تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فلما نجيناهم..



ناديه محمد الجابي
07-02-2018, 11:11 AM
طار بسيارته الفارهة بسرعة جنونية تسابق أفكاره الطموحة الجموحة.. هو في الطريق لإتمام صفقة أخرى من صفقاته التجارية الناجحة، ليضيف أصفارا أخرى إلى رصيده ذو الأرقام الفلكية.
رن هاتفه النقال فرد ـ فجاءه صوت لعوب لمرأة يعرفها ذات صوت حسن،ونغمة تسحره بغنجها المتعمد ، فانشغل معها في حديث تتخلله ضحكاتها الرنانة التي أخرجته عن طوره ، فلم يلاحظ تلك الشاحنة التي اعترضت طريقه فجأة قادمة من الإتجاه الموازي للكورنيش، فداس على البنزين بكل قوته محاولا تفادي التصادم ليطير بسيارته التي ارتفعت به مثل طود هائل عشرات الأمتار في الهواء، ثم نزلت بإندفاع في وسط البحر.
صرخ بكل ما أوتى من قوة وهو يرى السيارة تهوي بسرعة إلى أغوار سحيقة البعد. أغمض عينيه
وابتهل إلى الله أن ينقذه من موت محقق .
في تلك اللحظات مرت أمام عينيه حياته كلها كشريط سريع من الصور.. أخذ يبحث عن عمل صالح
واحد يسأل الله به أن ينجيه فامتثلت أمامه كل اعماله القذرة.. رياء ونفاق وشراء ذمم، دسائس لأعدائه ومنافسيه، ورشاوي لقضاء مصالحه. فبكى بحرقة وحسرة وتأكد من إنه هالك لا محالة، فهتف بحرارة لم يعهدها .. يامغيث أغثني.
طوفان من الماء المالح اجتاح فمه وانفه ـ خطر له خاطر .. إنه مازال مربوطا بحزام الأمان إلى كرسي السيارة ـ حرر نفسه من الحزام واستمات لكي يخرج من النافذة التي كانت مفتوحة.
الظلام الكثيف يغلف المكان، وقد بدا ضباب يغلف وعيه ـ ولكن غريزة البقاء، وحب الحياة كانت قوية
في داخله فأخذ يقاوم ويحرك يديه وقدميه محاولا الصعود إلى الأعلى، ورغبة رهيبة في مقاومة الموت تملك كل حواسه ، يساعده على ذلك بنيته القوية، وإلمامه بالسباحة والغطس ونفسه الطويل ليجد نفسه في لحظات لا تقدر في عالم الزمن قد ارتفع إلى السطح.
بدأت نسمات الهواء تتسرب إلى أنفه وتنساب في خلاياه فاستشعر دبيب الحياة يسري في جسده .
ولكن كان عليه أن يصارع الأمواج، والبرودة اللاذعة وقد تشققت شفتاه من الملوحة اللاذعة والتهب حلقه
وبدات قواه تخور ، أخذ يقاوم سابحا نحو الشاطئ بمجاديف الأعياء والتعب والظمأ، خرج من البحر
إلى الشاطئ الرملي ـ فألقى بجسده الذي انهكته المقاومة ، وارتخت جفونه ليغيب عن الوعي.
فتح عينيه ليجد نفسه يرقد على سرير ، ويحيط به اللون الأبيض من كل مكان ـ أطل عليه وجه ملائكي
قال بصوت متحشرج : أمت انا؟
ـ ابتسمت ابتسامة عريضة قائلة: بل نجوت بأعجوبة ـ عندما أتوا بك إلى المستشفى منذ ثلاثة أيام ، كان جسمك ملئ بالكدمات والجروح ، وقد دخلت في غيبوبة لم تخرج منها إلا الآن.
ـ خبط رأسه بيده بكل قوة وهو يقول: منذ ثلاثة أيام
يا خسارتي .. ضاعت الصفقة.
3/2/2018

حسن لشهب
07-02-2018, 11:21 AM
وكم في الحياة من عبر .....
لكن قل من يتوب ويعود إلى جادة الصواب.
قصة واقعية حد الوجع .
كل التقدير لإبداعك الهادف

علاء سعد حسن
07-02-2018, 10:08 PM
هكذا نحن بنو البشر قد تكون غرائزنا أقوى حتى من تجاربنا التي رأينا فيها العذاب المحيط

نص يحوي جمال وعبرة

دام الإبداع

أريج اليوسف
07-02-2018, 11:54 PM
أعلم أن العنوان يدل على الحدث المهم في القصة لكنني فوجئت حقا بالنهاية
قليل منّا من يؤوب إلى الله بعد انحسار الأزمة
بوركت أديبتنا
.....
ذي الأرقام
باندفاع
أنه هالك
أنهكته المقاومة
أعتقد أن الهمزات أخطاء مطبعية فعذرا على الإشارة إليها

أحمد العكيدي
08-02-2018, 11:27 AM
قصة جميلة، تمازج فيها الأسلوب الرائع مع الموضوع الهادف في قالب لغوي بديع، تكامل عنوان النص بقفلة رائعة مرورا بحبكة غاية في الدقة...
استمتعت كثيرا بهذا النص.
دمت والإبداع

ناديه محمد الجابي
08-02-2018, 06:39 PM
وكم في الحياة من عبر .....
لكن قل من يتوب ويعود إلى جادة الصواب.
قصة واقعية حد الوجع .
كل التقدير لإبداعك الهادف

سعدت بمرورك، وشرفت حروفي بإطلالتك
شكرا لبهاء حرفك، وعطر كلماتك بصفحتي
تقبل خالص تحياتي.
:010::noc::0014:

ناديه محمد الجابي
08-02-2018, 06:46 PM
هكذا نحن بنو البشر قد تكون غرائزنا أقوى حتى من تجاربنا التي رأينا فيها العذاب المحيط

نص يحوي جمال وعبرة

دام الإبداع

أكرمت النص بمغدق ردك ، وسامق حضورك
وزنت الصفحة ببهاء حرفك
تحياتي وودي.
:010::noc::0014:

ناديه محمد الجابي
09-02-2018, 07:35 PM
أعلم أن العنوان يدل على الحدث المهم في القصة لكنني فوجئت حقا بالنهاية
قليل منّا من يؤوب إلى الله بعد انحسار الأزمة
بوركت أديبتنا
.....
ذي الأرقام
باندفاع
أنه هالك
أنهكته المقاومة
أعتقد أن الهمزات أخطاء مطبعية فعذرا على الإشارة إليها


زيارة أولى أسعدتني، وإطلالة عابقة بالجمال سررت بها كثيرا
مرحبا بك في واحتنا ـ واحة التناصح والأخوة والأدب والجمال
شكرا لك على التصحيح .. وفي انتظار إبداعاتك سأكون بشوق
على انتظار.
ولك تحياتي وودي.
:010::014::0014:

ناديه محمد الجابي
09-02-2018, 07:50 PM
قصة جميلة، تمازج فيها الأسلوب الرائع مع الموضوع الهادف في قالب لغوي بديع، تكامل عنوان النص بقفلة رائعة مرورا بحبكة غاية في الدقة...
استمتعت كثيرا بهذا النص.
دمت والإبداع

مرورك زان ببهائه النص وأكرم الحرف وصاحبته
إطلالة عابقة بالبهاء ـ دام دفعك.
ولك تحياتي وودي.
:010::noc::0014:

أريج اليوسف
10-02-2018, 04:32 PM
زيارة أولى أسعدتني، وإطلالة عابقة بالجمال سررت بها كثيرا
مرحبا بك في واحتنا ـ واحة التناصح والأخوة والأدب والجمال
شكرا لك على التصحيح .. وفي انتظار إبداعاتك سأكون بشوق
على انتظار.
ولك تحياتي وودي.
:010::014::0014:


جزاك الله خيرا على ترحيبك الجميل أيتها الأديبة الأجمل:014:
ولك شكري الجزيل على تقبّلك خربشات ردي أيتها الأنيقة:0014:

محمد مخفي
27-05-2018, 03:55 AM
أريد أن أكتب في القصة لكن في كل مرة يخونني الحرف و ربما انا الذي أخونه، الصفقة كانت بالفعل صفقة و راقت لي فيها الفقرة الأتية
" في تلك اللحظات مرت أمام عينيه حياته كلها كشريط سريع من الصور.. أخذ يبحث عن عمل صالح

واحد يسأل الله به أن ينجيه فامتثلت أمامه كل اعماله القذرة.. رياء ونفاق وشراء ذمم، دسائس لأعدائه
ومنافسيه، ورشاوي لقضاء مصالحه. فبكى بحرقة وحسرة وتأكد من إنه هالك لا محالة، فهتف بحرارة
لم يعهدها .. يامغيث أغثني."
جميل ما قرأت بالتوفيق و المزيد من التألق.

ناديه محمد الجابي
27-05-2018, 04:53 PM
أريد أن أكتب في القصة لكن في كل مرة يخونني الحرف و ربما انا الذي أخونه، الصفقة كانت بالفعل صفقة و راقت لي فيها الفقرة الأتية
" في تلك اللحظات مرت أمام عينيه حياته كلها كشريط سريع من الصور.. أخذ يبحث عن عمل صالح


واحد يسأل الله به أن ينجيه فامتثلت أمامه كل اعماله القذرة.. رياء ونفاق وشراء ذمم، دسائس لأعدائه

ومنافسيه، ورشاوي لقضاء مصالحه. فبكى بحرقة وحسرة وتأكد من إنه هالك لا محالة، فهتف بحرارة

لم يعهدها .. يامغيث أغثني."
جميل ما قرأت بالتوفيق و المزيد من التألق.


لك الشكر على ما جاد به يراعك من مشاعر
تقديري وامتناني العميقان لشخصك الكريم
لمرورك مذاق الإبداع ولحروفك نكهة الحس الراقي
فشكرا ـ وأهلا بك.
:010::noc::0014:

مامون احمد مصطفى
13-02-2019, 11:59 AM
الاستاذة نادية
ما زلت اصر على قدرتك المفاجأة في انهاء النصوص بفجائية غير متوقعة، هذا لوحده يعطي النص قفزة من خضة ترتطم بذاكرة القارىء، وكثير من كتاب القصة لا يملكون هذه القدرة، لكن لي نصيحة بسيطة وارجو ان تقبليها بصدر رحب
اصبري على الفكرة وهي تتشكل بداخلك، دعيها تتعذب، تتلوى، تتعب، تجهد، حتى تسقط كحبة التين حين تضج بذاتها، ستكون عندها قد نضجت ولا تستطيع البقاء في مرحلة التكور والتشكل، ستسقط لوحدها فكرة مركبة مُتْعَبة ومُتْعِبة.
مع خالص تقديري واحترامي
واعتذر ان ازعجتك .

ناديه محمد الجابي
13-02-2019, 09:23 PM
الاستاذة نادية
ما زلت اصر على قدرتك المفاجأة في انهاء النصوص بفجائية غير متوقعة، هذا لوحده يعطي النص قفزة من خضة ترتطم بذاكرة القارىء، وكثير من كتاب القصة لا يملكون هذه القدرة، لكن لي نصيحة بسيطة وارجو ان تقبليها بصدر رحب
اصبري على الفكرة وهي تتشكل بداخلك، دعيها تتعذب، تتلوى، تتعب، تجهد، حتى تسقط كحبة التين حين تضج بذاتها، ستكون عندها قد نضجت ولا تستطيع البقاء في مرحلة التكور والتشكل، ستسقط لوحدها فكرة مركبة مُتْعَبة ومُتْعِبة.
مع خالص تقديري واحترامي
واعتذر ان ازعجتك .


أي إزعاج سيدي ـ بل أن من دواعي سروري ان يمر
أديب كبير مثلك على خربشاتي البسيطة بالقراءة والنقد..
شكرا لبهاء حرفك وعطر كلماتك بصفحتي التي تألقت بوجودك
لحضورك عبق مميز ورأيك أعتز به
تقبل خالص تحياتي.
:010::noc::0014:

سامية الحربي
09-03-2019, 08:19 PM
نعم هذا هو الإنسان وإنه لربه لكنود. قصة عظيمة المعنى رسمت بتفاصيل شيقة تحبس الأنفاس. شكرا لهذا البهاء.

سحر أحمد سمير
11-03-2019, 07:04 AM
يخيّل إليه أن الصفقة خسرها!!

لكنه لم يفقه أن صفقة النجاة و الفرصة الجديدة لبدء صفحة مشرقة بالنقاء و النزاهة هي الأبقى؟!

نص متقن السرد و القفلة راقت لي ..

دام قلمك الوضاء غاليتي ..محبتي و ودي

د. سمير العمري
10-06-2020, 01:58 AM
القصة رائعة والتفصيلات السردية مهمة لعكس الحالة النفسية والجسدية وتجسيد معنى المعاناة والنجاة والخاتمة كانت أكثر من رائعة واختصرت العبرة العميقة!
ونعم هكذا هم البشر وهكذا هي الطبيعة البشرية للأسف إلا من رحم ربي وقليل ما هم!
دمت مبدعة رائعة!

تقديري

عماد هلالى
12-06-2020, 10:20 AM
لا حول ولا قوّة الّا بالله
قصّة رائعة جدًّا , وصف دقيق وممتع شدّني إلى خاتمة وقفلة مُدهشة وصادمة , والأروع في القصّة الرّائعة مضمونها الّذي يُعبّر فعلًا عن حقيقة الإنسان , فعلا هذا هو الإنسان , وقد جاء هذا المعنى في الآية الكريمة :
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ . العنكبوت (65)