـي و كتابـي
مالـي أراكِ بظلـمـةٍ ومتـاهـةٍ=تستعذبيـنَ مَشَقَّتِـي وعـذابـي
زَحَفَتْ جيوشُ الشَّيْبِ زَحْفاً فَاْعتَلَتْ=عَرْشَ الفؤادِ تَدُكُّ صَـرْحَ شبابـي
و الأربعونَ تُذيعُ سِرّاً ، لـمْ أَكُـنْ=مِـنْ قَبْلِهـا أدخلتـه بحسـابـي
هذا الشبابُ الغـضُّ راحَ زَمَانُـهُ=وَ الدَّهْرُ كشَّر غاضباً عـن نـابِ

يبدأ شاعرنا بمخاطبة النفس سائلا إياها عن عودة إلى الله وتوبة إليه مستنكرا معاصيه ، وكأنه يأمرها أن تتوب قبل أن يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها فتطوى الأعمال والصحف والكتب
ثم يستنكر ما يراه منها من ظلمة ومتاهة ، وكأنها تجد عذوبة في مشقته وعذابه ، وهنا استعارة مكنية حيث شبه المشقة بالماء العذب بالنسبة للنفس
ثم هاهي جيوش الشيب تزحف وهنا استعارة مكنية حيث شبه الشيب بالجنود ضمن جيش يزحف ـ وهذه الجيوش قد اعتلت واحتلت عرش فؤاده وهنا استعارة مكنية أخرى حيث شبه الفؤاد بمملكة لها عرش ، وقد دكت جيوش الشيب صرح الشبابى وهنا استعارة مكنية أخرى حيث جعل للشباب صرحا تدكه جيوش الشيب وفيه كناية عن كبر السن وانقضاء عهد الشباب
وأربعون سنة قد مضت تذيع سرا ما كان في حسبانه وهنا استعارة مكنية حيث شبه السنين الأربعين بشخص يذيع السر
وهذا السر نرى تفسيره في البيت التالي ، بأن هذا الشباب الغض كأنه ورق شجر غض أو أغصان جديده قد ولى زمانه، والدهر كشر غاضبا وهنا استعارة مكنية حيث شبه الدهر بحيوان مفترس يكشر عن نابه غاضبا.

عدنان أحمد البحيصي
31-08-2005, 12:37 AM
واْنقَضَّـتْ الدُّنيـا علـى طُلاّبِهـا=بـزخـارفٍ بـراقـةٍ و ثـيـابِ
فسقتهمـو لمـا تَنَاسَـوْا غَدرَهـا=كأسـاً مـن الآلامِ و الأوصــابِ
كم أنْشَبَـتْ أظفارَهـا بِلحومِهِـمْ=فاستسلمـوا كفريسـةٍ لعُـقـابِ
وَلَكم هَوَتْ بالمُولَعيـنَ بسحرهـا=من سامقاتٍ فـي السمـا لتـرابِ

وهاهي الدنيا كوحش كاسر قد أنقضت على طلابها وفيها استعارة مكنية، ولقد انقضت عليهم بالزخارف والثياب لا بالأنياب لأن هذه الزخارف تحمل في طياتها السم
ولقد سقت هؤلاء لما تناسوا غدرها كأسا من الألام والأوصاب وأظنها الأنصاب جمع نصب وهو التعب ، أليس كذلك أيها الشاعر الكريم؟ وهنا استعارة مكنية حيث شبه الالم بالشراب الذي يسقى.
ثم يعود الشاعر مصورا الدنيا بالوحش الذي ينشب أظفاره في لحم المغترين به وقد استسلموا لها كما تستسلم الفريسة للعقاب وهنا تشبيه مفصل ذكر الشاعر فيه أدوات التشبيه وأطرافه ووجه الشبه
ويكمل لنا شاعرنا من أبيات الحكمة ، فهذه الدنيا مهما رفعت إنسانا في السماء بسحرها فلا بد لهذا الأنسان من يوم يعرف أنه مجرد سحر ينقضى بالحقيقة فيجد نفسه قيد الأرض، وفي البيت كناية عن غدر الدنيا ، كما فيها تشبيه للدنيا بالساحرة

د.جمال مرسي
12-09-2005, 07:59 AM
واصل أخي الحبيب عدنان
فكلي آذان صاغية
مع رجاء توضيح مواضع الضعف في القصيدة قبل مواطن الجمال فيها
و هكذا يكون النقد العادل
انا متابع لك .. فداوم و الله يرعاك
أخوكم جمال

عدنان أحمد البحيصي
12-09-2005, 08:03 AM
واصل أخي الحبيب عدنان
فكلي آذان صاغية
مع رجاء توضيح مواضع الضعف في القصيدة قبل مواطن الجمال فيها
و هكذا يكون النقد العادل
انا متابع لك .. فداوم و الله يرعاك
أخوكم جمال


أخي جمال

انتظرتك هنا ولم يطل الإنتظار

فها أنت تشرق من جديد

أخي تابع معي

فلقد كونت صورة متكاملة عن قصيدتك البهية

وتحملني فقد ..... أثقل عليك


مع انني لا اتخلى عن لقب تلميذ للدكتور جمال مرسي

د.جمال مرسي
12-09-2005, 08:12 AM
لم أتأخر أخي عدنان إلا لم تعرف
و هأنذا أعود من جديد و كلي حب و شوق لك و للواحة الغناء
دمت بخير

عدنان أحمد البحيصي
12-09-2005, 11:20 PM
ولكم تمنَّاهَا أخـو الدنيـا ، = فَلَـمْ يظفـرْ طـوالَ حياتِـهِ بِطِـلابِ
أعيتهُ ركضاً خلفها ورَمَـت = بِـهِ ظَمِئاً ، كمن أعيتهُ خلف سـرابِ
لا تدهشي يـا نفـسُ لا تتعجبـي =لا تنظري ليْ نظـرةَ اْستغـرابِ
هذي هي الدنيا ، ألـم تتعلمـي ؟ =أم أنتِ ممـنْ سفَّهـوا أسبابـي ؟

وهذه الدنيا تمناها أخو الدنيا ، كناية عمن تعلق قلبه بالدنيا ، لكن ما ظفر منها بما يطلب ، لأن طالب الدنيا لا يصل إلى مطلب حتى يطلب اكبر منه ، وفي ذلك يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :"منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب مال"
وهذه الدنيا رغم تزينها له ليركض ورائها إلا انها كانت تهرب منه ثم رمته ظمئا اي ما حصل على ما اراد،فهي بخدعتها هذه كمن اعيته خلف سراب وهنا تشبيه مفصل لانه جاء بالصورتين كاملتين ،ثم في لفظ رمت به كناية عن افتراسها لمن أحبوها ثم ترمي بمن أحبها كرمي الوحش الكاسر للفريسة
ثم يقول لا تدهشي يا نفسي ، فبعد أن صارح نفسه بحقيقة الأمر كأنه أحس منها دهشة لكلامه، وهنا استعارة مكنية حيث شبه النفس بالعاقل الذي يخاطب وحذف المشبه به وجاء بلفظ النداء ،ثم قال لا تتعجبي وهنا احس ان شاعرنا ما وفق باستخدام لفظ لا تتعجبي لان الدهشة أخو العجب ، فلو أنه قال لا تستنكري بمعنى لا تستنكري كلامي لكان أوفق ، ثم نهاها أن تنظر إليه تظرة استغراب وهنا استعارة مكنية أخرى فكأنها عاقل ينظر
ثم يقول لها هذه هي حقيقة الدنيا ألم تتعلمي وتتعظي ، أم أنت ممن سفهوا أقوالي وآرائي

د. سلطان الحريري
13-09-2005, 01:13 AM
وأنا سأتابع معك يا دكتور جمال ، وأراني مشدوها أمام روعة ما أقرأ لأخي الحبيب عدنان.. فهو متذوق من طراز فريد يجمع بين التذوق ، والتحليل المبني على أسس نقدية سلمية..
جميل هذا التواصل بين الكبار .. وهي فكرة رائعة أرجو أن تعمم ، وقد أجد الوقت الكافي لقراءة قصيدة قراءة تحليلية ..
دمت يا عدنان متذوقا ونقيا

د.جمال مرسي
13-09-2005, 08:24 AM
أخي الحبيب عدنان .. أتابع و كلي شوق و لهفة
و سأقف معك فقط في جزئية بسيطة أثرتها ألا و هي دهش و عجب و ذكرك أن الكلمتين تحملان نفس المعنى فأقول و بالله التوفيق كما جاء في لسان العرب و المعجم الوسيط :
دهِش يدهَش دهشاً : بمعنى تحير و ذهب عقله من ولهٍ أو فزعٍ أو حياء .
أما عجِب ( من الشيء ) يعجَب عجَباً و عَجْباً و عُجباً : أي أنكره لعدم اعتياده عليه
فحين أقول في قصيدتي :
لا تدهشي يا نفس لا تتعجبي : فأنا أقصد بمخاطبتها ألا تتحير و هي تنظر لي مستغربة .. و ألا تتعجب مني لأنها ليست معتادة على هذه الشخصية في استنكارها للدنيا .
أرجو أن أكون قد وفقت في اظهار الفرق بين الدهشة و التعجب
و الكلام أخذ و رد
و لا زلت أتابعك بلهفة

تقبل ودي و احترامي

د. جمال

عدنان أحمد البحيصي
13-09-2005, 11:41 PM
وأنا سأتابع معك يا دكتور جمال ، وأراني مشدوها أمام روعة ما أقرأ لأخي الحبيب عدنان.. فهو متذوق من طراز فريد يجمع بين التذوق ، والتحليل المبني على أسس نقدية سلمية..
جميل هذا التواصل بين الكبار .. وهي فكرة رائعة أرجو أن تعمم ، وقد أجد الوقت الكافي لقراءة قصيدة قراءة تحليلية ..
دمت يا عدنان متذوقا ونقيا

بارك الله فيك أخي سلطان الحريري

وما أنا إلا تلميذ في حضرة إبداعكم

دمت للخير أعوانا

بارك الله فيك

عدنان أحمد البحيصي
13-09-2005, 11:43 PM
أخي الحبيب عدنان .. أتابع و كلي شوق و لهفة
و سأقف معك فقط في جزئية بسيطة أثرتها ألا و هي دهش و عجب و ذكرك أن الكلمتين تحملان نفس المعنى فأقول و بالله التوفيق كما جاء في لسان العرب و المعجم الوسيط :
دهِش يدهَش دهشاً : بمعنى تحير و ذهب عقله من ولهٍ أو فزعٍ أو حياء .
أما عجِب ( من الشيء ) يعجَب عجَباً و عَجْباً و عُجباً : أي أنكره لعدم اعتياده عليه
فحين أقول في قصيدتي :
لا تدهشي يا نفس لا تتعجبي : فأنا أقصد بمخاطبتها ألا تتحير و هي تنظر لي مستغربة .. و ألا تتعجب مني لأنها ليست معتادة على هذه الشخصية في استنكارها للدنيا .
أرجو أن أكون قد وفقت في اظهار الفرق بين الدهشة و التعجب
و الكلام أخذ و رد
و لا زلت أتابعك بلهفة

تقبل ودي و احترامي

د. جمال


أخي
لقد بينت الصواب وبارك الله فيك
وإلى الأمام

وسأكمل إن شاء الله

عدنان أحمد البحيصي
14-09-2005, 04:56 PM
فتشدَّقـوا بالقـولِ أنِّـي يائـسٌ =أبصرتُها مـن أضيـقِ الأثقـابِ
وبأننـي لمـا زهـدتُ أطايبـي= أوصدتُ في وجه الدُّنـا أبوابـي
وحبستُ نفسي في قيـودِ تَغَرُّبـي= و زجرتُهـا أن بَـادَرَتْ بعتابـي
كَلا َّ، فلستُ من الذيـن توهمـوا =زوراً ، و لكن من أولي الألبـابِ

عدنان أحمد البحيصي
19-09-2005, 09:08 AM
يقول الشاعر : وأكثروا عني القول أنني يائس من الحياة ، لا أراها إلا من ثقب ضيق لا تسمح للنور بالنفاذ، أو قولوا أنه لما قلت الطيبات تركت الدنيا
وقولوا بأني حبست نفسي في قيود الغربة فرأيت نفسي سجينا محاصرا، وزجرت نفسي إن عاتبتني وراجعتني في حبسي إياها

قولوا ما شئتم

لكن كلا فلست ممن مرضوا بالوهم الكاذب ، لكني حقيقة ما رفضت الدنيا إلا لكوني من أهل العقول وفهم

د.جمال مرسي
20-09-2005, 03:34 PM
أتابعك بشغف و حب أخي عدنان
تقبل ودي و احترامي
د. جمال

عدنان أحمد البحيصي
20-09-2005, 04:32 PM
والمرءُ إنْ أعطـاهُ ربـي حكمـةً=كانـت كبـدرٍ ساطـعٍ خــلاّبِ
يسبي العقـولَ بهـاؤهُ ، فيزينُهـا=كالوشيِ يُبـدي زينـةَ الأثـوابِ
هذي هيَ الدنيـا كمـا أبصرتُهـا=مرَّت أمـام العيـن مـرَّ سحـابِ
حدَّقْتُ فيها ناظـريَّ ، فلـم أجـد=إلا ذئـابـاً أَوْقَـعَـتْ بـذئـابِ

عدنان أحمد البحيصي
22-09-2005, 09:45 AM
يقول الشاعر : والحكمة إن أعطاها الله للإنسان تكون كبدر ساطع خلاب ، وكأنه يقصد أن الحكمة التي يأخذها البعض من أفواه الفلاسفة والسفسطائين لا تنير له طريقا ، أما الحكمة التي توهب من لدن الله تعالى كالبدر المنير الساطع، وهنا تشبيه تفصيلي للحكمة
وهذا البدر يسبي بهاؤه العقول، وهنا استعارة مكنية حيث شبه بهاء البدر بالجيش الذي يسبي ، وكذلك شبه العقول بالغنائم فهي استعارة مكنية أخرى ، ثم يعود للتشبيه التفصيلي مرة أخرى فيشبه البدر بالوشي الذي يظهر زينة الثوب والوشي المزخرف ، وهنا نرى تعددا للصور لإظهار معني الحكمة ومكانتها .

ثم يعود ليتكلم عن الدنيا كما أبصرها هو ، وكأنه يشير إلى أن كل إنسان يرى الدنيا برؤيته الخاصة ، أما هو فلقد رأها مرت كمر سحاب وكأنها لا تستأهل أن يقف عندها الإنسان أو يفكر في متاعها
ثم حدق فيها ناظريه وهنا أحتج عليه ، ففي البيت السابق مرت أمام عينيه مر سحاب فكيف هنا يحدق فيها وهي لم تعطه الفرصة في ذلك ، أرى عدم مناسبه قوله هذا لما سبق،
وهو مع تحديقه فيها إلا أنه لم يجد إلا ذئاب توقع بذئاب وأرى هنا أن شاعرنا ما نظر إلى النصف المشرق من الدنيا ، بل رأى إلى دنيا الذئاب وغض البصر عن الصور الجميلة من الدنيا وفي هذا تجن على من في الدنيا وحكم على الكل بفعل البعض
وكأنه يذكرنا بقول الشاعر
وليس الذئب يأكل لحم ذئب *** ويأكل بعضنا بعضا عيانا

عدنان أحمد البحيصي
22-09-2005, 11:27 AM
الكلُّ فيهـا شاخِـصٌ مُتَرَبِـصٌ=بقواطـعٍ مسلـولـةٍ و حِــرابِ
و رأيتُ خلقـاً يلهثـون وراءهـا=فأنَخْتُ في وسَطِ الطريقِ رِكابـي
وعلمتُ أنَّ العمـرَ فيهـا لحظـةٌ=قد تنقضي فـي جيْئَـةٍ و ذَهـابِ
و المـوتُ آتٍ لا يُفَـرِّقُ سيفُـهُ=بين الصبـيِّ و ذلـك المُتَصابـي

د.جمال مرسي
22-09-2005, 05:53 PM
أتابعك بشغف و حب
و لي وقفة مع ما علقت عليه
تقبل تحياتي أخي الحبيب عدنان

عدنان أحمد البحيصي
22-09-2005, 06:26 PM
أتابعك بشغف و حب
و لي وقفة مع ما علقت عليه
تقبل تحياتي أخي الحبيب عدنان


كان بودي أخي جمال أن تقف مع كل نقطة معقبا

فهذا يهمني جدا


شكرا لك

عدنان أحمد البحيصي
23-09-2005, 01:13 PM
الكلُّ فيها شاخِصٌ مُتَرَبِصٌ=بقواطعٍ مسلولةٍ و حِرابِ
و رأيتُ خلقاً يلهثون وراءها=فأنَخْتُ في وسَطِ الطريقِ رِكابي
وعلمتُ أنَّ العمرَ فيها لحظةٌ=قد تنقضي في جيْئَةٍ و ذَهابِ
و الموتُ آتٍ لا يُفَرِّقُ سيفُهُ=بين الصبيِّ و ذلك المُتَصابي

يقول شاعرنا : والكل فيها شاخص بصره متربص بفريسته ، مجهزا قواطعه المسلولة وهنا استعارة مكنية حيث شبه القواطع بالسيف الذي يسل ، كما أن الكل مجهز أبضا لحرابه للفريسة التي لا يصل إليها القاطع
وفي البيت كله تشبيه للدنيا بالغابة
ولقد رأى القوم يلهثون وراء الدنيا ، فما كان من شاعرنا إلا أن أناخ في وسط الطريق ركابه، وهنا استعارة مكنية حيث شبه الدنيا بالمدينة المزينة التي لها طريق يسير إليها السائرون فيه، كما أن شاعرنا وقد أناخ ركابه في وسط الطريق كناية عن زهده فيها فقد كان يستطيع الوصول إليها وهو صاحب الركاب لا كبعض اللاهثين على الأقدام
ومما دفعه إلى الزهد فيها معرفته أن الدنيا لحظة قد تنتهي في حل أو ارتحال فما أراد أن يكون ارتحاله لأجل الدنيا مخافة أن يأتيه الموت وهو على هذه الحال فتكون الدنيا أكبر همه
والموت آت وسيف الموت لا يفرق بين صغير أو من يتصاغر في نفسه فيهفو للدنيا الفانية
وهنا استعارة مكنية حيث شبه الموت بالفارس ذي السيف
وفي البيت كناية عن سرعة الموت ولحاقه لكل حي

عدنان أحمد البحيصي
25-09-2005, 11:56 PM
فأخذتُ حِذري بالرجوع إلى الذي=خَلَقَ الدُّنا، أرجـو قبـولَ متابـي
فَوَجَدْتُـهُ ربّـاً غفـوراً راحِمـاً=أنعـم بِـهِ مـن غافِـرٍ تـوّابِ
أنَّبتُ نفسـي ، لُمتُهـا ، وبَّختُهـا=أن لم يكن مـن قبـل ذاكَ إيابـي

يقول الشاعر : ولما علمت أن الموت لا يفرق بين كبير وصغير أخذت حذري بالرجوع إلى خالقي ، أرجو منه قبول التوبة
وكان لي ما أردت فالله غفور رحيم تواب
وأني أنبت نفسي ولمتها ووبختها ، لأنها استمرت في غيها ولم تتب من قبل وهنا أرى أن الشاعر استخدم ثلاثة الفاظ يفهم منها شيئا واحدا وهي :أنبت ، لمت ، وبخت ولو لم يفعل لكان أوفق من وجهة نظري

عدنان أحمد البحيصي
27-09-2005, 07:28 AM
إلى هنا أكون بحمد الله قد أنتهيت ، وأسأل الله أن اكون قد وفقت



وبانتظار الدكتور جمال مرسي

للمناقشة

عطية العمري
27-09-2005, 11:14 AM
أخواي الحبيبان : الدكتور جمال مرسي وعدنان الإسلام
لست أدري من أيكما أعجب أكثر : من قائل القصيدة التي تدخل شغاف القلوب من أول قراءة لها ، أم من شارحها والمعلق عليها الذي زاد القصيدة تأثيراً ودخولاً إلى القلب
وأنا بدوري سوف أتمعن في القصيدة وشرحها والتعليق عليها مرات ومرات لأنهل من معينها العذب
وبارك الله فيكما
أخوكما المحب عطية العمري

عدنان أحمد البحيصي
27-09-2005, 10:21 PM
أخواي الحبيبان : الدكتور جمال مرسي وعدنان الإسلام
لست أدري من أيكما أعجب أكثر : من قائل القصيدة التي تدخل شغاف القلوب من أول قراءة لها ، أم من شارحها والمعلق عليها الذي زاد القصيدة تأثيراً ودخولاً إلى القلب
وأنا بدوري سوف أتمعن في القصيدة وشرحها والتعليق عليها مرات ومرات لأنهل من معينها العذب
وبارك الله فيكما
أخوكما المحب عطية العمري


أخي الكريم عطية العمري
بارك الله فيك وجعل قلبك بالله متصلا


الأخ الكريم وكلنا ننتظر وفي شوق ما سيجود به القلم



شكرا لك أخي الحبيب

د.جمال مرسي
28-09-2005, 08:12 AM
أخي الحبيب عدنان
لا أستطيع أن أقول إلا .. جزاك الله كل الخير
فقد بذلت مجهودا كبيرا في شرح و التعليق على هذه القصيدة
بارك الله بك و أثمن أرائك و أقدرها و أنتظر نقد لأخرى و أخرى
كما و أشكر أخي عطيه العمري على مروره و اعجابه بالعمل شعرا و نقدا
دمتما بخير و لكما الحب
د. جمال

عدنان أحمد البحيصي
28-09-2005, 12:24 PM
شكرا لك أيها الحبيب

وإن كنت أطمع في مناقشة النقد نفسه إن كان هناك ما تستدركه على تلميذك

بارك الله فيك

أحمد عبد الرحمن جنيدو
06-11-2008, 10:20 PM
يا نفسُ هل مِـنْ عـودةٍ ومـآبِ=من قبل طيِّ صحيفتـي و كتابـي
مالـي أراكِ بظلـمـةٍ ومتـاهـةٍ=تستعذبيـنَ مَشَقَّتِـي وعـذابـي
زَحَفَتْ جيوشُ الشَّيْبِ زَحْفاً فَاْعتَلَتْ=عَرْشَ الفؤادِ تَدُكُّ صَـرْحَ شبابـي
و الأربعونَ تُذيعُ سِرّاً ، لـمْ أَكُـنْ=مِـنْ قَبْلِهـا أدخلتـه بحسـابـي
هذا الشبابُ الغـضُّ راحَ زَمَانُـهُ=وَ الدَّهْرُ كشَّر غاضباً عـن نـابِ
واْنقَضَّـتْ الدُّنيـا علـى طُلاّبِهـا=بـزخـارفٍ بـراقـةٍ و ثـيـابِ
فسقتهمـو لمـا تَنَاسَـوْا غَدرَهـا=كأسـاً مـن الآلامِ و الأوصــابِ
كم أنْشَبَـتْ أظفارَهـا بِلحومِهِـمْ=فاستسلمـوا كفريسـةٍ لعُـقـابِ
وَلَكم هَوَتْ بالمُولَعيـنَ بسحرهـا=من سامقاتٍ فـي السمـا لتـرابِ
ولكم تمنَّاهَا أخـو الدنيـا ، فَلَـمْ=يظفـرْ طـوالَ حياتِـهِ بِـطِـلابِ
أعيتهُ ركضاً خلفهـا ورَمَـت بِـهِ=ظَمِئاً ، كمن أعيتهُ خلـف سـرابِ
لا تدهشي يـا نفـسُ لا تتعجبـي=لا تنظري لـيْ نظـرةَ اْستغـرابِ
هذي هي الدنيا ، ألـم تتعلمـي ؟=أم أنتِ ممـنْ سفَّهـوا أسبابـي ؟
فتشدَّقـوا بالقـولِ أنِّـي يائـسٌ=أبصرتُها مـن أضيـقِ الأثقـابِ
وبأننـي لمـا زهـدتُ أطايـبـي=أوصدتُ في وجـه الدُّنـا أبوابـي
وحبستُ نفسي في قيـودِ تَغَرُّبـي=و زجرتُهـا أن بَـادَرَتْ بعتابـي
كَلا َّ، فلستُ من الذيـن توهمـوا=زوراً ، و لكن من أولي الألبـابِ
والمرءُ إنْ أعطـاهُ ربـي حكمـةً=كانـت كبـدرٍ سـاطـعٍ خــلاّبِ
يسبي العقولَ بهـاؤهُ ، فيزينُهـا=كالوشـيِ يُبـدي زينـةَ الأثـوابِ
هذي هيَ الدنيـا كمـا أبصرتُهـا=مرَّت أمـام العيـن مـرَّ سحـابِ
حدَّقْتُ فيها ناظـريَّ ، فلـم أجـد=إلا ذئـابـاً أَوْقَـعَـتْ بـذئــابِ
و الكلُّ فيهـا شاخِـصٌ مُتَرَبِـصٌ=بقواطـعٍ مسلـولـةٍ و حِــرابِ
و رأيتُ خلقـاً يلهثـون وراءهـا=فأنَخْتُ في وسَطِ الطريـقِ رِكابـي
وعلمتُ أنَّ العمـرَ فيهـا لحظـةٌ=قد تنقضي فـي جيْئَـةٍ و ذَهـابِ
و المـوتُ آتٍ لا يُفَـرِّقُ سيفُـهُ=بين الصبـيِّ و ذلـك المُتَصابـي
فأخذتُ حِذري بالرجوع إلى الـذي=خَلَقَ الدُّنا، أرجـو قبـولَ متابـي
فَوَجَدْتُـهُ ربّـاً غفـوراً راحِـمـاً=أنعـم بِـهِ مـن غافِـرٍ تــوّابِ
أنَّبتُ نفسـي ، لُمتُهـا ، وبَّختُهـا=أن لم يكن مـن قبـل ذاكَ إيابـي
بين يدي القصيدة
بينما كنت أتفسح وأتصفح في واحتنا الغراء وجدت تحت أسم استاذي الكريم جمال مرسي في قائمة بعض مواضيعه موضوع بعنوان "العودة إلى الله "فظننت أنه موضوع ديني كتبه في منبر الدعوة وغفلت أنا عن رؤيته، ولكني فوجئت أنها قصيدة في الزهد والتوبة من أروع ما قرأت خصوصا أنه_حفظه الله _ ضمن القصيدة العديد من الصور البلاغية كما أنه خاطب النفس بحوار مؤثر واع
فرأيت أنه من الإنصاف والإعتراف بقدر شاعرنا الحبيب أن أقف لأرى هذه الصور _ وأنا لا زلت صغيرا وتلميذا على نقد قصائد سيدي جمال مرسي_ لكنه دافع الوفاء لشيخ الشعراء
والله أسأل أن يوفقني للخير وأن يمنع عنا الشر إنه ولي ذلك والقادر عليه
هو الصراع الأزلي المرتبط بنا منذ الوعي الأول حتى الموت صراع من أصعب الصراعات
معركة حقيقية من ألعن المعارك وأكثرها شراسة صراعنا مع النفس
شاعرنا القدير بطريقته المعهودة وروحانيته المشهودة والمتوقدة في حب الله
أجاد في رسم هذا الصراع والدخول إلى خبايه الدقيقة
بفلسفة مبسطة منطقية سهلة التلقي وسهلة التعاطي معها
بدون الغوص في متاهات الفلسفة الرمزية المغرقة بالوهم
ابداع رائع وسرد بلغة محكمة وصور بارقة أجدت والله باركك الله تعالى
يا صديقي الغالي

عدنان أحمد البحيصي
07-11-2008, 10:22 PM
هو الصراع الأزلي المرتبط بنا منذ الوعي الأول حتى الموت صراع من أصعب الصراعات
معركة حقيقية من ألعن المعارك وأكثرها شراسة صراعنا مع النفس
شاعرنا القدير بطريقته المعهودة وروحانيته المشهودة والمتوقدة في حب الله
أجاد في رسم هذا الصراع والدخول إلى خبايه الدقيقة
بفلسفة مبسطة منطقية سهلة التلقي وسهلة التعاطي معها
بدون الغوص في متاهات الفلسفة الرمزية المغرقة بالوهم
ابداع رائع وسرد بلغة محكمة وصور بارقة أجدت والله باركك الله تعالى
يا صديقي الغالي



أحمد أيها الغالي
سرني مرورك وتعليقك الرائع على نقدي المتواضع بهذه الكلمات النيرة

ألف شكر لك
بوركت