فراس القافي
07-09-2005, 02:58 PM
مِنَ الخافقِ المكلومِ ، منْ بـؤرةِ البؤسِ=منَ الوطنِ المسلوبِ أهدي لكمْ همسي
و منْ حارةٍ فـيها الشَّبابُ زفـافُـها =لـملحودةِ الإقْبارِ ، لا غُرْفةِ العُرْسِ
إذا ليلـةٌ فيها بِغَـيْـرِ دَمٍ مَـضَتْ=فـتلْكَ تُسَمّى عـِنْدَنا ليْلـةَ الأُنْسِ
فكمْ صاحبٍ أبـلى مَـحَاسِنَهُ الثَّرى=و كانَ أحَبَّ الناسِ منّي إلى نـفْسي
و لو أنَّـنـي ألقاهُ حيثُ دَفَـنْـتُهُ=لكُنْتُ قضيتُ العُمْرَ في غيْهبِ الرّمْسِ
إذا ماتَ إنـسانٌ تـباكتْ أحِـبَّةٌ=لهُ ، ثُمَّ عادتْ منْـهُ ضاحكةَ الضّرْسِ
و لكنَّ مَنْ أوْدَعْتُ فـي عرْصةِ الثّرى=بهِ الصَّبْرُ و السَّلْوانُ ، لا ذِكْرُهُ منْسي
وَ مِنْ بُقْعةٍ تغفو و تصْحو على الأسى =و يُصْبِحُ فـيها اليومُ ليلاً كما يُمْسي
و فيها يموتُ الكهْلُ و الطِّفْلُ جائعـاً=و فيها الردى المرْهوبُ كالطّارقِ السَّلْسِ
و فـيها الثكالـى و الأرامِلُ ترْتضي =قضاها فما في ما قضى اللهُ منْ بَخْسِ
أبـثُّ لِمَنْ فـيهمْ بـقايا عُـروْبةٍ=لإوْقِظَ فيهمْ ما تـبقّى مِنَ الـحِسِّ
أ لسْتُ أخاكم ؟ كُلُّنا دينـُُنا الـهُدى=و نملكُ ذاتَ العِرْقِ و السِّنْخِ و الجِنْسِ
بِفرْقـتـِنا لـنْ ندرأَ الـحيفَ و البلا=فما الكفُّ إلا في أصابِـعِها الـخمْسِ
فـإنْ لـمْ تُـوَحِّدْنا المسرّاتُ فَلْنَكُنْ=بأتراحِنا الأخوانَ ، و العكْسُ بالعكْسِ
لِبَغْدادَ يـوماً كـانت القُدْسُ تشتكي=و ها قدْ غَدَتْ بغدادُ تشكو إلى القُدْسِ
و نَحْنُ تَـنَحَّـيْنا و نَـنْظـرُ سُذّجاً=عُروبتنا تعْرو إلـى الـمَسْحِ و الطَّمْسِ
تَسَرَّبَ فِـكْـرُ الـغَرْبِ بيـنَ عقولِنا =و أعلامـُُنا آلتْ إلى الطَّيِّ و الـنَّكْسِ
رَقَصْنا على الدُّولارِ رَقْصاً ، وكيْفَ لا؟=و نَحْنُ رقَصْنا قبْلَ حيـنٍ على الفِلْسِ
و هـا نَحْنُ ما زِلْنا عَـبيدَ دراهـمٍ=كـأنْ خَلَقَ الأموالَ ربُّكَ للكـدْسِ
لِيَ العُذْرُ إنْ عَمَّمْتُ فـي عَتبي لكمْ=فقدْ شلَّ طَعْنُ الظَّهْرِ ما فيَّ مِنْ حدْسِ
و منْ فقأتْ عَيْنَيْهِ أيـدي صِحابِـهِ=فأهونُ ما يـَخْطَا بِـهِ زلّـةُ اللَّبْسِ
فـإنْ غالَ منّـي الحدْسَ خِلٌّ عَشِقْتُهُ=و دافَ بـمقياسي الطَّهارةَ بالرِّجْسِ
و إنْ طَفَحَتْ روحي لِصَوْمَعَةِ الرَّدى=و إنْ غَـرِقَتْ فُلْكـي بِبَحْرٍ مِنَ اليأسِ
ففي أُخْوَتـي مَنْ فيهِ غَوْثُ اسْتِغاثتي=و آملُ ـ فُلْكي ـ أنْ يكونَ لها المرْسي
و يـغْـفِرُ لـي إنْ قُلْتُ مُعْتذراً لَـهُ=لِنَطْوِ معاً يا صاحبـي صَفْحةَ الأمْـسِ
***************
سَمِعْـتُكَ تشكـو ياعـراقُ شِكـايةً =عَـنِ القَدَرِ المشؤومِ و العاثِـرِ النَّحْسِ
رَمَتْني رزايا الدَّهْرِ في حَـوْمةِ الوغـى=فَخُضْتُ وطِيْسَ الحَرْبِ مِنْ غَيْرِ ما ترْسِ
و يرمـي فؤادي الشَّانـئـونَ لِعِلْمِهُمْ=بأنَّ طَعيْـنَ القلْبِ ما فيهِ مـنْ بأسِ
سقانـي أحبُّ النَّاسِ رُمْحاً بـِخافقي =و أسْقطَ صمْصَامي و كسَّرَ لي قَوْسي
فجاءتْ كلابُ الغَرْبِ تنْهلُ منْ دمي=و كانَ غِذاها فضْلةَ العَظْمِ مِنْ فَرْسي
وإذْ ما هوى الشَّوْسُ المُهابُ على الثَّرى=ترادفَتِ الطَّعْناتُ رَدْفاً على الشَّوْسِ
حَذارِ مِـِنَ الـمُبْدي إليـكَ ولاءهُ=و إنْ غَمضَتْ عيناكَ يطْعَنْكَ بالخلْسِ
عَدوّاً بأثوابِ الصَّديـقِ تـَرى بِـهِ=كَـسمٍّ بِمَعْسولِ القَواريْـرِ مُـنْدَسِّ
أنا منْ رماهُ الدَّهْرُ في ضَنْكةِ الشَّجى=و غيرَ عقيمِ النَّبْتِ لَمْ أجْنِ مِنْ غَرْسي
و جَـمْراتُـهُ ذابتْ بأغْوارِ راحتـي=و صارتْ تخافُ النَّارُ إنْ غالَها لَمْسي
و كمْ تُؤْثِرُ الأقدامُ بي بـغْـيةَ العُلى=على الجَّمْرِ و الأشْواكِ حَافيةً دَوْسي
****************
أ بـَغْدَادُ ياشَـمْساً لـِغَيْهبِ شَاعرٍ=يرى عَـبَثاً كُـلَّ التَّشَـابيهِ للشَّمْسِ
يقولُ كأنَّ الشَّمْسَ شَمْسٌ ؟ و كَمْ تُرى=مُجرَّدةً ـ أبْهى ـ منَ الشَّرْحِ و الدَّرْسِ
و يـا دمْعـةً تأبـَى المآقـي ابْتذالَها =و يا زَفْرةً تربو على الكبْتِ و الـحَبْسِ
و قـيـثارةَ الدُّنْـيا إذا أنَّ لَـحْـنُها=تَـوشَّحتِ النَّاياتُ ثـوباً مِنَ الخَرْسِ
تـَمايلْتِ يا بغْدادُ قـدّاً و مَـشْيـةً=أ مِنْ فَرْطِ ما أضْناكِ ؟ أمْ رَهَف الميْسِ ؟
عـيونُكِ نُدْمانـي ، رضابُكِ مَرْشفي=عَـبَبْتُ بِهِ دهْراً ، و ما نَضُبَتْ كأسي
فحينَ يصيـرُ الحبُّ مَحْـضَ خطيئةٍ=و حينَ يكونُ العِشْقُ ضَرْباً مِنَ الـمَسِّ
يـَمُوْتُ فتـى الأحْـلامِ قـبِْلَ زَفـافِهِ =و تَـرْجِـعُ لـيلاهُ مُـطأطأةَ الرَّأسِ
تُـناديـن يا ليلى ؟ مَنِ السَّامِعُ النِّدا =فَـهذا زَمَانُ البُغْضِ ما فِيْهِ مِنْ قَيْسِ
فراس القافي
و منْ حارةٍ فـيها الشَّبابُ زفـافُـها =لـملحودةِ الإقْبارِ ، لا غُرْفةِ العُرْسِ
إذا ليلـةٌ فيها بِغَـيْـرِ دَمٍ مَـضَتْ=فـتلْكَ تُسَمّى عـِنْدَنا ليْلـةَ الأُنْسِ
فكمْ صاحبٍ أبـلى مَـحَاسِنَهُ الثَّرى=و كانَ أحَبَّ الناسِ منّي إلى نـفْسي
و لو أنَّـنـي ألقاهُ حيثُ دَفَـنْـتُهُ=لكُنْتُ قضيتُ العُمْرَ في غيْهبِ الرّمْسِ
إذا ماتَ إنـسانٌ تـباكتْ أحِـبَّةٌ=لهُ ، ثُمَّ عادتْ منْـهُ ضاحكةَ الضّرْسِ
و لكنَّ مَنْ أوْدَعْتُ فـي عرْصةِ الثّرى=بهِ الصَّبْرُ و السَّلْوانُ ، لا ذِكْرُهُ منْسي
وَ مِنْ بُقْعةٍ تغفو و تصْحو على الأسى =و يُصْبِحُ فـيها اليومُ ليلاً كما يُمْسي
و فيها يموتُ الكهْلُ و الطِّفْلُ جائعـاً=و فيها الردى المرْهوبُ كالطّارقِ السَّلْسِ
و فـيها الثكالـى و الأرامِلُ ترْتضي =قضاها فما في ما قضى اللهُ منْ بَخْسِ
أبـثُّ لِمَنْ فـيهمْ بـقايا عُـروْبةٍ=لإوْقِظَ فيهمْ ما تـبقّى مِنَ الـحِسِّ
أ لسْتُ أخاكم ؟ كُلُّنا دينـُُنا الـهُدى=و نملكُ ذاتَ العِرْقِ و السِّنْخِ و الجِنْسِ
بِفرْقـتـِنا لـنْ ندرأَ الـحيفَ و البلا=فما الكفُّ إلا في أصابِـعِها الـخمْسِ
فـإنْ لـمْ تُـوَحِّدْنا المسرّاتُ فَلْنَكُنْ=بأتراحِنا الأخوانَ ، و العكْسُ بالعكْسِ
لِبَغْدادَ يـوماً كـانت القُدْسُ تشتكي=و ها قدْ غَدَتْ بغدادُ تشكو إلى القُدْسِ
و نَحْنُ تَـنَحَّـيْنا و نَـنْظـرُ سُذّجاً=عُروبتنا تعْرو إلـى الـمَسْحِ و الطَّمْسِ
تَسَرَّبَ فِـكْـرُ الـغَرْبِ بيـنَ عقولِنا =و أعلامـُُنا آلتْ إلى الطَّيِّ و الـنَّكْسِ
رَقَصْنا على الدُّولارِ رَقْصاً ، وكيْفَ لا؟=و نَحْنُ رقَصْنا قبْلَ حيـنٍ على الفِلْسِ
و هـا نَحْنُ ما زِلْنا عَـبيدَ دراهـمٍ=كـأنْ خَلَقَ الأموالَ ربُّكَ للكـدْسِ
لِيَ العُذْرُ إنْ عَمَّمْتُ فـي عَتبي لكمْ=فقدْ شلَّ طَعْنُ الظَّهْرِ ما فيَّ مِنْ حدْسِ
و منْ فقأتْ عَيْنَيْهِ أيـدي صِحابِـهِ=فأهونُ ما يـَخْطَا بِـهِ زلّـةُ اللَّبْسِ
فـإنْ غالَ منّـي الحدْسَ خِلٌّ عَشِقْتُهُ=و دافَ بـمقياسي الطَّهارةَ بالرِّجْسِ
و إنْ طَفَحَتْ روحي لِصَوْمَعَةِ الرَّدى=و إنْ غَـرِقَتْ فُلْكـي بِبَحْرٍ مِنَ اليأسِ
ففي أُخْوَتـي مَنْ فيهِ غَوْثُ اسْتِغاثتي=و آملُ ـ فُلْكي ـ أنْ يكونَ لها المرْسي
و يـغْـفِرُ لـي إنْ قُلْتُ مُعْتذراً لَـهُ=لِنَطْوِ معاً يا صاحبـي صَفْحةَ الأمْـسِ
***************
سَمِعْـتُكَ تشكـو ياعـراقُ شِكـايةً =عَـنِ القَدَرِ المشؤومِ و العاثِـرِ النَّحْسِ
رَمَتْني رزايا الدَّهْرِ في حَـوْمةِ الوغـى=فَخُضْتُ وطِيْسَ الحَرْبِ مِنْ غَيْرِ ما ترْسِ
و يرمـي فؤادي الشَّانـئـونَ لِعِلْمِهُمْ=بأنَّ طَعيْـنَ القلْبِ ما فيهِ مـنْ بأسِ
سقانـي أحبُّ النَّاسِ رُمْحاً بـِخافقي =و أسْقطَ صمْصَامي و كسَّرَ لي قَوْسي
فجاءتْ كلابُ الغَرْبِ تنْهلُ منْ دمي=و كانَ غِذاها فضْلةَ العَظْمِ مِنْ فَرْسي
وإذْ ما هوى الشَّوْسُ المُهابُ على الثَّرى=ترادفَتِ الطَّعْناتُ رَدْفاً على الشَّوْسِ
حَذارِ مِـِنَ الـمُبْدي إليـكَ ولاءهُ=و إنْ غَمضَتْ عيناكَ يطْعَنْكَ بالخلْسِ
عَدوّاً بأثوابِ الصَّديـقِ تـَرى بِـهِ=كَـسمٍّ بِمَعْسولِ القَواريْـرِ مُـنْدَسِّ
أنا منْ رماهُ الدَّهْرُ في ضَنْكةِ الشَّجى=و غيرَ عقيمِ النَّبْتِ لَمْ أجْنِ مِنْ غَرْسي
و جَـمْراتُـهُ ذابتْ بأغْوارِ راحتـي=و صارتْ تخافُ النَّارُ إنْ غالَها لَمْسي
و كمْ تُؤْثِرُ الأقدامُ بي بـغْـيةَ العُلى=على الجَّمْرِ و الأشْواكِ حَافيةً دَوْسي
****************
أ بـَغْدَادُ ياشَـمْساً لـِغَيْهبِ شَاعرٍ=يرى عَـبَثاً كُـلَّ التَّشَـابيهِ للشَّمْسِ
يقولُ كأنَّ الشَّمْسَ شَمْسٌ ؟ و كَمْ تُرى=مُجرَّدةً ـ أبْهى ـ منَ الشَّرْحِ و الدَّرْسِ
و يـا دمْعـةً تأبـَى المآقـي ابْتذالَها =و يا زَفْرةً تربو على الكبْتِ و الـحَبْسِ
و قـيـثارةَ الدُّنْـيا إذا أنَّ لَـحْـنُها=تَـوشَّحتِ النَّاياتُ ثـوباً مِنَ الخَرْسِ
تـَمايلْتِ يا بغْدادُ قـدّاً و مَـشْيـةً=أ مِنْ فَرْطِ ما أضْناكِ ؟ أمْ رَهَف الميْسِ ؟
عـيونُكِ نُدْمانـي ، رضابُكِ مَرْشفي=عَـبَبْتُ بِهِ دهْراً ، و ما نَضُبَتْ كأسي
فحينَ يصيـرُ الحبُّ مَحْـضَ خطيئةٍ=و حينَ يكونُ العِشْقُ ضَرْباً مِنَ الـمَسِّ
يـَمُوْتُ فتـى الأحْـلامِ قـبِْلَ زَفـافِهِ =و تَـرْجِـعُ لـيلاهُ مُـطأطأةَ الرَّأسِ
تُـناديـن يا ليلى ؟ مَنِ السَّامِعُ النِّدا =فَـهذا زَمَانُ البُغْضِ ما فِيْهِ مِنْ قَيْسِ
فراس القافي