تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قصيدة رائحة المطاط المحترق



عبد المجيد الجبَّاري
27-08-2017, 03:31 AM
قصيدة " رائحةُ المطَّاطِ المُحترِقِ"


بانَ العَوارُ وأُظهِرَ المستورُ
وتَبدَّلتْ بِحُرُوفهنَّ سُطورُ

والليلُ خيَّمَ فالظَّلامُ مُهيمِنٌ
يغزو النُّفوسَ ، عَلا فغارَ النُّورُ(1)

وتَمَلْمَلَ الحشْدُ المُشَطَّرُ صوتُهُ
في الخافقينِ, فَجَوُّنا مَسعورُ

المَشرقانِ ونِفْطُها مُتَوتِّرٌ
والمغربانِ حمَامُها مَذْعُورُ

والغَوْرُ(2) غَارَ الأمنُ فيهِ وَبُدِّلَتْ
آيَاتُهُ , وسَطَا عليهِ فُجُورُ

والكُدْيَةُ(3) الغَبْرَاءُ باتَتْ مَسْرَحَاً
للمُفسدينَ, فسَادهَا مَسْعُورُ !!!

والفِيلُ يُملِي شَرْطَهُ ما عِندَهُ
غيرُ العَصا, لو في السماء صقور!! (4)

لكنَّهُ يُعطي الدُّروعَ تَشَكُّراً
للمُنجِزِينَ, وكُلُّهمْ مَأْجُورُ

لا غَرْوَ إنَّ (أبَا رِغَالٍ) (5) والِدٌ
أولادُهُ وعلى خُطًاهُ تَسِيرُ

وأتَى بِمطَّاطَينِ كَيْ يُحْرِقْهُما
عندَ اللُّزومِ وكي تُشَدَّ خُصُورُ

وتَنازعَ النَّسرانِ لَمَّا حَلَّقَا
فأتى الغُرابُ من الشُّروقِ يطيرُ

يَترَقَّبُ اللَّحظاتِ كَي يَعدُو على
جِيفَاتِ صَرعَى, أو يشاءُ يَثُورُ

وغَدَا الصِّراعُ على المَنابرِ بَعدَ مَا
ضَجَّتْ به بينَ الضُّلوعِ صُدُورُ

وتَقاذفَ الحِزبانِ كلٌّ يَبتغِي
نَيلَ الوُصولِ, لِيُكْسَرَ المَجْرُورُ

وتَحَرَّقَ المَطَّاطُ فاحَتْ رِيحُهُ
وعلا دُخانُ أسودٌ دَيجورُ(6)

باللهِ يا (هارونُ) ما ذا قدْ جَنَتْ
كفَّاكَ , ما كارَ الأُولَى سَيَحُورُ .!!

يا أيَّها الحَشُدُ المُشَطَّرُ صوتُهُ
وَحِّدْهُ, يَعظُمْ في عِدَاكَ زَئِيرُ

وسَيَهرُبُ النَّعابُ عندَ سَماعِهِ
ويَضِلُّ (مَحمودٌ) (7) وتَسْلمُ دُورُ

وأَعِدْ لرَبِّكَ حُكمهُ في خلقهِ
تَعْلُو , ويَخسأُ حاقدٌ وحَقيرُ

********
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
1) في اللِّسان : وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غربت، وكذلك القمر والنجوم؛ قال أَبو ذؤيب:
هل الدَّهْرُ إلا لَيْلةٌ ونَهارُها، ***** وإلا طلُوع الشمس ثم غِيارُها.
2) الغَوْرُ : تهامةُ وما يلي اليمنَ. وقال ابن الأَثير: الغَورُ ما انخفض من الأَرض، والجَلْسُ ما ارتفع منها.
3) الكُدية: الأرض الصلبة المرتفعة .
4) الصقور : رمز للطير الأبابيل . (رمز للقوة والرجولة) . وفي الحديث: "ألا إن القوة الرمي" تفسيراً لقول الله تعالى: "وأعدوا لهم ما استطعتم لهم من قوة" (60) سورة الأنفال .
5) أبو رِغَال: رجلٌ من ثقيف كان دليل أبرهة وجيشه لغزو الكعبة . فسار بهم, فلما بلغ موضعاً يقال له: "المُغَمَّسُ" (موضع قرب مكة) مات , فصارت العرب ترجم قبره بذلك الموضع .(ذكر ذلك الطبري في تاريخه). وصار أبو رِغَال رمزاً للخيانة والعار على مَرِّ الزمان . وكم في عصرنا هذا من أبي رِغال؟!!.
قال جرير يهجو الفرزدق :
إذا ماتَ الفرزدقُ فارجموهُ *** كما تَرمُونَ قبرَ أبي رِغَالِ
6) الديجور : الظلمة
7) محمود : اسم فيل أبرهة الأشرم , وهو قائد الفيلة المتجهة لهدم الكعبة المشرفة .

أبومعاذ عبد المجيد جبَّاري
جازان – القمري
الأحد 4/8/1438هـ

ثناء صالح
27-08-2017, 09:01 PM
السلام عليكم

ما أكثر هموم هذه الأمة وما أعقدها .
وهذه قصيدة عالجت التعقيد فنالها نصيب منه .
لقد عبر الشاعر عن التشرذم والتفكك والتحزب في كيانات الأنظمة العربية . بدءا من لفظة (المشطّر ) التي شطرت صوت الحشد (الشعب ) إلى شطرين اثنين في خافقين اثنين، فأصبح جونا مسعورا . كما تفيد الفاء السببية في ( فَجَوُّنا مَسعورُ).

وتَمَلْمَلَ الحشْدُ المُشَطَّرُ صوتُهُ
في الخافقينِ, فَجَوُّنا مَسعورُ

ثم سار الشاعر مع فكرة التشطير وسايرها في تثنية الأسماء ( الخافقين ، المشرقان ، المغربان ، بمطاطين ، النسران ، الحزبان ).
غير أن بعض الغموض قد اكتنف المعاني بسبب عدم تفاهم الشاعر مع القارئ على المقصود من التثنية حيثما وردت . فمثلا : في قول الشاعر

المَشرقانِ ونِفْطُها مُتَوتِّرٌ
والمغربانِ حمَامُها مَذْعُورُ

يحق للقارئ أن يتساءل عن المقصود بالمشرقين والمغربين ، ولمَ هما مشرقان اثنان لا أكثر ولا أقل ؟ ولمَ هما مغربان اثنان لا أكثر ولا أقل ؟

كذلك في البيت

وأتَى بِمطَّاطَينِ كَيْ يُحْرِقْهُما
عندَ اللُّزومِ وكي تُشَدَّ خُصُورُ

لمَ أتى أبو رغال بمطاطين اثنين ؟


ومن هما النسران في قوله

وتَنازعَ النَّسرانِ لَمَّا حَلَّقَا
فأتى الغُرابُ من الشُّروقِ يطيرُ

ليت أن التشطر قد وقف عند حد الانقسام إلى قسمين اثنين فقط . إذن لعبرت التثنية عن الوضع كاملا ، ولانزاحت بعض الهموم .

مع التحية والتقدير للشاعر المبدع الأستاذ عبد المجيد جبّاري

عبد المجيد الجبَّاري
21-09-2017, 11:20 PM
شكرا لك أستاذه ثناء على قراءتك وللإجابة على بعض تساؤلاتك :
المشرقان والمغربان هما المشرق والمغرب جرى تثنيتهما لتكرر مطالع ومغارب الشمس فيهما جرياً على قول الله تعالى:(رب المشرقين ورب المغربين ) , ولما لهما من دلالة في القصيدة . والنفط والحمام رمزان لهما يعرفهما مواطنو الشاعر وكلُّ مُطَّلع على الوضع ثَمَّ . المطاط جاء به الفيل لا أبا رِغال فما الأخير إلا دليل حقير .
أصلح الله أحوال الأمة وسادها آسادها
ولك التحية المفعمة بكل دعاء مبارك.

محمد حمود الحميري
20-03-2018, 06:43 PM
قصيدة بحجم الجودة ، لا فض فوك شاعرنا المعطاء ..
تحياتي