تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ابن الشيخ



علاء سعد حسن
23-02-2018, 11:04 AM
ابن الشيخ!



نُشِّأَ في البَرَكة تحيط بيت أسرته.. تفتّح إدراكه الطفولي الغض على نوعية خاصة من التربية تحرص عليها أمه:
(أنت ابن الشيخ.. كل ما يحيط بالشيخ وأسرته ونسله أمور غير عادية.. الشيخ نفسه رجل غير عادي أقام حياته بحذافيرها على القرآن والسُنّة فأثمرت نورًا في وجهه وبصيرته وطريقه. تخيّر لكَ الشيخ أُمًا غير عادية هي جوهرة البلد المكنونة. كل تفصيلية من تفصيلات إنشاء بيت الشيخ سبقتها الآية والذكر، حضرتها الملائكة وباركتها السماء.. نُطفتك باركها الدعاء فأتت كحلقة ذكر في محراب صلاة ظلّلتها أجنحة الملائكة.)


محبو أبيه يتلقوْنه كرامة وقربى فيغدقون عليه التوقير والمحبة. لا يحقد على الشيخ وبيته وآل بيته ومحبيه إلا العمدة وقاطني دوّار العمدة.
همس خفير لزميله في جلسة أُنس:

(إذن فليحقد دوّار العمدة على البلدة بناسها أجمعين.)
للبلدة قيادة روحية حاكمة للقلوب والأرواح، وسلطة إدارية تفرضها البنادق في أيدي خفر العمدة.. الخفر قلوبهم في دار الشيخ وأجسادهم في معالف دوّار العمدة!


سقاه أبوه الشيخ الإتقان في كل شيء، ثم حذّره:

(اعلم يا ولدي أنكَ مرصود، مرصود.. سرُكَ قبل علانيتك نشيد القدوة على كل لسان بالبلد.. وهمس السوء في جنبات الدوّار المتلهف لسقطة في حركاتك وسكناتك.. لن ينجيك من الرصد إلا تعلق أزلي بمولاك يُنتج تميزًا كاشفًا مع كل أنفاسك.)


انتظر الدوّار السقطة طويلا وأعياه الانتظار، فاضطُر إلى اصطناعها اصطناعًا لم يُقنع أهل البلد وإن اتُخذ ذريعة الابتلاء.. صبر الفتى فتميّز في الشدة تميزه في الرخاء.


على دربِ الشيخ سار الابنُ في تأسيس بيت جديد.. مع الزمن كثُر أحفادُ الشيخ حتى كوّنوا في البلدة حي أو درب الشيخ.. الناس في درب الشيخ غيرهم خارجه، من يحل منهم بالدرب ولو عابر سبيل يمسّه مسًا نورانيًا من طُهرانية مفاجِئة تستمر معه بعض الوقت بعد خروجه!


عاش أحفاد الشيخ بين أحقاد أهل الدوّار وكيدهم وفتنهم، وبين طلب البركة من أهل البلد يتضخم فيهم الإحساس بأنهم أهل الحقيقة والطريق، دربهم مبارك وهم رِبِّيون، لا تجري عليهم قوانين الأسباب العادية، فلهم سبب متصل برب السماء! حياتهم فوق قوانين الطبيعة، أبناؤهم ناجحون دون حاجة إلى تعلم، ومُبَرَّزون دون عقد اختبارات مع أقرانهم، تسري فيهم نطفة الشيخ النورانية.. ازدادوا عزلة عن الناس ليحفظوا نقاوة أصلهم، وحار أهل البلدة، الدوّار ظالم، ودرب الشيخ منغلق على أبنائه مترفّع عنهم، لا سبيل للاختلاط به كما كان الحال أيام الشيخ..

في رحم البلدة وبين الفقراء العاديين التمس شباب البركة مباشرة من رب الشيخ بلا واسطة من دربه.. اتسعت البركة لتشمل أهل البلدة جميعا، رويدا رويدا اتسعت رقعتها لتبتلع الدوّار ودرب الشيخ!

ناديه محمد الجابي
23-02-2018, 06:41 PM
الدوّار ظالم، ودرب الشيخ منغلق على أبنائه مترفّع عنهم.

وبين ظلم السلطة ، وانغلاق درب الإسلاميين تاه الناس
فلجأوا إلى رب الناس فوجدوا فيه الملجأ والملاذ إلى الطريق الصحيح.
رمز موظف بذكاء ليخدم الحبكة ويجعل مضمون القصة سهل الوصول إليه
بغير ما نتوه في سراديب التأويل.
تحية إليك بحجم روعة قلمك.

:v1::0014:

محمد محمود محمد شعبان
25-02-2018, 10:07 PM
إنه الوعي عندما يتملك اﻷلباب هكذا يفعل أحسنت أديبنا الفاضل وبورك اليراع

علاء سعد حسن
12-03-2018, 11:05 AM
​شرفتني مجلة الأدب الإسلامي العالمية بنشر هذه القصة في نسختها الالكترونية العدد 79 باب القصة.

علاء سعد حسن
12-03-2018, 11:56 AM
الدوّار ظالم، ودرب الشيخ منغلق على أبنائه مترفّع عنهم.

وبين ظلم السلطة ، وانغلاق درب الإسلاميين تاه الناس
فلجأوا إلى رب الناس فوجدوا فيه الملجأ والملاذ إلى الطريق الصحيح.
رمز موظف بذكاء ليخدم الحبكة ويجعل مضمون القصة سهل الوصول إليه
بغير ما نتوه في سراديب التأويل.
تحية إليك بحجم روعة قلمك.

:v1::0014:


سيدتي تشجيعك دائم ومستمر وداعم.. قراءتك دقيقة لما بين السطور .

قد يؤسس بعض الناس حياتهم على طهرانية كاملة فعيشون حياة طوباوية وهذا أمر رائع ومطلوب بشدة ليصبحوا قدوات للناس والمجتمع أن الطهرانية ممكنة في دنيا الناس

الخطورة كل الخطورة أن تتسبب هذه الطهرانية إلى فتنة للمجتمع فيفتنوا بهم باعتبارهم نماذج غير بشرية.. والخطورة الأكبر أن يفتن الدعاة أنفسهم فيظنوا أنفسهم فوق البشر وفوق ضعف البشر وفوق خطايا البشر فتقع الواقعة القاصمة لظهر المجتمع.

دامت متابعتك ولحضرتك كامل التقدير