تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ديوان أبو الطيب المتنبي



تقي بن فالح
16-11-2017, 07:57 PM
ديوان أبو الطيب المتنبي
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/images?q=tbn:ANd9GcQjAlbX2FFq1MgAAg83mcJUiMtH_r_7k 9GGKns1Zazc2FEnCuge
أبو الطيب المتنبي
أبو الطيب المتنبي هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي أبو الطيب القحطاني الكندي الكوفي المولد، ولد سنة 303 هـ ،نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لانتمائه لهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحد أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناا باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعرحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ويقولون عنه بأنه شاعر أناني ويظهر ذلك في أشعاره. قال الشعر صبياً. فنظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات. اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً.
صاحب كبرياء وشجاع وطموح ومحب للمغامرات. وكان في شعره يعتز بعروبته، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لاسيما في قصائده الأخيرة التي بدأ فيها وكأنه يودعه الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني.
شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلاً يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعراً معروفاً استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته. في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب، وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلاً شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحاً وتصريحاً حتى أشفق عليه بعض اصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في دهوك فلم يستمع له وإنما أجابه ً: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.

المتنبي وسيف الدولة الحمداني
ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ، واتصل بسيف الدولة بن حمدان، أمير وصاحب حلب، سنة 337 هـ وكانا في سن متقاربه، فوفد عليه المتنبي وعرض عليه أن يمدحه بشعره على ألا يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء فأجاز له سيف الدولة أن يفعل هذا وأصبح المتنبي من شعراء بلاط سيف الدولة في حلب، وأجازه سيف الدولة على قصائده بالجوائز الكثيرة وقربه إليه فكان من أخلص خلصائه وكان بينهما مودة واحترام، وخاض معه المعارك ضد الروم، وتعد سيفياته أصفى شعره. غير أن المتنبي حافظ على عادته في أفراد الجزء الأكبر من قصيدته لنفسه وتقديمه إياها على ممدوحة، فكان أن حدثت بينه وبين سيف الدولة جفوة وسعها كارهوه وكانوا كثراً في بلاط سيف الدولة.
ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة في حلب أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء في حلب. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة حلب العربية الذي يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحسن مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.
وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو المحيط به، فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في عدد من القصائد، ومنها السالفة الذكر، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالأيام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه، إذ لا يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها كقووله

من تغلب الغالبين الناس منصبه= ومن عدّي أعادي الجبن والبخل
خيبة الأمل وجرح الكبرياء
أحس بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر والأمير، ولربما كان هذا الاتساع مصطنعاً إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما. وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها: (لا تطلبن كريماً بعد رؤيته). بعد تسع سنوات ونصف في بلاط سيف الدولة جفاه الأمير وزادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي ولأسباب غير معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها، وكان هذا مما لا يليق عند رثاء بنات الملوك. إنكسرت العلاقة الوثيقة التي كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي.
فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلب، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة وبعد ترحاله في بلاد عديده بقي سيف الدولة في خاطر ووجدان المتنبي.
فكأنه جعل كافورا الموت الشافي والمنايا التي تتمنى ومع هذا فقد كان كافور حذراً، فلم ينل المتنبي منه مطلبه، بل إن وشاة المتنبي كثروا عنده، فهجاهم المتنبي، وهجا كافور ومصر هجاء مرا ومما نسب إلى المتنبي في هجاء كافور:

لا تشتري العبد إلا والعصا معه= إن العبيد لأنجــاس مناكــيد
نامت نواطير مصر عن ثعالبها ==ــ وقد بشمن وما تفنى العناقيد
لا يقبض الموت نفسا من نفوسهم ــإلا وفي يده من نتنها عود
من علم الأسود المخصي مكرمة __ أقومه البيض أم آباؤه السود
أم أذنه في يد النخاس دامية ــ أم قدره وهو بالفلسين مردود
و استقر في عزم أن يغادر مصر بعد أن لم ينل مطلبه، فغادرها في يوم عيد، وقال يومها قصيدته الشهيرة التي ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور وحاشيته، والتي كان مطلعها:

عيد بأية حال عدت يا عيد + =ــبما مضى أم لأمر فيك تجديد

ويقول فيها أيضا:
إذا أردت كميت اللون صافية= وجدتها وحبيب النفس مفقود
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه= أني لما أنا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
وفي القصيدة هجوم شرس على كافور وأهل مصر بما وجد منهم من إهانة له وحط منزلته وطعنا في شخصيته ثم إنه بعد مغادرته لمصر قال قصيدةً يصف بها منازل طريقه وكيف أنه قام بقطع القفار والأودية المهجورة التي لم يسلكها أحد قال في مطلعها:

ألا كل ماشية الخيزلى =ــ فدى كل ماشية الهيدبى
وكل ناجة بجاوية خنوف ــوما بي حسن المشى
فذكر في قصائده بعض المدن والمواضع الواقعة ضمن الحدود الإدارية لدُومة الجندل، والتي منها: طُردت من مصر أيديها بأرجلها حتى مرقن بنا من جوشٍ والعلم وقال أيضاً: وجابت بُسيطة جوب الرَّداء بين النَّعَام وبين المها إلى عُقدة الجوف حتى شَفَت بماء الجِرَأوِيَ بعض الصدا ولاحَ لها صورٌ والصَّبَاح ولاحَ الشَّغور لها والضَّحَا
وقال أيضاً: بُسيطة مهلاً سُقيت القطارا تركت عيون عبيدي حيارا فظنوا النعام عليك النخيل وظنوا الصوار عليك المنارا فأمسك صحبي بأكوارهم وقد قصد الضحك منهم وجارا
وقال يصف ناقته:

ضربت بها التيه ضرب القمار =ــ إما لهذا وإما لذا
لإذا فزعت قدمتها الجياد وبيض السيوف وسمر القنا
وهي قصيدة يميل فيها المتنبي إلى حد ما إلى الغرابة في الألفاظ ولعله يرمي بها إلى مساواتها بطريقه. لم يكن سيف الدولة وكافور هما من اللذان مدحهما المتنبي فقط، فقد قصد امراء الشام والعراق وفارس. وبعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكان. ومدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز وذالك بعد فراره من مصر إلى الكوفة ليلة عيد النحر سنة 370 هـ.

شعره وخصائصه الفنية
شعر المتنبي كان صورة صادقة لعصره، وحياته، فهو يحدثك عما كان في عصره من ثورات، واضطرابات، ويدلك على ما كان به من مذاهب، وآراء، ونضج العلم والفلسفة. كما يمثل شعره حياته المضطربة: فذكر فيه طموحه وعلمه، وعقله وشجاعته، وسخطه ورضاه، وحرصه على المال، كما تجلت القوة في معانيه، وأخيلته، وألفاظه، وعباراته.وقد تميز خياله بالقوة والخصابة فكانت ألفاظه جزلة، وعباراته رصينة، تلائم قوة روحه، وقوة معانيه، وخصب أخيلته، وهو ينطلق في عباراته انطلاقاً ولا يعنى فيها كثيراً بالمحسنات والصناعة.ويقول الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه في الادب والفن ان المتنبي يعتبر وبحق شاعر العرب الأكبر عبر العصور.

أغراضه الشعرية
المدح الإخشيدي، ومفاسده في سيف الدولة وفي حلب تبلغ ثلث شعره أو أكثر، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقاده حتى في حداثته. ومن قصائده في مدح سيف الدولة:

وقفت وما في الموت شكٌّ لواقف =ــ كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم
قالب:بيت تمر بك الأبطال كَلْمَى هزيمـةً
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى إلى قول قومٍ أنت بالغيب عالم
و كان مطلع القصيدة:

عَـلَى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ =ــوتَــأتِي عَـلَى قَـدرِ الكِـرامِ المَكـارِم
وتَعظُـم فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها __وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ
الوصف:
أجاد المتنبي وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره وخاصة في حضرة وبلاط سيف الدولة، فكان شعره يعتبر سجلاً تاريخياً. كما أنه وصف الطبيعة، وأخلاق الناس، ونوازعهم النفسية، كما صور نفسه وطموحه. وقد قال يصف شِعب بوَّان، وهو منتزه بالقرب من شيراز :

لها ثمر تشـير إليك منـه= بأَشربـةٍ وقفن بـلا أوان
وأمواهٌ يصِلُّ بها حصاهـا =ــصليل الحَلى في أيدي الغواني
إذا غنى الحمام الوُرْقُ فيها__ أجابتـه أغـانيُّ القيـان
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي __ و أسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها __ ويسهر الخلق جراها ويختصم
و جاهل مده في جهله ضحكي __حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة __ فلا تظنن أن الليث يبتسم
و مهجة مهجتي من هم صاحبها ــ أدركته بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد __ وفعله ماتريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفلين به __حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيداء تعرفني __ والسيف والرمح والقرطاس والقلم
الهجاء:
لم يكثر الشاعر من الهجاء. وكان في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد الفظ بها، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان. وقال يهجو طائفة من الشعراء الذين كانوا ينفسون عليه مكانته:


أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ ـ ضعيف يقاويني، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل ـ وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه ـ وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم، غير أنني _ بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
من أية الطرق يأتي نحوك الكرم _ أين المحاجم ياكافور والجلم
جازا الأولى ملكت كفاك قدرهم ـ فعرفوا بك أن الكلب فوقهم
لا شيء أقبح من فحل له ذكر ـ تقوده أمة ليست لها رحم
سادات كل أناس من نفوسهم ـ وسادة المسلمين الأعبد القزم
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ـ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
ألا فتى يورد الهندي هامته ـ كما تزول شكوك الناس والتهم
فإنه حجة يؤذي القلوب بها ـ من دينه الدهر والتعطيل والقدم
ما أقدر الله أن يخزي خليقته ـ ولا يصدق قوما في الذي زعموا
بيد أن أبرز ما أتى به المتنبي على مستوى الهجاء كان القصيدة الشهيرة التي كتبها بعد فراره من مصر حيث استبقاه قسرًا كافور الإخشيدي. وتعتبر قصيدة هجاء كافور من أكثر قصائد الهجاء قسوة. ومما جاء فيها:
يا ساقيي أخمـر فـي كؤوسكمـا أم فـي كؤوسكمـا هـم وتسهيـد أصخرة أنـا مالـي لا تحركنـي هذي المدام ولا هـذي الأغاريـد إذا أردت كميـت اللـون صافيـة وجدتها وحبيـب النفـس iiمفقـود ماذا لقيـت مـن الدنيـاوأعجبـه أني بما أنـا بـاك منـه محسـود ما يقبض الموت نفسا من نفوسهـم إلا وفي يـده مـن نتنهـا عـود من كل رخو وكاء البطـن منفتـق لا في الرجال ولا النسوان معـدود أكلما اغتال عبـد السـوء سيـده أو خانه فله فـي مصـر تمهيـد العبد ليـس لحـر صالـح بـأخ لو أنه فـي ثيـاب الحـر مولـود لا تشتر العبد إلا والعصـا معـه إن العبيـد لأنـجـاس ناكـيـد ما كنت أحسبني أحيا الـى زمـن يسيء بي فيه كلب وهـو محمـود وأن ذا الأسود المثقـوب مشفـره تطيعه ذي العضاريـط الرعاديـد جوعان يأكل من زادي ويمسكنـي لكي يقال عظيـم القـدر مقصـود من علم الأسود المخصيَّ مكرمـة أقومه البيـض أم آباؤه الصيـد أم أذنه فـي يـد النخـاس داميـة أم قدره وهـو بالفلسيـن مـردود

لا تشتر العبد إلا والعصا معه= إن العبيد لأنجاس مناكيد
ويده في إذن النخاس =دامية وهو بالفلسين مردود
الحكمة:
اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفس الإنسانية، ويردد نوازعها وآلامها. ومن حكمه ونظراته في الحياة:

ومراد النفوس أصغر من أن ـنتعادى فيـه وأن نتـفانى
غير أن الفتى يُلاقي المنايـا _كالحات، ولا يلاقي الهـوانا
ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ _ لعددنا أضلـنا الشجـعانا
وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ _ فمن العجز ان تموت جبانا
كذلك يقول:

خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به _ في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
والهجر أقتل لي مما اراقبه _ أنا الغريق فما خوفي من البلل
مقتله
هو الشاعر الذي قتله شعره فبعد أن حاصره أعداؤه هو وغلامه في الصحراء حاول المتنبي الفرار فقال له غلامه الست القائل


الخيل والليل والبيداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فقال له المتنبي قتلتني يا فتى ثم عاد الى الأعداء فقتل وكان مقتله في منطقة النعمانية شرق بغدادُ.
أنظر :
- ديوان المتنبي : موقع أدب
- ويكيبيديا - الموسوعة الحرة

هشام الصباح
16-11-2017, 08:25 PM
بورك فيك أيها الفاضل
إيجاز جميل

تقي بن فالح
17-11-2017, 03:39 PM
http://www.lovely0smile.com/2011/ArabPoets/ArabPoets-04.jpg
تابعونا رجاءا

تقي بن فالح
20-11-2017, 04:28 PM
.

http://www.atyab.com/uploadscenter/uploads/aea1853c67.gif
.

تقي بن فالح
24-11-2017, 03:06 PM
.
http://www.madenah-monawara.com/vb/upload/8542_1158705205gif
.

تقي بن فالح
28-11-2017, 02:22 PM
لا تشتري العبد الا والعصى معه
أبو الطيب المتنبي
عـيـدٌ بِـأيَّـةِ حـــالٍ عُـــدتَ يـــا عِـيــد *** ُبِـمـا مَـضَـى أَم لأَمْــرٍ فِـيـكَ تـجـدِيـدُ

أَمــــا الأَحِــبــةُ فـالـبَـيَـداءُ دُونَــهُـــمُ *** فَـلَـيـتَ دُونَـــكَ بَـيْــدًا دونَــهــا بِــيــدُ

لَولا العُلَى لم تجِبْ بِي ما أَجُوبُ بِها *** وَجـنــاءُ حَـــرْفٌ وَلا جَـــرْداءُ قَــيــدُودُ

وَكـانَ أطْيَـبَ مِــنْ سيـفِـي مَعانَـقَـة *** أَشْـبــاهُ رَونَــقــه الـغِـيــدُ الأَمـالِـيــدُ

لم يَتْرُكِ الدَهْرُ مِنْ قَلبـي وَلا كَبِـدي *** شَـيْـئــاً تُـتَـيِّـمـهُ عَــيْــنٌ وَلا جِــيـــد

يـا ساقِيـيَّ أَخَـمـرٌ فــي كُؤوسِكـمـا *** أم فــي كُؤُوسِكُـمـا هَــمٌّ وتَسْـهِـيـدُ

أَصَـخْـرَةُ أَنــا مـــا لـــي لا تُحِـرِّكُـنـي *** هــذي الـمُـدامُ وَلا هــذي الأَغـارَيـدُ

إذا أَرَدْتُ كُـمَـيْــتَ الــلَّــوْنِ صـافِــيَــة *** ًوَجَدْتُـهـا وحَبِـيـبُ الـنَـفْـسِ مَـفـقُـودُ

مــاذا لَقِـيْـتُ مِــنَ الـدُنْـيـا وأَعْـجَـبُـه *** أنِّـي بِمـا أَنــا شــاكٍ مِـنْـهُ مَحـسُـود

أَمْـسَـيْـتُ أَرْوَحَ مُـثــرٍ خـازِنًــا ويَــــدًا *** أَنـــا الـغَـنِـيُّ وأَمــوالِــي الـمَـواعِـيـدُ

إِنّــــي نَــزَلــتُ بِـكَـذابِـيـنَ ضَـيـفُـهُـم *** ُعَـنِ القِـرَى وعَـنِ التَـرحـالِ مِـحـدُودُ

جُـودُ الرّجـالِ مـنَ الأَيْـدِي وَجُـودُهُـمُ *** مـنَ اللِـسـانِ فَــلا كَـانُـوا وَلا الـجـوُدُ

ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نفوسِهِـمِ *** إِلا وفـــي يـــدِهِ مِـــن نَتَـنِـهـا عُــــود

أكُلمـا اغْـتَـالَ عَـبـدُ الـسُـوءِ سـيـدَهُأ *** َو خـانَـه فَـلَـهُ فـــي مـصــرَ تَمـهـيـد

صــار الخَـصِـي إِمــام الآبِـقـيـن بِـهــا *** فـالـحُـر مستـعـبَـد والـعَـبـدُ مَـعـبُـودُ

نـامَـت نواطِـيـرُ مِـصـرٍ عَــن ثَعالِـبِـهـا *** فقـد بَشِـمْـنَ ومــا تَفْـنـى العناقـيـدُ

الـعَـبـد لـيــسَ لِـحُــرٍّ صــالــحٍ بــــأخٍ *** لَــو أنــهُ فــي ثـيــابِ الـحــرِّ مـولــود

لا تشـتَـرِ الـعَـبـد إلا والـعَـصَـا مـعــه *** إِن الـعَـبِـيــدَ لأنـــجـــاسٌ مَـنـاكــيــد

مـا كُنـتُ أَحسَبُنـي أَحيـا إلـى زَمَـن *** ٍيُسـيء بـي فيـهِ عَبـد وَهْـوَ مَحمـودُ

وَلا تَوهـمـتُ أَن الـنـاس قَــدْ فُـقِـدُوا *** وأًن مِـثْــلَ أَبـــي البـيـضـاءِ مَــوجــودُ

وأَنَّ ذَا الأَسْــوَدَ المَثْـقـوبَ مـشْـفَـرُهُ *** تـطِـيـعُـهُ ذي الـعَـضـارِيـطُ الـرعـادِيــد

جَوعـانُ يأكـلُ مِـن زادي ويُمِسكُنـي *** لِـكَـي يُـقـالَ عَظِـيـمُ الـقـدرِ مَقـصُـودُ

وَيـلُـمِّـهـا خُــطَّـــةً وَيــلُـــم قـابـلِـهــا *** لِمِثْـلِـهـا خُــلِــقَ الـمـهـريَّـةُ الــقُــودُ

وعِندَهـا لَــذَّ طَـعْـم الـمـوتِ شـارِبُـهُ *** إِن الـمَـنِـيَّـةَ عِــنْــدَ الــــذُلّ قِـنـديــدُ

مَن علَّـم الأسـودَ المَخْصِـيَّ مكرُمـة *** أَقَـومُــهُ الـبِـيـضُ أَمْ آبــــاؤهُ الـصِـيــدُ

أم أُذْنُــه فــي يــدِ النّـخَّـاسِ دامِـيــةً *** أَم قَــدْرهُ وَهــوَ بِالفِلـسَـيْـنِ مَـــردُودُ

أولَـــى الـلِـئــام كُـوَيـفـيـرٌ بِـمَـعــذِرَة *** فـي كُـلِّ لُـؤْم وبَـعـض الـعُـذْرِ تَفنِـيـدُ

وَذاك أن الـفـحـولَ الـبِـيـضَ عـاجِــزَة *** عنِ الجَميلِ فكَيـفَ الخِصْيَـةُ السُـودُ

تقي بن فالح
03-12-2017, 06:09 PM
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ
أبو الطيب المتنبي
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ -+++_فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ
وَاجْزِ الأميرَ الذي نُعْمَاهُ فَاجِئَةٌ _بغَيرِ قَوْلٍ وَنُعْمَى النّاسِ أقْوَالُ
فَرُبّمَا جَزَتِ الإحْسَانَ مُولِيَهُ _خَريدَةٌ مِنْ عَذارَى الحَيّ مِكسالُ
وَإنْ تكُنْ مُحْكَماتُ الشّكلِ تمنَعُني _ ظُهُورَ جَرْيٍ فلي فيهِنّ تَصْهالُ
وَمَا شكَرْتُ لأنّ المَالَ فَرّحَني _ سِيّانِ عِنْديَ إكْثَارٌ وَإقْلالُ
لَكِنْ رَأيْتُ قَبيحاً أنْ يُجَادَ لَنَا _ وَأنّنَا بِقَضَاءِ الحَقّ بُخّالُ
فكُنْتُ مَنبِتَ رَوْضِ الحَزْنِ باكرَهُ _ غَيثٌ بِغَيرِ سِباخِ الأرْضِ هَطّالُ
غَيْثٌ يُبَيِّنُ للنُّظّارِ مَوْقِعُهُ _ أنّ الغُيُوثَ بِمَا تَأتيهِ جُهّالُ
لا يُدرِكُ المَجدَ إلاّ سَيّدٌ فَطِنٌ _ لِمَا يَشُقُّ عَلى السّاداتِ فَعّالُ
لا وَارِثٌ جَهِلَتْ يُمْنَاهُ ما وَهَبَتْ _وَلا كَسُوبٌ بغَيرِ السّيفِ سَأْآلُ
قالَ الزّمانُ لَهُ قَوْلاً فَأفْهَمَهُ، _ إنّ الزّمَانَ على الإمْساكِ عَذّالُ
تَدرِي القَنَاةُ إذا اهْتَزّتْ برَاحَتِهِ _ أنّ الشقيَّ بهَا خَيْلٌ وَأبْطَالُ
كَفَاتِكٍ وَدُخُولُ الكَافِ مَنقَصَةٌ _ كالشمسِ قُلتُ وَما للشمسِ أمثَالُ
ألقائِدِ الأُسْدَ غَذّتْهَا بَرَاثِنُهُ _ بمِثْلِهَا مِنْ عِداهُ وَهْيَ أشْبَالُ
ألقاتِلِ السّيفَ في جِسْمِ القَتيلِ بِهِ +_ وَللسّيُوفِ كمَا للنّاسِ آجَالُ
تُغِيرُ عَنْهُ على الغارَاتِ هَيْبَتُهُ _ وَمَالُهُ بأقَاصِي الأرْضِ أهْمَالُ
لَهُ منَ الوَحشِ ما اختارَتْ أسِنّتُهُ _عَيرٌ وَهَيْقٌ وَخَنْسَاءٌ وَذَيّالُ
تُمْسِي الضّيُوفُ مُشَهّاةً بِعَقْوَتِهِ _ كأنّ أوْقاتَهَا في الطّيبِ آصَالُ
لَوِ اشْتَهَتْ لَحْمَ قارِيهَا لَبَادَرَهَا _ خَرَادِلٌ مِنهُ في الشِّيزَى وَأوْصَالُ
لا يَعْرِفُ الرُّزْءَ في مالٍ وَلا وَلَدٍ _ إلاّ إذا حَفَزَ الضِّيفَانَ تَرْحَالُ
يُروي صَدى الأرض من فَضْلات ما شربوا _ محْضُ اللّقاحِ وَصَافي اللّوْنِ سلسالُ
تَقرِي صَوَارِمُهُ السّاعاتِ عَبْطَ دَمٍ _ كَأنّمَا السّاعُ نُزّالٌ وَقُفّالُ
تَجْرِي النّفُوسُ حَوَالَيْهِ مُخَلَّطَةً _ مِنهَا عُداةٌ وَأغْنَامٌ وَآبَالُ
لا يَحْرِمُ البُعْدُ أهْلَ البُعْدِ نائِلَهُ _ وغَيرُ عاجِزَةٍ عَنْهُ الأُطَيْفَالُ
أمضَى الفَرِيقَينِ في أقْرَانِهِ ظُبَةً _ وَالبِيضُ هَادِيَةٌ وَالسُّمْرُ ضُلاّلُ
يُرِيكَ مَخْبَرُهُ أضْعَافَ مَنظَرِهِ _ بَينَ الرّجالِ وَفيها المَاءُ وَالآلُ
وَقَدْ يُلَقّبُهُ المَجْنُونَ حَاسِدُهُ _ إذا اختَلَطْنَ وَبَعضُ العقلِ عُقّالُ
يَرْمي بهَا الجَيشَ لا بُدٌّ لَهُ وَلَهَا _ من شَقّهِ وَلوَ کنّ الجَيشَ أجبَالُ
إذا العِدَى نَشِبَتْ فيهِمْ مَخالِبُهُ _ لم يَجْتَمِع لهُمُ حِلْمٌ وَرِئْبَالُ
يَرُوعُهُمْ مِنْهُ دَهْرٌ صَرْفُهُ أبَداً _ مُجاهِرٌ وَصُرُوفُ الدّهرِ تَغتالُ
أنَالَهُ الشّرَفَ الأعْلى تَقَدُّمُهُ _ فَمَا الذي بتَوَقّي مَا أتَى نَالُوا
إذا المُلُوكُ تَحَلّتْ كانَ حِلْيَتَهُ _ مُهَنَّدٌ وَأصَمُّ الكَعْبِ عَسّالُ
أبُو شُجاعٍ أبو الشّجعانِ قاطِبَةً _ هَوْلٌ نَمَتْهُ مِنَ الهَيجاءِ أهوَالُ
تَمَلّكَ الحَمْدَ حتى ما لِمُفْتَخِرٍ _ في الحَمْدِ حاءٌ وَلا ميمٌ وَلا دالُ
عَلَيْهِ مِنْهُ سَرَابيلٌ مُضَاعَفَةٌ _ وَقَدْ كَفَاهُ مِنَ الماذِيِّ سِرْبَالُ
وَكَيْفَ أسْتُرُ ما أوْلَيْتَ من حَسَنٍ _ وَقَدْ غَمَرْتَ نَوَالاً أيّهَا النّالُ
لَطّفْتَ رَأيَكَ في بِرّي وَتَكْرِمَتي - إنّ الكَريمَ على العَلْياءِ يَحْتَالُ
حتى غَدَوْتَ وَللأخْبَارِ تَجْوَالٌ - وَللكَوَاكِبِ في كَفّيْكَ آمَالُ
وَقَدْ أطَالَ ثَنَائي طُولُ لابِسِهِ... - إنّ الثّنَاءَ عَلى التِّنْبَالِ تِنْبَالُ
إنْ كنتَ تكبُرُ أنْ تَخْتَالَ في بَشَرٍ --_ فإنّ قَدْرَكَ في الأقْدارِ يَخْتَالُ
كأنّ نَفْسَكَ لا تَرْضَاكَ صَاحِبَهَا _إلاّ وَأنْتَ على المِفضَالِ مِفضَالُ
وَلا تَعُدُّكَ صَوّاناً لمُهْجَتِهَا _ إلاّ وَأنْتَ لهَا في الرّوْعِ بَذّالُ
لَوْلا المَشَقّةُ سَادَ النّاسُ _ كُلُّهُمُ؛ ألجُودُ يُفْقِرُ وَالإقدامُ قَتّالُ
وَإنّمَا يَبْلُغُ الإنْسانُ طَاقَتَهُ _ مَا كُلّ ماشِيَةٍ بالرّحْلِ شِمْلالُ
إنّا لَفي زَمَنٍ تَرْكُ القَبيحِ بهِ _من أكثرِ النّاسِ إحْسانٌ وَإجْمالُ
ذِكْرُ الفتى عُمْرُهُ الثّاني وَحاجَتُهُ -_ مَا قَاتَهُ وَفُضُولُ العَيشِ أشغَالُ

تقي بن فالح
18-12-2017, 06:26 PM
بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ
أبو الطيب المتنبي
بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ ...ـ وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ
أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني ـ مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ ـ ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ _ وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ
مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ _ هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا
تَفنى عُيُونُهُمُ دَمْعاً وَأنْفُسُهُمْ _ في إثْرِ كُلّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ
تَحَمّلُوا حَمَلَتْكُمْ كلُّ ناجِيَةٍ _ فكُلُّ بَينٍ عَليّ اليَوْمَ مُؤتَمَنُ
ما في هَوَادِجِكم من مُهجتي _ عِوَضٌ إنْ مُتُّ شَوْقاً وَلا فيها لهَا ثَمَنُ
يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ _ كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ
كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ _ ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ _ جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا
مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ _ تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ
رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ _ وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ
جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ _ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ
وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ _ حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ
فَغَادَرَ الهَجْرُ ما بَيني وَبينَكُمُ _ يَهماءَ تكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ
تَحْبُو الرّوَاسِمُ مِن بَعدِ الرّسيمِ بهَا _ وَتَسألُ الأرْضَ عن أخفافِها الثَّفِنُ
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ _ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ _ وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ
سَهِرْتُ بَعد رَحيلي وَحشَةً لكُمُ _ ثمّ استَمَرّ مريري وَارْعَوَى الوَسَنُ
وَإنْ بُلِيتُ بوُدٍّ مِثْلِ وُدّكُمُ _ فإنّني بفِراقٍ مِثْلِهِ قَمِنُ
أبْلى الأجِلّةَ مُهْري عِندَ غَيرِكُمُ _ وَبُدِّلَ العُذْرُ بالفُسطاطِ وَالرّسَنُ
عندَ الهُمامِ أبي المِسكِ الذي _غرِقَتْ في جُودِهِ مُضَرُ الحَمراءِ وَاليَمَنُ
وَإنْ تأخّرَ عَنّي بَعضُ مَوْعِدِهِ _ فَمَا تَأخَّرُ آمَالي وَلا تَهِنُ
هُوَ الوَفيُّ وَلَكِنّي ذَكَرْتُ لَهُ _ مَوَدّةً فَهْوَ يَبْلُوهَا وَيَمْتَحِنُ

تقي بن فالح
20-12-2017, 07:12 PM
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني
أبو الطيب المتنبي
مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني =_ بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا _ غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ
مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا _ سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى _ خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا _ على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ
فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني _ وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني
وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي _ دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ
لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ _ بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ
وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا -_ صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني
وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني _ لَبِيقُ الثّرْدِ صِينيُّ الجِفَانِ
يَلَنْجُوجيُّ ما رُفِعَتْ لضَيْفٍ _ بهِ النّيرانُ نَدّيُّ الدّخَانِ
تَحِلُّ بهِ عَلى قَلْبٍ شُجاعٍ _ وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلبٍ جَبَانِ
مَنَازِلُ لمْ يَزَلْ منْهَا خَيَالٌ _ يُشَيّعُني إلى النَّوْبَنْذَجَانِ
إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا _ أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ
وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ _ إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ
وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً _ وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ
يَقُولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حِصَاني: _ أعَنْ هَذا يُسَارُ إلى الطّعَانِ
أبُوكُمْ آدَمٌ سَنّ المَعَاصِي _ وَعَلّمَكُمْ مُفَارَقَةَ الجِنَانِ
فَقُلتُ: إذا رَأيْتُ أبَا شُجاعٍ _ سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكانِ
فَإنّ النّاسَ وَالدّنْيَا طَرِيقٌ إلى _ مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَانِ
لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَوْلَ فيهِمْ _ كَتَعْليمِ الطّرَادِ بِلا سِنَانِ
بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَتْ وَعَزّتْ _ وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُدٍ يَدانِ
وَلا قَبضٌ على البِيضِ المَوَاضِي _ وَلا حَطٌّ منَ السُّمْرِ اللّدَانِ
دَعَتْهُ بمَفْزَعِ الأعْضَاءِ مِنْهَا _ لِيَوْمِ الحَرْبِ بِكْرٍ أوْ عَوَانِ
فَمَا يُسْمي كَفَنّاخُسْرَ مُسْمٍ _ وَلا يَكْني كَفَنّاخُسرَ كَانِ
وَلا تُحْصَى فَضَائِلُهُ بظَنٍّ _ وَلا الإخْبَارِ عَنْهُ وَلا العِيانِ
أُرُوضُ النّاسِ مِنْ تُرْبٍ وَخَوْفٍ _ وَأرْضُ أبي شُجَاعٍ مِنْ أمَانِ
يُذِمّ على اللّصُوصِ لكُلّ تَجْرٍ _ وَيَضْمَنُ للصّوَارِمِ كلَّ جَانِ
إذا طَلَبَتْ وَدائِعُهُمْ ثِقَاتٍ _ دُفِعْنَ إلى المَحَاني وَالرِّعَانِ
فَبَاتَتْ فَوْقَهُنّ بِلا صِحابٍ _ تَصِيحُ بمَنْ يَمُرُّ: ألا تَرَاني
رُقَاهُ كلُّ أبيَضَ مَشْرَفيٍّ _ لِكُلّ أصَمَّ صِلٍّ أُفْعُوَانِ
وَمَا تُرْقَى لُهَاهُ مِنْ نَدَاهُ _ وَلا المَالُ الكَريمُ مِنَ الهَوَانِ
حَمَى أطْرَافَ فارِسَ شَمّرِيٌّ _ يَحُضّ على التّبَاقي بالتّفاني
بضَرْبٍ هَاجَ أطْرَابَ المَنَايَا _ سِوَى ضَرْبِ المَثَالِثِ وَالمَثَاني
كأنّ دَمَ الجَماجِمِ في العَناصِي _ كَسَا البُلدانَ رِيشَ الحَيقُطانِ
فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ العِشْقِ فيها _ لمَا خافَتْ مِنَ الحَدَقِ الحِسانِ
وَلم أرَ قَبْلَهُ شِبْلَيْ هِزَبْرٍ _ كَشِبْلَيْهِ وَلا مُهْرَيْ رِهَانِ
أشَدَّ تَنَازُعاً لكَرِيمِ أصْلٍ _ وَأشْبَهَ مَنظَراً بأبٍ هِجَانِ
وَأكثرَ في مَجَالِسِهِ استِمَاعاً _ فُلانٌ دَقّ رُمْحاً في فُلانِ
وَأوّلُ رَأيَةٍ رَأيَا المَعَالي _ فَقَدْ عَلِقَا بهَا قَبلَ الأوَانِ
وَأوّلُ لَفْظَةٍ فَهِمَا وَقَالا: _ إغَاثَةُ صَارِخٍ أوْ فَكُّ عَانِ
وَكنْتَ الشّمسَ تَبهَرُ كلّ عَينٍ _ فكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ معَها اثنَتَانِ
فَعَاشَا عيشةَ القَمَرَينِ يُحْيَا _ بضَوْئِهِمَا وَلا يَتَحَاسَدَانِ
وَلا مَلَكَا سِوَى مُلْكِ الأعَادي _ وَلا وَرِثَا سِوَى مَنْ يَقْتُلانِ
وَكَانَ ابْنا عَدُوٍّ كَاثَرَاهُ _ لَهُ يَاءَيْ حُرُوفِ أُنَيْسِيَانِ
دُعَاءٌ كالثّنَاءِ بِلا رِئَاءٍ _ يُؤدّيهِ الجَنَانُ إلى الجَنَانِ
فَقد أصْبَحتَ منهُ في فِرِنْدٍ _ وَأصْبَحَ منكَ في عَضْبٍ يَمَانِ
وَلَوْلا كَوْنُكُمْ في النّاسِ كانوا _هُرَاءً كالكَلامِ بِلا مَعَانِ

تقي بن فالح
23-12-2017, 06:11 PM
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
أبو الطيب المتنبي
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا *** وحسب المنايا أن يكن أمانيا
تمنيتها لما تمنيت أن ترى *** صديقا فأعيا أو عدوا مداجيا
إذا كنت ترضى أن تعيش بذلة *** فلا تستعدن الحسام اليمانيا
ولا تستطيلن الرماح لغارة *** ولا تستجيدن العتاق المذاكيا
فما ينفع الأسد الحياء من الطوى *** ولا تتقى حتى تكون ضواريا
حببتك قلبي قبل حبك من نأى *** وقد كان غدارا فكن أنت وافيا
وأعلم أن البين يشكيك بعده *** فلست فؤادي إن رأيتك شاكيا
فإن دموع العين غدر بربها *** إذا كن إثر الغادرين جواريا
إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى *** فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا
وللنفس أخلاق تدل على الفتى *** أكان سخاء ما أتى أم تساخيا
أقل اشتياقا أيها القلب ربما *** رأيتك تصفي الود من ليس جازيا
خلقت ألوفا لو رحلت إلى الصبا *** لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
ولكن بالفسطاط بحرا أزرته *** حياتي ونصحي والهوى والقوافيا
وجردا مددنا بين آذانها القنا *** فبتن خفافا يتبعن العواليا
تماشى بأيد كلما وافت الصفا *** نقشن به صدر البزاة حوافيا
وينظرن من سود صوادق في الدجى *** يرين بعيدات الشخوص كما هيا
وتنصب للجرس الخفي سوامعا *** يخلن مناجاة الضمير تناديا
تجاذب فرسان الصباح أعنة *** كأن على الأعناق منها أفاعيا
بعزم يسير الجسم في السرج راكبا *** به ويسير القلب في الجسم ماشيا
قواصد كافور توارك غيره *** ومن قصد البحر استقل السواقيا
فجاءت بنا إنسان عين زمانه *** وخلت بياضا خلفها ومآقيا
نجوز عليها المحسنين إلى الذي *** نرى عندهم إحسانه والأياديا
فتى ما سرينا في ظهور جدودنا *** إلى عصره إلا نرجي التلاقيا
ترفع عن عون المكارم قدره *** فما يفعل الفعلات إلا عذاريا
يبيد عداوات البغاة بلطفه *** فإن لم تبد منهم أباد الأعاديا
أبا المسك ذا الوجه الذي كنت تائقا *** إليه وذا الوقت الذي كنت راجيا
لقيت المرورى والشناخيب دونه *** وجبت هجيرا يترك الماء صاديا
أبا كل طيب لا أبا المسك وحده *** وكل سحاب لا أخص الغواديا
يدل بمعنى واحد كل فاخر *** وقد جمع الرحمن فيك المعانيا
إذا كسب الناس المعالي بالندى *** فإنك تعطي في نداك المعاليا
وغير كثير أن يزورك راجل *** فيرجع ملكا للعراقين واليا
فقد تهب الجيش الذي جاء غازيا *** لسائلك الفرد الذي جاء عافيا
وتحتقر الدنيا احتقار مجرب *** يرى كل ما فيها وحاشاك فانيا
وما كنت ممن أدرك الملك بالمنى *** ولكن بأيام أشبن النواصيا
عداك تراها في البلاد مساعيا *** وأنت تراها في السماء مراقيا
لبست لها كدر العجاج كأنما *** ترى غير صاف أن ترى الجو صافيا
وقدت إليها كل أجرد سابح *** يؤديك غضبانا ويثنك راضيا
ومخترط ماض يطيعك آمرا *** ويعصي إذا استثنيت لو كنت ناهيا
وأسمر ذي عشرين ترضاه واردا *** ويرضاك في إيراده الخيل ساقيا
كتائب ما انفكت تجوس عمائرا *** من الأرض قد جاست إليها فيافيا
غزوت بها دور الملوك فباشرت *** سنابكها هاماتهم والمغانيا
وأنت الذي تغشى الأسنة أولا *** وتأنف أن تغشى الأسنة ثانيا
إذا الهند سوت بين سيفي كريهة *** فسيفك في كف تزيل التساويا
ومن قول سام لو رآك لنسله *** فدى ابن أخي نسلي ونفسي وماليا
مدى بلغ الأستاذ أقصاه ربه *** ونفس له لم ترض إلا التناهيا
دعته فلباها إلى المجد والعلا *** وقد خالف الناس النفوس الدواعيا
فأصبح فوق العالمين يرونه *** وإن كان يدنيه التكرم نائيا

تقي بن فالح
25-12-2017, 07:56 PM
في مدح سيف الدولة
أبو الطيب المتنبي
1
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم
2
وتعظم في عين الصغير صغارها *** وتصغر في عين العظيم العظائم
3
يكلف سيف الدولة الجيش همه *** وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
4
ويطلب عند الناس ما عند نفسه *** وذلك ما لا تدعيه الضراغم
5
يفدي أتم الطير عمرا سلاحه *** نسور الملا أحداثها والقشاعم
6
وما ضرها خلق بغير مخالب *** وقد خلقت أسيافه والقوائم
7
هل الحدث الحمراء تعرف لونها *** وتعلم أي الساقيين الغمائم
8
سقتها الغمام الغر قبل نزوله *** فلما دنا منها سقتها الجماجم
9
بناها فأعلى والقنا تقرع القنا *** وموج المنايا حولها متلاطم
10
وكان بها مثل الجنون فأصبحت *** ومن جثث القتلى عليها تمائم
11
طريدة دهر ساقها فرددتها *** على الدين بالخطي والدهر راغم
12
تفيت الليالي كل شيء أخذته *** وهن لما يأخذن منك غوارم
13
إذا كان ما تنويه فعلا مضارعا *** مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم
14
وكيف ترجي الروم والروس هدمها *** وذا الطعن آساس لها ودعائم
15
وقد حاكموها والمنايا حواكم *** فما مات مظلوم ولا عاش ظالم
16
أتوك يجرون الحديد كأنهم *** سروا بجياد ما لهن قوائم
17
إذا برقوا لم تعرف البيض منهم *** ثيابهم من مثلها والعمائم
18
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه *** وفي أذن الجوزاء منه زمازم
19
تجمع فيه كل لسن وأمة *** فما تفهم الحداث إلا التراجم
20
فلله وقت ذوب الغش ناره *** فلم يبق إلا صارم أو ضبارم
21
تقطع ما لا يقطع الدرع والقنا *** وفر من الأبطال من لا يصادم
22
وقفت وما في الموت شك لواقف *** كأنك في جفن الردى وهو نائم
23
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة *** ووجهك وضاح وثغرك باسم
24
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى *** إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
25
ضممت جناحيهم على القلب ضمة *** تموت الخوافي تحتها والقوادم
26
بضرب أتى الهامات والنصر غائب *** وصار إلى اللبات والنصر قادم
27
حقرت الردينيات حتى طرحتها *** وحتى كأن السيف للرمح شاتم
28
ومن طلب الفتح الجليل فإنما *** مفاتيحه البيض الخفاف الصوارم
29
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة *** كما نثرت فوق العروس الدراهم
30
تدوس بك الخيل الوكور على الذرى *** وقد كثرت حول الوكور المطاعم
31
تظن فراخ الفتخ أنك زرتها *** بأماتها وهي العتاق الصلادم
32
إذا زلقت مشيتها ببطونها *** كما تتمشى في الصعيد الأراقم
33
أفي كل يوم ذا الدمستق مقدم *** قفاه على الإقدام للوجه لائم
34
أينكر ريح الليث حتى يذوقه *** وقد عرفت ريح الليوث البهائم
35
وقد فجعته بابنه وابن صهره *** وبالصهر حملات الأمير الغواشم
36
مضى يشكر الأصحاب في فوته الظبا *** بما شغلتها هامهم والمعاصم
37
ويفهم صوت المشرفية فيهم *** على أن أصوات السيوف أعاجم
38
يسر بما أعطاك لا عن جهالة *** ولكن مغنوما نجا منك غانم
39
ولست مليكا هازما لنظيره *** ولكنك التوحيد للشرك هازم
40
تشرف عدنان به لا ربيعة *** وتفتخر الدنيا به لا العواصم
41
لك الحمد في الدر الذي لي لفظه *** فإنك معطيه وإني ناظم
42
وإني لتعدو بي عطاياك في الوغى *** فلا أنا مذموم ولا أنت نادم
43
على كل طيار إليها برجله *** إذا وقعت في مسمعيه الغماغم
44
ألا أيها السيف الذي ليس مغمدا *** ولا فيه مرتاب ولا منه عاصم
45
هنيئا لضرب الهام والمجد والعلا *** وراجيك والإسلام أنك سالم
46
ولم لا يقي الرحمن حديك ما وقى *** وتفليقه هام العدا بك دائم

تقي بن فالح
27-12-2017, 10:24 PM
في مدح سيف الدولة
أبو الطيب المتنبي
1
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع *** إن قاتلوا جبنوا أو حدثوا شجعوا
2
أهل الحفيظة إلا أن تجربهم *** وفي التجارب بعد الغي ما يزع
3
وما الحياة ونفسي بعد ما علمت *** أن الحياة كما لا تشتهي طبع
4
ليس الجمال لوجه صح مارنه *** أنف العزيز بقطع العز يجتدع
5
أأطرح المجد عن كتفي وأطلبه *** وأترك الغيث في غمدي وأنتجع
6
والمشرفية لا زالت مشرفة *** دواء كل كريم أو هي الوجع
7
وفارس الخيل من خفت فوقرها *** في الدرب والدم في أعطافها دفع
8
وأوحدته وما في قلبه قلق *** وأغضبته وما في لفظه قذع
9
بالجيش تمتنع السادات كلهم *** والجيش بابن أبي الهيجاء يمتنع
10
قاد المقانب أقصى شربها نهل *** على الشكيم وأدنى سيرها سرع
11
لا يعتقي بلد مسراه عن بلد *** كالموت ليس له ري ولا شبع
12
حتى أقام على أرباض خرشنة *** تشقى به الروم والصلبان والبيع
13
للسبي ما نكحوا والقتل ما ولدوا *** والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا
14
مخلى له المرج منصوبا بصارخة *** له المنابر مشهودا بها الجمع
15
يطمع الطير فيهم طول أكلهم *** حتى تكاد على أحيائهم تقع
16
ولو رآه حواريوهم لبنوا *** على محبته الشرع الذي شرعوا
17
ذم الدمستق عينيه وقد طلعت *** سود الغمام فظنوا أنها قزع
18
فيها الكماة التي مفطومها رجل *** على الجياد التي حوليها جذع
19
تذري اللقان غبارا في مناخرها *** وفي حناجرها من آلس جرع
20
كأنها تتلقاهم لتسلكهم *** فالطعن يفتح في الأجواف ما تسع
21
تهدي نواظرها والحرب مظلمة *** من الأسنة نار والقنا شمع
22
دون السهام ودون القر طافحة *** على نفوسهم المقورة المزع
23
إذا دعا العلج علجا حال بينهما *** أظمى تفارق منه أختها الضلع
24
أجل من ولد الفقاس منكتف *** إذ فاتهن وأمضى منه منصرع
25
وما نجا من شفار البيض منفلت *** نجا ومنهن في أحشائه فزع
26
يباشر الأمن دهرا وهو مختبل *** ويشرب الخمر حولا وهو ممتقع
27
كم من حشاشة بطريق تضمنها *** للباترات أمين ما له ورع
28
يقاتل الخطو عنه حين يطلبه *** ويطرد النوم عنه حين يضطجع
29
تغدو المنايا فلا تنفك واقفة *** حتى يقول لها عودي فتندفع
30
قل للدمستق إن المسلمين لكم *** خانوا الأمير فجازاهم بما صنعوا
31
وجدتموهم نياما في دمائكم *** كأن قتلاكم إياهم فجعوا
32
ضعفى تعف الأيادي عن مثالهم *** من الأعادي وإن هموا بهم نزعوا
33
لا تحسبوا من أسرتم كان ذا رمق *** فليس يأكل إلا الميت الضبع
34
هلا على عقب الوادي وقد صعدت *** أسد تمر فرادى ليس تجتمع
35
تشقكم بفتاها كل سلهبة *** والضرب يأخذ منكم فوق ما يدع
36
وإنما عرض الله الجنود بكم *** لكي يكونوا بلا فسل إذا رجعوا
37
فكل غزو إليكم بعد ذا فله *** وكل غاز لسيف الدولة التبع
38
يمشي الكرام على آثار غيرهم *** وأنت تخلق ما تأتي وتبتدع
39
وهل يشينك وقت أنت فارسه *** وكان غيرك فيه العاجز الضرع
40
من كان فوق محل الشمس موضعه *** فليس يرفعه شيء ولا يضع
41
لم يسلم الكر في الأعقاب مهجته *** إن كان أسلمها الأصحاب والشيع
42
ليت الملوك على الأقدار معطية *** فلم يكن لدنيء عندها طمع
43
رضيت منهم بأن زرت الوغى فرأوا *** وأن قرعت حبيك البيض فاستمعوا
44
لقد أباحك غشا في معاملة *** من كنت منه بغير الصدق تنتفع
45
الدهر معتذر والسيف منتظر *** وأرضهم لك مصطاف ومرتبع
46
وما الجبال لنصران بحامية *** ولو تنصر فيها الأعصم الصدع
47
وما حمدتك في هول ثبت له *** حتى بلوتك والأبطال تمتصع
48
فقد يظن شجاعا من به خرق *** وقد يظن جبانا من به زمع
49
إن السلاح جميع الناس تحمله *** وليس كل ذوات المخلب السبع

تقي بن فالح
29-12-2017, 07:55 PM
في مدح سيف الدولة
أبو الطيب المتنبي
1
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم *** ماذا يزيدك في إقدامك القسم
2
وفي اليمين على ما أنت واعده *** ما دل أنك في الميعاد متهم
3
آلى الفتى ابن شمشقيق فأحنثه *** فتى من الضرب تنسى عنده الكلم
4
وفاعل ما اشتهى يغنه عن حلف *** على الفعال حضور الفعل والكرم
5
كل السيوف إذا طال الضراب بها *** يمسها غير سيف الدولة السأم
6
لو كلت الخيل حتى لا تحمله *** تحملته إلى أعدائه الهمم
7
أين البطاريق والحلف الذي حلفوا *** بمفرق الملك والزعم الذي زعموا
8
ولى صوارمه إكذاب قولهم *** فهن ألسنة أفواهها القمم
9
نواطق مخيرات في جماجمهم *** عنه بما جهلوا منه وما علموا
10
الراجع الخيل محفاة مقودة *** من كل مثل وباري أهلها إرم
11
كتل بطريق المغرور ساكنها *** بأن دارك قنسرين والأجم
12
وظنهم أنك المصباح في حلب *** إذا قصدت سواها عادها الظلم
13
والشمس يعنون إلا أنهم جهلوا *** والموت يدعون إلا أنهم وهموا
14
فلم تتم سروج فتح ناظرها *** إلا وجيشك في جفنيه مزدحم
15
والنقع يأخذ حرانا وبقعتها *** والشمس تسفر أحيانا وتلتثم
16
سحب تمر بحصن الران ممسكة *** وما بها البخل لولا أنها نقم
17
جيش كأنك في أرض تطاوله *** فالأرض لا أمم والجيش لا أمم
18
إذا مضى علم منها بدا علم *** وإن مضى علم منه بدا علم
19
وشزب أحمت الشعرى شكائمها *** ووسمتها على آنافها الحكم
20
حتى وردن بسمنين بحيرتها *** تنش بالماء في أشداقها اللجم
21
وأصبحت بقرى هنزيط جائلة *** ترعى الظبا في خصيب نبته اللمم
22
فما تركن بها خلدا له بصر *** تحت التراب ولا بازا له قدم
23
ولا هزبرا له من درعه لبد *** ولا مهاة لها من شبهها حشم
24
ترمي على شفرات الباترات بهم *** مكامن الأرض والغيطان والأكم
25
وجاوزوا أرسناسا معصمين به *** وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم
26
وما يصدك عن بحر لهم سعة *** وما يردك عن طود لهم شمم
27
ضربته بصدور الخيل حاملة *** قوما إذا تلفوا قدما فقد سلموا
28
تجفل الموج عن لبات خيلهم *** كما تجفل تحت الغارة النعم
29
عبرت تقدمهم فيه وفي بلد *** سكانه رمم مسكونها حمم
30
وفي أكفهم النار التي عبدت *** قبل المجوس إلى ذا اليوم تضطرم
31
هندية إن تصغر معشرا صغروا *** بحدها أو تعظم معشرا عظموا
32
قاسمتها تل بطريق فكان لها *** أبطالها ولك الأطفال والحرم
33
تلقى بهم زبد التيار مقربة *** على جحافلها من نضحه رثم
34
دهم فوارسها ركاب أبطنها *** مكدودة بقوم لا بها الألم
35
من الجياد التي كدت العدو بها *** وما لها خلق منها ولا شيم
36
نتاج رأيك في وقت على عجل *** كلفظ حرف وعاه سامع فهم
37
وقد تمنوا غداة الدرب في لجب *** أن يبصروك فلما أبصروك عموا
38
صدمتهم بخميس أنت غرته *** وسمهريته في وجهه غمم
39
فكان أثبت ما فيهم جسومهم *** يسقطن حولك والأرواح تنهزم
40
والأعوجية ملء الطرق خلفهم *** والمشرفية ملء اليوم فوقهم
41
إذا توافقت الضربات صاعدة *** توافقت قلل في الجو تصطدم
42
وأسلم ابن شمشقيق أليته *** إلا انثنى فهو ينأى وهي تبتسم
43
لا يأمل النفس الأقصى لمهجته *** فيسرق النفس الأدنى ويغتنم
44
ترد عنه قنا الفرسان سابغة *** صوب الأسنة في أثنائها ديم
45
تخط فيها العوالي ليس تنفذها *** كأن كل سنان فوقها قلم
46
فلا سقى الغيث ما واراه من شجر *** لو زل عنه لوارت شخصه الرخم
47
ألهى الممالك عن فخر قفلت به *** شرب المدامة والأوتار والنغم
48
مقلدا فوق شكر الله ذا شطب *** لا تستدام بأمضى منهما النعم
49
ألقت إليك دماء الروم طاعتها *** فلو دعوت بلا ضرب أجاب دم
50
يسابق القتل فيهم كل حادثة *** فما يصيبهم موت ولا هرم
51
نفت رقاد علي عن محاجره *** نفس يفرج نفسا غيرها الحلم
52
القائم الملك الهادي الذي شهدت *** قيامه وهداه العرب والعجم
53
ابن المعفر في نجد فوارسها *** بسيفه وله كوفان والحرم
54
لا تطلبن كريما بعد رؤيته *** إن الكرام بأسخاهم يدا ختموا
55
ولا تبال بشعر بعد شاعره *** قد أفسد القول حتى أحمد الصمم

تقي بن فالح
31-12-2017, 11:24 AM
الحُمى
أبو الطيب المتنبي
مَلومُكما يَجِلُّ عنِ الملامِ = ووقعُ قَعالِهِ فوق الكلامِ

ذّراني والفلاةًَ بلا دليل = ٍووجهي والهجير بلا لِثامِ

فإني أستريحُ بذي وهذا = وأتعبُ بالإناخةِ والمُقامِ

عُيونُ رواحلي إن حِرْتُ عيني = وكلٌّ بُغامِ رازحةٍ بُغامي

فقد أردُ المياهَ بغير هادٍ = سوى عَدِّي لها بَرْقُ الغمامِ

يُذمَ لمهجتي ربي وسيفي = إذا احتاج الوحيدُ إلى الذمامِ

ولا أمسي لأهل البخل ضيفاً = وليس قرى سوى مخ النعام

ولمّا صار وُدُّ الناس خِباً = جَزَيت على ابتسامٍ بابتسامِِ

وصرتُ أشُكّ فيمن أصطفيه = ِلعلمي أنه بعض الأنامِ

يحب العاقلون على التصاقي = وحب الجاهلين على الوَسامِ

وآنف من أخي لأبي وأمي = إذا ما لم أجدهُ من الكرامِ

أرى ألأجداد تغلُبُها كثيراً = على ألولادِ أخلاق اللئامِ

ولست بقانعِ كل فضلٍ = بأن أعزى إلى جدٍّ هُمامِ

عجبت لمن له قدٌّ وحدٌّ = وينبو نبوة القضم الكهامِ

ومن يجد الطريق إلى المعالي = فلا يذرُ المطي بلا سَنامِ

ولم أرَ في عيوب الناس شيئاً = كنقص القادرين على التمامِ

أقمت بأرض مصر فلا ورائي = تخبُّ بيَ الرّكابُ ولا أمامي

وملني الفراش وكان جنبي = يملّ لقاءَهُ في كلِّ عامِ

قليل عائدي سقم فؤادي = كثير حاسدجي صعبٌ مرامي

عليل الجسم ممتنع القيامِ = شديد السكر من غير المدامِ

وزائرتي كأنّ بها حياءً = فليس تزور إلا في الظلامِ

بذلتُ لها المطارف والحشايا = فعافتها وباتت في عظامي

يضيق الجلد عن نفسي وعنها = فتوسعهُ بأنواعِ السَقلمِ

كأنّ الصبح يطردها فتجري = مدامعها بأربعة سِجامِ

أراقبُ وقتها في غير شَوقٍ = مراقبة المشوقِ المُستهامِ

ويصْدُقُ وعدها والصدقُ شَرٌ = إذا ألقاك في الكرب العِظامِ

أبنت الدهر عندي كُلُّ بنتٍ = فكيف وصلن أنتِ من الزحامِ

جرحتِ مجرحاً لم يبقَ فيهِ = مكانٌ للسيوفِ ولا السِهامِ

ألا ليت شعر يدي أتُمسي = تصَرّفُ في عِنانٍ أو زمامِ

وهل أرمي هواي براقصات = ٍمحلاةِ المقاود باللغامِ

فربتما شفَيتُ غليلَ صدري = بسيرٍ أو قناةٍ أو حُسامِ

وضاقت خطة فخلصت منها = خلاصَ الخمرِ من نسج الفدامِ

وفارقتُ الحبيب بلا وَداعٍ = وودَعتُ البلاد بلا سَلامِ

يقول ُلي الطبيبُ أكلتَ شيئا = ًوداؤكَ في شرابكَ والطعامِ

وما في طبهِ أنّي جَوادٌ = أضَرَّ بجسمه طول الجمامِ

تعود أن يُغبّر في السرايا = ويدخُلَ من قتام في قتامِ

فأُمسِكَ لا يُطالُ لَهُ فيرعى = ولا هو في العليق ولا اللجامِ

فإن أمرض فما مرض اصطباري = وإن أحمم فما حُمَّ اعتزامي

وإن أسلم فما أبقى ولكن = سَلِمْتُ من الحِمامِ إلى ألحِمامِ

تمتع من سُهادٍ أو رُقاد = ٍولا تأمُل كرى تحت الرِجامِ

فإنّ لثالثِ الحالين معنىً = سوى معنى انتباهِكَ والمنامِ

تقي بن فالح
02-01-2018, 02:41 PM
من أروع ماكتب المتنبى
أرَقٌ عَــلــى أرَقٍ .. وَمِـثْــلـي يَــــأرَق*** وَجَـــوًى يَـزيــــــدُ .. وَعَـبْــــرَةٌ تَـتَـرَقْـرَقُ

أبَــنــي أبِـيـنَــا نَــحْــنُ أهْــــلُ مَــنَــازِل*** أ بَــــداً غُــــرابُ الـبَـيــنِ فـيـهــا يَـنْـعَـــقُ

نَبْــكي على الدّنْيـــــــــــا وَمَا مِنْ مَعْشَرٍ *** جَمَعَتْهُــــــــــمُ الدّنْيـــــــــــا فَلَمْ يَتَفَرّقُوا

أيـــنَ الأكــــــاسِرَةُ الجَبــــــــابِرَةُ الأُلى*** كَنـــــــــَزُوا الكُنُــــوزَ فَما بَقيــنَ وَلا بَقــوا

مِن كُـلِّ مَن ضاقَ الفَضـــــــــاءُ بِجَيشِهِ***حَتّى ثَــــوى فَحَـــــــــــواهُ لَحــــــدٌ ضَيِّقُ

خُرْسٌ إذا نُـــــــودوا كــــــأنْ لم يَعْلَمُوا*** أنّ الكَـــلامَ لَهُــــــــــــمْ حَــــــلالٌ مُطلَقُ

فَالمَــــوْتُ آتٍ وَالنُّفُـــــــــــوسُ نَفائِسٌ *** وَالمُسْتَعِــــــــــــز ُّ بِمَـــا لَــــــدَيْهِ الأحْمَقُ

وَالمَـــــرْءُ يأمُـــــلُ وَالحَيَــــــاةُ شَهِيّةٌ *** وَالشّيْــــــــبُ أوْقَـــرُ وَالشّبيبــــَةُ أنْـــزَقُ

وَلَقَـد بَكَيـــــتُ عَلى الشَبـــابِ وَلِمَّتـي *** مُسوَدَّةٌ وَلِمـــــــــــاءِ وَجهِــــيَ رَونَـــقُ

حَـــــــذَرًا عَلَيــهِ قَبـلَ يَــــــــومِ فِراقِهِ *** حَتّى لَكِــــــدتُ بِمـــــــاءِ جَفنِـــيَ أَشرَقُ

أَمّا بَنــو أَوسِ بنِ مَعــــنِ بنِ الرِضــا *** فَأَعَــــــــزُّ مَن تُحــــــــــدى إِلَيــهِ الأَينُــقُ

كَبَّـــرتُ حَـــولَ دِيــــــارِهِم لَمّا بـــَدَت *** مِنها الشُمـــــوسُ وَلَيسَ فيهـــا المَشرِقُ

وَعَجِبـتُ مِن أَرضٍ سَحــــابُ أَكُفِّهِــمْ *** مِـن فَوقِهـــــا وَصُخــــــــورُها لا تـــــــورِقُ

وَتَفـــوحُ مِن طيــــبِ الثَنـــاءِ رَوائِـحٌ *** لَهُـــــــمُ بِكُـــــــــلِّ مَكـــــــانَةٍ تُستَنشَقُ

مِسكِيَّــــــــةُ النَفَحــــــــاتِ إِلا أَنَّــــها *** وَحشِيَّــــــــــــــةٌ بِسِواهُـــــــمُ لا تَعـــبَقُ

أَمُريـدَ مِثلِ مُحَمَّـــــــــدٍ في عَصــرِنا*** لا تَبلُنـــــــــــــا بِطِـــــــــلابِ مالا يُلــحَقُ

لــم يَخْـلُـقِ الـرّحْـمـنُ مـثــلَ مُـحَـمّـدٍ ***أحَــــــــداً وَظَـنّــــــي أنّــــــهُ لا يَــخْــلُــقُ

يا ذا الَّـذي يَهَـــبُ الجَــزيلَ وَعِنـــــدَهُ*** أَنّــي عَلَيــــــــــهِ بِأَخــــــــــذي أَتَصَــدَّقُ

أَمْطِـــر عَلَيَّ سَحـابَ جــــــودِكَ ثَــرَّةً *** وَاِنظُــــــر إِلَيَّ بِرَحمَــــــــــــةٍ لا أَغــــرَقُ

كَـــذَبَ اِبنُ فاعِـــلَةٍ يَقــولُ بِجَهـــــلِهِ *** مـــــــاتَ الكِــــــــرامُ وَأَنـتَ حَــيٌّ تـُــرزَقُ
.

تقي بن فالح
07-01-2018, 03:04 PM
الخيل والليل والبيداءُ تعرفني
وَاحَـرّ قَلْبـاهُ مـمّنْ قَلْبُـهُ شَبِـمُ =وَمَنْ بجِسْمـي وَحالي عِنـدَهُ سَقَـمُ
ما لي أُكَتِّمُ حُبًّا قَدْ بَـرَى جَسَـدي= وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلـةِ الأُمَـم ُ
إنْ كَـانَ يَجْمَعُنَـا حُـبٌّ لِغُرّتِـهِ= فَلَيْتَ أنّـا بِقَـدْرِ الحُـبّ نَقْتَسِـمُ
قد زُرْتُهُ وَسُيُـوفُ الهِنْـدِ مُغْمَـدَةٌ= وَقـد نَظَـرْتُ إلَيْـهِ وَالسّيُـوفُ دَمُ
فكـانَ أحْسَـنَ خَلـقِ الله كُلّهِـمِ =وَكانَ أحسنَ ما فِي الأحسَنِ الشّيَـمُ
فَوْتُ العَـدُوّ الـذي يَمّمْتَـهُ ظَفَـرٌ فِـي طَيّـهِ= أسَـفٌ فِي طَيّـهِ نِعَـمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوْفِ وَاصْطنعتْ= لَكَ المَهـابَـةُ ما لا تَصْنَـعُ البُهَـمُ
ألزَمْتَ نَفْسَكَ شَيْئـاً لَيـسَ يَلزَمُهـا =أنْ لا يُـوارِيَهُـمْ أرْضٌ وَلا عَـلَـمُ
أكُلّمَا رُمْتَ جَيْشـاً فانْثَنَـى هَرَبـاً= تَصَرّفَـتْ بِـكَ فِي آثَـارِهِ الهِمَـمُ
عَلَيْـكَ هَزْمُهُـمُ فِي كـلّ مُعْتَـرَكٍ =وَمَا عَلَيْـكَ بِهِمْ عَـارٌ إذا انهَزَمُـوا
أمَا تَرَى ظَفَراً حُلْـواً سِـوَى ظَفَـرٍ =تَصافَحَتْ فيهِ بِيضُ الـهِنْدِ وَاللِّمـمُ
يا أعدَلَ النّـاسِ إلاّ فِـي مُعامَلَتـي= فيكَ الخِصامُ وَأنتَ الخصْمُ وَالحكَـمُ
أُعِيذُهـا نَظَـراتٍ مِنْـكَ صادِقَـةً =أن تحسَبَ الشّحمَ فيمن شحمـهُ وَرَمُ
وَمَا انْتِفَـاعُ أخـي الدّنْيَـا بِنَاظِـرِهِ =إذا اسْتَوَتْ عِنْـدَهُ الأنْـوارُ وَالظُّلَـمُ
سَيعْلَمُ الجَمعُ مـمّنْ ضَـمّ مَجلِسُنـا= بأنّني خَيـرُ مَنْ تَسْعَـى بـهِ قَـدَمُ
أنَا الذي نَظَـرَ الأعْمَـى إلى أدَبـي =وَأسْمَعَتْ كَلِماتـي مَنْ بـهِ صَمَـمُ
أنَامُ مِلْءَ جُفُونـي عَـنْ شَوَارِدِهَـا =وَيَسْهَـرُ الخَلْـقُ جَرّاهَـا وَيخْتَصِـمُ
وَجاهِلٍ مَـدّهُ فِي جَهْلِـهِ ضَحِكـي =حَتَّـى أتَتْـه يَـدٌ فَـرّاسَـةٌ وَفَـمُ
إذا رَأيْـتَ نُيُـوبَ اللّيْـثِ بـارِزَةً =فَـلا تَظُـنّـنّ أنّ اللّيْـثَ يَبْتَسِـمُ
وَمُهْجَةٍ مُهْجَتـي من هَمّ صَاحِبـها =أدرَكْتُـهَا بجَـوَادٍ ظَـهْـرُه حَـرَمُ
رِجلاهُ فِي الرّكضِ رِجلٌ وَاليدانِ يَـدٌ= وَفِعْلُـهُ مَا تُريـدُ الكَـفُّ وَالقَـدَمُ
وَمُرْهَفٍ سرْتُ بينَ الجَحْفَلَيـنِ بـهِ= حتَّى ضرَبْتُ وَمَوْجُ المَـوْتِ يَلْتَطِـمُ
ألخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي -=وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ
صَحِبْتُ فِي الفَلَواتِ الوَحشَ منفَـرِداً =حتى تَعَجّبَ منـي القُـورُ وَالأكَـمُ
يَا مَـنْ يَعِـزّ عَلَيْنَـا أنْ نُفَارِقَهُـمْ= وَجدانُنا كُلَّ شـيءٍ بَعدَكـمْ عَـدَمُ
مَا كـانَ أخلَقَنَـا مِنكُـمْ بتَكرِمَـةٍ= لَـوْ أنّ أمْرَكُـمُ مِـن أمرِنَـا أمَـمُ
إنْ كـانَ سَرّكُـمُ ما قالَ حاسِدُنَـا-= فَمَـا لجُـرْحٍ إذا أرْضـاكُـمُ ألَـمُ
وَبَيْنَنَـا لَـوْ رَعَيْتُـمْ ذاكَ مَعـرِفَـةٌ= إنّ المَعارِفَ فِي أهْـلِ النُّهَـى ذِمَـمُ
كم تَطْلُبُونَ لَنَـا عَيْبـاً فيُعجِزُكـمْ =وَيَكْـرَهُ الله مـا تَأتُـونَ وَالكَـرَمُ
ما أبعدَ العَيبَ والنّقصانَ منْ شَرَفِـي= أنَـا الثّرَيّـا وَذانِ الشّيـبُ وَالهَـرَمُ
لَيْتَ الغَمَامَ الذي عنـدي صَواعِقُـهُ=يُزيلُهُـنّ إلـى مَـنْ عِنْـدَهُ الدِّيَـمُ
أرَى النّـوَى يَقتَضينـي كلَّ مَرْحَلَـةٍ= لا تَسْتَقِـلّ بِهَـا الوَخّـادَةُ الرُّسُـمُ
لَئِـنْ تَرَكْـنَ ضُمَيـراً عَنْ مَيامِنِنـا= لَيَحْـدُثَـنّ لـمَنْ وَدّعْتُهُـمْ نَـدَمُ
إذا تَرَحّلْـتَ عن قَـوْمٍ وَقَد قَـدَرُوا= أنْ لا تُفـارِقَهُـمْ فالرّاحِلـونَ هُـمُ
شَرُّ البِـلادِ مَكـانٌ لا صَديـقَ بِـهِ =وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسـانُ ما يَصِـمُ
وَشَـرُّ ما قَنّصَتْـهُ رَاحَتـي قَنَـصٌ= شُهْبُ البُـزاةِ سَـواءٌ فيهِ والرَّخَـمُ
بأيّ لَفْـظٍ تَقُـولُ الشّعْـرَ زِعْنِفَـةٌ= تَجُوزُ عِنـدَكَ لا عُـرْبٌ وَلا عَجَـمُ
هَـذا عِتـابُـكَ إلاّ أنّـهُ =مِـقَـةٌ قـد ضُمّـنَ الـدُّرَّ إلاّ أنّـهُ كَلِـمُ

تقي بن فالح
13-01-2018, 09:16 PM
في الهجاء
أفي كل يوم تحت ضِبني شُوَيْعرٌ ـ ضعيف يقاويني، قصير يطاول
لساني بنطقي صامت عنه عادل ـ وقلبي بصمتي ضاحكُ منه هازل
وأَتْعَبُ مَن ناداك من لا تُجيبه ـ وأَغيظُ مَن عاداك مَن لا تُشاكل
وما التِّيهُ طِبِّى فيهم، غير أنني _ بغيـضٌ إِلىَّ الجاهـل المتعاقِـل
من أية الطرق يأتي نحوك الكرم _ أين المحاجم ياكافور والجلم
جازا الأولى ملكت كفاك قدرهم ـ فعرفوا بك أن الكلب فوقهم
لا شيء أقبح من فحل له ذكر ـ تقوده أمة ليست لها رحم
سادات كل أناس من نفوسهم ـ وسادة المسلمين الأعبد القزم
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم ـ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
ألا فتى يورد الهندي هامته ـ كما تزول شكوك الناس والتهم
فإنه حجة يؤذي القلوب بها ـ من دينه الدهر والتعطيل والقدم
ما أقدر الله أن يخزي خليقته ـ ولا يصدق قوما في الذي زعموا
.

تقي بن فالح
26-01-2018, 09:55 PM
أفيقا خمار الهم نغصني الخمرا
أفيقا خُمارُ الهمِّ نغَّصَني الخَمرا == وسكري من الأيامِ جنّبني السُكرا
تَسُرُّ خليلَيَّ المدامَةُ والذي بقَلبيَ ==يَأبى أن أُسَرَّ كَما سُرّا
لبستُ صروفَ الدهرَ أخشَنَ ملبَسٍ== فعَرَّقنَني ناباً ومزَّقنني ظُفرا
وفي كُلِّ لحظٍ لي ومَسمَعِ نغمَةٍ == يُلاحظُني شَزراً ويوسِعني هُجرا
سدِكتُ بصَرفِ الدهرِ طفلاً ويافِعاً ==فأفنَيتُهُ عزماً ولم يُفنني صبرا
أريدُ من الأيام مالا يريدُهُ سوايَ ولا ==يجري بخاطرهِ فكرا
وأسألُها ما أستحقُّ قضاءَهُ == وما أنا ممّن رام حاجَتَهُ قسرا
ولي كبدٌ من رأيِ همِّتِها النوى == فتُركِبُني من عزمِها المركبَ الوعرا
تروق بني الدنيا عجائبُها ولي == فُؤادٌ ببيضِ الهند لا بيضها مغرى
أخو همَمٍ رحّالَةٌ لا تزالُ بي نَوىً ==تقطع البيداءَ أو أقطعَ العُمرا
ومَن كان عزمي بين جنَبيهِ حثَّهُ == وخيَّلَ طول الأرضِ في عينه شِبرا
صحِبتُ ملوكَ الأرضِ مغتبِطاً بهم == وفارقتُهم ملآنَ من شنفٍ صدرا
ولمّا رأيتُ العبدَ للحُرِّ مالِكاً == لأبيتُ إباء الحُرِّ مسترزقاً حُرّا
ومصرُ لعمري أهل كلِّ عجيبَةٍ == ولا مثل ذا المخصِيِّ أعجوبَةً نُكرا
يُعَدُّ إذا عُدَّ العجائِبُ أوّلاً كما == يُبتدى في العدِّ بالأصبَعِ الصُغرى
فيا هِرمَلَ الدنيا ويا عبرَة الورى == ويا أيُّها المخصِيُّ مَن أُمُّكَ البظرا
نُوَيبيَّةٌ لم تدرِ أن بُنَيَّها الـ نـُوَيبيَّ == بعدَ اللَه يُعبَدُ في مِصرا
ويستَخدمُ البيضَ الكواعِبَ كالدُمى ==ورومَ العِبِدَّى والغطارِفَة الغُرّا
قضاءٌ من اللَه العلِيِّ أرادَهُ == ألا رُبَّما كانت إرادتُهُ شَرّا
وللَه آياتٌ ولَيسَتَ كهَذهِ ==أظُنُّكَ يا كافورُ آيتَهُ الكبرى
لعَمريَ ما دهرٌ بهِ أنت طيِّبٌ == أيَحسَبُني ذا الدهرُ أحسَبُهُ دَهرا
وأكفُرُ يا كافورُ حين تلوحُ لي == ففارَقتُ مُذ فارقتُكَ الشركَ والكُفرا
عثَرت بسَيري نحو مصرَ فلا لَعاً == بها ولَعاً بالسيرِ عنها ولا عَثرا
وفارَقتُ خيرَ الناس قاصِدَ شرِّهِم == وأكرَمَهُم طُرّاً لأنذلِهِم طُرّا
فعاقَبني المَخصِيُّ بالغَدرِ جازِياً == لأنَّ رحيلي كان عن حَلَبٍ غَدرا
وما كنتُ إلا فائِلَ الرأي لم أُعَنْ == بحزمٍ ولا استصحَبتُ في وجهتي حِجرا
وقد أُرِي الخنزيرُ أنّى مدَحتُهُ == ولو علِموا قد كانَ يُهجى بما يُطرا
جسَرتُ على دهياء مصرَ ففُتُّها == ولم يَكُنِ الدهياءَ إلا من استجرا
سأجلُبُها أشباهَ ما حمَلَتْهُ == من أسنَّتِها جرداً مُقَسطلَةً غُبْرا
وأُطلِعُ بيضاً كالشموسِ مُطِلَّةً ==إذا طلعَت بيضاً وإن غرَبَت حُمرا
فإن بلَغَت نفسي المُنى فبِعَزمِها ==وإلا فقد أبلَغتُ في حرصِها عُذرا

تقي بن فالح
20-02-2018, 12:49 PM
قطعت بسيري كل يهماء مفزع
قَطَعتُ بسَيري كلَّ يهماءَ مفزَعِ == وجُبتُ بخيلي كلَّ صرماءَ بلقعِ
وثلَّمتُ سيفي في رؤوسٍ وأذرُعٍ == وحطّمتُ رمحي في نحورٍ وأضلُع
وصيّرتُ رأيي بعد عزميَ رائِدي == وخلّفت آراءً توالَت بمَسمَعي
ولم أتَّرِكْ أمراً أخافُ اغتيالَه == ولا طمعَت نفسي إلى غير مطمَع
وفارقتُ مصراً والأُسَيْوِدُ عينُهُ == حذارَ مسيري تستهلُّ بأدمُع
ألم تفهم الخُنثى مقالي وأنَّني ==أُفارقُ من أقلي بقلبٍ مُشَيَّعِ
ولا أرعوي إلا إلى من يودّني ولا == يطّبيني منزلٌ غيرُ مُمرعِ
أبا النتنِ كم قيَّدتني بمواعِدٍ == مخافَة نظمٍ للفُؤادِ مُرَوِّع
وقدَّرتَ من فرطِ الجهالة أنّني == أُقيمُ على كذبٍ رصيفٍ مُضَيَّعِ
أقيمُ على عبدٍ خَصِيٍّ مُنافِقِ == لئيمٍ رديءِ الفعلِ للجودِ مُدّعي
وأترُكُ سيفَ الدولَةِ الملِكَ الرضا == كريمَ المحيّا أروعاً وابنَ أروع
فتىً بحرُهُ عذبٌ ومقصِدُه غِنىً== ومَرتَعُ مرعى جودهِ خيرُ مرتَعِ
تظَلُّ إذا ما جئتَهُ الدهرَ آمناً == بخيرِ مكانٍ بل بأشرَفِ موضعِ



http://www.adab.com/photos/adab.jpg

تقي بن فالح
26-02-2018, 12:53 PM
هينا فقدت من الرجال بليدا
هيناً فقدتُ من الرجال بليدا ==من كان عندَ وجوده مَفقودا
غلَبَ التبَسُّمُ يومَ ماتَ تفجُّعي == وغدا به رأي الحمامِ سديدا
يا صاحبَ الجَدَثِ الذي شمَلَ البري== يةَ جودُهُ لو كان لؤمُكَ جودا
قد كنتَ أنتَنَ منه يوم دخوله ريحاً== وأكثرَ في الحياة صديدا
وأذَلَّ جمجُمَةً وأعيا منطِقاً == وأقَلَّ معروفاً وأذوى عودا
أسلَمتَ لحيتَكَ الطويلَةَ للبلى== وثويتَ لا أجراً ولا محمودا
وروى الأطبّةُ أنّ ما بك قاتِلٌ == حُمْقٌ شفاؤُكَ كان منه بعيدا
وفسادُ عقلكَ نالَ جسمَك ==معدِياً وليُفسِدَنَّ ضريحَه والدودا
قسَمت سَتاه بنيه ميراثَ استِه ==من بعدِه فغدَت بغايا سودا
لو وَصَّلوا ما استدخلوا من فيشةٍ ==في طولهم وصلوا السماء قعودا
أولادُ حيدَرَة الأصاغِرَ أنفُساً ==ومناظِراً ومخابراً وجدودا
سودٌ ولَو بهرَ النجومَ بياضُهُم == قُلٌّ ولَو كثروا الترابَ عديدا
بُلِيتَ بما يجدونَ كلّ بخيلَةٍ ==حسناءَ كيلا تستطيعَ صدودا
شيءٌ كلا شيءٍ لو اَنّك منهُمُ ==في عسكَر مَجرٍ لكنتَ وحيدا
أسرِف فإنَّك صادِقٌ في شتمِهِم ==في كلِّ شيءٍ ما خلا التحديدا
https://www.aldiwan.net/images/logo.svg
.

تقي بن فالح
04-03-2018, 12:33 PM
أتظعن يا قلب مع من ظعن
أتظعَنُ يا قلبُ مع من ظعَنْ == حَبيبَينِ أندُبُ نفسي إذَنْ
ولم لا أصابُ وحربُ البسو سِ == بينَ جفوني وبينَ الوسَن
وهل أنا بعدَكُم عائشٌ == وقد بنتَ عنّي وبانَ السكَن
فدى ذلكَ الوجه بدرُ الدجى == وذاك التثنّي تثنّي الغُصُن
فما للفراق وما للجميع == وما للرياح وما للدِمَن
كأنْ لم يكن بعد أن كان لي ==كما كان لي بعد أن لم يكُن
ولم يسقني الراح ممزوجَةً == بماءِ اللِّثَى لا بماءِ المُزَن
لها لونُ خدّيهِ في كفِّهِ وريحُكَ== يا أحمدَ بنَ الحسَن
ألَم يُلفِكَ الشرفُ اليعرُبيّ ==وأنتَ غريبَةُ أهل الزَمَن
كأنَّ المحاسنَ غارَت عليكَ== فسَلَّت لدَيكَ سُيوفَ الفِتَن
لَذِكرُكَ أطيبُ من نشرِها == ومدحُكَ أحلى سماعِ الأُذُن
فَلَم يَرَكَ الناسُ إلا غنوا برُؤياكَ== عن قولِ هذا ابنُ مَن
ولو قُصِدَ الطفلُ من طَيّئٍ ==لشاركَ قاصِدُهُ في اللبَن
فما البَحرُ في البرِّ إلا نداكَ ==وما الناسُ في الباسِ إلا اليمَن

تقي بن فالح
07-03-2018, 03:25 PM
شغلي عن الربع أن أسائله
شغْلي عن الرّبع أن أُسائلَه== وأن أطيلَ البُكاء في خَلَقِهْ
بالسجن والقيد والحديد ==وما يُنقضُ عند القيام من حلَقِهْ
في كل لصٍّ إذا خلوتُ به حدَّث ==عن جحده وعن سرَقِهْ
لو خُلقت رجله كهامته إذاً ==لبارى البُزاةَ في طلَقِهْ
بدّلت جيرانه وبِلْيته في ==خطّ كفّ الأمير من ورَقِهْ
يا أيها السيد الهمام أبا ال ==عباس والمستعاذُ من حَنَقِهْ
أعني الأمير الذي لهيبته ==يخفق قلب الرضيع في خِرَقِهْ
المظهر العدل في رعيته ==والمعتدى حلمه على نزقِهْ
لما تأملته رأيت له مجداً ==تضلُّ الصفات في طرقِهْ
نظرت من طبعه إلى ملك== يغضى حماة الشآم من خُلُقِهْ
لو ما ترى سفكه بقدرته ==كان دم العالمين في عنقِهْ
يا من إذا استنكر الإمام به== مات جميع الأنام من فرقِهْ
في كل يوم يسرى إلى عملٍ== في عسكر لا يُرى سوى حدقِهْ
تشتعل الأرض من بوارقه ==ناراً وتنبو السيوف عن درَقِهْ
قد أثّر القيظ في محاسنه ==وفاح ريح العبير من عرقِهْ
كأنّما الشمس لم تزر بلداً ==في الأرض إلّا طلعتَ في أُفُقِهْ
اللَه يا ذا الأمير في رجل لم ==تبق من جسمه سوى رمقِهْ
كم ضوء صبح رجاك في غده ==وجنح ليل دعاك في غَسقِهْ
ناداك من لجّة لتنقذه من==بعد مالا يشكُّ في غرقِهْ



http://www.adab.com/photos/adab.jpg

تقي بن فالح
15-03-2018, 04:16 PM
يا ديار العباهر الأتراب
يا ديار العباهر الأترابِ ==أين أهل الخيام والأطنابِ
قذفت بالبدور عنك ظهورُ الـ ==ـبُدن قذف القسِيِّ بالنُشاب
غادة تجعل الخلي شجياً == وتصيب المحب بالأوصاب
صدُّها يذهل العقول بالوصـ == ـل ترد العقول بعد ذهاب
يا شبابي ترفَّقَن بشبابي == نمتَ عن ليتي وبتُّ لما بي
تالفاً بين ميتة وحياةٍ واقفاً == بين رحمةٍ وعذاب
خُذ إلهي من الملاح لجسم ==حُلن ما بينه وبين الثياب
سوءةٌ للتي شكوت فقالت ==سوءةٌ للمُمَخرق الكذّاب
أعتَبت بالصدود بعد عتاب= =ورمت بالنقاب بالعُنّاب
بعُنَابٍ تسوّدت من حشائي بسواد ==ومن دمي بخضاب
وتمشّت من الفؤاد بنعلٍ == حُرُّ وجهي له مكانَ التراب
آه لم يدر ما العذاب فؤادٌ == لم يذق طعم فرقة الأحباب
أبعدي فالسلوُّ أجمل عندي== من حضور البكا على الغُيّاب
ووقار الفتى بغير مشيب ==كصبو امرئٍ بغير شباب
سقِّني ريقها وسقِّ نديمي من سلاف ممزوجة برضاب
واسقِ أطلالها وإن هجرتنا يا إله السماء نوءَ السحاب
عبيد الـ ـلهِ معطى الورى بغير حساب
يستقل الكثير معتذراً == من أخذه طالباً إلى الطُلّاب
فنفوس الأموال غير رواضٍ == عنه والسائلون غير غضاب
إن جود الوسمي بل زبد البحـ ==ـر ترامى عبابُه بحَباب
دون جدوى أبي الحسين إذا ما اشـ== ـتغل الشعر بالعطايا الرغاب

تقي بن فالح
28-03-2018, 02:29 PM
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَ شافِيَا***وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّ أمانِيَا
تَمَنّيْتَهَا لمّا تَمَنّيْتَ أنْ تَرَى*** صَديقاً فأعْيَا أوْ عَدُواً مُداجِيَا
إذا كنتَ تَرْضَى أنْ تَعيشَ بذِلّةٍ***فَلا تَسْتَعِدّنّ الحُسامَ اليَمَانِيَا
وَلا تَستَطيلَنّ الرّماحَ لِغَارَةٍ*** وَلا تَستَجيدَنّ العِتاقَ المَذاكِيَا
فما يَنفَعُ الأُسْدَ الحَياءُ من الطَّوَى*** وَلا تُتّقَى حتى تكونَ ضَوَارِيَا
حَبَبْتُكَ قَلْبي قَبلَ حُبّكَ من نأى*** وَقد كانَ غَدّاراً فكُنْ أنتَ وَافِيَا
وَأعْلَمُ أنّ البَينَ يُشكيكَ بَعْدَهُ***فَلَسْتَ فُؤادي إنْ رَأيْتُكَ شَاكِيَا
فإنّ دُمُوعَ العَينِ غُدْرٌ بِرَبّهَا*** إذا كُنّ إثْرَ الغَادِرِين جَوَارِيَا
إذا الجُودُ لم يُرْزَقْ خَلاصاً من الأذَى*** فَلا الحَمدُ مكسوباً وَلا المالُ باقِيَا
وَللنّفْسِ أخْلاقٌ تَدُلّ على الفَتى*** أكانَ سَخاءً ما أتَى أمْ تَسَاخِيَا
أقِلَّ اشتِياقاً أيّهَا القَلْبُ رُبّمَا*** رَأيْتُكَ تُصْفي الوُدّ من ليسَ صافيَا
خُلِقْتُ ألُوفاً لَوْ رَجعتُ إلى الصّبَى*** لَفارَقتُ شَيبي مُوجَعَ القلبِ باكِيَا
وَلَكِنّ بالفُسْطاطِ بَحْراً أزَرْتُهُ*** حَيَاتي وَنُصْحي وَالهَوَى وَالقَوَافِيَا
وَجُرْداً مَدَدْنَا بَينَ آذانِهَا القَنَا*** فَبِتْنَ خِفَافاً يَتّبِعْنَ العَوَالِيَا
تَمَاشَى بأيْدٍ كُلّمَا وَافَتِ الصَّفَا*** نَقَشْنَ بهِ صَدرَ البُزَاةِ حَوَافِيَا
وَتَنظُرُ من سُودٍ صَوَادِقَ في الدجى*** يَرَينَ بَعيداتِ الشّخُوصِ كما هِيَا
وَتَنْصِبُ للجَرْسِ الخَفِيِّ سَوَامِعاً ***يَخَلْنَ مُنَاجَاةَ الضّمِير تَنَادِيَا
تُجاذِبُ فُرْسانَ الصّباحِ أعِنّةً*** كأنّ على الأعناقِ منْهَا أفَاعِيَا
بعَزْمٍ يَسيرُ الجِسْمُ في السرْجِ راكباً***بهِ وَيَسيرُ القَلبُ في الجسْمِ ماشِيَا
قَوَاصِدَ كَافُورٍ تَوَارِكَ غَيرِهِ ***وَمَنْ قَصَدَ البَحرَ استَقَلّ السّوَاقِيا
فَجاءَتْ بِنَا إنْسانَ عَينِ زَمانِهِ*** وَخَلّتْ بَيَاضاً خَلْفَهَا وَمَآقِيَا
تجُوزُ عَلَيهَا المُحْسِنِينَ إلى الّذي*** نَرَى عِندَهُمْ إحسانَهُ وَالأيادِيَا
فَتىً ما سَرَيْنَا في ظُهُورِ جُدودِنَا*** إلى عَصْرِهِ إلاّ نُرَجّي التّلاقِيَا
تَرَفّعَ عَنْ عُونِ المَكَارِمِ قَدْرُهُ*** فَمَا يَفعَلُ الفَعْلاتِ إلاّ عَذارِيَا
يُبِيدُ عَدَاوَاتِ البُغَاةِ بلُطْفِهِ*** فإنْ لم تَبِدْ منهُمْ أبَادَ الأعَادِيَا
أبا المِسكِ ذا الوَجْهُ الذي كنتُ تائِقاً*** إلَيْهِ وَذا اليَوْمُ الذي كنتُ رَاجِيَا
لَقِيتُ المَرَوْرَى وَالشّنَاخيبَ دُونَهُ***وَجُبْتُ هَجيراً يَترُكُ المَاءَ صَادِيَا
أبَا كُلّ طِيبٍ لا أبَا المِسْكِ وَحدَه*** وَكلَّ سَحابٍ لا أخُصّ الغَوَادِيَا
يُدِلّ بمَعنىً وَاحِدٍ كُلُّ فَاخِرٍ*** وَقد جَمَعَ الرّحْم?نُ فيكَ المَعَانِيَا
إذا كَسَبَ النّاسُ المَعَاليَ بالنّدَى*** فإنّكَ تُعطي في نَداكَ المَعَالِيَا
وَغَيرُ كَثِيرٍ أنْ يَزُورَكَ رَاجِلٌ ***فَيَرْجعَ مَلْكاً للعِرَاقَينِ وَالِيَا
فَقَدْ تَهَبُ الجَيشَ الذي جاءَ غازِياً***لِسائِلِكَ الفَرْدِ الذي جاءَ عَافِيَا
وَتَحْتَقِرُ الدّنْيَا احْتِقارَ مُجَرِّبٍ*** يَرَى كلّ ما فيهَا وَحاشاكَ فَانِيَا
وَمَا كُنتَ ممّن أدرَكَ المُلْكَ بالمُنى*** وَلَكِنْ بأيّامٍ أشَبْنَ النّوَاصِيَا
عِداكَ تَرَاهَا في البِلادِ مَساعِياً ***وَأنْتَ تَرَاهَا في السّمَاءِ مَرَاقِيَا
لَبِسْتَ لهَا كُدْرَ العَجاجِ كأنّمَا*** تَرَى غيرَ صافٍ أن ترَى الجوّ صَافِيَا
وَقُدتَ إلَيْها كلّ أجرَدَ سَابِحٍ*** يؤدّيكَ غَضْبَاناً وَيَثْنِيكَ رَاضِيَا
وَمُخْتَرَطٍ مَاضٍ يُطيعُكَ آمِراً*** وَيَعصِي إذا استثنَيتَ أوْ صرْتَ ناهِيَا
وَأسْمَرَ ذي عِشرِينَ تَرْضَاه وَارِداً ***وَيَرْضَاكَ في إيرادِهِ الخيلَ ساقِيَا
كَتائِبَ ما انفَكّتْ تجُوسُ عَمائِراً*** من الأرْضِ قد جاسَتْ إلَيها فيافِيَا
غَزَوْتَ بها دُورَ المُلُوكِ فَباشَرَتْ*** سَنَابِكُها هَامَاتِهِمْ وَالمَغانِيَا
وَأنْتَ الذي تَغْشَى الأسِنّةَ أوّلاً ***وَتَأنَفُ أنْ تَغْشَى الأسِنّةَ ثَانِيَا
إذا الهِنْدُ سَوّتْ بَينَ سَيفيْ كَرِيهَةٍ ***فسَيفُكَ في كَفٍّ تُزيلُ التّساوِيَا
وَمِنْ قَوْلِ سَامٍ لَوْ رَآكَ لِنَسْلِهِ*** فِدَى ابنِ أخي نَسلي وَنَفسي وَمالِيَا
مَدًى بَلّغَ الأستاذَ أقصَاهُ رَبُّهُ ***وَنَفْسٌ لَهُ لم تَرْضَ إلاّ التّنَاهِيَا
دَعَتْهُ فَلَبّاهَا إلى المَجْدِ وَالعُلَى*** وَقد خالَفَ النّاسُ النّفوسَ الدّوَاعيَا
فأصْبَحَ فَوْقَ العالَمِينَ يَرَوْنَهُ*** وَإنْ كانَ يُدْنِيهِ التّكَرُّمُ نَائِيَا


ألمصدر : ديوان الزاهد
.